مشاهدة النسخة كاملة : الزواج من اجنبية
أريد الاستفسار حول الاجرائات القانونية المتبعة للزواج من أجنبية ؟ وشكرا
ااتصل بالولاية والولاية هي بدورها تبعث لرئيس المحكمة بترخيص الزواج باجنبية
مرشد الحيران
2012-06-13, 21:26
المادة 31 / 2 ق . أ . ج " يخضع زواج الجزائريين والجزائريات بالأجانب من الجنسين إلى إجراءات تنظيمية خاصة " .
وقد صدر قرار من وزارة الداخلية بتاريخ 11 / 02 / 1980 مفاده أنه إذا كان عقد الزواج المراد إبرامه بين شخصين أحدهما يحمل الجنسية الجزائرية والآخر أجنبي، فإنه لا بد من الحصول على رخصة مسبقة من طرف الوالي قبل تحرير العقد وتسجيله في سجلات الحالة المدنية ، كما أن الوالي لا يمكنه منح هذه الرخصة إلى بعد رأي مصادق عليه ومؤيد من طرف
المديرية العامة للأمن الوطني تحت إشراف مسؤول الأمن بالولاية .
ااتصل بالولاية والولاية هي بدورها تبعث لرئيس المحكمة بترخيص الزواج باجنبية
السلام عليكم
الزواج من أجنبية يحتاج الى رخصة من الولاية فعلا كما قلت
و على السائل الاتصال بمديرية التنظيم و الشؤون العامة بالولاية
و بالمانسبة ألف ألف مبروك لك على الزواج مسبقا
و ربي يهنيكم و يرزقكم بالذرية الصالحة
مرشد الحيران
2012-06-13, 21:47
: زواج المسلم بالكتابية
قبل بيان حكم زواج المسلم بالكتابية نحدد أولا معنى الكتابية.
أولا:معنى الكتابية
لقد اختلف الفقهاء في تحديد معنى الكتابية على قولين.
فذهب الحنفية إلى أن كل من اعتقد دينا سماويا وله كتاب منزل كالتوراة والإنجيل وصحف شيث وزبور داوود فهو كتابي .
وذهب جمهور أهل العلم مالك والشافعي وأحمد إلى أن أهل الكتاب وصف يطلق على اليهود والنصارى فقط ، دون غيرهم، لقوله تعالى: ﴿ أَن تَقُولُوَاْ إِنّمَآ أُنزِلَ الْكِتَابُ عَلَىَ طَآئِفَتَيْنِ مِن قَبْلِنَا وَإِن كُنّا عَن دِرَاسَتِهِمْ لَغَافِلِينَ ﴾ ، .
ووجه الدلالة من الآية أنه سبحانه وتعالى خص أهل الكتاب بطائفتين فقط ، ولو كان أكثر للزم عدم الصدق في خبره وهذا محال .
وبهذا القول قال حبر الأمة عبد الله بن عباس حيث قال : إن أهل الكتاب هم اليهود والنصارى.
وقال ابن عطية :"إن أهل التفسير مجمعون على أن أهل الكتاب هم اليهود والنصارى دون غيرهم ".
والراجح في هذه المسألة ما ذهب إليه جمهور أهل العلم من أن أهل الكتاب هم اليهود والنصارى فقط،ذلك أن القول بأن أهل الكتاب وصف يدخل فيه كل من اعتقد دينا سماويا ، ومن ثم يدخل فيه من آمن بصحف شيث وزبور داوود ، قول مردود للأسباب التالية :
1- إن أهل الكتاب في عرف القرآن هم أهل الكتابين اليهود والنصارى دون سواهم وفي هذا يقول ابن القيم رحمه الله :" فعرف القرآن من أوله إلى آخره في الذين أوتوا الكتاب أنهم أهل الكتابين خاصة " .
2- إن هذه الكتب وإن كانت منزلة فقد اشتملت على مواعظ ولم تشتمل على الأحكام، وهي الأمر والنهي ، فليس في هذه الكتب شرائع يمكن التمسك بها كما في التوراة والإنجيل .
3- إن أهل التفسير مجمعون على أن المراد بأهل الكتاب هم اليهود والنصارى دون غيرهم، وقد سبق وأن ذكرنا قول ابن عطية الذي نقل فيه إجماع المفسرين على أن أهل الكتاب هم اليهود والنصارى دون غيرهم .
