علاء ALAA
2009-01-22, 13:59
ننشر هنا النصّ الحرفي لخطاب باراك أوباما في حفل تنصيبه رئيساً للولايات المتحدة الأميركية، ولأوّل مرة منذ خطاب رونالد ريغان قبل ثمان وعشرين عاماً يخلو خطاب لرئيس يُنصّب من ذكرالتعهّد بأمن إسرائيل، ولأوّل مرة في التاريخ يذكر خطاب رئيس بعد التنصيب المسلمين قبل اليهود.
نص الخطاب
في ما يأتي ترجمة للنص الحرفي لخطاب القسم الذي ألقاه الرئيس الأمريكي الجديد باراك اوباما الثلاثاء:
مواطني الاعزاء
أقف اليوم أمام المهمة التي تنتظرنا، شاكراً الثقة التي أوليتموني إياها، مدركاً للتضحيات التي قدمها أجدادنا. أشكر الرئيس بوش للخدمات التي قدمها لأمتنا فضلاً عن السخاء والتعاون اللذين أبداهما طوال الفترة الانتقالية.
أقسم 44 أمريكياً حتى الآن اليمين الرئاسية، وتليت هذه الكلمات خلال موجات مد عالية من الازدهار ومياه السلام الهادئة. لكن بين حين وآخر تُلي القسم وسط غيوم ملبدة وعواصف عاتية. وفي هذه الاوقات واصلت أمريكا طريقها ليس فقط بسبب مؤهلات او رؤية الذين يتولون أعلى مراتب الدولة، بل لأننا نحن الشعب بقينا أوفياء لمثل مؤسسينا وصادقين للوثائق المؤسسة لأمتنا.
هكذا كان وهكذا سيكون مع هذا الجيل من الأمريكيين.
ندرك جميعاً أننا في خضم أزمة. أمتنا في حرب ضد شبكة واسعة من العنف والحقد. اقتصادنا ضعيف جدا نتيجة الجشع وعدم المسؤولية من قبل البعض وكذلك بسبب اخفاقنا الجماعي للقيام بالخيارات الصعبة واعداد الأمة لحقبة جديدة.
فقدت منازل وألغيت وظائف وأغلقت شركات. نظامنا الصحي مكلف جداً. ومدارسنا تشهد إخفاق الكثيرين وكل يوم يحمل معه دليلاً جديداً على أن الطريقة التي نستهلك فيها الطاقة تعزز خصومنا وتهدد كوكبنا.
هذه هي مؤشرات الأزمة استنادا إلى المعطيات والاحصاءات. لكن ثمة شيء لا يمكن قياسه بهذه الطريقة لكنه ليس اقل عمقا وهو الثقة المعدومة والخوف الملح بأن تقهقر الولايات المتحدة لا مفر منه وان الجيل المقبل يجب ان يخفف من تطلعاته.
اليوم أقول لكم إن التحديات التي نواجهها فعلية. انها خطرة وكثيرة. لن نتغلب عليها بسهولة او في فترة قصيرة. لكن فليدرك الشعب الأمريكي اننا سنتغلب عليها.
في هذا اليوم نجتمع لأننا اخترنا الامل عوضا عن الخوف، وحدة الهدف عوضا عن النزاع والخلاف.
في هذا اليوم جئنا نعلن انتهاء الشكاوى الصغيرة والوعود الخاطئة والعقيدة البالية التي خنقت لفترة طويلة جدا السياسة في بلادنا.
ما زلنا أمة فتية لكن حان الوقت لنضع جانبا الامور الطفولية. حان الوقت لنعيد تأكيد روحنا المقاومة لنختار افضل ما في تاريخنا ولنواصل هذه الهبة الثمينة، هذه الفكرة النبيلة التي تناقلناها من جيل إلى جيل، عهد الله بأننا متساوون وكلنا أحرار وكلنا يستحق فرصة السعي إلى السعادة المطلقة.
