مشاهدة النسخة كاملة : بحث حول الحياة العقلية في العصر الجاهلي
KhaledMadridi
2009-01-04, 20:35
السلام عليكم
رجاءا أفيدونا بمشروع حول مظاهر الحياة العقلية في العصر الجاهلي، والكتب التي تناولت الحياة العقلية في العصر الجاهلي مع ذكر تاريخ صدورها ودور نشرها
وجزاكم الله كل خير
rezighalim
2009-01-15, 12:45
شكرا لكم على ه>ا الموضوع جزاكم الله خيرا
hicham91
2009-01-15, 15:02
للمعلومات حول العصر الجاهلي
http://bouchagroune.ahlamontada.net/montada-f34/topic-t172.htm
saddam505
2009-01-22, 13:34
اين هو البحث
safi_rossi 46
2009-01-22, 15:36
مظاهر الحياة العقلية في العصر الجاهلي
المقـدمة :
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ، وبعد :
فإنّ الارتباط الوثيق ، والاتصال العميق بالتراث الأدبي في عصور ازدهاره ، وإدامة الاطلاع والتنقيب في كنوز ذلك التراث وجواهره من أعظم الأمور التي تسهم بشكل كبير في بناء قاعدة متينة يقف عليها طالب الأدب والمتخصص فيه ، وتؤثر تأثيراً بالغاً في تكوين شخصيته العلمية ؛ ذلك أنها تمده بالمعرفة الأصيلة ، وتأخذ بيده إلى حيث المنابع الأولى ، التي تدفقت منها جداول الأدب زاخرة قوية .
ومن صور هذا الاتصال الجميل بالتراث البحث في أشعار القبائل العربية جمعاً وتحقيقاً ؛ ذلك أنه يتيح للباحث الاطلاع على معظم مصادر الأدب العربي ، والتعرف إليها عن كثب ، بل يتعدى ذلك إلى كتب التاريـخ والسير والتراجم والأنساب ، ومعاجم البلدان وغيرها ، وبالتالي يمكن الباحث من الإلمام بقدر لا بأس به من أخبار العرب ، ووقائعها ، وأنسابها ، وأيامها ، ومنازل القبائل ، وما إلى ذلك ، كما تقتضي طبيعة هذا اللون من البحوث أن يكون الباحث على اتصال مستمر بمعاجم اللغة لشرح مفردات هذا الشعر ، وتفسير غامضه ، وبالتالي تزداد ثروته اللغوية ويشدو شيئاً من غريب اللغة ، إضافة إلى أن مداومة الاطلاع والقراءة في النماذج الأصيلة الجيدة من الشعر العربي مما يرتقي بأسلوب الباحث ويزيده فصاحة وقدرة على التعبير ، ويجنبه الركاكة والضعف والهجنة ، كما أن في جمع أشعار القبائل ودراستها تنويهاً ببعض الشعراء الذين لم ينالوا حظهم من الشهرة ، مع أن لهم أشعاراً كثيرة على جانب من الجودة والإتقان ، وتنويها ببعض القصائد والمقطعات المتميزة لبعض الشعراء المقلّين ، ثم إن وضع هذا الشعر مجموعاً بين دفتي كتاب يعد إنجازاً يخدم الباحثين في تاريخ هذه القبائل والمهتمين بأعلامها وأدبها .
وقد وقع اختياري على شعر بني عمرو بن تميم من الجاهلية وحتى منتصف القرن الثاني الهجري ؛ لأني رأيت هذا الشعر جديراً بالجمع والدراسة ؛ ذلك أن معظم شعراء هذه القبيلة مقلّون أو مغمورون ، ولبعضهم أشعار تستحق الإشادة والتنويه بها ، ولا أزعم أن هذه القبيلة تتميز عن غيرها من قبائل العرب بكثرة الشعراء السابقين المبرزين ، ولكني وجدت في هذا الشعر سمات وخصائص مشتركة مما يجعله جديراً بالدراسة لمعرفة هذه الخصائص والسمات ، ثم إن أهمية هذا الشعر تنبع من الأهمية ذاتها التي يتميز بها شعر القبائل والتي تحدثنا عنها آنفاًَ وقد جعلت المدة الزمنية لهذا البحث من العصر الجاهلي حتى منتصف القرن الثاني الهجري ، بالرغم من أن الدكتور عبدالحميد المعيني قد جمع أشعار بني تميم في العصر الجاهلي ، إلا أنني عثرت على أشعار لبني عمرو ببطونهم المختلفة لم يجمعها الدكتور المعيني فيما جمع من شعر بني تميم ضمن بحثه المشار إليه ، ثم إن الدكتور المعيني لم يدرس هذا الشعر ، وإنما جمعه فقط ، وبالتالي فجميع هذا الشعر مجال للدراسة والتعرف على خصائصه .
نبذة مختصرة عن العصر الجاهلي :
في العصر الجاهلي
أمرؤ القيس :
هو حندج بن حجر (497-545) ميلادي من أشهر شعراء العرب . كان أبوه ملك أسد وغطفان، وأمه أخت المهلهل الزير الشاعر البطل المشهور. أشتهر بلقبه"امرؤ القيس" وبـ "الملك الضليل" لاضطراب أمره طول حياته، وبــ"ذي القروح" لما أصابه في مرض موته. كان محبا للهو واللعب ، مولعا بمغازلة النساء ومفاكهتهن . ومن جميل شعره في الغزل نقتطف الابيات التالية :
عنتر بن شداد: ؛؛؛
أحد أبطال العرب وشعرائهم المشهورين (نحو 600) م كانت أمه أمة حبشية ، فسرى إليه السواد منها . كان أحسن العرب شيمة وأعزهم نفسا . يوصف بالحلم على شدة بطشه . أحب عبلى ابنة عمه ، ولاقى في سبيلها ضروبا من المرارة والعذاب ، بسبب لونه ، وعدم تمتعه بحريته في بداية حياته ، والأسباب عائلية اجتماعية . قال في حبها قصائد غزلية خالدة.
المنحل اليشكري :
هو المنحل بن مسعود بن عامر (نحو 603 )م أشهر شعره رائيتتها . قالها في "هند" بنت عمرو بن هند ، فلما عرف أبوها بأمره قتله . وضرب العرب به المثل في الغائب الذي لا يرجى إيابه ، يقولون :" لا أفعله حتى يؤوب المنحل "
مظاهر الحياة العقلية في العصر الجاهلي :
ثم تحدث عن مظهر عن آخر من مظاهر العربية، لاحظه بعض المستشرقين و وافقهم هو عليه، هو: إن طبيعة العقل العربي لا تنظر إلى الأشياء نظرة عامة شاملة، وليس في استطاعتها ذلك. فالعربي لم ينظر إلى العلم نظرة عامة شاملة كما فعل اليوناني، كان يطوف فيما حوله؛ فإذا رأى منظرا خاصا أعجبه تحرك له، و جاس بالبيت أو الأبيات من الشعر أو الحكمة أو المثل. "فأما نظرة شاملة وتحليل دقيق لأسسه وعوارضه فذلك ما لا يتفق والعقل العربي.
وفوق هذا هو إذا نظر إلى الشيء الواحد لا يستغرقه بفكره، بل يقف فيه على مواطن خاصة تستثير عجبه، فهو إذا وقف أمام شجرة، لا ينظر إليها ككل، إنما يستوقف نظره شيء خاص فيها، كاستواء ساقها أو جمال أغصانها،
و إذا كان أمام بستان، لا يحيطه بنظره، ولا يلتقطه ذهنه كما تلتقطه "الفوتوغرافيا"، إنما يكون كالنحلة، يطير من زهرة إلى زهرة، فيرتشف من كل رشفة". إلى أن قال: "هذه الخاصة في العقل العربي هي السر الذي يكشف ما ترى في أدب العرب - حتى في العصور الإسلامية - من نقص وما ترى فيه من جمال".
وقد خلص من بحثه، إلى أن هذا النوع من النظر الذي نجده عند العربي، هو طور طبيعي تمر به الأمم جميعاً في أثناء سيرها إلى الكمال،
نشاً من البيئات الطبيعية والاجتماعية التي عاش فيها العرب، وهو ليس إلا وراثة لنتائج هذه البيئات، "ولو كانت هنالك أية أمة أخرى في مثل بيئتهم، لكان لها مثل عقليتهم،
و أكبر دليل على ذلك ما يقرره الباحثون من الشبه القوي في الأخلاق والعقليات بين الأمم التي تعيش في بيئات متشابهة أو متقاربة، وإذ كان العرب سكان صحارى، كان لهم شبه كبير بسكان الصحارى في البقاع الأخرى من حيث العقل والخلق".
أما العوامل التي عملت في تكوين العقلية العربية وفي تكييفها بالشكل الذي ذكره، فهي عاملان قويان. هما: البيئة الطبيعية، وعنى بها ما يحيط بالشعب طبيعيا من جبال وانهار وصحراء وغير ذلك،
والبيئة الاجتماعية، وأراد بها ما يحيط بالأمة من نظم اجتماعية كنظام حكومة ودين وأسرة ونحو ذلك. وليس أحد العاملين وحده هو المؤثر في العقلية.
وحصر أحمد أمين مظاهر الحياة العقلية في الجاهلية في الأمور التالية: اللغة والشعر والأمثال والقصص. وتكلم على كل مظهر من هذه المظاهر وجاء بأمثلة استدل بها ما ذهب إليه.
والحدود التي وضعها أحمد أمين للعقلية العربية الجاهلية، هي حدود عامة، جعلها تنطبق على عقلية أهل الوبر وعقلية أهل المدر، لم يفرق فيها بين عقلية من عقلية الجماعتين.
وقد كونها ورسمها من دراساته لما ورد في المؤلفات الإسلامية من أمور لها صلة بالحياة العقلية ومن مطالعاته لما أورده "أوليري" "وبراون" وأمثالهما عن العقلية العربية،
ومن آرائه وملاحظاته لمشكلات العالم العربي ولوضع العرب في الزمن الحاضر. والحدود المذكورة هي صورة متقاربة مع الصورة التي يرسمها العلماء المشتغلون بالسامية عادة عن العقلية السامية،
وهي مثلها أيضا مستمدة من آراء وملاحظات وأوصاف عامة شاملة، ولم تستند إلى بحوث علمية ودراسات مختبرية، لذا فأنني لا أستطيع أن أقول أكر مما قلته بالنسبة إلى تحديد العقلية الساميّة، من وجوب التريث والاستمرار في البحث ومن ضرورة تجنب التعميم والاستعجال في إعطاء الأحكام.
وتقوم نظرية أحمد أمين في العقلية العربية على أساس إنها حاصل شيئين وخلاصة عاملين، أثرا مجتمعين في العرب وكوّنا فيهما هذه العقلية التي حددها ورسم معالمها في النعوت المذكورة.
والعاملان في رأيه هما: البيئة الطبيعية والبيئة الاجتماعية. وعنى بالبيئة الطبيعية ما يحيط بالشعب طبيعياً من جبال وأنهار وصحراء ونحو ذلك،
وبالبيئة الاجتماعية ما يحيط بالأمة من نظم اجتماعية كنظام حكومة ودين وأسرة ونحو ذلك. وهما معاً مجتمعين غير منفصلين، أثّرا في تلك العقلية. ولهذا رفض أن تكون تلك العقلية حاصل البيئة الطبيعية وحدها، أو حاصل البيئة الاجتماعية وحدها.
وخطاً من أنكر أثر البيئة الطبيعية في تكوين العقلية ومن هنا انتقد "هيكل" "Heagel"، لأنه أنكر ما للبيئة الطبيعية من أثر في تكوين العقلي اليوناني، وحجة "هيكل" أنه لو كان للبيئة الطبيعية أثر في تكوين العقليات،
لبان ذلك في عقلية الأتراك الذين احتلوا أرض اليونان وعاشوا في بلادهم، ولكنهم لم يكتسبوا مع ذلك عقلهم ولم تكن لهم قابليتهم ولا ثقافتهم.
وردّ "أحمد أمين" عليه هو أن "ذلك يكون صحيحاً لو كانت البيئة الطبيعية هي المؤثر الوحيد، إذن لكان مثل العقل اليوناني يوجد حيث يوجد إقليمه،
و ينعدم حيث ينعدم، أما والعقل اليوناني نتيجة عاملين، فوجود جزء العلة لا يستلزم وجود المعلول".
وأثر البيئة الطبيعية في العرب، أنها جعلت بلادهم بقعة صحراوية تصهرها الشمس، ويقل فيها الماء، ويجف الهواء، وهي أمور لم تسمح للنبات أن يكثر، ولا للمزروعات أن تنمو، آلا كَلأً مبعثراً هنا وهناك،
وأنواعاً من الأشجار والنبات مفرقة استطاعت أن تتحمل الصيف القائظ، والجوّ الجاف، فهزلت حيواناتهم، وتحلت أجسامهم، وهي كذلك أضعفت فيها حركة المرور، فلم يستطع السير فيها إلا الجمل،
فصعب على المدنيات المجاورة من فرس وروم أن تستعمر الجزيرة، وتفيض عليها من ثقافتها، اللهم إلا ما تسرب منها في مجار ضيقة معوجة عن طرق مختلفة".
وأثر آخر كان لهذه البيئة الطبيعية في العرب، هو أنها أثرت في النفوس فجعلتها تشعر أنها وحدها تجاه طبيعة قاسية، تقابلها وجهاً لوجه، لا حول لها ولا قوة، لا مزروعات واسعة ولا أشجار باسقة،
تطلع الشمس فلا ظل لها، ويطلع القمر والنجوم فلا حائل، تبعث الشمس أشعتها المحرقة القاسية فتصيب أعماق نخاعه، ويسطع القمر فيرسل أشعته الفضية الوادعة فتبر لبّه، وتتألق النجوم في السماء فتمتلك عليه نفسه، وتعطف الرياح العاتية فتدمر كل ما أتت عليه.
أمام هذه الطبيعة القوية، والطبيعة الجميلة، والطبيعة القاسية، تهرع النفوس الحساسة إلى رحمن رحيم، والى بارئ مصور والى حفيظ مغيث- إلى الله-. ولعل هذا هو السر في الديانات الثلاث التي يدين بها أكثر العالم، وهي اليهودية والنصرانية والإسلام نبعث من صحراء سيناء وفلسطين وصحراء العرب.
والبيئة الطبيعية أيضاً، هي التي أثرت-على رأيه-في طبع العربي فجعلته كثيباُ صارماً يغلب عليه الوجد، موسيقاه ذات نغمة واحدة متكررة عابسة حزينة، ولغته غنية بالألفاظ، إذا كانت تلك الألفاظ من ضروريات الحياة في المعيشة البدوية، وشعره ذو حدود معينة مرسومة، وقوانينه تقاليد القبيلة وعرف الناس، وهي التي جعلته كريماً على فقره، يبذل نفسه في سبيل الدفاع عن حمى قبيلته.
كل هذه وأمثالها من صفات ذكرها وشرحها هي في رأيه من خلق هذه البيئة الطبيعية التي جعلت لجزيرة العرب وضعاً خاصاً ومن أهلها جماعة امتازت عن بقية الناس بالمميزات المذكورة.
وقد استمر "أحمد أمين"، في شرح أثر البيئة الطبيعية في عقلية العرب وفي مظاهر تلك العقلية التي حصرها كما ذكرت في اللغة والشعر والأمثال والقصص، حتى انتهى من الفصول التي خصصها في تلك العقلية،
أما أثر البيئة الاجتماعية التي هي في نظره شريكة للبيئة الطبيعية في عملها وفعلها في العقلية الجاهلية وفي كل عقلية من العقليات، فلم يتحدث عنه ولم يشر إلى فعله،
ولم يتكلم على أنواع تلك البيئة ومقوماتها التي ذكرها في أثناء تعريفه لها، وهي: "ما يحيط بالأمة من نظم اجتماعية كنظام حكومة ودين وأسرة ونحو ذلك"، ثم خلص من بحثه عن العقلية العربية وعن مظاهرها وكأنه نسي ما نسبه إلى العامل الثاني من فعل،
بل الذي رأيته وفهمته من خلال ما كتبه انه أرجع ما يجب إرجاعه إلى عامل البيئة الاجتماعية - على حد قوله - إلى فعل عامل البيئة الطبيعية وأثرها في عقلية العرب الجاهليين. وهكذا صارت البيئة الطبيعية هي العامل الأول الفعال في تكوين تلك العقلية، وحرمنا بذلك من الوقوف على أمثلته لتأثر عامل البيئة الاجتماعية في تكوين عقلية الجاهليين.
وأعتقد إن "أحمد أمين" لو كان قد وقف على ما كتب في الألمانية أو الفرنسية أو الإنكليزية عن تأريخ اليمن القديم المستمد من المسند، ولو كان قد وقف على ترجمات كتابات المسند أو الكتابات الثمودية والصفوية واللحيانية، لما كان قد أهمل الإشارة إلى أصحاب تلك الكتابات، ولعدٌل حتماً في حدود تعريفه للعقلية العربية،
ولأفرز صفحة أو أكثر إلى أثر طبيعة أرض اليمن وحضرموت في عقلية أهل اليمن وفي تكوين حضارتهم وثقافتهم، فإن فيما ذكره في فصوله عن العقلية العربية الجاهلية ما بحب رفعه وحذفه بالنسبة إلى أهل اليمن وأعالي الحجاز
اللغة العربية في العصر الجاهلي :
لا يختلف إثنان في أنّ اللغة العربية كانت معروفة في العصر الجاهلي , وأنّ لغتنا الجميلة كانت تشغل بال كثير من المفكرين والشعراء والخطباء , يلتمسون ودّها , وينظمون دررها , ويغترفون من نبع معانيها الثرّ أجمل القصائد , وأعذب الألحان . ومن يراجع معجم مفرداتها في ذلك العصر , يجدهُ من أغنى المعاجم من حيث وفرة الكلمات وكثرة التشابيه , وتعدد الاسماء للمسمى الواحد .
