تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : فلسطين قضية الأمة كلها .. والحل الانفرادي جريمة


ابو إبراهيم
2009-01-12, 16:10
فلسطين قضية الأمة كلها .. والحل الانفرادي جريمة





منذ أن زار الرئيس المصري أنور السادات القدس عام 1977، ومنذ أن تم توقيع اتفاقية كامب دافيد بين مصر وإسرائيل برعاية الولايات المتحدة الأمريكية، قام الإعلام المصري بالترويج والتسويق لثقافة الحل الانفرادي والهزيمة النفسية، التي تؤسس على أن العرب لن يستطيعوا هزيمة إسرائيل أبدًا لأنهم لا يحاربونها وحدها بل يحاربون معها الولايات المتحدة.

الرؤية المصرية قامت على أن مصر بإمكانها تحرير أرضها عن طريق المفاوضات، بصرف النظر عن موقف الدول العربية مجتمعة، فلكل منها أن تحل مشكلاتها مع إسرائيل كما يحلو لها، وليس بإمكان الدول العربية إجبار مصر على عدم الحل الفردي مع إسرائيل.
وللشف الشديد راجت هذه المحاولات على رجل الشارع العادي في مصر وأصبح قطاع كبير مقتنعًا بها، ويقول ما لنا ولفلسطين؟ يكفينا مشكلاتنا نحن فقط كمصريين، وعلى الآخرين أن يفعلوا مثلنا!

فهل فعلاً يمكن تمرير هذه الشبهة القاتلة التي لا ترى خطورة المشروع الصهيوني على الأمة ككل؟ وهل مقولة الوحدة العربية في مواجهة المشروع الصهيوني هي مقولة غوغائية غير سليمة؟

إن الذي يقول ذلك غافل مهزوم بل جاهل، فنحن حينما نواجه إسرائيل والمشروع اليهودي إنما نواجه المشروع الغربي الصليبي الذي يجمعنا وإياه صراعًا تاريخيًا منذ خرجت الدعوة الإسلامية والجيوش الإسلامية من الجزيرة العربية قاصدة التخوم والممالك البيزنطية، ثم الدولة البيزنطية النصرانية الصليبية، ثم بفتحها القسطنطينية وإسقاطها لكنيستها، ثم حروب الدولة العثمانية المسلمة ضد نصارى وصليبيي الفرنجة في البلقان ووسط أوروبا.

الغرب الصليبي اختزل هذا الصراع داخلة، خاصة وأنه كان الطرف المهزوم فيه أمام حيوية وقوة الدول الإسلامية المتعددة التي صدته وأدخلته جحرًا، سواء كانت الدولة العثمانية أو المملوكية أو الأيوبية.

الغرب الصليبي لم ينس أبدًا أن المسلمين فتحوا الأندلس وظلوا فيه ثمانمائة عام، كانوا فيها القوى والأكثر حضارة.
وحينما ضعفت الدولة الإسلامية جاءتها الحروب الصليبية، حيث خرجت أوروبا رافعة الصليب صوب فلسطين، وصوب مصر، وظلت في القدس مائتي عامًا.

الغرب الصليبي حينما يجد الأمة في لحظة ضعف فإنه يستهدفها كلها ولا يستهدف دولة دون دولة، فأثناء الحروب الصليبية استهدف مصر كما استهدف فلسطين.

صحيح الآن الغرب ومشروعهم الصهيوني الاحتلالي في فلسطين، يعتبر فلسطين المرتكز لكنه بقصد ويستهدف العرب جميعًا، ولذلك فنابليون في حملته التي استهدفت مصر، حينما أحكم سيطرته عليها، تحرك إلى فلسطين حيث تم دحره في عكا.

وهكذا فإنه حينما تم زراعة الجسد الصهيوني في فلسطين، كان لابد أن ينمو ويكبر، فقام باحتلال أجزاء من الدول المحيطة به وهي مصر والأردن وسوريا، وهذا أمر طبيعي، فهذا الكيان الاستيطاني بؤرة سرطانية في قلب العالم العربي، تهدده كله بلا استثناء.

