عماري
2012-04-10, 07:46
من المعلوم ان التحالف الفرنسي - الأمريكي قد تأسس منذ تأسيس حلف شمال الأطلنطي في عام 1946 وظلت فرنسا من أهم القوي التي تسير في فلك الولايات المتحدة طوال سنوات الحرب الباردة , وعلى مدى هذه الفترة كانت فرنسا تعانى في الشرق الأوسط بسبب حرب الجزائر من ناحية والجهد الذي تطلبه إنهاء الاستعمار الفرنسي في إفريقيا والدول العربية من ناحية أخرى, ولم تكن حركات الاستقلال والتحرر هي السبب الوحيد وراء سوء صورة فرنسا في المنطقة وإنما أيضا لكون المد الشيوعي قد طال الشرق الأوسط وأنشأ عداء لأمريكا ومعسكرها الغربى , وبعد انهيار الاتحاد السوفيتي في مطلع التسعينيات بدأت تدخل عوامل التنافس والندية في العلاقات الثنائية بين البلدين وخاصة بعد تبلور الإتحاد الاوروبى في عام 1992, واستمرت فرنسا كإحدى أهم القوي الفاعلة في حلف شمال الأطلنطي حيث اشتركت في أهم عمليات الحلف في البلقان والكويت وأفغانستان, ولكن وبالرغم من أن أحد مراكز قيادة الحلف موجود في جنوب فرنسا إلا أن باريس ظلت تكثف جهودها لإضافة بعد عسكري دفاعي للاتحاد الاوروبى لكيلا يظل أمن أوروبا يعتمد على الولايات المتحدة كما أثبتت تجربة حروب البلقان, إلا أن جميع هذه الجهود فشلت وظل حلف شمال الأطلنطي الأداة العسكرية لأوروبا ضد أي اعتداء بل وتوسع الحلف ليشمل ليس فقط دول المعسكر الشرقي السابق ولكن أسس شراكات مع عشر دول في حوض المتوسط عربية وغير عربية, مما دفع فرنسا -وبالرغم من كونها جزءا من هذه الاتفاقات- إلى مراقبة هذه الشراكة بعين الحذر والحرص على أن يكون إطارها العسكري محددا.
حرب باردة على القارة الافريقية:
في أجواء من السرية إندلعت حرب من نوع آخر بين النفوذ الأنجلوسكسوني ( الأمريكي)
والفرانكوفوني (فرنسا) على مناطق نفوذ "قديمة جديدة" في غرب أفريقيا تحديدا, و فيما يتعلق بالموارد الطبيعية الموجودة هناك – خصوصا في غينيا وليبيريا ونيجيريا- تؤكد التوقعات الرسمية الأمريكية أن تستمد الولايات المتحدة حوالي 20% من إحتياجاتها النفطية من أفريقيا خلال العقد المقبل, وستوفر دول غرب أفريقيا 15% منها ، ويتوقع مجلس المعلومات القومي الأمريكي أن ترتفع هذه النسبة إلى 25 % بحلول عام 2015م , وتشير الإحصاءات الصادرة من الإدارة الأمريكية لشؤون النفط والطاقة أن أمريكا ستلجأ إلى النفط الإفريقي في العشرية المقبلة و سيصل حجم الاستيراد الأمريكي من النفط الأفريقي إلى 50 % من مجموع النفط المستورد بحلول العام 2015, وهذا التخطيط الأمريكي بالإستيلاء على نفط دول غرب إفريقيا لم يمر دون مداخلة فرنسا الحريصة على الكعكة النفطية الإفريقية.
الصراع على ساحل العاج:
من المعلوم تاريخيا أن فرنسا دخلت ساحل العاج عام 1843 وأعلنتها محمية فرنسية، وبعد تحريرها, تمكنت من احتلالها وفرض سيطرتها عليها مجدداّ بمساعدة قبائل في دول مجاورة لها وأعلنتها مستعمرة فرنسية في عام 1893, ثم أعطتها الاستقلال الشكلي عام 1960 على غرار أكثر الدول الأفريقية التي أعطيت الاستقلال الشكلي من قبل فرنسا (ديجول) بسبب الظروف الدولية في تلك الفترة. وترأسها فليكس هوفيت بويجني (بوانييه), الموالى لفرنسا من تلك السنة حتى وفاته سنة 1993، وكان خلال سلطته معتمداً على فرنسا وقواتها بشكل مباشر، ونظرا لأن ساحل العاج غني بالكاكاو حيث يشكل إنتاجها منه حوالي 40% من الناتج العالمي وتستغله الشركات الفرنسية، إضافة إلى وجود ثروات معدنية أخرى فيها مثل النحاس والألماس والكوبالت واليورانيوم وأكثر من يستغلها هم الفرنسيون, كما أن المؤسسات المالية هناك أغلبها يسيطر عليها الفرنسيون, وبالتالى فإن نظامها مرتبط بفرنسا بجانب حكامها، وتعتبر ساحل العاج إحدى معاقل الفرانكفونية حيث فرضت عليها فرنسا لغتها وثقافتها, ولذلك كانت لها أهمية ثقافية بالنسبة للاستعمار الفرنسي فضلاً عن الناحية الإقتصادية والإستراتيجية.