ومع التأكيد مجددا على عظمة بلادنا، ندرك ان هذه العظمة ليست هبة تعطى. يجب ان تؤخذ بجدارة. مسيرتنا لم تعتمد يوما على الطرق المختصرة او الاكتفاء بما هو ادنى. لم تسلك طريق الجبناء اولئك الذين يفضلون التسلية على العمل او يسعون دائما إلى ملذات الثراء والشهرة. بل كانت طريق المخاطرين واصحاب الافعال الذين يأتون بنتيجة. بعضهم اشتهر لكنهم بغالبيتهم من النساء والرجال المغمورين في عملهم الذين سمحوا لنا بالاستمرار على الطريق الطويلة والوعرة المؤدية إلى الازدهار والحرية.
من أجلنا جمعوا ممتلكاتهم القليلة وشقوا عباب المحيطات بحثا عن حياة جديدة.
من أجلنا عملوا ساعات طويلة واستوطنوا الغرب وقاسوا السوط وحرثوا الارض الوعرة.
من أجلنا قاتلوا وماتوا في أماكن مثل كونكورد وغيتيزبرغ ونورماندي وخي سان.
مراراً وتكراراً كافح هؤلاء الرجال والنساء وضحوا وعملوا حتى تشققت ايديهم لكي نتمكن من أن نحيا حياة أفضل. كانت أمريكا بالنسبة لهم أكبر من مجموع طموحاتنا الشخصية، أعظم من كل اختلافاتنا في الاصول والثروة والانتماء.
انها مسيرة نواصلها اليوم. لا نزال أكثر أمم العالم ازدهاراً وقوة. عمالنا ليسوا أقل إنتاجاً منذ بدأت هذه الأزمة. وعقولنا ليست أقل ابتكاراً وسلعنا لا تزال ضرورية مثلما كانت الاسبوع الماضي والشهر الماضي والعام الماضي. قدراتنا لم تنخفض. لكن ولى وقت الوقوف من دون تحرك وحماية المصالح الضيقة وارجاء القرارات المزعجة. اعتبارا من اليوم يجب ان ننهض ونزيل الغبار عن انفسنا ونبدأ مجددا بناء أمريكا.
أينما نظرنا ثمة عمل ينبغي القيام به، وضع الاقتصاد يتطلب التحرك بجرأة وسرعة وسنتحرك ليس فقط لإيجاد وظائف جديدة بل لإرساء أسس جديدة للنمو. سنبني الطرقات والجسور وشبكات الكهرباء والخطوط الرقمية التي تغذي اقتصادنا وتصلنا ببعضنا.
سنعيد إلى العلوم مكانتها ونعزز التكنولوجيا لتحسين نوعية الرعاية الصحية وخفض كلفتها. وسنستغل الشمس والرياح والارض لمد سياراتنا بالوقود ولتشغيل مصانعنا. وسنحول مدارسنا ومعاهدنا وجامعاتنا لكي تواجه متطلبات العصر الجديد. يمكننا القيام بكل ذلك. وسنقوم بكل ذلك.
لكن البعض يشكك في حجم طموحاتنا ويشير إلى ان نظامنا لا يمكنه تحمل هذه الخطط الضخمة. لكن ذاكرتهم قصيرة اذ نسوا ما انجزته هذه الامة حتى الآن، ماذا بإمكان رجال ونساء احرار ان يحققوه عندما يضعون خيالهم في خدمة هدف مشترك ويقرنون الحاجة بالشجاعة.
ما لا يفهمه المشككون هو ان الأرض اهتزت تحت أقدامهم وان الخلافات السياسية التي نالت منا لفترة طويلة لم تعد قائمة. السؤال الذي نطرحه اليوم ليس فقط اذا كانت الحكومة كبيرة جدا او صغيرة جداً بل ما اذا كانت تعمل بفاعلية، ما اذا كانت تساعد الاسر على ايجاد عمل بأجر كريم ورعاية يمكنها تحمل كلفتها، والتقاعد بكرامة. عندما يكون الجواب نعم ننوي الاستمرار. عندما يكون الجواب لا فإننا سنوقف هذه البرامج. ومن يدير الاموال العامة سيحاسب وعليه الانفاق بطريقة حكيمة وان يعدل العادات السيئة والقيام بعمله في وضح النهار وعندها فقط يمكننا ان نعيد الثقة الاساسية بين الشعب وحكومته.
