تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : فضل لا حول ولا قوة إلا بالله


سائلة عفو ربها
2009-01-20, 22:16
http://farm4.static.flickr.com/3032/2459472188_70314937f5_o.gif (http://www.vip600.com/)



(( لا حول ولا قوة إلاّ بالله ))




فضل لا حول ولاقوة إلا بالله

لقد وردت نصوص كثيرة في السنة في بيان فضل هذه الكلمة وعظم شأنها، وقد تنوعت هذه النصوص في الدلالة على تشريف هذه الكلمة وتعظيمها ،مما يدل بجلاء على عظم فضل هذه الكلمة ورفعة مكانتها، وأنها كلمة عظيمة ينبغي على كلِّ مسلم أن يعنى بها ويهتمّ بها غاية الاهتمام، وأن يكثر من قولها لعظم فضلها عند الله، وكثرة ثوابها عنده ،ولما يترتب عليها من خيرات متنوعة وفضائل متعددة في الدنيا والآخرة، ومما يدل على فضل هذه الكلمة العظيمة ما يلي:
1 – أنَّها وردت في عدة أحاديث مضمومة إلى الكلمات الأربع الموصفة بأنها أحبّ الكلام إلى الله.
فقد ثبت في المسند وسنن الترمذي والحاكم من حديث عبد الله بن عمرو ابن العاص رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( ما على الأرض رجلٌ يقول لا إله إلاّ الله، والله أكبر، وسبحان الله، والحمد لله، ولا حول ولا قوة إلاّ بالله، إلاّ كُفِّرت عنه ذنوبه ولو كانت أكثر من زبد البحر )) .
وثبت في سنن أبي داود والنسائي والدار قطني وغيرهم عن ابن أبي أوفى رضي الله عنهما قال:جاء رجلٌ إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إني لا أستطيع أن أتعلم القرآن فعلّمني شيئاً يجزيني قال:" تقول: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلاّ الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلاّ بالله "، فقال الأعرابي هكذا وقبض يديه فقال: هذا لله فما لي، قال:"تقول: اللهم اغفر لي وارحمني وعافني وارزقني واهدني" فأخذها الأعرابي وقبض كفيه،فقال النبي صلى الله عليه وسلم:" أمَّا هذا فقد ملأ يديه بالخير " .
2 – ورودها معدودةً في الباقيات الصالحات التي قال الله عنها: {وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَاباً وَخَيْرٌ أَمَلاً} .
فقد روي من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"استكثروا من الباقيات الصالحات، قيل: وما هي يا رسول الله ؟ قال: التكبير والتهليل والتسبيح والحمد ولا حول ولا قوة إلاّ بالله"، رواه أحمد وابن حبان والحاكم وغيرهم وصححه الحاكم ووافقه الذهبي ، ولكن في إسناده أبو السمح دراج بن سمعان صدوق، في حديثه عن أبي الهيثم ضعف ، وهذا منها.
لكن جاء عدُّ لا حول ولا قوة إلاّ بالله في جملة " الباقيات الصالحات" عن غير واحد من الصحابة والتابعين، فقد روى الإمام أحمد في مسنده أنَّ أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه سئل عن " الباقيات الصالحات " ما هي ؟ فقال: (( هي لا إله إلاّ الله، وسبحان الله، والحمد لله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلاّ بالله)) .
وروى ابن جرير عن ابن عمر رضي الله عنهما أنَّه سئل عن " الباقيات الصالحات " فقال: لا إله إلاّ الله، والله أكبر، وسبحان الله، ولا حول ولا قوة إلاّ بالله .
