المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : اسماء الله الحسنى ~اسم الله اللطيف~


دكتورة بإذن الله
2012-06-11, 18:43
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم، إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.

من أسماء الله الحسنى: ( اللطيف ):

ورود اسم اللطيف في القرآن الكريم في سبع آيات:

أيها الأخوة الكرام، مع اسم جديد من أسماء الله الحسنى، والاسم اليوم اللطيف، هذا الاسم ورد في سبع آيات من القرآن الكريم، قال تعالى:

﴿ أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (14) ﴾

(سورة الملك)
وقال تعالى:

﴿ وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آَيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا (34) ﴾

(سورة الأحزاب)
ولم يقترن اسم اللطيف إلا باسم الخبير، لطيف خبير، وهذا الاسم ورد مقيداً في قول الله عز وجل:

﴿ إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (100) ﴾

(سورة يوسف)
وكذلك في قوله تعالى:

﴿ اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ (19) ﴾

(سورة الشورى)
وقد ورد هذا الاسم في السنة في صحيح مسلم من حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي عليه الصلاة والسلام قال لها:

(( لَتُخْبرِيني أو لَيُخْبِرنِّي اللطيف الخبير ))

اللغة ترقى برقي أهلها وتضعف بضعفهم:

أيها الأخوة، اللطيف في اللغة صفة مشبهة باسم الفاعل، كما ذكرت لكم من قبل: اللغة العربية بشهادة علماء اللغة في العالم من أرقى اللغات المتصرفة، معنى المتصرفة، نظام اللغة نظام أسر في جد في أولاد في أحفاد، في مصدر، في فعل ماض، فعل مضارع، فعل أمر، اسم فاعل، صيغ مبالغة لاسم الفاعل، اسم مفعول، اسم زمان، اسم مكان، اسم تفضيل، اسم آلة، صفة مشبهة باسم الفاعل، لكن السؤال ما الفرق بين اسم الفاعل وبين الصفة المشبهة باسم الفاعل ؟ الصفة المشبهة باسم الفاعل من أوزانها فعلان و فعيل، طويل، الطول صفة تلازم صاحبها، صفة تلازم الإنسان، طويل دائماً طويل أما دخل يدخل داخل، الدخول طارئ تدخل مرة واحدة، فاسم الفاعل يدل على الحدوث والانقطاع، والصفة المشبهة باسم الفاعل تدل على الثبات والدوام.
اللطيف هنا جاءت على وزن فعيل ؛ وفعيل صفة مشبهة باسم الفاعل.
أيها الأخوة الكرام، اللغة ترقى برقي أهلها وتضعف بضعف أهلها، لو أردت أن توازن بين خصائص اللغة العربية وبين خصائص اللغات الأخرى لوجدت بوناً شاسعاً، لكن ضعف هذه الأمة أضعف معها لغتها.

ثبات اللغة العربية بفضل القرآن الكريم:

على كل: ما في لغة بتاريخ البشرية يقول قائلها:

ألا أيها الليل الطويل ألا انجلِ بصبح وما الإصباح منك بأمثل
هذا البيت قاله امرؤ القيس قبل ألف وخمسمئة عام، وطلابنا في الصف العاشر يقرؤون هذا البيت وهذا الشعر فيفهمونه ببساطة وبين قائل البيت ومن يفهمه الآن ألف وخمسمئة عام ؛ بينما في اللغة الإنكليزية الشعر الذي قاله شكسبير في القرن السادس عشر لا يمكن أن يفهمه أحد في بريطانيا إلا أن يفهموه مترجماً، اللغة الإنكليزية التي قيلت في القرن السادس عشر تترجم إلى اللغة الإنكليزية، ثبات اللغة العربية هذا بفضل القرآن الكريم لأنها لغة القرآن ولأنه من فضل الله علينا أن جعل لغتنا لغة كلامه، والحديث عن فقه اللغة وعن خصائص اللغة وعن عظمة هذه اللغة حديث طويل لكن يكفيها شرفاً أن الله خالق السماوات والأرض اختارها لكتابه الكريم.

﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا (2) ﴾

(سورة يوسف)

﴿ بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ (195) ﴾

(سورة الشعراء)

الله عز وجل خلقه دائم:

الصفة المشبهة باسم الفاعل على وزن فعيل أو فعلان، لطيف، لكن في حقيقة دقيقة جداً الأصل في اللغة المعنى، هذه القاعدة الذي ذكرتها قبل قليل الله عز وجل خالق، خالق ليس مرة واحدة يخلق ما يشاء، الخلق مستمر، فمع أن علماء اللغة قالوا اسم الفاعل يدل على الحدوث والتغيير بينما الصفة المشبهة تدل على الثبات والدوام، نقول خالق يدل على الثبات، ما دام هذا الموضوع نسب إلى الله عز وجل ؛ فالله خلقه دائم لا تنطبق هذه القاعدة على اسم الله الخالق، ولما وصف سيدنا موسى بأنه غضبان على وزن فعلان، والغضب ليس من صفة الأنبياء صفة طارئة:

﴿ وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا (150) ﴾

(سورة الأعراف)
فالغضب طارئ لذلك في مقدمة أصول النحو الذي درسناه في الجامعة المعول عليه المعنى، هذا من قواعد اللغة العربية.

