تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : دروس لشيخ عبيد الجابري حفظه الله


ـ‗جواهرودررالسلف‗ـ
2012-04-05, 08:46
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

دروس ألقاها فضيلة الشيخ الوالد عبيد الجابري على طلبة العلم العراقيين في المدينة النبوية قام بتفريغها والإعتناء بها بإذن من الشيخ (حفظه الله تعالى)



مقدمة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا, من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
(يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون) (يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا) (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما).
أما بعد فإن أصدق الحديث كتاب الله, وأحسن الهدي هدي محمد (صلى الله عليه و سلم), وشر الأمور محدثاتها, وكل محدثة بدعة, وكل بدعة ضلالة, وكل ضلالة في النار.
وبعد:فأن الرجوع إلى العلماء أصل عظيم من أصول أهل السنة والجماعة ودليل ذلك قول الله تعالى {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} (43 النحل) وقوله تعالى { وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا }[ النساء(83)]0ومن السنة قوله عليه الصلاة والسلام ( العلماء ورثة الانبياء ).
والدراسة عند العلماء ومشافهتم مقصد كبير ورغّب فيه الرسول (صلى الله عليه وسلم) وسار عليه أئمة السلف، فما نجد عالما من علماء السلف إلا و في ترجمة حياته أهم الشيوخ والعلماء الذين أخذ عنهم العلم أو روى عنهم الحديث, فأئمة السلف كانوا يرحلون من أجل أخذ العلم عن أهله ورواية الحديث مشافهة من حملته، والعلماء هم سند دعوة اهل السنة
قال الشيخ بن باز رحمه الله تعالى (إن من عوامل بقاء الدعوة تعاقب الدعاة لها ما تعاقبت الأيام، ومنذ أن أكرم الله تعالى هذه الأمة وصوت الداعي مدويا في أفق المدعوين إلى أن أكمل الله الدين وأتم النعمة، ثم توالى الدعاة من خلفاء الرسول (صلى الله عليه وسلم) إلى من بعدهم من دول أو مصلحين وموجهين آمرين بالمعروف ناهين عن المنكر، وذلك عملا بالأصل القويم في قوله تعالى: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ} (104 ال عمران) الآية.
فكلما خيمت سحب البدع، واحلولكت ظلم الجهالة، وخاض الناس لجج الباطل أيد الله تعالى لهذه الأمة رجالا يدعون إلى الله تعالى على بصيرة، ينيرون الطريق، ويظهرون الحق ويحيون السنة، ويحاربون البدعة حتى يطهر الله على أيديهم البلاد، وينقذ بدعوتهم العباد، وهذا من تمام النعمة وسعة الفضل من الله تعالى على عباده.) .
فلابد لطالب العلم من معرفة علماء أهل السنة وطلب العلم عندهم، والرحلة إليهم ومجالستهم، ولعل من أعظم أسباب الفوضى الحاصلة بين كثير من الشباب وطلبة العلم هو عدم معرفتهم بالعلماء الراسخين الذين يجب أخذ العلم عنهم هذا من جهة .
ومن جهة اخرى عدم تميز العلماء عمّن دونهم من طلبة العلم والوعاظ.
قال الشيخ محمد بن هادي المدخلي (حفظه الله): )
لابد لطالب العلم ان يعرف طبقات العلماء كما عرف العلماء وعرفّوا بطبقات العلماء والائمة, وطبقات الحفّاظ, وطبقات الأئمة المجتهدين في المذهب والمجتهدين اجتهادا مطلقا ومن عُرفوا بالفتوى بالمذهب ومن عُرفوا ... الخ, فلابد ان تعرف ذلك, تعرف العالمين بالفتن والمختصين بتعلمها هذا أصل موجود في الشرع والنبي (صلى الله عليه وسلم) خص حذيفة بالفتن) .
فمنهج السلف رحمهم الله في التلقي قائم على الأخذ من الثقات وترك أهل الأهواء والفتن ويدل على ذلك ما خرجه الإمام مسلم في مقدمته [عن ابن سيرين رحمه الله أنه قال: (إن هذا العلم دين فانظروا عمّن تأخذون دينكم)، وعن عاصم الأحول عن ابن سيرين قال: (لم يكونوا يسألون عن الإسناد فلما وقعت الفتنة قالوا سموا لنا رجالكم فينظر إلى أهل السنة فيؤخذ حديثهم وينظر إلى أهل البدع فلا يؤخذ حديثهم)، وعن ابن يونس حدثنا الأوزاعي عن سليمان بن موسى قال: (لقيت طاوسا فقلت حدثني فلان كيت وكيت قال إن كان صاحبك مليا فخذ عنه.)] انتهى.
فكيف بزماننا, الذي كثرت فيه الفتن وتنوعت!
ولقد قص الله علينا قصة موسى عليه الصلاة والسلام مع الخضر عليه السلام وفيها بيان أهمية الرحلة لطلب العلم وتحمل المشاق من أجل هذا المقصد العظيم قال تعالى: [وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا (60) فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا (61)], إلى أن قال: [َفوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا آَتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا (65) قَالَ لَهُ مُوسَى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا (66) قَالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْرًا (67) وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا (68) قَالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا (69) قَالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلَا تَسْأَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْرًا (70)][ الكهف ].
قال الإمام السعدي في تفسير هذه الآية: (وفي هذه القصة العجيبة الجليلة، من الفوائد والأحكام والقواعد شيء كثير، _ننبه على بعضه بعون الله_.
1/ فمنها فضيلة العلم، والرحلة في طلبه، وأنه أهم الأمور، فإن موسى عليه السلام رحل مسافة طويلة، ولقي النصب في العلم على ذلك.
2 / ومنها: البداءة بالأهم فالأهم، فإن زيادة العلم وعلم الإنسان أهم من ترك ذلك، والاشتغال بالتعليم من دون تزود من العلم، والجمع بين الأمرين أكمل.
3 / ومنها: أن العلم الذي يعلمه الله [لعباده] نوعان:
علم مكتسب يدركه العبد بجده واجتهاده, ونوع علم لدني، يهبه الله لمن يمن عليه من عباده لقوله {وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا}.
4 / ومنها: التأدب مع المعلم، وخطاب المتعلم إياه ألطف خطاب، لقول موسى عليه السلام:
{هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا}, فأخرج الكلام بصورة الملاطفة والمشاورة، وأنك هل تأذن لي في ذلك أم لا وإقراره بأنه يتعلم منه، بخلاف ما عليه أهل الجفاء أو الكبر، الذي لا يظهر للمعلم افتقارهم إلى علمه، بل يدعي أنه يتعاون هم وإياه، بل ربما ظن أنه يعلم معلمه، وهو جاهل جدا، فالذل للمعلم، وإظهار الحاجة إلى تعليمه، من أنفع شيء للمتعلم.
5 / ومنها تواضع الفاضل للتعلم ممن دونه، فإن موسى -بلا شك- أفضل من الخضر.
6 / ومنها: تعلم العالم الفاضل للعلم الذي لم يتمهر فيه، ممن مهر فيه، وإن كان دونه في العلم بدرجات كثيرة.
فإن موسى عليه السلام من أولي العزم من المرسلين، الذين منحهم الله وأعطاهم من العلم ما لم يعط سواهم، ولكن في هذا العلم الخاص كان عند الخضر، ما ليس عنده، فلهذا حرص على التعلم منه فعلى هذا، لا ينبغي للفقيه المحدث، إذا كان قاصرا في علم النحو، أو الصرف، أو نحوه من العلوم، أن لا يتعلمه ممن مهر فيه، وإن لم يكن محدثا ولا فقيها.
7 / ومنها: إضافة العلم وغيره من الفضائل لله تعالى، والإقرار بذلك، وشكر الله عليها لقوله: {تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ} أي: مما علمك الله تعالى.
8 / ومنها: أن العلم النافع، هو العلم المرشد إلى الخير، فكل علم يكون فيه رشد وهداية لطرق الخير، وتحذير عن طريق الشر، أو وسيلة لذلك، فإنه من العلم النافع، وما سوى ذلك، فإما أن يكون ضارا، أو ليس فيه فائدة لقوله: {أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً}.
9 / ومنها: أن من ليس له قوة الصبر على صحبة العالم والعلم، وحسن الثبات على ذلك، أنه يفوته بحسب عدم صبره كثير من العلم فمن لا صبر له لا يدرك العلم، ومن استعمل الصبر ولازمه، أدرك به كل أمر سعى فيه، لقول الخضر - يعتذر من موسى بذكر المانع لموسى في الأخذ عنه - إنه لا يصبر معه.) انتهى.
فليت شعري اين المتقاعسون من هذه القصة العظيمة؟
بل وأين المتكسبون بالعلم أذا أُعطوا رضوا واذا منعوا اذا هم يسخطون؟
بل وأين المتكبرون من هذا التواضع الجميل لنبي من اولي العزم كيف يرحل من أجل طلب العلم؟
وأين الجزعون من هذا الصبر الجميل وتحمل الأعباء والمشاق في سبيل الحصول على المقصود؟.
فلا زال طالب العلم بخير ما شعر أنه بحاجة الى العلماء وانه لايستغني عنهم، وعن مشورتهم وسؤالهم فيما يستجد من نوازل، فأن من أعظم أسباب الوقوع في الفتن والانحراف نسأل الله السلامة والعافية هو ترك العلماء وتنقصهم فالخوارج والقدرية ومن شابههم خرجوا عن منهج علماء الصحابة، وكذلك أئمة الضلال في كل زمان ومكان من أبرز سماتهم ازدراء العلماء وعدم الرجوع اليهم.
