تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : بين حلم عاصمة الضباب وبلد الاجداد...


جير بلقاسم
2012-05-14, 14:19
بين حلم عاصمة الضباب وبلد الاجداد...

زميل من زملاء الصبا ..والدراسة..واخرا وليس اخيرا زميل البطالة...!! اسمه ع النور خرشوش رعاه الله ،طلب مني ان ابوح عما يجيش في خاطري ..في فؤادي..بل في نفسي من حلم يراودني ..يعاكسني ..ويعكر مزاجي..وينغص علي نومي..فتجدني..ادور ..اتلوى على نفسي ..جسدي وحالي..من حر وحرق الحياة..ومرارة العيش في مجتمع اصبح لايتكلم الا على المادة..المال..المعريفة..المحسوبية..الرشوة..الكذب ..السرقة..النهب...التقتيل..التعنتير..الذبيح..السلي خ..التوبيخ..التفريخ..الزنى..اللواط..الخيانة
..الغدر..الزيت..السكر..الحليب..الغاز..الفقر..المكر ..الخديعة...التخدير..التبندير..التبذير..
..الحرقة..الهربة..الهدة...هذه ومشتقاتها..وما سقط اعظم واكثر واشنع ويبقى عالمها الله..
مصطلحات لاتكاد جريدة يومية الا وتجدها قد امتلات بها من الالف الى مالا نهاية...
مصطلحات حفضتها جداتنا في سن التسعين وابناؤنا في ارحام امهاتنا..
مصطلحات كرهت منها سيالاتنا التي كتبتها تريليونات المرات...
مصطلحات..كرهتها اسماعنا واعيننا..وقبلتها وسلمت بها عقولنا بسبق الاصرار والترصد... لذا اليوم وبعد ان تخرجت من الجامعة..وذقت مرارة العمل بمؤسسة البلدية الخاصة في شد الجدران من السقوط على رؤوس المسؤولين..قررت ان ارحل ولو بفكري..ولو بمخيلتي..في جلسة بجانب الجدار المكلف بحراسته بمعية شهادتي الجامعية التي لم تعد تفارقني..
ان ارحل وارتحل الى العيش برهة زمنية..في عاصمة الضباب..لندن..وبلاد الشجعان..اسكتلندا..لانه حلمي الجديد الذي اصبح يراودني بعد ان رفضني ازواج امي الجزائر ...هو حلمي كباقي الاحرار ..الافذاذ..الطاقات الشابة الجزائرية التي تريد ان تعيش الحياة الكريمة ولو بعد جهد جهيد..وميزيرية كبيرة..ولكن العبرة في الخواتيم..
حلمي اختار المملكة..لان ملكا جاءني في ليالي زماني بعد بكائي على وسادتي..من شدة الاسى من حراسة الجدار..وكلام الجار..والبقار..والحقار..والحفار..والدفار..واصحاب المال والسلطة والجاه والقرار..باني لااصلح بعد تخرجي الا للرعي..
جاءني الملك وقال لي ..اذهب الى المملكة( بريطانيا)فان بها ملك لايظلم عنده احد..فذكرني بملك الحبشة..النجاشي..تساءلت في نفسي ..لماذا المملكة..بالضبط ولم يقل لي مثلا اذهب الى العاصمة..او الى تمنراست..او الى اي مكان من الجزائر الكبيرة والشاسعة..وقفت هنيهة وادركت انه محق كل الحق..اتدرون لماذا..لاني تذركت ماكان يقول لي اخي الموجود منذ 10 سنوات في بريطانيا..بان المملكة امنة من اي شر بشري..وماجاء الا وانه قدر الاهي..حتمي..اتذكر انه قال لي بان في بريطانيا لايظلمونك..لايحسدونك..لايسرقونك..لايضربونك..لايهين وك..يكون ذلك الا اذا اوصلت نفسك للمهراز..والتهراس..عليك فقط ان تشمر على ساعديك ..في اي مجال شئت..الدراسة..العمل...قال لي هم يطبقون مبدا من جد وجد..ويطبقون فحوى الاية الكريمة..*قل اعملوا فسيرى الله اعمالكم والمومنون*..يطبقون الغاية لا تبرر الوسيلة..يقدمون مبدا المصلحة العامة عن الخاصة..يطبقون مبدا النظافة من الايمان والوسخ من الشيطان...
معروفون بحب العمل..التفاني ..الاتقان..عدم التهاون..الاجتهاد..الاخلاص..الحب..يمقتون الغدر..والخيانة..اي كل مامقته ديننا الحنيف ويمقته..
يحبون الرفاهية الحسية..العقلية..الجسدية..البدنية..الفكرية..الاقتص ادية..الاجتماعية..
ويمقتون ..الانغلاق..والانطواء..والكره والبغض...تماما كما جاءنا به كتابنا الحنيف ممثل في شخص حبيبنا الهادي محمد صلى الله عليه وسلم..كما درسنا سيرته العطرة..وقرانا تصرفاته واخلاقه..وحياته..
قارنت كل تلك المواصفات التي وصلتني من عند اخي واحبابي واصحابي..عن مايميز المملكة..بما يحدث ويميز بلادي الجزائر...فصدمت ..كان زلزالا ضرب منطقة المخيخ بدرجة مليار على سلم ريختر..كان حادثا اليما..خلف خسائر مادية ..فكرية ..كبيرة جدا..حولت الكثير مما كنت افكر فيه اتجاه بلدي...
وفي تلك الاثناء قفزت من تحت الجدار..واصبت بفزع كبير..وجدت نفسي في حالة يرثى لها..وتدمع لها كل عين بائس مثلي..وتقشعر لها ابدان طلاب الجامعة بمثلي..وجدت العرق يتصبب على جبيني..وشعري منتصب كان باحدهم وضع له مثبت شعر..
برهة زمنية اخرى..اخذت نفس عميقة..عدت الى حالي..دون علم احد من المارة..رفعت سيالتي التي خطت لكم هذه الكلمات.. هي الوحيدة التي حفظت ماء وجه الفاجعة..كانت الساعة تشير الخامسة مساءا...عدت الى بيت امي وابي..وحال لساني يقول..مالنا وهذه الحياة..ايعقل ان يعيش المسكين حقيرا ويموت شقيا ولا هم له سوى انه طلب حقه في هذا الوجود...؟؟
ولكن هذه المرة ليس كباقي المرات ..فقد عدت مصرا على عاصمة الضباب..دون رجعة..دون رجعة...بلادي احبك ..لكن اكرهكم ازواج امي ..اكرهكم..قادم اليك اخي ..قادم اليك مملكة المظلومين..
جير بلقاسم من على منبر طارق ابن زياد-عين الدفلى-