ابو عبد الصمد14
2012-05-25, 18:53
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.
أما بعد:
فإن هذه القواعد الأربع تتعلق بتصحيح الاعتقاد وستأتي مفصلة ومبينة في هذه الرسالة القيمة للشيخ/ محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله-.
[1] ابتدأها المصنف -رحمه الله- بالدعاء([1] (http://www.djelfa.info/vb/#_ftn1)) والتضرع إلى الله T لقارئها وسامعها ولكل من يطَّلع عليها, وهذه طريقة المؤلفين القدامى -رحمهم الله- لمعرفتهم بحاجة العبد إلى الله T وإلى رحمته ومغفرته وإلى عنايته به ورعايته له، فقدم الرسالة بِهذا الدعاء الكريم؛ لأن الإنسان إذا أعطاه الله T من نعم الدين والدنيا فشكر الله عليها كان خيرًا له، أو ابتلاه فصبر كان خيرًا له كذلك، أو وقع في الذنوب -ولابد أن يقع- فاستغفر غفر الله =
اعلم [1] -أرشدك الله لطاعته-[2].
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= له، ومن دون شك أن الله إذا جمع للعبد بين هذه الأمور فقد منحه السعادة والحياة الطيبة المباركة في حياة العمل وفي دار الجزاء على العمل فضلاً منه ورحمة وهو T ذو الفضل العظيم.
لهذا قال المؤلف: "فإن هؤلاء الثلاث". يعنِي: من إذا أعطي شكر، وإذا ابتلي صبر، وإذا أذنب استغفر, عنوان السعادة, فالشكر عند النعمة، والصبر عند الابتلاء، والاستغفار في كل حال لاسيما عند الذنوب والتوبة منها، فهذه الثلاث عنوان السعادة وعنوان الحياة الطيبة المباركة كما أسلفت قريبًا.
وبعد هذا شرع المؤلف في الموضوع مبتدئًا بتنبيه القارئ بالفعل الذي يدل على التنبيه وهو:
[1] "اعلم": وهو خطاب عام لكل مسلم ومسلمة تنبيهًا لهم و إيقاظًا لهممهم ليستعدوا لما سيأتي من التوجيهات الكريمة والوصايا العظيمة، ثُمَّ أعقب التنبيه بالدعاء، وما أحوج الإنسان إلى الدعاء لنفسه دعاء الغير له لاسيما بظهر الغيب فكم فيه من فضل ورجاء. قال ج: $من دعا لأخيه بظهر الغيب قال الملك الموكل به آمين ولك بِمثله#([2] (http://www.djelfa.info/vb/#_ftn2)).
[2] ومعنى: "أرشدك الله لطاعته" أي: ألهمك طاعته بالرشد والاعتصام بِها لأن من ألهمه الله رشده فقد فاز فوزًا عظيمًا، وطاعة رسوله -عليه الصلاة والسلام- طاعة لله كما في قوله T: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إلاَّ لِيُطَاعَ =
أن الحنيفية ملة إبراهيم هي أن تعبد الله وحده مخلصًا له الدين[1].
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
=بِإِذْنِ اللَّهِ﴾ [النساء: من الآية64] وأمر الله بطاعته وطاعة رسوله وطاعة ولي الأمر المسلم في آية واحدة حيث قال I: ﴿يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ﴾ [النساء: من الآية 59].
ثُمَّ بيَّن المؤلف -رحمه الله-:
[1] "أن الحنيفية" أي: الملة السمحة "ملة إبراهيم" u: "هي أن تعبد الله وحده مخلصًا له الدين" أي: إذا سئلت ما هي الحنيفية([3] (http://www.djelfa.info/vb/#_ftn3)) ملة إبراهيم u؟
فيكون الجواب: هي عبادة الله وحده بصدق وإخلاص وصواب([4] (http://www.djelfa.info/vb/#_ftn4)) كما=
كما قال تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الجِنَّ وَالإنْسَ إلاَّ لِيَعْبُدُونِ﴾[1] [الذاريات: 56].
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
=قال الله T: ﴿قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ﴾ [الزمر:11].
إذن: فلابد أن تتوفر في العبادة الشرطان المعلومان بالاستقراء وهما:
1- أن تكون العبادة صوابًا حتى تسمى عبادة شرعية فإن لَم تكن صوابًا لاتسمى عبادة شرعية يترتب عليها الثواب.