ولابد من معرفة علماء السنة في كل زمان ومكان فما كل من كتب وخطب وأكثر الكلام وشقشقته أصبح عالما إنما العالم من شهد له العلماء بالعلم وصحة المنهج.
قال الشيخ صالح الفوزان (حفظه الله):
(لا تستعجل فيما تسمع من الناس وخصوصا عند تأخر الزمان, وكثرة من يتكلم وينتصب للعلم والقول, وخصوصا لمّا جدّت وسائل الإعلام, وصار كل يهذوا ويتكلم بإسم الديِّن, حتى أهل الضّلال والفرق الضالة والمنحرفة صاروا يتكلمون بإسم الدين الآن في الفضائيات, فالخطر عظيم جدا, فعليك أيّها المسلم وطالب العلم بالذات أن تتثبت, ولا تستعجل مع كل ما تسمع, عليك بالتثبت ومعرفة الذي قال هذا ؟ ومن أين جاء هذا الفكر؟ ثم ماهي مستنداته وأدلته من الكتاب والسنة؟ ثم أين تعلم صاحبه؟ وعمّن أخذ العلم؟ فهذه أمور تحتاج الى تثبت, خصوصا في هذا الزمان, فما كل قائل حتى ولو كان فصيحا وبليغا ويشقق الكلام ويأخذ بالأسماع لاتغتر به حتى ترى مدى ما عنده من العلم والفقه فربما يكون كلامه قليلا لكنه فقيه, وربما يكون كلامه كثيرا لكنه جاهل ليس عنده شيء من الفقه بل عنده سحر الكلام حتى يغر الناس ويتظاهر بأنه عالم وبأنه فاهم وبأنه مفكّر, ونحو ذلك حتى يغر الناس ويخرج بهم عن الحق, فليس العبرة بكثرة الكلام وشقشقته, بل العبرة بما فيه من العلم وما فيه من التأصيل, ورب كلام قليل مؤصل يكون أنفع بكثير من كلام كثير مشقشق لا تمسك منه فائدة الا القليل, وهذا هو الواقع في زماننا يكثر الكلام ويقل العلم, يكثر القراء ويقل الفقهاء, والفقه ليس هو بكثرة الكلام أوكثرة القراءة أو جودة الكلام, او حسن التعبير, يقول الشاعر:
في زخرف القول تزيين لباطله والحق قد يعتريه سوء تعبير
تقول هذا مجاج النحل تمدحه وأن تشأ قلت ذا قيء الزنابير
إن شئت أن تمدح العسل تقول: هذا (مجاج النحل), وإن ذممته قلت هذا (قيء), بدل (مجاج), وبدل النحل تقول الزنابير, فالبليغ يقلب الحق باطلا, والباطل حقا ببلاغته, فاحذر من هذا, ولهذا حذّر (النبي صلى الله عليه وسلم) من فصيح اللسان الذي يتخلله بلسانه كما تتخلل البقرة بلسانها حذّر من هذا, وقال [ أن من البيان لسحرا] يعني يسحر الاسماع.) انتهى.
وطالب العلم لابد له من أمور:
الاول/ الإخلاص في طلبه لايبتغي متاع الدنيا وممدحة الناس, لإن العلم عبادة وشرط قبول أي عباده الإخلاص لله تعالى.
الثاني/ يطلب العلم لرفع الجهل عن نفسه, وعلامة الاولى أنه يتعبد لله بالعلم ولايهمه مدحه الناس او لا, وعلامة الأخرى أنه يفرح أذا بُين له خطئه ويقبل النصح بصدر منشرح فعلامة الرياء في العلم عدم قبول النصح والعياذ بالله.
الثالث/ ملازمة العلماء لأنها سبب لإستدامة طالب العلم على الطلب، وسبب لثباته على المنهج، والله جل وعلا هو وحده الذي يملك القلوب.
الرابع/ التدرج في طلب العلم والأهتمام بالتأصيل لأنه ليس كل من حصّل تأصل، فكم من مُحصل يحفظ المتون والاقوال لكنه عُدم الفقه والتأصيل.
الخامس/ الحذر من الجمعيات الحزبية التي تصطاد بالماء العكر بحجة مساعدة طالب
العلم, والنفس راغبة إن رغبتها، وإن تُرد الى قليل تقنع, فما أفسد نيات كثير من الشباب السلفي ثم انحراف مناهجهم إلا بسبب بعض هذه الجمعيات الحزبية.
السادس/ تجنب البطانة السيئة فطالب العلم لابد ان يربي نفسه على التواضع وترك التمشيخ وحب الترفع، فكم من طالب علم أُهلك بكثرة ما يمدح من مقربيه حتى ظن بنفسه أنه أصبح العالم الذي يجب أن لا يعارض، ومراقبة النفس وكبح جماحها والإبتعاد عن حب الريّاسة والشهرة من أعظم ما يجب على طالب العلم مراعاته ومجاهدة النفس عليه.
قال ابن القيم (رحمه الله):
(واما العلم فآفته: عدم مطابقته لمراد الله الدينى الذي يحبه الله ويرضاه وذلك يكون من فساد العلم تارة ومن فساد الارادة تارة.
ففساده من جهة العلم ان يعتقد ان هذا مشروع محبوب لله وليس كذلك او يعتقد انه يقربه الى الله وان لم يكن مشروعا فيظن انه يتقرب الى الله بهذا العمل وان لم يعلم انه مشروع.
وأما فساده من جهة القصد: فان لا يقصد به وجه الله والدار الآخرة بل يقصد به الدنيا والخلق.
وهاتان الآفتان في العلم والعمل لا سبيل الى السلامة منهما إلا بمعرفة ما جاء به الرسول في باب العلم والمعرفة وارادة وجه الله والدار الآخرة في باب القصد والإرادة فمتى خلا من هذه المعرفة وهذه الارادة فسد علمه وعمله.
والأيمان واليقين يورثان صحة المعرفة وصحة الارادة.
وهما يورثان الايمان ويمدّانه ومن هنا يتبين إنحراف أكثر الناس عن الإيمان, لإنحرافهم عن صحة المعرفة وصحة الارادة ولا يتم الايمان الا بتلقي المعرفة من مشكاة النبوة وتجريد الارادة عن شوائب الهوى وارادة الخلق فيكون علمه مقتبسا من مشكاة الوحى وارادته لله والدار الآخرة فهذا أصح الناس علما وعملا وهو من الأئمة الذين يهدون بأمر الله ومن خلفاء رسوله في أمته ) .
السابع/ لابد أن يكون طالب العلم فطنا يعرف مايدور في الساحة، ويعرف مايستجد من مناهج وأقوال, وقواعد مخالفة لمنهج السلف، ويرجع الى العلماء في بيان خطأ وخطورة هذه القواعد والاقوال المحدثة ولايلتفت الى من يميّع مسألة الرد على المخالف.
قال الشيخ العلامّة صالح بن فوزان بن عبدالله الفوزان (
حفظه الله تعالى): (هذا الذي خرج عن الحق متعمدا لا يجوز السكوت عنه بل يجب ان يكشف امره ويفضح خزيه، حتى يحذره الناس ولا يقال: الناس أحرار في الرأي،حرية الكلمة، احترام الرأي الآخر، كما يدندنون به الآن من احترام الرأي الآخر فالمسألة ليست مسألة أرآء المسألة مسألة إتباع نحن قد رسم الله لنا طريقا واضحا وقال لنا سيروا عليه حينما قال [وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (153)] [ الانعام]. فأي شخص يأتينا ويريد منا ان نخرج عن هذا الصراط فإننا:
اولا / نرفض قوله
وثانيا / نبين ونحذر الناس منه ولا يسعنا السكوت عنه، لأننا اذا سكتنا عنه اغتر به الناس، لاسيما أذا كان صاحب فصاحة ولسان وقلم وثقافة فان الناس يغترون به فيقولون هذا مؤهل هذا من المفكرين كما هو حاصل الآن فالمسألة خطيرة جدا وهذا فيه وجوب الرد على المخالف عكس ما يقوله اولئك يقولون اتركوا الردود دعوا الناس كل له رأيه واحترامه وحرية الرأي وحرية الكلمة بهذا تهلك الأمة فالسلف ماسكتوا عن امثال هؤلاء بل فضحوهم وردوا عليهم لعلمهم بخطرهم على الأمة ، نحن لا يسعنا ان نسكت على شرهم بل لابد من بيان ما انزل الله وإلا فأننا نكون كاتمين من الذين قال الله فيهم [إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ (159)] [ البقرة]، ٍفلا يقتصر الامر على المبتدع بل يتناول الامر من سكت عنه فإنه يتناوله الذم والعقاب، لأن الواجب البيان والتوضيح للناس وهذه وظيفة الردود العلمية المتوفرة الآن في مكتبات المسلمين كلها تذب عن الصراط المستقيم وتحذر من هؤلاء فلا يروج هذه الفكرة ـ فكرة حرية الرأي وحرية الكلمة واحترام الآخر ـ الا مضلل كاتم للحق نحن قصدنا الحق ما قصدنا نجرح الناس نتكلم في الناس القصد هو بيان الحق وهذه امانة حملها الله العلماء فلا يجوز السكوت عن امثال هولاء لكن مع الاسف لو يأتي عالم يرد على امثال هولاء قالوا هذا متسرع الى غير ذلك من الوساوس فهذا لا يخذل اهل العلم أن يبينوا شر دعاة الضلال لا يخذلونهم ) انتهى.
الثامن / لابد لطالب العلم أن يعرف كيف يتعامل مع ا المخالف من غير إفراط ولا تفريط ، فلا يقع في سلك الحدادية الغلاة ولايقع في سلك الممّيعة ، فيسلك المنهج الوسط ومعرفته دقيقة والسعيد من اهتدي أليه ، والذي يلاحظ ما وقع فيه الكثير يجد ان سبب ذلك إما إفراطا أو تفريطا ، فلابد لطالب العلم من ضبط قواعد التعامل مع المخالف كل بحسبه ، فلايعامل العامي الجاهل كمعاملة صاحب العلم الذي يعرف حقيقة الامر ، ولا يساوي من أختلط عليه الأمر مع المعاند المتكبر .
التاسع / لابد لطالب العلم أن يعرف كيف يتعامل مع ( الخلاف الذي يحصل بين أهل العلم ) فأذا كان هو بنفسه عاجز عن ترجيح ومعرفة الحق فعليه الاستعانة بالعلماء لأنه ليس لكل احد اهليه النظر والترجيح وخصوصا في المسائل الدقيقة.
والله أسأل ان يهدي ضال المسلمين ويثبت على الحق شبابهم ويجمع شملهم على الهدى وأن يتقبل منّا صالح الاعمال وأن يحفظ على السنة علمائنا وأن يرحم من مات منهم ويجمعنا بهم في جنات النعيم مع لأنبياء والصدقين والشهداء أنه ولي ذلك والقادر عليه.
وصلي اللهم على محمد وعلى آله صحبه وسلم

