01 algeroi
2009-01-26, 15:48
مقدمة :
إن اكبر خدمة نقدمها للقضية الفلسطينية -في تصوري- هي اعادتها الى فضائها الإسلامي الواسع والتعامل معها على انها المسؤولية المشتركة بين جميع المسلمين على ان نتجاوز في تحركاتنا مسألة التفاعل السلبي وردود الافعال الى عملية طويلة وشاقة من إعادة بناء المقدرات وانتخاب الكفاءات التي تأتمنها الشعوب على اهدافها ولن يتأتى ذلك الا من خلال شحذ الهمم وتوجيه الطاقات لاصلاح نظم التعليم ومناهج التربية وسياسات الاعلام والسعي الى ايجاد البديل الحظاري الملائم من خلال تبصير الأمة بحقيقتها والغاية من وجودها ودعوتها للرجوع الى دينها على الصعيد الفردي والجماعي بجميع صوره ومظاهره واما على الصعيد الدولي فمن خلال إحياء فكرة السوق الاسلامية المشتركة التي اثارها يوما الزعيم السياسي التركي (اربكان) مع محاولة ايجاد تكتل عالمي مناهض للاستعمار توفر له كافة الوسائل الدبلوماسية والتمويلية والعسكرية ليشكل بديلا عمليا للامم المتحدة ومجلس الأمن ومساهمة مني في تقريب بعض المفاهيم ورسم تصور صحيح لطبيعة الصراع مع اليهود ذكرت كلاما مهما لفضيلة الشيخ المحدث سليم الهلالي في مقدمة كتابه حول الجماعات الإسلامية فخلصت إليه وقمت بنسخه على عجل لأزفه إليكم عسى أن يسهم في ردم شئ من الهوة الواسعة بين أبناء الإسلام والتي أعتقد جازما أنها أضحت أكبر عائق بين الأمة وغايتها فلتتفضلوه مشكورين :
الافساد الأول :
اليهود قوم اجتمعت فيهم عناصر تقنع الناس بأنهم أعداء للبشرية بأسرها, لأنهم يمثلون قمة التحريف في دين الله ، وزعموا : أنهم سادة البشر و من دونهم عبيد ، و هذا فحوى عقيدة شعب الله المختار .
فما من دولة أو أمة إلا أخرجتهم حينما كشفت فسادهم و حسدهم و ضغنهم و من شاء ان يعرف مستقبلهم مع الاسلام و مع الدنيا جميعا ، فليتدبر قول رب العزة " و إذ تأدن ربك ليبعثن عليهم إلى يوم القيامة من يسومهم سوء العذاب " ( الأعراف 167) .
و ما عاشوا في أمة من الأمم إلا و كانوا منبوذين في اماكن و أحياء تعرف بأسمائهم ؛كما قال – تعالى- " ضربت عليهم الذلة أين ما ثقفوا إلا بحرب من الله و حبل من الناس و باؤا بغضب من الله و ضربت عليهم المسكنة" (آل عمران 112) .
إن تعبيرات القرآن عن اليهود في غاية الدقة ؛ لأن قائلها هو الله ، فلم يجد اليهود امانا في امة من الامم الا إذا اعطاهم دين من الأديان امانا ، و هذا معنى قول الله – تعالى - " وحبل من الله" ، أو اذا حالفوا قوما أقوياء و عاشوا في حمايتهم ، و هذا معنى قوله –تعالى- :"وحبل من الناس" ، فلا يدفع الذلة الى حبل من الله ، أو حبل من الناس .
وفي هذه الآية نكتة بلاغية ؛ فالله -سبحانه- عندما ذكر الذلة استثنى ، و لكنه لما ذكر المسكنة لم يستثن ؛ لأن المسكنة أمر ذاتي في نفوسهم لا يرفعه شيء ‘ فليس لهم عزة ذاتية تقابل الذلة ، بل عزتهم بحبل من الله ، أو حبل من الناس .
