منى 1992
2012-04-16, 14:49
هل يمكن ان توجد أفكار خارج اطار اللغة ؟
يعتبر الانسان ذلك الكائن الحي الذي ميزه الله تعالى بخاصية العقل يعيش بالفطرة ويحب البحث والاكتشاف يتعامل كثيرا مع بني جنسه مستعملا اللغة والتي عرفت على انها مجموعة من الاشارات والرموز والألفاظ التي تكون وسيلة اتصال مع غيره وتعبيرا عن مشاعره وأحاسيسه ومن جهة أخرى نجد ان الانسان ينفرد بخاصية الفكر فهي مجموعة من المعاني والتصورات الذهنية الباطنية فهو نشاط ذاتي يعكس شخصية الفرد فقد كان هذا الموضوع نقطة جدال بين الفلاسفة والمفكرين فهناك من يرى ان اللغة شئ والفكر شئ آخر في حين يرى الطرف الآخر عكس ذلك وان اللغة والفكر شئ واحد ولا يمكن الفصل بينهما والاشكالية الجوهرية التي يمكن طرحها هي : هل يمكن أن توجد أفكار خارج اطار اللغة أم لا؟
يرى اصحاب الموقف الأول ان العلاقة بين اللغة والفكر منفصلة "أسبقية الفكر عن اللغة" ولقد تزعم هذا الموقف الفيلسوف هنري برغسون حيث ان الانسان يفكر بعقله قبل ان ينطق بلسانه واللغة لا تستطيع ان تعبر عما يختلج في النفس حيث عبر هنري بقوله ان الفكر متقدم عن اللغة والعلاقة بينهما علاقة انفصال بل ان اللغة عاجزة عن ابراز المعاني المتولدة عن الفكر ابرازا كاملا ولا تستطيع ان تجسده كل ما يختلج في صدر الانسان وهذا ما نلاحظه في الواقع فان سالت شخصا وهو في قمة السعادة بسبب تحقيق نجاح ما عن شعوره فغالبا ما يستعمل عبارة أعجز عن التعبير ، فنجد ايضا المفكر عندما يريد الكلام يتردد في بعض الأحيان وهذا راجع الي بحثه عن الألفاظ المناسبة ،فهناك جوانب للفكر الانساني لا يمكن للغة ان تستوعبها ولعل هذا ما دفع الي ابتكار وسائل بديلة عن اللغة كالرسم والموسيقا وقد عبر الفيلسوف فاليرى بقوله : "ان أجمل الأفكار التي لا نستطيع التعبير عنها " فالألفاظ منفصلة ومحدودة عكس المعاني فهي مبسوطة وممدودة والنتيجة ان اللغة تجمد الفكر في قوالب جامدة فاقد للحيوية لذلك قيل الألفاظ قبور المعاني
النقد : رغم صحة الأدلة الا انها تبقى نسبية فاذا كان الفكر سابقا للغة من الناحية المنطقية فهو ليس سابقا من الناحية الزمنية لان الانسان يشعر انه يتكلم ويفكر في نفس الوقت
في حين يرى الموقف الثاني ان اللغة والفكر شئ واحد ولا يمكن الفصل بينهما ولقد تزعم هذا الموقف كل من جون لوك وزكي نجيب محمود وميرلوبونتي وعلم نفس الطفل فليس هناك فرق بين اللغة والفكر عند اصحاب هذا الاتجاه اذ لا يوجد فكر دون لغة ولا توجد لغة دون فكر فليست اللغة مجرد شرط للتعبير او التبليغ بل هي اساس الذي تبنى عليه عملية التفكير حيث بين علم نفس الطفل ان الطفل يتعلم الكلام في الوقت الذي يتعلم فيه التفكير فنمو الفكر عنده مرتبط بنموه ورصيده اللغوي كل ما اكتسب الطفل الفاظ جديدة استطاع ان يعبر عم ميولاته ورغباته ولقد عبر زكي نجيب محمود بقوله الفكر هو التركيب اللفظي والرمزي لا أكثر ولا أقل ذلك ان الانسان يفكر باللغة حتى وان لم ينطقها بالاضافة الي الفيلسوف واطسون الذي قال اننا نتكلم بفكرنا ونفكر بلغتنا فالفكر بالنسبة للغة كالروح بالنسبة للجسد فلا وجود لأحدهما دون الآخر فالتفكير بدون عبارات لفظية ضرب من الوهم الكاذب فالافكار تبقى عديمة المعنى ان لم تجسد على ارض الواقع لذلك قيل : " الكلمة لباس المعنى لولاها لبقى مجهولا "
النقد رغم صحة الأدلة الا انها تبقى نسبية لان المشكلة قائمة ذلك ان الأدباء رغم امتلاكهم ثروة لغوية هائلة لا يجدون الفاظ مناسبة للتعبير عن مشاعرهم وأحاسيسهم
التكريب : على ضوء ما سبق ورغم تحفظ البعد فمسالة التناسب بين اللغة والفكر واعتبارها شئ واحد وبالغرم من وجود فئة أخرى تعتبر ان اللغة والفكر شئ آخر الا اننا نعتبر ان لا تفكير بدون لغة ولا تعبير دون تفكير
الخاتمة : وهكذا يتضح أنه لا يمكن للفكر ان يتواجد بدون لغة على اعتبار ان الانسان يفكر بلغته ويتكلم بفكره وهذا يعني استحال تصور أفكار خارج اطار اللغة