ـ‗جواهرودررالسلف‗ـ
2012-04-05, 08:54
ترجمة مختصرة للشيخ عبيد الجابري
من بين هؤلاء العلماء الذين اقر الله اعيننا برؤيتهم والدراسة عندهم هو فضيلة الشيخ الوالد المربي عبيد الجابري
وهذه بعض المقتطفات من حياته :
نسبه وولادته ونشأته وحياته العلمية :
هو عبيد بن عبد الله بن سليمان الحَمداني الجابري، وبنو جابر من قبائل حرب الحجاز.
كانت ولادته في قرية "الفقير" بوادي "الفرع" بمنطقة المدينة النّبوية وذلك عام 1357 هـ.
وفي عام 1365 هـ انتقل مع والده إلى "مهد الذهب"، وهناك تلقى مراحل التعليم الأولى.
وفي عام 1374 هـ، استوطن بالمدينة، ولظروف عائلية انقطع عن الدّراسة لفترة من الزّمن.
ثمّ في سنة 1381 هـ استأنف الدّراسة بدءً بدار الحديث المدنية، فالمعهد العلمي، فكلية الشّريعة بالجامعة الإسلاميّة وتخرّج منها عام 1392 هـ بتقدير امتياز، وكان الأوّل على دفعته- حفظه الله-.
مشائخه:
أمّا مشائخه، فكل مشائخه لهم الفضل بعد الله -عزّ وجلّ- في التّربية والسلوك الحسن والتّفقه في دين الله -عزّ وجلّ-.
وهم كثر تتلمذ على ايديهم في دار الحديث وفي المعهد العلمي وفي كلية الشريعة في الجامعة الإسلامية ولعل من أبرزهم فضيلة الشيخ العلامّة المحدث عبد المحسن العبّاد وفضيلة الشيخ ا العلاّمة المحدّث حمّاد بن محمّد الأنصاري.
اعماله :
كان إماماً في مسجد "السبت" بالمدينة النّبوية من عام 1387 هـ إلى عام 1392 هـ.
مدرساً في متوسطة "عمر بن عبد العزيز" بجدة من عام 1392 هـ إلى عام 1396 هـ.
داعية في مركز الدّعوة و الإرشاد بالمدينة النبوية مع مساعدة مدير المركز في حضوره والنّيابة عنه في غيابه من آخر عام 1396 هـ إلى عام 1404 هـ.
مدرساً في الجامعة الإسلامية من آخر عام 1404 هـ إلى أول رجب من عام 1417 هـ.
و عند ذلك أُحيل على التقاعد بموجب النّظام. وخلال فترة وجود الشّيخ في الجامعة تحصّل على شهادة الماجستير في التفسير.
مؤلفاته:
للشّيخ عدة مؤلفات نذكر منها:
تيسير الإله بشرح أدلة شروط لا إله إلاّ الله (مطبوع) .
تنبيه ذوي العقول السليمة إلى فوائد مستنبطة من الستة الأصول العظيمة (نشر دار البخاري) .
إمداد القاري بشرح كتاب التفسير من صحيح البخاري
شرح منتقى ابن الجارود (يسر الله إتمامه )
ثناء أهل العلم عليه :
أثنى عليه جمع من أهل العلم منهم الشيخ ربيع بن هادي المدخلي والشيخ عبد المحسن العبيكان وغيرهم من أهل العلم والفضل .
ونذكر ههنا ثناء الشيخ العلامة ربيع بن هادي المدخلي :( والله الذي يطعن فيه ويقول أنه ليس بعالم هذا يتبع سبيل الشياطين ويتبع الطرق الحزبية في الطعن في علماء المنهج السلفي.
الشيخ عبيد من افاضل العلماء السلفيين والمعروفين في الورع والزهد والقول بالحق بارك الله فيكم ومايطعن فيه رجل يريد وجه الله تبارك وتعالى وهذه الاساليب عرفناها من الحزبيين )
وقال ايضا الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن تبع هداه أما بعد :
الشيخ عبيد مدرس كان في المعهد العلمي بالجامعة الإسلامية، والآن يدرس في فرع جامعة الإمام في المدينة النبوية، وهو رجل متمكن من التوحيد " من علوم التوحيد "، ومن السنة وقد قام بشرح كتاب التوحيد أو كتاب التفسير للإمام البخاري شرحاً موسعا شاملا للعقيدة وغيرها وله جهود عظيمة في مناصرة السنة ويعتبر من كبار الرجال وعقلائهم ويمتاز بميزات لا توجد عند كثيرا من الرجال بارك الله فيه.
من صفات الشيخ / الشيخ متواضع في ملبسه ومركبه ومسكنه, وقّاف عند السنة لايمنعه علمه ولا كبر سنه أن يقول فيما يظن أنه أخطأ فيه أن يقول أخطأت من أمثلة ذلك أنه ذكر حفظه الله حديثا وصححه تبعا للشيخ الالباني فذكّره بعض الاخوة طلبة العلم أن الشيخ الالباني تراجع عن تصحيحه فقال حفظه الله تعالى (وأنا من الآن ارجع عن قولي في تصحيحه) وهذا يدل على إعترافه لأهل هذا الشأن بالفضل ويدل على تواضعه,لم يقل كما هو حال بعض المتعالمين وجدت له طريقا وهو عندي صحيح ومن أنت يامسكين حتى يكون عندك (عند)!!!
لايحب حفظه الله الالقاب (العالم أو العلاّمة أو صاحب الفضيلة) وأذكر مثالا لذلك لعله يكون عبرة لبعض المتعالمين (الذي يسمع ويرى بعينيه وصف المغرورين به بانه العلاّمة والمحدث وامير بالمؤمنين في الحديث...) مع ذلك لم نسمع او نقرأ انكارا لذلك.
يقول الشيخ عبيد حفظه الله موجها ومعلما للأخ الذي وصفه بانه علاّمة (وانا أشهد الله والملائكة باني لست علّامة انما انا عبيد بن سلمان الجابري هكذا سماني ابي) , وهذا في محفل كبير من الحضور وطلبة العلم.
والشيخ حفظه الله مثالا للجد والنشاط فلم يمنعه كبر سنه وفقد بصره مع مرضه وصومه أن يتوجه الى الطلبة في سكنهم ويمكث معهم الساعات شارحا لهم المتون العلميه مجيبا على أسئلتهم ثم يرجع الى منزله منشغلا في التأليف والبحوث, مراجعا الرسائل التي تقدم اليه للنظر فيها مع دروسه عبر وسائل الانترنيت, وكذلك حضور الدورات العلمية التي تقام في داخل البلاد وخارجها وأثناء رجوعه الى بيته تكون سيارته ممتلئة بطلبة العلم يقرأون عليه بعض المتون العلمية. وهذه نبذ مختصرة من حياة هذا العالم الجليل الذي حق لي أن أصفه ان من طراز الرعيل الاول علما وسمتا وتواضعا وهمة وورعا وزهدا .
ترجمة حياة الإمام الحميدي .
- الحميدي / هوعبدالله بن الزبير بن عيسى بن عبيدالله بن أسامة بن عبدالله بن حميد ابن زهير بن الحارث بن أسد بن عبدالعزى.
وقيل: جده هو عيسى بن عبد الله بن الزبير بن عبيدالله بن حميد، الامام الحافظ الفقيه، شيخ الحرم، أبو بكر القرشي الاسدي الحميدي المكي، صاحب " المسند ". حدّث عن: إبراهيم بن سعد، وفضيل بن عياض، وسفيان بن عيينة، فأكثر عنه وجود، وعبد العزيز بن عبد الصمد العمي، وعبد العزيز بن أبي حازم، والوليد بن مسلم، ومروان بن معاوية، ووكيع، والشافعي، وليس هو بالمكثر، ولكن له جلالة في الاسلام.
حدّث عنه: البخاري، والذهلي، وهارون الحمال، وأحمد بن الازهر، وسلمة بن شبيب، ومحمد بن سنجر، ويعقوب الفسوي، وإسماعيل سمويه، ومحمد بن عبدالله بن البرقي، وأبو زرعة الرازي، وبشر بن موسى، وأبو حاتم، ويعقوب بن شيبة، وأبو بكر محمد بن إدريس المكي وراقه، وخلق سواهم.
ثناء العلماء عليه:
قال أحمد بن حنبل: الحميدي عندنا إمام.
وقال أبو حاتم: أثبت الناس في ابن عيينة الحميدي، وهو رئيس أصحاب ابن عيينة، وهو ثقة إمام.
قال الحميدي: جالست سفيان بن عيينة تسع عشرة سنة أو نحوها.
وقال يعقوب الفسوي: حدثنا الحميدي، وما لقيت أنصح للاسلام وأهله منه.
قال عبدالرحمن بن أبي حاتم: حدثنا محمد بن عبدالرحيم الهروي قال: قدمت مكة سنة ثمان وتسعين، ومات في أولها سفيان بن عيينة قبل قدومنا بسبعة أشهر، فسألت عن أجل أصحاب ابن عيينة، فذكر لي الحميدي، فكتبت حديث ابن عيينة عنه.
قال ابن سعد: الحميدي صاحب ابن عيينة، وراويته، ثقة كثير الحديث.
وفاته:
مات بمكة سنة (219هـ).
وكذا أرّخ البخاري.
وقيل: سنة (220هـ).
وله رواية في مقدمة " صحيح " مسلم.
وقال محمد بن سهل القهستاني: حدثنا الربيع بن سليمان: سمعت الشافعي يقول: ما رأيت صاحب بلغم أحفظ من الحميدي، كان يحفظ لسفيان بن عيينة عشرة آلاف حديث.
وقال محمد بن إسحاق المروزي: سمعت إسحاق بن راهويه يقول:
الائمة في زماننا: الشافعي والحميدي وأبو عبيد.
وقال علي بن خلف: سمعت الحميدي يقول: ما دمت بالحجاز، وأحمد بن حنبل بالعراق، وإسحاق بخراسان، لا يغلبنا أحد.
مؤلفاته:
للحميدي رحمه الله بعض المؤلفات منها:
1- المسند.
2- الرد على النعمان.
3- التفسير.
4- الدلائل.

