المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : اخلاق المسلم


يمنى زغيشي
2009-01-13, 12:59
مقدمة
اتدري ماهو الخلق عندي هو شعور المراء بانه مسئول أمام ضميره عما يحب أن يفعل . الخلق هو الدمعة التي تترقرق في عين الرحيم كلما وقعت على منظر من البؤس.أو مشهد من مشاهد الشقاء. هو العرق الذي يتصبب من جبين الحيي خجلا من السائل المحتاج الذي لا يستطيع معونته.
هو القلق الذي يساور نفس الكريم في جنح الليل، ويحول بين جفنيه والكرى ندما على هفوة زلت به قدمه أو سقطة جرت به أحكام القضاء.
هو اللجلجة التي تعتري لسان الصادق، حينما تحدثه نفسه بأكذوبة تدفعه إليها ضرورة من ضرورات الحياة.
هو الشرر الذي يتطاير من عين الوفي حينما يراد منه الغدر بعهد قد أخذه على نفسه أو الحنث بيمين قد اقسمها بين يدي ربه .
هو الصرخة التي يصرخها الشجاع في وجه من يجترأ على اهانة وطنه أو العبث بكرامة قومه .
الخلق
الخلق هو هيئة راسخة في النفس تصدر عنها الأفعال الإرادية الاختيارية من حسنة وسيئة جميلة وقبحه
الإسلام والأخلاق
دعا الإسلام إلى الخلق الحسن ، وتنميته في نفوس المسلمين ، واعتبر إيمان العبد بفضائل نفسه ، وإسلامه يحسن خلقه ،واثني الله على نبيه بحسن خلقه حين قال في سورة القلم " وانك لعلى خلق عظيم ' ،وأمره بمحاسن الأخلاق فقال " ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم '' سورة فصلت
وجعل الأخلاق الفاضلة سببا تنال به الجنة فقال "وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والأرض أعذت للمتقين الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الفيض والعافين عن الناس والله يحب المحسنين '' سورة آل عمران
وبعث رسوله بإتمامها فقال عليه الصلاة والسلام << إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق >> رواه البخاري
وبين الرسول صلى الله عليه وسلم فضل مكارم الأخلاق في قوله << مأمن شيء في الميزان أثقل من حسن الخلق >> رواه البخاري ، وقال البر حسن الخلق >> رواه البخاري ، وقال << أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم أخلاقا >> رواه احمد وابو داوود
من أخلاق المسلم
كل مسلم داعية بتصرفه وسلوكه فلا معنى للمسلم وهو بعيد عن المعاني الجليلة التي يحتضنها الاسلام قال الرسول صلى الله عليه وسلم << أربع إذا كانا فيك فلا عليك ما فاتك من الدنيا صدق الحديث وحفظ الأمانة وحسن الخلق
وهذه جملة من الأخلاق التي دعا إليها الإسلام
الصبر واحتمال الأذى
الصبر هو حبس النفس على ما تكره ، أو احتمال المكروه بنوع من الرضا والتسليم .
قال تعالى " يا أيها الذين امنوا اصبروا وصابرو و رابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون " أل عمران وقوله "واستعينوا بالصبر والصلاة " البقرة وقوله "إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب " الزمر قال تعالى " وبشر الصابرين الذين إذا إصابتهم مصيب نقالو إنا لله وانأ إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون " البقرة
قال صلى الله عليه وسلم << الصبر ضياء >> متفق عليه
إما احتمال الأذى فهو الصبر ولكنه اشق ، وهو بضاعة الصدقتين وشعار الصالحين ، حقيقته إن يؤذى المسلم في ذات الله تعلى فيصبر ويتحمل فلا يرد السيئة إلا بالحسنة ، ولا ينتقم لذاته ، ولا يتأثر لشخصيته ، مادام ذلك في سبيل الله .