وكذلك تعبيرات القرآن غاية في الدقة حينما تصرفهم في البلاد التي عاشوا فيها ،فالله
- سبحانه- قال فيهم ما صدقه الواقع : " و قطعناهم في الأرض " ( الأعراف 178 ) مزقناهم شر ممزق ، فاصبحوا في كل بقعة من الأرض فئة ، وهذه الفئة كانت تعيش و كأنها أمة داخل أمة ، و لذلك قال الحق " و قطعناهم في الأرض أمما" ؛ فقد كانوا مجتمعين في البلاد التي سكنوها وسط أحياء تعرف باسمهم .
ولكن بعد أن شتتهم بنيانوس و تيطس لم تقم لهم قائمة ، إلا قليلة اتت إلى أرض العرب لأسباب كثيرة منها :
1- امنية ؛ وذلك لانهم خافوا على أنفسهم من بطش الرومان .
2- و مستقبلية ؛ لأنه يوجد في التوراة عندهم اوصاف نبي يظهر في أرض العرب ، فأتوا الى ارض العرب ظانين أن النبي صلى الله عليه وسلمسيكون منهم ، فلذلك كانوا يستفتحون على القبائل العربية في المدينة ، فكانوا يقولون : أنه سيأتي نبي ؛ لأن أدركناه ، لنقتلنكم به قتل عاد .
قال-تعالى- : " وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين" ( البقرة 89) .
وعندما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت لهم دولة ، فبعلمهم بالكتاب اخذوا الريادة الفكرية ، و بشغلهم بالدنيا المال أخذوا الزعامة الاقتصادية ، و كانت لهم سلطة سياسية ؛ لأنهم ورثوا العداوة و البغضاء بين الأوس و الخزرج .
و هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلمالى المدينة ، وكان اليهود قد استاثروا بخيرها ، وفرقوا اهلها ، وأوقدوا نار الحرب بينهم ن واشعلوا العداوة القاتلة في صفوفهم كلما خبا لهيبها ، فكانت الحروب قائمة على قدم و ساق ، فاستبدوا و كانت لهم مراكز السيطرة ، ومناطق النفوذ .
فلما وصل رسول الله صلى الله عليه وسلم الى المدينة ظهر حقدهم فانقلب فرحهم ترحا ، و قوتهم ضعفا ، و سلطانهم ذلا و كان ينبغي ان يستبله اليهود بالإيمان ، لان الله جعل كلام اهل الكتاب حجة يواجه بها الرسول صلى الله عليه وسلم المشركين : ( ويقول الذين كفروا لست مرسلا قل كفى بالله شهيدا بيني و بينكم و من عنده علم الكتاب ) " الرعد 43" .
و من العجب : انهم كانوا يستفتحون على الذين كفروا ... قالوا كلامهم .
وحماقتهم : انهم قالوه ؛ لأنهم لم يفيدوا منه بل أفاد منه قوم آخرون – و هم الأوس و الخزرج – قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا : الرسول الذي توعدتكم به يهود ؛ فلنسبقهم الى الايمان به ...... إذن لا يعلم جنود ربك الى هو .... حتى الكافرين قد يكونون من جند الله و هم لا يعلمون .... وهذه غفلة من أعداء الله ؛ لينتصر عباد الله .
و لم يعتد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن أحفاد الغدر و ارباب الخديعة نابذوه ، وحاولوا قتله، ونقضوا عهده ، و ألبوا القبائل ضده ، وبلغ الفساد ذروته بقولهم الفساد : إن عبادة الأوثان خير من دين التوحيد ، والسجود للأصنام اعز من السجود لله ؛ فبلغ السيل الزبا ، واستشرى فسادهم ، واعتدوا على عورات المسلمين ، وخانوا رسول الله في مواضع الحرج و الضيق ؛ كما قال-تعالى- :( الم ترى الى الذين اوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت و الطاغوت و يقولون للذين كفروا هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلا أولائك الذين لعنهم الله و من يلعن الله فلن تجد له نصيرا ام لهم نصيب من الملك فإذا لا يؤتون الناس نقيرا أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله فقد آتينا
آل ابراهيم الكتاب والحكمة و آتيناهم ملكا عظيما ) " النساء 51-54 " .