ومن حسن الحظ أن يحفظ لنا التاريخ شيئاً غير يسير من آداب تلك الفترة وأشعارها , لعل أهمها تلك القصائد الطويلة التي تسمى بالمعلقات , وقد ذهب بعض الرواة إلى أنها قصائد كُتبت في القباطيّ بماء الذهب وعُلّقت على أستار الكعبة . إضافةً إلى العديد من أشعارهم وخطبهم , وأمثالهم , وأخبار حروبهم ووقائعهم التي تحفظها لنا أُمهات الكتب من كتب الأدب القديمة .
وبرغم وفرة ما وصل الينا من أدب الجاهليين وشعرهم , إلا أن الضياع قد أتى على الكثير من آدابهم وأخبارهم , وخاصةً القديمة منها , ويقول أبو عمرو بن العلاء : " ما انتهى اليكم مما قالته العرب إلا أقلّه , ولو جاءكم وافراً , لجاءكم علمٌ وشعرٌ كثير " .
ويقدّر الباحثون عمر الأدب المدوّن الذي وصل الينا من الجاهليين بقرنين من الزمان قبل الإسلام . ولعلّ من الدليل على شيوع الكتابة في العصر الجاهلي , إننا نجد شعراءهم يصفون الأطلال كثيراً بنقوش الكتابة , فها هو المرقَّش في فاتحة قصيدةٍ له يقول :
الدار قفر والرسوم كما رَقَّشَ في ظَهرِ الأديمِ قَلَم
ويقول لبيد في مطلع معلقته :
عفت الديار محلها فمقامها بمنى تأبَّدَ غولُها فرجامُهـــا
فمدافع الريان عري رسمها خلقاً كما ضَمِنَ الوُحيَّ سِلامُها
والوحي : ( الكتابة , والسِّلام : الحجارة البيض التي كانوا يكتبون عليها وكانوا يكتبون أيضاً في الأدم , أو الأديم الذي مرّ في بيت المرقّش , وهو الجلد المدبوغ يُكتب عليه , كما كانوا يكتبون في عسب النخل , ويستمر لبيد في معلقته فيقول:
وجلا السيولُ عن الطلولِ كأنها زُبُرٌ تجدُّ مُتونَها أقلامُها
والزبر جمع زبور وهو الكتاب .
ويقول الأخنس بن شهاب التغلبي :
لإبنةِ حِطَّان بن عوفٍ منازلُ كما رَقَّشَ العنوان في الرَّقِّ كاتبُ
والرَّقّ : الجلد الرقيق يُكتب عليه .
ويقول سلامة بن جندل وهو فارس جاهليّ معروف :
لمن طللٌ مثل الكتابِ المنمّقِ خلا عهدُهُ بين الصُّلَيبِ فمُطرِقِ
والصليب ومطرق : إسمان لمكانين .
كذلك نجدهم يذكرون الصحف والصحائف والكتب التي تعني الرسائل , كما ورد في قصة مقتل طرفة بن العبد :
رُوي أنَّ طَرَفَة بن العبد الذي كان يمدح الملك عمرو بن هند , أحد ملوك المناذرة ( الذين تأسست دولتهم حول عام 240 م وإستمر حكمها حتى سنة 633م حين فتح عاصمتهم الحيرة خالد بن الوليد ) قد انقلب على الملك وهجاه , فصمّم عمرو بن هند على التخلّص من طرفة ومن خاله الشاعر المتلمّس , وما كان منه إلا أن حمّل كلا منهما كتاباً إلى عامله على البحرين , وفي كل كتاب أمر بقتل حامله , بينما الشاعران يظنّان أن فيهما أمراً بجائزة لهما , وفيما هما في الطريق ساور الشك صدر المتلمّس فارتاب في أمر كتابه , ففك ختمه , وجاء إلى غلام من أهل الحيرة فقال له : أتقرأ يا غلام ؟
فقال : نعم , فاعطاه الصحيفة فقرأها فقال الغلام : أنت المتلمّس ؟ قال : نعم , قال : النجاة ! فقد أمر بقتلك , فأخذ الصحيفة وقذفها في جدول إسمه كافر ثم أنشأ يقول :
والقيتُها بالثني من جنبِ كافرٍ كذلك ألقي كلَّ رأيٍ مضلّــل
رضيتُ لها بالماءِ لما رأيتُهــا يجولُ بها التيّارُ في كلِّ جـدولِ
وهرب المتلمّس الى الشام وعند وصوله أنشأ يقول :
من مبلغُ الشعراءِ عن أخويهـمُ نبأً فَتَصْدُقُهم بذاكَ الأنفُــسُ
أودى الذي عَلِقَ الصحيفةَ منهما ونجا حذار حياتِهِ المُتَلَمِّـــسُ
أما طرفة الذي لم يشكّ في أمر صحيفته , فقد مضى إلى حتفه .
وقد ردّد الشعراء مثل هذه الصور كثيراً في اشعارهم ، وما من ريب في إنّ ذلك يؤكد أنّ الكتابة كانت معروفةً في العصر الجاهلي , كذلك كانوا يكتبون عهودهم السياسية , وكانوا يسمون تلك العهود المكتوبة " مهارق " وقد جاء ذكر هذه المهارق في معلقة الحارث بن حلّزة مشيراً بها إلى ما كُتب من عهود بين بكر وتغلب إذ يقول :
واذكروا حِلْفَ ذي المجازِ وما قُدّمَ فيه العهودُ والكُفـــلاءُ
حذر الجورِ والتعدّي وهــل ينقضُ ما في المهارق الأهــواءُ
فالعرب اذن , استخدموا الكتابة في العصر الجاهلي لأغراض سياسية وتجارية , إضافة الى الأغراض الأخرى المذكورة , وكانوا يجلبون الورق من الصين , وورق البرديّ من مصر . وبهذا نكون قد ألقينا بصيصاً من نور على هذه الفترة والتي تمتد حتى بداية القرن الثالث الميلادي , ووجدنا أنّ اللغة العربية كانت تتمتع بقدر كبير من العناية والاهتمام , تكلماً , وقراءة , وكتابة , أما عن أحوالها في فترة منسية من التاريخ لم تلقَ عليهاإلا أضواء خافتة ضئيلة ، فهذا ما سنتناوله في مقال قادم إن شاء الله ....
الشعر الجاهلي :
لما اقترب "بشامة بن عمرة" من الموت وهو شاعر جاهلي مجيد وزَّع ماله على أبنائه، فجاءه ابن أخته فحل الشعراء (زهير بن أبي سلمى) وقال: لو قَسَمْت لي من مالك فقال: والله يا ابن أختي، لقد قسمت لك أفضل ذلك وأجزله، فقال: وما هو؟ قال: شعري ورثتنيه دون أبنائي!
ورحلة الشعر العربي طويلة موغلة..
والناس في بدايته مذاهب شتَّى، فمنهم من يقول: إنه وُجد من بدء الخليقة مع تعلم آدم الكلام!! ومنهم من يقول: إن بدايته كانت منذ مائتي عام قبل الإسلام (وهذا تاريخ أقدم ما ورد إلينا من أشعار)، والمنصفون على أن الشعر بدأ كأي تطور ورقي إنساني في وقت "ما" لا يمكن تحديده بدقة نظرًا لعوامل عديدة سنتحدث عنها فيما بعد، ثم تطور ونَمَا حتى وصل إلى ذروة فنية راقية فيما وصل إلينا من أعمال قبل الإسلام.. واستمرت رحلته بعد ذلك صعودًا وهبوطًا، تقدمًا وتقهقرًا.
والمشكلة التي تواجهنا عند التصدي لروائع الشعر الجاهلي تكمن في ضياع كثير من أشعار تلكم الفترة، ويرجع ذلك لعوامل عدة:
(1) الاعتماد على الرواية الشفهية للشعر، وهي بالطبع ليست أكثر الطرق أمانًا وحفظًا.
(2) ما جمع من الشعر الجاهلي، تم جمعه بداية من عصر الأمويين أي بعد 200 : 300 عامًا من تاريخ ورود الشعر إلينا، ولا شك أن ما نُسِي في هذه الفترة غير قليل.
(3) إعراض كثير من المسلمين عن الخوض في مسألة الشعر زهدًا أو خوفًا أو تقوى، ونستطيع أن نتفهم ذلك حين ندلف إلى أغراض الشعر، ونرى بعضًا مما فيها مما قد يصادم فكر من كره الجاهلية كلها وملابساتها وما تعلق بها من حلال أو حرام ومن ذلك الشعر.
(4) ويأتي العامل الأهم والأفدح وهو تعرض التراث الإسلامي لحملات شرسة من أعداء الحضارة الإسلامية: الشعوبية من جهة والتتر في مذبحتهم الشهيرة للمكتبة الإسلامية العامرة من جهة أخرى (يذكر أنهم حين عبروا نهر الفرات وضعوا كميات الكتب الهائلة التي حوتها مكتبة بغداد في النهر كي تعبر عليها خيولهم حتى تحول النهر سوادًا لأيام طوال)، مما أدى إلى دمار المخزون الثقافي الهائل الذي كانت تحويه عاصمة الخلافة العباسية آنذاك.
أغراض الشعر العربي الجاهلي
أولاً: الوصف:
لقد أحاط الشاعر الجاهلي في أوصافه بجميع مظاهر البيئة، فوصف كل ما يخطر على باله وما يتراءى أمامه من مولدات شعورية، فحين يصف "عميرة بن جُعل" ديار الحبيبة الداثرة يبدع فيقول:
قِفارٌ مَروراةٌ يَحَارُ بهـا القطـا
يظلّ بها السبعـان يعتركـان
يثيران من نسج التراب عليهما
قميصيـن أسماطًا ويرتديـان
وبالشَّرف الأعلى وحوش كأنها
على جانب الأرجاء عُوذُ هجان
فهذه الصورة الكلية الرائعة التي رسم فيها الشاعر كيف تحولت ديار نبضت بالحياة والحب وصبوة الشباب إلى ديار آوت الوحوش والسباع حتى أن الطيور تتوه فيها، وتلكم الضواري تصطرع والأتربة تتصاعد بينهما فتحيل المروج الخضراء قفارًا لا تعني إلا الموت والخراب، والخلفية الدرامية المفجعة لوحوش تشاهد الصراع وهي فوق الجبال، وقد بلغت لضخامتها مبالغ مذهلة.
ثانيًا: الغزل:
وقد اختص الشاعر قصائد بعينها وأوقفها على الغزل وذكر النساء، وفي أحيان أخرى كان يجعل الغزل في مقدمة القصيدة بمثابة الموسيقى التمهيدية للأغنية، توقظ مشاعر المبدع والسامع فتلهب الأحاسيس، وتؤجج العواطف، ورغم السمة العامة للغزل وهو الغزل الصريح المكشوف الذي يسعى للغريزة أول ما يسعى، فإن المثير أن يعجب بعض الشعراء الصعاليك (الشنفرى) بحسن أدب المرأة وأخلاقها العالية فيصفونها:
"لقد أعجبتني لا سقوطًا قناعهـا * إذا ذكرت ولا بذات تلفت
كأن لها في الأرض نسيًا تقصه * على أمها وإن تكلمك تبلَّت
تبيت بُعيد النوم تهدي غبوقهـا * لجارتها إذا الهدية قلت
فهو يعجبه فيها حرصها على حجابها أنها لا تلتفت في مشيتها لشدة أدبها، وهي من شدة نظرها في الأرض وخجلها كأن لها شيئًا مفقودًا تبحث عنه، وإذا تحدثت إلى غريب ضاع منها الكلام وتعثر، وإذا ما أجدب الخير أهدت طعامها لجاراتها؛ ولذا فزوجها يثق فيها ويفخر حين تُذكر نساء الحي، فالبيوت إذا ذمت لنسائها ينجو بيته من اللوم لجلال أدب زوجته.
ثالثـًا: الرثاء:
وعاطفة الشاعر البدوية الفطرية كانت شديدة التوهج، فإن أحب هام وصرَّح وما عرف للصبر سبيلاً، وإن حزن فبكاء ونحيب حتى يملأ الدنيا عويلاً، وكلما جفت الدموع من عينيه استحثها لتسح وتفيض.
ومضرب المثل في الرثاء صخر أخو الخنساء الذي رثته أبياتًا، وبكته أدمعًا ودماءً، تقول الخنساء:
أعيني جـودا ولا تجمـدا ألا تبكيان لصخر الندى؟
ألا تبكيان الجريء الجميل؟ ألا تبكيان الفتى السيـدا؟
وهي ترجو (صخرًا) ألا يشعر بألم تجاه عينيها الذابلتين من البكاء وتلتمس لهما العذر:
ألا يا صخر إن بكَّيت عينـي لقد أضحكتني زمنًا طويـلاً
دَفَعْتُ بك الخطوب وأنت حي فمن ذا يدفع الخطب الجليلا؟
إذا قبح البكـاء علـى قتيـل رأيت بكاءك الحسن الجميلا
رابعًا: الفخر:
كان الجاهلي إذا فخر فجر … هكذا قالوا…
فانتماء الجاهلي لعشيرته وعائلته أمر مقدس، وعوامل ذلك متعددة منها: طبيعة الحياة القاسية التي عاناها العربي مما جعله يعتصم بقوة أكبر منه ويتحد معها؛ ليتحصن من صراع الحياة البدائية المريرة، مما جعل عمرو بن كلثوم يقول بملء فيه:
وأنـا المنعمون إذا قدرنا وأنا المهلكون إذا أتينا
وأنـا الحاكمون بما أردنا وأنا النازلون بحيث شينا
وأنـا النازلـون بكل ثغـر يخاف النازلون به المنونا
ونشرب إن وردنا الماء صفوًا ويشرب غيرنا كدرًا وطينًا
ألا لا يجلهن أحد علينا فنجهل فوق جهل الجاهلينا
ملأنا البر حتى ضاق عنا كذاك البحر نملؤه سفينًا
خامسًا: الهجاء:
والهجاء المقذع عندهم يزكم الأنوف، ويعشو العيون، ولكنَّ لهم هجاء طريفًا ومنه التهديد والوعيد بقول الشعر الذي تتناقله العرب، فيتأذى منه المهجو أكثر من التهديد بالقتل، وكان الهجاء سلاحًا ماضيًا في قلوب الأعداء فهم يخافون القوافي والأوزان أكثر من الرماح والسنان.
يقول مزرد بن ضرار:
فمن أرمه منها ببيت يَلُح به كشامة وجه، ليس للشام غاسلُ
كذاك جزائي في الهدى وإن أقل فلا البحر منزوح ولا الصوت صاحل
فهو يشبه قصيدته بالشام في الوجه لا يُتخلص منه، وهذا طبعه في الهدايا، وإن الشعر عنده لا ينفد كما أن البحر لا ينفد، والصوت لا يُبح ولا ينقطع.
والأدهى من ذلك أن كان غلام لخالد الذبياني يرعى الإبل فغصبها (آل ثوب) منه فرجع يبكي إلى سيده فذهب خالد إلى مزرد بن ضرار الذبياني، فقال: إني أضمن لك إبلك أن تُرد عليك بأعيانها وأنشأ هجاءً يقول:
فإن لم تردوها فإن سماعها
لكم أبدًا من باقيات القلائد
فيا آل ثوب إنما ظلم خالد
كنار اللظى لا خير في ظلم خالد
فما لبث (آل ثوب) أن ردوا الإبل قائلين:
لئن هجانا مزرد لقد هجتنا العرب أبد الدهر.
سادسًا: المدح:
ومن رواده زهير بن أبي سلمى وكان لا يمدح إلا بالحق، وكذا النابغة الذبياني الذي تخصص في مدح العظماء والملوك راغبًا في العطاء السخي، ومنهم "الأعشى" وكان سكيرًا مغرمًا بالنساء لا يهمه من يمدح ما دام يعطيه، وقد أنفق كل ما أعطى على خمره ونسائه.
قال زهير في مدح حصن بن حذيفة:
وأبيض فياض يداه غمامـة على معتفيه ما تغب فواضـله
أخي ثقة لا تتلف الخمر ماله ولكنه قد يهلك المال نائلــه
تراه إذا ما جئتـه متهلـلاً كأنك تعطيه الذي أنت سائله
ومن طرائف أشعارهم شكوى النساء وحدة ألسنتهن – ويبدو أنها شكوى الأدباء والمفكرين والناس دومًا - فهذا الشنفرى الأزدي يرجع لبيته، وقد مات كلبا صيد كانا يقتنصان الطعام له فقال:
وأيقـن إذا ماتا بجـوع وخيبة وقال له الشيطان إنك عائـل
فطوَّف في أصحابه يستثيبهـم فآب وقد أكدت عليه المسائـل
إلى صبية مثل المغالي وخرمل رواد ومن شر النساء الخرامل
فقال لها: هل من طعـام فإننـي أذم إليك النـاس أمـك هابـل
فقالت: نعم هذا الطوي ومـاؤه ومحترق من حائل الجلد قاحل
تغشى يريد النوم فضل ردائـه فأعيا على العين الرقاد البلابل
فالشيطان يعيره بفقره وأصحابه لا يعطونه شيئًا ، فيعود إلى صبية ضعاف وزوجة سليطة اللسان فسألها الطعام وهو يشكو الناس لها.
فأجابته بغيظ وضيق: نعم لتأكل ماء البئر أمامك وجلدًا كان حذاءً قديمًا لك.. كله هنيئًا مريئًا.. فهرب صاحبنا إلى النوم عله يحل مشاكله في الأحلام، فصعب على عينه النوم وظل مؤرقًا وحيدًا..