وقد اهتمت أمريكا بإخراج ساحل العاج من النفوذ الفرنسي ووضعها تحت نفوذها, ولذلك بدأت تشهد أحداثا واضطرابات بسبب هذا الصراع, فشهدت انقلابا عسكريا في نهاية عام 1999 ووعد رئيس الانقلاب روبرت جيه بانتخابات جرت بالفعل في 22/10/2000، استطاعت فرنسا خلالها أن تبقى ممسكة بالحكم بتوصيل عميلها لوران جباجبو في الانتخابات رغم الوسائل الأمريكية المضادة, ومع ذلك لم تهدأ الأساليب الأمريكية ووسائل الضغط المختلفة لدرجة خشيت فرنسا من سقوط جباجبو في الانتخابات التالية، ولذلك فعندما انتهت ولايته في 2005 أجّل إجراء الانتخابات لستّ مرات حتى جرت بسبب الضغوط الأمريكية المتزايدة عليه وعلى نظامه وما تفرضه عليه من عزلة دولية وعقوبات، فكانت الجولة الأولى في نهاية شهر تشرين الأول/أكتوبر الماضي، والجولة الثانية في 28/11/2010, وخرجت النتيجة بإعلان المجلس الدستوري الذي يؤيد الرئيس الحالي لوران جباجبو فوز الرئيس بنسبة 51.45 % بينما أعلنت لجنة الانتخابات فوز منافسه الحسن وتارا بنسبة 54,1%، فاعترفت أمريكا والأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي بالنتائج التي أعلنتها لجنة الانتخابات وبفوز الحسن وتارا, ورفض الرئيس جباجبو ذلك معتبرا نفسه الفائز حسب ما أعلنه المجلس الدستوري وأصرّ على البقاء في السلطة وأيده الجيش, ويشكل اعتراف أمريكا والأمم المتحدة ومجلس الأمن بإعلان لجنة الانتخابات أي بسقوط جباجبو، وقيام أمريكا، بالمطالبة يتنحى جباجبو عن السلطة، دليلاّ على أن جباجبو يقع في الخط المضاد للسياسة الأمريكية وأنه لا زال محافظاً على ولائه لفرنسا, وهكذا فإن المشكلة الانتخابية في ساحل العاج هي مشكلة صراع دولي طرفاه البارزان فرنسا وأمريكا, ومن تتبع ما يجري في ساحل العاج، والرأي العام الدولي الذي استطاعت أمريكا تحريكه ضد جباجبو، يجعل أمريكا تجد الفرصة سانحة لعدم الموافقة على اى صفقة آملةً تنحية غباغبو واستلام الحسن وتارا السلطة، ويرى المراقبون أن أمريكا ترى فيما يجري فرصة لاحت لها لأن تأخذ دولة أفريقية بالانتخابات دون انقلاب عسكري، فهذا الوضع يمنح أمريكا ذرائع أصدق ليجعلها تتبنى عملاءها علنا وتدافع عنهم لأنهم يُحسَبون بأنهم شرعيون جاءوا بإرادة الشعب عن طريق الانتخابات، فلا يستطيع أحد أن يلومها ويتهمها بأنها تدعم نظما ديكتاتورية فيما لو جاء عملاؤها عن طريق انقلابات عسكرية.
الصراع على ليبيا:
وفى ليبيا كان من اللافت للنظر, تصدر أخبار قصف الطائرات الفرنسية لقوات معمر القذافي
بنوع من الفخر لا يمكن إلا أن يلاحظه أي متابع لتغطية الإعلام الفرنسي لهذا الموضوع, وكذلك تركيز الإعلام على إغارة الطائرات الفرنسية على مواقع عسكرية لقوات القذافي على تخوم مدينة بنغازي, وقد استفاضت مختلف وسائل الإعلام الفرنسية المرئية والمسموعة والمكتوبة إضافة إلى مواقع الانترنت، في شرح مزايا الطائرات التي شنت أول غارة ونوعية الصواريخ والقنابل التي استخدمتها فضلا عن ارتفاعها العالي ودقة الإصابات التي حققتها, وهذا يرمى فى صالح التكهنات التى تصب فى أن ماحدث يندرج ايضا تحت بند التنافس والصراع على النفوذ فى ليبيا (الجديدة), وكما يرى الباحث"موفق محادين", وكثير من المراقبين, انه, إذا كانت فرنسا قد حسمت امرها مع الشعب الليبي وثورته واعترفت بالمجلس الانتقالي في بنغازي ممثلا وحيدا وشرعيا, فليس ذلك امتدادا لتقاليد الثورة البرجوازية الفرنسية وشعاراتها حول الديمقراطية وحقوق الانسان, بل في اطار الصراع مع الامريكان على القارة الافريقية, وأن الموقف الامريكي من الثورة الليبية يمكن تلخيصه في موقف الخارجية والادارة الامريكية الذي يسعى لتكرار سياسة الاحتواء المزدوج من اجل استنزاف الثورة الشعبية ونظام القذافى, كمقدمة لتكرار النموذج العراقي (الغزو ونهب النفط), وموقف المخابرات الامريكية الذي يدعم القذافى.
ويرى غالبية المراقبين, أنه و اذا كان الخلاف واضحا بين المخابرات الامريكية التي لا تخفي ميولها لنظام العقيد وبين وزارة الخارجية التي تميل الى التوافق مع حلفائها الاوروبيين الا ان المرجح هو صياغة تسوية بين المخابرات والخارجية تقوم المخابرات خلالها باللعب على الوقت لعل العقيد يعيد السيطرة على الثورة, فيما تواصل ادارة اوباما وكلينتون سياسة مسك العصا من الوسط بانتظار استنزاف الطرفين.