فما كان من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا ان جهز الجيوش و جاس خلال الديار ، فشتت شملهم ، ونكل بهم ، فاضمحلت قوتهم ، وفروا من جزيرة العرب خوفا من العطب ، وقضى على بقاياهم في جزيرة العرب الخليفة العادل عملاق الإسلام عمر ابن الخطاب – رضي الله عنه - ،طردهم من خيبر ؛ تنفيذا لوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم فطهر أرض الإسلام من الرجس و النجس .
إذا ؛ فالافساد الأول وقع في عهد النبوة بدليل قوله – تعالى- مخاطبا اليهود : ( وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا غنما نحن مصلحون) " البقرة 11 " ، وقد اضطر رسول الله إلى تأديبهم ، ومعاقبتهم ، وإخراجهم من ديارهم ، واستئصال شأفتهم وفاقا لما جاء في فواتح سورة الإسراء : ( فجاسوا خلال الديار و كان وعدا مفعولا ) ؛ كما ورد في قوله – تعالى- : ( هو الذي أخرج الذين كفروا من اهل الكتاب من ديارهم لأول الحشر) " الحشر 2" و قوله : ( و انزل الذين ظاهروهم من اهل الكتاب من صياصيهم و قذف في قلوبهم الرعب) " الأحزاب 26 " .
وبهذا التاديب النبوي انقطع حبل الله عنهم ، فضربوا في الأرض بحثا عن قوم أقوياء يحالفونهم ؛ ليعيشوا في حمايتهم .... وهذا ما سنراه - إن شاء الله - في السطور القادمة .
و بهذا التفصيل تاتي الآيات منسجمة مع الأحداث التأريخية ؛ لان القرآن حينما يخبر يأتي الواقع التاـريخي حسب ما اخبر؛ لأن واقع الحياة يعلمه الحق ، و قائل الكلام هو الحق ؛ فلا تضارب و لا تعارض أبدا ، فالأخبار بـ ( إذا ) التي تفيد الظرفية و الشرطية في المستقبل تاكدت دلالته ، والذين جاسوا خلال الديار هم محمد صلى الله عليه وسلم وجنده المؤمنون المخلصون ، فانعم بهم من عباد لذي الجلال و الاكرام – سبحانه و تعالى- ؛ فصح وصفهم بـ ( عبادا لنا ) .
إن اكبر خدمة نقدمها للقضية الفلسطينية -في تصوري- هي اعادتها الى فضائها الإسلامي الواسع والتعامل معها على انها المسؤولية المشتركة بين جميع المسلمين على ان نتجاوز في تحركاتنا مسألة التفاعل السلبي وردود الافعال الى عملية طويلة وشاقة من إعادة بناء المقدرات وانتخاب الكفاءات التي تأتمنها الشعوب على اهدافها ولن يتأتى ذلك الا من خلال شحذ الهمم وتوجيه الطاقات لاصلاح نظم التعليم ومناهج التربية وسياسات الاعلام والسعي الى ايجاد البديل الحظاري الملائم من خلال تبصير الأمة بحقيقتها والغاية من وجودها ودعوتها للرجوع الى دينها على الصعيد الفردي والجماعي بجميع صوره ومظاهره واما على الصعيد الدولي فمن خلال إحياء فكرة السوق الاسلامية المشتركة التي اثارها يوما الزعيم السياسي التركي (اربكان) مع محاولة ايجاد تكتل عالمي مناهض للاستعمار توفر له كافة الوسائل الدبلوماسية والتمويلية والعسكرية ليشكل بديلا عمليا للامم المتحدة ومجلس الأمن ومساهمة مني في تقريب بعض المفاهيم ورسم تصور صحيح لطبيعة الصراع مع اليهود ذكرت كلاما مهما لفضيلة الشيخ المحدث سليم الهلالي في مقدمة كتابه حول الجماعات الإسلامية فخلصت إليه وقمت بنسخه على عجل لأزفه إليكم عسى أن يسهم في ردم شئ من الهوة الواسعة بين أبناء الإسلام والتي أعتقد جازما أنها أضحت أكبر عائق بين الأمة وغايتها فلتتفضلوه مشكورين :
الافساد الأول :
اليهود قوم اجتمعت فيهم عناصر تقنع الناس بأنهم أعداء للبشرية بأسرها, لأنهم يمثلون قمة التحريف في دين الله ، وزعموا : أنهم سادة البشر و من دونهم عبيد ، و هذا فحوى عقيدة شعب الله المختار .
