تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : تدرّيس آداب السلوك والحوار ... والمناعة الأخلاقية


gatboulerbah
2009-01-22, 19:01
مرحلة تدمير لبنان استمرت 30 سنة، لكن تدمير الحجر لا يهمّ أمام تدمير النفوس والأخلاق... بدأت بأول «مدماك» في مسيرة إعمار النفوس، وهذا يعتبر إنجازاً أفتخر به». هذا الكلام يلخّص ما تدأب الكاتبة اللبنانية والناشطة في حقل «تقويم سلوك الإنسان» مهى صالح ، على تطبيقه بتأسيسها أول معهد «إتيكيت تعليم الحوار» فريد من نوعه في لبنان والشرق الأوسط باسم LE Savoir Vivre .

تركز اهتمام المعهد عند تأسيسه عام 2006، على الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 7 و12 سنة. لكنّه يضم اليوم أربعة أقسام هي: قسم الأطفال وقسم المراهقين وقسم الكبار وقسم آداب السلوك المهني الخاص بالموظفين.


نسبة المهذبّين 10 في المئة!

طوّرت الكاتبة دراساتها من خلال تجارب معمّقة حيّة في عالم الإنسان ومسلكه وأثر ذلك في الحياة الاجتماعية. واعتمدت مصادر أميركية وإنكليزية وفرنسية أضافت اليها الكثير من تجاربها العملية : «انصبّت دراساتي على كيفية الوصول الى الرقّي في مسلك الإنسان وتعليمه آداب الحوار والتصرّف.

وتبيّن أن هناك معضلة تتأتى من انعكاس سلوك الكبار على أطفالنا، وهؤلاء في نظري مجرّدون من مبادئ الحوار بسبب تصرفات الكبار، ما يؤدي الى ظاهرة فرز تتفاقم في مجتمعنا اللبنـاني حيث يهرب المهذبون من هذا المجتمع، ويبحثون عن أمثالهم الذين يشكلّون نسبة ضئيلة تكاد لا تتجاوز الـ 10 في المئة من الشعب اللبناني. فنحن للأسف لم نكوّن المجتمع الحضاري، بل نتبجّح بالمظاهر والقشور، والحضارة تبدأ بالإنسان الراقي قبل كلّ شيء. لذا كرّست ما تبقى من حياتي العملية للبحث والتعمّق في مسألة سلوك الإنسان. وأعترف أن هذا المجال ليس سهلاً، لذا أسسّت معهداً تنصبّ فيه المشاكل كلها ونحاول عبره إيجاد الحلول».

وعن تفاصيل عملها مع الأطفال، تقول: «المسؤولية تبدأ من الأهل الذين يريدون وضع أولادهم على أولى درجات سلّم الرقي. لذا، قبل خضوع أطفالهم لدورة مدّتها شهران، لتعليمهم السلوك المميّز، نحرص على الاجتماع بالأهل لإطلاعهم على ما تتضمنه من تفاصيل. فالطفل الذي يلاقي في منزله نقيضاً لما يتعلّمه في المعهد، لا تنفع معه مساعينا، ومن الأفضل ألا يُرسَل الى معهدنا لأن دور الأهل مهم جداً في المنزل».

وبما أن مدة الدورة ليست كافية يصار الى الاتفاق مع الأهل على تكرارها بعد عام، بحيث يكون الطفل كبر وأمسى قادراً على استيعاب العادات السليمة وتكرارها.
****************

أعلّمهّم مبدأ الحوار
http://www.daralhayat.com/society/08-2007/Item-20070811-55ddabd4-c0a8-10ed-01eb-b70d0a574546/boling_17.jpg_200_-1.jpg
برنامج تلفزيوني هابط يطيح بكل ما تعلمه الطفل
وضعت الكاتبة: كتاباً معتمداً في المعهد، بعنوان: «دليل الســلوك المميّز»، وهو يرشد الطفل مثلاً وبكلمات تحاكي عمره إلى كيفية محبة الله والوطن والمسؤولية واحترام النفــس والجســد والتعامل مع الوالدين والأخوة والحفاظ على شؤون العائلة واحترام الوقت والمواعيد والتعامل مع الآخرين (الأصدقاء والضيوف والمسنّين والجيران وذوي الحالات الخاصة والخدم) وحسن التصرّف في المنزل والمدرسة والمحل التجاري والمسبح والسيارة والطائرة والشارع والمطعم... وغيرها من التفاصيل الشيّقة التي يطمح كلّ إنسان الى زرعها في ولده.

وردأ على سؤال حول آثار الحرب في الأطفال، تقول الكاتبة: «للأسف إن الناس يهربون من المسؤولية، ويلقون أسباب التدهور الاجتماعي على الحرب، ولكني أتساءل كيف شرب الناس وأكلوا خلال الأيام العصيبة؟ وكان باستطاعتهم الانتباه الى سلوك أطفالهم. فمنهم من يأتي ولم يمرّ عليه شيء اسمه احترام للآخر، فيطلق الكلام البذيء ... وكأنه كلام طبيعي !!؟ وهنا أقول أن نصف أمهات لبنان لا يعــرن اهتمــامــاً مسألة تــربيــة أولادهــن، وينصبّ اهتمامهن على المظــاهر والزيـارات والتسوّق... وإذا استمررنــا على هــذا المنوال، فإننــا سنصــل الــى جيــل من العصابات!».

وتلفت الكاتبة الى ان المرأة المثقفة والعاملة التي تكدح وتعرف قيمة العلم، تكون أكثر تقديراً لقيمة الإنسان الراقي. ولكن هذا ليس القاعدة، فهناك أهل غير مثقفين يقصدون المعهد ويهتمون بتعليم أطفالهم مبادئ السلوك (الاتيكيت) الاجتماعي، لأنهم لا يريدون استمرار أطفالهم في الجهل. استقبلنا أطفالاً من الطبقات الإجتماعية كافة وقمنا بتقسيمهم بحسب ثقافتهم. وهنا أشير الى تعاون المعهد مع عدد من المدارس التي تبّنت فكرة كتاب «السلوك المميّز» ضمن مناهج الحلقة الدراسية الأولى لوضع الولد على السكة الاجتماعية السليمة حيث تتكامل الحلقة (الأهل والمعهد والمدرسة) لتأهيل أطفال ينشدون الرقيّ ويواصلون التصّرف في شكل صحيح، وبالتالي ينقلون ذلك الى أولادهم مستقبلاً».

وتشبّه الكاتبة الولد بـ «الإسفنجة» فهو يمتصّ كلّ ما يشاهده، لأنه لا يفــرّق بين الجيّد والسيئ. «وهنا تقع المسؤولية على الأهل، إذ يلجأ كثير منهم الى دفع أولاده نحو التلفزيون أو الإنترنت من دون رقابة، وأي برنامج هابط أو موقع الكتروني يشاهده الولد يمكن أن يطيح بأي أخلاقيات ومفاهيم لديه، وينقله الى عالم لا يمتّ الى الطفولة بصلة».
**************
قطف معهد «الإتيكيت» حتى الآن «نتيجة حلوة»، وخرّج نحو 100 طفل. لكن السؤال الطبيعي هو: ألا يصدم ويتعب هؤلاء الأطفال «الراقون» مستقبلاً من خلال ما سيشاهدونه ويعايشونه يومياً فــي مجتمعنا؟ تــجيب الكاتبه بثقة: «لا... لأننا بكل بساطة زرعنا فيهم منذ الصغر بذور المناعة الأخلاقية»!
************
ماأحوجنا في الجزائر لمثل هذا المعهد...
دمتم..