والسؤال المطروح أمامنا ليس لمعرفة ما إذا كانت السوق قوة خير أو قوة شر. فقدرتها على تحقيق الثروة وتوسيع نطاق الحرية لا مثيل لها. لكن هذه الازمة ذكرتنا انه من دون عين مراقبة، يمكن للسوق ان تخرج عن السيطرة وان اي امة لا يمكن ان تزدهر عندما تدعم الاثرياء فقط. نجاح اقتصادنا لطالما اعتمد ليس فقط على حجم اجمالي الناتج المحلي بل على مدى الازدهار وقدرتنا على توسيع الفرص لكل شخص صاحب ارادة ليس فقط عن طريق الاحسان بل كأفضل طريق لمصلحتنا المشتركة.
أما بالنسبة لدفاعنا المشترك فإننا نرفض ان نختار بين سلامتنا ومثلنا. فالآباء المؤسسون الذين واجهوا مآسي يصعب علينا تخيلها حتى، صاغوا ميثاقا لضمان حكم القانون وحقوق الانسان، ميثاقا تشده دماء الاجيال. هذه المثل لا تزال منارة للعالم ولن نتخلى عنها. لكل الشعوب والحكومات التي تشاهدنا اليوم من اكبر العواصم إلى البلدة الصغيرة التي ولد فيها والدي اقول: اعرفوا ان أمريكا هي دولة صديقة لكل امة ولكل رجل او امرأة وطفل يسعى إلى مستقبل سلام وكرامة واننا مستعدون لتولي القيادة مجددا.
تذكروا أن الاجيال السابقة واجهت الفاشية والشيوعية ليس فقط بالصواريخ والدبابات بل بالتحالفات والقناعات الثابتة. لقد ادركوا ان قوتنا وحدها لا يمكنها حمايتنا ولا تسمح لنا بأن نقوم بما يحلو لنا القيام به. بل على العكس ادركوا ان قوتنا تنمو عبر استخدامها الحكيم وان امننا ينتج عن عدالة قضيتنا وقوة قدوتنا وخصال التواضع وضبط النفس.
نحن حماة هذا الارث. وبالاعتماد على هذه المبادئ مرة اخرى يمكننا تجاوز هذه التهديدات الجديدة التي تتطلب جهدا اكبر من التعاون والتفاهم بين الامم. سنبدأ بترك العراق بطريقة مسؤولة إلى شعبه والسعي إلى سلام في افغانستان. مع الاصدقاء السابقين والخصوم السابقين سنعمل بلا كلل لخفض التهديد النووي وللتصدي لشبح الاحتباس الحراري. لن نعتذر عن طريقة عيشنا ولن نتوانى في الدفاع عنها وللذين يسعون إلى تحقيق اهدافهم من خلال الارهاب وقتل الابرياء نقول لهم الآن: لا يمكنكم القضاء علينا وسنلحق الهزيمة بكم.
وندرك أن إرثنا المختلط مصدر قوة وليس مصدر ضعف. نحن أمة من المسيحيين والمسلمين واليهود والهندوس وغير المؤمنين. لقد تشكلنا من كل لغة وكل ثقافة أتت من أي بقعة من الأرض وبما أننا ذقنا مرارة الحرب الأهلية والفصل العنصري وخرجنا من هذا الفصل القاتم أقوى وأكثر وحدة لا يمكننا إلا أن نؤمن بأن الاحقاد القديمة ستزول يوماً. وان الإنسانية مشتركة مع تحول العالم إلى بقعة صغيرة، ستتجلى وأن أمريكا ينبغي ان تضطلع بدورها في إحلال حقبة جديدة من السلام.
وللعالم الإسلامي أقول اننا نسعى إلى طريق جديد إلى الأمام يعتمد على المصلحة المشتركة والاحترام المتبادل. وعلى قادة العالم الذين يسعون إلى نشر بذور النزاع أو تحميل الغرب مسؤولية آفات مجتمعاتهم أن يدركوا أن شعوبهم ستحكم على ما يمكنهم بناءه وليس على ما يمكنهم تدميره. وللذين يتمسكون بالسلطة من خلال الفساد والخداع وإسكات صوت المنشقين أن يدركوا انكم على الجانب الخاطئ لكننا مستعدون لمد يدنا إذا كنتم مستعدين لتخفيف قبضتكم.
