ابو عبد الصمد14
2012-05-22, 15:00
قبل زيارة الرئيس الراحل أنور السادات إلي القدس عام1977 كان الموقف من العلاقات مع إسرائيل محسوما, ومنذ الزيارة باتت العلاقات ومن مفرداتها التطبيع ـ محل مناقشة, وظهر مصطلح خضوع قرارات القمم العربية ومجالس الجامعة في شأن وقف العلاقات والتطبيع لسيادة دولة باستثناء الطرفين المتعاقدين مصر والأردن, مما فتح الباب أمام التأويل.
وانتقل موقف الجبهة الرافضة للتطبيع من تقدير سيادة كل دولة إلي النقد وفقا لحجم كل دولة من حيث الفاعلية والتأثير, ومستوي الفقر, فبينما توجه انتقادات عنيفة إلي دولة مثل موريتانيا تصل إلي حد المطالبة بطردها من الجامعة, ينخفض مستوي النقد الموجه إلي دول أخري المغرب استضافت رؤساء حكومات إسرائيلية( شيمون بيريز عام1986) وثالثة قطر تستضيف بعثات إسرائيلية وقت استضافتها مؤتمر قمة إسلامي العام الماضي شعاره وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة, ورابعة ليبيا أوفدت مواطنيها إلي القدس للحج بتأشيرات إسرائيلية, وخامسة تونس استقبلت سياحا إسرائيليين الشهر الماضي للاحتفال بمولد أبوحصيرة تونسي. الأمر الذي يوصم الموقف العربي بالازدواجية والكيل بمكيالين, تلك السياسة التي طالما نشكو منها.
وفي هذه الأجواء صعدت أطراف عربية انتقادها إلي موريتانيا, فيما اتخذت أطراف أخري موقفا متزنا, وبين الموقفين تساءلت موريتانيا عما قدمه العرب لها حتي يتعاملوا بلهجة استضعاف؟ خاصة أن هناك أطرافا عربية ومغاربية أخري لها علاقات لاتزال قائمة مع إسرائيل, فضلا عن عدم وجود موقف عربي متضامن معها سواء عندما هجرت السنغال وشردت500 ألف مواطن موريتاني عام1989, أو تجاه تنفيذ السنغال حاليا مشروع إنشاء أحواض مائية لسحب كميات من المياه من نهر السنغال مما سيضر بمصالح موريتانيا وحياة شعبها, كون قضية المياه قضية حياة أو موت.
الكيل بمكيالين
ومن الملاحظ أنه برغم وصف أمين عام الجامعة العربية السيد عمرو موسي التطبيع الموريتاني ـ الإسرائيلي بأنه يشذ عن القاعدة ـ باعتباره مخالفة لقرارات القمة العربية ـ إلا أن الجامعة لم تتفاعل مع بعض المواقف الانفعالية التي طالبت بإصدار بيان من الجامعة بإدانة الزيارة, علي غرار البيان الذي أصدره الأمين العام السابق الدكتور عصمت عبدالمجيد في أكتوبر1999 وأدان فيه إعلان الطرفين قيام علاقات دبلوماسية. الأمر الذي أثار انقسامات ـ وقتها ـ في الساحة العبرية, ودفع إلي الواجهة بمطالب بطرد موريتانيا أو تجميد عضويتها في الجامعة.
أكثر من ذلك قلل ناطق رسمي باسم الأمين العام لـ الأهرام العربي من أهمية الزيارة, ودعا إلي عدم المبالغة في رد الفعل, وقال: رغم أن الجامعة العربية لا تحبذ مثل هذه المبادرات الزيارة المتسرعة وغير المدروسة بعناية, إلا أنه يجب التعامل بهدوء وحكمة مع الموقف الموريتاني المحرج. والجامعة غير مخولة في اتخاذ قرار في شأن عضوية أي طرف لأن الجامعة تم إنشاؤها أصلا لتحقيق الوحدة, كما يجب عليها أن تجسد هذه الوحدة في مثل تلك الظروف.
