تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : نصيحة لمن يخوضون في أعراض العلماء وولاة الأمور


سنيقرة سناقرية
2009-01-23, 11:14
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بســـــم الله الرحــــمن الرحـــــيم

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ



السؤال: في بعض المجالس يخوض بعض الناس في كثير


من طلــبة العـــلم والعلـــماء ، يجرحون ويعدلون ! فنريد


نصيحة لهـؤلاء لكي يشتغلوا بما ينفعهم؟


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ



الجـــــــــــــــواب



من المعلوم أن الغيبة من كبائر الـذنوب ، والغيبة: ذكرك


أخاك بما يكره، هكذا فسرها النــبي صلى الله عليه وسلم،




وقـد حــذر الله عنها في كتابه بأبلغ تحذير فقال جل وعلا:


( وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيـــهِ





مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ )الحجرات


من الذي يقدم له لحم أخيه ميتاً فيأكله؟ لا أحد يأكله ،كلٌ




يكرهه ،وهذا تمثيلٌ يستفاد منه غاية التحذير من الغيبه،


و إذا كـــانت الغيبة في ولاة الأمور من العلماء أو الأمراء





كانت أشد وأشد ؛ لأن غيبة العلماء يحصل بها انتقاصهم،


وإذا انتـقص الناس علماءهم لم ينتفعوا من علمهم بشيء




فتضــيع الشريعة ، وإذا لم ينتفع الناس بعلم العلماء فبماذا


ينتفعون ؟ أبجهل الجهال ؟أم بضلالة الضلال؟ ولهذا نعتبر





الــذي يغــتاب العلماء قد جنى على الشريعة أولاً ، ثم على


هـــؤلاء العـــلــماء ثانياً ، ووجه الجنــاية على الشــــريعة





مـا ذكــرته أنه يستلزم عدم قبول ما تكلم به هؤلاء العلماء


من شـــريعة الله ؛ لأنهم قد نقص قدرهم وسقطوا من أعين




النــاس فلا يمكـــن أن ينتــفعوا بعلمــه ، وأما كونه غيبـةً


للشخــــــــــص فهــــــــذا واضـــــــــــح.




ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

يتــــــــبع بــــــإذن الله

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

سنيقرة سناقرية
2009-01-23, 11:15
أما الأمراء فغيبتهم أيضاً أشد من غيبة غيرهــم ؛ لأنـها


تتضمن الغيبة الشخصية التي هي من كبائر الذنــــوب ،



و تتضمن التمرد على الأمراء وولاة الأمور؛ لأن النـاس


إذا كرهوا شخصاً لم يستجيبوا لتوجيهاته ولا لأوامره بل



يضادونه ويناوئونه فيحصل بهذا شر عظيم لأن قــــلوب


الرعية إذا امتلأت حقداً وبغضاً لــــولاة الأمـــور انفلـــت



الزمام ، وحل الخوف بدل الأمان، وهذا شيء مشـــــاهــد


ومجرب . ولهذا نرى أن الواجب على عامة الناس وعلى



طلبـــة العلم بالأخص إذا سمعوا عن عالمٍ ما لا يـــرونــه


حقــاً أن يتثبتوا أولاً من صحة نسبته لهذا العالم ، كم من



أناس نسبوا إلى العلماء ما لم يقولوه ! ثم إذا ثبت عــنده


أنه قالــه يجب عليه من بـــاب النصــيــحة لله عـــز وجل



ولكتــابه ولــرسوله ولأئمة المسلميــن أن يتــصل بهــــذا


العــالم يقــــول : بلغني عنك كذا وكذا ، فهل هذا صحيح ؟



فإما أن ينكر و حينئذٍ نــطالب من نقل عنه هــــذا القـــول


بالبـينة ، وإما أن يقر فإذا أقر أبين له وجهة نظري،أقول:



هــذا القـول الذي قــلته غير صحيح ، فإما أن يقنعني وإما


أن أقــنعه ، وإما أن يكون لكلٍ منا وجهٌ فيما قال ، فيكون



هــو معذوراً باجــتهاده وأنا معذورٌ باجتهادي وليــــس أن


أتكلم في عــرضه ؛ لأنني لو استبحت لنفسي أن أتكلم في



عـــرضه لكــنت أبحت له أن يتكلم هو أيضاً في عرضـــي


وحينئذٍ يحصل التنافر والعداوة والبغضاء.