ولشعوب الأمم الفقيرة نتعهد العمل إلى جانبكم لكي تزدهر مزارعكم وتجري المياه النقية ولتغذية الأجساد والعقول الجائعة. وللأمم التي تتمتع شأن أمتنا بالوفرة النسبية أقول لا يمكننا ان نسمح بعد الآن بألا نبالي بالمآسي خارج حدودنا ولا يمكننا أن نستهلك موارد العالم من دون ان نتنبه إلى انعكاسات ذلك. العالم تغير وعلينا أن نتغير.
ونحن ننظر إلى الطريق الذي أمامنا، نتذكر بامتنان الأمريكيين الشجعان الذين يقومون في هذه الساعة بدوريات في صحارى بعيدة وجبال نائية. وهم يقولون شيئاً لنا اليوم تماماً كما يهمس الأبطال الذين سقطوا في آرلينغتون. نحن نكرمهم ليس فقط لأنهم حماة حريتنا بل لأنهم يجسدون روح الخدمة والإرادة على إيجاد معنى في شيء أكبر من ذاتهم. وفي هذه اللحظة وهي لحظة مصيرية بالنسبة لجيل كامل، أقول يجب ان تسكننا هذه الروح بالذات.
الحكومة يمكنها القيام بالكثير وينبغي عليها ذلك لكن في نهاية المطاف الامة تستند إلى إيمان الشعب الأمريكي وتصميمه.
قد تكون التحديات أمامنا جديدة. والأداوت التي نواجه فيها هذه التحديات قد تكون جديدة. لكن هذه القيم التي يعتمد عليها نجاحنا من العمل الجاد والنزاهة والشجاعة والروح الرياضية والتسامح والوفاء والوطنية والفضول، هي قيم قديمة. وهذه الامور حقيقة. لقد شكلت القوة الهادئة للتقدم عبر تاريخنا. والمطلوب هو العودة إلى هذه الحقيقة. المطلوب منا حقبة جديدة من المسؤولية واقرار من كل أمريكي بأن لدينا واجبات حيال انفسنا وحيال امتنا وحيال العالم، واجبات لا نقبل بها على مضض بل برحابة صدر مدركين ان لا امر يرضي الروح اكثر من العطاء الكامل من اجل مهمة صعبة.
هذا هو ثمن المواطنة ووعدها.
هذا مصدر ثقتنا، الادراك ان الرب يدعونا إلى التأثير في مصير غير أكيد.
هذا هو معنى حريتنا وعقيدتنا: كيف يمكن لرجال ونساء واطفال من كل جنس وعرق ودين ان يحتفلوا مشتركين في هذه الساحة الرائعة وكيف ان رجلا ما كان والده ليحصل على اي طعام في مطعم محلي قبل ستين عاما، يقف اليوم امامكم ليقسم اليمين الاكثر قدسية.
لذا يجب ان نتذكر اليوم ما نحن عليه والطريق التي اجتزناها. في السنة التي ولدت فيها أمريكا وفي أكثر الاشهر برودة تجمعت مجموعة صغيرة من الوطنيين حول حلقات نار على ضفاف نهر متجمد. وهجرت العاصمة. وتقدم العدو. وامتزجت الثلوج بالدماء. وعندما كانت نتيجة ثروتنا مشكوك بها جداً أمر أب الأمة بتلاوة هذه الكلمات على الشعب: “قولوا للأجيال المقبلة، إنه في قسوة الشتاء، عندما لا يستمر سوى الامل والفضيلة توحدت المدينة والبلاد القلقتان من خطر مشترك، وتقدمت لمواجهته”.
أمريكا، في وجه الخطر المشترك في شتاء المحن هذا، يجب ان نتذكر هذه الكلمات. بالامل والفضيلة فلنواجه هذه التيارات الباردة والعواصف ليتذكر اولاد اولادنا انه عندما أتت التجربة رفضنا أن نوقف المسيرة وأننا لم ندر ظهرنا ولم نترنح ومع أعين شاخصة إلى الأفق ونعمة الرب واصلنا حمل هبة الحرية العظيمة ونقلناها بسلام إلى الأجيال المقبلة.