وفي إشارة إلي رفض الجامعة الازدواجية وسياسة الكيل بمكيالين كشف الناطق عن اتصالات تمت بين موسي ووزير خارجية قطر الشيخ حمد بن جاسم أكد خلالها الأخير أن التمثيل التجاري الإسرائيلي في الدوحة لا يعمل, ودعا الناطق إلي ضرورة بناء الثقة بين الأطراف العربية.
وبرغم الموقف المتزن للجامعة إلا أن مندوب موريتانيا الدائم رفض التعامل مع الإعلام, وقررت سفارته عدم الرد علي المكالمات الهاتفية بعض الوقت بسبب تلقيها مكالمات عبر المتصلين بالسفارة يعبرون خلالها عن غضبهم, كما لم يلب السفير عددا من الدعوات لحضور مناسبات دبلوماسية خلال هذه الفترة.
وعلي العكس من موقف الجامعة العربية, وصف الأمين العام المساعد لمنظمة المؤتمر الإسلامي لشئون فلسطين السفير عبدالعزيز أبوغوش التطبيع بين موريتانيا وإسرائيل بأنه خطوة لشق الصف العربي وخروج عن إجماع الأمة الإسلامية, اعتبره ـ في تصريحات لـ الأهرام العربي ـ زيارة مخادعة تمت بناء علي توجيهات أمريكية لحكومة موريتانيا, وانتقد تلك الدول التي تعتقد أنها تخدم السلام في المنطقة, عندما تقيم علاقات مع الكيان الصهيوني, في الوقت الذي يتم فيه ذبح أبناء الشعب الفلسطيني.
وفي تصريحات أقل حدة اقترح الأمين العام المساعد للشئون السياسية السفير عبدالرحمن البكر, إجراء اتصال مباشر مع حكومة موريتانيا لإقناع الرئيس معاوية ولد طايع بعدم جدوي هذه الاتصالات, وفي نفس الوقت دعا البكر إلي ضرورة تقديم مساعدات عربية وإسلامية إلي موريتانيا والمشاركة بفاعلية في تنفيذ خططها الإنمائية, حتي يتم قطع الطريق أمام أي إغراءات إسرائيلية.
طرد أم استيعاب؟
وهذا التباين في المواقف داخل منظمة المؤتمر الإسلامي ينعكس عربيا أيضا داخل الاتحاد المغاربي, فليبيا علي سبيل المثال اعتبرت الزيارة ستؤثر سلبيا علي وضع موريتانيا ليس فقط في الجامعة العربية, بل أيضا في الاتحاد المغاربي, فحسب تصريحات أمين اللجنة الشعبية العامة للوحدة الإفريقية الدكتور علي التريكي لـ الأهرام العربي فإن تلك الزيارة غير مبررة أو مقبولة, وهي خروج علي الإجماع العربي والإسلامي, واستهانة بالدم الفلسطيني المراق بفعل الهمجية الصهيونية, وستؤثر سلبيا علي موريتانيا, ويكشف عن أن هذا الموضوع كان أحد الموضوعات التي بحثها مع الأمين العام للجامعة العربية السيد عمرو موسي قبل أيام.
وفي خضم التعافي العربي علي موريتانيا, وبعد فتور استمر6 سنوات, استعادت العلاقات الجزائرية ـ الموريتانية عافيتها لتدخل مرحلة جديدة من التعاون الثنائي علي الصعيدين السياسي والاقتصادي لاستثمار رصيد الشراكة القديم بين الدولتين, وهذا ما أكده اجتماع علي بن فليس رئيس الحكومة الجزائرية مع نظيره الموريتاني الشيخ العافية ولد محمد خونة, في إطار أعمال اللجنة المشتركة العليا التي عقدت دورتها رقم12 في العاصمة الجزائرية أخيرا, التي ركزت علي التعاون الاقتصادي, حيث لوحظ حضور11 وزيرا جزائريا يمثلون مختلف القطاعات الاقتصادية, إلي جانب4 وزراء من موريتانيا يمثلون قطاعات النفط والصيد البحري والصحة والخارجية المحادثات في إشارة إلي تصميم البلدين علي استدراك سنوات الفتور التي حالت دون تجسيد مشاريع شراكة قديمة.