2- وأن يكون العابد مخلصًا بأن يرجو بعمله وجه الله والدار الآخرة.
فإذا اجتمع الشرطان في عبادة مشروعة مالية أو بدنية أو هما معًا فالعبادة مقبولة لأن صاحبها من أهل التقوى الذين قال الله في حقهم: ﴿إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ المُتَّقِينَ﴾ [المائدة: من الآية 27].
وحيث إن قواعد العقيدة ثابتة بأدلة الكتاب والسنة؛ بصريح المنقول وصحيح المعقول أورد المؤلف -رحمه الله-:
[1] قوله T: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الجِنَّ وَالإِنْسَ إلاَّ لِيَعْبُدُونِ﴾، فإن هذه الآية بين الله فيها الحكمة من خلق الإنس والجن، ألا وهي العبادة بما تحمل كلمة العبادة من معنى، ومعنى: ﴿إلاَّ لِيَعْبُدُونِ﴾. أي: يوحدون الله -عز شأنه-.
فإذا وجد التوحيد فهو مفتاح لقبول الطاعات كلها إذا توفرت شروطها وانتفت موانعها.
وجاءت الآية بأسلوب الحصر والقصر، بمعنى أن العبادة خاصة بالله T لا يتوجَّه بِها إلى سواه، وهو شامل لجميع أنواع العبادات الظاهرة والباطنة كما أسلفت. =
[/URL]([1]) الدعاء على أربعة أوجه:
! أن يدعو الإنسان لنفسه. ! أن يدعو لغيره.
! أن يدعو لنفسه ولغيره بضمير الجمع. ! أن يدعو لنفسه ولغيره فيبدأ بنفسه ثُمَّ لغيره.
ومن هذا الوجه جاءت الأدعية في آيات القرآن الكريم, منها قول الله تعالى: ﴿رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيْمَانِ﴾ الآية. فليس من آداب الدعاء أن يدعو الإنسان لغيره ثُمَّ يدعو لنفسه ولذا تعقب العلماء ابن الصلاح لَمَّا قال في مقدمته: اعلم علمك الله وإياي. فكان ينبغي أن يقول: علمني الله وإياك. معجم المناهي اللفظية (ص108).
(http://www.djelfa.info/vb/#_ftnref1)([2]) أخرجه مسلم 4(/2094). والبيهقي في السنن الكبرى (3/353)..
([3]) قال ابن جرير الطبري -رحمه الله-: "فقد صح إذن أن الحنيفية ليست الختان وحده، ولا حج البيت وحده ولكنه هو ما وصفنا: من الاستقامة على ملة إبراهيم والائتمام به فيها.
فإن قال قائل: أوما كان من كان قبل إبراهيم ج من الأنبياء وأتباعهم، مستقيمين على ما أمروا به من طاعة الله استقامة إبراهيم وأتباعه ؟ قيل: بلى.
فإن قال: فكيف أضيف "الحنيفية" إلى إبراهيم وأتباعه على ملته خاصة دون سائر الأنبياء قبله وأتباعهم ؟
قيل: إن كل من كان قبل إبراهيم من الأنبياء كان حنيفًا متبعًا طاعة الله ولكن الله -تعالى ذكره- لَم يجعل أحدًا منهم إمامًا لمن بعده من عباده إلى قيام الساعة، كالذي فعل من ذلك بإبراهيم فجعله إمامًا فيما بيّنه من مناسك الحج والختان، وغير ذلك من شرائع الإسلام تعبدًا به أبدًا إلى قيام الساعة، وجعل ما سنَّ من ذلك علمًا مميزًا بين مؤمني عباده وكفارهم والمطيع منهم له والعاصي، فسمي الحنيف من الناس حنيفًا باتباعه ملته واستقامته على هديه ومنهجه وسمي الضال عن ملته بسائر أسماء الملل فقيل: يهودي ونصراني ومجوسي، وغير ذلك من صنوف الملل". تفسير الطبري (1/617).
[URL="http://www.djelfa.info/vb/#_ftnref4"] (http://www.djelfa.info/vb/#_ftnref3)([4]) كما قال الفضيل بن عياض -رحمه الله-: " أحسن عملاً: أخلصه وأصوبه".