وعن سعيد بن المسيب قال: (( الباقيات الصالحات:سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلاّ الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلاّ بالله )) .
وروى ابن جرير الطبري عن عمارة بن صياد قال: (( سألني سعيد بن المسيب عن " الباقيات الصالحات "، فقلت: الصلاة والصيام، قال: لم تصب، فقلت: الزكاة والحج، فقال: لم تصب، ولكنَّهنَّ الكلمات الخمس: لا إله إلاّ الله، والله أكبر، وسبحان الله، والحمد لله، ولا حول ولا قوة إلاّ بالله )) .
وأثر ابن المسيب هذا يوهم أنَّ " الباقيات الصالحات " محصورةٌ في هؤلاء الكلمات الخمس، والذي عليه المحققون من أهل العلم أنَّ " الباقيات الصالحات" هنّ جميع أعمال الخير، كما جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَات} قال( هي ذكر الله، قول لا إله إلاّ الله، ولا حول ولا قوة إلاّ بالله، وأستغفر الله، وصلى الله على رسول الله، والصيام والصلاة والحج والصدقة والعتق والجهاد والصلة وجميع أعمال الحسنات وهن الباقيات الصالحات، التي تبقى لأهلها في الجنة ما دامت السموات والأرض )) .
3 – إخبار النبي صلى الله عليه وسلم أنَّها كنزٌ من كنوز الجنة.
فقد روى البخاري ومسلم عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فكنا إذا علونا كبّرنا، وفي رواية: فجعلنا لا نصعد شرفاً ولا نعلو شرفاً ولا نهبط في واد إلاّ رفعنا أصواتنا بالتكبير، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " أيها الناس اربعوا على أنفسكم فإنَّكم لا تدعون أصمَّ ولا غائباً، ولكن تدعون سميعاً بصيراً"، ثم أتى عليّ وأنا أقول في نفسي: لا حول ولا قوة إلاّ بالله، فقال: "يا عبد الله بن قيس، قل: لا حول ولا قوة إلاّ بالله فإنَّها كنزٌ من كنوز الجنة"، أو قال:" ألا أدلك على كلمة هي كنزٌ من كنوز الجنة ؟ لا حول ولا قوة إلاّ بالله " .
قال بعض أهل العلم في التعليق على هذا الحديث: (( كان عليه الصلاة و السلام معلِّماً لأمته فلا يراهم على حالة من الخير إلاّ أحبّ لهم الزيادة ،فأحب للذين رفعوا أصواتهم بكلمة الإخلاص والتكبير أن يضيفوا إليها التبري من الحول والقوة فيجمعوا بين التوحيد والإيمان بالقدر)) ، وقد جاء في الحديث : " إذا قال العبد لا حول ولا قوة إلاّ بالله، قال الله: أسلم واستسلم" رواه الحاكم بإسناد قال عنه الحافظ ابن حجر: (( قوي )) .
وفي رواية:" ألا أدلك على كلمة من تحت العرش من كنز الجنة ؟ تقول: لا حول ولا قوة إلاّ بالله، فيقول الله عز وجل: أسلم عبدي واستسلم" رواه الحاكم وقال: (( صحيح ولا يحفظ له علة )) ووافقه الذهبي.
قال النووي – رحمه الله -: (( ومعنى الكنز هنا أنَّه ثواب مدخرٌ في الجنة، وهو ثوابٌ نفيسٌ كما أنَّ الكنز أنفس أموالكم )) .
وقال ابن حجر – رحمه الله: (( كنزٌ من كنوز الجنة من حيث أنَّه يدخر لصاحبها من الثواب ما يقع له في الجنة موقع الكنز في الدنيا؛ لأنَّ من شأن الكانز أن يعد كنزه لخلاصه مما ينوبه والتمتع به فيما يلائمه )) .
4 – ورود الأمر بالإكثار منها والإخبار أنَّها من غراس الجنة.