اللطف هو رقة الشيء و استحسانه و خفته على النفس:

الآن لطف الشيء، ماذا يعني أنه لطف، اللطف في الشيء رقته، رقيق، واستحسانه، وخفته على النفس، أو احتجابه و خفاؤه، هذا هو اللطف رقة الشيء واستحسانه وخفته على النفس أو احتجابه وخفاؤه، وعند البخاري من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: في قولِ أَصحاب الإفْكِ ولا أشْعُرُ، وهو يريبُني في وجَعي: أَنِّي لا أرى من النبي صلى الله عليه وسلم اللُّطْفَ الذي كنت أرى منه حين أشتكي.
فكان النبي عليه الصلاة والسلام رقيق بالسيدة عائشة لطيف.

(( خيرُكُم خيرُكُم لأهْلِهِ، وأنا خيرُكُم لأهْلِي))

[رواه البزار ]

مقياس الأخلاق عند الإنسان أخلاقه في بيته:

أيها الأخوة، مقياس الأخلاق أخلاقك في بيتك، مقياس الأخلاق، الإنسان خارج البيت يحسن وضعه، يلمع صورته، يعتني بثيابه، يبتسم، يعتذر، يتعطر، هذا لمصلحته لمكانته لينتزع إعجاب الناس به، مصلحته تقتضي أن يكون لطيفاً معتذراً مبتسماً أما حقيقته تظهر في البيت، لذلك قال عليه الصلاة والسلام:

(( خيرُكُم خيرُكُم لأهْلِهِ، وأنا خيرُكُم لأهْلِي))

[رواه البزار ]
فالسيدة عائشة تقول: يَريبُني في وجَعي، أي مما يؤلمني في وجعي أَنِّي لا أرى من النبي صلى الله عليه وسلم اللُّطْفَ الذي كنت أرى منه حين أشتكي.
إذاً هذا منهج:

(( خيرُكُم خيرُكُم لأهْلِهِ، وأنا خيرُكُم لأهْلِي))

[رواه البزار ]
كانت تسأله كيف حبك لي ؟ يقول لها كعقدة الحبل، عقدة لا تفك فأصبحت هذه الكلمة العقدة مصطلحاً بينها وبينه، تسأله من حين لآخر كيف العقدة ؟ يقول على حالها. يعني ماذا يمنع أن تكون مع أهلك لطيفاً ؟ ماذا يمنع أن تكون مع أهلك رفيقاً رحيماً ودوداً مبتسماً ؟ السلام عليكم، الزوج اللطيف المؤنس، كان إذا دخل بيته بساماً ضحاكاً، كان يقول:

(( أكرموا النساء، فو الله ما أكرمهن إلا كريم، ولا أهانهن إلا لئيم، يغلبن كل كريم، ويغلبهن لئيم، وأنا أحب أن أكون كريماً مغلوباً من أن أكون لئيماً غالباً ))

[ ورد في الأثر ]
مرة السيدة عائشة حدثته عن قصة طويلة، عن قصة أبي زرع وأم زرع، أشادت بأبي زرع لشجاعته، لكرمه، لبطولته، لرجولته، لكنها تأسفت في نهاية القصة فقالت غير أنه طلقها طلق أم زرع فكان تعقيب النبي عليه الصلاة والسلام أنا لك كأبي زرع لأم زرع غير أني لا أطلقك.
طمأنها، من أقواله صلى الله عليه وسلم:

(( الحمد لله الذي رزقني حب عائشة ))

[ ورد في الأثر ]
يحمد الله على أن رزقه حب عائشة.

على كل إنسان أن يتخذ من النبي الكريم قدوة له:

من علامات الإيمان أن تحب حليلتك، أن تحب زوجتك، هذه زوجتك هذه هدية الله إليك، هذه إنسانة جعلها الله تحت طوعك، عاملها بالإحسان، كان عليه الصلاة والسلام رفيقاً بأهله، كان يخصف نعله ويكنس داره ويحلب شاته وكان في مهنة أهله، هكذا علمنا النبي عليه الصلاة والسلام.
إذاً الشاهد أن النبي كان لطيفاً معها، لكن بعد حديث الإفك تغير، شيء مقلق، يعني لا في دليل إثبات ولا في دليل نفي وهو سيد الخلق وحبيب الحق وتتهم زوجته بأثمن ما تملك امرأة، عفتها، امتحان صعب لماذا قال الله عز وجل:

﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ (21) ﴾

( سورة الأحزاب)
أذاقه الله الفقر وقف الموقف الكامل، أذاقه الله الغنى فكان سخياً وقف الموقف الكامل، أذاقه الله القهر في الطائف وقف موقفاً كاملاً إن لم يكن بك غضب عليّ فلا أبالي، أذاقه الانتصار في فتح مكة وقف الموقف الكامل، أذاقه موت الولد، إن العين لتدمع، وإن القلب ليحزن، ولا نقول إلا ما يرضي الرب، أذاقه كل شيء وقف الموقف الكامل لذلك قال تعالى:

﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ (21) ﴾

( سورة الأحزاب)

الله عز وجل لطيف يعلم دقائق الأمور ولا يخفى عليه شيء:

الآن الله عز وجل لطيف يعني اجتمع له العلم بدقائق المصالح وأوصلها إلى من قدرها له من خلقه مع الرفق به، يقال لطف به وله، فقوله تعالى:

