الغضنفر
2009-01-16, 23:42
بسم الله الرحمن الرحيم
[SIZE=6]أيها المسلمون؛ قاتلوهم بإسلامكم
في جمادى الأولى من العام الثامن للهجرة؛ وقف الجيش المسلم في ثلاثة آلاف جندي يواجه جيش الروم في مائتي ألف عند "مؤتة" بالشام... ثلاثة آلاف موحد في مواجهة 200 ألف من الروم ومن معهم من الأتباع العرب... مفاجأة تذهل أي إنسان عن نفسه، وتخلع قلبه خوفا وفزعا.
وكان الرسول صلي الله عليه وسلم قد جعل قيادة الجيش لزيد بن حارثة، فإن استشهد؛ فجعفر بن أبي طالب، فإن أصيب؛ فعبد الله بن رواحة، فإن استشهد؛ فعلى المسلمين أن يختاروا للقيادة واحدا منهم.
وأمام هذا الحشد الهائل من جند الروم استشعر بعض المسلمين الخوف والتردد، وقالوا: (نكتب لرسول الله صلي الله عليه وسلم، فنخبره بعدد عدونا، فإما أن يمدنا بالرجال، وإما أن يأمرنا بأمره، فنمضي له).
فنهض عبد الله بن رواحة - خطيب المسلمين وشاعرهم - وخطب الناس قائلاً: (يا قوم، والله إن التي تكرهون للتي خرجتم تطلبون؛ الشهادة، وما نقاتل الناس بعدد، ولا قوة، ولا كثرة، ما نقاتلهم إلا بهذا الدين الذي أكرمنا الله به، فانطلقوا، فإنما هي إحدي الحسنيين، إما ظهور، وإما شهادة).
قال الناس: (صدق والله ابن رواحة)... ومضوا إلى القتال.
وبدأ التلاحم، واستشهد القائد الأول زيد بن حارثة، فتلقف الراية جعفر بن أبي طالب، فلما استشهد أخذ الراية عبد الله بن رواحة، وشق صفوف الأعداء وهو يرتجز:
يا نفس إلا تقتلي تموتي http://alsunnah.info/styles/default/images/star.gifهذا حًمام الموت قد صليت
وما تمنيت فقد أُعطيت http://alsunnah.info/styles/default/images/star.gifإن تفعلي فعلهما هُديت
ويقصد القائدين السابقين زيد بن حارثة وجعفر بن أبي طالب.
واختار الناس خالد بن الوليد، الذي استطاع بعبقريته أن يجنب المسلمين خطر الإبادة، وانسحب بالمسلمين في خطة محكمة.
ولم يستشهد في هذه الموقعة إلا أثنا عشر شهيدا، منهم القادة الثلاثة، وأثنى النبي صلي الله عليه وسلم على ما فعل خالد، وقال عنه وعن الجيش العائد: (إنهم كُرار، لا فُرّار).
بل بهذا الدين نقاتل...
لقد تمكن عبد الله بن رواحة رضي الله عنه؛ أن يُثبت الناس، ويبث في نفوسهم القوة والعزة والشجاعة بهذا الشعار العلوي الشامخ: (ما نقاتل الناس بعدد، ولا قوة، ولا كثرة، ما نقاتلهم إلا بهذا الدين الذي أكرمنا الله به...)، وهي عبارة مقطرة تضع أيدينا على مفتاحين على طرفي نقيض؛ مفتاح الهزيمة، ومفتاح النصر.
فالهزيمة تتحقق بالاعتماد الكلي على الكثافة العددية، وقوة السلاح المادي، أي على العدد، والعدة، مع إغفال أي عنصر عقدي أو نفسي، والمنطق الإسلامي يرفض هذا النهج.
والتاريخ ينقل لنا أن المسلمين انكسروا يوم حنين حينما أعجبتهم كثرتهم، وقالوا: (لن نُغٍلب اليوم من قلة) وقد صور الله سبحانهوتعالى هذا الموقف في قوله: {ويوم حنين اذ اعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا وضاقت عليكم الارض بما رحبت ثم وليتم مدبرين}.
والعدد والعدة؛ عامل مؤقت معرض للزوال، فالكثرة قد تتحول إلى قلة، والعدة تقل وتنفد وتفنى مع كثرة المعارك ومرور الأيام.