روى الإمام أحمد وابن حبان عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به مرَّ على إبراهيم، على نبينا وعليه الصلاة والسلام فقال: (( يا محمد مُرْ أمَّتَك أن يكثروا من غراس الجنة، قال: وما غراس الجنة ؟ قال: لا حول ولا قوة إلاّ بالله )) .
وروى الإمام أحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال:" أكثروا من قول لا حول ولا قوة إلاّ بالله فإنَّها كنزٌ من كنوز الجنة " .
5 – إخبار النبي صلى الله عليه وسلم أنَّها بابٌ من أبواب الجنة.
روى الإمام أحمد والحاكم عن قيس بن سعد بن عبادة أنَّ أباه دفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم يخدمه قال: فمرّ بي النبي صلى الله عليه وسلم وقد صليت فضربني برجله وقال:" ألا أدلك على باب من أبواب الجنة ؟ قلت: بلى، قال: لا حول ولا قوة إلاّ بالله" .
6 – تصديق الله لمن قالها.
روى الترمذي، وابن ماجه، وابن حبان، والحاكم، وغيرهم عن أبي إسحاق عن الأغر أبي مسلم، أنَّه شهد على أبي هريرة وأبي سعيد الخدري رضي الله عنهما أنَّهما شهدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم أنَّه قال:" إذا قال العبد: لا إله إلاّ الله والله أكبر، قال: يقول الله تبارك وتعالى: صدق عبدي لا إله إلاّ أنا وأنا أكبر، وإذا قال: لا إله إلاّ الله وحده، قال: صدق عبدي لا إله إلاّ أنا وحدي، وإذا قال: لا إله إلاّ الله لا شريك له، قال: صدق عبدي لا إله إلاّ أنا لا شريك لي، وإذا قال: لا إله إلاّ الله له الملك وله الحمد، قال: صدق عبدي، لا إله إلاّ أنا لي الملك ولي الحمد، وإذا قال: لا إله إلاّ الله ولا حول ولا قوة إلاّ بالله، قال: صدق عبدي لا إله إلاّ أنا ولا حول ولا قوة إلاّ بي".
ثم قال الأغر شيئاً لم أفهمه، قلتُ لأبي جعفر: ما قال ؟ قال: (( من رُزِقهنّ عند موته لم تمسّه النار )).
وقال الترمذي: حديث حسن، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي، وقال الشيخ الألباني ـ رحمه الله: وهو حديث صحيح .
قال ابن القيم – رحمه الله -: (( الذكر سبب لتصديق الرب عز وجل عبدَه، فإنَّ الذاكر يخبر عن الله تعالى بأوصاف كماله ونعوت جلاله، فإذا أخبر بها العبد صدَّقه ربُّه، ومن صدّقه اللهُ تعالى لم يحشر مع الكاذبين، ورجي له أن يحشر مع الصادقين )) .
فهذه بعض الفضائل الدالة على عظم مكانة هذه الكلمة، ورفعة شأنها، وكثرة عوائدها وفوائدها، وعظم ما يترتب عليها من أجور عظيمة وخيرات جليلة وفوائد متنوعة في الدنيا والآخرة.
وقد نظم ابن العراقي – رحمه الله – جملةً من الفضائل الواردة لهذه الكلمة في أبيات لطيفة فقال:
يا صاح أكثر قول لا حول ولا قـوة إلاّ فهـي للـداء دوا
وإنَّـها كنز مـن الجنـة يـا فوز امرئ لجنـة المأوى أوا
لـه يقـول ربنا أسلـم لـي عبدي واستسلم راضياً هـوا
وأنشد أيضاً لنفسه:
تـبرّأ مـن الحـول والقـوة تنل أيَّ كنز من الجنـة
وسلِّـم أمـورك لله كــي تبيت وتصبح في جنـة
ولا ترج إن مسّ خطب سوى إلهك ذي الفضل والمنة
وواظب على الخير واحرص على أداء الفرائض والسنـة
وكن سالم الصدر للمسلمـين من غلٍّ وحقد ومن ظنَّةٍ