﴿ اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ (19) ﴾

(سورة الشورى)
يعني لطف بهم، وقوله تعالى:

﴿ إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ (100) ﴾

(سورة يوسف)
لطف لهم، الله لطيف بعباده رفيق بهم، يرحمهم، قريب منهم، يعامل المؤمنين بعطف ورأفة وإحسان، ويدعو المخالفين إلى التوبة والغفران مهما بلغ بهم العصيان، لطيف بعباده رفيق بهم، قريب منهم، يعامل المؤمنين بعطف ورأفة وإحسان، ويدعو المخالفين إلى التوبة والغفران مهما بلغ بهم العصيان، فهو لطيف بعباده يعلم دقائق أحوالهم ولا يخفى عليه شيء مما في صدورهم، إنسان أحياناً يبلغه أنه إذا تبرع بأرض لمسجد اضطرت البلدية أن تنظم أرضه وأن تقسمها إلى محاضر وعندئذ يرتفع السعر أضاعفاً مضاعفة، هو أراد من التبرع أن يرتفع سعر أرضه، لو سمع هذا الخبر أن فلاناً تبرع بمسجد ما شاء الله محسن كبير، من الذي يعلم الحقيقة ؟ الله عز وجل، من الذي يعلم خائنة الأعين ؟ الله عز وجل، من الذي يعلم البواعث الخفية ؟ الله عز وجل، من الذي يعلم المقاصد البعيدة ؟ الله عز وجل، لطيف يعلم دقائق أحوالهم ولا يخفى عليه شيء مما في صدورهم.

من معاني اللطيف:

كم معنى للطيف ؟ رفيق، قريب، رحيم، يدعوك للتوبة مهما كنت عاصياً ويعلم كل شيء، يعلم ما خفي عنك، يعلم سرك وجهرك، علم ما كان، وعلم ما يكون، ويعلم ما سيكون، ويعلم ما لم يكن لو كان كيف كان يكون، والدليل:

﴿ أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (14) ﴾

(سورة الملك)
سيدنا لقمان قال لابنه وهو يعظه:

﴿ يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ (16) ﴾

(سورة لقمان)
دقائق الأمور أدق التفصيلات، البواعث الخفية، المقاصد البعيدة، النوايا الدقيقة، المشاعر، الخواطر يعلمها، لكنه لطيف.

لا يتحقق شيء على وجه الأرض إلا بتوفيق الله عز وجل:

لو رافقك إنسان لمدة أطول مما ينبغي تضجر منه يا أخي حل عني، الله معنا لكن لطيف، اللطيف هو الذي ييسر لعباده أمورهم، من ييسر لك أمورك ؟ يوفقك في زواجك في شراء بيت، بالوصول إلى المنصب، باحتلال وظيفة، بتجارة رابحة من يوفقك ؟ بطولتك ألا تعزو الفضل إلا إليه، أنت حينما تقول الله وفقني، الله أكرمني، الله مكنني، الله أعطاني، الله تفضل عليّ، الله يسر لي أمري، هذا ليس من باب التواضع من باب الحقيقة، لذلك قال تعالى:

﴿ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ (88) ﴾

(سورة هود)
لا يتحقق شيء على وجه الأرض إلا بتوفيق الله:

﴿ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ (88) ﴾

(سورة هود)

من عطاء الله على الإنسان نعمة الإيجاد و الإمداد و الهدى و الرشاد:

إذاً اللطيف هو الذي ييسر للعباد أمورهم و يستجيب منهم دعاءهم، فهو المحسن إليهم في خفاء و ستر، من حيث لا يعلمون فنعمه عليهم سابغة ظاهرة لا يحصيها العادون و لا ينكرها إلا الجاحدون.
أنت كلك كرم من الله، منحك نعمة الإيجاد، كل شخص منا له تاريخ ميلاد أنا عندما أقرأ كتاباً و أراجع بعض صفحاته متى نُضد ؟ متى طبع ؟ إذا كان مطبوع قبل ولادتي أقول أثناء طبع هذا الكتاب كان في إنسان بالأرض اسمه راتب نابلسي:

﴿ هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا (1) ﴾

(سورة الإنسان)
فأنت منحك الله نعمة الإيجاد لم تكن شيئاً مذكوراً، ثم منحك نعمة الإمداد، أعطاك هواء، أعطاك ماء، أعطاك مأوى، أعطاك علماً، أعطاك طلاقة لسان، زوجك، عندك أولاد، عندك أصهار، كل هذه النعم بفضل الله عز وجل، إذاً هذا معنى اللطيف، وهو المحسن إليهم في خفاء وستر من حيث لا يعلمون نعمه سابغة ظاهرة لا يحصيها العادون ولا ينكرها إلا الجاحدون، وهو الذي يرزقهم بفضله، هذا يتقن الخط، هذا يتقن قص الشعر، هذا يتقن التعليم، هذا يتقن الهندسة، هذا تاجر، هذا مزارع، كل واحد الله مكنه من عمل ويسره له، أ نسهر أياماً في معنا طبيب جراح يعمل كل يوم عملية قلب أنا أقول له كيف تستسيغ الطعام بالمنشار ينشر عظم القص، بجهاز معين تتباعد هذه العظام يصل إلى القلب، يوقف القلب يربطه بقلب صناعي، يفتح البطين يصل إلى الدسام أربع خمس ساعات، الدماء والإنسان مخدر ويأتي إلى بيته يأكل بشهية، إذا واحد منا رأى الدم ما فيه نفس يأكل لقمة، كيف الله مكّنه من عملية جراحية وهو مرتاح، وهذا يلقي خطبة، ذا يقود مركبة، وهذا يقود طائرة، طائرة ثلاثمئة وخمسين طناً شاب صغير يقودها بالليل معه علم، شاب صغير يقود طائرة من أكبر الطائرات ليلاً، يحرك ثلاثمئة وخمسين طناً في الهواء أقل غلط تسقط الطائرة من مكنه من ذلك ؟