بينما اعتبر التريكي زيارة وزير خارجية موريتانيا لإسرائيل ستؤثر علي وضعية موريتانيا, كان لافتا تجديد رئيسي حكومتي الجزائر وموريتانيا العزم علي بناء الصرح المغاربي باعتباره خيارا إستراتيجيا يخدم مصلحة شعوب المنطقة, وأكد عبدالعزيز بلخادم وزير الخارجية الجزائري ضرورة اهتمام بلاده بخطط الشراكة مع موريتانيا, ولم يستبعد عقد قمة بين الرئيسين معاوية ولد طايع وعبدالعزيز بوتفليقة مشددا علي أن العلاقات بين الأشقاء تقتضي اللقاء سواء في الجزائر أم في نواكشوط.
العلاقات المغاربية ـ الإسرائيلية
ربما يعود اختلاف النظرة إلي زيارة ولد عبدي إلي إسرائيل إلي كونها ليست الزيارة العربية الوحيدة إلي إسرائيل, كما لا تعد المظهر الوحيد من مظاهر التطبيع المغاربي ـ الإسرائيلي, فقد سبقتها دول أخري بحجة دعم مسيرة السلام, فتونس أقامت علاقات دبلوماسية مع إسرائيل عام1996 بافتتاح مكتب لكل بلد في عاصمة الآخر علي مستوي بعثات لرعاية المصالح, واهتم المكتب التونسي في تل أبيب بالتعاون في القطاع السياحي, خاصة أن هناك اهتماما يهوديا عام ببعض الآثار اليهودية في منطقة جربة التونسية.
وتشير الموسوعة اليهودية هانسكلوبديا هايهوديت هاكللييت إلي أن اليهود من أهم الأقليات في تونس, ويتمتعون بثقل اقتصادي, نظرا لإسهامهم في العديد من القطاعات أهمها قطاع السياحة وصناعة الذهب, ويترأس الطائفة اليهودية ـ حوالي2500 شخص ـ روجيه بيسمت الذي يحظي بمكانة كبيرة في العديد من الهيئات والمؤسسات الرسمية وغيرالرسمية, ويسعي لاستغلال الفرص للإسهام في فتح آفاق للحوار من أجل تطبيع العلاقات التونسية ـ الإسرائيلية.
ورغم أن تلك المجهودات قد كللت بالنجاح في كثير من الأحيان نظرا للتعاون الوثيق بين الجماعة اليهودية في تونس واليهود التوانسة في إسرائيل, ومنهم داليا إيتسيك وزيرة التجارة والصناعة, وعدد من أعضاء الكنيست, إلا أن تلك المحاولات تبوء بالفشل مع تصاعد الانتفاضة, الأمر الذي دفع تونس إلي إغلاق المكتب الإسرائيلي, لكن السياحة الإسرائيلية لم تنقطع.
وتحتل الجزائر أهمية كبيرة لدي العديد من المسئولين الإسرائيليين الذين يسعون إلي استغلال فرصة انعقاد أي مؤتمر دولي أو إقليمي من أجل الاجتماع مع المسئولين الجزائريين لإقناعهم بتطبيع العلاقات, ومن أبرز تلك اللقاءات ذلك الذي جري بين الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة ووزير الخارجية شمعون بيريز علي هامش منتدي البحر المتوسط في مايوركا في أسبانيا قبل عامين, وهو اللقاء الذي أعقبته زيارة وفد صحفي جزائري إلي تل أبيب, نفت السلطات الجزائرية الرسمية صلتها به.
وتزعم صحيفة هاآرتس الإسرائيلية وجود تطبيع مع الجزائر في المجال الطبي فقط, حيث تدعي أن الجزائر مستورد رئيسي للمعدات الطبية من إسرائيل, وأن وفودا طبية تزور تل أبيب لهذا الغرض.
