تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : إنكار المنكر لا بد منه فلا يسقط عن مسلم


أبو عبد الله الغيثري
2012-06-10, 14:15
قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان» وفي رواية «وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل»، فهذا الحديث فيه:
أولاً: وجوب إنكار المنكر على كل مسلم.
ثانياً: أن القيام بالإنكار يكون بحسب الاستطاعة؛ لأن لفظ: «فمن لم يستطع»، يفيد بأن القيام بالإنكار بحسب القدرة كما قال الله تعالى: (لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا)، فلا يسع المسلم أن يترك الإنكار وهو يستطيعه؛ لأن من لا ينكر المنكر بالفعل وهو يستطيع فإنه يأثم ويهلك مع الهالكين عند نزول العقوبة، قال تعالى: (لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ. كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ).
ثالثاً: أن الاستطاعة لإنكار المنكر تتفاوت، فمن كان يستطيع الإنكار باليد، وذلك بإزالة المنكر، وجب عليه ذلك، وهذا من اختصاص ولي الأمر أو مَنْ يُنيبه. ومن لم يستطع الإنكار باليد ممن ليس له سلطة ولا نيابة عن السلطة فإنه ينكر باللسان، وذلك بالنهي عنه والوعظ والتذكير وإبلاغ السلطة عنه لتزيله. ومن لم يستطع الإنكار باللسان إما لعدم القدرة على البيان لقلة علمه، أو لأنه ممنوع من البيان من قِبل الولاة الظلمة، فإنه يُنكر المنكر بقلبه، وذلك بكراهة المنكر وأهله، والابتعاد عن مكانه ومخالطة أهله؛ فلا يجوز له الجلوس معهم ومصاحبتهم؛ لئلا يكون مثل بني إسرائيل ينهون صاحب المنكر في أول الأمر فإذا لم يتركه جالسوه، وأكلوا معه وشاربوه، فلما رأى الله ذلك منهم لعنهم على ألسنة أنبيائهم.
وقد حذرنا نبينا صلى الله عليه وسلم من أن نفعل مثل فعلهم، فلا يقل أحدنا نصحت ولم يُقبل مني ثم يجلس مع العصاة وأصحاب المنكرات، قال الله تعالى: (وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلاَ تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ).
إذا تبيَّن هذا فلا وجه لقول من قال: إن الإنكار لا يكون إلا لمن كان له سلطة، ويمنع من الإنكار بالبيان والتذكير والموعظة وإبلاغ المسؤولين عن مواقع المنكر، أو من يقول الإنكار باللسان تطوع، ويسمي القائمين به بالمتطوعين، وهذا غلط؛ لأن القيام به واجب وليس تطوعاً، ولا يجوز منع القائمين به في الأسواق والمهرجانات وسائر أماكن التجمُّع؛ فهذا القائل يُسقط مرتبة عظيمة من مراتب إنكار المنكر، نصَّ عليها الرسول - صلى الله عليه وسلم - وهي «الإنكار باللسان»؛ فإنها لا تسقط إلا عما لا يقدر عليها، ويكون منكِراً بقلبه، ولا بد؛ لأنه لا يُمنع من الإنكار بقلبه أبداً.
ونحن في بلادنا - والحمد لله - لم نبلغ إلى المنع من الإنكار باللسان، وولاة أمرنا - حفظهم الله - يشجِّعون على ذلك ويتقبلونه إذا كان كما أمر الله بالحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتي هي أحسن. ووجود جهاز الحسبة في بلادنا ورعاية الدولة له وسام شرف لنا، وصمام أمان في المجتمع. أدام الله ذلك، ووفَّق ولاة أمرنا للمحافظة عليه وتعزيزه وتقويته؛ فهذه الدولة المباركة ما زالت تراعي هذا الجانب، وتوليه العناية التامة في جميع أدوارها منذ قامت على يد الإمامين: الشيخ محمد بن عبدالوهاب والإمام محمد بن سعود - رحمهما الله وبارك في عقبهما - تحقيقاً لقول النبي صلى الله عليه وسلم «لا تزال طائفة من أمتي على الحق، لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله تبارك وتعالى».
هذا، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه.

كتبه
صالح بن فوزان الفوزان
عضو هيئة كبار العلماء
من موقع معالي الشيخ حفظه الله

أبو عبد الرحمن الجزائري
2012-06-10, 14:34
جزاكم الله خيرا
وحفظ الله الشيخ الجليل


هذا كلام نفيس لشيخ الإسلام ابن تيمية ـ أجزل الله له المثوبة ـ في مسألة : سقوط إنكار المنكر في حالة عدم رجاء انتفاع أصحاب المنكرات بهذا الإنكار والنّصح ، ذكره في معرض كلامه على قضيّة تشبّه المسلمين باليهود والنصارى الذي أخبر النّبي ـ صلى الله عليه وسلّم ـ بوقوعه من أمّته لا محالة ، كما دلّ عليه حديث أبي سعيد الخدري ـ رضي الله عنه : « لتتبعن سنن من كان قبلكم... » الحديث .