يتبع بإذن الله


من كتاب الحوقلة مفهومها ودلالاتها العقدية

للشيخ عبد الرزاق بن عبد المحسن البدر

http://farm3.static.flickr.com/2291/2458335567_35ab8c33b1_o.gif (http://www.vip600.com/)

سعدالله محمد
2009-01-20, 22:28
جزاك الله خير الجزاء.

أريج_1
2009-01-21, 09:07
جزاك الله خير الجزاء

سائلة عفو ربها
2009-01-21, 16:15
جزاك الله خير الجزاء.

وجزاك ربي بالمثل

http://www.bn2cs.com/jp/images/3h025.gif

سائلة عفو ربها
2009-01-21, 16:22
جزاك الله خير الجزاء

وجزاك الباري بالمثل اخية

و


http://farm3.static.flickr.com/2401/2459561022_6834fa9daf_o.gif (http://www.vip600.com/)

سائلة عفو ربها
2009-01-21, 16:28
http://farm3.static.flickr.com/2134/2458636779_12a1beed4e_o.gif (http://www.vip600.com/)


معنى (( لا حول ولا قوة إلاّ بالله )):


الحول: هو التحرك، يقال: حال الرجل في متن فرسه يحول حولاً وحوُولاً إذا وثب عليه، وحال الشخص إذا تحرك، وكذلك كلُّ متحول عن حاله .
والقوة: هي الشدّة وخلاف الضعف، يقال: قوي الرجل، كرضي، فهو قويٌّ وتَقوَّى واقتوى أي: صار ذا شدّة، وقوّاه الله أي: أعطاه القوة وهي الشدّة وعدم الضعف .
فمعنى لا حول ولا قوة إلاّ بالله أي: لا تحول من حال إلى حال، ولا حصول قوة للعبد على القيام بأيِّ أمر من الأمور، إلاّ بالله، أي: إلاّ بعونه وتوفيقه وتسديده، وقد ورد في بيان معنى هذه الكلمة وتوضيح المراد بها عن السلف وأهل العلم نقول عديدة من ذلك:
1 – قول عبد الله بن عباس رضي الله عنهما في (( لا حول ولا قوة إلاّ بالله)) أي: (( لا حول بنا على العمل بالطاعة إلاّ بالله، ولا قوة لنا على ترك المعصية إلاّ بالله )) رواه ابن أبي حاتم .
2 – وروي عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنَّه قال في معناها أي (( لا حول عن معصية الله إلاّ بعصمته، ولا قوة على طاعته إلاّ بمعونته )) .
3 – وروي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه في معناها أي: (( أنا لا نملك مع الله شيئاً، ولا نملك من دونه، ولا نملك إلاّ ما ملكنا مما هو أملك به منا )) .
4 – وسئل زهير بن محمد عن تفسير (( لا حول ولا قوة إلاّ بالله )) فقال: ((لا تأخذ ما تحبّ إلاّ بالله، ولا تمتنع مما تكره إلاّ بعون الله )) رواه ابن أبي حاتم .
5 – وسئل أبو الهيثم الرازي وهو إمام في اللغة عن تفسير ((لا حول ولا قوة إلاّ بالله )) فقال: (( الحول: الحركة، يقال حال الشخص إذا تحرك، فكأنّ القائل إذا قال: لا حول ولا قوة ، يقول: لا حركة ولا استطاعة إلاّ بمشيئة الله )) .
6 – وقيل معناها: (( لا حول في دفع شر، ولا قوة في تحصيل خير إلاّ بالله)) .
وجميع هذه الأقوال متقاربة في الدلالة على المعنى المراد بهذه الكلمة العظيمة؛ ولهذا قال النووي – رحمه الله – بعد أن أورد بعض هذه الأقوال: (( وكلُّه متقاربٌ)) .






المصدر السابق


http://smiles.al-wed.com/smiles/65/1636.gif

aboudhia
2009-01-21, 17:12
http://http://www8.0zz0.com/2009/01/21/15/685126125.jpg (http://www.0zz0.com)

سائلة عفو ربها
2009-01-21, 17:50
http://www.arabsys.net/pic/thanx/15.gif
http://www.arabsys.net/pic/thanx/22.gif
http://www.arabsys.net/pic/thanx/14.gif