الله عز وجل لطيف يعين كل إنسان على عمله:

لذلك أيها الأخوة، الله عز وجل لطيف يعني يعين كل إنسان على عمله، يسر له عملاً، مكنه من عمل فنعمه عليهم سابغة ظاهرة وهو يرزقهم بفضله، كل واحد الله مكنه من شيء ويسر له عمله، من حيث لا يحتسبون.

﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ (63) ﴾

(سورة الحج)
وقال سبحانه:

﴿ اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ (19) ﴾

(سورة الشورى)
كما أنه يحاسب المؤمنين حساباً يسيراً بفضله ورحمته ويحاسب غيرهم من المخالفين وفق عدله وحكمته.

من أفضل إيمان المرء أن يعلم أن الله معه حيث كان:

الآن من معاني اللطيف أنه خفي:

﴿ فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ وَلَا يُشْعِرَنَّ بِكُمْ أَحَدًا (19) ﴾

(سورة الكهف)
ينبغي ألا يراه أحد، ألا يعلم به أحد، أحياناً الله عز وجل غير ظاهر، جالس في بيتك مع زوجتك وأولادك الله معك وهو معكم أينما كنتم، لكن بلطف من دون أن تشعر أن الوجود مخيف هو القدير هو العليم هو الحكيم هو اللطيف هو القدير هو الجميل، معك وهو معكم أينما كنتم.
أيضاً اسم الله احتجب عنك ليمتحننا، يبدو لك أول وهلة لوحدك في البيت ما في معك أحد هكذا تتوهم وهو معك، فلذلك إن من أفضل إيمان المرء أن يعلم أن الله معه حيث كان.

الله عز وجل لا يُرى في الدنيا لطفاً منه وحكمة ويُرى في الآخرة إكراماً ومحبة:

إذاً الله عز وجل لا يرى في الدنيا لطفاً منه وحكمة ويرى في الآخرة إكراماً ومحبة، احتجب عنا في الدنيا لطفاً وامتحاناً ورأيناه في الآخرة إكراماً وإحساناً.
ورد في بعض الآثار أن أهل الجنة ينظرون إلى وجه الله الكريم فيغيبون خمسين ألف عام من نشوة النظرة.
ولو رآه الناس في الدنيا جهاراً لبطلت الحكمة وتعطلت معاني العدل، لذلك قال الله عز وجل عن رؤية الناس له في الآخرة:

﴿ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ﴾

( سورة القيامة )

لو رأى الناس الله عز وجل في الدنيا جهاراً لبطلت الحكمة وتعطلت معاني العدل:

أيها الأخوة، هذه النقطة دقيقة جداً إن شاء الله في درس قادم سأشرحها بالتفصيل، لماذا احتجب الله عنا في الدنيا ؟ ليمتحننا ولماذا نراه في الآخرة ؟ ليكرمنا، إذاً في الدنيا:

﴿ وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ (51) ﴾

( سورة الشورى )

﴿ لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ﴾

( سورة الأنعام الآية 103 )
أما في الآخرة:

﴿ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ﴾

( سورة القيامة: الآية 22-23)
هذا الموضوع دقيق جداً لماذا احتجب عنا في الدنيا ولماذا نراه في الآخرة إن شاء الله في درس قادم أعالج هذا الموضوع.
والحمد لله رب العالمين

دكتورة بإذن الله
2012-06-11, 18:44
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم، إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.

تابع من أسماء الله الحسنى: ( اللطيف 2):

أيها الأخوة الكرام، لازلنا مع اسم اللطيف، و اللطيف هو الذي أعطى العباد فوق الكفاية، و كلفهم دون الطاقة، و اللطيف هو الميسر لكل عسير و الجابر لكل كسير، و اللطيف من وفق للعمل في الابتداء و ختمه بالقبول في الانتهاء، و اللطيف هو الذي ولي فستر و أعطى فأغنى و أنعم فأجزل و علم فأجمل، هذا هو اللطيف.