قال شيخ الإسلام ابن تيمية ــ رحمه الله ــ : (( ... و أيضًا لو فرض أنّ النّاس لا يترك أحد منهم هذه المشابهة المنكرة ( أي مشابهة الكفّار ونحوها ) لكان في العلم بها معرفة القبيح والإيمان بذلك ؛ فإنّ نفس العلم والإيمان بما كرهه الله خير ، وإن لم يعمل به ؛ بل فائدة العلم والإيمان أعظم من فائدة مجرد العمل الذي لم يقترن به علم ، فإنّ الإنسان إذا عرف المعروف وأنكر المنكر كان خيرًا من أن يكون ميت القلب لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا .
ألا ترى أنّ النبي ــ صلى الله عليه وسلم ــ قال :« من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان » رواه مسلم
وفي لفظ : « ليس وراء ذلك من الإيمان حبّة خردل» وإنكار القلب هو : الإيمان بأنّ هذا منكر وكراهته لذلك ، فإذا حصل هذا ، كان في القلب إيمان ، وإذا فقد القلب معرفة هذا المعروف ، وإنكار هذا المنكر ، ارتفع هذا الإيمان من القلب .
وأيضًا : فقد يستغفر الرّجل من الذّنب مع إصراره عليه ، أو يأتي بحسنات تمحوه أو تمحو بعضه ، و قد تُقلّل منه ، و قد تُضعف همّته في طلبه إذا علم أنّه منكر .
ثمّ لو فُرض أنّا علمنا أنّ النّاس لا يتركون المنكر ، و لا يعترفون بأنّه منكر ، لم يكن ذلك مانعا من إبلاغ الرّسالة ، و بيان العلم ، بل ذلك لا يُسقط وجوب الإبلاغ و لا وجوب الأمر والنهي في إحدى الروايتين عن أحمد و قول كثير من أهل العلم ؛ على أنّ هذا ليس موضع استقصاء ذلك .. ولله الحمد على ما أخبر به النّبي ــ صلى الله عليه وسلم ــ من أنّه « لا تزال من أمّته طائفة ظاهرة على الحقّ حتّى يأتيَ أمر الله »وليس هذا الكلام من خصائص هذه المسألة (أي مسألة التشبّه) بل هو وارد في كلّ منكرٍ قد أخبر الصّادق بوقوعه )) انتهى كلامه رحمه الله ؛ من كتاب اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم (1/148ــ 149) طبعة مكتبة الرشد الأولى .

الجليس الصلح
2012-06-10, 16:54
باااارك الله فيك

kouider2012
2012-06-15, 14:41
بارك الله فيك

أبو عبد الله الغيثري
2012-06-16, 14:19
لست ادري هل يجب ان نصدق الشيخ ام نصدق الواقع !!

و الكل يعلم ان الدولة المباركة التي يتحدث عنها الشيخ ..قامت بفضل عنصر ثالث يعرفه العام و الخاص و هم اليهود و النصارى ...و بالذات امريكا
أنت تسيء الأدب مع علماء السنة اليك ما يفعل قدوتك هات الدليل يا مفتري
http://www.youtube.com/watch?v=oUlfnagYw8I

nacerddin mah
2012-06-17, 15:02
شكرا لك اخي الفاضل

أبو عبد الله الغيثري
2013-02-21, 00:10
جزاكم الله خيرا
وحفظ الله الشيخ الجليل


هذا كلام نفيس لشيخ الإسلام ابن تيمية ـ أجزل الله له المثوبة ـ في مسألة : سقوط إنكار المنكر في حالة عدم رجاء انتفاع أصحاب المنكرات بهذا الإنكار والنّصح ، ذكره في معرض كلامه على قضيّة تشبّه المسلمين باليهود والنصارى الذي أخبر النّبي ـ صلى الله عليه وسلّم ـ بوقوعه من أمّته لا محالة ، كما دلّ عليه حديث أبي سعيد الخدري ـ رضي الله عنه : « لتتبعن سنن من كان قبلكم... » الحديث .


