المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : كلمات في الوسطية للدكتور القرضاوي..


رَكان
2012-03-23, 18:17
السلام عليكم ...
قال الله تعالى في محكم تنزيله..

وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ ..صدق الله العظيم..

كتاب للشيخ الدكتور القرضاوي رئيس الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين ..عنوانه
كلمات في الوسطية الإسلامية..
بيّن فيه الشيخ أن منهج الوسطية هو منهج يتلاءم مع الفطرة والعقل..للأسف أن الكتاب ليس معروضا مجانا ولايمكن انتقاؤه الا بمقابل..ورغم ذلك فإنني وجدت في تقديمه من طرف الشيخ نفسه عظيم فائدة وتبيان ما تضمنه الكتاب ..لأتمنى لكم متابعة طيبة وأحييكم..

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كلمات في الوسطية الإسلامية ومعالمها
مظاهر الوسطية
صلتي بالوسطية
معالم الوسطية
مختصر معالم الوسطية
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة الطبعة الثانية
الحمد لله , والصلاة والسلام على سيدنا وإمامنا وأسوتنا وحبيبنا رسول الله وعلى ىله وصحبه ومن اتبع هداه .
(أما بعد)
فإن مما يهلك الأمم الأمم وقوعها في أحد طريقين : طريق الغلو , وطريق الانحلال .
والغلو يعني : التشدد والتنطع والتعسير على عباد الله تعالى , وإيقاعهم في الحرج والشدة , وبتوسيع دائرة الواجبات والمحرمات عليهم , ورفض الرخص التي رخص الله لهم , ولهذا جاء في الحديث " إياكم والغلو في الدين فإنما هلك من قبلكم بالغلو في اليد " , "هلك المتنطعون" قالها ثلاثاً .
ومثل الغلو : التسيب والانحلال والانفراط بتضييع الأوامر والنواهي , واستحلال المحرمات , والتفريط في الواجبات , وعدم الوقوف عند حدود الله .
والخير كل الخير في المنهج الوسط , الذي يتجنب الإفراط والتفريط , أو الغلو والتقصير وهو ما دعا إليه القرآن الكريم , والسنة النبوية , حث عليه أمة الإسلام الراسخون في العلم .
وهذا المنهج وحده ـ منهج الوسطية والاعتدال ـ هو حبل النجاة وسفينة الإنقاذ للأمة مما تعنيه من مآسي ومشكلات .
ومن فضل الله علينا : ان وفقنا لهذا المنهج الأصيل , وثبتنا عليه . ومن فضله سبحانه : أن أصبح هذا النهج اليوم هو النهج الأول في التوجيه والتأثير , بعد أن كان في بعض الأزمان موضع الاتهام والغمز .
وقد كتبت هذه الكلمات في بيان هذا المفهوم أو المصطلح , حتى لا يفسره كل من شاء بما شاء . وقد تفضل المركز العالمي للوسطية بالكويت بنشر طبعته الولى وها هي ذي دار الشروق تتولى هذه الطبعة لينتفع بها المسلمون في آفاق الأرض والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات .
الفقير إلى عفو ربه
يوسف القرضاوي
مقدمة
الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه , والصلاة والسلام على خاتم رسله محمد الذي أرسله الله رحمة للعالمين , ونعمة على المؤمنين , كما قال الله تعالى :" وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ" (الأنبياء107)وقال:" لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ" (آل عمران164). ورضي الله عن آله وصحبه ومن اتبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
(أما بعد)
فقد كان من نعمة الله تعالى عليّ : أن هداني إلى تبني فكرة الوسطية , ومنهج الوسطية قديم , وهو منهج تلاءم مع فطرتي وعقلي , وانسجم مع فهمي للإسلام من ينابيعه الصافية , كما توائم مع منطق العصر , وحاجات الأمة فيه وعلاقتها بغيرها من الأمم في عصر تقارب الناس فيه حتى غدا العالم قرية واحدة . كما أنه المنهج الذي يعبر عن حقيقة الإسلام , وعن خيرية أمته و وسطيتها وشهودها الإيماني والحضاري على الناس .
وقد نذرت لهذا المنهج نفسي وعمري , وأعطيته فكري ووجداني , ودعوت إليه بلساني وقلمي : إذا حاضرت أو خطبت , وإذا فقّهت أو أفتيت , وإذا علّمت أو ربَّيت , في كل آليات اتصالي بالناس : على المنبر في المسجد , أو في قاعة المحاضرة , أو في حلبة التأليف , أو على شاشات الفضائيات , أو على الإنترنت .
وهذه صحائف كتبتها عن "الوسطية ومعالمها" راجيا أن يكون فيها بعض ما يعين على إشاعة هذا المفهوم وتصحيحه وتثبيته , بحيث تتجلى آثاره في حياة المسلمين :فهماً وعملاً وسلوكاً ودعوة .
وإني لأدعو الله تعالى أن ييسر لي فرصة شرح هذه المعالم ـ التي بينتها اليوم ـ شرحا يرد فروعها إلى أصولها , ويصلها بأدلتها من الكتاب العزيز , والسنة المشرفة , كما يربطها بالواقع الذي نعيشه , وبالعصر الذي يفرض علينا نفسه .

".. وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ" (هود88).
الدوحة في:محرم1428 هـ
يناير2007 م
الفقير إلى عفو ربه يوسف القرضاوي
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

يتبع..

المحبُّ لأهل السُّنة
2012-03-23, 18:25
السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حتّى تتم الفائدة
الوسطية لفضيلة الشّيخ العلاّمة
صالح بن فوزان الفوزان حفظه الله ورعاه
عضو اللجنة الدائمة وعضو هيئة كبار العلماء

الوسطية في الإسلام (http://www.alfawzan.af.org.sa/node/2345)




محاضرة ألقيت في كلية الشريعة

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
وأما بعد: فأنا لم آت بزيادة على ما عندكم في مقرراتكم وفي حصيلتكم العلمية وإنما جئت مذكرا فقط وأيضا جئت للقائكم ورؤيتكم ولأن هذه الكلية هي أمنا وهي منزلنا الأول كما قال الشاعر
(كم منزل في الأرض يألفه الفتى *** حنينه أبدا لأول منزلي).
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عنوان الكلمة كما قبل هو ( الوسيطة في الإسلام).
وهذا مأخوذ من قوله تعالى: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً) قال المفسرون الوسط هو العدل الخيار وهذه الأمة ولله الحمد عدول وخيار كما شهد الله لها بذلك لأن هذه الأمة ستشهد على الأمم يوم القيامة والشاهد يشترط فيه أن يكون عدلاً فهذه الأمة تحملت هذه الشهادة لما من الله عليها به من بعثة هذا الرسول محمد صلى الله عليه وسلم يزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين كما قال تعالى: (يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمْ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ) فهي تشهد على الأمم يوم القيامة إذا جاء الله جل وعلا بالأمم وأنبيائها يوم القيامة فإنه يسأل الأنبياء هل بلغتم فيقولون يا ربنا بلغنا ما أرسلتنا به إليهم ثم يسأل الأمم هل بلغوكم فيقولون لا قال تعالى: (فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ) فينكرون فيقول الله جل وعلا للرسل من يشهد لكم أنكم بلغتم فيقولن يشهد لنا محمد صلى الله عليه وسلم وأمته فيسأل الله جل وعلا أمة محمد صلى الله عليه وسلم فيشهدون أن الرسل بلغوا أممهم، وكيف عرفوا ذلك عرفوه مما أنزل الله عليهم في الكتاب من قصص الأنبياء من نوح إلى محمد صلى الله عليه وسلم هذا موجود في القرآن ومدون كل ما جرى بين الأنبياء وأممهم كأنك تشاهد وكأنك حاضر فيشهدون بما علمهم الله بشهدون عن علم لأن الشهادة إنما تكون عن علم كما قال تعالى: (إِلاَّ مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) فيشهدون عن علم أورثهم الله إياه في هذا القرآن العظيم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد فهذه الأمة وسط وتستشهد على الأمم الرسول صلى الله عليه وسلم يشهد لهذه الأمم ويزكيها كما قال تعالى:(فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلاءِ شَهِيداً) فهذه الأمة وسط والوسطية مأخوذة من الوسط وهو ما كان بين طرفين كما قال الشاعر:
كانت هي الوسط المحمي فاكتفت *** بها الحوادث حتى أصبحت طرفا