وتشير الموسوعة اليهودية إلي أن عدد اليهود في الجزائر يتراوح ما بين280 إلي320 شخصا لا يحظون بقوة أو نفوذ كبير كما هي الحال في تونس أو المغرب.
أما المغرب فتربطه بإسرائيل علاقات قديمة قوامها الإسرائيليون, من أصل مغربي, ومنهم وزير الخارجية السابق ديفيد ليفي, أما يهود المغرب فيحتلون مواقع مهمة في المجتمع المغربي في القطاعات الاقتصادية والسياسية, كما يحظون بوجود داخل البرلمان المغربي, فضلا عن احتلال آندريه أوزلاي موقع المستشار الاقتصادي للملك, ونجح ديفيد ليفي وأوزلاي في إنتاج قرار مشترك بإنشاء مكاتب تمثيل دبلوماسي بين الطرفين عام.1995
ورغم تأكيدات المسئولين المغاربة إغلاق المكتب الإسرائيلي في الرباط, إلا أن العلاقات بين الطرفين لم تتأثر بصورة كبيرة, خاصة مع سعي الجانب الإسرائيلي المتواصل للنهوض بمستوي تلك العلاقات, وتدعو إسرائيل كتابا ومثقفين مغاربة إلي تل أبيب, وزارها الطاهر بن جلون, وتؤكد العديد من المصادر السياسية الإسرائيلية أن العلاقات مع المغرب متميزة ولها جذور.
وبالنسبة لموريتانيا فهي تعتبر بدورها آخر دولة مغاربية أقامت, وبصورة كاملة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل عام99 وتهتم إسرائيل بتنمية التعاون مع موريتانيا في شتي المجالات, خاصة المجال الاقتصادي بجانب استغلال مواردها الخام, وأبرزها مادة الليثيوم التي تدخل في الصناعات الحربية, خصوصا مادة( ليثيوم ـ ديترويد-2) كعنصر في صناعة القنابل النووية.
وتقوم إسرائيل بإقامة العديد من المشاريع والمصانع داخل موريتانيا لتصنيع المعدات والماكينات, تعليب الأسماك, كما تبني إسرائيل حاليا في موريتانيا مختبرا للأبحاث النووية.
وانتقل موقف الجبهة الرافضة للتطبيع من تقدير سيادة كل دولة إلي النقد وفقا لحجم كل دولة من حيث الفاعلية والتأثير, ومستوي الفقر, فبينما توجه انتقادات عنيفة إلي دولة مثل موريتانيا تصل إلي حد المطالبة بطردها من الجامعة, ينخفض مستوي النقد الموجه إلي دول أخري المغرب استضافت رؤساء حكومات إسرائيلية( شيمون بيريز عام1986) وثالثة قطر تستضيف بعثات إسرائيلية وقت استضافتها مؤتمر قمة إسلامي العام الماضي شعاره وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة, ورابعة ليبيا أوفدت مواطنيها إلي القدس للحج بتأشيرات إسرائيلية, وخامسة تونس استقبلت سياحا إسرائيليين الشهر الماضي للاحتفال بمولد أبوحصيرة تونسي. الأمر الذي يوصم الموقف العربي بالازدواجية والكيل بمكيالين, تلك السياسة التي طالما نشكو منها.
وفي هذه الأجواء صعدت أطراف عربية انتقادها إلي موريتانيا, فيما اتخذت أطراف أخري موقفا متزنا, وبين الموقفين تساءلت موريتانيا عما قدمه العرب لها حتي يتعاملوا بلهجة استضعاف؟ خاصة أن هناك أطرافا عربية ومغاربية أخري لها علاقات لاتزال قائمة مع إسرائيل, فضلا عن عدم وجود موقف عربي متضامن معها سواء عندما هجرت السنغال وشردت500 ألف مواطن موريتاني عام1989, أو تجاه تنفيذ السنغال حاليا مشروع إنشاء أحواض مائية لسحب كميات من المياه من نهر السنغال مما سيضر بمصالح موريتانيا وحياة شعبها, كون قضية المياه قضية حياة أو موت.