وقال ابن القيم :"عليه إجماع المفسرين والفقهاء وأهل الحديث ". ويعني بذلك إطلاق وصف أهل الكتاب على اليهود والنصارى فقط .
ثانيا: حكم زواج المسلم بالكتابية
للفقهاء في هذه المسألة قولان :
فذهب جمهور أهل العلم من السلف والخلف من الأئمة الأربعة وغيرهم إلى أن نكاح الكتابية جائز غير محرم .
وقد احتجوا لذلك بالأدلة التالية :
1 - قوله تعالى : ﴿ الْيَوْمَ أُحِلّ لَكُمُ الطّيّبَاتُ وَطَعَامُ الّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلّ لّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلّ لّهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ ﴾ .
ووجه الدلالة أن الله جل وعلا عطف المحصنات في الآية على الطيبات المصرح بحلها في صدر الآية ، لأن قضية العطف تفيد التشريك في الحكم ، ومن ثم يستفاد من الآية حل المحصنات من أهل الكتاب
2- ما رواه ابن جرير الطبري في تفسيره عن جابر بن عبد الله عن رسول الله : "نتزوج نساء أهل الكتاب ولا يتزوجون نساءنا" .
ففي هذا الحديث دلالة واضحة على حل نكاح الكتابيات .
3- قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه : " المسلم يتزوج النصرانية ولا يتزوج النصراني المسلمة" .
4- ما روي عن عثمان وجماعة من الصحابة من القول بإباحة التزوج بهن كابن عباس وجابر بن عبد الله وغيره .
5- عمل جماعة من الصحابة ، فقد ثبت أن جماعة من الصحابة تزوجوا بكتابيات منهم حذيفة
بن اليمان وعثمان بن عفان وطلحة بن عبيد الله والجارود بن المعلي .
وذهب الشيعة الإمامية إلى تحريم نكاح الكتابية .
وقد احتجوا لذلك بالأدلة التالية :
1- قوله تعالى : ﴿ وَلاَ تَنْكِحُواْ الْمُشْرِكَاتِ حَتّىَ يُؤْمِنّ وَلأمَةٌ مّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مّن مّشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ ﴾ .
ووجه الدلالة من الآية أن الله جل وعلا حرم بالنهي الوارد فيها نكاح المشركات ، والكتابية مشركة فيحرم نكاحها ، فالقرآن ناطق بشرك أهل الكتاب في قوله تعالى ﴿ سُبْحَانَهُ عَمّا يُشْرِكُونَ ﴾.
2- قوله تعالى ﴿ وَلاَ تُمْسِكُواْ بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ ﴾ .
فقد حرم الله على المؤمنين إمساك الزوجات الكافرات ، وحرم عليهم أن يجعلوهن في عصمتهم بنهيه الوارد في هذه الآية فكان ذلك دليلا على تحريم ابتداء نكاحهن .
3- ما رواه البخاري في صحيحه عن نافع أن ابن عمر رضي الله عنهما كان إذا سئل عن نكاح النصرانية أو اليهودية قال : « إن الله حرم المشركات على المؤمنين، ولا أعلم شيئا من الإشراك أعظم من أن تقول ربها عيسى وهو عبد من عباد الله » .
4- ما روي عن عمر رضي الله عنه أنه فرق بين طلحة بن عبيد الله وحذيفة بن اليمان وبين كتابيتين، فقالا : « نطلق يا أمير المؤمنين ولا تغضب » فقال : « لو جاز طلاقكما لجاز نكاحكما ولكن أفرق بينكما صغرة وقمأة » .