مواقف في الصبر واحتمال الأذى
قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه كأني انظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يحكي نبيا من الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم ضربه قومه فأدموه وهو يمسح الدم عن وجهه يقول << اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون >> متفق عليه
هذه صورة من صور احتمال الأذى كانت لرسول الله عليه الصلاة والسلام
وعلى ضوء هذه الصورة الناطقة والأمثلة الحية من الصبر والتحمل يعيش المسلم صابرا متحملا لا يتسخط ولا يدفع المكروه بالمكروه ولكن يتبع السيئة بالحسنة ويعفو ويصبر ويغفر " وكم من صبر وغفر ان ذلكم لمن عزم الأمور "
التوكل على الله والاعتماد على النفس
المسلم لا يرى التوكل على الله في جميع أخلاقه واجبا خلقيا فحسب ، بل يراه فريضة دينية وبعده عقيدة إسلاميا وذلك لأمر الله في قوله تعالى " وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين " المائدة
وقوله "وعلى الله فليتوكل المتوكلون " التغابن
لهذا كان التوكل المطلق على الله سبحانه وتعالى جزءا من عقيدة المؤمن بالله تعالى
فالتوكل عند المسلم هو عمل و أمل ،مع هدوء القلب وطمأنينة النفس ،واعتقاد جازم إنمشاء الله كان وما لم يشا لم يكن ، وان الله لا يضيع اجر من أحسن عملا .
الاعتماد على النفس
يجب على المسلم الاعتماد على نفسه في الكسب والعمل ويراد بذلك ان لا يظهر افتقاره الى احد غير الله .
مواقف من التوكل والاعتماد على النفس
كانت هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم الى المدينة المنورة امرا عسيرا فكيف يخرج من المنزل والاعداء يحاصرونه وكيف يدخل غارا مملوءا بالثعابين والعقارب الا انه نجى بفضل توكله على الله
كان احدهم اذا سقط سوطه من يده وهو راكب على فرسه ينزل الى الارض ويتناولها بنفسه ولا يطلب من احد ان يناوله اياه
والمسلم اذ يعيش على هذه العقيدة من التوكل على الله والاعتماد على نفسه يغذي عقيدته وينمي خلقه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم << لو انكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقتم كما يرزق الطير تغدو خصاما وتروح بطانا >> رواه الترمذي
وقوله اذا خرج من بيته << بسم الله توكلت على الله ولا حول ولا قوة الا بالله >>
الايثار وحب الخير
الايثار
من اخلاق المسلم التي اكتسبها من تعاليم دينه ومحاسن اسلامه الايثار على النفس ، وحب للغير ، فالمسلم متى راى محلا للايثار اثر غيره على نفسه وفضله عليها فقد يموت في سبيل حياة الاخرين وما ذلك ببديع وغريب على مسلم تشبعت روحه بمعاني الكلام وانطبعت في نفسه بطابع الخير
والمسلم في ايثاره وحبه للخير ناهج نهج الصالحين ، السابقين وضارب في ضروب الاولين الفائزين قال تعالى "ويؤثرون على انفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فاولئك هم المفلحون " الحشر
وكل خصال المسلم الحميدة مستقاة من ينابيع الحكمة المحمدية او مستوحاة من فيوضات الرحمة الالهية
حب الخير
ان عبدا كالمسلم يعيش موصولا بالله ، قلبه لا يبرح عاكفا على حبه ، ان سرح في ملكوت النظر جني العبر وان أورد الخاطر على مثل آيات المزمل وفاطر "وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله هو خيرا وأعظم أجرا " . " وأنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية يرجون تجارة لن تبور ليوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله انه غفور شكور "
احتقر الدنيا و ازدراها واصطفى الاخرة واجتباها ، ومن كان على هذا الحال فكيف لا يبذل بسخاء ماله ، ولما لا يحب الخير ويؤثر الغير على النفس وهو على علم ان مايقدمه اليوم يجده غدا هو خير واعظم اجرا
مواقف في الايثار
قال حذيفة العدوي انطلقت يوم اليرموك اطلب ابن عم لي ومعي شيء من الماء وانأ أقول ان كان به رمق سقيته ومسحت به وجهه فإذا إن به فقلت أسقيك فأشار إلي نعم فإذا رجل يقول اه فأشار إلي ابن عمي ان انطلق به أليه فجئته فإذا هو هشام بن العاص أسقيك فسمع به أخر فقال اه فاشار هشام انطلق به اليه فجئته فاذا هو قد مات فرجعت إلى هشام فإذا هو قد مات فرجعت إلى ابني عمي فإذا هو قد مات رحمة الله عليهم أجمعين
وهكذا بضرب هؤلاء الشهداء الابرار اعلى مثال في الايثار وتفضيل الغير على النفس وهذا هو شان المسلم في هذه الحياة
العدل والاعتدال
العدل وهو الإقساط قال سبحانه وتعالى "واقسطوا ان الله يحب المقسطين " الممتحنة
لهذا يعدل المسلم في قوله وحكمه ويتحرى العدل في كل شانه حتى يكون بعيدا عن الظلم والجور قال رسول الله صلى الله عليه وسلم << ان المقسطين عند الله على منابر من نور الذين يعدلون في حكمهم وأهلهم وما ولو " قال تعالى ان الله يأمركم إن تؤذوا الأمانات إلى أهلها ، وإذا حكمتم بين الناس إن تحكموا بالعدل " النساء
مظاهر العدل
العدل مع الله بان لا يشرك معه في عبادته وصفاته غيره ، وان يطاع فلا يعصى ، ويذكر فلا ينسى ، ويشكر فلا يكفر .