ـ‗جواهرودررالسلف‗ـ
2012-04-05, 08:58
فتح ذي الجلال والمنة في شرح أصول السنة
للحميدي
[الإيمان بالقدر ]
قال الإمام الحميدي (رحمه الله) :1- السنة عندنا: أن يؤمن الرجل بالقدر خيره وشره، حلوه ومره، وأن يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وأن ما أخطأه لم يكن ليصيبه، وأن ذلك كله قضاء من الله - عزوجل -.
الشـرح:
لقد اعتنى أئمة السلف ومنهم الأئمة الأربعة والسفيانان وغيرهم بالعقيدة تعليما وتصنيفا لأن العقيدة هي أصل واساس قال الشيخ محمد عبد الوهاب رحمه الله تعالى
(وأصل الدين أمران :
الأول/ الدعوة الى عبادة الله تعالى وحده والتحريض على ذلك والمولاة فيه وتكفير من تركه.
الثاني/ التحذير من الشرك في عبادة الله والتغليظ في ذلك والمعاداة فيه وتكفير من فعله والأدلة على هذين الاصلين الكتاب والسنة والإجماع).
قال تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ (25))[الأنبياء] وقال تعالى (وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (36))[النحل].
والآيات في هذا الباب أكثر من أن تحصر واشهر من أن تذكر, وما زال رسول (الله صلى الله عليه وسلم) منذ بعثه الله تعالى حتى توفاه وهو يقرر هذين الأصلين في الفترة المدنية وقبل ذلك في الفترة المكية لكن الفترة المدنية تزيد على الفترة المكية بتقرير الأحكام العملية وقال (صلى الله عليه وسلم): (إن الله يرضى لكم ثلاثا ويكره لكم ثلاثا فيرضى لكم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا وأن تعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا ويكره لكم قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال) , والأحاديث في ذلك متواترة توترا معنويا توجب العلم والعمل, وأجمع الأئمة على ذلك, ولذلك كانوا يقررون العقيدة الصحيحة المبنية على الكتاب والسنة وعلى فهم السلف الصالح ويحذرون من ضدها سواءا ما ينفي الإيمان بالكلية أو ينفي كماله الواجب لأن المقصود تصفية التدين لله سبحانه وتعالى فالمقصود أن يكون التدين خالصا لله تعالى من شائبة الشرك والبدع.
وهذه الرسالة تتضمن مسائل ومباحث من أصول العقيدة وبدأها الشيخ رحمه الله تعالى (الحميدي) وأظنه أحد شيوخ البخاري بدأها بالقدر وأظن أن السبب في ذلك كثرة القدرية في عصره وظهور شوكتهم وشدة دعوتهم إلى القدر فيقررون أن لا قدر والأمر انف يعني الأمر مستأنف لم يكن علمه الله تعالى ولا كتبه في اللوح المحفوظ هذه عقيدتهم وأول من نشر هذا المعتقد هو معبد بن خالد الجهمي وأخذه عن نصراني اسمه ( سوسن) .
الشيخ هنا لخّص مسألتين في القدر:
المسألة الأولى: أيمان العبد أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وأن ما أخطئه لم يكن ليصيبه وهذا لأن الله قد علمه وكتبه في اللوح المحفوظ.
المسألة الثانية: وهي تأكيد لها أن كل ما يجري على العبد هو في قضاء الله, والقدر هو أحد أركان الأيمان الستة التي لا يكون العبد مؤمنا حتى يستجمعها وهذه الأركان الستة قد جاءت في الكتاب والسنة فخمسة منها جاءت آية البر من سورة البقرة وهي قوله تعالى (لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ)[البقرة]. والقدر جاء في آية أخرى قال تعالى: (إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ (49) )[القمر].
ومن أدلة الإيمان بالقدر وانه احد أركان الإيمان حديث عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) وهو الحديث المشهور بحديث جبريل عندما سأله الرسول (صلى الله عليه وسلم) عن الإيمان فقال: (أن تؤمن بالقدر خيره وشره ) .
ولا بد ها هنا من أمور:
الأول: فيما يتحقق به الإيمان بالقدر ويسمى مراتب القدر وهي أربع مراتب.
المرتبة الأولى/ مرتبة العلم وهي الإيمان بان الله سبحانه وتعالى علم كل شيء , علم ما كان وما يكون وما لم يكن لو كان لو كان كيف يكون, أحاط بكل شي علما فلا يعزب عن علمه مثقال ذرة في السموات والأرض يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور.
المرتبة الثانية/ مرتبة الكتابة وهي الإيمان بأن الله كتب كل شيء عنده في اللوح المحفوظ وفق ما علمه من أحوال الخلق وآجالهم وأرزاقهم وغير ذلك.
المرتبة الثالثة/ مرتبة المشيئة: وهي ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن ولهذا أجمع أهل السنة أنه لا يقع في ملك الهل إلا مايريد وأحيانا يقولون لايقع في ملك الله ما لم يرد.
المرتبة الرابعة/ مرتبة الخلق وهو انه سبحانه وتعالى خالق كل شيء في هذا الكون في الأرض وفي السماء وما بينهما وما فيهما.
وغلاة القدرية ينكرون المرتبتين الأوليين وهؤلاء يقول شيخ الإسلام ابن تيمية قد انقرضوا وهم كفار بالإجماع.
والمقتصرون منهم قبحهم الله ينكرون المرتبتين الآخريين وهم على ضلال ولكن أخف من أولئك.
هناك تفصيل يتعلق بالعلم والكتابة فما سلف يسمى التقدير الإجمالي وما سنذكره يسمى التقدير التفصيلي وهو فيما يتعلق بمرتبتي العلم والكتابة.
فالتقدير التفصيلي ثلاث مراتب:
1/ عمري.
2/ وحولي.
3/ ويومي.
فالتقدر العمري: هو تقدير ما يجري على كل إنسان بذاته, عمره مئة سنة أو أقل أو أكثر وهو مأخوذ من التقدير العام وفيه حديث الصادق المصدوق عن ابن مسعود رضي الله عنه (أن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما 00) فذكر الحديث إلى ان قال (ثم ينفخ فيه الروح فيبعث الله ملكا فيؤمر بكتابة رزقه وعمله واجله وشقي أو سعيد).
والتقدير الحولي: وهذا يخص كل سنة بعينها بدأت من ليلة القدر إلى مثلها من قابل فسنتكم هذه سنة إحدى وثلاثين ما يتعلق بهذه السنة فصل من اللوح المحفوظ من ليلة القدر من العام الماضي إلى مثلها من رمضان الآتي قال تعالى (فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ (4))[الدخان]. يعني يفصل من اللوح المحفوظ.
والتقدير اليومي: وهو ما يخص اليوم ذاته من طلوع الفجر إلى غروب الشمس ما يكون فيه من إحياء وأماته وإعزاز وإذلال ورفع وخفض إلى غير ذلك كما قال تعالى (كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ) [الرحمن : 29].