منقول
نص الخطاب
في ما يأتي ترجمة للنص الحرفي لخطاب القسم الذي ألقاه الرئيس الأمريكي الجديد باراك اوباما الثلاثاء:
مواطني الاعزاء
أقف اليوم أمام المهمة التي تنتظرنا، شاكراً الثقة التي أوليتموني إياها، مدركاً للتضحيات التي قدمها أجدادنا. أشكر الرئيس بوش للخدمات التي قدمها لأمتنا فضلاً عن السخاء والتعاون اللذين أبداهما طوال الفترة الانتقالية.
أقسم 44 أمريكياً حتى الآن اليمين الرئاسية، وتليت هذه الكلمات خلال موجات مد عالية من الازدهار ومياه السلام الهادئة. لكن بين حين وآخر تُلي القسم وسط غيوم ملبدة وعواصف عاتية. وفي هذه الاوقات واصلت أمريكا طريقها ليس فقط بسبب مؤهلات او رؤية الذين يتولون أعلى مراتب الدولة، بل لأننا نحن الشعب بقينا أوفياء لمثل مؤسسينا وصادقين للوثائق المؤسسة لأمتنا.
هكذا كان وهكذا سيكون مع هذا الجيل من الأمريكيين.
ندرك جميعاً أننا في خضم أزمة. أمتنا في حرب ضد شبكة واسعة من العنف والحقد. اقتصادنا ضعيف جدا نتيجة الجشع وعدم المسؤولية من قبل البعض وكذلك بسبب اخفاقنا الجماعي للقيام بالخيارات الصعبة واعداد الأمة لحقبة جديدة.
فقدت منازل وألغيت وظائف وأغلقت شركات. نظامنا الصحي مكلف جداً. ومدارسنا تشهد إخفاق الكثيرين وكل يوم يحمل معه دليلاً جديداً على أن الطريقة التي نستهلك فيها الطاقة تعزز خصومنا وتهدد كوكبنا.
هذه هي مؤشرات الأزمة استنادا إلى المعطيات والاحصاءات. لكن ثمة شيء لا يمكن قياسه بهذه الطريقة لكنه ليس اقل عمقا وهو الثقة المعدومة والخوف الملح بأن تقهقر الولايات المتحدة لا مفر منه وان الجيل المقبل يجب ان يخفف من تطلعاته.
اليوم أقول لكم إن التحديات التي نواجهها فعلية. انها خطرة وكثيرة. لن نتغلب عليها بسهولة او في فترة قصيرة. لكن فليدرك الشعب الأمريكي اننا سنتغلب عليها.
في هذا اليوم نجتمع لأننا اخترنا الامل عوضا عن الخوف، وحدة الهدف عوضا عن النزاع والخلاف.
في هذا اليوم جئنا نعلن انتهاء الشكاوى الصغيرة والوعود الخاطئة والعقيدة البالية التي خنقت لفترة طويلة جدا السياسة في بلادنا.
ما زلنا أمة فتية لكن حان الوقت لنضع جانبا الامور الطفولية. حان الوقت لنعيد تأكيد روحنا المقاومة لنختار افضل ما في تاريخنا ولنواصل هذه الهبة الثمينة، هذه الفكرة النبيلة التي تناقلناها من جيل إلى جيل، عهد الله بأننا متساوون وكلنا أحرار وكلنا يستحق فرصة السعي إلى السعادة المطلقة.
ومع التأكيد مجددا على عظمة بلادنا، ندرك ان هذه العظمة ليست هبة تعطى. يجب ان تؤخذ بجدارة. مسيرتنا لم تعتمد يوما على الطرق المختصرة او الاكتفاء بما هو ادنى. لم تسلك طريق الجبناء اولئك الذين يفضلون التسلية على العمل او يسعون دائما إلى ملذات الثراء والشهرة. بل كانت طريق المخاطرين واصحاب الافعال الذين يأتون بنتيجة. بعضهم اشتهر لكنهم بغالبيتهم من النساء والرجال المغمورين في عملهم الذين سمحوا لنا بالاستمرار على الطريق الطويلة والوعرة المؤدية إلى الازدهار والحرية.