الكيل بمكيالين
ومن الملاحظ أنه برغم وصف أمين عام الجامعة العربية السيد عمرو موسي التطبيع الموريتاني ـ الإسرائيلي بأنه يشذ عن القاعدة ـ باعتباره مخالفة لقرارات القمة العربية ـ إلا أن الجامعة لم تتفاعل مع بعض المواقف الانفعالية التي طالبت بإصدار بيان من الجامعة بإدانة الزيارة, علي غرار البيان الذي أصدره الأمين العام السابق الدكتور عصمت عبدالمجيد في أكتوبر1999 وأدان فيه إعلان الطرفين قيام علاقات دبلوماسية. الأمر الذي أثار انقسامات ـ وقتها ـ في الساحة العبرية, ودفع إلي الواجهة بمطالب بطرد موريتانيا أو تجميد عضويتها في الجامعة.
أكثر من ذلك قلل ناطق رسمي باسم الأمين العام لـ الأهرام العربي من أهمية الزيارة, ودعا إلي عدم المبالغة في رد الفعل, وقال: رغم أن الجامعة العربية لا تحبذ مثل هذه المبادرات الزيارة المتسرعة وغير المدروسة بعناية, إلا أنه يجب التعامل بهدوء وحكمة مع الموقف الموريتاني المحرج. والجامعة غير مخولة في اتخاذ قرار في شأن عضوية أي طرف لأن الجامعة تم إنشاؤها أصلا لتحقيق الوحدة, كما يجب عليها أن تجسد هذه الوحدة في مثل تلك الظروف.
وفي إشارة إلي رفض الجامعة الازدواجية وسياسة الكيل بمكيالين كشف الناطق عن اتصالات تمت بين موسي ووزير خارجية قطر الشيخ حمد بن جاسم أكد خلالها الأخير أن التمثيل التجاري الإسرائيلي في الدوحة لا يعمل, ودعا الناطق إلي ضرورة بناء الثقة بين الأطراف العربية.
وبرغم الموقف المتزن للجامعة إلا أن مندوب موريتانيا الدائم رفض التعامل مع الإعلام, وقررت سفارته عدم الرد علي المكالمات الهاتفية بعض الوقت بسبب تلقيها مكالمات عبر المتصلين بالسفارة يعبرون خلالها عن غضبهم, كما لم يلب السفير عددا من الدعوات لحضور مناسبات دبلوماسية خلال هذه الفترة.
وعلي العكس من موقف الجامعة العربية, وصف الأمين العام المساعد لمنظمة المؤتمر الإسلامي لشئون فلسطين السفير عبدالعزيز أبوغوش التطبيع بين موريتانيا وإسرائيل بأنه خطوة لشق الصف العربي وخروج عن إجماع الأمة الإسلامية, اعتبره ـ في تصريحات لـ الأهرام العربي ـ زيارة مخادعة تمت بناء علي توجيهات أمريكية لحكومة موريتانيا, وانتقد تلك الدول التي تعتقد أنها تخدم السلام في المنطقة, عندما تقيم علاقات مع الكيان الصهيوني, في الوقت الذي يتم فيه ذبح أبناء الشعب الفلسطيني.
وفي تصريحات أقل حدة اقترح الأمين العام المساعد للشئون السياسية السفير عبدالرحمن البكر, إجراء اتصال مباشر مع حكومة موريتانيا لإقناع الرئيس معاوية ولد طايع بعدم جدوي هذه الاتصالات, وفي نفس الوقت دعا البكر إلي ضرورة تقديم مساعدات عربية وإسلامية إلي موريتانيا والمشاركة بفاعلية في تنفيذ خططها الإنمائية, حتي يتم قطع الطريق أمام أي إغراءات إسرائيلية.