وفي الحالتين, فان القاسم المشترك بينهما هو الصراع مع فرنسا على افريقيا ونفط ليبيا, وليس مستبعدا في ضوء الدخول الفرنسي السريع على الازمة الليبية, ان يأخذ الصراع المذكور اشكالا غير مسبوقة وغير متوقعة رغم مما يبدو من توافقات (شكلية) حول قضايا ثانوية.
ان ما شاهدناه فى الاخير و الترتيب الذى تقوم به الاستخبرات الفرنسية من اجل عزل غريمتها الامريكية و الضحية الكبرى هى شعب الجزائر
من المعلوم ان التحالف الفرنسي - الأمريكي قد تأسس منذ تأسيس حلف شمال الأطلنطي في عام 1946 وظلت فرنسا من أهم القوي التي تسير في فلك الولايات المتحدة طوال سنوات الحرب الباردة , وعلى مدى هذه الفترة كانت فرنسا تعانى في الشرق الأوسط بسبب حرب الجزائر من ناحية والجهد الذي تطلبه إنهاء الاستعمار الفرنسي في إفريقيا والدول العربية من ناحية أخرى, ولم تكن حركات الاستقلال والتحرر هي السبب الوحيد وراء سوء صورة فرنسا في المنطقة وإنما أيضا لكون المد الشيوعي قد طال الشرق الأوسط وأنشأ عداء لأمريكا ومعسكرها الغربى , وبعد انهيار الاتحاد السوفيتي في مطلع التسعينيات بدأت تدخل عوامل التنافس والندية في العلاقات الثنائية بين البلدين وخاصة بعد تبلور الإتحاد الاوروبى في عام 1992, واستمرت فرنسا كإحدى أهم القوي الفاعلة في حلف شمال الأطلنطي حيث اشتركت في أهم عمليات الحلف في البلقان والكويت وأفغانستان, ولكن وبالرغم من أن أحد مراكز قيادة الحلف موجود في جنوب فرنسا إلا أن باريس ظلت تكثف جهودها لإضافة بعد عسكري دفاعي للاتحاد الاوروبى لكيلا يظل أمن أوروبا يعتمد على الولايات المتحدة كما أثبتت تجربة حروب البلقان, إلا أن جميع هذه الجهود فشلت وظل حلف شمال الأطلنطي الأداة العسكرية لأوروبا ضد أي اعتداء بل وتوسع الحلف ليشمل ليس فقط دول المعسكر الشرقي السابق ولكن أسس شراكات مع عشر دول في حوض المتوسط عربية وغير عربية, مما دفع فرنسا -وبالرغم من كونها جزءا من هذه الاتفاقات- إلى مراقبة هذه الشراكة بعين الحذر والحرص على أن يكون إطارها العسكري محددا.
حرب باردة على القارة الافريقية:
في أجواء من السرية إندلعت حرب من نوع آخر بين النفوذ الأنجلوسكسوني ( الأمريكي)
والفرانكوفوني (فرنسا) على مناطق نفوذ "قديمة جديدة" في غرب أفريقيا تحديدا, و فيما يتعلق بالموارد الطبيعية الموجودة هناك – خصوصا في غينيا وليبيريا ونيجيريا- تؤكد التوقعات الرسمية الأمريكية أن تستمد الولايات المتحدة حوالي 20% من إحتياجاتها النفطية من أفريقيا خلال العقد المقبل, وستوفر دول غرب أفريقيا 15% منها ، ويتوقع مجلس المعلومات القومي الأمريكي أن ترتفع هذه النسبة إلى 25 % بحلول عام 2015م , وتشير الإحصاءات الصادرة من الإدارة الأمريكية لشؤون النفط والطاقة أن أمريكا ستلجأ إلى النفط الإفريقي في العشرية المقبلة و سيصل حجم الاستيراد الأمريكي من النفط الأفريقي إلى 50 % من مجموع النفط المستورد بحلول العام 2015, وهذا التخطيط الأمريكي بالإستيلاء على نفط دول غرب إفريقيا لم يمر دون مداخلة فرنسا الحريصة على الكعكة النفطية الإفريقية.
الصراع على ساحل العاج:
من المعلوم تاريخيا أن فرنسا دخلت ساحل العاج عام 1843 وأعلنتها محمية فرنسية، وبعد تحريرها, تمكنت من احتلالها وفرض سيطرتها عليها مجدداّ بمساعدة قبائل في دول مجاورة لها وأعلنتها مستعمرة فرنسية في عام 1893, ثم أعطتها الاستقلال الشكلي عام 1960 على غرار أكثر الدول الأفريقية التي أعطيت الاستقلال الشكلي من قبل فرنسا (ديجول) بسبب الظروف الدولية في تلك الفترة. وترأسها فليكس هوفيت بويجني (بوانييه), الموالى لفرنسا من تلك السنة حتى وفاته سنة 1993، وكان خلال سلطته معتمداً على فرنسا وقواتها بشكل مباشر، ونظرا لأن ساحل العاج غني بالكاكاو حيث يشكل إنتاجها منه حوالي 40% من الناتج العالمي وتستغله الشركات الفرنسية، إضافة إلى وجود ثروات معدنية أخرى فيها مثل النحاس والألماس والكوبالت واليورانيوم وأكثر من يستغلها هم الفرنسيون, كما أن المؤسسات المالية هناك أغلبها يسيطر عليها الفرنسيون, وبالتالى فإن نظامها مرتبط بفرنسا بجانب حكامها، وتعتبر ساحل العاج إحدى معاقل الفرانكفونية حيث فرضت عليها فرنسا لغتها وثقافتها, ولذلك كانت لها أهمية ثقافية بالنسبة للاستعمار الفرنسي فضلاً عن الناحية الإقتصادية والإستراتيجية.