ـ‗جواهرودررالسلف‗ـ
2012-04-05, 09:00
[الإيمان قول وعمل يزيد وينقص]
قال الحميدي ر حمه الله : 2- وأن الإيمان قول وعمل يزيد وينقص ولا ينفع قول إلا بعمل ولا عمل وقول إلا بنية، ولا قول وعمل ونية إلا بسنة.
الشرح :
هذا هو تعريف الإيمان عند أهل السنة قول وعمل, يزيد وينقص, يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية هذه إحدى العبارتين عند أهل السنة والعبارة الأخرى المشهورة (قول باللسان واعتقاد بالقلب وعمل بالجوارح يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية).
فالقول قسمان:
قول القلب, وقول اللسان.
والعمل قسمان:
عمل بالقلب, وعمل بالجوارح.
فقول القلب عقيدته, وعمل القلب وعمله حركته وعزمه فعلى سبيل المثال:
الصلاة: فكونك تعتقدها فرضا وأنها عمود الإسلام إلى غير ذلك من الأمور هذا هو قول القلب
وكونك تعزم على فعلها هذا هو عمل القلب.
وقول اللسان كل قول طيب كل ذكر يتقرب به العبد إلى الله تعالى:
وأساس الدين كله النطق بالشهادتين من غير المسلمين أي لايدخل في الإسلام إلا بالشهادتين يقولها ويعلم معناها,
ثم يتبع الشهادتين سائر الاذكار المشروعة من تسبيح وتهليل وتكبير وقراءة القرآن وأمر بالمعروف ونهي عن المنكر وغير ذلك هذا هو قول اللسان, وعمل القلب عرفناه.
وعمل الجوارح معروف بهذا يستبين أن العمل من مسمى الإيمان ولكن يفصّل, فمن الأعمال:
أولا: ماتركه كفر خروج من الملة ينافي الإيمان بالكلية كتارك الشهادتين وهذا بالإتفاق وترك الصلام جحودا من العالم بها, والخلاف في تركها تهاونا وليس هذا موضع بسط الخلاف في هذه المسألة أعني مسألة ترك الصلاة تهاونا مع الإقرار بوجوبها.
ثانيا: ماتركه فسق ينافي كمال الإيمان وسائر أركان الإسلام مثل الزكاة وصوم رمضان والحج وهذه تركها فسق ما لم يجحدها فمن جحدها عالما بوجوبها كفر ولكن من تركها متهاونا صنيعه هذا ينافي كمال الإيمان الواجب.
ثالثا: ما تركه ينافي الكمال المستحب ويقال تفويت فضيلة وهي السنن والمندوبات هذه تركها ينافي الكمال المستحب, هذا تفصيل مكانة العمل من الإيمان عند أهل السنة إجمالا.
عندهم إن العمل من الإيمان من أركان الإيمان لذلك يقولون لا إيمان إلا بعمل.
وقول المصنف (ولا ينفع قول إلا بعمل ولا عمل وقول إلا بنية ، ولا قول وعمل ونية إلا بسنة.)


الشرح :
خلاصة هذه أن الأمور متلازمة, القول لاينفع وحده إلابعمل والعمل معه, هذا رد على بعض طوائف المرجئة الذين يعرفون الإيمان بأنه قول .
والقول والعمل لابد لهما من نية الخالصة لله سبحانه تعالى, ثم لابد مع هذا من إصابة السنة وهذا تنبيه إلى انه لا ينال العمل القبول عند الله ِالإ إذا وافق سنة الرسول (صلى الله عليه وسلم) ولهذا قال الأئمة العمل أن فقد الإخلاص كان شركا أو رياءا وأن فقد المتابعة لرسول (الله صلى الله عليه وسلم) كان بدعة، ومتى جمع العمل الإخلاص لله سبحانه والمتابعة لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) كان العمل مقبولا.
وأهل السنة والجماعة قالوا إن العمل أربعة أصناف:
أحدها/ ما كان خالصا لله صوابا على السنة.
وثانيا/ ما كان خالصا له وليس على السنة.
وثالثا/ ماكان غير خالصا لله وصوابا على السنة.
ورابعا/ ما ليس خالصا لله وليس صوابا على السنة هذا ذهب عنه الشرطان.
وأسعد العمل بالقبول هو الصنف الأول لأن صاحبه جمع بين الإخلاص لله والمتابعة لرسول الله (صلى الله عليه وسلم).

ـ‗جواهرودررالسلف‗ـ
2012-04-05, 09:04
[ الثناء على الصحابة رضوان الله عليهم ]
قال الحميدي رحمه الله:

3- والترحم على أصحاب محمد (صلى الله عليه وسلم) كلهم ، فإن الله – عز ّوجلّ - قال: (وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آَمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (10)) [الحشر 10], فلن يؤمن إلا بالإستغفار لهم، فمن سبهم أو تنقصهم أو أحداً منهم فليس على السنّة، وليس له في الفئ حق، أخبرنا بذلك غير واحد عن مالك بن أنس أنه قال: " قسم الله تعالى الفئ فقال: (لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ (8) وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (9)). ثم قال: وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آَمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ  (الحشر 8 - 10). فمن لم يقل هذا لهم فليس ممّن جعل له الفئ ".

الشرح :
هذه المسألة أراد الشيخ بها أمرين:
احدهما: بيان مكانة الصحابة رضي الله عنهم.
والثاني: الرد على ثلاث طوائف زائغة, فأهل السنّة يحبون الصحابة كلهم ويتولنهم ويترحمون عليهم ويترضون عليهم ويمسكون عمّا شجر بينهم ولا يذكرونهم إلا بخير فقد منّ الله على أهل السنّة بأمور منها سلامة صدورهم وألسنتهم وسلامة ألسنتهم من السب والشتم وعبارات التنقص للصحابة كلهم أو جماعة منهم وسلامة صدورهم من الحقد وهذا هو ما تضمنته آية الحشر قال تعالى (وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آَمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (10))[الحشر], فسلامة الصدور والقلوب نحو الصحابة أهل الإيمان.
وأما الطوائف الأخرى الزائقة:
فالطائفة الأولى/ هم الرافضة فهؤلاء يكفرون الصحابة ويسبونهم ويمقتونهم جميعا, إلا قلة منهم, منهم علي (رضي الله عنه), ويقولون هؤلاء هم المؤمنون ففي رواية ثلاثة وفي رواية سبعة وفي رواية اثني عشر.
الطائفة الثانية/ الخوارج فهؤلاء يكفّرون (علي رضي الله عنه).
الطائفة الثالثة/ النواصب وهم الذين ناصبوا العداء لعلي (رضي الله عنه) وآل البيت وبعضهم يكفّرهم وبعضهم لا يكفّرونهم لكنهم معلنون عن عداوتهم لآل البيت.
وقد جرت عادة أهل السنّة أن يقررون السنّة ويبينون ما خالفها حتى تقوى في القلوب السنّة ويقوى في القلب الحذر مما يضادها.


[ القرآن كلام الله تعالى ]
قال الحميدي رحمه الله
4- والقرآن: كلام الله، سمعت سفيان [بن عيينة] يقول: "القرآن كلام الله، ومن قال مخلوق فهو مبتدع، لم نسمع أحدا يقول هذا ".
وسمعت سفيان يقول: الإيمان قول وعمل ويزيد وينقص, فقال له اخوه إبراهيم بن عيينة: " يا أبا محمد، لا تقل ينقص". فغضب, وقال: "اسكت يا صبي، بلى حتى لا يبقى منه شئ ".

الشرح :
هذه مسألة عظيمة مضى عليها بعد النبي (صلى الله عليه وسلم) الصحابة والتابعين حتى جاء عهد المأمون الخليفة العباسي المتشيع وبطانته بشر بن غياث المريسي, فنشروا للناس أن القرآن مخلوق, فحامل كبر هذه المسألة هو بشر بن غياث المريسي , والذي احتواه وأشاعه وحمل الناس عليه بالقوة هو الخليفة المأمون, وكان متشيعا ولهذا تعلمون أن الرافضة أصل كل بلية في الإسلام فما عُرف بناء القبور واتخاذ المساجد عليها إلا من الرافضة, ما كان قبلهم معروفا فأهل السنّة والجماعة يرون إن القرآن كلام الها كما قال تعالى: (وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْلَمُونَ (6))[التوبة], ولهذا يقولون القران كلام الله كيف ما تصرف الناس فيه تلاوة بألسنتهم أو حفظا بصدورهم أو كتابة في مصاحفهم, لايخرج عن كونه كلام الله تعالى وقالوا من قال إن القران مخلوق كافر, لأن القران كلام الله فمن قال غير هذا فقال بخلق القران, وهو يعلم يعني عنده علم هذا يكفر, فالسؤال هنا؟ هل من احد اليوم يقول هذه المقولة؟
الجواب: نعم ومنهم سيد قطب قال في تفسيره المعروف في ظلال القران وهو في الحقيقة (ضلال) وليس ظلال لأنه مليء بالكفريات والبدع قال في تفسير سورة طه: (القران ظاهرة كونية كظاهرة السماء والأرض فنزلت من السماء) قاله حسب ما أظن في صفحة 2338في تفسير سورة طه ويقررها إمام الأباظية احمد ابن حمد يقرر هذا وقد ردّ عليه الشيخ صالح بن علي بن فقيه ولا نزال نسمع من بعض المتفلسفة أنهم يقولون ومحمد (صلى الهص عليه وسلم) كان كونا مثل القران.
من كوّن الكوّن ؟؟ الله تعالى, يعني معنى كلامهم هذا أن القران مخلوق مثل محمد صلى الله عليه وسلم.
المسألة الثانية/ التعليق على كلام سفيان على أخيه إبراهيم قال (ينقص حتى لايبقى من شيء) هذه المسألة تفطنوا لها هذا خلاف ما قرره أهل السنّة الإيمان يزيد وينقص لكن لم يقولوا لم يبق منه شيء لأنه إذا لم يبق من الإيمان شيء كان المرء كافرا, فلابد أن يبقى معه من الإيمان ما يدخل فيه الجنة فإذا لم يبق منه شيء كان كافرا أي لم يكن من أهل الجنة فكيف يوجه كلام سفيان هذا له عندنا توجيهان:
الأول: لعله قال ذلك تحذيرا أو زجرا عن المعاصي التي تنقص الإيمان.
الثاني: التحذير مما يوجب الردة لإن من وقع في الردة ذهب إيمانه.