وبالتالي فإن قضية الصهيونية ليست قضية الفلسطينيين وحدهم ولا العرب وحدهم بل هي قضية المسلمين على وجه المعمورة، ولا نبالغ إذا قلنا إن الخطر الصهيوني يتهدد العالم كله، صحيح أن الفلسطينيين هم أول المجابهين ثم المسلمين، لكن الخطر يتهدد العالم كله.

وقضية فلسطين، ليست مجرد صراع على قطعة أرض، أو غلبة سياسية لقوم دون قوم، أو علو لشعب على شعب، ولكنها قضية صراع حضاري بين المسلمين الذين يؤمنون بأن الله خلق الخلق وجعلهم شعوبا وقبائل ليتعارفوا، وبين الصليبية وطليعتها الصهيونية الذين ما زالوا يتحفزون لاحتلال أرض المسلمين وقتلهم وإبادتهم وتخريب ديارهم وإبقائهم في دائرة التخلف.

ومن هنا كانت خصوصية القضية كونها قضية مشروع صهيوني تحول من أسطورة دينية إلى عقيدة قومية ثم إلى دولة استعمارية استيطانية ثم إلى قوة مهيمنة اقتصاديا وعسكريا تفيد وتستفيد من القوة الاستعمارية الكبرى في العالم.

ومن يظن أن قضية الصراع هي قضية أرض فهو مخطئ ومن يظن أن الخطر الصهيوني سيبقى بعيدا عنه فهو يحلم.
لقد آن الأوان لجموع الأمة الإسلامية عبر العالم أن تعي مواطن الخطر، وتتصدى للخطر الصهيوني في كل المجالات، وأن تفضح ممارساته لجموع العالم أجمع.

وعليه، فإن أخطر ما في الصهيونية اليوم هو ظهورها بمظهر جديد ودعوتها لما يسمى بالتطبيع، وهو من الاستراتيجيات الصهيونية، ومعناه تحويل آليات الصراع إلى آليات للسلام والتقارب بين الشعوب والتبادل السلمي في كافة المجالات، وإعادة تشكيل العقل المسلم وتغيير تصورات المسلمين عن اليهود وتغيير سلوكهم تجاههم، ليصبح هذا الكيان مقبولا في المنطقة.

أما بالنسبة للمنهزمين الذين يقولون إن معاهدات السلام التي أبرمتها مصر مع إسرائيل هي الحل، فإن عليهم أن يعوا أن الموساد لعب دوراً تخريباً في مصر، منذ الأيام الأولى للسماح بوجود السفارة الصهيونية في مصر، فقد زرع تواجداً محمياً لـه في داخل السفارة المذكورة، فلم يرسل الكيان الصهيوني إلى مصر دبلوماسيين، كما تقتضي الأعراف الدبلوماسية بين بلدين أنهيا الحرب، وانتقلا إلى السلام، والتبادل السياسي والاقتصادي، كما تنص اتفاقيات كامب ديفيد الموقعة بين الطرفين، وإنما أرسل ضباط مخابرات.

العدو الصهيوني، رغم معاهدة كامب دافيد، اعتبر مصر عدوة الصهيونية الأولى في الوطن العربي. فقد جاء في كتاب صدر في تل أبيب تحت عنوان / الدبلوماسية السرية والمخابرات/، والذي صدر في عام 1995، ما يلي: (العدو رقم واحد للشعب اليهودي هو مصر.. الذي يتعين اختراق مجتمعها من جانب عملاء دبلوماسيين محترفين). وبهذا المنظار الأسود يرى الصهاينة مصر، ويصدرون لها عن طريق التطبيع الزراعي كل أنواع أمراض البذور والنباتات، كما يصدرون إليها عن طريق شبكات المخابرات الإيدز.

أخيرًا فإن العلم الإسرائيلي مرسوم عليه خطان ونجمة، الخطان للتعبير على نهري النيل والفرات، أي أن حدود إسرائيل هي ما بين هذين النهرين، وهذا الشعار مرسوم أيضًا على باب الكنيست وفي داخله.

كتبه / د . ليلى بيومي (http://www.shareah.com/index.php?/authors/view/id/45/s/1/)
نقله / ابوابراهيم