طرد أم استيعاب؟
وهذا التباين في المواقف داخل منظمة المؤتمر الإسلامي ينعكس عربيا أيضا داخل الاتحاد المغاربي, فليبيا علي سبيل المثال اعتبرت الزيارة ستؤثر سلبيا علي وضع موريتانيا ليس فقط في الجامعة العربية, بل أيضا في الاتحاد المغاربي, فحسب تصريحات أمين اللجنة الشعبية العامة للوحدة الإفريقية الدكتور علي التريكي لـ الأهرام العربي فإن تلك الزيارة غير مبررة أو مقبولة, وهي خروج علي الإجماع العربي والإسلامي, واستهانة بالدم الفلسطيني المراق بفعل الهمجية الصهيونية, وستؤثر سلبيا علي موريتانيا, ويكشف عن أن هذا الموضوع كان أحد الموضوعات التي بحثها مع الأمين العام للجامعة العربية السيد عمرو موسي قبل أيام.
وفي خضم التعافي العربي علي موريتانيا, وبعد فتور استمر6 سنوات, استعادت العلاقات الجزائرية ـ الموريتانية عافيتها لتدخل مرحلة جديدة من التعاون الثنائي علي الصعيدين السياسي والاقتصادي لاستثمار رصيد الشراكة القديم بين الدولتين, وهذا ما أكده اجتماع علي بن فليس رئيس الحكومة الجزائرية مع نظيره الموريتاني الشيخ العافية ولد محمد خونة, في إطار أعمال اللجنة المشتركة العليا التي عقدت دورتها رقم12 في العاصمة الجزائرية أخيرا, التي ركزت علي التعاون الاقتصادي, حيث لوحظ حضور11 وزيرا جزائريا يمثلون مختلف القطاعات الاقتصادية, إلي جانب4 وزراء من موريتانيا يمثلون قطاعات النفط والصيد البحري والصحة والخارجية المحادثات في إشارة إلي تصميم البلدين علي استدراك سنوات الفتور التي حالت دون تجسيد مشاريع شراكة قديمة.
بينما اعتبر التريكي زيارة وزير خارجية موريتانيا لإسرائيل ستؤثر علي وضعية موريتانيا, كان لافتا تجديد رئيسي حكومتي الجزائر وموريتانيا العزم علي بناء الصرح المغاربي باعتباره خيارا إستراتيجيا يخدم مصلحة شعوب المنطقة, وأكد عبدالعزيز بلخادم وزير الخارجية الجزائري ضرورة اهتمام بلاده بخطط الشراكة مع موريتانيا, ولم يستبعد عقد قمة بين الرئيسين معاوية ولد طايع وعبدالعزيز بوتفليقة مشددا علي أن العلاقات بين الأشقاء تقتضي اللقاء سواء في الجزائر أم في نواكشوط.
العلاقات المغاربية ـ الإسرائيلية
ربما يعود اختلاف النظرة إلي زيارة ولد عبدي إلي إسرائيل إلي كونها ليست الزيارة العربية الوحيدة إلي إسرائيل, كما لا تعد المظهر الوحيد من مظاهر التطبيع المغاربي ـ الإسرائيلي, فقد سبقتها دول أخري بحجة دعم مسيرة السلام, فتونس أقامت علاقات دبلوماسية مع إسرائيل عام1996 بافتتاح مكتب لكل بلد في عاصمة الآخر علي مستوي بعثات لرعاية المصالح, واهتم المكتب التونسي في تل أبيب بالتعاون في القطاع السياحي, خاصة أن هناك اهتماما يهوديا عام ببعض الآثار اليهودية في منطقة جربة التونسية.
وتشير الموسوعة اليهودية هانسكلوبديا هايهوديت هاكللييت إلي أن اليهود من أهم الأقليات في تونس, ويتمتعون بثقل اقتصادي, نظرا لإسهامهم في العديد من القطاعات أهمها قطاع السياحة وصناعة الذهب, ويترأس الطائفة اليهودية ـ حوالي2500 شخص ـ روجيه بيسمت الذي يحظي بمكانة كبيرة في العديد من الهيئات والمؤسسات الرسمية وغيرالرسمية, ويسعي لاستغلال الفرص للإسهام في فتح آفاق للحوار من أجل تطبيع العلاقات التونسية ـ الإسرائيلية.