سابعًا: المعلقات:
وهي أعظم نتاج الشعر الجاهلي كتبها الفحول العظماء؛ وسميت كذلك لأنهم علقوها على جدران الكعبة، وقيل: لأنها كاللآلئ الثمينة بين باقي القصائد، وقيل غير ذلك وتتميز بطولها وجزالة ألفاظها وتماسك أفكارها.
ويعتقد د. علي الجندي أستاذ الأدب الجاهلي بجامعة القاهرة أن من أسباب خلود المعلقات أن كلاً منها تشبع غريزة من غرائز النفس البشرية..
فحب الجمال في معلقة امرئ القيس، الطموح وحب الظهور في معلقة طرفة، والتطلع للقيم في معلقة زهير، وحب البقاء والكفاح في الحياة عند لبيد، والشهامة والمروءة لدى عنترة، والتعالي وكبرياء المقاتل عند عمرو بن كلثوم، والغضب للشرف والكرامة في معلقة الحارث ابن حلزة.
والمعلقات كلها تبدأ بالحديث عن الأطلال وموكب الارتحال عدا ابن كلثوم الذي طلب الخمر كأنما يريد أن يذهل عن الوجود الذي سيطعنه بارتحال الحبيب، والعربي منذ الأزل ارتبط بأرضه ووطنه، فالمكان لديه أخ وأب وصاحبة، والارتحال يفرق بين قلوب إلى مدى لا يُعرف، والتأثر يكون أقوى إن كان للمكان ذكرى حلوة، ولا عجب إن فرَّج عن نفسه بالبكاء لعل الدموع تطفئ نار الوجد، والعجيب أنهم وإن اتفقوا في الفكرة إلا أن جانب الشعور لديهم كان مختل
المثل والحكم :
للمثل أو الحكمة مكانة في الأدب العربي سواء ما نتج عن قصة فأصبح مثل متداول أو ما نتج عن تجارب و عصارة خبرات عقلية أو حياتية فخرجت حكمة يتداولها الناس .
بهذا الخروج إلى محيط الناس و كثرة التناقل أصبح المدلول للمثل أو الحكمة كأنة الفيصل في أي حدث من حيث حيثيات الوجهة التي يراد الاستدلال بها ، ليكون المثل أو الحكمة عبارة عن جواب قاطع يجزي عن كلام كثير ، لتكرار الشيء المراد الاستدلال به ، فلا حاجة لكثرة الكلام ، يكفي أن تقول حكمة أو مثل لتكون قد قطعت شوط كبير لما تريد أن توضيحه ، هذا هو احد الأساسات التي أخرجت المثل أو الحكمة .
لا أريد صرف الموضوع بإتجاة الدين فما خرج من الكتاب و السنة من حكمة أو مثل لا جدال فيه ، و إنما ما أخرجه البشر على مر العصور و كأن تلك الأمثال و الحكم وثائق تاريخية محملة بعقول و تجارب و قصص الغير فمن حيث انتهى المثل أو الحكمة و جب علينا أن نبتدئ .
و أن نأخذ تلك الأمثال و الحكمة بشيء من الجدية الصارمه فهي توجه و تحكم و تنزل الحدث موقع الواقع في ظن الكثير و تقود السلوك إلى الخضوع و التصديق لما قيل
( فاقد الشيء لا يعطيه )
هنا حكم بالإعدام و لكن بطريقة ليست فيزيائية .
عندما نقول تلك المقولة عن شخص عدواني أو بخيل أو غبي أو متكبر أو فقير
يكون الحكم بأن العدواني فاقد للتسامح و البخيل فاقد للكرم و الغبي فاقد للذكاء و المتكبر فاقد للتواضع و الفقير فاقد للمال ، فهذه العينات لا تعطي الشيء المطلوب سواء كان الشيء محسوس و ملموس او معنوي .
هذا الحكم بالإعدام في هذه المقولة تبرمج الدماغ بأن الأمل مفقود نحو التغيير ، إذا أصبح العدواني متسامح هل سنقول ( من أستملك الشيء يعطيه ) ؟
و من الأقوال المشهورة و التي تأتي في نفس هذا السياق ( إذا كان الكلام من فضة ، فالسكوت من ذهب )
هذه المقولة دائما تقال لمن هم في مقتبل العمر ، لكي لا يقعوا في المحضور أو لكي لا ينطق ( بالعيب ) ، حتى أصبح السكوت ميزة للكثير من الأطفال و تربوا على هذا الشيء و كبروا على السكوت ، لا يسأل و لا يستفسر و لا يحاور و لا يتحدث ، الكلام مقنن لا يطالب بحقوقه بطريقة مدنية ، بل حتى اذا خرج من سكوته نطق الكفر في كثير من كلامه لأن الذي أخرجه من صمته بعد تلك البرمجة هو الغضب .
الأمثلة كثيره جدا و الحكم كذلك و لكم أن تروا اثر تلك الأقوال على مجريات حياة الناس .
و للفرع الأخر من المثل و الحكمة وقع اشد برمجة الا و هو المثل الشعبي
الذي يعكس حياة الناس في أي مقولة يتم تداولها .
بقي أن أضيف شي
المثل أو الحكمة ليست كتاب منزل ، المثل أو الحكمة جميلة من حيث سماعها و تطبيق بعض جوانبها حسب الحالة المرادفه لتلك المقولة
المثل أو الحكمة ليست مرآة ثابتة لأي مجتمع يتم تعليقها في لبنات المجتمع لتكون وسيلة من وسائل البرمجة
القصص:
ومن فنون النثر الجاهلي القصص وما يتصل منها بسبب، كالأسمار، والحكايات، والأساطير، التي تتناثر في كتب الأدب والتاريخ والأمثال، والتفسير، وكتب الشواهد النحوية والبلاغية، ومؤلفات الشرَّاح مما يؤلف ذخيرة قصصية غزيرة، تمثل في مضمونها جوانب من المجتمع العربي في العصر الجاهلي، أو ما هو قريب منه، إذا صحت نسبتها إلى ذلك العصر.
وقد بقي الناس يتداولون هذه القصص عن طريق الرواية الشفوية، حتى بدأ تدوين بعضها في العصر الأموي، ولكن لم يصل إلينا شيء منه، بل وصل ما دُوَّن في أوائل العصر العباسي، وما بعد ذلك، بعد أن تنقلت روايته في المجالس، وزيد فيه، ونقص منه، ولا يعرف مدونه ولا راويه، وإن حمل بعضه على الأصمعي وغيره، سواء في ذلك ما كان فيه إطالة وتفصيل، أو قصر وإيجاز. وقد كانت هذه القصص الجاهلية المتداولة نواة للقصص الشعبي الذي ازدهر في العصرين: العباسي والمملوكي.
ولهذا كله، يقع الشك في صحة نصوص القصص التي ترفع إلى العصر الجاهلي، من حيث الصياغة على الأقل. ذلك أنها لم تدون في ذلك العصر قط، ولا فيما هو قريب منه، بل صيغت بأساليب العباسيين، ومن بعدهم، الذين تصرفوا فيها صيغة ومضموناً، ولاسيما الطويلة منها. وتكفي الإشارة إلى أن أيام العرب وملامحهم الحربية تؤلف ينبوعاً قوياً لتلك القصص، وقد دونها أبو عبيدة في شرحه لنقائض جرير والفرزدق. ومن هذا التراث القصصي أيضاً ما يتصل بملوك المناذرة والغساسنة والدولة الحميرية، وغيرهم ممن سبقوهم أو عاصروهم، كالزباء أو زنوبية. ومنه أيضاً قصص العشاق وأخبارهم، وبعض الأساطير عن الحيوانات كقصة الحية والفأس في خبر المثل: «كيف أعاودك وهذا أثر فأسك؟».
هذا، إلى قصص أخرى متناثرة في كتاب الأغاني وغيره عن عمرو بن كلثوم وربيعة بن مكدم، وعبد الله بن جدعان، وغيرهم. وكل ذلك من موروثنا النثري، ولكنه لا يمثل أسلوب الجاهليين ولا صياغتهم.
نور الامل
2009-01-30, 16:39
تعريف العصر الجاهلي:هي تلكالفترة التي سبقت بعثة النبي صلى الله عليه وسلم واستمرت قرابة قرن ونصف سميبذلك لما شاع فيه من الجهل وليس المقصود بالجهل الذي هو ضد العلم بل هو الجهل الذيضد الحلم .
تمهيد:
*في مثل الظروفالاجتماعية التي عاشها العرب،لم يكن هناك علم منظم،ولا علماءيتوافرون على العلم،يدونون قواعده و يوضحونمناهجه ،ولذلكفإن كثيرامنهم لا يجدون من وقتهم ما يمكنهممن التفرغ للعلم،والبحث في نظرياته وقضاياه.وإذا كانت حياة العرب لم تساعدهم على تحقيق تقدم في مجال الكتب والعملالمنظم،فهناك الطبيعة المفتوحةبين أيديهم،وتجارب الحياة العمليةوما يهديهم إليه العقلالفطري.
علوم العرب :كان للجاهليين ثقافات وعلوم لكنها محدودة تتناسب مع بيئة الصحراء ومن أهمها :
1- الأدب وفصاحة القول وروعة الجواب :ولذلكتحداهم القرآن في أخص خصائصهم البلاغة.
2- الطب:فقدتداووا بالأعشاب والكي وربما أدخلوا العرافة والشعوذة وقد أبطل الإسلام الشعوذةوأقر الدواء.
3- القيافة : وهي نوعان:
قيافة أثر: وكانوا يستدلون بوقع القدم على صاحبها.
قيافة بشر : وكانوا يعرفوننسب الرجل من صورة وجهه وكانوا يستغلونها في حوادث الثأروالانتقام.
4 - علمالأنساب:وهو بمثابة علم التاريخ وكان فيالعرب نسابون يرجع الناس إليهم .
5 - الكهانةوالعرافة : وهذان العلمان أبطلهما الإسلام وتوعد من أتىكاهناً أو عرافاً .
6 - النجوم والرياح والأنواء والسحب:وقد أنكرالإسلام التنجيم وهو ادعاء علم الغيب بطريق النجوم.
*مظاهر الحياة الفكرية والعقلية عند العربفي العصر الجاهلي:
ا)اللغة:
اللغة العربية في العصر الجاهلي:
لا يختلف إثنان في أنّ اللغة العربية كانت معروفة في العصر الجاهلي , وأنّ لغتنا الجميلة كانت تشغل بال كثير من المفكرين والشعراء والخطباء , يلتمسون ودّها , وينظمون دررها , ويغترفون من نبع معانيها الثرّ أجمل القصائد . ومن يراجع معجم مفرداتها في ذلك العصر , يجدهُ من أغنى المعاجم من حيث وفرة الكلمات وكثرة التشابيه .ومن حسن الحظ أن يحفظ لنا التاريخ شيئاً غير يسير من آداب تلك الفترة وأشعارها , إضافةً إلى العديد من أشعارهم وخطبهم , وأمثالهم , وأخبار حروبهم ووقائعهم التي تحفظها لنا أُمهات الكتب من كتب الأدب القديمة . وبرغم وفرة ما وصل الينا من أدب الجاهليين وشعرهم , إلا أن الضياع قد أتى على الكثير من آدابهم وأخبارهم , وخاصةً القديمة منها ويقول أبو عمرو بن العلاء : " ما انتهى اليكم مما قالته العرب إلا أقلّه , ولو جاءكم وافراً , لجاءكم علمٌ وشعرٌ كثير".ويقدّر الباحثون عمر الأدب المدوّن الذي وصل الينا من الجاهليين بقرنين من الزمان قبل الإسلام .
ب) الشعر:
الشعر في العصر الجاهلي:
الشعر عند العرب هو الأثر العظيم الذي حفظ لنا حياة العرب في جاهليتهم، وإذا كانت الأمم الأخرى تخلد مآثرها بالبنيان والحصون فإن العرب يعولون على الشعر في حفظ تلك المآثر ونقلها إلى الأجيال القادمة. فالشعر عند العرب له منزلة عظيمة تفوق منزلة تلك الأبنية. ومع اهتمام العرب العظيم بالشعر إلا أننا لم نقف على محاولاتهم الأولى، وإنما وجدنا شعراً مكتمل النمو مستقيم الوزن تام الأركان.
أسلوب الشعر الجاهلي:
وإذا أردنا أن نقف على أسلوب الشعر الجاهلي فلابد لنا من النظر في الألفاظ والتراكيب التي يتكون منها ذلك الشعر. فألفاظ الشعر الجاهلي قوية صلبة في مواقف الحروب والحماسة والمدح والفخر، لينة في مواقف الغزل، ومعظم ألفاظ الشعر الجاهلي يختارها الشاعر استجابة لطبعه دون انتقاء وفحص، ولكنها تأتي ملائمة للمعنى الذي تؤديه، والتراكيب التي تنتظم فيها الألفاظ تراكيب محكمة البناء متينة النسج متراصة الألفاظ، وخير شاهد على ذلك شعر النابغة الذبياني، وشعر زهير ابن أبي سلمى.وملامح الأسلوب العامة تتبين لنا بعد أن تعرفنا على الألفاظ والتراكيب، فهو أسلوب قوي متين تعتريه الغرابة أحياناً، وهو يسير مع طبيعة الشاعر وسجيته؛ فليس فيه تكلف أو صنعة، هذه هي الملامح العامة والصفات المميزة لأسلوب الشعر الجاهلي فهو يختلف عن أساليب الشعر في العصور الإسلامية المختلفة.
أغراض الشعر الجاهلي:
أغراض الشعر الجاهلي هي الموضوعات التي نظم فيها شعراء الجاهلية شعرهم؛ فإذا كان قصد الشاعر وغرضه من الشعر الاعتزاز بنفسه أو قبيلته فشعره فخر، وإذا كان قصد الشاعر التعبير عن الإعجاب بشخص ما في كرمه أو شجاعته أو غير ذلك فشعره مدح، وإذا كان قصده وغرضه النيل من شخص ما وتحقيره فذلك الهجاء، وإذا كان الشاعر يهدف إلى إظهار الحزن والأسى فذلك الرثاء، وإذا حَلَّقَ الشاعر في الخيال فرسم صوراً بديعة فذلك الوصف، وإذا عَبَّر عن حديثه مع النساء فذلك الشعر هو الغزل، وإذا استعطف بشعره أميراً أو غيره فهو الاعتذار، وإذا نظر في الكون وحياة الناس فتلك الحكمة. وأغراض الشعر الجاهلي التي نريد بسط القول فيها هي: المدح، الجاء، الرثاء، الفخر، الوصف، الغزل، الاعتذار، الحكمة، مع أن القصيدة العربية الواحدة تشمل عدداً من الأغراض سنشرحها بالتفصيل :
المدح:
يعتبر المدح من أهم الأغراض التي قال فيها شعراء الجاهلية شعرهم؛ ذلك أن الإعجاب بالممدوح والرغبة في العطاء تدفعان الشاعر إلى إتقان هذا الفن من القول، فيسعى الشاعر إلى قول الشعر الجيد الذي يتضمن الشكر والثناء، وقد يكون المديح وسيلة للكسب. والصفات التي يُمْدَحُ بها الممدوح هي: الكرم والشجاعة ومساعدة المحتاج والعفو عند المقدرة وحماية الجار، ومعظم شعراء الجاهلية قالوا شعراً في هذا الغرض، فهم يمدحون ملوك المناذرة في الحيرة أو ملوك الغساسنة بالشام ويأخذون عطاءهم وجوائزهم. وإذا رجعنا إلى دواوين الشعر الجاهلي وجدنا المدح يحتل نسبة عالية من هذه الدواوين، وهذا دليل على أنه الغرض المقدم على غيره عند الشعراء.
الهجـاء:
سبيل الشاعر إلى غرض الهجاء وهدفه منه: تجريد المهجو من المُثًل العليا التي تتحلى بها القبيلة، فيجرد المهجو من الشجاعة فيجعله جباناً، ومن الكرم فيصفه بالبخل، ويلحق به كل صفة ذميمة من غدر وقعود عن الأخذ بالثأر بل إن الشاعر يسعى إلى أن يكون مهجوه ذليلاً بسبب هجائه، ويؤثر الهجاء في الأشخاص وفي القبائل على حد سواء فقبيلة باهلة ليست أقل من غيرها في الجاهلية ولكن الهجاء الذي تناقله الناس فيها كان له أثر عظيم وهذا هو السر الذي يجعل كرام القوم يخافون من الهجاء ويدفعون الأموال الطائلة للشعراء اتقاء لشرهم. وممن خاف من الهجاء الحارث بن ورقاء الأسدي؛ فقد أخذ إبلاً لزهير ابن أبي سلمى الشاعر المشهور، وأسر راعي الإبل أيضاً فقال فيه زهير أبياتاً منها:
لَيَأتِيَنّـكَ منِّي منطق قذع باق كما دَنَّسَ القَبْـطِيَّة الوَدكُ
فاردُدْ يَسَاراً ولا تَعْنُفْ عَلَيْهِ وَلاَ تَمْعَكْ بِعِرْضِكَ إن الغَادِرَ المعِكُ
فلما سمع الحارث بن ورقاء الأبيات رد على زهير ما أخذ منه.