العدل في الحكم بين الناس
العدل بين الزوجات والاولاد
العدل في القول فلا يشهد الزور
العدل في المعتقد فلا يعتقد غير الحق والصدق ،
الاعتدال بمعنى الاستقامة لغة هو الطريق الوسط بين الافراط والتفريط وهو من اشرف الفضائل .
اصطلاحا هي طاعة الله وتنفيذ اوامره واجتناب نواهيه وتميكه بالسلوك الحسن قال تعالى <<وان لو استقاموا على الطريقة لاسقيناهم ماء غدقا >> الجن
<<ان الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون >> الاحقاف
مواقف من العدل
بينما عمر بن الخطاب جالس ، اذ جاءه رجل من اهل مصر ، فقال يا امير المؤمنين هذا هذا مقام العائذ بك ، فقال عمر لقد عذت بمجبر ، فما شانك قال سابقت على فرس ابنا لعمرو بن العاص فسبقته ، فجعلن يقمعني بصوته ويقول انا ابن الاكرمين فبلغ ذلك عمرا اباه فخشي ان اتيك فحبسني في السجن فانطلقت منه فهذا الحين جئتك فكتب عمر بن الخطاب الى عمرو بن العاص وهو امير مصر <<اذا اتاك كتابي هذا فاشهد الموسم انت وولدك فلان >> وقال للمصري اقم حتى يجيئا فقدم عمرو فشهد الحج فلما قضى عمر الحج وهو قاعد مع الناس وعمرو وبن العاص الى جانبه قام المصري فرمى اليه عمرو بالدرة وضربه فلم ينزع حتى احب الحاضرون ان ينزع من كثرة ماضربه .................................................. ...............................ثم قال لعمرو متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم امهاتهم أحرارا
الرحمة
الرحمة رقة القلب وانعطاف النفس واغاثة الملهوف ومساعدة الضعيف ومداواة المريض ومواساة الحزين . قال تعالى << ثم كان من الذين امنوا وتواصوا بالصبر وتواصوا بالمرحمة اولئك اصحاب الميمنة >> البلد
قال صلى الله عليه وسلم << ارحموا من في الارض يرحمكم من في السماء >>
مواقف في خلق الرحمة
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم << بينما رجل يمشي فاشتد عليه العطش فنزل بئرا فشرب منها ثم خرج فاذا هو بكلب يلهث ياكل الثرى من العطش فقال لقد بلغ في هذا مثل الذي بلغ بي فملا خفه ثم امسكه بفيه ثم رقى فسقى الكلب فشكر الله فغفر له قالو يارسول الله وان لنا في البهائم اجرا قال في <<في كل كبد رطبة اجر >> رواه البخاري
الإحسان
الإحسان في باب العبادة هو ان تؤدي العبادة على أكمل وجه وباستكمال شروطها . إما الإحسان في باب المعاملات هو
للوالدين برهما ولليتامى بصيانة أموالهم والحفاظ على حقوقهم قال تعالى " وبالوالدين إحسانا " النساء وقال "إن الله يأمر بالعدل ولاحسان " النحل
مواقف من الإحسان
غاظ احد السلف غلاما له غيظا شديدا فهم بالنتقام منه فقال الغلام والكاظمين الغيظ فقال الرجل كظمت غيظي فقال الغلام والعافين عن الناس فقال عفوت عنك فقال الغلام والله يحب المحسنين فقال اذهب انت حر لوجه الله تعالى
الصدق
المسلم صادق يحب الصدق في أقواله وأفعاله ولا ينظر إليه كخلق فاضل يجب التخلق به لاغبر بل انه يذهب إلى ابعد من ذلك انه من متممات إيمانه ومكملات إسلامه .