ـ‗جواهرودررالسلف‗ـ
2012-04-05, 09:08
[رؤية المؤمنين ربهم يوم القيامة ]
قال الحميدي: والإقرار بالرؤية بعد الموت. 6- وما نطق به القرآن والحديث مثل: (وقالت اليهود يد الله مغلولة غلت أيديهم)[ المائدة 64]. ومثل (والسموات مطويات بيمينه)[الزمر :67]. وما أشبه هذا من القرآن والحديث, لا نزيد فيه ولا نفسره، نقف على ما وقف عليه القرآن والسنّة, ونقول (الرحمن على العرش استوى) [طه :5]. ومن زعم غير هذا فهو معطل جهمي.
الشرح :
هذا شروع من الشيخ رحمه الله في تقرير عقيدة أهل السنّة والجماعة في أسماء الله سبحانه وتعالى وصفاته, وهذا التقرير إجمالا وتلخيصا بأن تلقي هذا الباب أعني باب أسماء الله وصفاته لا يكون إلا من القرآن والسنّة الصحيحة وتفصيلا يتضمن أمور:
الأمر الأول/ إن أهل السنّة حينما يثبتون لله صفة أو ينفون عنه صفة فأنهم لم يقولوا هذا عن تلقاء أنفسهم بل بما استقر عندهم وتقرر من القرآن ومن السنّة الصحيحة فهم يثبتون ما أثبته الله في كتابه وينفون ما نفاه عن نفسه في كتابه, وكذلك يثبتون من أسماء ربهم وصفاته ما جاءت به السنّة الصحيحة وينفون عنه كذلك.
فالخلاصة أنهم لايتلقون هذا الباب إلا من القرآن والحديث الصحيح وذكر ها هنا ثلاث من صفات الرب سبحانه وتعالى:
الصفة الأولى: الرؤية, قال بعد الموت يعني يوم القيامة لأن الناس في الدنيا لا يرون الله عز وجل كما قال الهت تعالى لموسى (عليه االصلاة والسلام) حين قال ارني انظر اليك (وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي) يعني في الدنيا.
الصفة الثانية: صفة اليد واستدل عليها بآية المائدة (وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ). هنا الشاهد والمصنفون كثيرا ما يقطعون بعض الآية تنبيها للآخِر فقوله غلت أيديهم هذا ليس فيه شاهد وإنما الشاهد الذي لا يحتمل التأويل (بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ).
والصفة الثالثة: صفة الاستواء لله سبحانه وتعالى ولابد هاهنا بارك الله فيكم من قواعد:
القاعدة الأولى: إن التلقي من الكتاب والسنّة الصحيحة فلا مجال فيها للإجتهاد.
القاعدة الثانية: إن صفات الرب جل وعلا معلومة باعتبار, مجهولة باعتبار, فهي معلومة باعتبار المعنى ومجهولة باعتبار الكيفية. فأهل السنّة لا يفوضون معنى الصفة وانما يفوضون كيفيتها لأن الصفة لها كيفية لكن علم هذه الكيفية مرده إلى الله تعالى فانه اعلم بنفسه من غيره واعلم بخلقه من غيره.
فعلم كيفية الصفة وإدراك كنه الصفة هذا مرده إلى الله سبحانه وتعالى أما المعنى فأن أهل السنّة يتكلمون فيه فمثلا, في اللغة اليد هي آلة العمل والرؤية تكون بالعين.
والاستواء من معانيها الاستقرار والارتفاع والقصد هذا من معانيه وهكذا,
القاعدة الثالثة: إن من اعترض صفة من صفات الله تعالى بتشبيه أو تأويل باطل، اوتعطيل يقال له ما يلي:-
أولا/ كلامك ليس عليه دليل بل الدليل على خلافه.
ثانيا/ كلامك مخالف للنص من كتاب أوسنّة.
ثالثا/ كلامك يخالف إجماع السلف فقد يوجد من الصفات ما تستدعي اربعة أمور أو خمسة بحسبها.
ومراد الشيخ الحميدي (رحمه الله) ان عقيدة أئمة السلف إثبات هذه صفات والرد على من ينكرها وانه ليس عندهم من التحفظ فأهل السنّة موقفهم من صفات الله تعالى اثبات بلا تمثيل وتنزيه بلا تعطيل يثبتون أسماء الله تعالى وصفاته دون تشبيهها بصفات المخلوقين وكذلك ينزهونه عن النقائص دون تعطيل فحينما بثبتون لله عزّ وجلّ السمع والبصر واليد والقدم والرجل والوجه وغيرها فهم يثبتونها على الوجه اللائق بالله تعالى لايشبهونه بصفات المخلوقين وإذا نفى الله عن نفسه صفة نفوها واثبتوا ضدها على الوجه الأكمل أو نفاها عنه رسوله (صلى الله عليه وسلم) ينفونها كذلك, ويثبتون ضدها على الوجه الأكمل فعلى سيبل المثال عندما ينفي الله تعال عن نفسه العجز,
الموقف الاول/ نفي العجز.
الموقف الثاني/ إثبات كمال القدرة.
وعندما ينفي الله عن نفسه الظلم (وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (46))[يونس].
اهل السنّة ينفون هذه الصفة اليس كذلك ؟؟ ويثبتون كمال العدل.

ـ‗جواهرودررالسلف‗ـ
2012-04-05, 09:14
[ الفرق بين أهل السنة والخوارج ]

قال الحميدي رحمه الله تعالى: (وأن لا نقول كما قالت الخوراج: "من أصاب كبيرة فقد كفر ". ولا نكفر بشئ من الذنوب، وإنما الكفر في ترك الخمس التي قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): "بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت ".