وقد اهتمت أمريكا بإخراج ساحل العاج من النفوذ الفرنسي ووضعها تحت نفوذها, ولذلك بدأت تشهد أحداثا واضطرابات بسبب هذا الصراع, فشهدت انقلابا عسكريا في نهاية عام 1999 ووعد رئيس الانقلاب روبرت جيه بانتخابات جرت بالفعل في 22/10/2000، استطاعت فرنسا خلالها أن تبقى ممسكة بالحكم بتوصيل عميلها لوران جباجبو في الانتخابات رغم الوسائل الأمريكية المضادة, ومع ذلك لم تهدأ الأساليب الأمريكية ووسائل الضغط المختلفة لدرجة خشيت فرنسا من سقوط جباجبو في الانتخابات التالية، ولذلك فعندما انتهت ولايته في 2005 أجّل إجراء الانتخابات لستّ مرات حتى جرت بسبب الضغوط الأمريكية المتزايدة عليه وعلى نظامه وما تفرضه عليه من عزلة دولية وعقوبات، فكانت الجولة الأولى في نهاية شهر تشرين الأول/أكتوبر الماضي، والجولة الثانية في 28/11/2010, وخرجت النتيجة بإعلان المجلس الدستوري الذي يؤيد الرئيس الحالي لوران جباجبو فوز الرئيس بنسبة 51.45 % بينما أعلنت لجنة الانتخابات فوز منافسه الحسن وتارا بنسبة 54,1%، فاعترفت أمريكا والأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي بالنتائج التي أعلنتها لجنة الانتخابات وبفوز الحسن وتارا, ورفض الرئيس جباجبو ذلك معتبرا نفسه الفائز حسب ما أعلنه المجلس الدستوري وأصرّ على البقاء في السلطة وأيده الجيش, ويشكل اعتراف أمريكا والأمم المتحدة ومجلس الأمن بإعلان لجنة الانتخابات أي بسقوط جباجبو، وقيام أمريكا، بالمطالبة يتنحى جباجبو عن السلطة، دليلاّ على أن جباجبو يقع في الخط المضاد للسياسة الأمريكية وأنه لا زال محافظاً على ولائه لفرنسا, وهكذا فإن المشكلة الانتخابية في ساحل العاج هي مشكلة صراع دولي طرفاه البارزان فرنسا وأمريكا, ومن تتبع ما يجري في ساحل العاج، والرأي العام الدولي الذي استطاعت أمريكا تحريكه ضد جباجبو، يجعل أمريكا تجد الفرصة سانحة لعدم الموافقة على اى صفقة آملةً تنحية غباغبو واستلام الحسن وتارا السلطة، ويرى المراقبون أن أمريكا ترى فيما يجري فرصة لاحت لها لأن تأخذ دولة أفريقية بالانتخابات دون انقلاب عسكري، فهذا الوضع يمنح أمريكا ذرائع أصدق ليجعلها تتبنى عملاءها علنا وتدافع عنهم لأنهم يُحسَبون بأنهم شرعيون جاءوا بإرادة الشعب عن طريق الانتخابات، فلا يستطيع أحد أن يلومها ويتهمها بأنها تدعم نظما ديكتاتورية فيما لو جاء عملاؤها عن طريق انقلابات عسكرية.
الصراع على ليبيا:
وفى ليبيا كان من اللافت للنظر, تصدر أخبار قصف الطائرات الفرنسية لقوات معمر القذافي
بنوع من الفخر لا يمكن إلا أن يلاحظه أي متابع لتغطية الإعلام الفرنسي لهذا الموضوع, وكذلك تركيز الإعلام على إغارة الطائرات الفرنسية على مواقع عسكرية لقوات القذافي على تخوم مدينة بنغازي, وقد استفاضت مختلف وسائل الإعلام الفرنسية المرئية والمسموعة والمكتوبة إضافة إلى مواقع الانترنت، في شرح مزايا الطائرات التي شنت أول غارة ونوعية الصواريخ والقنابل التي استخدمتها فضلا عن ارتفاعها العالي ودقة الإصابات التي حققتها, وهذا يرمى فى صالح التكهنات التى تصب فى أن ماحدث يندرج ايضا تحت بند التنافس والصراع على النفوذ فى ليبيا (الجديدة), وكما يرى الباحث"موفق محادين", وكثير من المراقبين, انه, إذا كانت فرنسا قد حسمت امرها مع الشعب الليبي وثورته واعترفت بالمجلس الانتقالي في بنغازي ممثلا وحيدا وشرعيا, فليس ذلك امتدادا لتقاليد الثورة البرجوازية الفرنسية وشعاراتها حول الديمقراطية وحقوق الانسان, بل في اطار الصراع مع الامريكان على القارة الافريقية, وأن الموقف الامريكي من الثورة الليبية يمكن تلخيصه في موقف الخارجية والادارة الامريكية الذي يسعى لتكرار سياسة الاحتواء المزدوج من اجل استنزاف الثورة الشعبية ونظام القذافى, كمقدمة لتكرار النموذج العراقي (الغزو ونهب النفط), وموقف المخابرات الامريكية الذي يدعم القذافى.