من أجلنا جمعوا ممتلكاتهم القليلة وشقوا عباب المحيطات بحثا عن حياة جديدة.
من أجلنا عملوا ساعات طويلة واستوطنوا الغرب وقاسوا السوط وحرثوا الارض الوعرة.
من أجلنا قاتلوا وماتوا في أماكن مثل كونكورد وغيتيزبرغ ونورماندي وخي سان.
مراراً وتكراراً كافح هؤلاء الرجال والنساء وضحوا وعملوا حتى تشققت ايديهم لكي نتمكن من أن نحيا حياة أفضل. كانت أمريكا بالنسبة لهم أكبر من مجموع طموحاتنا الشخصية، أعظم من كل اختلافاتنا في الاصول والثروة والانتماء.
انها مسيرة نواصلها اليوم. لا نزال أكثر أمم العالم ازدهاراً وقوة. عمالنا ليسوا أقل إنتاجاً منذ بدأت هذه الأزمة. وعقولنا ليست أقل ابتكاراً وسلعنا لا تزال ضرورية مثلما كانت الاسبوع الماضي والشهر الماضي والعام الماضي. قدراتنا لم تنخفض. لكن ولى وقت الوقوف من دون تحرك وحماية المصالح الضيقة وارجاء القرارات المزعجة. اعتبارا من اليوم يجب ان ننهض ونزيل الغبار عن انفسنا ونبدأ مجددا بناء أمريكا.
أينما نظرنا ثمة عمل ينبغي القيام به، وضع الاقتصاد يتطلب التحرك بجرأة وسرعة وسنتحرك ليس فقط لإيجاد وظائف جديدة بل لإرساء أسس جديدة للنمو. سنبني الطرقات والجسور وشبكات الكهرباء والخطوط الرقمية التي تغذي اقتصادنا وتصلنا ببعضنا.
سنعيد إلى العلوم مكانتها ونعزز التكنولوجيا لتحسين نوعية الرعاية الصحية وخفض كلفتها. وسنستغل الشمس والرياح والارض لمد سياراتنا بالوقود ولتشغيل مصانعنا. وسنحول مدارسنا ومعاهدنا وجامعاتنا لكي تواجه متطلبات العصر الجديد. يمكننا القيام بكل ذلك. وسنقوم بكل ذلك.
لكن البعض يشكك في حجم طموحاتنا ويشير إلى ان نظامنا لا يمكنه تحمل هذه الخطط الضخمة. لكن ذاكرتهم قصيرة اذ نسوا ما انجزته هذه الامة حتى الآن، ماذا بإمكان رجال ونساء احرار ان يحققوه عندما يضعون خيالهم في خدمة هدف مشترك ويقرنون الحاجة بالشجاعة.
ما لا يفهمه المشككون هو ان الأرض اهتزت تحت أقدامهم وان الخلافات السياسية التي نالت منا لفترة طويلة لم تعد قائمة. السؤال الذي نطرحه اليوم ليس فقط اذا كانت الحكومة كبيرة جدا او صغيرة جداً بل ما اذا كانت تعمل بفاعلية، ما اذا كانت تساعد الاسر على ايجاد عمل بأجر كريم ورعاية يمكنها تحمل كلفتها، والتقاعد بكرامة. عندما يكون الجواب نعم ننوي الاستمرار. عندما يكون الجواب لا فإننا سنوقف هذه البرامج. ومن يدير الاموال العامة سيحاسب وعليه الانفاق بطريقة حكيمة وان يعدل العادات السيئة والقيام بعمله في وضح النهار وعندها فقط يمكننا ان نعيد الثقة الاساسية بين الشعب وحكومته.