اللطيف احتجب عن خلقه في الدنيا لكماله و جلاله:

أيها الأخوة، معنى دقيق من معاني اللطيف، اللطيف احتجب عن خلقه في الدنيا لكماله و جلاله، فإن الله لا يرى في الدنيا لطفاً و حكمة، و يرى في الآخرة إكراماً و محبة، إنك لن تراني في الدنيا مستحيل، طبيعة الجسم، بنيته، خصائصه لا تحتمل:

﴿ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا(143) ﴾

(سورة الأعراف)
لذلك لا يُرى في الدنيا لطفاً و حكمة و يُرى في الآخرة إكراماً و محبة، و في كل الأحوال الله عز وجل لا يدرك إحاطة من قبل خلقه، حتى أعلى الخلق، حتى سيدنا محمد عليه الصلاة و السلام.
هو أعلانا معرفة، إحاطة مستحيلة، لأنه لا يعرف الله إلا الله، لو رآه الناس في الدنيا جهاراً لبطل التكليف، أضرب هذا المثل لو أن صاحب المحل وراء الطاولة، و المكان الذي فيه المال بقبضته، عنده موظف، مادام صاحب المحل التجاري لا يغادر مكتبه و لا ثانية، و يأتي أول إنسان و يغادر آخر إنسان، و مكان المال بيده، فهذا الموظف أمين أم خائن ؟ مستحيل أن نعلم، الآن يوجد مولات، بالاسم الأجنبي بالعالم الغربي أي سلعة عليها مادة إن لم يدفع ثمنها تصدر صوتاً و تُغلق الأبواب بشكل أوتوماتيكي، من هو الأمين ؟ ليس هناك أمين و لا خائن، لأنه لا يوجد امتحان، الأمر مستحيل، أما حينما قطعت الكهرباء في بلدة غربية ارتكبت في ليلة واحدة مئتا ألف سرقة بثلاثين مليار، فانضباط العالم الغربي انضباط الكتروني و ليس دينياً، انضباط العالم الغربي انضباط الكتروني فقط، لا يمكن أن ينجو الإنسان من مخالفة، يوجد ضبط، هذا الضبط يلغي الرقي، يلغي التكليف، يلغي المسؤولية، يلغي البطولة، أنت منضبط، لو أن الله عز وجل يُرى في الدنيا و كل ذنب وراءه عقاب مباشر الكل يستقيمون.

لا يستحق الإنسان الجنة إلا إذا كان مخيراً:

في بعض البلاد الشرقية لو إنسان نزل من على الرصيف يعدم قديماً، الناس انضبطوا و لكن انضباط قهر، ليس انضباط شكر، انضبطوا انضباط خوف.
قلت لكم كثيراً الله عز وجل ما أراد أن تكون علاقة عباده به عبادة قهر، لا إكراه في الدين، علاقة حب، علاقة أن تأتيه طائعاً، علاقة أن تأتيه مختاراً، علاقة أن تطيعه و بإمكانك أن تعصيه، أن تصلي و بإمكانك ألا تصلي.
لذلك لو أن الله ظهر في الدنيا ألغي التكليف، أُلغي حمل الأمانة، ألغيت البطولات، ألغي الثواب، ألغي العقاب، تماماً كما لو جلس صاحب المحل وراء مكتبه و مكان المال بيده، فهذا الذي أمامه لا يمكن أن يوصف بأنه أمين و لا بأنه خائن، لكن صاحب المحل لو خرج من المحل و أبقى الدرج مفتوحاً و جلس في المحل المقابل بمكان لا يراه الموظف يراقبه، الآن يمتحن الموظف، لذلك قال تعالى:

﴿ وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ(42) ﴾

(سورة إبراهيم)
هو يبدو أنه غافل، يقتلون ليلاً نهاراً:

﴿ إنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ (42) ﴾

(سورة إبراهيم)
لا يمكن أن نمتحن، لا يمكن أن نستحق الجنة، لا يمكن أن يكون لنا ثواب، لا يمكن أن نرقى إلا إذا كنا مخيرين، إلا إذا كان بالإمكان أن تعصيه و أنت معافى، العالم كله يعصي الله عز وجل، أنواع المعاصي و الآثام و الشذوذ و الإباحية و السحاق واللواط بالعالم كله، و أكل المال الحرام و الربا و القهر و القتل و صحة طيبة و الضغط ثمانية اثني عشر و النبض ثمانين و الأمور كلها بأعلى درجة، لا يستحق الإنسان الجنة إلا إذا كان مخيراً.

الآخرة خبر في القرآن الكريم أما الدنيا فمحسوسة:

لذلك أول آية:

﴿ الم (1) ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ (2) الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ ﴾

(سورة البقرة)
الدنيا محسوسة أما الآخرة خبر في القرآن الكريم:

﴿ وَلَلْآَخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى (4) ﴾

(سورة الضحى )
الآخرة خبر أما الدنيا محسوسة، لذلك لو رآه الناس في الدنيا لبطلت الحكمة، و تعطلت معاني العدل و الرحمة.

الدنيا دار تكليف و عمل و الآخرة دار تشريف و جزاء:

من هنا قال الله عز وجل عن رؤيته في الدنيا:

﴿ وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ(51) ﴾

(سورة الشورى)
مستحيل، حتى كليمه موسى، كلمه الله من وراء حجاب، و قال تعالى:

﴿ لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (103) ﴾

(سورة الأنعام)
موجود لكن لا تراه، اعبده كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك، هذه مرتبة الإحسان و في صحيح مسلم أن النبي عليه الصلاة والسلام قال:

(( تعلَّموا أنَّه لَنْ يَرى أحدُ منكم ربَّه حتى يموتَ ))