ويرى غالبية المراقبين, أنه و اذا كان الخلاف واضحا بين المخابرات الامريكية التي لا تخفي ميولها لنظام العقيد وبين وزارة الخارجية التي تميل الى التوافق مع حلفائها الاوروبيين الا ان المرجح هو صياغة تسوية بين المخابرات والخارجية تقوم المخابرات خلالها باللعب على الوقت لعل العقيد يعيد السيطرة على الثورة, فيما تواصل ادارة اوباما وكلينتون سياسة مسك العصا من الوسط بانتظار استنزاف الطرفين.
وفي الحالتين, فان القاسم المشترك بينهما هو الصراع مع فرنسا على افريقيا ونفط ليبيا, وليس مستبعدا في ضوء الدخول الفرنسي السريع على الازمة الليبية, ان يأخذ الصراع المذكور اشكالا غير مسبوقة وغير متوقعة رغم مما يبدو من توافقات (شكلية) حول قضايا ثانوية.
حرب باردة على القارة الافريقية:
في أجواء من السرية إندلعت حرب من نوع آخر بين النفوذ الأنجلوسكسوني ( الأمريكي)
والفرانكوفوني (فرنسا) على مناطق نفوذ "قديمة جديدة" في غرب أفريقيا تحديدا, و فيما يتعلق بالموارد الطبيعية الموجودة هناك – خصوصا في غينيا وليبيريا ونيجيريا- تؤكد التوقعات الرسمية الأمريكية أن تستمد الولايات المتحدة حوالي 20% من إحتياجاتها النفطية من أفريقيا خلال العقد المقبل, وستوفر دول غرب أفريقيا 15% منها ، ويتوقع مجلس المعلومات القومي الأمريكي أن ترتفع هذه النسبة إلى 25 % بحلول عام 2015م , وتشير الإحصاءات الصادرة من الإدارة الأمريكية لشؤون النفط والطاقة أن أمريكا ستلجأ إلى النفط الإفريقي في العشرية المقبلة و سيصل حجم الاستيراد الأمريكي من النفط الأفريقي إلى 50 % من مجموع النفط المستورد بحلول العام 2015, وهذا التخطيط الأمريكي بالإستيلاء على نفط دول غرب إفريقيا لم يمر دون مداخلة فرنسا الحريصة على الكعكة النفطية الإفريقية.
الصراع على ساحل العاج:
من المعلوم تاريخيا أن فرنسا دخلت ساحل العاج عام 1843 وأعلنتها محمية فرنسية، وبعد تحريرها, تمكنت من احتلالها وفرض سيطرتها عليها مجدداّ بمساعدة قبائل في دول مجاورة لها وأعلنتها مستعمرة فرنسية في عام 1893, ثم أعطتها الاستقلال الشكلي عام 1960 على غرار أكثر الدول الأفريقية التي أعطيت الاستقلال الشكلي من قبل فرنسا (ديجول) بسبب الظروف الدولية في تلك الفترة. وترأسها فليكس هوفيت بويجني (بوانييه), الموالى لفرنسا من تلك السنة حتى وفاته سنة 1993، وكان خلال سلطته معتمداً على فرنسا وقواتها بشكل مباشر، ونظرا لأن ساحل العاج غني بالكاكاو حيث يشكل إنتاجها منه حوالي 40% من الناتج العالمي وتستغله الشركات الفرنسية، إضافة إلى وجود ثروات معدنية أخرى فيها مثل النحاس والألماس والكوبالت واليورانيوم وأكثر من يستغلها هم الفرنسيون, كما أن المؤسسات المالية هناك أغلبها يسيطر عليها الفرنسيون, وبالتالى فإن نظامها مرتبط بفرنسا بجانب حكامها، وتعتبر ساحل العاج إحدى معاقل الفرانكفونية حيث فرضت عليها فرنسا لغتها وثقافتها, ولذلك كانت لها أهمية ثقافية بالنسبة للاستعمار الفرنسي فضلاً عن الناحية الإقتصادية والإستراتيجية.