أما عنصر الدين، والإيمان الراسخ به؛ فيجعل من القلة الصابرة المحتسبة قوة فاعلة منتصرة، {كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة باذن الله والله مع الصابرين}.
ومفتاح النصر...
أما مفتاح النصر الذي أهدته لنا عبارة القائد الشهيد؛ فهو الدين الذي أكرمنا الله به، وهو الإسلام.
ولكن ماذا تعني العبارة "القتال بالدين"؟ وكيف يكون القتال به؟!
الدين هنا يعني منظومة القيم النفسية، والخلقية، والعقلية، والروحية التي تصنع نسيج "شخصية المسلم"، من إيمان، وصبر، وفطنة، وثبات، وعزم، وإصرار، وتضحية، وعزة، وكرامة، وإيثار، فإذا بالمسلم - حتى لو كان فردا - يصدق عليه قول الشاعر:
كان من نفسه الكبيرة في جيـ http://alsunnah.info/styles/default/images/star.gifـش، وإنٍ خيل أنه إنسانُ
فبهذا الدين... يتحول "المسلم الفرد" إلى "المسلم الحشد"... "المسلم الجيش"... "المسلم الأمة"... وفي هذه الحال يهون العدد الضخم الكبير أمام المسلم الشامخ الكبير، فالعدد - بالمنطق الإسلامي - لا يكون له اعتبار إلا إذا تحول من عدد حسابي إلى عدد قيمي.
امتداد تاريخي...
وامتد هذا الشعار - نقاتلهم بهذا الدين - على مدار التاريخ الإسلامي، عزةً وإباء وشمما.
فربعي بن عامر - المتكلم باسم المسلمين - يقول لـ "رستم" الفرس - الذي سأله: ما جاء بكم؟: (الله ابتعثنا، والله جاء بنا، لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة الله، ومن ضيق الدنيا إلى سعتها، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام، فأرسلنا بدينه إلى خلٍقه، لندعوهم إليه، فمن قبل منا ذلك قبلنا ذلك منه، ورجعنا عنه، وتركناه وأرضه يليها دوننا، ومن أبى قاتلناه أبدا، حتى نفضي - نصل - إلى موعود الله - وموعود الله هو - الجنة لمن مات على قتال من أبى، والظفر - النصر - لمن بقي...).
وبصوت العزة الإسلامية، واستعلاء الإيمان، يقول المغيرة بن شعبة لـ "رستم" - من خطاب طويل -: (... وإذا احتجت إلينا أن نمنعك - نحميك - فكن لنا عبدا، تؤدي الجزية عن يد، وأنت صاغر، وإلا فالسيف إن أبيت...).
وهو الصوت الذي حمله رد هارون الرشيد على رسالة لنقفور يهدده فيها: (بسم الله الرحمن الرحيم، من هارون أمير المؤمنين إلى "نقفور" كلب الروم، فقد قرأت كتابك يا ابن الكافرة، والجواب ما تراه دون ان تسمعه).
وهو الصوت الحاسم الذي واجه به خليفة المسلمين السلطان عبد الحميد الأطماع الصهيونية حينما عرض عليه "هرتزل" أن يسدد اليهود ديون الدولة العلية مقابل سماحه بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين: (... إني لست على استعداد أن أتخلي عن شبر واحد من هذه البلاد لتذهب إلى غير أهلها، فالبلاد ليست ملكي، بل هي ملك شعبي الذي روى أرضها بدمائه، وليحتفظ اليهود بملابينهم الذهبية...).
هذا هو القول الفصل...
نعم يا مسلمون، إذا أردتم أن تنتصروا في معارككم؛ فعليكم أن تقاتلوا أعداءكم "بهذا الدين الذي أكرمنا الله به"، عليكم أن تربوا أبناءكم عليه، وتغرسوا في نفوسهم قيمه، ليكون منهج حياة وسلوك في السلم والحرب، في المنشط والمكره، في السراء والضراء، في سياسة الحكم والتربية، والتعليم، والاقتصاد، في نطاق الفرد والجماعة بمفهومها الواسع الشامل... حتى يعيد التاريخ نفسه، وتكون الأمة الإسلامية جديرة بالخيرية والأفضلية، {كنتم خير امة اخرجت للناس تامرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله }.