أما بعد:
فإن هذه القواعد الأربع تتعلق بتصحيح الاعتقاد وستأتي مفصلة ومبينة في هذه الرسالة القيمة للشيخ/ محمد بن عبد الوهاب -رحمه الله-.
[1] ابتدأها المصنف -رحمه الله- بالدعاء([1] (http://www.djelfa.info/vb/#_ftn1)) والتضرع إلى الله T لقارئها وسامعها ولكل من يطَّلع عليها, وهذه طريقة المؤلفين القدامى -رحمهم الله- لمعرفتهم بحاجة العبد إلى الله T وإلى رحمته ومغفرته وإلى عنايته به ورعايته له، فقدم الرسالة بِهذا الدعاء الكريم؛ لأن الإنسان إذا أعطاه الله T من نعم الدين والدنيا فشكر الله عليها كان خيرًا له، أو ابتلاه فصبر كان خيرًا له كذلك، أو وقع في الذنوب -ولابد أن يقع- فاستغفر غفر الله =
اعلم [1] -أرشدك الله لطاعته-[2].
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
= له، ومن دون شك أن الله إذا جمع للعبد بين هذه الأمور فقد منحه السعادة والحياة الطيبة المباركة في حياة العمل وفي دار الجزاء على العمل فضلاً منه ورحمة وهو T ذو الفضل العظيم.
لهذا قال المؤلف: "فإن هؤلاء الثلاث". يعنِي: من إذا أعطي شكر، وإذا ابتلي صبر، وإذا أذنب استغفر, عنوان السعادة, فالشكر عند النعمة، والصبر عند الابتلاء، والاستغفار في كل حال لاسيما عند الذنوب والتوبة منها، فهذه الثلاث عنوان السعادة وعنوان الحياة الطيبة المباركة كما أسلفت قريبًا.
وبعد هذا شرع المؤلف في الموضوع مبتدئًا بتنبيه القارئ بالفعل الذي يدل على التنبيه وهو:
[1] "اعلم": وهو خطاب عام لكل مسلم ومسلمة تنبيهًا لهم و إيقاظًا لهممهم ليستعدوا لما سيأتي من التوجيهات الكريمة والوصايا العظيمة، ثُمَّ أعقب التنبيه بالدعاء، وما أحوج الإنسان إلى الدعاء لنفسه دعاء الغير له لاسيما بظهر الغيب فكم فيه من فضل ورجاء. قال ج: $من دعا لأخيه بظهر الغيب قال الملك الموكل به آمين ولك بِمثله#([2] (http://www.djelfa.info/vb/#_ftn2)).
[2] ومعنى: "أرشدك الله لطاعته" أي: ألهمك طاعته بالرشد والاعتصام بِها لأن من ألهمه الله رشده فقد فاز فوزًا عظيمًا، وطاعة رسوله -عليه الصلاة والسلام- طاعة لله كما في قوله T: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إلاَّ لِيُطَاعَ =
أن الحنيفية ملة إبراهيم هي أن تعبد الله وحده مخلصًا له الدين[1].
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
=بِإِذْنِ اللَّهِ﴾ [النساء: من الآية64] وأمر الله بطاعته وطاعة رسوله وطاعة ولي الأمر المسلم في آية واحدة حيث قال I: ﴿يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ﴾ [النساء: من الآية 59].
ثُمَّ بيَّن المؤلف -رحمه الله-:
[1] "أن الحنيفية" أي: الملة السمحة "ملة إبراهيم" u: "هي أن تعبد الله وحده مخلصًا له الدين" أي: إذا سئلت ما هي الحنيفية([3] (http://www.djelfa.info/vb/#_ftn3)) ملة إبراهيم u؟
فيكون الجواب: هي عبادة الله وحده بصدق وإخلاص وصواب([4] (http://www.djelfa.info/vb/#_ftn4)) كما=
كما قال تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الجِنَّ وَالإنْسَ إلاَّ لِيَعْبُدُونِ﴾[1] [الذاريات: 56].
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
=قال الله T: ﴿قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ﴾ [الزمر:11].
إذن: فلابد أن تتوفر في العبادة الشرطان المعلومان بالاستقراء وهما:
1- أن تكون العبادة صوابًا حتى تسمى عبادة شرعية فإن لَم تكن صوابًا لاتسمى عبادة شرعية يترتب عليها الثواب.