[ رواه مسلم عن عمرُ بن ثابت الأنصاريُّ ]
في الدنيا ليس هناك رؤية و أية دعوى افتراء و كذب و اركلها بقدمك، لأن الدنيا خلقت للابتلاء، أما الآخرة فهي دار الجزاء.
الدنيا دار تكليف أما الآخرة دار تشريف، الدنيا دار عمل أما الآخرة دار جزاء، في الآخرة يُكشف الغطاء و يرفع فيها الحجاب، و يلطف الله بالموحدين عند الحساب قال تعالى:

﴿ فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ (22) ﴾

(سورة ق)

رؤية وجه الله الكريم يوم القيامة:

لذلك قال تعالى:

﴿ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ(26) ﴾

(سورة يونس )
قال علماء التفسير الزيادة رؤية وجه الله الكريم.
و في آية تبين أن هناك ما هو يَفْضل رؤية وجه الله الكريم رضوان رب العالمين، قال تعالى:

﴿ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ(72) ﴾

(سورة التوبة )

أعلى عطاء يناله الإنسان عند الله عز وجل رضوان من رب العالمين:

صار في جنة فيها:

((....مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ، وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ... ))

[ متفق عليه ]
و فيها نظر إلى وجه الله الكريم:

﴿ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ(26) ﴾

(سورة يونس )
ثم هناك رضوان من الله عز وجل هذا أعلى عطاء يناله الإنسان عند الله عز وجل.
دخل إلى بستان جميل لكن أجمل ما في هذا البستان وجه صاحبه، تمليت منه فنسيت البستان ثم إذا هو يرحب بك يا أهلاً وسهلاً أكرمتنا بهذه الزيارة مثلاً فصار في بستان و في وجه و في ترحيب.

﴿ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ(72) ﴾

(سورة التوبة )
لذلك الآية الكريمة:

﴿ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (22) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ (23) ﴾

(سورة القيامة )

التفكر في الكون طريق إلى معرفة الله:

أيها الأخوة، الآن فضلاً عما جاء به العلماء من تعريف أسماء الله الحسنى، أسماء الله الحسنى يمكن أن نعرفها من خلال خلق الله عز وجل، المخلوقات، هذا الكون مظهر لأسماء الله الحسنى أو تجسيد لأسماء الله الحسنى، و من خلال فعله، و من خلال أمره، و من خلال كلامه، أي أربعة طرق سالكة لمعرفة الله:
أن تتفكر في خلقه، أو أن تنظر في أفعاله، أو أن تتدبر أمره، أو أن تستمع إلى كلامه، مثال: الهواء لطيف، موجود و غير موجود، نستنشقه، لا صوت له، بلا لون، بلا حركة، بلا ضجيج، موجود و كأنه غير موجود لكن ألم تركب طائرة وزنها ثلاثمئة و خمسين طناً كيف يحملها الهواء ؟ أربعمئة خمسمئة الآن يوجد طائرة ثمانمئة راكب تقريباً، كيف يحملها الهواء ؟ الهواء موجود، و لا تراه و لا تسمع صوته لكن اركب مركبة و لتنطلق بك بسرعة، مدّ يدك تعرف أن الهواء موجود لكن موجود بلطف، أما إذا ثار الهواء لا يبقي و لا يذر، الأعاصير التي سرعتها ألف و مئتي كيلو متر لا تبقي شيئاً إطلاقاً لا بناء و لا جدار و لا شجر و لا شيء.

الله عز وجل لطيف بعباده:

دققوا الأرض تدور حول نفسها بسرعة ألف و ستمئة كيلو متر بالساعة، لو الهواء ثابت و الأرض متحركة معنى ذلك يوجد أعاصير بالأرض كلها سرعتها ألف و ستمئة كيلو متر لا يبقى شيئاً، لا يبقى بناء، لا تبقى شجرة، لا تبقى آلة، هذه الأعاصير، لو الهواء ثابت و الأرض تدور انتهت الحياة لكن لحكمة بالغة الهواء يدور مع الأرض، لذلك الآية الكريمة:

﴿ قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ (11) ﴾

(سورة الأنعام)
أنا أمشي على الأرض، الآية في الأرض لأن الله عز وجل عدّ الهواء و الأرض معاً، فالهواء جزء من الأرض تمشي أنت في الأرض، أي على سطح اليابسة و تحت الهواء، لو كان الهواء مستقلاً و منفصلاً كان هناك أعاصير تدمر كل شيء، فالهواء لطيف و الماء لطيف، رقراق، أما إذا ثار البحر يُغرق أكبر مركبة.
التفاحة لطيفة حجمها معتدل، يمكن أن تقضمها بأسنانك، لو كان لها بنية كالصخر تحتاج إلى مطحنة أحجار، بنيتها لطيفة، شكلها لطيف، حجمها لطيف، لونها لطيف، طعمها طيب، مغذية، لطيف الله عز وجل.
الفاكهة الكبيرة على الأرض و الفاكهة التي لا تؤذي على الشجر، لو أن البطيخ على الشجر، الفاكهة التي لا تؤذي على الشجر أما الكبيرة على الأرض، الله لطيف.
حدثني إنسان من بلد آخر دخل السجن أعطوه علبة طُن بلا مفتاح قال لي حتى فتحتها من الساعة الثامنة صباحاً حتى الساعة الثانية ظهراً على الحك أما البيضة فتحها سهل، الآن يوجد معلبات سعرها أعلى، فتحها سهل تفتحها من دون مفتاح، الله لطيف الأشياء التي تحتاجها في متناول يدك.