متفائل
2009-01-22, 19:35
لا حول ولا قوة إلاّ بالله

جزاك الله خيرا

أمين هندوستاني
2009-01-23, 00:03
جزاك الله خير الجزاء

سائلة عفو ربها
2009-01-23, 01:26
لا حول ولا قوة إلاّ بالله

جزاك الله خيرا



وجزاك ربي بالمثل

http://www.bn2cs.com/jp/images/3h025.gif

سائلة عفو ربها
2009-01-23, 01:27
جزاك الله خير الجزاء


وجزاك ربي بالمثل

http://www.bn2cs.com/jp/images/3h025.gif

سائلة عفو ربها
2009-01-23, 01:32
http://farm3.static.flickr.com/2291/2458335567_35ab8c33b1_o.gif (http://www.vip600.com/)

http://farm3.static.flickr.com/2134/2458636779_12a1beed4e_o.gif (http://www.vip600.com/)


الدلالات العقدية للاحول ولاقوة الا بالله



يمكن أن نلخص الدلالات العقدية لهذه الكلمة العظيمة في النقاط التالية:

1 – أنَّها كلمة استعانة بالله العظيم، فحريٌّ بقائلها والمحافظ عليها أن يظفر بعون الله له وتوفيقه وتسديده.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله -: (( وقول " لا حول ولا قوة إلاّ بالله " يوجب الإعانةَ؛ ولهذا سنّها النبي صلى الله عليه وسلم إذا قال المؤذّن: حيّ على الصلاة، فيقول المجيب: لا حول ولا قوة إلاّ بالله، فإذا قال: حي على الفلاح، قال المجيب: لا حول ولا قوة إلاّ بالله.
وقال المؤمن لصاحبه:{وَلَوْلا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ} ولهذا يؤمر بهذا من يخاف العين على شيء، فقوله:ما شاء الله، تقديره: ما شاء الله كان، فلا يأمن؛ بل يؤمن بالقدر ويقول: لا قوّة إلاّ بالله، وفي حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه المتفق عليه ،أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال:"هي كنز من كنوز الجنة" والكنز مال مجتمع لا يحتاج إلى جمع؛ وذلك أنَّها تتضمن التوكل والافتقار إلى الله تعالى.
ومعلوم أنَّه لا يكون شيء إلاّ بمشيئة الله وقدرته، وأنَّ الخلق ليس منهم شيء إلاّ ما أحدثه الله فيهم، فإذا انقطع طلب القلب للمعونة منهم وطلبها من الله فقد طلبها من خالقها الذي لا يأتي بها إلاّ هو، قال تعالى: {مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ} وقال تعالى:{وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ} وقال تعالى:{وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} وقال تعالى:{قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ} .
وقال صاحب يس:{أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آلِهَةً إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ لا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئاً وَلا يُنْقِذُونِ إِنِّي إِذاً لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ} ولهذا يأمر الله بالتوكل عليه وحده في غير موضع، وفي الأثر: من سره أن يكون أقوى الناس فليتوكل على الله، ومن سره أن يكون أغنى الناس فليكن بما في يد الله أوثق منه بما في يده)) .
ولهذا ورد في السنة مشروعية قول هذه الكلمة عند خروج المسلم من منزله لقضاء أموره الدينية أو الدنيوية استعانةً بالله واعتماداً عليه، فعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"من قال – يعني إذا خرج من بيته – بسم الله، توكلت على الله لا حول ولا قوة إلا بالله تعالى، يقال له: كفيت، ووقيت، وهديت، وتنحى عنه الشيطان، فيقول لشيطان آخر: كيف لك برجل قد هدي وكفي ووقي " رواه أبو داود والترمذي، وقال حديث حسن صحيح.
ولهذا أيضاً جعل بعض أهل العلم هذه الكلمة في مستهل ومفتتح مؤلفاتهم طلباً للإعانة من الله عز وجل كما في مقدمة صريح السنة للطبري، والأربعين في دلائل التوحيد للهروي، والصفات للدار قطني وغيرها.