سيقول المختلون والمتخلفون: هذه دعوة للتعصب والعصبية والطائفية! قولوا لهم: {سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين}
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[SIZE=6]أيها المسلمون؛ قاتلوهم بإسلامكم
في جمادى الأولى من العام الثامن للهجرة؛ وقف الجيش المسلم في ثلاثة آلاف جندي يواجه جيش الروم في مائتي ألف عند "مؤتة" بالشام... ثلاثة آلاف موحد في مواجهة 200 ألف من الروم ومن معهم من الأتباع العرب... مفاجأة تذهل أي إنسان عن نفسه، وتخلع قلبه خوفا وفزعا.
وكان الرسول صلي الله عليه وسلم قد جعل قيادة الجيش لزيد بن حارثة، فإن استشهد؛ فجعفر بن أبي طالب، فإن أصيب؛ فعبد الله بن رواحة، فإن استشهد؛ فعلى المسلمين أن يختاروا للقيادة واحدا منهم.
وأمام هذا الحشد الهائل من جند الروم استشعر بعض المسلمين الخوف والتردد، وقالوا: (نكتب لرسول الله صلي الله عليه وسلم، فنخبره بعدد عدونا، فإما أن يمدنا بالرجال، وإما أن يأمرنا بأمره، فنمضي له).
فنهض عبد الله بن رواحة - خطيب المسلمين وشاعرهم - وخطب الناس قائلاً: (يا قوم، والله إن التي تكرهون للتي خرجتم تطلبون؛ الشهادة، وما نقاتل الناس بعدد، ولا قوة، ولا كثرة، ما نقاتلهم إلا بهذا الدين الذي أكرمنا الله به، فانطلقوا، فإنما هي إحدي الحسنيين، إما ظهور، وإما شهادة).
قال الناس: (صدق والله ابن رواحة)... ومضوا إلى القتال.
وبدأ التلاحم، واستشهد القائد الأول زيد بن حارثة، فتلقف الراية جعفر بن أبي طالب، فلما استشهد أخذ الراية عبد الله بن رواحة، وشق صفوف الأعداء وهو يرتجز:
يا نفس إلا تقتلي تموتي http://alsunnah.info/styles/default/images/star.gifهذا حًمام الموت قد صليت
وما تمنيت فقد أُعطيت http://alsunnah.info/styles/default/images/star.gifإن تفعلي فعلهما هُديت
ويقصد القائدين السابقين زيد بن حارثة وجعفر بن أبي طالب.
واختار الناس خالد بن الوليد، الذي استطاع بعبقريته أن يجنب المسلمين خطر الإبادة، وانسحب بالمسلمين في خطة محكمة.
ولم يستشهد في هذه الموقعة إلا أثنا عشر شهيدا، منهم القادة الثلاثة، وأثنى النبي صلي الله عليه وسلم على ما فعل خالد، وقال عنه وعن الجيش العائد: (إنهم كُرار، لا فُرّار).
بل بهذا الدين نقاتل...
لقد تمكن عبد الله بن رواحة رضي الله عنه؛ أن يُثبت الناس، ويبث في نفوسهم القوة والعزة والشجاعة بهذا الشعار العلوي الشامخ: (ما نقاتل الناس بعدد، ولا قوة، ولا كثرة، ما نقاتلهم إلا بهذا الدين الذي أكرمنا الله به...)، وهي عبارة مقطرة تضع أيدينا على مفتاحين على طرفي نقيض؛ مفتاح الهزيمة، ومفتاح النصر.
فالهزيمة تتحقق بالاعتماد الكلي على الكثافة العددية، وقوة السلاح المادي، أي على العدد، والعدة، مع إغفال أي عنصر عقدي أو نفسي، والمنطق الإسلامي يرفض هذا النهج.
والتاريخ ينقل لنا أن المسلمين انكسروا يوم حنين حينما أعجبتهم كثرتهم، وقالوا: (لن نُغٍلب اليوم من قلة) وقد صور الله سبحانهوتعالى هذا الموقف في قوله: {ويوم حنين اذ اعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا وضاقت عليكم الارض بما رحبت ثم وليتم مدبرين}.
والعدد والعدة؛ عامل مؤقت معرض للزوال، فالكثرة قد تتحول إلى قلة، والعدة تقل وتنفد وتفنى مع كثرة المعارك ومرور الأيام.