وقد اهتمت أمريكا بإخراج ساحل العاج من النفوذ الفرنسي ووضعها تحت نفوذها, ولذلك بدأت تشهد أحداثا واضطرابات بسبب هذا الصراع, فشهدت انقلابا عسكريا في نهاية عام 1999 ووعد رئيس الانقلاب روبرت جيه بانتخابات جرت بالفعل في 22/10/2000، استطاعت فرنسا خلالها أن تبقى ممسكة بالحكم بتوصيل عميلها لوران جباجبو في الانتخابات رغم الوسائل الأمريكية المضادة, ومع ذلك لم تهدأ الأساليب الأمريكية ووسائل الضغط المختلفة لدرجة خشيت فرنسا من سقوط جباجبو في الانتخابات التالية، ولذلك فعندما انتهت ولايته في 2005 أجّل إجراء الانتخابات لستّ مرات حتى جرت بسبب الضغوط الأمريكية المتزايدة عليه وعلى نظامه وما تفرضه عليه من عزلة دولية وعقوبات، فكانت الجولة الأولى في نهاية شهر تشرين الأول/أكتوبر الماضي، والجولة الثانية في 28/11/2010, وخرجت النتيجة بإعلان المجلس الدستوري الذي يؤيد الرئيس الحالي لوران جباجبو فوز الرئيس بنسبة 51.45 % بينما أعلنت لجنة الانتخابات فوز منافسه الحسن وتارا بنسبة 54,1%، فاعترفت أمريكا والأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي بالنتائج التي أعلنتها لجنة الانتخابات وبفوز الحسن وتارا, ورفض الرئيس جباجبو ذلك معتبرا نفسه الفائز حسب ما أعلنه المجلس الدستوري وأصرّ على البقاء في السلطة وأيده الجيش, ويشكل اعتراف أمريكا والأمم المتحدة ومجلس الأمن بإعلان لجنة الانتخابات أي بسقوط جباجبو، وقيام أمريكا، بالمطالبة يتنحى جباجبو عن السلطة، دليلاّ على أن جباجبو يقع في الخط المضاد للسياسة الأمريكية وأنه لا زال محافظاً على ولائه لفرنسا, وهكذا فإن المشكلة الانتخابية في ساحل العاج هي مشكلة صراع دولي طرفاه البارزان فرنسا وأمريكا, ومن تتبع ما يجري في ساحل العاج، والرأي العام الدولي الذي استطاعت أمريكا تحريكه ضد جباجبو، يجعل أمريكا تجد الفرصة سانحة لعدم الموافقة على اى صفقة آملةً تنحية غباغبو واستلام الحسن وتارا السلطة، ويرى المراقبون أن أمريكا ترى فيما يجري فرصة لاحت لها لأن تأخذ دولة أفريقية بالانتخابات دون انقلاب عسكري، فهذا الوضع يمنح أمريكا ذرائع أصدق ليجعلها تتبنى عملاءها علنا وتدافع عنهم لأنهم يُحسَبون بأنهم شرعيون جاءوا بإرادة الشعب عن طريق الانتخابات، فلا يستطيع أحد أن يلومها ويتهمها بأنها تدعم نظما ديكتاتورية فيما لو جاء عملاؤها عن طريق انقلابات عسكرية.
الصراع على ليبيا:
وفى ليبيا كان من اللافت للنظر, تصدر أخبار قصف الطائرات الفرنسية لقوات معمر القذافي
بنوع من الفخر لا يمكن إلا أن يلاحظه أي متابع لتغطية الإعلام الفرنسي لهذا الموضوع, وكذلك تركيز الإعلام على إغارة الطائرات الفرنسية على مواقع عسكرية لقوات القذافي على تخوم مدينة بنغازي, وقد استفاضت مختلف وسائل الإعلام الفرنسية المرئية والمسموعة والمكتوبة إضافة إلى مواقع الانترنت، في شرح مزايا الطائرات التي شنت أول غارة ونوعية الصواريخ والقنابل التي استخدمتها فضلا عن ارتفاعها العالي ودقة الإصابات التي حققتها, وهذا يرمى فى صالح التكهنات التى تصب فى أن ماحدث يندرج ايضا تحت بند التنافس والصراع على النفوذ فى ليبيا (الجديدة), وكما يرى الباحث"موفق محادين", وكثير من المراقبين, انه, إذا كانت فرنسا قد حسمت امرها مع الشعب الليبي وثورته واعترفت بالمجلس الانتقالي في بنغازي ممثلا وحيدا وشرعيا, فليس ذلك امتدادا لتقاليد الثورة البرجوازية الفرنسية وشعاراتها حول الديمقراطية وحقوق الانسان, بل في اطار الصراع مع الامريكان على القارة الافريقية, وأن الموقف الامريكي من الثورة الليبية يمكن تلخيصه في موقف الخارجية والادارة الامريكية الذي يسعى لتكرار سياسة الاحتواء المزدوج من اجل استنزاف الثورة الشعبية ونظام القذافى, كمقدمة لتكرار النموذج العراقي (الغزو ونهب النفط), وموقف المخابرات الامريكية الذي يدعم القذافى.
ويرى غالبية المراقبين, أنه و اذا كان الخلاف واضحا بين المخابرات الامريكية التي لا تخفي ميولها لنظام العقيد وبين وزارة الخارجية التي تميل الى التوافق مع حلفائها الاوروبيين الا ان المرجح هو صياغة تسوية بين المخابرات والخارجية تقوم المخابرات خلالها باللعب على الوقت لعل العقيد يعيد السيطرة على الثورة, فيما تواصل ادارة اوباما وكلينتون سياسة مسك العصا من الوسط بانتظار استنزاف الطرفين.
وفي الحالتين, فان القاسم المشترك بينهما هو الصراع مع فرنسا على افريقيا ونفط ليبيا, وليس مستبعدا في ضوء الدخول الفرنسي السريع على الازمة الليبية, ان يأخذ الصراع المذكور اشكالا غير مسبوقة وغير متوقعة رغم مما يبدو من توافقات (شكلية) حول قضايا ثانوية.
