ب - مرسلي
2012-05-05, 22:04
من حقك أن يكون لك رأي تعبر عنه بكل ما أتيح لك من وسائل مشروعة، ولا يملك غيرك أن يسلبك هذا الحق، هو حق مقدس، تكفله لك كل الشرائع والقوانين والدساتير، ولكن حين تستولي عليك الرغبة في فرض هذا الرأي على الآخرين، تكون قد أنكرت عليهم ما رغبت في الحصول عليه.
أعْجَبُ أشد العجب ممن تتحاور معه حول قضية من القضايا، وهو في دخيلة نفسه يرى الحق في جانبه، ويسعى بكل ما أوتي من قوة لأن يقنعك بوجهة نظره، أو يفرضها عليك، ليس لأنه يملك الحجة، ولكنه يراك غير أهل لأن يكون لك رأي، وما عليك إلاّ أن تتنازل عن رأيك، وتطأطئ رأسك خاضعا مستكينا، ليس لك الحق في أن تعارض وتناقش آراءه، إنه نوع من التعالي يلبس صاحبه فيبدو أكبر حجما من الحقيقة في نظر نفسه، وقد خَبِرت هذا النوع من البشر فألفيته وقد سيطرت عليه الأنانية، وطغى عليه العجب، ويحتاج إلى علاج من هذا الداء العضال.
دع غيرك يعبر عن رأيه، ما في ذلك ضير، ولن ينقص من قدرك شيء إن تنازلت عن كبريائك، وأنصت له، ومنحته بعضا من الوقت ليدلي بدلوه في قضية تراها حكرا عليك، قد يملك دليلا أقوى من دليلك، وهذا في صالحك، حتى وإن بدا لك في وقت من الأوقات أن في الأمر إهانة لك، ولكن حين تنصت إلى عقلك في لحظة صفاء ستدرك هذه الحقيقة، حقيقة أن الذي يملك دليلا أقوى من دليلك في صالحك، بحيث يكون قد خفف من غلواء كبريائك، ومنحك فرصة تراجع فيها حساباتك، وتقتنع بتعدد الآراء وتنوعها.
يحدث الخلاف بين الناس في كثير من القضايا، وتتباين وجهات النظر، بل قد يصل الأمر إلى حد التناقض، يحدث هذا في القضايا التي لا تخضع لمعيار محدد نحتكم إليه، أما إن وجد المعيار فالكل مطالب بأن يتقيد بما قرره، لأنه لم يعد حينئذ لأي كان أن يدلي برأيه، إن السلطة التي تملك حق وضع المعايير التي يحتكم إليها الناس، أو ينبغي أن يحتكموا إليها هي سلطة أقوى من البشر، وأقوى من رؤيتهم القاصرة المحدودة التي لا تتجاوز الإطار الذي وضعت فيه نظرا لكونها رؤية بشرية.
أحيانا يكون رأيك أقوى، لأنك تملك دليلا أقوى، بحيث يشكل حجة لك على غيرك ممن يخالفك الموقف، ومع ذلك فإن الإنصات للمخالفين، ومحاولة إقناعهم بالحجة دون اللجوء إلى القوة درس تعلمناه من قدوتنا رسول الله صلى الله عليه و سلم.
لا يشك أحد في سفه رأي الوليد بن المغيرة حين ذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرض عليه أمورا قصد التنازل عن دعوته، ولا يشك أحد أيضا في أن موقف النبي صلى الله عليه وسلم أقوى لأنه يأوي إلى ركن شديد، ومع ذلك حين جاءه الوليد بن المغيرة قام يستمع إليه دون أن يقاطعه، وحين تأكد من إنهائه كلامه بشكل قاطع، شرع في شرح موقفه، والوليد ينصت، إنه درس من الدروس النبوية التي تشكل مرجعية ثابتة تمكن اللائذ بها من الوقوف على أرض صلبة.
لقد فرض النبي صلى الله عليه و سلم نفسه على الآخرين حتى وهم يناصبونه العداء، ولكنهم مقتنعون بصواب رأيه، إنه الخلق العظيم الذي يرفع صاحبه في أعين الناس، ويبوئه مكانة مرموقة تظل الأنظار مشدودة إليها ولا تمل.