هذه أدلة المانعين نكاح الكتابيات ، ويجاب عنها بالأجوبة التالية :
أما الاستدلال بآية البقرة فجوابها من ثلاثة أوجه :
الوجه الأول :
المراد بالمشركات الوثنيات وأهل الكتاب لا يدخلون في لفظ المشركين في كتاب الله تعالى فالله جل وعلا يقول في كتابه العزيز ﴿ لَمْ يَكُنِ الّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنفَكّينَ حَتّىَ تَأْتِيَهُمُ الْبَيّنَة﴾ ، وقال تعالى﴿ إِنّ الّذِينَ آمَنُواْ وَالّذِينَ هَادُواْ وَالصّابِئِينَ وَالنّصَارَىَ وَالْمَجُوسَ وَالّذِينَ أَشْرَكُوَاْ ﴾ ، فقد عطف سبحانه وتعالى لفظ أهل الكتاب على المشركين في الآيتين وهذا يعني أن لفظ المشركين في عرف القرآن غير أهل الكتاب ، فلو كان أهل الكتاب في عرف القرآن هو نفسه لفظ المشركين لما عطف بينهما .
الوجه الثاني :
آية البقرة عامة وآية المائدة خاصة والخاص يقدم على العام ، وفي هذا يقول ابن كثير : " هذا تحريم من الله عز وجل على المؤمنين أن يتزوجوا المشركات] يعني آية البقرة[من عبدة الأوثان، ثم إن كان عمومها مرادا وأنه يدخل فيها كل مشركة من كتابية ووثنية فقد خص من ذلك نساء أهل الكتاب بقوله تعالى : ﴿ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ ﴾ " .
الوجه الثالث :
أن يقال آية المائدة ناسخة لآية البقرة، لأن المائدة نزلت بعد البقرة باتفاق العلماء وقد جاء في الحديث : « المائدة آخر القرآن نزولا فأحلوا حلالها وحرموا حرامها » . فالمتأخر ينسخ المتقدم إذا تعارضا.
وبهذا القول قال مالك وسفيان الثوري وعبد الرحمن الأوزاعي و أحمد بن حنبل ، وهو مروي عن ابن عباس حيث قال : « حرم الله المشركات في سورة البقرة ثم نسخ من هذه الجملة نساء أهل الكتاب فأحلهن في سورة المائدة » .
أما قوله تعالى ﴿ وَلاَ تُمْسِكُواْ بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ ﴾ فإن هذه الآية نزلت بعد صلح الحديبية لماهاجر النبي من مكة إلى المدينة أنزل الله سورة الممتحنة وأمر بامتحان المهاجرات ، وهو خطاب لمن كان في عصمته كافرة ، ولام التعريف للعهد الكوافر المهودات هن المشركات ، أي مشركات العرب .
أما ما روي عن عمر أنه فرق بين طلحة بن عبيد الله وحذيفة بن اليمان وبين كتابيتين ، فإن شيئا من ذلك لم يصح.
قال ابن عطية :" وهذا لا يستند جيدا ] ويعني بذلك الأثر المروي عن عمر بتحريم الكتابيات[ وقد صح عن عمر جواز ذلك" .
وقال ابن جرير الطبري : "أما ما روي عن شهر بن حوشب عن ابن عباس أن عمر فرق بين طلحة و حذيفة وامرأتيهما، قول لا معنى له لخلافه ما الأمة مجتمعة على تحليله بكتاب الله تعالى ذكره ، وقد روي عن عمر رضي الله عنه من القول بخلافه بإسناد أصح منه" .
وقال ابن كثير : " هذا حديث غريب جدا ،وهذا الأثر غريب عن عمر ،إنما الذي ثبت منه أن عمر أراد التفريق بينهما فقال له حذيفة أتزعم أنها حرام فأخلي سبيلها يا أمير المؤمنين، فقال لا أزعم أنها حرام ولكن أخاف أن تعاطوا المومسات منهن " .
ففي قول عمر رضي الله عنه" لا أزعم أنها حرام" دلالة واضحة على أنه لا يرى حرمة نساء أهل الكتاب .
وقد ذكر ابن المنذر جواز نكاح الكتابيات عن عمر بن الخطاب ثم قال" ولا يصح عن أحد من الأوائل أنه حرم ذلك " .
4- أما حديث ابن عمر ،فلا حجة فيه إذ ليس فيه ما يفيد تحريم نساء أهل الكتاب حيث إنه لم يقل إنها حرام ،بل اكتفى بتلاوة الآية وغاية ما فهمه الأئمة الأعلام أن ابن عمر كان متوقفا لأنه لما سمع آية التحليل وآية التحريم توقف. وفي هذا يقول القرطبي : « أما حديث ابن عمر فلا حجة فيه لأن ابن عمر كان رجلا متوقفا فلما سمع الآيتين في واحدة التحليل وفي الأخرى التحريم ولم يبلغه النسخ توقف » .