2 - تضمنها الإقرار بربوبيّة الله وأنَّه وحده الخالق لهذا العالم، المدبّر لشؤونه، المتصرف فيه بحكمته ومشيئته، لا يقع شيءٌ في هذا العالم من حركة أو سكون، أو خفض أو رفع، أو عز أو ذل، أو عطاء أو منع إلاّ بإذنه، يفعل ما يشاء ولا يُمانع ولا يُغالب، بل قد قهر كلَّ شيء، ودان له كلُّ شيء، كما قال تعالى:{أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} ، وقال تعالى:{مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ} ، وقال تعالى:{يُدَبِّرُ الأَمْرَ مَا مِنْ شَفِيعٍ إِلاَّ مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ} ، فالقائل لتلك الكلمة مقرٌّ بهذا،مذعن به، معترف أنَّ أموره كلَّها بيد ربّه ومليكه وخالقه لا قدرة له على شيء ولا حول ولا قوة إلاّ بإذن ربّه ومولاه، وبتوفيق سيّده ومليكه، ولهذا إليه يلجأ، وبه يستعين، وعليه يعتمد في كلِّ أحواله وفي جميع شؤونه.


3 – تضمنها الإقرار بأسماء الله وصفاته، إذ القائل لهذه الكلمة ـ ولا بد ـ مقرٌّ بأنَّ المدعو المقصود الملتجأ إليه بهذه الكلمة غنيٌّ بذاته، وكلُّ ما سواه فقيرٌ إليه، قائم بذاته وكلُّ ما سواه لا يقوم إلاّ به، قديرٌ لذاته وكلُّ ما سواه عاجز لا قدرة له إلاّ بما أقدره، متصف بجميع صفات الكمال ونعوت العظمة والجلال، وكلُّ ما سواه ملازمه النقص، وليس الكمال المطلق إلاّ له سبحانه وتعالى، فلعظمة أسمائه وكمال نعوته وصفاته استحق أن يقصد وحده، وأن لا يلجأ إلاّ إليه.



4 – وفي هذا دلالةٌ وإشارة إلى التلازم بين التوحيد العلمي بقسميه: توحيد الربوبية وتوحيد الأسماء والصفات، والتوحيد العملي الذي هو توحيد الألوهية.
فإنَّ العبد إذا أقرّ بربوبية الله وكماله في أسمائه وصفاته فإنَّ ذلك يستلزم أن لا يلجأ إلاّ إليه، ولا يقصد أحداً سواه، وإن لم يفعل ذلك فإنَّه لا يكون موحداً بمجرد إقراره بربوبيّة الله وإيمانه بأسماء الله وصفاته، فلو أقرّ بما يستحقه الرب تعالى من الصفات، ونزهه عن كلِّ ما ينزه عنه، وأقرّ بأنه وحده خالق كلِّ شيء لم يكن من أهل الإيمان والتوحيد ما لم يشهد أنَّه لا إله إلاّ الله، ويعمل بمقتضى ذلك فلا يعبد إلاّ إيّاه، ولا يتوكل إلاّ عليه، ولا يعمل إلاّ لأجله.



5 – تضمنها الإقرار بألوهية الله، وأنَّه وحده المعبود بحق ولا معبود بحق سواه، وذلك في قوله (( إلاّ بالله )).
والله معناه كما قال ابن عباس رضي الله عنهما: (( ذو الألوهية والعبودية على خلقه أجمعين )) ، وقد جمع رضي الله عنه في هذا التفسير بين ذكر الألوهية وهي الوصف المتعلق بالله من هذا الاسم فهو سبحانه المألوه المعبود المرجو المطاع الذي لا يستحق العبادة أحدٌ سواه، وبين وصف العبد وهو العبودية؛ إذ إنَّ عباد الله هم الذين يعبدونه ويألهونه ويقومون بطاعته وحده لا شريك له.
ثم إنَّ هذا الاسم مستلزمٌ لجميع أسماء الله الحسنى دالٌ عليها بالإجمال، والأسماء الحسنى تفصيل وتبيين له، ولهذا كان من خصائص هذا الاسم أنَّ الله جلّ وعلا يضيف سائر الأسماء إليه كقوله:{وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} ويقال: العزيز الحكيم الرحيم من أسماء الله، ولا يقال الله من أسماء الرحمن، فلهذا الاسم شأنه ومكانته وخصائصه.
قال ابن منده – رحمه الله -: (( فاسم الله معرفة ذاته، منع الله عز وجل خلْقَه أن يتسمّى به أحدٌ من خلقه، أو يدعى باسمه إله من دونه، جعله أوّلَ الإيمان، وعمود الإسلام، وكلمة الحق والإخلاص، ومخالفة الأضداد والإشراك فيه، يحتجز القائل من القتل، وبه تفتتح الفرائض وتنعقد الأيمان، ويستعاذ من الشيطان، وباسمه يفتتح ويختم الأشياء، تبارك اسمه ولا إله غيره )) .