والسؤال المطروح أمامنا ليس لمعرفة ما إذا كانت السوق قوة خير أو قوة شر. فقدرتها على تحقيق الثروة وتوسيع نطاق الحرية لا مثيل لها. لكن هذه الازمة ذكرتنا انه من دون عين مراقبة، يمكن للسوق ان تخرج عن السيطرة وان اي امة لا يمكن ان تزدهر عندما تدعم الاثرياء فقط. نجاح اقتصادنا لطالما اعتمد ليس فقط على حجم اجمالي الناتج المحلي بل على مدى الازدهار وقدرتنا على توسيع الفرص لكل شخص صاحب ارادة ليس فقط عن طريق الاحسان بل كأفضل طريق لمصلحتنا المشتركة.
أما بالنسبة لدفاعنا المشترك فإننا نرفض ان نختار بين سلامتنا ومثلنا. فالآباء المؤسسون الذين واجهوا مآسي يصعب علينا تخيلها حتى، صاغوا ميثاقا لضمان حكم القانون وحقوق الانسان، ميثاقا تشده دماء الاجيال. هذه المثل لا تزال منارة للعالم ولن نتخلى عنها. لكل الشعوب والحكومات التي تشاهدنا اليوم من اكبر العواصم إلى البلدة الصغيرة التي ولد فيها والدي اقول: اعرفوا ان أمريكا هي دولة صديقة لكل امة ولكل رجل او امرأة وطفل يسعى إلى مستقبل سلام وكرامة واننا مستعدون لتولي القيادة مجددا.
تذكروا أن الاجيال السابقة واجهت الفاشية والشيوعية ليس فقط بالصواريخ والدبابات بل بالتحالفات والقناعات الثابتة. لقد ادركوا ان قوتنا وحدها لا يمكنها حمايتنا ولا تسمح لنا بأن نقوم بما يحلو لنا القيام به. بل على العكس ادركوا ان قوتنا تنمو عبر استخدامها الحكيم وان امننا ينتج عن عدالة قضيتنا وقوة قدوتنا وخصال التواضع وضبط النفس.
نحن حماة هذا الارث. وبالاعتماد على هذه المبادئ مرة اخرى يمكننا تجاوز هذه التهديدات الجديدة التي تتطلب جهدا اكبر من التعاون والتفاهم بين الامم. سنبدأ بترك العراق بطريقة مسؤولة إلى شعبه والسعي إلى سلام في افغانستان. مع الاصدقاء السابقين والخصوم السابقين سنعمل بلا كلل لخفض التهديد النووي وللتصدي لشبح الاحتباس الحراري. لن نعتذر عن طريقة عيشنا ولن نتوانى في الدفاع عنها وللذين يسعون إلى تحقيق اهدافهم من خلال الارهاب وقتل الابرياء نقول لهم الآن: لا يمكنكم القضاء علينا وسنلحق الهزيمة بكم.
وندرك أن إرثنا المختلط مصدر قوة وليس مصدر ضعف. نحن أمة من المسيحيين والمسلمين واليهود والهندوس وغير المؤمنين. لقد تشكلنا من كل لغة وكل ثقافة أتت من أي بقعة من الأرض وبما أننا ذقنا مرارة الحرب الأهلية والفصل العنصري وخرجنا من هذا الفصل القاتم أقوى وأكثر وحدة لا يمكننا إلا أن نؤمن بأن الاحقاد القديمة ستزول يوماً. وان الإنسانية مشتركة مع تحول العالم إلى بقعة صغيرة، ستتجلى وأن أمريكا ينبغي ان تضطلع بدورها في إحلال حقبة جديدة من السلام.
وللعالم الإسلامي أقول اننا نسعى إلى طريق جديد إلى الأمام يعتمد على المصلحة المشتركة والاحترام المتبادل. وعلى قادة العالم الذين يسعون إلى نشر بذور النزاع أو تحميل الغرب مسؤولية آفات مجتمعاتهم أن يدركوا أن شعوبهم ستحكم على ما يمكنهم بناءه وليس على ما يمكنهم تدميره. وللذين يتمسكون بالسلطة من خلال الفساد والخداع وإسكات صوت المنشقين أن يدركوا انكم على الجانب الخاطئ لكننا مستعدون لمد يدنا إذا كنتم مستعدين لتخفيف قبضتكم.