وقال أبو بكر الجصاص - بعدما ذكر حديث ابن عمر- : "فعدوله بالإجابة بالإباحة والحظر إلى تلاوة الآية دليل على أنه كان وقافا في الحكم غير قاطع فيه بشيء، وما ذكر عنه من الكراهة يدل على أنه ليس على وجه التحريم " .
ولا يفوتنا أن نشير إلى ان الذين رووا حديث ابن عمر لم يقولوا إنه حرم نساء أهل الكتاب، بل صرحوا بكراهة ذلك فقط ، ومن ذلك مارواه ابن جرير الطبري في تفسيره عن ميمون بن مهران من أن ابن عمر كره نكاح أهل الكتاب وتأول ﴿ وَلاَ تَنْكِحُواْ الْمُشْرِكَاتِ حَتّىَ يُؤْمِنّ ﴾. .
فلا يمكن أن يقال إن ابن عمر حرم نساء أهل الكتاب، وعلى فرض أنه حرم ذلك، فغاية الأمر أن هذا اجتهاد صحابي لا تقوم به الحجة إذا خالفه غيره ،وقد خالفه جماعة من الصحابة وفيهم من هو أعلم منه بالتفسير وهو عبد الله بن عباس .
وقد ذكر القرطبي عن النحاس أنه قال- بعدما ذكر قول ابن عمر -:" هذا قول خارج عن قول الجماعة الذين تقوم بهم الحجة، لأنه قال بتحليل نساء أهل الكتاب من الصحابة والتابعين جماعة منهم عثمان وطلحة وابن عباس وجابر وحذيفة ومن التابعين سعيد بن المسيب وسعيد بن جبير والحسن ومجاهد وطاوس وعكرمة والشعبي والضحاك وفقهاء الأمصار عليه" .
كما أنه قد نقل أكثر من واحد الإجماع على عدم حرمة المحصنات من أهل الكتاب وفي هذا يقول ابن المنذر" لا يصح عن أحد من الأوائل أنه حرم ذلك" .
بعد أن اتفق الشافعية مع جمهور أهل العلم على أن إباحة الزواج بالكتابية ،فإن الشافعية يرون أنه ليس كل أهل الكتاب تحل نسائهم ، وإنما الذي يحل منهن صنفان فقط هما .
الصنف الأول :
من كانت من نسل بني إسرائيل أي من سلالة يعقوب بن إسحاق عليهما السلام، فالعبرة في هذا الصنف بالنسب ، لأن الكتاب أنزل في آبائهم .
الصنف الثاني :
من لم يكن من بني إسرائيل إلا أنه دخل في دينهم أو دخل آباؤهم في دين أهل الكتاب قبل النسخ والتبديل، أي أنهم دخلوا في دين أهل الكتاب في وقت كان حقا .
فالصنف الأول صحيح على المذهب ، والصنف الثاني كذلك على المشهور كما ذكر ذلك البغوي والنووي ، وما عدا هذين الصنفين فلا تحل نساؤهم ، وعلى هذا فلا يحل عند الشافعية نكاح من كانت من قوم دخلوا في دين أهل الكتاب بعد النسخ والتبديل ، كما لا يحل مناكحة من شكوا في دخولهم في دين أهل الكتاب هل كان قبل النسخ والتبديل أو بعده .
وخلاصة القول أنه لا يحل من نساء أهل الكتاب عند الشافعية إلا من كانت من نسل بني إسرائيل أو كان قومها قد دخلوا في دين أهل الكتاب قبل نسخه بمجيء الإسلام أو تحريفه.
إلا أن هذا التفصيل من الشافعية في حل نساء أهل الكتاب وحرمتهم لا أساس له ولا يستند إلى أي دليل، وفي هذا يقول ابن تيمية "بل الصواب المقطوع به أن الرجل كتابي أو غير كتابي هو حكم مستقل بنفسه ، فكل من تدين بدين أهل الكتاب فهو منهم سواء كان أبوه أو جده دخل في دينهم أم لم يدخل، وسواء كان دخوله قبل النسخ والتبديل أو بعده ذلك... وهذا القول الثابت عن الصحابة رضي الله عنهم، ولا أعلم بين الصحابة في ذلك نزاعا .