6 – تضمنها الإيمان بقضاء الله وقدره، ولهذا ترجم لها الإمام البخاري في كتاب القدر من صحيحه بقوله: (( باب: لا حول ولا قوة إلاّ بالله ))، ودلالة هذه الكلمة على الإيمان بالقدر ظاهرة؛ إذ فيه تسليم العبد واستسلامه وتبرّؤه من الحول والقوة، وأنَّ الأمورَ إنَّما تقع بقضاء الله وقدره.
قال ابن بطال: (( كان عليه [الصلاة و]السلام معلِّماً لأمته فلا يراهم على حالة من الخير إلاّ أحبّ لهم الزيادة، فأحبّ للذين رفعوا أصواتهم بكلمة الإخلاص والتكبير أن يضيفوا إليها التبرّي من الحول والقوّة فيجمعوا بين التوحيد والإيمان بالقدر )) .

يتبع باذن الله............

http://farm3.static.flickr.com/2291/2458335567_35ab8c33b1_o.gif (http://www.vip600.com/)

سائلة عفو ربها
2009-01-23, 19:59
http://farm3.static.flickr.com/2291/2458335567_35ab8c33b1_o.gif (http://www.vip600.com/)

http://farm3.static.flickr.com/2134/2458636779_12a1beed4e_o.gif (http://www.vip600.com/)


7 – أنّ فيها معنى الدعاء الذي هو روح العبادة ولبُّها، وقد ذكر الإمام البخاري – رحمه الله – في كتاب الدعوات من صحيحه باباً بعنوان: (( باب قول لا حول ولا قوّة إلاّ بالله))، فهي من جملة الأدعية النبوية النافعة المشتملة على معاني الخير وجوامع الكلم.

8 – أنَّ فيها الإيمان بمشيئة الله النافذة، وأنَّ ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، وأنّ مشيئة العبد تحت مشيئة الله، كما قال الله تعالى:{لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ وَمَا تَشَاءُونَ إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} فلا قدرة للعبد على القيام بما يشاء من الخير وما يريده من المصالح إلاّ أن يشاء الله، قال الله تعالى:{وَلَوْلا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ} .

9 – أنَّ فيها الإقرارَ من العبد بفقره واحتياجه إلى ربّه في جميع أحواله وكافة شؤونه، كما قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ} .
وقد بيّن الله سبحانه في هذه الآية الكريمة أنّ فقر العباد إليه أمر ذاتي لهم لا ينفك عنهم، وهو ثابتٌ لهم لذواتهم وحقائقهم من كلِّ وجه، لا غنى لهم عن ربّهم وسيّدهم طرفة عين ولا أقلّ من ذلك.
قال ابن القيم – رحمه الله -: (( اعلم أنَّ كلَّ حي – سوى الله – فهو فقيرٌ إلى جلب ما ينفعه ودفع ما يضرّه، والمنفعة للحيّ من جنس النعيم واللذّة، والمضرّة من جنس الألم والعذاب، فلا بد من أمرين: أحدهما هو المطلوب المقصود المحبوب الذي ينتفع به ويتلذذ به، والثاني هو المعين الموصل المحصل لذلك المقصود والمانع لحصول المكروه والدافع له بعد وقوعه.
فهاهنا أربعة أشياء: أمر محبوب مطلوب الوجود، والثاني أمر مكروه مطلوب العدم، والثالث الوسيلة إلى حصول المحبوب، والرابع الوسيلة إلى دفع المكروه، فهذه الأمور الأربعة ضرورية للعبد، بل ولكلِّ حي سوى الله، لا يقوم صلاحه إلاّ بها.
إذا عرف هذا فالله سبحانه هو المطلوب المعبود المحبوب وحده لا شريك له، وهو وحده المعين للعبد على حصول مطلوبه، فلا معبود سواه ولا معين على المطلوب غيره، وما سواه هو المكروه المطلوب بعده، وهو المعين على دفعه، فهو سبحانه الجامع للأمور الأربعة دون ما سواه، وهذا معنى قول العبد{إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} فإنَّ هذه العبادة تتضمن المقصود المطلوب على أكمل الوجوه، والمستعان هو الذي يستعان به على حصول المطلوب ودفع المكروه، فالأوّل من مقتضى ألوهيّته، والثاني من مقتضى ربوبيّته )) .

