تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : يحبني ولا يريدني للزواج


tayeb37
2012-03-25, 00:10
موضوع منقول للفائدة من موقع الألوكة
السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

مشكلتي أنني أعرف شخصًا منذ عام، وأحبه كثيرًا، وهو على خُلق ودين وصريح، وقد اعترَف لي بحبِّه بشدَّة.

تعرَّفت عليه عن طريق الإنترنت، وتحدَّثنا كثيرًا، يَفهمني وأفهمه، لكنه لا يريد الزواج مني، لا يريد الزواج من فتاة كان يعرفها، فيقول بأنَّ ذلك سوف يُسَبِّب المشاكل مع مرور السنين، لا أستطيع التخلي عنه، ولكن لا أستطيع الاستمرار في هذه العلاقة، ماذا أفعل؟


الجواب

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

يحبُّك بشدة وتحبِّينه، يَفهمكِ وتَفهمينه، ومع هذا لا يريد الزواج منكِ، هل يبدو الأمر غريبًا؟!

لا يبدو كذلك على ما أرى؛ فغالب الشباب - إن لَم يكن جميعهم - لا يرون في الفتاة التي يقيمون علاقة معها أدنى أهليَّة للزواج، كيف يختار لأبنائه أُمًّا كانت على علاقة برجلٍ أجنبي، ولو كان هو ذلك الرجل؟!

يأْنَف الرجال الزواج بالفتيات ممن يتقبَّلْنَ هذا النوع من العلاقات، وينظرون إليهنَّ نظرة فوقيَّة، وكأن المعصية تُدَنِّس النساء وحْدَهنَّ، وتُعَكِّر صفو حياة الفتاة دون الشاب، ولسان حالهم بعد أن يُقْلِعوا:


نَزَّهْتُ نَفْسِيَ عَمَّا يَدْنَسُونَ بِهِ
وَنَخْلَةُ الرَّوْضِ تَأْبَى شِيمَةَ الْجُعَلِ



يَحسبون أنَّ مِن كامل حقِّهم التلاعب بالفتيات والاستخفاف بهنَّ، وكأنَّ الذنب أُبيح لهم دون النساء، وفي الحقيقة كلهم في الذنب سواء، والإثم واحد على الجميع.

ليس ذلك الشاب بدعًا من الشباب، ولا حالة نادرة في عالَم العلاقات غير الشرعيَّة، ولَيْت الفتيات يَعِينَ تلك الرسالة، ويَفْهَمْنها قبل أن يَسِرْنَ سنوات وسنوات لاهِثاتٍ وراء أحلام وأمانيّ لا وجود لها ولا أثرَ على أرض الواقع، ولكن ماذا عسانا نقول لهنَّ؟ وكيف نُرِيهنَّ الحقيقة الموجِعة وهنَّ يَأبَيْنَ إلاَّ وَضْع المزيد من الغشاوات على الأعين، والسدادات على الآذان؛ فتحول دون الرؤية والسماع!

أخواتي وبُنَيَّاتي، ما زِلتُ أُكرِّر وأنادي: لن يتزوَّجكِ مَن يدَّعي أنَّكِ حبُّه الأول والأخير، ومن يُقسم لكِ بالأيمان المُغَلَّظة على أنَّكِ لن تكوني إلاَّ له، ولن يكون إلاَّ لكِ، لا يفعل فور انتهائه من الحديث معكِ أكثر من كلمة سخرية، أو تنهيدة احتقارٍ، أو ضحكة تَشَفٍّ، فهلاَّ أفَقْتُنَّ من ذلك السُّبات!

مَن يريد الزواج بحقٍّ، لا يستمرُّ في التلاعب بكِ سنة وسنتين، ولا يَستبيح الحديث معكِ كما يتحدَّث مع صديقه الرجل، بل يُجِلُّكِ ويُنَزِّهكِ عن الخوض في مثل هذه المستنقعات، ويَحميكِ من الزَّلل في بِرَك العلاقات.

رغم الفتنة التي تمرِّين بها، والمحنة التي أحاطَت بكِ، لكن عليكِ ألاَّ تيْئَسي؛ حيث إنَّ معكِ عقلكِ الذي وهبَكِ الله، ولستِ بالعاطفة وحْدها تعيشين، فعلامَ يُفزعكِ أمرُكِ، ويَهولكِ شأنُكِ؟

أنتِ تظنين أنكِ لا تستطيعين التخلي عنه، لكنني واثقة أنَّ حياتكِ لن تتغيَّر ولن تتأثَّر بالقدر الذي تَخشينه، فما من داءٍ إلاَّ وله دواء، ومن ذلك داء العِشق!

وقد أيْقَنتِ الآن أنه لا سبيل لكِ إليه، بعد أن صارَحكِ برغبته عنكِ، وأنه قد قرَّر أن يَختار غيركِ، فما تُسمِّين استمراركِ في التعلُّق به والتفكير فيه، فضلاً عن عِلْمكِ بحُرمة تلك العلاقة وهذا الوصال؟

قال ابن القَيِّم - رحمه الله - في كتابه "زاد المعاد في هَدْي خير العباد": "وإن كان الوِصال متعذرًا شرعًا لا قدرًا، فعِلاجُه بأن يُنزله منزلة المتعذر قدرًا، إذ ما لَم يأذَن فيه الله، فعِلاجُ العبد ونجاتُه موقوف على اجتنابه، فليُشعرْ نفسَه أنه معدوم مُمتنع لا سبيلَ له إليه، وأنه بمنزلة سائر المُحالات، فإن لَم تُجبْه النَّفْسُ الأمَّارة، فليَتركْه لأحد أمرين: إما خشيَّة، وإمَّا فوات محبوب هو أحبُّ إليه، وأنفعُ له، وخير ٌله منه، وأدْوَم لذَّةً وسرورًا، فإنَّ العاقل متى وازَنَ بين نَيْل محبوب سريع الزوال بفَوَات محبوبٍ أعظمَ منه وأدومَ وأنفعَ وألذَّ أو بالعكس، ظهَر له التفاوتُ، فلا تَبِعْ لذَّة الأبد التي لا خطرَ لها بلذَّة ساعة تَنقلب آلامًا، وحقيقتها أنها أحلام نائمٍ، أو خيالٌ لا ثبات له"؛ ا. هـ.

كما أنصحكِ بالاطلاع على كتاب: "الداء والدواء" لابن القَيِّم؛ ففيه ما يُريح القلوب المُنهكة، والعقول المُتحيِّرة، الواقعة تحت وطْأَة ذلك الحب الوهمي،

Sسارة
2012-03-26, 10:52
بارك الله فيك رائع