قوى التجاذب أحد أكبر الأدلة على لطف الله عز وجل:

قوى التجاذب لو أن الأرض تفلتت من جاذبية الشمس، أردنا أن نعيدها نحتاج إلى مليون مليون حبل فولاذي، و قطر الحبل خمسة أمتار، معنى حبل فولاذي قطره خمسة أمتار أي يقاوم من قوى الشد مليوني طن، أي الأرض مرتبطة بالشمس بقوة تساوي مليون مليون ضرب مليوني طن من أجل أن تحرف الأرض في مسيرتها حول الشمس ثلاثة ميلي كل ثانية، مليون مليون ضرب مليوني طن من أجل أن تحرف الأرض فتشكل مداراً مغلقاً بكل ثانية ثلاثة ميلي متر، أين هي قوى التجاذب ؟ موجودة بيننا، هل يستطيع إنسان في الأرض يعمر بناء مئة طابق من دون علاقة بالأرض، ارتفاعه عشرة أمتار تمشي تحته.
قوى التجاذب قوى مذهلة نمشي خلالها نحن، لطيف الله عز وجل، قوى التجاذب أحد أكبر الأدلة على لطف الله عز وجل، قوى جبارة تربط الكواكب ببعضها بعضاً، و مع ذلك لا تراها أنت تمشي خلالها.
ممكن هذه الدعامة أن تكون موجودة و تحمل السقف و أن تمشي خلالها ؟ مستحيل، لطيف الله عز وجل.

لطف الله عز وجل بالإنسان و بالأم و وليدها:

أمهر طبيب أسنان هل بإمكانه قلع سن من دون الأم ؟ يقول لك بإمكاني أعطيه إبرة مخدر، هل بإمكان أي طبيب أسنان يعطي الإبرة بنيرة الأسنان من دون ألم ؟ الطفل الصغير حينما يبدل أسنانه بلا ألم إطلاقاً، هذا قلع سن من قبل الله عز وجل مباشرة، بلا ألم فالله لطيف.
الرحم قبل الولادة تقلص لطيف، أولاً متباعد، مسافة التباعد تنقص تدريجياً كل ساعة يوجد طلقة، بعد ذلك كل خمسين دقيقة، كل أربعين دقيقة، كل ثلاثين، كل عشرين، و تقلص لطيف إلى أن يخرج الجنين من الرحم يتقلص الرحم تقلصاً عنيفاً شديداً فجأة كي يغلق العشرة آلاف وعاء دموي تقطعت لئلا تموت المرأة بالنزيف، فلو انعكست التقلصات قبل و بعد لماتت الأم و الجنين معاً.
قبل الولادة يوجد جنين تقلص لطيف لطيف لطيف إلى أن يخرج، بعد الخروج تقلص حاد و عنيف حتى تغلق الأوعية التي تقطعت أثناء الولادة، و كم من امرأة ماتت بالنزيف لأن التقلص الثاني كان ضعيفاً:

﴿ ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ (20) ﴾

(سورة عبس )
أيها الأخوة، هذا خلقه.

أوامر الله عز وجل لطيفة أتت بالتدريج:

إذاً أمره: أمر بالصلاة، الظهر ثلث ساعة، الصبح ربع ساعة، أعطاك أربع و عشرين ساعة قال لك صلِّ، مجموع الصلوات ساعة تقريباً، ساعة و خمس دقائق مجموع الصلوات، أمره لطيف، صم ثلاثين يوماً، لا يوجد صيام متصل، من الفجر إلى المغرب، قال لك: ادفع زكاة مالك اثنان و نصف في المئة أي الأوامر لطيفة، معقولة، محتملة، ضمن الطاقة، لم يحرمك من شيء قال لك دع الخنزير و الخمر فقط:

﴿ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا(35) ﴾

(سورة البقرة)
كم نوع عصير يوجد ؟ لا تعد و لا تحصى، كم نوع من اللحم ؟ حرم عليك الخنزير و الخمر فقط، كُلْ بعدها ما شئت، صلِّ خمسة أوقات، صم ثلاثين يوماً، أمره لطيف، و الأمر إذا ضاق اتسع، مريض افطر لا يوجد مانع، مسافر افطر، تسافر ركعتين الظهر من دون سنن و العصر ركعتين، أمره لطيف و خلقه لطيف.

تحريم الخمر كان بالتدريج نحو:

1 ـ السكر رزق غير حسن:

حتى تحريم الخمر كان لطيفاً بالتدريج:

﴿ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا(67) ﴾

(سورة النحل )
أي السكر رزق غير حسن، أول إشارة.