قال شيخ الإسلام ابن تيمية ــ رحمه الله ــ : (( ... و أيضًا لو فرض أنّ النّاس لا يترك أحد منهم هذه المشابهة المنكرة ( أي مشابهة الكفّار ونحوها ) لكان في العلم بها معرفة القبيح والإيمان بذلك ؛ فإنّ نفس العلم والإيمان بما كرهه الله خير ، وإن لم يعمل به ؛ بل فائدة العلم والإيمان أعظم من فائدة مجرد العمل الذي لم يقترن به علم ، فإنّ الإنسان إذا عرف المعروف وأنكر المنكر كان خيرًا من أن يكون ميت القلب لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا .
ألا ترى أنّ النبي ــ صلى الله عليه وسلم ــ قال :« من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان » رواه مسلم
وفي لفظ : « ليس وراء ذلك من الإيمان حبّة خردل» وإنكار القلب هو : الإيمان بأنّ هذا منكر وكراهته لذلك ، فإذا حصل هذا ، كان في القلب إيمان ، وإذا فقد القلب معرفة هذا المعروف ، وإنكار هذا المنكر ، ارتفع هذا الإيمان من القلب .
وأيضًا : فقد يستغفر الرّجل من الذّنب مع إصراره عليه ، أو يأتي بحسنات تمحوه أو تمحو بعضه ، و قد تُقلّل منه ، و قد تُضعف همّته في طلبه إذا علم أنّه منكر .
ثمّ لو فُرض أنّا علمنا أنّ النّاس لا يتركون المنكر ، و لا يعترفون بأنّه منكر ، لم يكن ذلك مانعا من إبلاغ الرّسالة ، و بيان العلم ، بل ذلك لا يُسقط وجوب الإبلاغ و لا وجوب الأمر والنهي في إحدى الروايتين عن أحمد و قول كثير من أهل العلم ؛ على أنّ هذا ليس موضع استقصاء ذلك .. ولله الحمد على ما أخبر به النّبي ــ صلى الله عليه وسلم ــ من أنّه « لا تزال من أمّته طائفة ظاهرة على الحقّ حتّى يأتيَ أمر الله »وليس هذا الكلام من خصائص هذه المسألة (أي مسألة التشبّه) بل هو وارد في كلّ منكرٍ قد أخبر الصّادق بوقوعه )) انتهى كلامه رحمه الله ؛ من كتاب اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم (1/148ــ 149) طبعة مكتبة الرشد الأولى .


بارك الله فيك علىالإفادة القيمة من شيخ الإسلام رحمه الله عكس ما يفعله الإخوان المفلسون مدااخلاتهم عجاف

mel_dr
2013-02-22, 15:49
جزاك الله خيرا و أحسن اليكم

أبو عبد الله الغيثري
2013-11-02, 15:39
باااارك الله فيك
وفيك بارك الله

قطر الندى13
2013-12-24, 13:48
بارك الله فيكم

slimane_hadj
2013-12-29, 15:20
جزاك الله خير وجعلها في ميزان حسناتك

سعيد جيجل
2013-12-29, 15:40
ثالثاً: أن الاستطاعة لإنكار المنكر تتفاوت، فمن كان يستطيع الإنكار باليد، وذلك بإزالة المنكر، وجب عليه ذلك، وهذا من اختصاص ولي الأمر أو مَنْ يُنيبه. ومن لم يستطع الإنكار باليد ممن ليس له سلطة ولا نيابة عن السلطة فإنه ينكر باللسان، وذلك بالنهي عنه والوعظ والتذكير


وان كانت هذه السلطة ترعاه يعني المنكر وتعاقب من يمس به

مثلما هو الحال مع الزنا والفجور في الاماكن العامة

كيف وسكوت من تصدر مجالس العلم عن المنكر وفشو الفساد الاخلاقي

والعقدي في المجتمع

ان ترك الامر والنهي هو فكر مرجئي وهو مما يخالف به اهل الاثر

منهج المرجئة


سؤال المنكر الذي تتكلم عنه انك لا تستطيع

لو سرق مالك وانتهكت حرمة منزلك او شيء لك

هل تنتظر من سميته ولي امرك ام تتدخل

ان كان اموالكم احب اليكم من حرمات الله فالله رجال لحرمات الله

احب اليهم من اموالهم

وسكوت من يوجب عليه تغيير المنكر لا يسقط فريضة الامر والنهي

وهذا راس الاختلاف بين منهج اهل الاثر والمرجئة

فهم يرون المنكر ويناصرونه ويسمون اصحاب المنكر والفجور ولاة امور

واهل الاثر يحبون في الله ويبغظون في الله يامرون بالمعروف وينهون عن المنكر

أبو عبد الله الغيثري
2015-01-06, 02:27
بارك الله فيك

بارك الله فيك