ولشعوب الأمم الفقيرة نتعهد العمل إلى جانبكم لكي تزدهر مزارعكم وتجري المياه النقية ولتغذية الأجساد والعقول الجائعة. وللأمم التي تتمتع شأن أمتنا بالوفرة النسبية أقول لا يمكننا ان نسمح بعد الآن بألا نبالي بالمآسي خارج حدودنا ولا يمكننا أن نستهلك موارد العالم من دون ان نتنبه إلى انعكاسات ذلك. العالم تغير وعلينا أن نتغير.
ونحن ننظر إلى الطريق الذي أمامنا، نتذكر بامتنان الأمريكيين الشجعان الذين يقومون في هذه الساعة بدوريات في صحارى بعيدة وجبال نائية. وهم يقولون شيئاً لنا اليوم تماماً كما يهمس الأبطال الذين سقطوا في آرلينغتون. نحن نكرمهم ليس فقط لأنهم حماة حريتنا بل لأنهم يجسدون روح الخدمة والإرادة على إيجاد معنى في شيء أكبر من ذاتهم. وفي هذه اللحظة وهي لحظة مصيرية بالنسبة لجيل كامل، أقول يجب ان تسكننا هذه الروح بالذات.
الحكومة يمكنها القيام بالكثير وينبغي عليها ذلك لكن في نهاية المطاف الامة تستند إلى إيمان الشعب الأمريكي وتصميمه.
قد تكون التحديات أمامنا جديدة. والأداوت التي نواجه فيها هذه التحديات قد تكون جديدة. لكن هذه القيم التي يعتمد عليها نجاحنا من العمل الجاد والنزاهة والشجاعة والروح الرياضية والتسامح والوفاء والوطنية والفضول، هي قيم قديمة. وهذه الامور حقيقة. لقد شكلت القوة الهادئة للتقدم عبر تاريخنا. والمطلوب هو العودة إلى هذه الحقيقة. المطلوب منا حقبة جديدة من المسؤولية واقرار من كل أمريكي بأن لدينا واجبات حيال انفسنا وحيال امتنا وحيال العالم، واجبات لا نقبل بها على مضض بل برحابة صدر مدركين ان لا امر يرضي الروح اكثر من العطاء الكامل من اجل مهمة صعبة.
هذا هو ثمن المواطنة ووعدها.
هذا مصدر ثقتنا، الادراك ان الرب يدعونا إلى التأثير في مصير غير أكيد.
هذا هو معنى حريتنا وعقيدتنا: كيف يمكن لرجال ونساء واطفال من كل جنس وعرق ودين ان يحتفلوا مشتركين في هذه الساحة الرائعة وكيف ان رجلا ما كان والده ليحصل على اي طعام في مطعم محلي قبل ستين عاما، يقف اليوم امامكم ليقسم اليمين الاكثر قدسية.
لذا يجب ان نتذكر اليوم ما نحن عليه والطريق التي اجتزناها. في السنة التي ولدت فيها أمريكا وفي أكثر الاشهر برودة تجمعت مجموعة صغيرة من الوطنيين حول حلقات نار على ضفاف نهر متجمد. وهجرت العاصمة. وتقدم العدو. وامتزجت الثلوج بالدماء. وعندما كانت نتيجة ثروتنا مشكوك بها جداً أمر أب الأمة بتلاوة هذه الكلمات على الشعب: “قولوا للأجيال المقبلة، إنه في قسوة الشتاء، عندما لا يستمر سوى الامل والفضيلة توحدت المدينة والبلاد القلقتان من خطر مشترك، وتقدمت لمواجهته”.
أمريكا، في وجه الخطر المشترك في شتاء المحن هذا، يجب ان نتذكر هذه الكلمات. بالامل والفضيلة فلنواجه هذه التيارات الباردة والعواصف ليتذكر اولاد اولادنا انه عندما أتت التجربة رفضنا أن نوقف المسيرة وأننا لم ندر ظهرنا ولم نترنح ومع أعين شاخصة إلى الأفق ونعمة الرب واصلنا حمل هبة الحرية العظيمة ونقلناها بسلام إلى الأجيال المقبلة.
منقول