وقد ذكر الطحاوي أن هذا إجماع قديم...و الصواب قول الجمهور...فلم يفصل النبي في أكل طعامهم وحل نسائهم بين من دخل أبوه بعد مبعث عيسى عليه السلام ومن دخل قبل ذلك ولا بين المشكوك في نسبه، بل حكم في الجميع حكما واحدا عاما، فعلم أن التفريق بين طائفة وطائفة ... تفريق ليس له أصل في سنة رسول الله الثابتة عنه... وقد علم بالنقل الثابت المستفيض أن أهل المدينة كان فيهم كثير من العرب وغيرهم من بني كنانة وحمير وغيرهما من العرب، ولهذا قال النبي لمعاذ لما بعثه إلى اليمن "إنك ستأتي قوما أهل كتاب "،وأمره أن يأخذ من كل حالم دينارا وعدله معافر،ولم يفرق بين من دخل أبوه قبل النسخ أو بعده،وكذلك سائر اليهود والنصارى من قبائل العرب،لم يفرق رسول الله ولا أحد من خلفائه وأصحابه بين بعضم وبعض بل قبلوا منهم الجزية وأباحوا ذبائحهم ونساءهم ...ومن تدبر السيرة النبوية علم كل هذا بالضرورة، وعلم أن التفريق قول محدث لا أصل له في الشريعة ...وإذا لم يكن لأولاد بني إسرائيل إذا كفروا مزية على أمثالهم من الكفار الذين ماثلوهم في اتباع الدين المبدل المنسوخ... فتعليق الشرف في الدين بمجرد النسب هو حكم من أحكام الجاهلية...فإن الله تعالى يقول : ﴿ إِنّ أَكْرَمَكُمْ عَندَ اللّهِ أَتْقَاكُمْ ﴾ ..." .
وقال ابن جرير الطبري رحمه الله ردا على قول الشافعية :" أما القول الذي عنى بذلك نساء أهل الكتاب منهن خاصة قول لا يوجب التشاغل بالبيان عنه لشذوذه والخروج عما عليه علماء الأمة من تحليل نساء جميع اليهود والنصارى" .
ثالثا : شروط الزواج بالكتابية:
إن إباحة الزواج بالكتابية ليس على إطلاقه ، بل هو مقيد بشرطين:
الشرط الأول :
أن تكون محصنة، لقوله تعالى ﴿ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ ﴾.
ووجه الدلالة أن الله جلا وعلا لما أباح لنا نساء أهل الكتاب قيد إباحتهن بوصف وهو الإحصان ، حيث يشترط في الكتابية أن تكون محصنة .
إلا أن الفقهاء اختلفوا في معنى الإحصان في هذه الآية هل هو الحرية أم العفة ؟ .
فذهب أكثر العلماء إلى أن المراد منهن الحرائر وأجازوا نكاح كل حرة مؤمنة كانت أو كتابية فاجرة كانت أو عفيفة وهو قول مجاهد .
وهذا ما اختاره ابن جرير الطبري حيث قال: " فنكاح حرائر المسلمين و أهل الكتاب حلال للمؤمنين ، كن أتين بفاحشة أو لم يأتين بفاحشة "
وذهب قوم إلى أن المراد من المحصنات في هذه الآية العفائف،حرائر كن أو إماء وأجازوا
نكاح الأمة الكتابية وحرموا البغايا من المؤمنات والكتابيات وبهذا القول قال الحسن والشعبي ، وهو مروي كذلك عن مجاهد ، وقد اختاره ابن كثير في تفسيره.
والذي يبدو أن القول الثاني هو أقرب الأقوال إلى الصواب للأدلة التالية :
1- فالله جل وعلا عندما أباح نكاح الإماء المؤمنات قيد ذلك بأن تكون محصنات غير مسافحات لقوله تعالى ﴿وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلاً أَن يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَات فَمِن مِّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِّن فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ وَاللّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ فَانكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْر مُسَافِحَاتٍ وَلاَ مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ ﴾. والمسافحات هنا الزانيات ،ومتخذات أخدان هن المتسترات اللواتي يصحبن واحدا بعد واحد ،ويزنين خفية .