يعتبر الانسان ذلك الكائن الحي الذي ميزه الله تعالى بخاصية العقل يعيش بالفطرة ويحب البحث والاكتشاف يتعامل كثيرا مع بني جنسه مستعملا اللغة والتي عرفت على انها مجموعة من الاشارات والرموز والألفاظ التي تكون وسيلة اتصال مع غيره وتعبيرا عن مشاعره وأحاسيسه ومن جهة أخرى نجد ان الانسان ينفرد بخاصية الفكر فهي مجموعة من المعاني والتصورات الذهنية الباطنية فهو نشاط ذاتي يعكس شخصية الفرد فقد كان هذا الموضوع نقطة جدال بين الفلاسفة والمفكرين فهناك من يرى ان اللغة شئ والفكر شئ آخر في حين يرى الطرف الآخر عكس ذلك وان اللغة والفكر شئ واحد ولا يمكن الفصل بينهما والاشكالية الجوهرية التي يمكن طرحها هي : هل يمكن أن توجد أفكار خارج اطار اللغة أم لا؟
يرى اصحاب الموقف الأول ان العلاقة بين اللغة والفكر منفصلة "أسبقية الفكر عن اللغة" ولقد تزعم هذا الموقف الفيلسوف هنري برغسون حيث ان الانسان يفكر بعقله قبل ان ينطق بلسانه واللغة لا تستطيع ان تعبر عما يختلج في النفس حيث عبر هنري بقوله ان الفكر متقدم عن اللغة والعلاقة بينهما علاقة انفصال بل ان اللغة عاجزة عن ابراز المعاني المتولدة عن الفكر ابرازا كاملا ولا تستطيع ان تجسده كل ما يختلج في صدر الانسان وهذا ما نلاحظه في الواقع فان سالت شخصا وهو في قمة السعادة بسبب تحقيق نجاح ما عن شعوره فغالبا ما يستعمل عبارة أعجز عن التعبير ، فنجد ايضا المفكر عندما يريد الكلام يتردد في بعض الأحيان وهذا راجع الي بحثه عن الألفاظ المناسبة ،فهناك جوانب للفكر الانساني لا يمكن للغة ان تستوعبها ولعل هذا ما دفع الي ابتكار وسائل بديلة عن اللغة كالرسم والموسيقا وقد عبر الفيلسوف فاليرى بقوله : "ان أجمل الأفكار التي لا نستطيع التعبير عنها " فالألفاظ منفصلة ومحدودة عكس المعاني فهي مبسوطة وممدودة والنتيجة ان اللغة تجمد الفكر في قوالب جامدة فاقد للحيوية لذلك قيل الألفاظ قبور المعاني
النقد : رغم صحة الأدلة الا انها تبقى نسبية فاذا كان الفكر سابقا للغة من الناحية المنطقية فهو ليس سابقا من الناحية الزمنية لان الانسان يشعر انه يتكلم ويفكر في نفس الوقت
في حين يرى الموقف الثاني ان اللغة والفكر شئ واحد ولا يمكن الفصل بينهما ولقد تزعم هذا الموقف كل من جون لوك وزكي نجيب محمود وميرلوبونتي وعلم نفس الطفل فليس هناك فرق بين اللغة والفكر عند اصحاب هذا الاتجاه اذ لا يوجد فكر دون لغة ولا توجد لغة دون فكر فليست اللغة مجرد شرط للتعبير او التبليغ بل هي اساس الذي تبنى عليه عملية التفكير حيث بين علم نفس الطفل ان الطفل يتعلم الكلام في الوقت الذي يتعلم فيه التفكير فنمو الفكر عنده مرتبط بنموه ورصيده اللغوي كل ما اكتسب الطفل الفاظ جديدة استطاع ان يعبر عم ميولاته ورغباته ولقد عبر زكي نجيب محمود بقوله الفكر هو التركيب اللفظي والرمزي لا أكثر ولا أقل ذلك ان الانسان يفكر باللغة حتى وان لم ينطقها بالاضافة الي الفيلسوف واطسون الذي قال اننا نتكلم بفكرنا ونفكر بلغتنا فالفكر بالنسبة للغة كالروح بالنسبة للجسد فلا وجود لأحدهما دون الآخر فالتفكير بدون عبارات لفظية ضرب من الوهم الكاذب فالافكار تبقى عديمة المعنى ان لم تجسد على ارض الواقع لذلك قيل : " الكلمة لباس المعنى لولاها لبقى مجهولا "
النقد رغم صحة الأدلة الا انها تبقى نسبية لان المشكلة قائمة ذلك ان الأدباء رغم امتلاكهم ثروة لغوية هائلة لا يجدون الفاظ مناسبة للتعبير عن مشاعرهم وأحاسيسهم
التكريب : على ضوء ما سبق ورغم تحفظ البعد فمسالة التناسب بين اللغة والفكر واعتبارها شئ واحد وبالغرم من وجود فئة أخرى تعتبر ان اللغة والفكر شئ آخر الا اننا نعتبر ان لا تفكير بدون لغة ولا تعبير دون تفكير
الخاتمة : وهكذا يتضح أنه لا يمكن للفكر ان يتواجد بدون لغة على اعتبار ان الانسان يفكر بلغته ويتكلم بفكره وهذا يعني استحال تصور أفكار خارج اطار اللغة