ـــــــــــــــــــــــــــــــ

يتبـــــع بـــــــــإذن الله

ــــــــــــــــــــــــــــــــ

سنيقرة سناقرية
2009-01-23, 11:16
ما الأمراء فهم الأمر الثاني أيضاً،فالكلام في الأمراء كثير


وتعرفون ذلك ، أضرب لكم مثلاً سهلاً : إذا أمر ولي الأمر



بشخص أن يؤدب تأديباً شرعياً يستحقه شرعــاً فهل هذا


الـمؤدب مع ضعف الإيمان في عصرنا هـــــــل سيقبل هذا



الأدب ويرى أنه حق؟أم يرى أنه ظلم وأن هذا الأمير معتدٍ


عليه ؟ الثاني : هذا الواقع ، يعني : لسنا في عصر كعصر



الصحابة يأتي الرجل يقول: يا رســول الله! زنيت طهرني .


فإذا أمر ولي الأمر أن يؤدب هـــذا الرجل صار يشيع -كما



قـال بعض العلماء عن شـخصٍ أشاع عنه قضــية معــينة


فيما سلف،قال :إنك شخصٌ تذيع الشكية وتكتم القضية -



ويشكي الناس أنه مظلوم وأن هذا -أي: ولي الأمر- ظالم


وما أشبه ذلك.إذاً: غيبة ولاة الأمور تتضمن محــذورين:



المحذور الأول :أنها غيبة رجل مسلم .والمحذور الثاني :


أنهـا تســتلزم إيغار الصدور على الأمراء وولاة أمــورهم



وكراهتهم وبغضهم وعدم الانصياع لأمرهم؛وحينئذ ينفلت


زمام الأمان، ولهذا ما نرى من المنشورات التي تنشر في



ســب ولاة الأمور أو الحكومة نـــرى أن هــذا محرم وأنه


لا يجوز للإنسان أن ينـشرها ؛ لأنه إذا نشرها معناه أنها



غيبةٌ لإنسان لا نستفــيد من نشرها بالنــسبة إليه شيئاً ،


لا نستفيد إلا أن القلوب تبغضـهم وتكرههم، لكن هل هذا



سيحسن من الوضع إذا كــان الوضع سيئاً ؟ أبداً.فلا يزيد


الأمــر إلا شدة ، فنـــرى أن نشـر مثل هذه المنشورات أن



الإنسان آثمٌ بها ؛ لأنه غيبة بلا شك،وأنه يوجب أن تكره


الرعية رعاتها وتبغضهم ويحصل بهذا مفسدة عظيمة.



ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

يتبــــــــــع بإذن الله

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

سنيقرة سناقرية
2009-01-23, 11:17
وحتى لو فرضنا صـحة ما جاء في هذه المنشورات ، مــع


أننـا لا ندري هل هو صحيح أو أنه كما قـــال عليه الصلاة



والسلام ( إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته،وإن لم يكن فيه