الرثاء :
هو إظهار الحزن والأسى والحرقة، وتبرز جودة الرثاء إِذا كان في ابن أو أخ أو أب؛ فرثاء دريد بن الصمة لأخيه عبد الله من أجود الرثاء، ورثاء الخنساء يعتبر من الرثاء المؤثر في النفوس،وقد تكون اللوعة بادية في الرثاء وإن لم يكن في قريب نجد ذلك في رثاء أوس بن حَجَر لفَضَالَة بن كَلَدة حيث يقول:
أيتها النفس احملي جزعا إن الذي تحذرين قد وقعا
ان الذي جَمَّعَ السَّمَاحةَ والنَّـ ـجْدَةَ والحَزْمَ والقُوَى جُمَعَا
الألْمَعِيَّ الذي يَظُنُّ لَكَ الظّـ كان قد رأى وقد سمعا
ومن خلال تتبعنا لأبيات هذه القصيدة يتبين لنا أن الرثاء مدح للميت ونشر لفضائله؛ فأوس ذكر في أبياته أن فضالته يتصف بالسماحة والنجدة والحزم والذكاء والتدبير الحسن، وهذه من الصفات التي يمدح بها فضالة عندما كان حياً فالرثاء في الجاهلية تذكير للناس بما كان يتصف به ذلك الرجل الذي اختطفته يد المنون.
الفخر والحماسة:
الفخر هو الاعتزار بالفضائل الحميدة التي يتحلى بها الشاعر أو تتحلى بها قبيلته، والصفات التي يفتخر بها الشعراء هي الشجاعة والكرم والنجدة ومساعدة المحتاج، والفخر يشمل جميع الفضائل. أما الحماسة فهي الافتخار بخوض المعارك والانتصارات في الحروب، فالحماسة تدخل في الفخر ولكن ليس كل فخر حماسة، فنجد الحماسة في أشعار عنترة العبسي وعمرو ابن كلثوم، وهذه الابيات مثال عن قصائد الفخر من شعر ربيعة بن مقروم:
وإِن تـسأَليـني فإني امرؤ
أُهين اللئيم وأَحْبو الكريـما
وأبني المعـاليَ بالمـكرما
تِ وأُرْضِى الخليلَ وأروى النَّديمَا
وَيَحْمَدُ بـذلي له مُعْتَـفٍ
إذَا ذَمَّ من يَعْتفيـه اللِّئيمـَا
وأجزي القرُوض وفاءً بِهَا
بِبُؤْسَى بئيسىَ ونُعـمى نَعيمَا
وقومي فإن أنت كَذَّبْتـني
بقوليَ فاسـألْ بقـومي عَليـمَا
جمع ربيعة في هذه الأبيات معظم الصفات التي يفخر بها الشعراء؛ من الكرم والبذل لمن يستحق العطاء، ومن الوفاء بالوعود، ومن الانتساب إلى قوم كرام يهينون أموالهم في سبيل المجد، ولم ينص الحماسة بل جعل لها نصيباً من فخره فقومه بنو الحرب يعرفونها جيداً ويلبسون السلاح الملائم لها.
الغزل:
هو التحدث عن النساء ووصف ما يجده الشاعر حيالهن من شوق وهيام، وقد طغى هذا الغرض على الشعراء فأصبحوا يصدرون قصائدهم بالغزل لما فيه من تنشيط للشاعر واندفاعه في قول الشعر، ولما فيه من تنشيط للمستمع لذلك الشعر، ومن أجمل مطالع القصائد الغزلية قول المثقب العبدي:
أفاطِمُ قبْلَ بَينِكِ مَتَّعـيني
ومَنْعُكِ مَا سَألتُ كأن تَبِيني
فَلَا تَعِدِي مَواعِدَ كاذباتٍ
تَمرُّ بِهَا رِيَاحُ الصَّيفِ دُونِي
فَإنِّي لَوْ تُخَالِفُني شِمَالِي
خِلاَفَكِ مَا وَصَلْتُ بِهَا يميْنِي
إذاً لَقَطَعْتُهَا ولَقُلْتُ بِيْني
كَذَلكَ أحتوي مَنْ يحتويني
وغرض الغزل يستدعي أسلوباً ليناً رقيقاً ولا نجد ذلك إِلا عند القليل من الشعراء الجاهليين أهمهم امرؤ القيس. أما معظم شعراء في الجاهلية فأسلوبهم يتصف بالقوة والمتانة ولا يختلف عن أسلوب المدح أو غيره من الأغراض.
نور الامل
2009-01-30, 16:41
تابع
الوصف:
الوصف من الأغراض التي برع فيها شعراء الجاهلية وهو يرد في معظم أشعارهم؛ فالشاعر الجاهلي يركب ناقته في أسفاره، فيصفها وصفاً دقيقاً، وهو يمر بالصحراء الواسعة فيصورها تصويراً بارعاً، يصف حرارتها قي القيظ وما فيها من السراب الخادع، ويصف برودتها في الشتاء، ويركب فرسه للنزهة أو للصيد فيصفه. وقد برع شعراء الجاهلية في وصف الفرس وإعداده للصيد، وقد صور الشعراء أيضاً المعارك التي تحدث بين كلاب الصيد وثيران الوحش وبقره وحمره وأتنه، ووصف الشعراء الليل، طوله ونجومه كما وصفوا الأمطار والبَرَدَ وشدة البرد وصفوا الرياض والطيور وقرنوا الغراب بالشؤم ولم يتركوا شيئاً تقع عليه أبصارهم إلا وقد أبدعوا في وصفه.وكان كل شعراء الجاهلية معروفين بالوصف . وهذه ابيات من قصيدة عنترة يصف ذباباً في روضة فيقول:
وخَلاَ الذُّبَابُ بِهَا فَلَيْسَ بِبَارِحٍ غَرِداً كَفِـعْلِ الشّـارِب المُتَرَنِّـم
هَزِجاً يَحُكُّ ذِرَاعَهُ بذرَاعِهِ قَدْحَ المُكِبِّ على الزّنادِ الأجْذَمِ
وغرض الوصف في العصر الجاهلي غرض ليس مقصوداً لذاته وإنما يأتي في عرض القصيدة ليتوصل الشاعر إلى غرضه الرئيس من المدح أو الهجاء أو الرثاء أو الفخر.
الاعتذار:
الاعتذار هو استعطاف المرغوب في عفو، حيث يبين الشاعر ندمه على ما بدر منه من تصرُّفٍ سابق. وتقديم العذر في عرض ملائم يقنع المُعْتَذَرَ إليه المرجو عفوه يدل على مهارة في القول وتفنن في الشعر. وزعيم الاعتذار في العصر الجاهلي هو النابغة الذبياني الذي قال أجود اعتذار قيل في ذلك العصر للنعمان بن المنذر ملك الحيرة،ومما خاطب به النعمان من ذلك الاعتذار قوله :
فَلاَ لَعَمْرُ الذي مَسّحْتُ كَعْبَتَهُ
وما هُرِيقَ على الأنْصَاب من جسد
والمُؤمنِ العَئِذَاتِ الطّيْر يَمْسَحُهَا
رُكْبَانُ مكةَ بين الغَيْـلِ والسّنَدِ
ما قُلْتُ من سَيء مِمّا اُتِيْتَ بِه
إذاً فَلاَ رَفَعَـتْ سَوْطِـي إلَيَّ يَـدِي
الاعتذار من الأغراض الرئيسة ؛ لأن غرض الشاعر من قول الاعتذار هو الحصول على عفو ، فالاعتذار هدف يسعى إليه الشاعر وغرض الاعتذار من الأغراض الصعبة التي لا يجيد القول فيها إلا من أوتي زمام الشعر كالنابغة الذبياني.
الحكمة:
والجودُ نَافِيَةٌ لِلْمـَالِ مُهْـلِكَةٌ والبُخْلُ بَاقٍ لأهْلِيْهِ ومَذْمُومُ
*وقد تأتي الحكمة في صورة نصيحة وإرشاد كما فعل المثقب العبدي في قصيدته التي أولها:
لا تَقُولَن إِذَا مـَا لَـمْ تُرِدْ
ان تُتِمً الوَعْدَ في شيى نعم
حَسَنٌ قَوْلُ نَعَمْ من بَعْدِ لا
وقبيح قول لا بعد نعم
والحكم في الجاهلية تعبر عن التمسك بالمثل العليا السائدة في المجتمع، فهي ترشد إلى الأخلاق الفاضلة التي ترفع من قدر الإنسان عندما يتمسك بها، والحكمة ليس لها مكان معين في القصيدة؛ فقد تأتي مبثوثة في القصيدة، وقد تأتي في أول القصيدة أو في آخرها.
ج) النثر:
ما هو النثر في العصر الجاهلي؟
النثر هو كلام اختيرت ألفاظه وانتقيت تراكيبه وأحسنت صياغة عباراته بحيث يؤثر في المستمع عن طريق جودة صنعته. فهو يختلف عن الكلام العادي الذي يتكلم به الناس في شؤونهم العادية. وأنواع النثر الجاهلي هي: الخطابات والأمثال والقصص وسجع الكهان. وسجع الكهان يتصف بقصر جمله وكثرة غريبه والتوازن في عباراته، ويحرص الكاهن على إخفاء كلامه بإتباع هذا الأسلوب. بالشرح المفصل
أنواع النثر:
الخطاب :
الخطابة كلام جيد المعاني متين الأسلوب مؤثر في من يستمع إليه، يخاطب به جمهور من الناس، بهدف استمالته إلى رأي معين، أو إقناعه بفكرة، أو إرشاده إلى طريق يسير فيه، أو منعه من الانحراف في ضلالة. والخطبة شائعة بين الناس في العصر الجاهلي؛ لأنهم يحتاجون إليها في حياتهم العامة وأكثر ما تقال في أماكن اجتماعاتهم مثل الأسواق أو اجتماعهم في الحرب. لا يتصدى للخطاب إلا من ملك زمام الفصاحة وكان ثابت الجنان، حاضر البديهة، ويمدح بجهارة الصوت.
الأمثال والحكم :
أبدع العرب في ضرب الأمثال والحكم في مختلف المواقف والأحداث فلا يخلو موقف من حياتنا إلا ونجد مثلا ضرب عليه، وحكمة اخذت من تجربة ما.فالأمثال والحكم أصدق شئ يتحدث عن أخلاق الأمة وتفكيرها و تقاليدها , وتصور المجتمع وحياته وشعوره أتم تصوير فهي مرآة للحياة الاجتماعية والعقلية والسياسية والدينية واللغوية , وهي أقوي دلالة من الشعر في ذلك لأنها لغة طائفة ممتازة. ولقيت شيوعا لخفتها وعمق ما فيها من حكمة وإصابتها للغرض المنشود, وصدق تمثيلها للحياة العامة ولأخلاق الشعوب , حيث قال النظام : يجتمع في المثل والحكمة أربعة لا تجتمع في غيرهما من الكلام إيجاز اللفظ وإصابة المعنى وحسن التشبيه وجودة الكتابة فهي نهاية البلاغة .
بعض الأمثلة المشهورة في الجاهلية:
اترك الشريتركك.
رب ملوم لا ذنبله.
أدب المرء خير منذهبه.
خير الغنى القناعة و خير المالما نفع.
رب أخ لم تلده أمك(يضرب مثلالإعانة الرجل صاحبه كأنه أخوه من أبيه وأمه)
و هناك أمثال تنسب لأشخاصمثل:
أسخى من حاتم،أشجع من ربيعة ابنمكدم،أدهى من قيس بن زهير،أعز من كليب واثل
د)المعلقات:
المعلقات قصائد محكمة النسج جيدة المعنى اختيرت من بين القصائد الجاهلية؛ لتكون مثالاً يحتذى ونهجاً يتبع. وقد عرف الناس قدر المعلقات وقيمتها فقدموها على غيرها وجعلوا شعراءها أئمة للشعراء في العصر الجاهلي وما تلاه من عصور، وما زال المتذوقون للشعر يعترفون بتقدم شعراء المعلقات. ويعتري الغموض الطريقة التي اتبعت في اختيار المعلقات من بين أشعار العرب.وسميت بالمعلقات:
*تشبيهاً لها بعقود الدرّ التي تُعلّق على نحور النساء الحسناوات .
*وقيل لأنها كُتِبَت بماء الذّهب وعُلِّقَتْ على أستار الكعبة .
*وقيل لأنها سريعة التعلّق في أذهان الناس فحفظوها ، وهذا الرأي هو الأصح .
اتمنى ان اكون قد افدتك
العلم سلاحي
2009-08-22, 12:01
مشكرين على جهودكم والله استفدت كثير الله يجزيكم الخير
شكرا جزززززززززززززززيييييييييييييييييلااااااااا على المساعدة جزاكم الله خيرااااااا و وفقكم الله
البحث هن العلم
2009-10-17, 10:17
شكراا ولكن ابحث عن عاداتهم وتقاليدهم وحياتهم العامة في ذلك العصر
شكرااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا ااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا
اسيرة القلب
2009-10-23, 13:36
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اسعدني تواجدي معكم في هذا البيت الذي يجمع شملنا
اشكركم جزيل الشكر لتعاونكم معنا
وجعل الله ذلك في ميزان حسناتكم
اختكم اسيرة
habib zaki
2009-10-24, 10:50
بارك الله فيكم أنا ممتن لهذه الخدمة كثيرا كثيرا جزاكم الله خيرا
الشكر الجزيل لمن رد علينا و لجلفة انفو
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سررت بالانظمام اليكم في هذا المنتدى الرائع
الشكر الجزيل على مجهوداتكم
جازاكم الله خيرا
amir-prince1992
2009-11-07, 11:58
شكرا جزيلاhttp://www13.0zz0.com/2009/11/07/10/502659584.jpg
romio zaro
2009-11-07, 14:04
مشككككككككور على المجهودات المبذولة
جزاااااااااااااااااااااكم الله كل الخير
بشارف محمد
2009-11-11, 17:48
[اضكضميهنومةاهعاع_لاعغلغفبغفبغفربغلرلغ
فؤاد الدين
2010-01-27, 22:29
شكرااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا اااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا جزيلا
KhaledMadridi
2010-02-16, 16:51
جزاكم الله خيرا على هذه المشاركات الطيبة
شكرا لكم على الافادة
صبايحي ايمان
2010-10-01, 10:24
شكرا جزيلا موضوع رائع و معلومات اروع
لقد افدتموني كثيرا
جازاكم الله الجنة:19:
صبايحي ايمان
2010-10-01, 10:36
مظاهر الحياة العقلية في العصر الجاهلي
للسنة الأولى ثانوي
إن طبيعة العقل العربي لا تنظر إلى الأشياء نظرة عامة شاملة، وليس في استطاعتها ذلك. فالعربي لم ينظر إلى العلم نظرة عامة شاملة كما فعل اليوناني، كان يطوف فيما حوله؛ فإذا رأى منظرا خاصا أعجبه تحرك له، و جاس بالبيت أو الأبيات من الشعر أو الحكمة أو المثل. "فأما نظرة شاملة وتحليل دقيق لأسسه وعوارضه فذلك ما لا يتفق والعقل العربي.
وفوق هذا هو إذا نظر إلى الشيء الواحد لا يستغرقه بفكره، بل يقف فيه على مواطن خاصة تستثير عجبه، فهو إذا وقف أمام شجرة، لا ينظر إليها ككل، إنما يستوقف نظره شيء خاص فيها، كاستواء ساقها أو جمال أغصانها،
و إذا كان أمام بستان، لا يحيطه بنظره، ولا يلتقطه ذهنه كما تلتقطه "الفوتوغرافيا"، إنما يكون كالنحلة، يطير من زهرة إلى زهرة، فيرتشف من كل رشفة". إلى أن قال: "هذه الخاصة في العقل العربي هي السر الذي يكشف ما ترى في أدب العرب - حتى في العصور الإسلامية - من نقص وما ترى فيه من جمال".
وقد خلص من بحثه، إلى أن هذا النوع من النظر الذي نجده عند العربي، هو طور طبيعي تمر به الأمم جميعاً في أثناء سيرها إلى الكمال،
نشاً من البيئات الطبيعية والاجتماعية التي عاش فيها العرب، وهو ليس إلا وراثة لنتائج هذه البيئات، "ولو كانت هنالك أية أمة أخرى في مثل بيئتهم، لكان لها مثل عقليتهم،
و أكبر دليل على ذلك ما يقرره الباحثون من الشبه القوي في الأخلاق والعقليات بين الأمم التي تعيش في بيئات متشابهة أو متقاربة، وإذ كان العرب سكان صحارى، كان لهم شبه كبير بسكان الصحارى في البقاع الأخرى من حيث العقل والخلق".
أما العوامل التي عملت في تكوين العقلية العربية وفي تكييفها بالشكل الذي ذكره، فهي عاملان قويان. هما: البيئة الطبيعية، وعنى بها ما يحيط بالشعب طبيعيا من جبال وانهار وصحراء وغير ذلك،
والبيئة الاجتماعية، وأراد بها ما يحيط بالأمة من نظم اجتماعية كنظام حكومة ودين وأسرة ونحو ذلك. وليس أحد العاملين وحده هو المؤثر في العقلية.
وحصر أحمد أمين مظاهر الحياة العقلية في الجاهلية في الأمور التالية: اللغة والشعر والأمثال والقصص. وتكلم على كل مظهر من هذه المظاهر وجاء بأمثلة استدل بها ما ذهب إليه.
والحدود التي وضعها أحمد أمين للعقلية العربية الجاهلية، هي حدود عامة، جعلها تنطبق على عقلية أهل الوبر وعقلية أهل المدر، لم يفرق فيها بين عقلية من عقلية الجماعتين.