قال تعالى " يا أيها الذين امنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين " التوبة
قال تعالى "والذي جاء بالصدق وصدق به أولئك هم المتقون " الزمر
قال صلى الله عليه وسلم << عليكم بالصدق ، فان الصدق يهدي الى البر، وان البر يهدي الى الجنة ، ومازال الرجل يصدق ، ويتحرى الصدق ،حتى يكتب عند الله صديقا >> رواه مسلم
ثمرات الصدق
راحة الضمير
البركة في الكسب
الفوز بمنزلة الشهداء .
النجاة من المكروه
مظاهر الصدق
صدق الحديث
صدق المعاملة
صدق العزم
صدق الوعد
صدق الحال
مواقف في الصدق
خطب الحجاج بن يوسف يوما فاطال الخطبة فقال احد الحاضرين الصلاة ، فان الوقت لا ينتظرك ، والرب لايعذرك ، فامر بحبسه فاتاه قومه ، وزعموا ان الرجل مجنون ،فقال الحجاج ان اقر بالجنون خلصته من سجنه ، فقال الرجل لا يسوغ لي ان اجحد نعمة الله التي انعم بها علي واثبت لنفسي صفة الجنون التي نزهني الله عنها فلما راى الحجاج صدقه خلى سبيله
من الاخلاق المذمومة
الظلم ، الحسد ، الغش ، الرياء العجز الكسل
قال تعالى في الحديث القدسي " يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا "
قال صلى الله عليه وسلم << لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا ولا تقاعدوا وكونوا عباد الله إخوانا >> رواه ابو داوود
قال تعالى " يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم " الانفطار


















الخاتمة
التخلق غير الخلق وأكثر الذين نسميهم فاضلين متخلقون بخلق الفضيلة لا فاضلون لأنهم إنما يلبسون ثوبا مصانعة للناس أو خوفا منهم أو طمعا فيهم فان ارتقوا عن ذلك قليلا لبسوه طمعا في الجنة التي أعدها الله للمحسنين او خوفا من النار التي أعدها الله للمسيئين إما الذي يفعل الحسنة لأنها حسنة ويتقي السيئة لأنها سيئة فذلك من لا نعرف له وجودا أو لا نعرف له مكانا
ومازالت الأخلاق بخير حتى خذلها الضمير وتخلى عنها ففسد ارها واضطرب حبلها واستحالت إلى صور ورسوم وزخارف وبهاج وأكاذيب والاعيب لا صلة لها بالنفس ولا أساس لها بالقلب . فرأينا الأمير الذي يبني مسجدا يتقرب به إلى الله وهو في كل يوم يخرب بيتا من بيوت مواطنيه والغني الذي يسمع أنين جاره في جوف الليل من الجوع ، فلا يرق له إلى كثير من هذه الأمثلة التي يزعم أصحابها أنهم من ذوي الأخلاق الكريمة والسيرة المستقيمة .
وخلاصة القول ان الخلق هو أداء الواجب لذاته بقطع النظر عما يترتب من نتائجه .فمن اراد ان يعلم الناس مكارم الأخلاق فليحيي ضمائرهم ويبث في نفوسهم شعور الرغبة في الفضيلة والنفور من الرذيلة
فليست الأخلاق محفوظات تحشى بها الأذهان بل ملكات تصدر أثارها عفوا بلا تكلف صدور الأشعة عن الكوكب والأريج عن الزهر .

يمنى زغيشي
2009-01-13, 13:02
جميل جدا بارك الله فيك