فما من دولة أو أمة إلا أخرجتهم حينما كشفت فسادهم و حسدهم و ضغنهم و من شاء ان يعرف مستقبلهم مع الاسلام و مع الدنيا جميعا ، فليتدبر قول رب العزة " و إذ تأدن ربك ليبعثن عليهم إلى يوم القيامة من يسومهم سوء العذاب " ( الأعراف 167) .
و ما عاشوا في أمة من الأمم إلا و كانوا منبوذين في اماكن و أحياء تعرف بأسمائهم ؛كما قال – تعالى- " ضربت عليهم الذلة أين ما ثقفوا إلا بحرب من الله و حبل من الناس و باؤا بغضب من الله و ضربت عليهم المسكنة" (آل عمران 112) .
إن تعبيرات القرآن عن اليهود في غاية الدقة ؛ لأن قائلها هو الله ، فلم يجد اليهود امانا في امة من الامم الا إذا اعطاهم دين من الأديان امانا ، و هذا معنى قول الله – تعالى - " وحبل من الله" ، أو اذا حالفوا قوما أقوياء و عاشوا في حمايتهم ، و هذا معنى قوله –تعالى- :"وحبل من الناس" ، فلا يدفع الذلة الى حبل من الله ، أو حبل من الناس .
وفي هذه الآية نكتة بلاغية ؛ فالله -سبحانه- عندما ذكر الذلة استثنى ، و لكنه لما ذكر المسكنة لم يستثن ؛ لأن المسكنة أمر ذاتي في نفوسهم لا يرفعه شيء ‘ فليس لهم عزة ذاتية تقابل الذلة ، بل عزتهم بحبل من الله ، أو حبل من الناس .
وكذلك تعبيرات القرآن غاية في الدقة حينما تصرفهم في البلاد التي عاشوا فيها ،فالله
- سبحانه- قال فيهم ما صدقه الواقع : " و قطعناهم في الأرض " ( الأعراف 178 ) مزقناهم شر ممزق ، فاصبحوا في كل بقعة من الأرض فئة ، وهذه الفئة كانت تعيش و كأنها أمة داخل أمة ، و لذلك قال الحق " و قطعناهم في الأرض أمما" ؛ فقد كانوا مجتمعين في البلاد التي سكنوها وسط أحياء تعرف باسمهم .
ولكن بعد أن شتتهم بنيانوس و تيطس لم تقم لهم قائمة ، إلا قليلة اتت إلى أرض العرب لأسباب كثيرة منها :
1- امنية ؛ وذلك لانهم خافوا على أنفسهم من بطش الرومان .
2- و مستقبلية ؛ لأنه يوجد في التوراة عندهم اوصاف نبي يظهر في أرض العرب ، فأتوا الى ارض العرب ظانين أن النبي صلى الله عليه وسلمسيكون منهم ، فلذلك كانوا يستفتحون على القبائل العربية في المدينة ، فكانوا يقولون : أنه سيأتي نبي ؛ لأن أدركناه ، لنقتلنكم به قتل عاد .
قال-تعالى- : " وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين" ( البقرة 89) .
وعندما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت لهم دولة ، فبعلمهم بالكتاب اخذوا الريادة الفكرية ، و بشغلهم بالدنيا المال أخذوا الزعامة الاقتصادية ، و كانت لهم سلطة سياسية ؛ لأنهم ورثوا العداوة و البغضاء بين الأوس و الخزرج .
و هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلمالى المدينة ، وكان اليهود قد استاثروا بخيرها ، وفرقوا اهلها ، وأوقدوا نار الحرب بينهم ن واشعلوا العداوة القاتلة في صفوفهم كلما خبا لهيبها ، فكانت الحروب قائمة على قدم و ساق ، فاستبدوا و كانت لهم مراكز السيطرة ، ومناطق النفوذ .