فالأمة المؤمنة خير من كل كافرة ، ومع ذلك فإن الله سبحانه قد اشترط لنكاحها العفة والطهارة .
2- أن الله جل وعلا ذكر الإحصان في جانب الرجل كما ذكره في جانب المرأة فقال ((إذا آتيتموهن أجورهن محصنين )) وهذا إحصان عفة بلا شك وكذلك الإحصان المذكور في جانب المرأة .
3- أن الله سبحانه وتعالى ذكر الطيبات من المطاعم والطيبات من المناكح فقال تعالى : ﴿ الْيَوْمَ أُحِلّ لَكُمُ الطّيّبَاتُ وَطَعَامُ الّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلّ لّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلّ لّهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ ﴾ ، فالله سبحانه وتعالى حرم على عباده الخبائث من المطاعم والمشارب ولم يبح لهم إلا الطيبات، وفي هذا يقول الله جل وعلا ﴿ وَيُحِلّ لَهُمُ الطّيّبَاتِ وَيُحَرّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ﴾. فالزانية خبيثة بنص القرآن .
4- الحرية كما ليست شرطا في نكاح المسلمة إنما المعتبر في ذلك هو العفة لذلك شنع الله عز وجل على ناكحي الزانيات، حيث قال ﴿ الزّانِي لاَ يَنكِحُ إِلاّ زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزّانِيَةُ لاَ يَنكِحُهَآ إِلاّ زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ﴾ ، وكيف إذا اجتمع الكفر و الزنا في امرأة تحت رجل مسلم .
ولقد صح عن حذيفة أنه تزوج يهودية، فكتب إليه عمر أن خل سبيلها، فكتب إليه حذيفة إن كان حراما خليت سبيلها، فكتب إليه عمر أني لا ازعم أنها حرام ولكن أخاف أن تعاطوا المومسات منهن .
وهذا القول هو الذي اختاره جماعة من المحققين كالقرطبي وابن تيمية وابن القيم وابن كثير والشوكاني وغيرهم.
الشرط الثاني :
أن يتم النكاح في بلاد الإسلام إذ أن زواج المسلم بالكتابية في بلاد الكفر وتحت سلطانها فيه من مفاسد كثيرة لا يقرها الدين الإسلامي،والتي نذكر منها:
1- فمجتمعات الغرب اليوم لا تعرف العفة ولا الطهارة، بل هي مواخير للفساد وقل أن تبلغ فتاة عندهم وهي محافظة على عفتها ، بل إنهم يعتبرونها تعاني من عقد نفسية تتطلب حلا عاجلا . ذلك أنهم يعتبرون مسألة الشرف والعرض أمر ينبغي استبعاده من قاموس الحياة ،إذ أنه يشكل عائقا على التطور ، ومن ثم فإنه لا تكاد تكون هناك امرأة عفيفة تنجو من الممارسة الجنسية خارج إطار الزواج .
2- وهناك مفاسد ترافق إنشاء عقد الزواج ،فالزواج عند النصارى لا يكفي لانعقاده توافر الشروط الموضوعية – الأهلية والرضا وانتفاء الموانع – بل لا بد أن يتم علنا وفقا لطقوس دينية محددة، وبعد صلاة الإكليل ، باعتبار أن صلاة الإكليل هي التي تحل النساء للرجال و إلا كان الزواج باطلا .
فالزواج نظام ديني لا بد أن يجري في الكنيسة بعد أداء طقوس دينية ويتم إثباته بعقد يجريه الكاهن و إلا كان باطلا .
وقد أجمعت جميع شرائع المسيحيين على بطلان الزواج الذي يعقد دون تدخل رجال الدين، وتدخل رجال الدين أمر شكلي لا بد من توافره حتى يصح الزواج ، ويرافق ذلك الاحتفال الديني العلني بالزواج، بعد ذلك يتم تسجيل الزواج في سجلات الكنيسة .