ما تقول فقد بهته)لكن على تسليم أنه صحيح وأنه صدق



هل يحل لنا نشره وهو غيبة ؛لأن الغيبة ( ذكرك أخاك بما


يكــره ) ؟ ثم إننا لو نعلم أن هذا المنشور حق وأنه سيحل



المشكــلة لكنــت أول من ينشر هذا وأول من يوزعه ، لكن


نعلم أنه يحتاج إلى إثبات من وجه ، ويحتاج - أيضا ً- إلى



أن ننظـــر : هل نشره من المصلحة أم من المفسدة ؟ ربما


يتـرتب على نشــره من المفسدة أعظم بكثير من نفس هذا



الخطأ ؛ ولهذا يجب على الإنسان أن يتقي الله أولاً قبـل كل


شيء ، وألا ينشر معايب الناس بدون تحقق ، وألا ينــشر



معـايب الناس إلا إذا رأى أن المصلحة في نشرها ، أما إذا


كان الأمر بالعكس فـقد أضــاف إلى مفســدة نشر معايـــب



الناس مفسدة أخرى ، و الله حسيبه ، وسوف يلقى جزاءه


عند ربه ،ونحن نتكلم بهذا عن أدلة فنقول:هل المنشورات



في مساوئ الناس ســواءً الأمــراء أو العلماء هل هي من


باب ( ذكرك أخاك بما يكره)أم لا ؟ الجواب: نعم، من باب:



( ذكرك أخاك بما يكره )وإذا كان من هذا الباب فهذه غيبة


أم غير غيبة؟غيبة من قال أنها غيبة ؟قالها الرسول صلى



الله عليه وسلم أعلم الخلق وأنصح الخلق وأصدق الخلق.



ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

يتــــــــــــبع بإذن الله

ــــــــــــــــــــــــــــ

سنيقرة سناقرية
2009-01-23, 11:18
فإذا كانت الغيبة حراماً فهل يترتب على هذه الغيـبة إصلاح


ما فسد ؟أبداً،لا يترتب عليها إصلاح ما فسد.فتبين بهذا أن



نـشر المنشورات حرام وتوزيعها حرام،وأن الذي يفعل ذلك


آثم وأنه سوف يحاسب على حسب نصوص الكتاب والسنة



لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال ( من كان يؤمن بالله


واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت ) البخاري ،وقال عليه



الصلاة والسلام ( من رأى مـن أميره شيئاً يكرهه فليصبر )


رواه البخاري،وهذا ينافي الصبر لا شك . قد يقول قائل: إن



الله تعالى قال في كتــابه ( لاَّ يُحِبُّ اللّهُ الْجَهْرَ بِالسُّــوَءِ مِنَ


الْقَوْلِ إِلاَّ مَن ظُلِمَ وَكَانَ اللّهُ سَمِيعاً عَلِيماً ) النساء، فنقول:



نعم. لكن معنى الآية الكريمة:أنه لا يجوز أن تجهر بالسوء


إلا إذا ظلـمت فتجهــر في مظلـمتــك في الشكـاية حتى تزال



مظلمتك ، فهذا معنى الآية، يعني : إذا ظلمني شخص فهو


عــاصٍ أذهب إلى أي شخص وأقول : فلان ظلمني واعتدى



عــليَّ فلا بأس بذلك ؛ ( إِلاَّ مَنْ ظُلِمَ ) ولم يقل : لايحب الله


الجهر بالسوء من القول إلا للظالم حتى نقول إنه عام ، إلا



من ظلم فله أن يجهر بالسوء مـن القول في من ظلمه؛لأنه


من طبيـعة الإنسان أنـه يتكلم مع صديقه فيما جرى له من



ظـلم إنسانٍ عليه ؛ لأن في هذا تفريجاً عنه وإزالة غم ولا


حـرج في هذا . أما أن ننشر معايب النــاس على وجه ٍنعلم



أن مفسدته أكثر بكثير من مصلحته إن كان فيه مصلحــة ،


ولا نـدري هــل يثــبت أم لا ؛ فــإن هذا لايشك إنسانٌ عاقل



عرف مصادر الشريعة ومواردها أن ذلك حرام ، فـنسأل الله


تعالى أن يقـــينا وإياكم شر الفتن ماظهر منها وما بـــطن،



وأن يصــلح ولاة أمــــورنا مــــن العـــلماء والأمراء، وأن


يصلح عامتــــــنا إنه على كل شيءٍ قدير.




ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لقاء الباب المفتوح للشيخ محمد العثيمين

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