و لقد ربى رسول الله صلى الله عليه و سلم أصحابه على هذا الخلق العظيم، فكانوا نجوما تتلألأ في السماء، باسطة ضياءها على الخلق لعلهم يقبسون منها قبساتٍ تضاء بها أنفسهم، فيستريحون من شرها، ويريحون غيرهم من التعالي عليه وهم خواء.
أعْجَبُ أشد العجب ممن تتحاور معه حول قضية من القضايا، وهو في دخيلة نفسه يرى الحق في جانبه، ويسعى بكل ما أوتي من قوة لأن يقنعك بوجهة نظره، أو يفرضها عليك، ليس لأنه يملك الحجة، ولكنه يراك غير أهل لأن يكون لك رأي، وما عليك إلاّ أن تتنازل عن رأيك، وتطأطئ رأسك خاضعا مستكينا، ليس لك الحق في أن تعارض وتناقش آراءه، إنه نوع من التعالي يلبس صاحبه فيبدو أكبر حجما من الحقيقة في نظر نفسه، وقد خَبِرت هذا النوع من البشر فألفيته وقد سيطرت عليه الأنانية، وطغى عليه العجب، ويحتاج إلى علاج من هذا الداء العضال.
دع غيرك يعبر عن رأيه، ما في ذلك ضير، ولن ينقص من قدرك شيء إن تنازلت عن كبريائك، وأنصت له، ومنحته بعضا من الوقت ليدلي بدلوه في قضية تراها حكرا عليك، قد يملك دليلا أقوى من دليلك، وهذا في صالحك، حتى وإن بدا لك في وقت من الأوقات أن في الأمر إهانة لك، ولكن حين تنصت إلى عقلك في لحظة صفاء ستدرك هذه الحقيقة، حقيقة أن الذي يملك دليلا أقوى من دليلك في صالحك، بحيث يكون قد خفف من غلواء كبريائك، ومنحك فرصة تراجع فيها حساباتك، وتقتنع بتعدد الآراء وتنوعها.
يحدث الخلاف بين الناس في كثير من القضايا، وتتباين وجهات النظر، بل قد يصل الأمر إلى حد التناقض، يحدث هذا في القضايا التي لا تخضع لمعيار محدد نحتكم إليه، أما إن وجد المعيار فالكل مطالب بأن يتقيد بما قرره، لأنه لم يعد حينئذ لأي كان أن يدلي برأيه، إن السلطة التي تملك حق وضع المعايير التي يحتكم إليها الناس، أو ينبغي أن يحتكموا إليها هي سلطة أقوى من البشر، وأقوى من رؤيتهم القاصرة المحدودة التي لا تتجاوز الإطار الذي وضعت فيه نظرا لكونها رؤية بشرية.
أحيانا يكون رأيك أقوى، لأنك تملك دليلا أقوى، بحيث يشكل حجة لك على غيرك ممن يخالفك الموقف، ومع ذلك فإن الإنصات للمخالفين، ومحاولة إقناعهم بالحجة دون اللجوء إلى القوة درس تعلمناه من قدوتنا رسول الله صلى الله عليه و سلم.
لا يشك أحد في سفه رأي الوليد بن المغيرة حين ذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرض عليه أمورا قصد التنازل عن دعوته، ولا يشك أحد أيضا في أن موقف النبي صلى الله عليه وسلم أقوى لأنه يأوي إلى ركن شديد، ومع ذلك حين جاءه الوليد بن المغيرة قام يستمع إليه دون أن يقاطعه، وحين تأكد من إنهائه كلامه بشكل قاطع، شرع في شرح موقفه، والوليد ينصت، إنه درس من الدروس النبوية التي تشكل مرجعية ثابتة تمكن اللائذ بها من الوقوف على أرض صلبة.
لقد فرض النبي صلى الله عليه و سلم نفسه على الآخرين حتى وهم يناصبونه العداء، ولكنهم مقتنعون بصواب رأيه، إنه الخلق العظيم الذي يرفع صاحبه في أعين الناس، ويبوئه مكانة مرموقة تظل الأنظار مشدودة إليها ولا تمل.
و لقد ربى رسول الله صلى الله عليه و سلم أصحابه على هذا الخلق العظيم، فكانوا نجوما تتلألأ في السماء، باسطة ضياءها على الخلق لعلهم يقبسون منها قبساتٍ تضاء بها أنفسهم، فيستريحون من شرها، ويريحون غيرهم من التعالي عليه وهم خواء.