ومعلوم أن إقدام المسلم على هذا العمل يخرجه من دائرة المسلمين إلى دائرة المرتدين ، وأعني بذلك صلاة الإكليل وما يصاحبها من طقوس دينية يمارسها الزوجان عند إبرام عقد قرانهما ،وإذا صار مرتدا فإن زواجه لا يصح، لأنه لا ملة له سواء تزوج بمسلمة أو بكافرة باتفاق الفقهاء .
3- وهناك مفاسد أخرى تتعلق بحياته الزوجية في بلاد الكفر ، فحتى ولو استطاع ببعض الحيل التخلص من تلك الطقوس ، أو أن أنظمة بعض هذه الدول لا تلزمه بها ،فإن معيشته مع هذه المرأة نادرا ما تدوم لما يصاحب هذه المعيشة من خزي وعار ،فالمرأة في الغرب تختلف عن المرأة في الإسلام ، فهم لا يعترفون بالتمييز بين الرجل والمرأة في الحقوق والواجبات كما تنص على ذلك أنظمتهم ومواثيقهم حتى في الحياة الزوجية ، فالقاعدة الأساسية عندهم أن الزوجين يتساويان تماما في الحقوق والواجبات، فليس في الأسرة رئيس ومرؤوس وكل ما يجب على الرجل يجب على المرأة ولا قوامة لأحد منهما على الآخر باستثناء واجب النفقة الذي يلتزم به الزوج تجاه زوجته .
فالمرأة في الغرب لها الحرية المطلقة مع زوجها، حتى إن الزوج لا يملك مجامعة زوجته إلا برضاها و إلا صار مرتكبا لجريمة الاغتصاب كما ينص على ذلك القانون الألماني .
كما أنه ليس للزوج أن يمنع زوجته من معاشرة الرجال، فلها الحرية التامة في ذلك، ومن الوقائع التي حدثت هنالك: أن شابا ألمانيا أسلم ذكر أن زوجته أحضرت عشيقا لها إلى البيت بمرأى منه وأولاده ، ولما أراد العشيق معاشرتها داخل البيت هجم الزوج على العشيق وتضاربا، فلما حضرت الشرطة طلب الزوج إخراج العشيق، فقال له رجال الشرطة لا نستطيع أن نفعل لك شيئا ، هذا ضيف امرأتك ولا تستطيع إخراجه، بعد ذلك خلا العشيق بعشيقته والزوج حائر لا يدري ماذا يفعل .. ؟ ! .
4-أما قضية القوامة ،فالزوج ليس له أن يمنع زوجته من الخروج بغير إذنه،ذلك أن من مقتضيات قوامة الزوج على زوجته ألا تخرج إلا بإذنه .
إلى جانب ذلك فالمرأة عندهم غير ملزمة بالعمل المنزلي فإذا رغب الزوجان العمل خارج المنزل فعليهما أن يتقاسما سويا الأعمال المنزلية .
5- أما عن حالة الأولاد، ففي الغالب أنهم سيتخلقون بأخلاق تلك البلاد وعاداتها بسبب طول العشرة لا سيما إذا دخلوا المؤسسات التعليمية ، والتي سيكون لها آثارها السيئة عليهم لما تحويه من مقررات تخالف عقيدة المسلمين وقيمهم ، فيعسر بعد ذلك على الأب اقتلاعها.
ويزداد الأمر سوءا إذا حصل فراق بين الزوجين إذ الحضانة في الغالب ستكون لأمهم ، فتخلقهم بأخلاقها وتؤدبهم بآدابها ،ولا يخفى على ذي البصيرة ما في ذلك من الخطر على أخلاق الأولاد وعقيدتهم ، هذا إذا كان الفراق بسبب الطلاق ،أما إذا كان سببه وفاة الزوج ، فإن الأولاد سيبقون عند أمهم إلى أن يشاء الله فتغرس فيهم ما تشاء من أفكار وعقائد .
هذه أهم مفاسد الزواج بالكتابية في بلاد الكفر. وقد منع مالك رحمه الله المسلم من الخروج إلى بلاد الكفر للتجارة إذا كانت تجري عليه أحكامهم،فقال :"لا يخرج إلى بلادهم حيث تجري أحكام الشرك عليه".