الشرح :
الخروج على ضربين:
1/ خروج عام.
2 / وخروج خاص.
الأول/ الخروج العام: يطلق على كل من خرج على الإمام ونابذه بالسيف, وأن لم يكفره وهذا هو البغي ومن هذا قطاع الطرق المحاربون الذين يتربصون للناس في الطرقات أو يسطون على القرى والمدن فكل من خرج على الإمام المسلم ورفع السيف في وجهه فهوخارجي بالمعنى العام كفر الإمام او لم يكفره.
الثاني/ الخروج الخاص: وهو الخروج على أهل السنّة. وهؤلاء المكفرة الذين يُكفِرون بالمعاصي فكل صاحب كبيرة عندهم كافر في الدنيا, وهو خالد مخلد في النار وهؤلاء هم الذين عناهم الشيخ بالقول ولا نقول كما قالت الخوارج.
هؤلاء الخوارج وافقوا المعتزلة في جانب وخالفوهم بجانب آخر اعني بالنسبة لمرتكب الكبيرة فوافقوا المعتزلة في الحكم الآخروي وهو تخليد من مات على كبيرة في النار تخليدا أبديا سرمديا وخالفوهم في الحكم في الدنيا.
أما المعتزلة فيرون أن صاحب الكبيرة في منزلة بين المنزلتين في الدنيا أي لا مسلم ولاكافر.
وكلا الطائفتين ضالتين, وسعد ولله الحمد أهل السنّة والجماعة فالمعاصي لا تسلب الإيمان وإنما تسلب كماله فمرتكب الكبيرة عند أهل السنة حكمه في الدنيا مؤمن بإيمانه فاسق بكبيرته أو يقولون مؤمن ناقص الإيمان وفي الآخرة تحت مشيئة الهه من لقي الله تعالى مصرا على كبيرة كان تحت مشيئة اله أن شاء عذبه وأن شاء غفر له وأن عذبه لم يخلده في النار, والأحاديث في هذا الباب كثيرة وقد دل الكتاب على هذا قال تعالى (إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا (48))[النساء]. فقد دلت الآية على أمرين:
الأمر الاول: عدم مغفرة الله لمن مات على الشرك وهذا يدخل فيه الشرك الأكبر والأصغر ولايدخل تحت المشيئة بل هو تحت الوعيد, وهذا يؤخذ من الآية فأن ـ ما وما دخلت عليه ـ في تأويل مصدر تقديره أن الله لايغفر الشرك ويفرق بينهما من وجهين:-
احدهما: إن الأكبر ناقل عن الملة والأصغر ليس كذلك.
وثانيها: إن الأكبر موجب للخلود في النار والأصغر لا يلزم منه ذلك لكنه اكبر من الكبائر.
ومن الأحاديث المتواترة قوله (صلى الله عليه وسلم) (من لقي الله لا يشرك به شيئا دخل الجنة ومن لقي الله يشرك به شيئا دخل النار) أخرجه مسلم من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه .
واخرج البخاري عن ابن مسعود رضي الله عنه قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كلمة وقلت أخرى قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) (من مات يدعو لله ندا دخل النار وقلت أنا من مات لا يدعوا لله ندا دخل الجنة) .
وفي صحيح البخاري وغيره عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سألت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) (من أسعد الناس بشفاعتك يوم القيامة؟ فقال (لقد ظننت يا أبا هريرة أن لا يسألني عن هذا الحديث أحد أول منك لما رأيت من حرصك على الحديث أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة من قال لا إله إلا الله خالصا من قبل نفسه) .
وقال النووي رحمه الله تعالى: في حديث جابر وابن مسعود ومافي معناهما بشرحه على صحيح مسلم باب الدليل على ان من مات على التوحيد دخل الجنة قطعا, فالموحد مقطوع له الجنة, هذا وعد الله من الله على لسان رسوله (صلى الله عليه وسلم) ولكن تحت مشيئة الله إن الله لايغفر أن يشرك به.
والأمر الثاني: يغفر ما دون ذلك لمن يشاء.
وتقسم الخوارج إلى:-
1/ محاربة. 2/ وقعدية.
1/ المحاربة: مع تكفيرهم الإمام ومن تحت ولايتهم راضيا بها يرفعون السيف يحاربون وهؤلاء المحاربة وهم قسمان:
القسم الأول: له راية معلومة يمكن الوصول إليها وهؤلاء يسوغ للإمام مناظرتهم ومحاورتهم بالأدلة كما صنع أمير المؤمنين علي رضي الله عنه رابع الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم أجمعين عندما أرسل ابن عمه عبد الله ابن عباس (رضي الله عنه) إلى أهل النهروان فأنه ناظرهم حتى أفحمهم فرجع منهم ألوف إلى حظيرة الخلافة.
والقسم الثاني: الخوارج المحاربة ليست لهم راية, بل عصابات, أو لهم راية لا يمكن الوصول إليها.
وهؤلاء لايناظرون بل أذا وقعوا في حبائل السلطان نكل بهم وطبق فيهم ما تظمنته آية المائدة (إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (33))[المائدة]. وفي هذا تعلمون إن من يدعو إلى محاورة ومجادلة الخوارج على الإطلاق هذا, اما جاهل واما ضال مضل وسواء كان هذا أو ذاك فانه لايلتفت إليه, هذا ما يتعلق بالمحاربة.
2/ أما القعدية فهم الذين يحرضون على السلطان المسلم إما صراحة أو اشارة.
فصراحة يسمونه بإسمه ويسمون ولاته بإسمائهم ويشيعون أخطائهم ويذيعونها على الملأ في شتى المحافل وبشتى الوسائل ,أو بالإشارة لايذكرون السلطان ولا نوابه ولكن يشيرون إشارة بعبارات يحرضون بها على السلطان القائم ونوابه مثل حينما يحذرون الرشوة مثلا تجدهم يغمزون الحاكم وغير ذلك من الأمور.
سمو قعدية: لأنهم لا يحملون السيف وإنما يُحرِضون وهم قعود والحق ان الخوارج القعدية هم بذرة الخوارج المحاربة فأن إلهاب مشاعر الناس وتحريضهم على الحكام أو نوابهم هذا هو قاعدة الخروج وحربهم.
فقول الشيخ رحمه الله ولا نكفر بشيء من الذنوب هذا ليس على إطلاقه عند أهل السنة, بل العصاة قسمان:
قسم يقارف مايقارف من كبائر الذنوب كالزنا, وشرب الخمر والسرقة, وغيرها من الكبائر معتقدا تحريمها لكنه غلبت عليه الشهوة فهذا فاسق.
والقسم الآخر: من يستحل ماهو معلوم تحريمه من الدين بالضرورة كما ذكرنا أو ينكر فرضا معلوم من الدين بالضرورة أو حتى غير الفرض فهذا يُكفر فمن استحل الخمر صراحة وأعلنها وهو عالم بتحريمها فهذا مرتد يستتاب فان تاب وألا يقتل ردة هكذا في جميع الكبائر, كذلك من علم أمرا معلوما في الدين بالضرورة وهو يعلم تحريمه ومن استحل المعاصي باطنا كان هذا منافقا وتجري عليه أحكام الإسلام في الظاهر وإنما نكفر من استحلها ظاهرا وكان على علم في تحريمها.
الشرح :
أقول هذه الخمس تنقسم إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأول: ماتركه كفر, وهذا في ترك الشهادتين لأن الشهادتين هما أساس الإسلام فشهادة أن لا اله ألا الله إقرار لله بالوحدانية وشهادة أن محمدا رسول الله إقرار له بالرسالة فمن ترك الشهادتين كفر.
القسم الثاني: ترك الصلاة المكتوبة, فالصلاة من تركها جاهلا يظن عدم وجوبها كمن أسلم حديثا, أوكان في بادية نائية عن العلم وأهله فيرى إن شاء صلى وإن شاء ترك لا يعتقد وجوبها لجهله فهذا يُعرّف وجوبها ويُعلّم ويُبيّن له فأن صلى فهذا مسلم وإن لم يصل كفر لإنه جاحد في هذه الحالة.
القسم الثاني/ من ترك الصلاة جاحدا وجوبها بعد علمه بها فهذا كافر بالإجماع ليس فيه خلاف فيستتاب فان تاب وإلا قتل ردة. لايُغسل ولا يُكفن ولا يُصلى عليه ولا يُدفن في مقابر المسلمين ولا يرثه أهله من المسلمين والحاكم يجعل ماله فيئا.
الثاني/ من تركها تكاسلا مع إقراره بوجوبها فقد اختلف الأئمة فيه على قولين:
أحدهما: انه فاسق يستتاب فإن تاب وإلا قتل وكان قتله عندهم حدًا فيُغسل ويُصلى عليه ويُدفن في مقابر المسلمين ويُدعى له ويرثه أهله المسلمون وهذا هو قول أبي حنيفة والزهري ومالك والشافعي وهو أحدى الروايتين عن احمد رحم الله الجميع.
والقول الثاني/ انه كافر ويستدل أهل هذا المذهب من الكتاب والسنة فمن الكتاب (فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (5))[التوبة].
وفي الآية الأخرى (فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَنُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (11)) [التوبة].
ووجه ذلك إن الله سبحانه وتعالى علق تخلية سبيل هؤلاء كما في إحدى الآيتين وإخوتهم في الدين على هذه المسائل وهي التوبة وهي الدخول في الإسلام وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة.
ومن السنة المستفيضة قوله (صلى الله عليه وسلم): (أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله ) , والشاهد من هذا الحديث تعليق النبي صلى الله عليه وسلم عصمة الدم والمال على هذه الثلاثة أمور وهي الشهادتان وأقام الصلاة وإيتاء الزكاة.
وقوله (صلى الله عليه وسلم): (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر) , ونقل عبد الله بن شقيق عن الصحابة ويعده بعضهم إجماعا قال: (لم ير أصحاب محمد شيئا تركه كفر إلا الصلاة) . وهذا هو ارجح القولين عندنا وعند المحققين أصحاب احمد وغيرهم وممن ادركناه على هذا وظهر منه صراحة الإمام الأثري الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى, والإمام الفقيه المجتهد المحقق الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله.
الثالث/ بقية أركان الإسلام الخمسة وهي الزكاة وصوم رمضان والحج فهذه يكفر تاركها جحودا إذا كان يعلم ذلك أما تاركها تكاسلا وتهاونا فهو فاسق.

ـ‗جواهرودررالسلف‗ـ
2012-04-05, 09:18
[متى تقوم الحجة على تارك إركان الإسلام أو بعضها ؟ ]
قال الحميدي رحمه الله تعالى: فأما ثلاث منها فلا تُناظر تاركها: من لم يتشهد ، ولم يصل، ولم يصم لأنه يؤخر شئ من هذا عن وقته، ولا يجزئ من قضاه بعد تفريطه فيه عامداً عن وقته. فأما الزكاة فمتى ما أداها أجزأت عنه وكان آثماً في الحبس.
الشرح :
هذا تفصيل أخر في هذه الأمور الخمسة :
فمن لم يتشهد ومن لم يصل ولم يصم هذه لايناضر عليها لأنها معروفة من الدين بالضرورة وقد علمتم التفصيل في الاركان الخمسة بصفة عامة فالزكاة حق للمساكين يأثم بعدم إخراجها حتى يوصلها إليهم والصلاة والصيام من تركهما عامدا حتى خرج وقتها فهذا لا يؤمر بالقضاء.
والظاهر إن هذا فيه تفربق إذا كان الترك على سبيل الدوام, مضى دهرا من عمره وهو لا يصلي, ولا يصوم فهذا تكفيه التوبة لأن التوبة تجب ما قبلها أما إن كان ترك فرضا أو فرضين فهذا يؤمر بالقضاء والصيام من افطر أياما عامدا يؤمر بالتوبة والقضاء وحديث (من أفطر يوما من رمضان في غير رخصة رخصها الله له لم يقض عنه صوم الدهر) فهذا حديث ضعيف والله اعلم .

قال الحميدي (وأما الحج فمن وجب عليه، ووجد السبيل إليه وجب عليه, ولا يجب عليه في عامه ذلك حتى لا يكون له منه بد, متى أداه كان مؤدياً ولم يكن آثماً في تأخيره إذا أداه, كما كان آثماً في الزكاة، لأن الزكاة حق لمسلمين مساكين حبسه عليهم فكان آثما حتى وصل اليهم, واما الحج فكان فيما بينه وبين ربه إذا أداه فقد أدى، وإن هو مات وهو واجد مستطيع ولم يحج, سأل الرجعة إلى الدنيا أن يحج, ويجب لأهله أن يحجوا عنه، ونرجو أن يكون ذلك مؤدياً عنه كما لو كان عليه دين فقضي عنه بعد موته.

[تمت الرسالة والحمد لله رب العالمين]

الشرح :
هذه قاعدة عامة في قضاء الديون فمن مات وعليه دين قُضى عنه لقوله (عليه الصلاة والسلام) للخثعمية وغيرها: (أرايت لوكان على ابيك دين فقضيته أيؤدي ذلك عنه قال فدين الله أحق بالقضاء) , فديون الله الديون التي لله يجب قضاءها عن الموتى وقوله رحمه الله إلا سأل الرجعة انا لا اعرف حتى الآن دليلا انا لا اعلم إلا الآية وهي (حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (9) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (100))[المؤمنون], هذه محتملة.
لكن الحج يجب على الفور, ثم ذُكِّر الشيخ بحديث (من كان له مال يبلغه حج بيت ربه أو يجب عليه فيه الزكاة فلم يفعل سأل الرجعة عند الموت) , وهذا الحديث لوصح عن ابن عباس لكان له حكم الرفع لأنه لا مجال للاجتهاد فيه.
والمقصود إن ديون الله عز وجل تقضى قال عليه الصلاة والسلام (من مات وعليه صيام صام عنه وليه) , وكذلك الزكاة يعني من مات بعد حول ماله وكان المال له نصابا زكى الورثة قبل ان ينتقل المال اليهم تخرج الزكاة.

تم الكتاب.