وقد كونها ورسمها من دراساته لما ورد في المؤلفات الإسلامية من أمور لها صلة بالحياة العقلية ومن مطالعاته لما أورده "أوليري" "وبراون" وأمثالهما عن العقلية العربية،
ومن آرائه وملاحظاته لمشكلات العالم العربي ولوضع العرب في الزمن الحاضر. والحدود المذكورة هي صورة متقاربة مع الصورة التي يرسمها العلماء المشتغلون بالسامية عادة عن العقلية السامية،
وهي مثلها أيضا مستمدة من آراء وملاحظات وأوصاف عامة شاملة، ولم تستند إلى بحوث علمية ودراسات مختبرية، لذا فأنني لا أستطيع أن أقول أكر مما قلته بالنسبة إلى تحديد العقلية الساميّة، من وجوب التريث والاستمرار في البحث ومن ضرورة تجنب التعميم والاستعجال في إعطاء الأحكام.
وتقوم نظرية أحمد أمين في العقلية العربية على أساس إنها حاصل شيئين وخلاصة عاملين، أثرا مجتمعين في العرب وكوّنا فيهما هذه العقلية التي حددها ورسم معالمها في النعوت المذكورة.
والعاملان في رأيه هما: البيئة الطبيعية والبيئة الاجتماعية. وعنى بالبيئة الطبيعية ما يحيط بالشعب طبيعياً من جبال وأنهار وصحراء ونحو ذلك،
وبالبيئة الاجتماعية ما يحيط بالأمة من نظم اجتماعية كنظام حكومة ودين وأسرة ونحو ذلك. وهما معاً مجتمعين غير منفصلين، أثّرا في تلك العقلية. ولهذا رفض أن تكون تلك العقلية حاصل البيئة الطبيعية وحدها، أو حاصل البيئة الاجتماعية وحدها.
وخطاً من أنكر أثر البيئة الطبيعية في تكوين العقلية ومن هنا انتقد "هيكل" "Heagel"، لأنه أنكر ما للبيئة الطبيعية من أثر في تكوين العقلي اليوناني، وحجة "هيكل" أنه لو كان للبيئة الطبيعية أثر في تكوين العقليات،
لبان ذلك في عقلية الأتراك الذين احتلوا أرض اليونان وعاشوا في بلادهم، ولكنهم لم يكتسبوا مع ذلك عقلهم ولم تكن لهم قابليتهم ولا ثقافتهم.
وردّ "أحمد أمين" عليه هو أن "ذلك يكون صحيحاً لو كانت البيئة الطبيعية هي المؤثر الوحيد، إذن لكان مثل العقل اليوناني يوجد حيث يوجد إقليمه،
و ينعدم حيث ينعدم، أما والعقل اليوناني نتيجة عاملين، فوجود جزء العلة لا يستلزم وجود المعلول".
وأثر البيئة الطبيعية في العرب، أنها جعلت بلادهم بقعة صحراوية تصهرها الشمس، ويقل فيها الماء، ويجف الهواء، وهي أمور لم تسمح للنبات أن يكثر، ولا للمزروعات أن تنمو، آلا كَلأً مبعثراً هنا وهناك،
وأنواعاً من الأشجار والنبات مفرقة استطاعت أن تتحمل الصيف القائظ، والجوّ الجاف، فهزلت حيواناتهم، وتحلت أجسامهم، وهي كذلك أضعفت فيها حركة المرور، فلم يستطع السير فيها إلا الجمل،
فصعب على المدنيات المجاورة من فرس وروم أن تستعمر الجزيرة، وتفيض عليها من ثقافتها، اللهم إلا ما تسرب منها في مجار ضيقة معوجة عن طرق مختلفة".
وأثر آخر كان لهذه البيئة الطبيعية في العرب، هو أنها أثرت في النفوس فجعلتها تشعر أنها وحدها تجاه طبيعة قاسية، تقابلها وجهاً لوجه، لا حول لها ولا قوة، لا مزروعات واسعة ولا أشجار باسقة،
تطلع الشمس فلا ظل لها، ويطلع القمر والنجوم فلا حائل، تبعث الشمس أشعتها المحرقة القاسية فتصيب أعماق نخاعه، ويسطع القمر فيرسل أشعته الفضية الوادعة فتبر لبّه، وتتألق النجوم في السماء فتمتلك عليه نفسه، وتعطف الرياح العاتية فتدمر كل ما أتت عليه.
أمام هذه الطبيعة القوية، والطبيعة الجميلة، والطبيعة القاسية، تهرع النفوس الحساسة إلى رحمن رحيم، والى بارئ مصور والى حفيظ مغيث- إلى الله-. ولعل هذا هو السر في الديانات الثلاث التي يدين بها أكثر العالم، وهي اليهودية والنصرانية والإسلام نبعث من صحراء سيناء وفلسطين وصحراء العرب.
والبيئة الطبيعية أيضاً، هي التي أثرت-على رأيه-في طبع العربي فجعلته كثيباُ صارماً يغلب عليه الوجد، موسيقاه ذات نغمة واحدة متكررة عابسة حزينة، ولغته غنية بالألفاظ، إذا كانت تلك الألفاظ من ضروريات الحياة في المعيشة البدوية، وشعره ذو حدود معينة مرسومة، وقوانينه تقاليد القبيلة وعرف الناس، وهي التي جعلته كريماً على فقره، يبذل نفسه في سبيل الدفاع عن حمى قبيلته.
كل هذه وأمثالها من صفات ذكرها وشرحها هي في رأيه من خلق هذه البيئة الطبيعية التي جعلت لجزيرة العرب وضعاً خاصاً ومن أهلها جماعة امتازت عن بقية الناس بالمميزات المذكورة.
وقد استمر "أحمد أمين"، في شرح أثر البيئة الطبيعية في عقلية العرب وفي مظاهر تلك العقلية التي حصرها كما ذكرت في اللغة والشعر والأمثال والقصص، حتى انتهى من الفصول التي خصصها في تلك العقلية،
أما أثر البيئة الاجتماعية التي هي في نظره شريكة للبيئة الطبيعية في عملها وفعلها في العقلية الجاهلية وفي كل عقلية من العقليات، فلم يتحدث عنه ولم يشر إلى فعله،
ولم يتكلم على أنواع تلك البيئة ومقوماتها التي ذكرها في أثناء تعريفه لها، وهي: "ما يحيط بالأمة من نظم اجتماعية كنظام حكومة ودين وأسرة ونحو ذلك"، ثم خلص من بحثه عن العقلية العربية وعن مظاهرها وكأنه نسي ما نسبه إلى العامل الثاني من فعل،
بل الذي رأيته وفهمته من خلال ما كتبه انه أرجع ما يجب إرجاعه إلى عامل البيئة الاجتماعية - على حد قوله - إلى فعل عامل البيئة الطبيعية وأثرها في عقلية العرب الجاهليين. وهكذا صارت البيئة الطبيعية هي العامل الأول الفعال في تكوين تلك العقلية، وحرمنا بذلك من الوقوف على أمثلته لتأثر عامل البيئة الاجتماعية في تكوين عقلية الجاهليين.
وأعتقد إن "أحمد أمين" لو كان قد وقف على ما كتب في الألمانية أو الفرنسية أو الإنكليزية عن تأريخ اليمن القديم المستمد من المسند، ولو كان قد وقف على ترجمات كتابات المسند أو الكتابات الثمودية والصفوية واللحيانية، لما كان قد أهمل الإشارة إلى أصحاب تلك الكتابات، ولعدٌل حتماً في حدود تعريفه للعقلية العربية،
ولأفرز صفحة أو أكثر إلى أثر طبيعة أرض اليمن وحضرموت في عقلية أهل اليمن وفي تكوين حضارتهم وثقافتهم، فإن فيما ذكره في فصوله عن العقلية العربية الجاهلية ما بحب رفعه وحذفه بالنسبة إلى أهل اليمن وأعالي الحجاز.
المظهر الاجتماعي
الشعر الجاهلى
هو الشعر الذى قيل قبل الإسلام بنحو من مائة وخمسين إلى مئتى عام في رأى بعض المحققين الذين أشاروا إلى أن الشعر الناضج يعود إليها وقد اشتمل على شعر عدد كبير من الشعراء على رأسهم شعراء المعلقات مثل عنترة وزهير ولبيد وامرىء القيس كما ضم دواوين عدد من الشعراء والشاعرات الذى وصلنا شعر بعضهم كاملا تقريبا ووصلتنا شذرات من شعر بعضهم ويتميز هذا الشعر بجزالة لفظه ومتانة تراكيبه واحتوائه على معلومات غنية عن البيئة الجاهلية بما فيها من حيوان وطير وجماد كما أنه عبر عن أحداث حياة العرب وتقاليدهم ومعاركهم المشهورة وأماكن معيشة قبائلهم وأسماء آبار مياههم وأسماء فرسانهم المشهورين ومحبوباتهم حتى قال عمر بن الخطاب رضى الله عنه ( كان الشعر علم قوم لم يكن لديهم علم أصح منه ) واعتبر هذا الشعر سجلا لحياة الأمة العربية قبل ظهور الإسلام كما اعتمد عليه علماء اللغة في وضع قواعد النحو والاستشهاد على صحتها واعتمد عليه مفسرو القرآن في بيان معانى الكلمات ومدى ورودها في لغة العرب
اصل العرب ومساكنهم
كتب كثير من علماء الأنساب والتاريخ في اصل العرب وقد كثرت الأقوال وتضاربت الآراء خصوصا بين القديم والحديث فالاعتماد عند المتقدمين على الكتب المدونة وعند بعض العصريين على الآثار القديمة التي نقب عنها في جوف الأرض وحيث أن أمر التنقيب عقيم في جزيرة العرب وبالأخص لم يجر حتى اليوم في الربع الخالي مع صحراء الأحقاف فاصبح الاعتماد فيما يتعلق بشؤون العرب حتما على الكتب المدونة لأنه لم يكن أمامنا ما ينفي صحتها غيران كتب التاريخ والأنساب المتعلقة بي اصل العرب وتقسيمهم تحتوي على أقوال كثيرة فقد لخصت منها ما يأتي بعد جهد كبير وفحص دقيق
يرجع اصل العرب إلى سام بن نوح عليه السلام وكان مسكنهم قبل أن يسكنوا الجزيرة جهات العراق ثم نزح فريق منهم إلى الجزيرة التي يكون موقعها بالنسبة للعراق غرب جنوبي فسمى بنو سام النازحين منهم إليها (عربا) أي الغربيين لان حرف الغين المعجمة كان مفقودا من اللغة السامية فكانوا ينطقون بالعين المهملة عوضاً عن الغين المعجمة ويضعونها موضعها ومن ذلك الحين أطلق على من نزح من بني سام إلى الجزيرة العربية اسم العرب ، ثم سميت الجزيرة باسمهم .
والذي نزح هم ( عاد ) ومسكنهم الأحقاف المسماة الآن بصحراء الأحقاف الواقعة في القسم الجنوبي من الجزيرة . ( وثمود ) ومسكنهم الحجر ووادي القرى بين الحجاز والشام المسمى الآن بمدائن صالح الواقع في القسم الشمالي من الجزيرة . و ( طسم ) و ( جديس ) ، ومسكنهما اليمامة الواقعة في قلب الجزيرة ، والبحرين المسماة الآن بالأحساء ، الواقعة في القسم الشرقي من الجزيرة على الخليج العربي .
و ( عمليق ) ومسكنهم عمان ، الواقع في القسم الشرقي بجنوب من الجزيرة .
قال الجرجاني : إن بني عمليق ملكوا مصر ، ومنهم فرعون إبراهيم ، وفرعون يوسف ، وفرعون موسى . و ( أميم ) ومسكنهم رمل عالج بين اليمامة والشحر ، والمسمى الآن بالربع الخالي . و( عبيل ) ، ومسكنهم الجحفة بقرب المدينة . و ( عبد ضخيم ) ، ومسكنهم الطائف . و ( حضروا ) ومسكنهم الرس ، وأما الكلدانيون ، قال ابن خلدون في تاريخه : إنهم من الطبقة التي قبل نوح عليه السلام ، فهم من بني آدم ، ولم يكونوا من بني سام بن نوح .
ويحد الجزيرة العربية شرقاً بحر الهند والخليج العربي المسمى بالخليج الفارسي ـ لأن العرب استعمرته وبنت فيه ملاحتها قبل الفرس ـ وبعض العراق إلى الكوفة . وغرباً البحر الأحمر ، على أيلة وهي العقبة ، ثم إلى البلقاء المسماة ( الأردن ) ، وبعض بادية الشام وفلسطين وشمالاً من الكوفة والفرات بالعراق ، إلى عانة وبالس ، من الجزيرة الفراتية ، إلى سلمية وإلى مشارف غوطة دمشق إلى مشارف حوران ، إلي البلقاء من برية الشام وبعض فلسطين . وجنوبا بحر الهند .
وتنقسم الجزيرة إلى خمسة أقسام كبيرة :
الأول : القسم الشرق ، وهو يشتمل على عمان وقطر والأحساء والكويت وما حاذى ذلك من مدن وقرى ، من الجهة الشمالية إلى الكوفة .
الثاني : القسم الغربي ، وهو يشتمل على اليمن وتهامة وعسير والحجاز إلى أيلة وما حاذاها من جهة الشمال إلى البلقاء .
الثالث : القسم الشمالي ، وهو يشتمل على كل ما وقع ما بين الكوفة وحوران والبلقاء إلى أيلة من قرى وبادية
الرابع : القسم الجنوبي ، وهو يشتمل على حضرموت .
الخامس : قلب الجزيرة ، وهو يشتمل على عموم نجد ، بما فيه اليمامة والقصيم وشمر وجبلي سلمى وأجا ، وما جاور ذلك مع الربع الخالي بصحراء الأحقاف ونجران .
المظهر الديني:
ينشأ سؤال، ما هذه المعالِم؟ أو حينما ننظر إلى العرب قبل الإسلام، كيف كانوا يُمارسون شعائرهم وعقائدهم، إلى أن الإسلام جاء وحوَّلهُم من عُبَّاد أصنام وأوثان إلى مُوحّدين يَعْبُدون الله وحده لا شريك له وإلى مسلمين؟
وهذه مِنَّة كُبرى ونعْمَة كُبرى. نجد أن العرب قبل الإسلام مثل غيرهم من الأمم أيضاً، ولا يُظَن أن العرب في العَصْر الجاهلي تفرّدوا بمثل هذه العبادات، ولكن أمّة اليونان، وأمّة الرومان، والمصريون القدماء، والبابليون، والفِينِقيون، والآشوريون، كَثير من الأمم كانوا يتوجهون إلى عبادات مادية وإلى عبادة الكائنات الطَّبيعية.
أولا:فنجد أنّ العرب كانوا يتوجّهون أو بعْض العرب إلى عبادة النباتات والجمادات والطير والحيوان، لأن هذا كان يدور حَولهم فيجدون في شيء منها مصدر القوة فيَعْبدونه.
ثانيا:كانوا يتوجّهون إلى عبادة النجوم والكَواكب، وجاءتهم هذه المظاهِر من الصابِئة وبقايا الكِلدانيِّين.
ثالثا:كانوا يتوجّهون أيضاً، كانوا يتأثّرون بما يُسمَّى التثليث في العِبادة، مظهر التثليث في العبادة؛ بحيث كانوا يجْمَعون بين ثلاث ظواهر من الظواهر الطبيعية، وهي: القَمر، والشَّمس، والزُّهْرة، أو القَمر يقابِل ودّ عندهم، وكان صنماً، والشمس تقابل اللات، والزُّهْرة تُقابل العُزَّى. فالقمر والشمس والزُّهْرة، أو ودّ واللات والعُزَّى، وهذا التثليث كان شائِعاً عند عَرب الجُنوب، كما يروي ابن الكلبي في كتابه "الأصنام". كانوا يَرجِعون بآلهتهم إلى الثالوث المقدس، هو: القمر أو ود، والشمس أو اللات، والزُّهْرة أو العُزَّى.
وأيضاً نراهم يقدسون النار، ويظهر ذلك أو أثر ذلك أو أثر تقْدِيسهم النار، يظهر في إيقادهم للنار عند أحلافِهم، واستمطارهم السماء، وتقديم القرابين إليها. ويقال: إن المَجوسية كانت متفشّية في تَميم، وعُمان، والبحرين، وبعض القبائل العربية. نجد أيضاً إلى جِوار عبادة النباتات والجمادات والطَّير والحَيوان، عِبادة النجوم والكواكب، مظهر التثليث في العبادة، عبادة النار.
وعبادة الأصنام، وهي العبادة الشائعة عند العرب، الأصنام والأوثان، وفَرْقٌ بين الصَّنَم والوََثَن: "الصَّنَم": هو التمثال الذي يصنع على هيئة بَشَر أو نَبَات أو حَيوان أو ما إلى ذلك، هذا هو الصَّنَم.
أمّا "الوَّثَن": فهو حَجَر يأخذه العَربيّ أو البَدوي طبعاً في العَصْر الجاهلي ويتخذ منه رَمْزاً للعِبادة. وكانت عِبادة الأصنام منتشرة بين العرب انتشاراً واسعاً، قد صوَّروها أو نَحتوها رَمزاً لآلهتِهم. وقد يَرون في بعض الأحجار والأشجار والآبار ما يَرمز إليهم. فالعُزَّى كانت لغَطفان، وهي شجرة وقد قَطعها خالد بن الوليد، وكان مِن مأثوراته أنه قال:
منْ هُم المشركون؟ هم الذين كانوا يعبدون الأصنام ويقولون: ما نعبدهم إلاّ ليقرِّبونا إلى الله زلفى، أي: كان منهم فريق يعرف الله ولكن كان يشرك مع الله آلهة أخرى، ولذلك قال الحق -سبحانه وتعالى-: {أَفَرَأَيْتُمُ اللاَّتَ وَالْعُزَّى * وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الأخرى، ثم يقول سبحانه.. وَلا تَذَرُنَّ وَدّاًوَلا سُوَاعاً وَلاَ يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً
إذاً، ينْشأ سُؤال: ما أشهر الأصنام التي كان يعبدها العرب؟ وهذا الذي نقوله يظهر في شِعْر الجاهليين أيضاً، ومن لا يدرس حياة العرب الدينية أو الاجتماعية أو الثقافية، دراسة موسعة ومستقْصية، لن يعرف كيف يفكّ رموز الكلمات، أو رموز بعض الإشارات في أبيات الشِعْر الجاهلي. من الأصنام التي كان يعْبدها العرب: "اللات" وكان معْبَدها في الطائف، وكانت عبادة "اللات" شائعة بين العَرب الجَنوبيِّين، وفي الحجاز، ويقال: "إنه كان صَخرة مربّعة بيضاء، بَنَت عليه ثَقيف بيتاً. وكانت قريش وجَميع العرب يعظِّمونه"؛ ولذلك سَمّوْا بـ"وهب اللات" و"عبد شمس" مثلاً.