ان ما شاهدناه فى الاخير و الترتيب الذى تقوم به الاستخبرات الفرنسية من اجل عزل غريمتها الامريكية و الضحية الكبرى هى شعب الجزائر
من المعلوم ان التحالف الفرنسي - الأمريكي قد تأسس منذ تأسيس حلف شمال الأطلنطي في عام 1946 وظلت فرنسا من أهم القوي التي تسير في فلك الولايات المتحدة طوال سنوات الحرب الباردة , وعلى مدى هذه الفترة كانت فرنسا تعانى في الشرق الأوسط بسبب حرب الجزائر من ناحية والجهد الذي تطلبه إنهاء الاستعمار الفرنسي في إفريقيا والدول العربية من ناحية أخرى, ولم تكن حركات الاستقلال والتحرر هي السبب الوحيد وراء سوء صورة فرنسا في المنطقة وإنما أيضا لكون المد الشيوعي قد طال الشرق الأوسط وأنشأ عداء لأمريكا ومعسكرها الغربى , وبعد انهيار الاتحاد السوفيتي في مطلع التسعينيات بدأت تدخل عوامل التنافس والندية في العلاقات الثنائية بين البلدين وخاصة بعد تبلور الإتحاد الاوروبى في عام 1992, واستمرت فرنسا كإحدى أهم القوي الفاعلة في حلف شمال الأطلنطي حيث اشتركت في أهم عمليات الحلف في البلقان والكويت وأفغانستان, ولكن وبالرغم من أن أحد مراكز قيادة الحلف موجود في جنوب فرنسا إلا أن باريس ظلت تكثف جهودها لإضافة بعد عسكري دفاعي للاتحاد الاوروبى لكيلا يظل أمن أوروبا يعتمد على الولايات المتحدة كما أثبتت تجربة حروب البلقان, إلا أن جميع هذه الجهود فشلت وظل حلف شمال الأطلنطي الأداة العسكرية لأوروبا ضد أي اعتداء بل وتوسع الحلف ليشمل ليس فقط دول المعسكر الشرقي السابق ولكن أسس شراكات مع عشر دول في حوض المتوسط عربية وغير عربية, مما دفع فرنسا -وبالرغم من كونها جزءا من هذه الاتفاقات- إلى مراقبة هذه الشراكة بعين الحذر والحرص على أن يكون إطارها العسكري محددا.
حرب باردة على القارة الافريقية:
في أجواء من السرية إندلعت حرب من نوع آخر بين النفوذ الأنجلوسكسوني ( الأمريكي)
والفرانكوفوني (فرنسا) على مناطق نفوذ "قديمة جديدة" في غرب أفريقيا تحديدا, و فيما يتعلق بالموارد الطبيعية الموجودة هناك – خصوصا في غينيا وليبيريا ونيجيريا- تؤكد التوقعات الرسمية الأمريكية أن تستمد الولايات المتحدة حوالي 20% من إحتياجاتها النفطية من أفريقيا خلال العقد المقبل, وستوفر دول غرب أفريقيا 15% منها ، ويتوقع مجلس المعلومات القومي الأمريكي أن ترتفع هذه النسبة إلى 25 % بحلول عام 2015م , وتشير الإحصاءات الصادرة من الإدارة الأمريكية لشؤون النفط والطاقة أن أمريكا ستلجأ إلى النفط الإفريقي في العشرية المقبلة و سيصل حجم الاستيراد الأمريكي من النفط الأفريقي إلى 50 % من مجموع النفط المستورد بحلول العام 2015, وهذا التخطيط الأمريكي بالإستيلاء على نفط دول غرب إفريقيا لم يمر دون مداخلة فرنسا الحريصة على الكعكة النفطية الإفريقية.
الصراع على ساحل العاج:
من المعلوم تاريخيا أن فرنسا دخلت ساحل العاج عام 1843 وأعلنتها محمية فرنسية، وبعد تحريرها, تمكنت من احتلالها وفرض سيطرتها عليها مجدداّ بمساعدة قبائل في دول مجاورة لها وأعلنتها مستعمرة فرنسية في عام 1893, ثم أعطتها الاستقلال الشكلي عام 1960 على غرار أكثر الدول الأفريقية التي أعطيت الاستقلال الشكلي من قبل فرنسا (ديجول) بسبب الظروف الدولية في تلك الفترة. وترأسها فليكس هوفيت بويجني (بوانييه), الموالى لفرنسا من تلك السنة حتى وفاته سنة 1993، وكان خلال سلطته معتمداً على فرنسا وقواتها بشكل مباشر، ونظرا لأن ساحل العاج غني بالكاكاو حيث يشكل إنتاجها منه حوالي 40% من الناتج العالمي وتستغله الشركات الفرنسية، إضافة إلى وجود ثروات معدنية أخرى فيها مثل النحاس والألماس والكوبالت واليورانيوم وأكثر من يستغلها هم الفرنسيون, كما أن المؤسسات المالية هناك أغلبها يسيطر عليها الفرنسيون, وبالتالى فإن نظامها مرتبط بفرنسا بجانب حكامها، وتعتبر ساحل العاج إحدى معاقل الفرانكفونية حيث فرضت عليها فرنسا لغتها وثقافتها, ولذلك كانت لها أهمية ثقافية بالنسبة للاستعمار الفرنسي فضلاً عن الناحية الإقتصادية والإستراتيجية.