أما عنصر الدين، والإيمان الراسخ به؛ فيجعل من القلة الصابرة المحتسبة قوة فاعلة منتصرة، {كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة باذن الله والله مع الصابرين}.
ومفتاح النصر...
أما مفتاح النصر الذي أهدته لنا عبارة القائد الشهيد؛ فهو الدين الذي أكرمنا الله به، وهو الإسلام.
ولكن ماذا تعني العبارة "القتال بالدين"؟ وكيف يكون القتال به؟!
الدين هنا يعني منظومة القيم النفسية، والخلقية، والعقلية، والروحية التي تصنع نسيج "شخصية المسلم"، من إيمان، وصبر، وفطنة، وثبات، وعزم، وإصرار، وتضحية، وعزة، وكرامة، وإيثار، فإذا بالمسلم - حتى لو كان فردا - يصدق عليه قول الشاعر:
كان من نفسه الكبيرة في جيـ http://alsunnah.info/styles/default/images/star.gifـش، وإنٍ خيل أنه إنسانُ
فبهذا الدين... يتحول "المسلم الفرد" إلى "المسلم الحشد"... "المسلم الجيش"... "المسلم الأمة"... وفي هذه الحال يهون العدد الضخم الكبير أمام المسلم الشامخ الكبير، فالعدد - بالمنطق الإسلامي - لا يكون له اعتبار إلا إذا تحول من عدد حسابي إلى عدد قيمي.
امتداد تاريخي...
وامتد هذا الشعار - نقاتلهم بهذا الدين - على مدار التاريخ الإسلامي، عزةً وإباء وشمما.
فربعي بن عامر - المتكلم باسم المسلمين - يقول لـ "رستم" الفرس - الذي سأله: ما جاء بكم؟: (الله ابتعثنا، والله جاء بنا، لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة الله، ومن ضيق الدنيا إلى سعتها، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام، فأرسلنا بدينه إلى خلٍقه، لندعوهم إليه، فمن قبل منا ذلك قبلنا ذلك منه، ورجعنا عنه، وتركناه وأرضه يليها دوننا، ومن أبى قاتلناه أبدا، حتى نفضي - نصل - إلى موعود الله - وموعود الله هو - الجنة لمن مات على قتال من أبى، والظفر - النصر - لمن بقي...).
وبصوت العزة الإسلامية، واستعلاء الإيمان، يقول المغيرة بن شعبة لـ "رستم" - من خطاب طويل -: (... وإذا احتجت إلينا أن نمنعك - نحميك - فكن لنا عبدا، تؤدي الجزية عن يد، وأنت صاغر، وإلا فالسيف إن أبيت...).
وهو الصوت الذي حمله رد هارون الرشيد على رسالة لنقفور يهدده فيها: (بسم الله الرحمن الرحيم، من هارون أمير المؤمنين إلى "نقفور" كلب الروم، فقد قرأت كتابك يا ابن الكافرة، والجواب ما تراه دون ان تسمعه).
وهو الصوت الحاسم الذي واجه به خليفة المسلمين السلطان عبد الحميد الأطماع الصهيونية حينما عرض عليه "هرتزل" أن يسدد اليهود ديون الدولة العلية مقابل سماحه بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين: (... إني لست على استعداد أن أتخلي عن شبر واحد من هذه البلاد لتذهب إلى غير أهلها، فالبلاد ليست ملكي، بل هي ملك شعبي الذي روى أرضها بدمائه، وليحتفظ اليهود بملابينهم الذهبية...).
هذا هو القول الفصل...
نعم يا مسلمون، إذا أردتم أن تنتصروا في معارككم؛ فعليكم أن تقاتلوا أعداءكم "بهذا الدين الذي أكرمنا الله به"، عليكم أن تربوا أبناءكم عليه، وتغرسوا في نفوسهم قيمه، ليكون منهج حياة وسلوك في السلم والحرب، في المنشط والمكره، في السراء والضراء، في سياسة الحكم والتربية، والتعليم، والاقتصاد، في نطاق الفرد والجماعة بمفهومها الواسع الشامل... حتى يعيد التاريخ نفسه، وتكون الأمة الإسلامية جديرة بالخيرية والأفضلية، {كنتم خير امة اخرجت للناس تامرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله }.
سيقول المختلون والمتخلفون: هذه دعوة للتعصب والعصبية والطائفية! قولوا لهم: {سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين}
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