"مناة" و"العُزَّى". وكانت "مناة" صخرة منصوبة على ساحل البحر بين المدينة ومكة، ولها مكانة. وأيضاً نَجِد "وَد" وكان من الآلهة الجنوبية ويؤلّه مع "اللات" و"العُزَّى". وربما تأثروا في هذه العِبادة بما يشاع عند المَسيحيِّين والنَّصرانيِّين. وكان هذا "وَد" صنمه بدَومة الجَنْدل. أيضاً هناك "سُواع" وهذا كان صنم هُذَيل وكِنانة. وأيضاً "يَغُوث" و"يعوق" و"نسر". وكان هناك أيضاً بعض القبائل وضعت أشكالاً وتماثيل، أشكالاً لهذه الأصنام؛ فكان "ود" على صورة "رجل"، و"سُواع على صورة "امرأة"، و"يَغُوث" على صورة "أسد"، و"يعوق" على صورة "فرس"، و"نسر" على صورة "النسر" من الطير. ومن أصنامهم أيضاً "هُبَل"، وهُبَل كان من عَقيق أحمر على صورة إنسان مكْسور اليد اليُمنى، وقريش جعلتها له من ذهب. ولكن هذه الأصنام كلها بمجيء الإسلام كُسِّرت وأزيحت ولم يَعُد منها قليل. ويقال: كان حول الكعبة في فتح مكة ثلاثمائة وستون صنماً، والمصطفى -صلى الله عليه وسلم- أزاحها وأزالها حين نشر رسالة التوحيد في مكة المكرمة، وفي الجزيرة العربية، بل وفي العالم كلّه. ومن أصنام قريش أيضاً المشهورة: "إساف" و"نائلة"، ولهما قصة تشبه الأسطورة، يقال: إنهما كانا شخصيْن أتيا أعمالاً مُسيئة فمُسِخا حَجَرين، وبعد ذلك عبدهما الناس، ومنها "رضا" و"تيم" و"شمس"، إلى آخر هذا كله. فنجد هذه الأصنام كلها انتشرت عند الجاهليين وكان لها أثر في شِعْرهم وفي نَثْرهم.
المظهر الثقافي:
لا شكّ أن معالِم الحياة الدينية تُعَد معْلَماً ثقافِياً أيضاً، لأنّ العبادات والآلهة والعقائد، رغم أنها مَزعومة وأنها باطلة، ولكنها تدلُّ على بحث أيضاً، وتدلُّ على نَظَر وتأثُر بالأمم الأخرى، وما إلى ذلك.
والحياة الثقافية عند العرب نجد لها أكثر من مِحور:
المحور الاول :هو ما علاقة عرب الشمال بعرب الجنوب، أو حضارة القحطانيِّين وحضارة سبإ، وما تلبَّس بها من معارف ومن حضارة ومن ازدهار بحضارة أهل الشمال. نجِد أن العرب الشماليِّين كانوا على صِلة بالحضارات المجاورة، كما يقول الدكتور شوقي ضيف، وكان تجار مَكة يدخلون في مصر والشام وبلاد فارس. وكان الحيريون يتصلون مباشرة بالفُرس، وبلاد فارس، والفُرس والروم كانت لهم ثقافاتهم ولهم عاداتهم ولهم تقاليدهم، وإن كان التأثير لم يكن عميقاً كما حدث في العصر العباسي مثلاً، وكان الغساسنة يتصلون بالروم وقد تنصروا وشاعت النصرانية في قبائل الشام، والعراق، ونزل بينهم كثير مِن اليهود في الحجاز واليمن.
إذاً هذا المَظهر التأثري، هو التأثر بالناحية العَقدية، فشاعت النصرانية، وشاعت اليهودية، في كَثير من المناطق العربية.
وكل ذلك معناه اتصال العرب الشماليين بالأمم المُجاورة وحضاراتها، ولكن كما قلت: أن ذلك كان في حُدود ضَيقة، وكان في حدود تأثر بالمَظهر التجاري، أو التبادل التجاري، أو المَعارف الضَّيقة، فالعرب كانوا يعْتَزّون بسِماتهم، ويعْتَزون بخصائصهم، ويعْتَزون بتقاليدهم، ويعْتَزون بأعرافهم. والعرب الجنوب يبدو أنهم بعد أن دَالت حضارتهم "حضارة سبإ" هاجروا وانتشروا في بلاد كثيرة، ولم يكن عندهم ثقافة ذات معالم بيِّنة، وحتى من وجْهة التنظيم السياسي كان يعمّهم النظام الإقطاعي، ولذلك حينما ضعُفت دولتهم الأخيرة دولة سبأ، تحولوا سريعاً إلى قبائل، وحدثت هِجْرات كثيرة من الجنوب إلى الشمال، وإلى المناطق العربية.
وهناك كتاب في هذا الشأن يمكن أن يُرجع إليه وهو كتاب: "الثقافة العربية أسبق من ثقافة العبريِّين واليونان" للأستاذ محمود عباس العقاد، وهو يرى أن المنطقة العربية القديمة تشمل الجزيرة العربية، وتشمل الشام، وتشمل العراق، وتشمل حتى مصر، والمغرب العربي، مع أن المنطقة العربية الآن هي المنطقة العربية القديمة، وهذه النظرة التوسعية الشمولية، تجعلنا نعيد كثيراً من الحِسابات والأحكام، لأن كثيراً من الباحثين حينما يتكلّم عن الثقافة العربية القديمة، يحصر كلامه في شِبه الجزيرة العربية فقط، وهذه تكون أحكاماً مسوّرة أو محدودة بقيود كثيرة.
ولكن هنا شُبْهة أثيرت، وهي: شُبْهة تَفوُّق الجِنْس الآري على الجنس السامي، سواء كانوا عرباً أو غير عرب، وهذه الشبهة أثارها المستشرقون الأوربيون وغيرهم، حتى يثبتوا أن الرومان، وأن الجنس الآري، وأن الأوربيِّين بصفة عامة، هُم جِنس مُتَفوّق تفكيراً، وسلوكاً، وحضارةً، وميراثاً، وما إلى ذلك. وهذه الشبهة مَرفوضة، لأنه ليس هناك جِنس مميز من أول التاريخ إلى آخره، وإنما التأثر والتأثير و الصلات بين الحضارات.
نسأل سؤالاً: ما أهم معارف العرب وعُلومهم في العصر الجاهلي؟ العرب لم يكن عندهم عِلْم مُنَظَّم ولكن عندهم معَارف كثيرة.
أولا:عِلْم الأنساب والأيام.
ثانيا:معْرفة العرب بالنجوم ومطالعها وأنوائها، ولذلك نرى رأياً للجاحظ في هذا الكلام وآراء كثيرة. يقول الجاحظ في كتابه "البيان والتبيين": وإنَّ العرب عرفوا الأنواء ونُجوم الاهتداء، لأن من كان بالصحاح الأماليس، -أي: الأرض المستوية التي ليس بها ماء ولا شجر- مضطرّ إلى التماس ما يُنْجيه ويُؤدّيه -أي: يُعْينه- ولحاجته إلى الغَيث وفِراره مِن الجَدب، وضَنه بالحياة، اضطرته الحاجة إلى تَعرُّف شَأن الغَيث، مِن أين يأتي؟ ما هي أحواله؟ ما هي مَواعِيده؟ ولأنه في كل حال يرى السماء وما يجري فيها من كوكب، ويرى التعاقب بينها، والنجوم الثوابت فيها، وما يسير منها مجْتمعاً، وما يسير منها فارِداً، وما يكون منها راجِعاً ومستقيماً؛ كل هذا تأمله في أحوال السموات والكواكب، نشأ من أن الماء يأتيه، كما قال تعالى: {وَفِيالسَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ}. فالحاجة دفَعته إلى تأمّل هذه الأشياء، وتُلَخِّص أعرابية هذه المعرفة حين قِيل لها أتعرفين النجوم؟ قالت سبحان الله! أما أعرف أشباحاً وقوفاً عليَّ كلَّ ليلة. وأيضاً هناك أعرابي وصف لبعض أهل الحَاضِرة نجوم الأنواء، ونجوم الاهتداء، ونجوم ساعات الليل، والسُّعُود والنُّحُوس.
وقال قائل لشيخ عبادي: -كان حاضراً- أما ترى هذا الأعرابي يعْرف مِن النجوم ما لا نعْرِف، قال: مَنْ لا يعْرف أجزاع بيته؟ يعني: مَن الذي لا يعرف ما في سقْف بيته، نجد وسيقان النخل تُجْعل سقفاً للخيمة.
إذاً، هناك أيضاً شهادة أخرى يقولها صاعد بن أحمد، المتوفَّى (435هـ): كان للعرب معْرفة بأوقات النجوم ومطالعها ومغايبها. وأيضاً العرب عندهم معارف طبية، والعِيافَة، والتَّنَبؤ، والفِراسَة، والقِيافَة، والحِكَم والأمثال، كل ذلك يدلُّ على رجاحة العقل وعلى النظر الدقيق.
أيضاً، نرى أن معارف العرب كما قلت: هناك معارف طبية ولكنها مبْنية على الملاحظة والخِبرة ومزجت ببعض الخرافات، وأيضاً العِيافَة والتَّنبؤ بملاحظة حَركة الطيور، والفِراسة والقِيافَة. ولكن يهمنا أن نعرف كيف ظهر أثر هذا في أشعارهم؟ نجد أن كتب الأمثال والأدب، تمتلئ بما دار على لسان لقْمان وغيره مِن حكماء الجاهلية من حِكَم، مثل قول أكثم: "مقْتل الرجل بين فكَّيْه"، وقول عامر بن ضرب: "ربّ زارع لنفسه حاصد سواه". وفي الشعر الجاهلي كَثير من هذه الحِكم. وهي تذكر في ثنايا كلامهم، وتدلُّ على ثقافة ومعرفة، ولكنها ثقافة ومعرفة نابعة من التجربة. يقول طرفة في معلّقته:
أرى العيش كنزاً ناقصاً كلّ ليلةٍ
وما تنقص الأيام والدهر ينْفَد
وأيضاً زهير في معلّقته كَثير من الحِكم، وكان شاعراً حكيماً -كما قلنا قبل ذلك-، يقول:
وأعلم ما في اليوم والأمسِقبْله
ولكنني عن عِلْم ما في غدٍعمِ
ومن لا يُصانِعْ في أموركثيرة
يضرَّس بأنياب ويوطَأبمَنْسِمِ
ومَن لا يَذُدْ عن حَوضه بسلاحه
يُهدَّمومن لا يَظلِم الناس يُظْلم
ومن هاب أسباب المناياينلْنَه
ولو رام أسباب السماءبسلَّمِ
ومهما تكن عند امرئ منخَليقةٍ
وإن خَالها تَخْفى على الناستُعْلمِ
هذه الحِكم تدلُّنا أيضاً على معرفة وثقافة وإن كانت ثقافة نَظرية.
تعريف للمعلقات
كان فيما اُثر من أشعار العرب ، ونقل إلينا من تراثهم الأدبي الحافل بضع قصائد من مطوّلات الشعر العربي ، وكانت من أدقّه معنى ، وأبعده خيالاً ، وأبرعه وزناً ، وأصدقه تصويراً للحياة ، التي كان يعيشها العرب في عصرهم قبل الإسلام ، ولهذا كلّه ولغيره عدّها النقّاد والرواة قديماً قمّة الشعر العربي وقد سمّيت بالمطوّلات ، وأمّا تسميتها المشهورة فهي المعلّقات . نتناول نبذةً عنها وعن أصحابها وبعض الأوجه الفنّية فيها :
فالمعلّقات لغةً من العِلْق : وهو المال الذي يكرم عليك ، تضنّ به ، تقول : هذا عِلْقُ مضنَّة . وما عليه علقةٌ إذا لم يكن عليه ثياب فيها خير ، والعِلْقُ هو النفيس من كلّ شيء ، وفي حديث حذيفة : «فما بال هؤلاء الّذين يسرقون أعلاقنا» أي نفائس أموالنا . والعَلَق هو كلّ ما عُلِّق .
وأمّا المعنى الاصطلاحي فالمعلّقات : قصائد جاهليّة بلغ عددها السبع أو العشر ـ على قول ـ برزت فيها خصائص الشعر الجاهلي بوضوح ، حتّى عدّت أفضل ما بلغنا عن الجاهليّين من آثار أدبية4 .
والناظر إلى المعنيين اللغوي والاصطلاحي يجد العلاقة واضحة بينهما ، فهي قصائد نفيسة ذات قيمة كبيرة ، بلغت الذّروة في اللغة ، وفي الخيال والفكر ، وفي الموسيقى وفي نضج التجربة ، وأصالة التعبير ، ولم يصل الشعر العربي إلى ما وصل إليه في عصر المعلّقات من غزل امرئ القيس ، وحماس المهلهل ، وفخر ابن كلثوم ، إلاّ بعد أن مرّ بأدوار ومراحل إعداد وتكوين طويلة .
وفي سبب تسميتها بالمعلّقات هناك أقوال منها :
لأنّهم استحسنوها وكتبوها بماء الذهب وعلّقوها على الكعبة ، وهذا ما ذهب إليه ابن عبد ربّه في العقد الفريد ، وابن رشيق وابن خلدون وغيرهم ، يقول صاحب العقد الفريد : « وقد بلغ من كلف العرب به )أي الشعر) وتفضيلها له أن عمدت إلى سبع قصائد تخيّرتها من الشعر القديم ، فكتبتها بماء الذهب في القباطي المدرجة ، وعلّقتها بين أستار الكعبة ، فمنه يقال : مذهّبة امرئ القيس ، ومذهّبة زهير ، والمذهّبات سبع ، وقد يقال : المعلّقات ، قال بعض المحدّثين قصيدة له ويشبّهها ببعض هذه القصائد التي ذكرت :
برزةٌ تذكَرُ في الحسـ ـنِ من الشعر المعلّقْ
كلّ حرف نـادر منـ ـها له وجـهٌ معشّ
أو لأنّ المراد منها المسمّطات والمقلّدات ، فإنّ من جاء بعدهم من الشعراء قلّدهم في طريقتهم ، وهو رأي الدكتور شوقي ضيف وبعض آخر . أو أن الملك إذا ما استحسنها أمر بتعليقها في خزانته .
هل علّقت على الكعبة؟
سؤال طالما دار حوله الجدل والبحث ، فبعض يثبت التعليق لهذه القصائد على ستار الكعبة ، ويدافع عنه ، بل ويسخّف أقوال معارضيه ، وبعض آخر ينكر الإثبات ، ويفنّد أدلّته ، فيما توقف آخرون فلم تقنعهم أدلّة الإثبات ولا أدلّة النفي ، ولم يعطوا رأياً في ذلك .
المثبتون للتعليق وأدلّتهم :
لقد وقف المثبتون موقفاً قويّاً ودافعوا بشكل أو بآخر عن موقفهم في صحّة التعليق ، فكتبُ التاريخ حفلت بنصوص عديدة تؤيّد صحّة التعليق ، ففي العقد الفريد ذهب ابن عبد ربّه ومثله ابن رشيق والسيوطيوياقوت الحموي وابن الكلبي وابن خلدون ، وغيرهم إلى أنّ المعلّقات سمّيت بذلك; لأنّها كتبت في القباطي بماء الذهب وعلّقت على أستار الكعبة ، وذكر ابن الكلبي : أنّ أوّل ما علّق هو شعر امرئ القيس على ركن من أركان الكعبة أيّام الموسم حتّى نظر إليه ثمّ اُحدر ، فعلّقت الشعراء ذلك بعده .
وأمّا الاُدباء المحدّثون فكان لهم دور في إثبات التعليق ، وعلى سبيل المثال نذكر منهم جرجي زيدان حيث يقول :
» وإنّما استأنف إنكار ذلكبعض المستشرقين من الإفرنج ، ووافقهم بعض كتّابنا رغبة في الجديد من كلّ شيء ، وأيّ غرابة في تعليقها وتعظيمها بعدما علمنا من تأثير الشعر في نفوس العرب؟! وأمّا الحجّة التي أراد النحّاس أن يضعّف بها القول فغير وجيهة ; لأنّه قال : إنّ حمّاداً لمّا رأى زهد الناس في الشعر جمع هذه السبع وحضّهم عليها وقال لهم : هذه هي المشهورات ، وبعد ذلك أيّد كلامه ومذهبه في صحّة التعليق بما ذكره ابن الأنباري إذ يقول : وهو ـ أي حمّاد ـ الذي جمع السبع الطوال ، هكذا ذكره أبو جعفر النحاس ، ولم يثبت ما ذكره الناس من أنّها كانت معلّقة على الكعبة . »
وقد استفاد جرجي زيدان من عبارة ابن الأنباري : « ما ذكره الناس » ، فهو أي ابن الأنباري يتعجّب من مخالفة النحاس لما ذكره الناس ، وهم الأكثرية من أنّها علقت في الكعبة .