الأســــــــئلة :
س/ عند التحدث عن المنحرفين نسمع من بعض الافراد بعض العبارات منها:
اولاً/ الله لايسألك في قبرك عنهم.
ثانيا/ الحق يؤخذ ولو من الشيطان مستدلين بحديث ابي هريرة.
الجواب / اولا مشى السلف الصالح على التحذير من المبتدعة وشدة التنكير عليهم والإغلاض لهم سرا وجهرا, حتى تحذرهم الأمة لأن المقصود هو تصفية التدين وتخليصه لله سبحانه وتعالى وقول القائل ان الله لايسألك في قبرك ومن انبأه بهذا.
القبر له فتنة والعبد ينعم ويعذب في قبره حسب السؤال والرضى بالمعصية والممالئة عليها كفعلها هذا متفق عليه بين الإئمة وبهذا تعلمون ان أتباع الجماعات المنحرفة وهم الذين يوالون ويعادون فيها مُعَرضون لعقاب الله سبحانه وتعالى لأنهم اقروا المحدثات في دين الله تعالى بل أهل السنة يردون المخالفه على صاحبها و إن كان من أهل السنة بل يشتدون في الرد على المخالف.
الامر الآخر وهو في استدلالهم ـ على تسويق الجماعات المنحرفة,
وأقول: قد قلت عشرات المرات إن لم يكن مئات المرات جميع الجماعات الدعوية المنحرفة ضالة مضلة وعلى رأسها جماعة التبليغ وجماعة الإخوان المسلمين لإنها مبتدعة في دين الله تعالى وأصلت أصولا وقعدت قواعد بدعية.
بعد هذه الجملة الإعتراضية أعود إلى المقولة وهي أستدلالهم بحديث ابي هريرة رضي الله عنه في صحيح البخاري ان لم يكن في الصحيحين هذا الأمر عندنا لاشك فيه وله ايضا نضائر منها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لمل اتاه حبر من اليهود فقال يا أبا القاسم إنا نجد في كتابنا أن الله يرفع السماء... قال ابن مسعود فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه تصديقا.... الحديث, نقول ليس عندنا نزاع في قبول الحق ممن جاء به فلو قال جهمي أو معتزلي: العبادة؛ محض حق الله تعالى فلا حض فيها لملك مقرب ولا لنبي مرسل نقول هذا صحيح لكن يفرق بين من هو أصل في أخذ الحق منه وبين من هو ليس اصلا في أخذ الحق منه.
فالذي هو اصل في قبول الحق منه واخذ العلم منه هو المسلم صاحب السنة هذا هو الذي يأخذ منه وأما غير المسلم أو مسلم مبتدع فهذا إذا قال قولا أو أسس قاعدة أو اصل أصلا, عرضنا على شرع محمد (صلى الله عليه وسلم) فأن وافق قبلناه, وأن لم يوافقه تركناه مع إننا لسنا بحاجة إلى هؤلاء لكن شاعت بيننا كما ذكرت لكم في المثال.
كذلك لو قال يهودي, او نصراني إن الله فوق العرش, وعرشه فوق سمواته هل هذا حق ام باطل؟ هذا حق لكن هل نحن نطلب هذا من اليهودي او النصراني حتى نأخذ العلم عنه؟ الجواب لا ليس كذلك فاذا نعود الى الحديث وهو قوله صدقك وهو كذوب يعني أنه صدق في هذه الحالة وهو في حاله كلها كذوب.
لكن صاحب هذا القول:
اولا: هو اخواني لا مرية فيه عندي يستسغي من قاعدة المعذرة والتعاون وما من حزبي عرفناه بل أتباع الجماعات الدعوية كلهم يستسغون من قاعدة المعذرة قاعدة حسن البنا (نتعاون فيما اتفقنا عليه ويعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه).
هذه القاعدة الفاجرة الظالمة التي فتحت الباب على مصراعيه أمام كل نحِلة ضالة سواء كانت تنتمي الى الإسلام كالرافضة, أو غير مسلمة كاليهودية والنصرانية, وكذلك من افرازات هذه القاعدة قاعدة الموازنة, هم يستدلون بها على قاعدتهم وقاعدة الموازنة هي من أفرازات قاعدة المعذرة والتعاون.
س/ ماهو توجيهكم لمن يتابع القنوات الفضائية بحجة أخذ العلم منها؟
الجواب/ القنوات الفضائية هي ليست أصلا في أخذ العلم لكن هي عندي على قسمين :
القسم الاول/ الفساد فيها أكثر من الصلاح والغث اكثر من السمين ,والباطل أ كثر من الحق فهذه أنا لا انصح بمتابعتها خشية أن يقع في شباكها وشراكها من لا فقه عنده فيختلط عليه الأمر فيصير فكره مزيجا بين حق وباطل وبدعة وسنة وهدى وضلال.
والقسم الثاني/ الحق فيها كثير وفيها فساد لكن فيها كثير من الحق ويخرج فيها علماء فضلاء فهذه وإن كان فيها فساد لكن يصدق عليها قول الرسول (صلى الله عليه وسلم) فيما أرى (ان الله لينصر هذا الدين بالرجل الفاجر)
فهذه يستفيد منها من كان راسخا في العلم يريد ان يستفيد من فضلاء المشايخ الذين يخرجون في هذه القناة.
س/ الإحرام من الميقات ليلا قبل دخول رمضان بليلة هل تكون هذه العمرة من رمضان؟
الجواب/ ارجو إن كان في ليلة الأول من رمضان أن تكون عمرته في رمضان أما ان كان في الليلة قبل الأول من رمضان او ليلة الشك فهذا أرى أن يعيد عمرته اذا اراد ان يحصل على فضيلة العمرة في رمضان.
س/ ماهو حكم لبس البنطال وخصوصا في الدوائر الرسمية التي تفرض فيها الدولة ذلك وما حكم الصلاة فيه؟؟
الجواب/ اولا: ان البنطال ليس من سمت المسلمين.
ثانيا/ من حيث الصلاة, إن كان يصف البشرة فلا تصح الصلاة فيه لأن من شروط الصلاة ستر العورة وكون الدولة تفرضه هذا إذا كان مضطرا للعمل لا يجد قوته وقوت عياله فتكون هذه ضرورة فيتق الها ما استطاع فيلبس بنطالا فضفاضا لايصف البشرة حتى يهيء الله له مخرجا.
س/ ماحكم شراب الشعير الموجود الان في الاسواق؟
الجواب/ تخمير الشعير (السوبيا) هو يخمر بطريقة تكسبه لذة ونكهة جميلة وهذا مباح في الأصل لكنه اذا زبد حينما تفك العبوة وتجد لها زبدا, عفونة فهذا دليل على انها مسكرة اذا كانت رغوة قوية تتدفق زبد يطفح كالزبدة وفيها عفونه زائدة فهذا دليل انها مسكرة والا فالأصل انها جائزة.
س/ حكم من صلى مع الإمام في صلاة التراويح اربع ثم ينصرف ليصلي اخر الليل لفضيلة الوقت فهل فعله هذا صحيح؟
الجواب/ اذا صلى مع الإمام فليصلي حتى ينصرف لحديث (من قام مع امامه حتى ينصرف كتب له قيام ليلة) .
واما اذا كان يريد التأخير فليصل في بيته او يصلي مع الامام دون وتر, ويؤخر الوتر الى اخر الليل فالأمر فيه سعة.
س/ حكم الذهاب الى مجلس العزاء اذا لم يتيسر له خارج البيت؟
الجواب/ التجمع من اجل العزاء هذا من النياحة فقد اخرج احمد وابن ماجة عن جرير ابن عبد الله البجلي رضي الله عنه انه قال كنا نعد الاجتماع عند اهل البيت بعد دفنه وصنعة الطعام من النياحة واحيانا يكون المجلس عفوي الرجل يأتيه اخوانه وقد يجلسون عنده ثم ينصرفون هذا لابأس به, أما الأول فان تيسر للمعزي ان يلقى اخاه في المسجد او الشارع في وقت هذا التجمع فلا بأس فان لم يمكنه فيذهب يعزي وينصرف.



وتمت مراجعة هذا الشرح في يوم الاثنين 11شوال 1431وصلي اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم

ريحانة الجزائرية
2012-04-05, 10:32
بارك الله فيك على هذا النقل المفيد وحفظ الله مشايخ السنة ورحمة موتى ..

حكيـ الجَزآئِرِي ــم
2012-04-05, 11:30
وعليكم السلام ورحمه الله وبركاته

بارك الله فيك

ـ‗جواهرودررالسلف‗ـ
2012-04-05, 13:44
وعليكم السلام ورحمه الله وبركاته

بارك الله فيك


زعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
وفيك بارك الله اخي

ـ‗جواهرودررالسلف‗ـ
2012-04-05, 13:45
بارك الله فيك على هذا النقل المفيد وحفظ الله مشايخ السنة ورحمة موتى ..
وفيكي بارك الله اختي الكريمة شكرا

*أميرةالجزائرية*
2012-04-05, 14:35
بارك الله فيكي اختي على هذا النقل

عُبيد الله
2012-04-05, 15:49
جزاكم الله خيرا وبارك فيكم

وحفظ الله الشيخ عُبيدا وكل علمائنا.

نور الرحمان1986
2012-04-05, 16:15
http://img81.imageshack.us/img81/7820/117201196181805qo1.gif

ـ‗جواهرودررالسلف‗ـ
2012-04-05, 17:57
جزاكم الله خيرا وبارك فيكم

وحفظ الله الشيخ عُبيدا وكل علمائنا.
بارك الله فيك وثبت خطاك
ونسأل اللهم ذلك ..

ـ‗جواهرودررالسلف‗ـ
2012-04-05, 18:00
http://img81.imageshack.us/img81/7820/117201196181805qo1.gif
جزاك الله خيرا اختاه شكرا لك

العنبلي الأصيل
2012-05-11, 12:47
بارك الله فيكم وفي علمائنا.
نسال الله الهداية والثبات على الحق.