هذا قول إمام دار الهجرة قيما لو تعلق الأمر بجريان أحكام الكفر عليه في مسائل التجارة ، أما إذا تعلق الأمر بسريان أحكام الكفر عليه في مسائله الأسرية ،فالأمر أشد ولاشك ،فالإسلام حينما أجاز الزواج بالكتابية كان ذلك مبنيا على الخضوع لأحكامه، فالشارع الحكيم لا يجيز زواجا يجعل الرجل خاضعا لقوانين الكفر .
لقد أحل الله العفائف من أهل الكتاب وهو جائز بالنص، وأنه لا يحرم إلا لسبب آخر يدخل في باب سد الذرائع كأن يستلزم شيئا من المفاسد المحرمة وأشدها أن يتبع الأولاد كلهم أو بعضهم الأم في دينها بحكم قوانين تلك البلاد وإما أن تكون المرأة أرقي من زوجها علما وعقلا وتأثيرا بحيث تغلبه على أولاده فتربيهم على دينها.
هذا حكم زواج المسلم بالكتابية في الفقه الإسلامي ،أما بالنسبة لموقف المشرع الجزائري فيلاحظ أنه لم يورد أي نص يتعلق بهذه المسألة تاركا حكمها وغيرها من المسائل التي لم ينص عليها إلى ما تقرره قواعد الشريعة الإسلامية عملا بأحكام المادة 222 ق.أ.ج.والتي تنص على ما يلي"كل ما لم يرد النص عليه في هذا القانون يرجع فيه إلى أحكام الشريعة الإسلامية".
وقد علمنا من خلال عرضنا لأقوال الفقهاء أن القول الراجح هو جواز زواج المسلم بالكتابية ، لقوله تعالى ﴿ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ ﴾ ، غير أن هذا الجواز مشروط بشرطين :
الشرط الأول: أن تكون محصنة أي أن تكون عفيفة، فيحل العفائف من أهل الكتاب دون العاهرات منهن لئلا يجتمع على المسلم مفسدتان مفسدة كفرها ومفسدة فجورها .
الشرط الثاني: أن يتم هذا الزواج في بلاد الإسلام.
وهذا القول هو الذي نراه جديرا بالتباع في هذه المسألة ، ونسأل الله جل وعلا أن يوفق قضاة الأحوال الشخصية في الجزائر إلى العمل به .
إلا أن هناك أمرا ينبغي التنبيه له، وهو أنه قل أن توجد كتابيات يحملن الجنسية الجزائرية، ذلك أنه لا يدخل تحت وصف الكتابية، المسلمات اللاتي يتنصرن أو يتهودن فهؤلاء النسوة لا يعتبرن كتابيات ولا تجري عليهن أحكام الكتابيات بإجماع المسلمين وغاية أمرهن أنهن مرتدات ، والمرتدة لا يجوز الزواج بها بإجماع المسلمين ، ولما كان الأمر كذلك فالغالب أن يكن أجنبيات.
فمن أراد إبرام عقد نكاح، فإنه يتجه إلى ضابط الحالة المدنية أو الموثق طبقا للمادة 18 ق . أ . ج مع مراعاة ما ورد في المادة 9 ق . أ . ج غير أنه لا يكتفى بذلك إذا تعلق الأمر بزواج جزائري بأجنبية ، فلا بد أن يخضع هذا الزواج إلى إجراءات تنظيمية خاصة وفقا لأحكام المادة 31 / 2 ق . أ . ج " يخضع زواج الجزائريين والجزائريات بالأجانب من الجنسين إلى إجراءات تنظيمية خاصة " .
وقد صدر قرار من وزارة الداخلية بتاريخ 11 / 02 / 1980 مفاده أنه إذا كان عقد الزواج المراد إبرامه بين شخصين أحدهما يحمل الجنسية الجزائرية والآخر أجنبي، فإنه لا بد من الحصول على رخصة مسبقة من طرف الوالي قبل تحرير العقد وتسجيله في سجلات الحالة المدنية ، كما أن الوالي لا يمكنه منح هذه الرخصة إلى بعد رأي مصادق عليه ومؤيد من طرف
المديرية العامة للأمن الوطني تحت إشراف مسؤول الأمن بالولاية .
vBulletin® v3.8.10 Release Candidate 2, Copyright ©2000-2025, TranZ by Almuhajir