فلما وصل رسول الله صلى الله عليه وسلم الى المدينة ظهر حقدهم فانقلب فرحهم ترحا ، و قوتهم ضعفا ، و سلطانهم ذلا و كان ينبغي ان يستبله اليهود بالإيمان ، لان الله جعل كلام اهل الكتاب حجة يواجه بها الرسول صلى الله عليه وسلم المشركين : ( ويقول الذين كفروا لست مرسلا قل كفى بالله شهيدا بيني و بينكم و من عنده علم الكتاب ) " الرعد 43" .
و من العجب : انهم كانوا يستفتحون على الذين كفروا ... قالوا كلامهم .
وحماقتهم : انهم قالوه ؛ لأنهم لم يفيدوا منه بل أفاد منه قوم آخرون – و هم الأوس و الخزرج – قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا : الرسول الذي توعدتكم به يهود ؛ فلنسبقهم الى الايمان به ...... إذن لا يعلم جنود ربك الى هو .... حتى الكافرين قد يكونون من جند الله و هم لا يعلمون .... وهذه غفلة من أعداء الله ؛ لينتصر عباد الله .
و لم يعتد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن أحفاد الغدر و ارباب الخديعة نابذوه ، وحاولوا قتله، ونقضوا عهده ، و ألبوا القبائل ضده ، وبلغ الفساد ذروته بقولهم الفساد : إن عبادة الأوثان خير من دين التوحيد ، والسجود للأصنام اعز من السجود لله ؛ فبلغ السيل الزبا ، واستشرى فسادهم ، واعتدوا على عورات المسلمين ، وخانوا رسول الله في مواضع الحرج و الضيق ؛ كما قال-تعالى- :( الم ترى الى الذين اوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت و الطاغوت و يقولون للذين كفروا هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلا أولائك الذين لعنهم الله و من يلعن الله فلن تجد له نصيرا ام لهم نصيب من الملك فإذا لا يؤتون الناس نقيرا أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله فقد آتينا
آل ابراهيم الكتاب والحكمة و آتيناهم ملكا عظيما ) " النساء 51-54 " .
فما كان من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا ان جهز الجيوش و جاس خلال الديار ، فشتت شملهم ، ونكل بهم ، فاضمحلت قوتهم ، وفروا من جزيرة العرب خوفا من العطب ، وقضى على بقاياهم في جزيرة العرب الخليفة العادل عملاق الإسلام عمر ابن الخطاب – رضي الله عنه - ،طردهم من خيبر ؛ تنفيذا لوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم فطهر أرض الإسلام من الرجس و النجس .
إذا ؛ فالافساد الأول وقع في عهد النبوة بدليل قوله – تعالى- مخاطبا اليهود : ( وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا غنما نحن مصلحون) " البقرة 11 " ، وقد اضطر رسول الله إلى تأديبهم ، ومعاقبتهم ، وإخراجهم من ديارهم ، واستئصال شأفتهم وفاقا لما جاء في فواتح سورة الإسراء : ( فجاسوا خلال الديار و كان وعدا مفعولا ) ؛ كما ورد في قوله – تعالى- : ( هو الذي أخرج الذين كفروا من اهل الكتاب من ديارهم لأول الحشر) " الحشر 2" و قوله : ( و انزل الذين ظاهروهم من اهل الكتاب من صياصيهم و قذف في قلوبهم الرعب) " الأحزاب 26 " .
وبهذا التاديب النبوي انقطع حبل الله عنهم ، فضربوا في الأرض بحثا عن قوم أقوياء يحالفونهم ؛ ليعيشوا في حمايتهم .... وهذا ما سنراه - إن شاء الله - في السطور القادمة .
و بهذا التفصيل تاتي الآيات منسجمة مع الأحداث التأريخية ؛ لان القرآن حينما يخبر يأتي الواقع التاـريخي حسب ما اخبر؛ لأن واقع الحياة يعلمه الحق ، و قائل الكلام هو الحق ؛ فلا تضارب و لا تعارض أبدا ، فالأخبار بـ ( إذا ) التي تفيد الظرفية و الشرطية في المستقبل تاكدت دلالته ، والذين جاسوا خلال الديار هم محمد صلى الله عليه وسلم وجنده المؤمنون المخلصون ، فانعم بهم من عباد لذي الجلال و الاكرام – سبحانه و تعالى- ؛ فصح وصفهم بـ ( عبادا لنا ) .