10- أهمية الارتباط بالله في جميع الأمور الدينية والدنيوية ،وإذا صح هذا الأمر من العبد قوي يقينه وزاد إخلاصه وعظمت ثقته بالله ،والمؤمن الصادق يصحبه هذا الأمر في كلِّ أحواله وجميع شؤونه، فهو في صلاته وصيامه وحجه وبره وغير ذلك من أمور دينه يطلب الحولَ والقوّة على تحقيق ذلك والقيام به وتتميمه من الله تعالى، وفي جلبه للرزق وطلبه للمباح وغير ذلك من أمور دنياه يطلب الحول والقوة على تحصيل ذلك ونيله من الله تبارك وتعالى، فهو معتمد على الله في جلب حوائجه وحظوظه الدنيوية ودفع مكروهاته ومصائبه، ومعتمد على الله في حصول ما يحبّه هو ويرضاه من الإيمان واليقين والصلاة والصيام والحج والجهاد والدعوة وغير ذلك.

11 – أنّ فيها رداًّ على القدريّة النفاة، الذين ينفون قدرة الله ويجعلون العبد هو الخالق لفعل نفسه دون أن يكون لله عليه قدرة، فقول العبد (( لا حول ولا قوّة إلاّ بالله )) فيه إثبات القدرة والمشيئة لله، وأنّ حول العبد وقوّته إنَّما يكون بالله، ولهذا كانت هذه الكلمة متضمنةً الردّ على القدريّة النافين لذلك.
قال ابن بطال: (( هذا بابٌ جليل في الردّ على القدرية؛ وذلك أنَّ معنى لا حول ولا قوة إلاّ بالله أي: يخلق الله له الحول والقوّة وهي القدرة على فعله للطاعة أو المعصية كما ورد عنه عليه الصلاة والسلام أنَّ الباري تعالى خالق لحول العبد وقدرته على مقدوره، وإذا كان خالقاً للقدرة فلا شك أنَّه خالق للشيء المقدور)) .

12 – أنَّ فيها رداًّ على الجبرية النافين لمشيئة العبد وقدرته القائلين بأنَّ الإنسان مجبور على فعل نفسه، وأنَّه كالورقة في مهب الريح لا حول له ولا قدرة،فقول (( لا حول ولا قوّة إلاّ بالله ))متضمنٌ إبطال ذلك وتكذيبه، وذلك لتضمنها إثبات القوّة والحول للعبد، وأنَّ ذلك إنَّما يقع له بمشيئة الله وقدرته{لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ وَمَا تَشَاءُونَ إِلاَّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} .

فهذه بعض دلالات هذه الكلمة العظيمة، وشيء من معانيها الجليلة الدالة على رفعة مكانتها وعظم شأنها وكثرة فوائدها وعوائدها والله تعالى أعلم.
http://farm3.static.flickr.com/2291/2458335567_35ab8c33b1_o.gif (http://www.vip600.com/)