النافون للتعليق :
ولعلّ أوّلهم والذي يعدُّ المؤسّس لهذا المذهب ـ كما ذكرنا ـ هو أبو جعفر النحّاس ، حيث ذكر أنّ حمّاداً الراوية هو الذي جمع السبع الطوال ، ولم يثبت من أنّها كانت معلّقة على الكعبة ، نقل ذلك عنه ابن الأنباري . فكانت هذه الفكرة أساساً لنفي التعليق :
كارل بروكلمان حيث ذكر أنّها من جمع حمّاد ، وقد سمّاها بالسموط والمعلّقات للدلالة على نفاسة ما اختاره ، ورفض القول : إنّها سمّيت بالمعلّقات لتعليقها على الكعبة ، لأن هذا التعليل إنّما نشأ من التفسير الظاهر للتسمية وليس سبباً لها ، وهو ما يذهب إليه نولدكه .
وعلى هذا سار الدكتور شوقي ضيف مضيفاً إليه أنّه لا يوجد لدينا دليل مادّي على أنّ الجاهليين اتّخذوا الكتابة وسيلة لحفظ أشعارهم ، فالعربية كانت لغة مسموعة لا مكتوبة . ألا ترى شاعرهم حيث يقول :
فلأهدينّ مع الرياح قصيدة منّي مغـلغلة إلى القعقاعِ
ترد المياه فـما تزال غريبةً في القوم بين تمثّل وسماعِ؟
ودليله الآخر على نفي التعليق هو أنّ القرآن الكريم ـ على قداسته ـ لم يجمع في مصحف واحد إلاّ بعد وفاة الرسول(صلى الله عليه وآله) (طبعاً هذا على مذهبه) ، وكذلك الحديث الشريف . لم يدوّن إلاّ بعد مرور فترة طويلة من الزمان (لأسباب لا تخفى على من سبر كتب التأريخ وأهمّها نهي الخليفة الثاني عن تدوينه) ومن باب أولى ألاّ تكتب القصائد السبع ولا تعلّق .
وممّن ردّ الفكرة ـ فكرة التعليق ـ الشيخ مصطفى صادق الرافعي ، وذهب إلى أنّها من الأخبار الموضوعة التي خفي أصلها حتّى وثق بها المتأخّرون .
ومنهم الدكتور جواد علي ، فقد رفض فكرة التعليق لاُمور منها :
1 ـ أنّه حينما أمر النبي بتحطيم الأصنام والأوثان التي في الكعبة وطمس الصور ، لم يذكر وجود معلقة أو جزء معلّقة أو بيت شعر فيها .
2 ـ عدم وجود خبر يشير إلى تعليقها على الكعبة حينما أعادوا بناءَها من جديد .
3 ـ لم يشر أحد من أهل الأخبار الّذين ذكروا الحريق الذي أصاب مكّة ، والّذي أدّى إلى إعادة بنائها لم يشيروا إلى احتراق المعلّقات في هذا الحريق .
4 ـ عدم وجود من ذكر المعلّقات من حملة الشعر من الصحابة والتابعين ولا غيرهم .
ولهذا كلّه لم يستبعد الدكتور جواد علي أن تكون المعلّقات من صنع حمّاد ، هذا عمدة ما ذكره المانعون للتعليق .
بعد استعراضنا لأدلة الفريقين ، اتّضح أنّ عمدة دليل النافين هو ما ذكره ابن النحاس حيث ادعى أن حماداً هو الذي جمع السبع الطوال .
وجواب ذلك أن جمع حماد لها ليس دليلا على عدم وجودها سابقاً ، وإلاّ انسحب الكلام على الدواوين التي جمعها أبو عمرو بن العلاء والمفضّل وغيرهما ، ولا أحد يقول في دواوينهم ما قيل في المعلقات . ثم إنّ حماداً لم يكن السبّاق إلى جمعها فقد عاش في العصر العباسي ، والتاريخ ينقل لنا عن عبد الملك أنَّه عُني بجمع هذه القصائد (المعلقات) وطرح شعراء أربعة منهم وأثبت مكانهم أربعة .
وأيضاً قول الفرزدق يدلنا على وجود صحف مكتوبة في الجاهلية :
أوصى عشية حين فارق رهطه عند الشهادة في الصحيفة دعفلُ
أنّ ابن ضبّة كـان خيرٌ والداً وأتمّ في حسب الكرام وأفضلُ
كما عدّد الفرزدق في هذه القصيدة أسماء شعراء الجاهلية ، ويفهم من بعض الأبيات أنّه كانت بين يديه مجموعات شعرية لشعراء جاهليين أو نسخ من دواوينهم بدليل قوله :
والجعفري وكان بشرٌ قبله لي من قصائده الكتاب المجملُ
وبعد أبيات يقول :
دفعوا إليَّ كتابهنّ وصيّةً فورثتهنّ كأنّهنّ الجندلُ
كما روي أن النابغة وغيره من الشعراء كانوا يكتبون قصائدهم ويرسلونها إلى بلاد المناذرة معتذرين عاتبين ، وقد دفن النعمان تلك الأشعار في قصره الأبيض ، حتّى كان من أمر المختار بن أبي عبيد و إخراجه لها بعد أن قيل له : إنّ تحت القصر كنزاً .
كما أن هناك شواهد أخرى تؤيّد أن التعليق على الكعبة وغيرها ـ كالخزائن والسقوف والجدران لأجل محدود أو غير محدود ـ كان أمراً مألوفاً عند العرب ، فالتاريخ ينقل لنا أنّ كتاباً كتبه أبو قيس بن عبد مناف بن زهرة في حلف خزاعة لعبد المطّلب ، وعلّق هذا الكتاب على الكعبة . كما أنّ ابن هشام يذكر أنّ قريشاً كتبت صحيفة عندما اجتمعت على بني هاشم وبني المطّلب وعلّقوها في جوف الكعبة توكيداً على أنفسهم .
ويؤيّد ذلك أيضاً ما رواه البغدادي في خزائنه من قول معاوية : قصيدة عمرو بن كلثوم وقصيدة الحارث بن حِلزه من مفاخر العرب كانتا معلّقتين بالكعبة دهراً .
هذا من جملة النقل ، كما أنّه ليس هناك مانع عقلي أو فنّي من أن العرب قد علّقوا أشعاراً هي أنفس ما لديهم ، وأسمى ما وصلت إليه لغتهم; وهي لغة الفصاحة والبلاغة والشعر والأدب ، ولم تصل العربية في زمان إلى مستوى كما وصلت إليه في عصرهم . ومن جهة أخرى كان للشاعر المقام السامي عند العرب الجاهليين فهو الناطق الرسمي باسم القبيلة وهو لسانها والمقدّم فيها ، وبهم وبشعرهم تفتخر القبائل ، ووجود شاعر مفلّق في قبيلة يعدُّ مدعاة لعزّها وتميّزها بين القبائل ، ولا تعجب من حمّاد حينما يضمّ قصيدة الحارث بن حلزّة إلى مجموعته ، إذ إنّ حمّاداً كان مولى لقبيلة بكر بن وائل ، وقصيدة الحارث تشيد بمجد بكر سادة حمّاد ، وذلك لأنّ حمّاداً يعرف قيمة القصيدة وما يلازمها لرفعة من قيلت فيه بين القبائل .
فإذا كان للشعر تلك القيمة العالية ، وإذا كان للشاعر تلك المنزلة السامية في نفوس العرب ، فما المانع من أن تعلّق قصائد هي عصارة ما قيل في تلك الفترة الذهبية للشعر؟
ثمّ إنّه ذكرنا فيما تقدّم أنّ عدداً لا يستهان به من المؤرّخين والمحقّقين قد اتفقوا على التعليق .
فقبول فكرة التعليق قد يكون مقبولا ، وأنّ المعلّقات لنفاستها قد علّقت على الكعبة بعدما قرئت على لجنة التحكيم السنوية ، التي تتّخذ من عكاظ محلاً لها ، فهناك يأتي الشعراء بما جادت به قريحتهم خلال سنة ، ويقرأونها أمام الملإ ولجنة التحكيم التي عدُّوا منها النابغة الذبياني ليعطوا رأيهم في القصيدة ، فإذا لاقت قبولهم واستحسانهم طارت في الآفاق ، وتناقلتها الألسن ، وعلّقت على جدران الكعبة أقدس مكان عند العرب ، وإن لم يستجيدوها خمل ذكرها ، وخفي بريقها ، حتّى ينساها الناس وكأنّها لم تكن شيئاً مذكوراً .
المثل والحكم
للمثل أو الحكمة مكانة في الأدب العربي سواء ما نتج عن قصة فأصبح مثل متداول أو ما نتج عن تجارب و عصارة خبرات عقلية أو حياتية فخرجت حكمة يتداولها الناس .
بهذا الخروج إلى محيط الناس و كثرة التناقل أصبح المدلول للمثل أو الحكمة كأنة الفيصل في أي حدث من حيث حيثيات الوجهة التي يراد الاستدلال بها ، ليكون المثل أو الحكمة عبارة عن جواب قاطع يجزي عن كلام كثير ، لتكرار الشيء المراد الاستدلال به ، فلا حاجة لكثرة الكلام ، يكفي أن تقول حكمة أو مثل لتكون قد قطعت شوط كبير لما تريد أن توضيحه ، هذا هو احد الأساسات التي أخرجت المثل أو الحكمة .
لا أريد صرف الموضوع بإتجاة الدين فما خرج من الكتاب و السنة من حكمة أو مثل لا جدال فيه ، و إنما ما أخرجه البشر على مر العصور و كأن تلك الأمثال و الحكم وثائق تاريخية محملة بعقول و تجارب و قصص الغير فمن حيث انتهى المثل أو الحكمة و جب علينا أن نبتدئ .
و أن نأخذ تلك الأمثال و الحكمة بشيء من الجدية الصارمه فهي توجه و تحكم و تنزل الحدث موقع الواقع في ظن الكثير و تقود السلوك إلى الخضوع و التصديق لما قيل
( فاقد الشيء لا يعطيه )
هنا حكم بالإعدام و لكن بطريقة ليست فيزيائية .
عندما نقول تلك المقولة عن شخص عدواني أو بخيل أو غبي أو متكبر أو فقير
يكون الحكم بأن العدواني فاقد للتسامح و البخيل فاقد للكرم و الغبي فاقد للذكاء و المتكبر فاقد للتواضع و الفقير فاقد للمال ، فهذه العينات لا تعطي الشيء المطلوب سواء كان الشيء محسوس و ملموس او معنوي .
هذا الحكم بالإعدام في هذه المقولة تبرمج الدماغ بأن الأمل مفقود نحو التغيير ، إذا أصبح العدواني متسامح هل سنقول ( من أستملك الشيء يعطيه ) ؟
و من الأقوال المشهورة و التي تأتي في نفس هذا السياق ( إذا كان الكلام من فضة ، فالسكوت من ذهب )
هذه المقولة دائما تقال لمن هم في مقتبل العمر ، لكي لا يقعوا في المحضور أو لكي لا ينطق ( بالعيب ) ، حتى أصبح السكوت ميزة للكثير من الأطفال و تربوا على هذا الشيء و كبروا على السكوت ، لا يسأل و لا يستفسر و لا يحاور و لا يتحدث ، الكلام مقنن لا يطالب بحقوقه بطريقة مدنية ، بل حتى اذا خرج من سكوته نطق الكفر في كثير من كلامه لأن الذي أخرجه من صمته بعد تلك البرمجة هو الغضب .
الأمثلة كثيره جدا و الحكم كذلك و لكم أن تروا اثر تلك الأقوال على مجريات حياة الناس .
و للفرع الأخر من المثل و الحكمة وقع اشد برمجة الا و هو المثل الشعبي
الذي يعكس حياة الناس في أي مقولة يتم تداولها .
بقي أن أضيف شي
المثل أو الحكمة ليست كتاب منزل ، المثل أو الحكمة جميلة من حيث سماعها و تطبيق بعض جوانبها حسب الحالة المرادفه لتلك المقولة
المثل أو الحكمة ليست مرآة ثابتة لأي مجتمع يتم تعليقها في لبنات المجتمع لتكون وسيلة من وسائل البرمجة.
تعريف العصرالجاهلي :
هي تلك الفترة التي سبقت بعثة محمد صلى الله عليه وسلم واستمرت قرابة قرن ونصف من الزمان .
سبب تسميته بالعصرالجاهلي :
سمي بذلك لما شاع فيه من الجهل وليس المقصود بالجهل الذي هو ضد العلم بل هو الجهل الذي ضد الحلم .
* ثقافات العرب ( حياتهم العقلية
كان للجاهليين ثقافات وعلوم لكنها محدودة تتناسب مع بيئة الصحراء وعقلية الأميين ومن أهمها مايلي :-
1الأدب وفصاحة القول وروعة الجواب :
ولذلك تحداهم القرآن في أخص خصائصهم البلاغ
2 الطب:
فقد تداووا بالأعشاب والكي وربما أدخلوا العرافة والشعوذة وقد أبطل الإسلام الشعوذة وأقر الدواء.
3- القيافة :
وهي قيافة أثر: وكانوا يستدلون بوقع القدم على صاحبها
وقيافة بشر : وكانوا يعرفون نسب الرجل من صورة وجهه وكانوا يستغلونها في حوادث الثأر والانتقام.
4- علم الأنساب:وهو بمثابة علم التاريخ وكان في العرب نسابون يرجع الناس إليهم ومن بينهم أبي بكر الصديق رضي الله عنه .
5- الكهانة والعرافة:
وهذان العلمان أبطلهما الإسلام وتوعد من أتى كاهناً أو عرافاً .
6النجوم والرياح والأنواء والسحب:
وقد أنكر الإسلام التنجيم وهو ادعاء علم الغيب بطريق النجوم.
اسماء ابرز شعراء الجاهليه
حاتم الطائي : حاتم بن عبد الله بن سعد بن الحشرج الطائي القحطاني، أبو عدي. شاعر جاهلي، فارس جواد يضرب المثل بجوده
المهلهل:هوابو ليلى عدي بن ربيعه التغلبي
الشنفري:هو ثابت بن اوس الازدي والشنفري لقب له لعظم شفتيه.
امرؤ القيس:هوامرؤ القيس بن حجر الكندي ولقبه الملك الضليل.
طرفه بن العبد:هو عمرو بن العبد البكري وطرفه لقب غلب عليه.
زهير: هو زهير بن ابي سلمى.
لبيد:هو ابو عقيل لبيد بن ربيعه العامري
بن كلثوم:هو عمروبن كلثوم بن مالك بن عتّاب التغلبي.
عنتره:هو عنتره بن شداد بن عمرو،وقيل بن شداد بن معاويه ابن قراد العبسي.
الحرث بن حلزه:هو ابو ظليم الحرث بن حلّزه بن مكروه بن يشكر البكري.
النابغه الذبياني:هو زياد بن معاويه بن ضباب.
الاعشى الاكبر:هو ميمون بن قيس بن جندل
الخنساء:هي تماضر بنت عمرو بن الحرث بن الشريد من بني سليم.
الحطيئه:هو جرول بن اوس بن مالك العبسي
من أشهر ألوان النثر الجاهلي :-
الحكم والأمثال .
الخطب .
الوصايا .
سجع الكهان .
الأدب الإسلاميمصادر الشعر الجاهلي
المعلقات ، والمفضليات ، والأصمعيات ، وحماسة أبي تمام ( الحماسات ) ، ودواوين الشعراء الجاهليين ، وحماسة البحتري ، وحماسة ابن الشجري ، وكتب الأدب العامة ، وكتب النحو واللغة ومعاجم اللغة
صبايحي ايمان
2010-10-01, 10:37
ارجو ان ينال مقالي اعجابكم و شكرا
شكرا اختي هل تدرسي في شعبة الرياضيات ؟
doumiabdellatif
2010-10-02, 12:27
موضوع رائع في منتدى رائع من عضو أروع
شكرا لك
tahamimi
2010-10-16, 12:13
شكرااا لكم أيا الإخوة أشكركم على هده المساااااعدة :19:
sopranoumn80
2010-10-18, 15:44
:19:مشكور اخي بارك الله فيك
سحر الجفون
2010-10-23, 10:13
جاااازكم الله كل خيررررر وربي ينجحكم
imane emma
2010-10-23, 17:10
merci beucoup ..........:19:
مشكووووووووووووووووور كثيـــــــــــــــــرا
imanebba
2010-11-07, 19:40
] السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته
اشكر منتديات الجلفة على هده المساعدات التي تقوم بها
من اجل الفرد
استودعكم الله و السلام عيكم
imanebba
2010-11-07, 19:45
شكرا جزيلا على هذا البحث
foudel22
2010-11-27, 13:48
السلام عليكم أهل المنتدى والصلاة والسلام على اشرف المرسلين سيدنا وحبيبنا محمد خيرية وعلى آله وصحابته الأخيار أنا جد شاكر لكم على هذه المجهودات وفقكم الله وسدد خطاكم
brahim77
2010-11-28, 12:22
شكرا لكم جميعا على المجهودات
نجيب بطوش
2010-12-28, 12:03
شكرا جزيلا بارك الله فيك
الله يعطيكم ألف عافية
شكرا جزيلا
بحث رائع
الطالب الطموح
2011-10-14, 12:06
:dj_17:
بارك الله فيكم
وشكرا على هذا الحثب المميز
ارجو ان تصححوا بعض الاخطاء في الكتابة
وشكرا
همس الثريا
2011-10-21, 17:20
مقدمة عرض الفهرس / و هي مادة اضفناها مؤخرا منقولة من بعض المواقع للفائدة و دعما للعرض
مظاهر الحياةالعقلية في العصر الجاهلي
صار من الثابت بين الباحثين أن العصر الجاهلي لايشمل كل ما سبق الإسلام من حقب طوالٍ، ولكنه يقتصر على حقبة لا تزيد على القرنين منالزمان، وهي ما اصطلح الباحثون على تسميتها بالجاهلية الثانية، وفي تلك الحقبة ظهرهذا الإنتاج الغزير الناضج من الشعر والنثر، واكتملت للغة العربية خصائصها التيبرزت من خلال هذا النتاج الأدبي الوفير، كما استقرَّ أيضًا رسم حروفها الألفبائية. فما انتهى إلينا، إذن، من أدب جاهلي هو أدب الجاهلية الثانية، وهو ما نستطيع الحديثعنه ودراسة فنونه وخصائصه، أما أدب ما قبل هذه الحقبة التاريخية فهو أدب ما يسمىبالجاهلية الأولى، وهو أدب لم تتوافر نصوص منه، فالحديث عنه غير ممكن. ومن هنا فإنالأبحاث التي استقصت أولية الشعر العربي أو أولية اللغة العربية تقوم على مجردالحدس والتخمين، أو على نوع من الأخبار الوهمية والخرافات.