2 ـ عدم اقتراب الإنسان من الصلاة إلا على طهارة:

ثانياً:

﴿ لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى(43) ﴾

(سورة النساء )

3 ـ تحريم الخمر و غيره:

ثالثاً:

﴿ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ(90) ﴾

(سورة المائدة)

أمر الله يشف عن لطفه و فعله يشف عن لطفه و خلقه يشف عن لطفه:

كلامه لطيف، الله عز وجل قال:

﴿ اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ(19) ﴾

(سورة الشورى)
أي أخبرك بكلامه، و أمره يشف عن لطفه، و فعله يشف عن لطفه، و خلقه يشف عن لطفه.
حظ العبد من هذا الاسم الرفق بالعباد، مادام الله لطيفاً ينبغي أنت أن تكون لطيفاً، الطف بهم في تعاملك معهم، قال عليه الصلاة و السلام:

(( إِنَّ اللهَ عز وجلَ رَفيق يحِبُّ الرِّفق، ويُعْطي عليه ما لا يُعطي على العُنْفِ ))

[ أخرجه أبو داود عن عبد الله بن مغفل]
يوجد عمل صالح لكن بلطف الأجر صار مضاعفاً إنه لطيف، شخص أثناء الصلاة أحد الصحابة عطس قال له يرحمك الله، أول مرة يصلي فالصحابة ضربوا على أرجلهم خاف فالنبي قال: يا هذا إن هذا لا يكون في الصلاة، قال و الله ما قهرني و لا ضربني و لا أساء إليّ إنه معلم الخير.
أيضاً لطيف، شخص دخل المسجد و أحدث جلبة و ضجيجاً و شوش على الصحابة صلاتهم، فلما انتهى قال له رسول الله زادك الله حرصاً و لا تعد.
زادك الله حرصاً أثنى عليه و لا تعد:

(( إِنَّ اللهَ عز وجلَ رَفيق يحِبُّ الرِّفق، ويُعْطي عليه ما لا يُعطي على العُنْفِ ))

[ أخرجه أبو داود عن عبد الله بن مغفل]

اللطف و الرحمة من أسس الدعوة إلى الله عز وجل:

﴿ اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (43) فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا ﴾

(سورة طه )
لطيف لا داعي للغلظة، النبي كان في نشوة اتصاله بالله سمع صوت طفل يبكي، فاختصر الصلاة و سلم قال سمعته ينادي أمه ببكائه فرحمتها، لطيف، بلا غلظة.
قال إذا أمرت بمعروف فليكن أمرك بمعروف، و إذا نهيت عن منكر فليكن نهيك بلا منكر.
إذا أمرت بالمعروف فأمر برفق ناصح لا بعنف معسر، دخل إنسان على ملك قال له سأعظك و أغلظ عليك، قال له ولمَ الغلظة يا أخي ؟ لقد أتى مَن هو خير منك إلى من هو شر مني، أرسل الله موسى إلى فرعون، بلا غلظة.
سيد الخلق و حبيب الحق، سيد ولد آدم معه وحي، معه إعجاز، معه معجزات، معه فصاحة، معه علم، معه ذكاء، معه حكمة قال له: أنت أنت بالذات:

﴿ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ(159) ﴾

( سورة آل عمران )
تجد شخصاً لا هو نبي و لا رسول و لا معه وحي و لا معجزات و لا فصيح و لا جميل الصورة و غليظ:

﴿ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ (159) ﴾

( سورة آل عمران )

أحد أكبر نتائج معرفة أسماء الله الحسنى التخلق بكمال الله عز وجل:

قال: إذا عرفت شيئاً فاستره و كن لطيفاً، و إذا تحركت نحو عمل فكن بهذه الحركة لطيفاً، إن أردت إحداث شيء فاجعل لهذا الشيء برنامجاً تدريجياً لئلا تثقل على الناس، إذا دعوت إلى الله عز وجل كن رحيماً بهم ليناً معهم.
قال إذا استفتيت في أمر و كان في الأمر سعة فأفتِ بالرخصة و خذ نفسك بالعزيمة، يوجد أشخاص بالعكس يأخذ بكل الرخص لنفسه و يفتي بكل العزائم، هذا لؤم، إن سئلت في فتية أفتِ بالرخصة و خذ نفسك بالعزيمة، لكن بالنهاية لا يمكن أن تتقرب إلى الإله الطيف إلا إذا كنت لطيفاً مع خلقه، هذا معنى قوله تعالى:

﴿ وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا (180) ﴾

( سورة الأعراف)
يوجد نقطة دقيقة، معنى اللطيف أن تكون عالماً بدقائق الأمور و غوامضها و خلفياتها و بواعثها و مقاصدها و أن تفهم ما بين الصدور و لطيف اليد من كان حاذقاً في صنعته، مهتدياً إلى ما يُشكل على غيره.
من أنواع اللطيف أن تكون عالماً ببواطن الأمور، لا تكن ساذجاً، تؤخذ بكلام غير محقق، فلهذا أحد أكبر نتائج معرفة أسماء الله الحسنى هو أن تتخلق بهذا الكمال الإلهي.
والحمد لله رب العالمين

المصدر موقع الشيخ الدكتور محمد راتب النابلسي


و لمن اراد المشاهدة المرئية و السمعية و التحميل من اليوتوب

الجزء الاول

http://www.youtube.com/watch?v=zI2S-GEEYik

الجزء الثاني

http://www.youtube.com/watch?v=QVXPDyjuwnc



http://files.fatakat.com/signaturepics/sigpic220622_4.gif

بن زرام
2012-06-11, 19:47
شكراااااااااااااا موضوع في القمة بارك الله فيك

دكتورة بإذن الله
2012-06-12, 18:04
شكراااااااااااااا موضوع في القمة بارك الله فيك

و فيك بارك الله

و شكرا لمرورك الطيب

مع التحية
http://up.msha3ry.com/uploads/msha3ry133236393910.gif

ام ايمان16
2012-11-14, 22:23
بارك الله فيك