ورغم أن تلك المجهودات قد كللت بالنجاح في كثير من الأحيان نظرا للتعاون الوثيق بين الجماعة اليهودية في تونس واليهود التوانسة في إسرائيل, ومنهم داليا إيتسيك وزيرة التجارة والصناعة, وعدد من أعضاء الكنيست, إلا أن تلك المحاولات تبوء بالفشل مع تصاعد الانتفاضة, الأمر الذي دفع تونس إلي إغلاق المكتب الإسرائيلي, لكن السياحة الإسرائيلية لم تنقطع.
وتحتل الجزائر أهمية كبيرة لدي العديد من المسئولين الإسرائيليين الذين يسعون إلي استغلال فرصة انعقاد أي مؤتمر دولي أو إقليمي من أجل الاجتماع مع المسئولين الجزائريين لإقناعهم بتطبيع العلاقات, ومن أبرز تلك اللقاءات ذلك الذي جري بين الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة ووزير الخارجية شمعون بيريز علي هامش منتدي البحر المتوسط في مايوركا في أسبانيا قبل عامين, وهو اللقاء الذي أعقبته زيارة وفد صحفي جزائري إلي تل أبيب, نفت السلطات الجزائرية الرسمية صلتها به.
وتزعم صحيفة هاآرتس الإسرائيلية وجود تطبيع مع الجزائر في المجال الطبي فقط, حيث تدعي أن الجزائر مستورد رئيسي للمعدات الطبية من إسرائيل, وأن وفودا طبية تزور تل أبيب لهذا الغرض.
وتشير الموسوعة اليهودية إلي أن عدد اليهود في الجزائر يتراوح ما بين280 إلي320 شخصا لا يحظون بقوة أو نفوذ كبير كما هي الحال في تونس أو المغرب.
أما المغرب فتربطه بإسرائيل علاقات قديمة قوامها الإسرائيليون, من أصل مغربي, ومنهم وزير الخارجية السابق ديفيد ليفي, أما يهود المغرب فيحتلون مواقع مهمة في المجتمع المغربي في القطاعات الاقتصادية والسياسية, كما يحظون بوجود داخل البرلمان المغربي, فضلا عن احتلال آندريه أوزلاي موقع المستشار الاقتصادي للملك, ونجح ديفيد ليفي وأوزلاي في إنتاج قرار مشترك بإنشاء مكاتب تمثيل دبلوماسي بين الطرفين عام.1995
ورغم تأكيدات المسئولين المغاربة إغلاق المكتب الإسرائيلي في الرباط, إلا أن العلاقات بين الطرفين لم تتأثر بصورة كبيرة, خاصة مع سعي الجانب الإسرائيلي المتواصل للنهوض بمستوي تلك العلاقات, وتدعو إسرائيل كتابا ومثقفين مغاربة إلي تل أبيب, وزارها الطاهر بن جلون, وتؤكد العديد من المصادر السياسية الإسرائيلية أن العلاقات مع المغرب متميزة ولها جذور.
وبالنسبة لموريتانيا فهي تعتبر بدورها آخر دولة مغاربية أقامت, وبصورة كاملة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل عام99 وتهتم إسرائيل بتنمية التعاون مع موريتانيا في شتي المجالات, خاصة المجال الاقتصادي بجانب استغلال مواردها الخام, وأبرزها مادة الليثيوم التي تدخل في الصناعات الحربية, خصوصا مادة( ليثيوم ـ ديترويد-2) كعنصر في صناعة القنابل النووية.
وتقوم إسرائيل بإقامة العديد من المشاريع والمصانع داخل موريتانيا لتصنيع المعدات والماكينات, تعليب الأسماك, كما تبني إسرائيل حاليا في موريتانيا مختبرا للأبحاث النووية.