2- وأن يكون العابد مخلصًا بأن يرجو بعمله وجه الله والدار الآخرة.
فإذا اجتمع الشرطان في عبادة مشروعة مالية أو بدنية أو هما معًا فالعبادة مقبولة لأن صاحبها من أهل التقوى الذين قال الله في حقهم: ﴿إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ المُتَّقِينَ﴾ [المائدة: من الآية 27].
وحيث إن قواعد العقيدة ثابتة بأدلة الكتاب والسنة؛ بصريح المنقول وصحيح المعقول أورد المؤلف -رحمه الله-:
[1] قوله T: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الجِنَّ وَالإِنْسَ إلاَّ لِيَعْبُدُونِ﴾، فإن هذه الآية بين الله فيها الحكمة من خلق الإنس والجن، ألا وهي العبادة بما تحمل كلمة العبادة من معنى، ومعنى: ﴿إلاَّ لِيَعْبُدُونِ﴾. أي: يوحدون الله -عز شأنه-.
فإذا وجد التوحيد فهو مفتاح لقبول الطاعات كلها إذا توفرت شروطها وانتفت موانعها.
وجاءت الآية بأسلوب الحصر والقصر، بمعنى أن العبادة خاصة بالله T لا يتوجَّه بِها إلى سواه، وهو شامل لجميع أنواع العبادات الظاهرة والباطنة كما أسلفت. =
[/URL]([1]) الدعاء على أربعة أوجه:
! أن يدعو الإنسان لنفسه. ! أن يدعو لغيره.
! أن يدعو لنفسه ولغيره بضمير الجمع. ! أن يدعو لنفسه ولغيره فيبدأ بنفسه ثُمَّ لغيره.
ومن هذا الوجه جاءت الأدعية في آيات القرآن الكريم, منها قول الله تعالى: ﴿رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيْمَانِ﴾ الآية. فليس من آداب الدعاء أن يدعو الإنسان لغيره ثُمَّ يدعو لنفسه ولذا تعقب العلماء ابن الصلاح لَمَّا قال في مقدمته: اعلم علمك الله وإياي. فكان ينبغي أن يقول: علمني الله وإياك. معجم المناهي اللفظية (ص108).
(http://www.djelfa.info/vb/#_ftnref1)([2]) أخرجه مسلم 4(/2094). والبيهقي في السنن الكبرى (3/353)..
([3]) قال ابن جرير الطبري -رحمه الله-: "فقد صح إذن أن الحنيفية ليست الختان وحده، ولا حج البيت وحده ولكنه هو ما وصفنا: من الاستقامة على ملة إبراهيم والائتمام به فيها.
فإن قال قائل: أوما كان من كان قبل إبراهيم ج من الأنبياء وأتباعهم، مستقيمين على ما أمروا به من طاعة الله استقامة إبراهيم وأتباعه ؟ قيل: بلى.
فإن قال: فكيف أضيف "الحنيفية" إلى إبراهيم وأتباعه على ملته خاصة دون سائر الأنبياء قبله وأتباعهم ؟
قيل: إن كل من كان قبل إبراهيم من الأنبياء كان حنيفًا متبعًا طاعة الله ولكن الله -تعالى ذكره- لَم يجعل أحدًا منهم إمامًا لمن بعده من عباده إلى قيام الساعة، كالذي فعل من ذلك بإبراهيم فجعله إمامًا فيما بيّنه من مناسك الحج والختان، وغير ذلك من شرائع الإسلام تعبدًا به أبدًا إلى قيام الساعة، وجعل ما سنَّ من ذلك علمًا مميزًا بين مؤمني عباده وكفارهم والمطيع منهم له والعاصي، فسمي الحنيف من الناس حنيفًا باتباعه ملته واستقامته على هديه ومنهجه وسمي الضال عن ملته بسائر أسماء الملل فقيل: يهودي ونصراني ومجوسي، وغير ذلك من صنوف الملل". تفسير الطبري (1/617).
[URL="http://www.djelfa.info/vb/#_ftnref4"] (http://www.djelfa.info/vb/#_ftnref3)([4]) كما قال الفضيل بن عياض -رحمه الله-: " أحسن عملاً: أخلصه وأصوبه".