على أن اللغةالعربية التي سُجِّلت بها النصوص الأدبية في عصر الجاهلية الثانية هي واحدة منالأسرة السامية التي تشمل: 1- الأكادية والبابلية والآشورية. 2-الآرامية. 3- الكنعانية. 4- الحبشية. 5- ثم العربية بفرعيها: الشمالي والجنوبي.
وإذاكانت الأمية قد شاعت بين العرب، فإن هذا لا يعني قط انعدام القراءة والكتابة لديهم،فلقد انتشرت بينهم القراءة والكتابة بالقدر الذي يسمح لهم بتدوين معاملاتهم وآدابهموإذا كانت الذاكرة العربية التي تميزت بالقوة قد حفظت قدرًا كبيرًا من الأشعار، فإنالتدوين أيضًا كان مساندًا للرواية الشفوية.
أمّا طرح ابن سلام في كتابه طبقاتفحول الشعراء لقضية الانتحال فينبغي أن يؤخذ على أنه دليل على ما بذله الأقدمون منجهود لتنقية الشعر الجاهلي من التزييف، ووضع المعايير العلمية الدقيقة لضمان سلامةالشعر الجاهلي وتوثيقه.
الشعر الجاهلي. أما مراكز الشعر العربي في العصرالجاهلي، فإنه بالإضافة إلى الجزيرة العربية نفسها: نجدًا وحجازًا، فقد عاش الشعرالعربي وازدهر في إمارتين اثنتين هما: إمارة الغساسنة والمناذرة، وقد قامتا فيالأطراف الشمالية من شبه الجزيرة.
أما إمارة الغساسنة، فقد قامت في بلاد الشام،حيث اتخذ الرومان، ثم خلفاؤهم البيزنطيون من بعدهم، من الغساسنة حلفاء لهم ضدأعدائهم التقليديين من الفرس، وحلفائهم من المناذرة في العراق. وقد كان الغساسنةعربًا من الجنوب نزحوا إلى الشمال، وأقاموا إمارتهم العربية تلك في شرق الأردن،وكانوا قد تنصّروا في القرن الرابع الميلادي. وكانت إمارة الغساسنة على جانب كبيرمن الثراء والتحضّر، ومن أهم ملوكهم الحارث الأصغر، ثم ابناه من بعده النعمانوعمرو، والأخير هو الذي قصده النابغة الذبياني، كما قصد حسان بن ثابت النعمان بنالمنذر أيضًا ومدحه في قصائد شهيرة، منها قصيدته التي من أبياتها:
أولاد جَفْنةحول قبر أبيهمُ قبر ابن مارية الكريم المفضِلِ
وكما قامت إمارة الغساسنة فيالشام، فقد قامت إمارة المناذرة في العراق. وكما كان الغساسنة عربًا ذوي أصولٍيمنية، فكذلك كان المناذرة. ومثلما قصد شعراءُ الجزيرة أمراءَ الغساسنة، فكذلكقصدوا أمراءَ المناذرة، الذين كان من أشهرهم المنذر بن ماء السماء حوالي (514 - 554م)، وعمرو بن هند (554 - 569م) الذي ازدهرت الحركة الأدبية في أيّامه، وقد وفدعليه في الحيرة، حاضرة المناذرة، عمرو بن قميئة والمسيَّب بن عَلَس والحارث بنحِلِّزة وعمرو بن كلثوم.كما وفد النابغةُ الذبياني على أبي قابوس النعمان بن المنذرالرابع (580 - 602م)، ووفد عليه أيضًا أوس بن حجر والمنخل اليشكري ولبيد والمثقِّبالعبدي وحجْر بن خالد.
ولا شك أن طبيعة المنافسة السياسية بين المناذرةالتابعين لدولة فارس والغساسنة الموالين للبيزنطيين قد انعكست على الحياة الأدبيةعلى نحوٍ ليس بالقليل.
ازدهر الشعر العربي، إبان الجاهلية، ازدهارًا عظيمًاتمثل في هذا العدد الكبير من الشعراء الذين تزخر المصادر بأسمائهم وأشعارهم، إذنظموا في جاهليتهم الأخيرة قبل الإسلام كثيرًا من الشِّعر. ومع هذا فقد ضاع معظمهذا الشعر، على حد قول أبي عمرو بن العلاء : "ما انتهى إليكم مما قالته العرب إلاأقلُّه، ولو جاءكم وافرًا لجاءكم علمٌ وشعر كثير". وقد اشتهرت في الجاهلية بيوتكاملة بقول الشعر، فالنعمان بن بشير، مثلاً، كان أبوه وعمه شاعرين، وكذلك جده، ثمأولاده من بعده. وكعب بن مالك الصحابي الشاعر كان أبوه وعمه شاعرين، ثم أبناؤهوأحفاده، وكذلك كان أمرُ بيت أبي سُلمى، ومنه زهير وولداه كعب وبُجير، وأخوال كعبشعراء، ومنهم بشامةُ ابن الغدير. ثم هناك حسان بن ثابت الصحابي الشاعر، وقد تسلسلالشعر في بيته لبضعة أجيال.
عرف تاريخ الشعر العربي، في العصر الجاهلي، نساءًشواعر منهنَّ على سبيل المثال: الخنساء وخِرْنَق وكبشة أخت عمرو بن معْدي كَرِبوجليلة بنت مُرَّة امرأة كُليب الفارس المشهور، ولها في كليب مراثٍ من عيون الشعرالعربي، وقيسة بنت جابر امرأة حارثة بن بدر ولها أيضًا مراثٍ في زوجها، وأميمةامرأة ابن الدُّمَيْنة. وقد كان أبو نُواس الشاعر العباسي يروي لستين شاعرة منالعرب.
والناظر في المصادر العربية تهوله تلك الكثرة من الأشعار والشعراء خاصةإذا ضَمّ إليها ما جاء في كتب التاريخ والسير والمغازي والبلدان واللغة والنحووالتفسير، إذ تزخر كلها بكثير من أشعار الجاهليين بما يوحي أن الشعر كان غذاءحياتها، وأن هذه الأمة قد وهبت من الشاعرية الفذة ما يجعل المرء يتوهم أن كل فرد منرجالها ونسائها وعلمائها كان يقول الشعر. وتدلُّ هذه الكثرة من الشعر والشعراء علىأن الشاعرية كانت فطرة فيهم، ثم ساندت هذه الفطرة الشاعرة عواملُ أخرى منها تلكالطبيعة التي عاش العربي الأول كل دقائقها من جبال ووهادٍ ووديان وسماء ونجوموأمطار وسيول وكائنات. لقد كانت الطبيعة كتابًا مفتوحًا أمام بصر الشاعر العربيوبصيرته، ومن هنا استلهمها في أشعاره. ويضاف إلى الطبيعة تلك الحروب التي ألهبتمشاعره بحماسة موّارة، ثم حياة الإنسان العربي في بساطتها وفضائلها، وفي معاناتهوصراعاته ضد الجدب والخوف معًا. ومن ثم جاء هذا الشعر ممثلاً لحياة الجزيرة العربيةفي بيئاتها وأحوالها المختلفة، ولحياة الإنسان العربي في أخلاقه وطباعه وعاداتهوعقائده وبطولاته وأفكاره.
كانت للشاعر العربي في قبيلته منزلة رفيعة. كما كانترموز القبيلة العربية الأساسية ثلاثة، هي: القائد، والفارس والشاعر. وكان الشاعر فيالقبيلة لسانها الناطق والمدافع معًا. بل كان بيت الشعر أحيانًا يرفع من شأن قبيلة،كما يُحكى عن بني أنف الناقة الذين كانوا يعيَّرون بلقبهم، حتى كان الرجل منهميحتال على إخفاء لقبه، فما إن قال فيهم الحطيئة بيته الشهير:
قومٌ هم الأنفوالأذناب غيرُهُمُ ومن يُسوِّي بأنف الناقةِ الذَّنبا
حتى صاروا يباهون بلقبهمونسبهم.
يُعدُّ الشعر العربي الجاهلي سجلاً حقيقيًا للحياة العربية والعقلالعربي في ثقافاته وخبراته الحية والمتنوعة، وقد كان الشِّعر الجاهليّ النموذجوالمثال الذي يحتذيه اللاحقون احتذاءً حفظ على الأمة العربية أصالتها، ولكنه لميحُلْ قَطُّ دون محاولات التطور والتجديد في مختلف العصور. وصار الشعر العربيالجاهلي مع قرينه الإسلامي مصدرًا أساسيًا في حركة التأليف في العلوم العربيةوالإسلامية: لغةً ونحوًا وبلاغةً وتفسيرًا، كما انبثق عنه علم العروض والقوافي، وهوأوثق العلوم صلةً بالشعر، فضلاً عن كتب المختارات الشعرية على اختلاف مناهجها، ثمتلك الشروح التي أضاءت النصَّ الشعري أمام قارئه، وبددت عامل الغرابة اللغوية، وغذتالأذواق، بل وأبقت على قريحة الشاعرية العربية، على تباين في مستوى تلك القرائح: أفرادًا وأقاليم وعصورًا.
واشتهرت في الأدب الجاهلي قصائد عُرفت بالمعلقات هيمن النماذج الرّائعة في الأدب العربي.
[color=red]
الفهرس
[size=24
_____________________________________
تمهيد:
يراد بالعصر الجاهلي في الدراسة الادبية فترة محددة تقدر بقرن او قرن ونصف انتهت بظهور الاسلام.
الفصل الاول
الشعر الجاهلي:
الباب الاول: موطنه -الباب الثاني: منزلته -
الباب الثالث: اغراضه -
الغزل المدح الرثاء الفخر الهجاء الحكمة الوصف.ـ الخمرـ الزهد ـ الوقوف و التباكي على الاطلال ـ الاساطير و الخرافات.
الباب الرابع: خصائصه -
مقدمات رنائية منها البكاء على الاطلال تصوير
البيئة الجاهلية الصدق في التعبير كثرة التصوير.
الباب الخامس: شمولية الشعر الجاهلي -
شعراء الفرسان شعراء الصعاليك.
الباب السادس: قيمته -
قيمة فنية وقيمة تاريخية.
الباب السابع: المعلقات واصحا بها -
امرؤ القيس : هو امرؤ القيس بن حجر بن حارث بن عمرو ولد بنجد صاحب المعلقة رقم 1 والتي مطلعها:
قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل بسقط اللوى بين الدخول فحومل.
طرفة بن العبد : هو عمرو بن العبد البكروطرفة لقب غلب عليه وهو صاحب المعلقة رقم 2 و التي مطلعها:
لخولة اطلال ببرقة ثهمد تلوح كباقي الوشم في ظاهر اليد.
زهير بن ابي سلمى: صاحب المعلقة رقم 3 والتي مطلعها:
امن ام اوفى دمنة لم تكلم بحومانة الدراج فالمتثلم
لبيد بن ابي ربيعة: هو ابو عقيل لبيد بن ربيعةالعامري صاحب المعلقة رقم 4 والتي مطلعها:
عفت الديارمحلهافمقامها بمنى نابد غونها فرجامه
عمرو ابن كلثوم : هو عمرو بن كلثوم بن مالك صاحب المعلقة رقم5 والتي مطلعها:
الا هبي بصحنك فاصبحينا ولا تبقي خمور الاندرينا.
عنترة بن شداد : هو عنترة بن شداد بن معاوية بن العبسي صاحب المعلقة رقم 6 والتي مطلعها:
هل غادر الشعراء من مردم ام هل عرفت الدار بعد توهم.
الحارث بن حلزة:هوابو ظليم الحرث بن حلزة بن مكرود صاحب المعلقة رقم 7والتي مطلعها:
ا ذنتنا بينهما اسماء رب ناو يميل منه النواء.
الاعشى ميمون: هوميمون بن قيس بن جندل صاحب المعلقة رقم8 والتي مطلعها:
ودع هريرة ان الركب مرتحل وهل تطيق وداعا ايها الرجل.
النابغة الذبياني: هوزياد بن معاوية بن ضباب صاحب المعلقة رقم9 والتي مطلعها:
يا دار مية بالعلياء فالسند اقوت وطال عليها سالف الابد.
عبيد بن الابرص: هو عبيد بن الابرص ابن عوف صاحب المعلقة رقم10 والتي مطلعها:
اقفرمن اهل ملحوب فالقطبيات فالذنوب
الباب الثامن: فنونه... القصصي و الغنائي
يتبع....
همس الثريا
2011-10-21, 17:21
الفصل الثاني
النثر الجاهلي:
الباب الاول: التاريخ -
الباب الثاني: الخطابة -
الباب الثالث: المنافرات -
الباب الرابع: سجع الكهان -
الباب الخامس: الامثال والحكم -
الباب السادس: القصص -
الباب السابع: الرسائل -
الفصل الثالث
العلوم والمعرفة في العصر الجاهلي
الباب الاول : المعبودات -
الباب الثاني: تعليم الكتابة ومواطنها -
الباب الثالث: الفكر الفلسفي -
الباب الرابع: معرفة بالسماء والانواء -
الباب الخامس: العلاج بالعقاقير -
الباب السادس: الثقافة التارخية -
الباب السابع: الاساطير -الباب الثامن: التنجيم.ـ السحر والشعوذة -
الكهانة و العرافة و الزير.
الباب التاسع: علم الانساب -
الباب العاشر: خطرات و نظرات -
طرفة بن العبدوزهير بن ابي سلمى.
كتب تناولت المظاهر العقلية للحياة في الجاهلية
أنماط المديح في الشعر الجاهلي -دراسة فنية- لحسنة عبد السميع . الناشر عين للدراسات و البحوث الإنسانية و الاجتماعية
تاريخ النشر 2005 . طبعة 1.
أساليب الاستفهام في الشعر الجاهلي لحسني عبد الجليل يوسف .الناشر الأصلي دار المعالم الثقافية -السعودية- الناشر مؤسسة المختار
تاريخ النشر 2001 . طبعة 1.
فن الوصف في الشعر الجاهلي لعلي احمد الخطيب. الناشر الدار المصرية اللبنانية. تاريخ النشر 2004. طبعة 1.
شعر الرثاء في العصر الجاهلي لمصطفى عبد الشافي. الناشر الشركة المصرية العلمية للنشر-لونجمان- .تاريخ النشر 1995 .طبعة 1
المرجع تاريخ الأدب العربي للمؤلف .حنا الفاخوري
المكتبة البوليسية ، بيروت لبنان ، طبعة تاسعة 1978
المرجع مصادر الشعر العربي وقيمتها التاريخية .
المؤلف: د.ناصر الدين الأسد
دار المعارف بمصر الطبعة الرابعة 1969
مظهر الحياة العقلية العلوم كالطب والجغرافيا والفلك والأنساب
المرجع دروس ونصوص في قضايا الأدب الجاهلي
د.عفت الشرقاوي
دار النهضة العربية للنشر والطباعةبيروت1979
***********************منقول********************** *******
همس الثريا
2011-10-21, 17:23
اتمنى يعجبك البحث
ghفاطمة الزهراء
2011-10-22, 18:53
جزاكم الله خيرااا
استفدت منهم كثيراا
عبد الحليم ل
2011-10-26, 19:25
كلكم مشكورين على ما احضرتموه لنا
جزاكم الله كل الخير
شكرااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا جزييييييييييييييييييلااااااااااااااااااااااااااااا اااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا اااااااااااااااااااااااااااااااااااا
لسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سررت بالانظمام اليكم في هذا المنتدى الرائعشكرين على جهودكم والله استفدت كثير الله يجزيكم الخير
]شكرااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا جزييييييييييييييييييلااااااااااااااااااااااااااااا اااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا اااااااااااااااااااااااااااااااااااا[
ghris sohaib
2011-12-07, 12:52
جزاكم الله كل خير وشكرا على هذا البحث.
معمر بقار
2011-12-09, 18:16
بارك الله فيك يا ناشر الموضوع فقد أفدتنا من حيث لا تدري ، و بارك الله في الأساتذة الكرام الذين تكرمو و أفادونا بمعلوماتهم القيمة ... جعلها الله في ميزان حسناتكم و برك الله فيكم أجمعين
شكرا على المعلومات القيمة جزاكم الله عنا كل خير
ROMAISSA RHL
2012-01-03, 16:15
شكراااااااااااااااا كثيرااااا على هذه المعلومات
اي على هذا البحث ^_^
عاشقة سوسو
2012-01-10, 15:53
Merci beaucoup
vBulletin® v3.8.10 Release Candidate 2, Copyright ©2000-2025, TranZ by Almuhajir