وقد اهتمت أمريكا بإخراج ساحل العاج من النفوذ الفرنسي ووضعها تحت نفوذها, ولذلك بدأت تشهد أحداثا واضطرابات بسبب هذا الصراع, فشهدت انقلابا عسكريا في نهاية عام 1999 ووعد رئيس الانقلاب روبرت جيه بانتخابات جرت بالفعل في 22/10/2000، استطاعت فرنسا خلالها أن تبقى ممسكة بالحكم بتوصيل عميلها لوران جباجبو في الانتخابات رغم الوسائل الأمريكية المضادة, ومع ذلك لم تهدأ الأساليب الأمريكية ووسائل الضغط المختلفة لدرجة خشيت فرنسا من سقوط جباجبو في الانتخابات التالية، ولذلك فعندما انتهت ولايته في 2005 أجّل إجراء الانتخابات لستّ مرات حتى جرت بسبب الضغوط الأمريكية المتزايدة عليه وعلى نظامه وما تفرضه عليه من عزلة دولية وعقوبات، فكانت الجولة الأولى في نهاية شهر تشرين الأول/أكتوبر الماضي، والجولة الثانية في 28/11/2010, وخرجت النتيجة بإعلان المجلس الدستوري الذي يؤيد الرئيس الحالي لوران جباجبو فوز الرئيس بنسبة 51.45 % بينما أعلنت لجنة الانتخابات فوز منافسه الحسن وتارا بنسبة 54,1%، فاعترفت أمريكا والأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي بالنتائج التي أعلنتها لجنة الانتخابات وبفوز الحسن وتارا, ورفض الرئيس جباجبو ذلك معتبرا نفسه الفائز حسب ما أعلنه المجلس الدستوري وأصرّ على البقاء في السلطة وأيده الجيش, ويشكل اعتراف أمريكا والأمم المتحدة ومجلس الأمن بإعلان لجنة الانتخابات أي بسقوط جباجبو، وقيام أمريكا، بالمطالبة يتنحى جباجبو عن السلطة، دليلاّ على أن جباجبو يقع في الخط المضاد للسياسة الأمريكية وأنه لا زال محافظاً على ولائه لفرنسا, وهكذا فإن المشكلة الانتخابية في ساحل العاج هي مشكلة صراع دولي طرفاه البارزان فرنسا وأمريكا, ومن تتبع ما يجري في ساحل العاج، والرأي العام الدولي الذي استطاعت أمريكا تحريكه ضد جباجبو، يجعل أمريكا تجد الفرصة سانحة لعدم الموافقة على اى صفقة آملةً تنحية غباغبو واستلام الحسن وتارا السلطة، ويرى المراقبون أن أمريكا ترى فيما يجري فرصة لاحت لها لأن تأخذ دولة أفريقية بالانتخابات دون انقلاب عسكري، فهذا الوضع يمنح أمريكا ذرائع أصدق ليجعلها تتبنى عملاءها علنا وتدافع عنهم لأنهم يُحسَبون بأنهم شرعيون جاءوا بإرادة الشعب عن طريق الانتخابات، فلا يستطيع أحد أن يلومها ويتهمها بأنها تدعم نظما ديكتاتورية فيما لو جاء عملاؤها عن طريق انقلابات عسكرية.
الصراع على ليبيا:
وفى ليبيا كان من اللافت للنظر, تصدر أخبار قصف الطائرات الفرنسية لقوات معمر القذافي
بنوع من الفخر لا يمكن إلا أن يلاحظه أي متابع لتغطية الإعلام الفرنسي لهذا الموضوع, وكذلك تركيز الإعلام على إغارة الطائرات الفرنسية على مواقع عسكرية لقوات القذافي على تخوم مدينة بنغازي, وقد استفاضت مختلف وسائل الإعلام الفرنسية المرئية والمسموعة والمكتوبة إضافة إلى مواقع الانترنت، في شرح مزايا الطائرات التي شنت أول غارة ونوعية الصواريخ والقنابل التي استخدمتها فضلا عن ارتفاعها العالي ودقة الإصابات التي حققتها, وهذا يرمى فى صالح التكهنات التى تصب فى أن ماحدث يندرج ايضا تحت بند التنافس والصراع على النفوذ فى ليبيا (الجديدة), وكما يرى الباحث"موفق محادين", وكثير من المراقبين, انه, إذا كانت فرنسا قد حسمت امرها مع الشعب الليبي وثورته واعترفت بالمجلس الانتقالي في بنغازي ممثلا وحيدا وشرعيا, فليس ذلك امتدادا لتقاليد الثورة البرجوازية الفرنسية وشعاراتها حول الديمقراطية وحقوق الانسان, بل في اطار الصراع مع الامريكان على القارة الافريقية, وأن الموقف الامريكي من الثورة الليبية يمكن تلخيصه في موقف الخارجية والادارة الامريكية الذي يسعى لتكرار سياسة الاحتواء المزدوج من اجل استنزاف الثورة الشعبية ونظام القذافى, كمقدمة لتكرار النموذج العراقي (الغزو ونهب النفط), وموقف المخابرات الامريكية الذي يدعم القذافى.
ويرى غالبية المراقبين, أنه و اذا كان الخلاف واضحا بين المخابرات الامريكية التي لا تخفي ميولها لنظام العقيد وبين وزارة الخارجية التي تميل الى التوافق مع حلفائها الاوروبيين الا ان المرجح هو صياغة تسوية بين المخابرات والخارجية تقوم المخابرات خلالها باللعب على الوقت لعل العقيد يعيد السيطرة على الثورة, فيما تواصل ادارة اوباما وكلينتون سياسة مسك العصا من الوسط بانتظار استنزاف الطرفين.
وفي الحالتين, فان القاسم المشترك بينهما هو الصراع مع فرنسا على افريقيا ونفط ليبيا, وليس مستبعدا في ضوء الدخول الفرنسي السريع على الازمة الليبية, ان يأخذ الصراع المذكور اشكالا غير مسبوقة وغير متوقعة رغم مما يبدو من توافقات (شكلية) حول قضايا ثانوية.