الوسط ما كان بين طرفين فهذه الأمة بين طرفين من الأمم طرف الغلو الذي في النصارى وطرف التساهل الذي كان باليهود فهذه الأمة وسط غلو النصارى وتساهل وانفلات اليهود.
وهكذا يكون كل فرد من أفراد هذه الأمة كما أن الأمة بمجموعها وسط معتدلة بين الإفراط والتفريط فكل فرد من هذه الأمة كذلك ولله الحمد هو وسط بين الغلو وبين التساهل وبين الإفراط والتفريط في دينه فلا يغلو غلو المتطرفين والخوارج ولا يتساهل المرجئة والمنحلين والمضيعين.
ويجب علينا إذا أنكرنا التطرف والغلو يجب علينا أن ننكر أيضا التساهل والتفريط أما أن نركز على جانب ونهمل الجانب الآخر وقد يكون أخطر.فالآن أنا أرى أنا الإنكار كله على الغلو والتطرف وهذا صحيح. نعم ننكر التطرف والغلو لكن يجب أن لا ننسى التساهل والانحلال والإلحاد يجب أن نركز على الجانبين وأن نحذر من هذا وهذا وهذا ما تتضمنه مقرراتنا الدراسية ولله الحمد فهي تحذر من الإفراط وتحذر من التفريط وتأمر بالاعتدال عملا بقوله سبحانه وتعالى (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ) فصراط الله واحد وطريقه واحد وأما ما عداه من المذاهب والنحل فهي متعددة وكثيرة ولا تحصى وهي تكون في إفراط أو في تفريط فالإفراط يكون في الغلو والتفريط يكون في التساهل وهذه السبل التي حذرنا الله منها هي من الجانبين سهل الغلو والتطرف والزيادة وسبل التساهل والضياع والله جل وعلا قال نبيه صلى الله عليه وسلم (فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلا تَطْغَوْا) أمر بالاستقامة ونهاهم عن الغلو وقال ولا تطغوا والطغيان هو الخروج عن الحد من جانب الزيادة وقال في الآية الأخرى (فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوه) استغفروه عن أي شيء عن التقصير استقم واحذر من التقصير وإذا حصل تقصير فاجبره بالاستغفار فدل على أنه يحصل من الإنسان تقصير بالاستقامة فيجبره بالاستغفار والنبي صلى الله عليه وسلم قال "استقيموا ولن تحصوا" أي تحصوا كل ما أمر الله به بل يحصل تقصير فتجبره بالاستغفار.وقال "سددوا وقاربوا" سددوا التسديد معناه إصابة الحق والمقاربة أن تكون مقارباً للتسديد فإذا كان الخطأ يسيراً فهذه مقاربة تجبر بالاستغفار والتوبة إلى الله عز وجل وديننا دين السماحة ورفع الحرج (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) فالله جل وعلا جعل هذا الدين سمحاً ولم يجعل فيه حرجا ولم يكلفنا ما لا نطيق ولذلك فإن من يخرج عن هذه الجادة جادة الوسط فإنه يقع في أحد الجانبين غما الإفراط وإما التفريط وكلاهما مذموم ولا يسلم إلا من كان على طريق الوسط الذي أمر الله به وكما في أخر سورة الفاتحة الله أمرنا أن نقرأها بكل ركعة (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ) أي المعتدل الوسط (صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ) وهم الذين ذكرهم الله في قوله (وَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُوْلَئِكَ رَفِيقا) أمرنا الله أن نكون معهم وأن نسير معهم وإذا كنت معهم فلن تستوحش أبدا وحسن أولئك رفيقا إنما يستوحش من لم تكون معهم إما جانب الإفراط مع المغالين وإما في جانب التفريط مع المتساهلين.ونحن نسمع الآن كثيراً التسامح والحث على التسامح والترغيب في التسامح فهذه فيه إجمال لأن التسامح إن كان يعني أنك تتسامح في حقوقك بأن تعفو عن من ظلمك وتحسن من أساء إليك فهو التسامح المحمود والمطلوب.أما أن تتسامح في شيء من حقوقك الله فهذا لا يجوز.والنبي صلى الله عليه وسلم كان يؤذى في حقه صلى الله عليه وسلم وكان يعفو ويسمح لكن إذا انتهكت حرمات الله فإنه يغضب لله عز وجل ولا يتسامح في شيء من ذلك لأن التسامح لا يكون في حقوق الله جل وعلا وإنما يكون في حق المخلوق.
كثير منهم الآن على العكس يريد منك ألا تتسامح في حقوق الله وهذا خلاف ما أمر الله جل وعلا به فحقوق الله لا يتسامح عن شيء منها مع أحد كائنا من كان لأن هذا هو المداهنة قد قال جل وعلا (وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ) (وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنْ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِي عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذاً لاتَّخَذُوكَ خَلِيلاً* وَلَوْلا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً* إِذاً لأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيراً) نهى الله رسوله وتوعده أن يتنازل عن شيء من هذا الدين لأجل إرضاء الناس لأنك لو تنازلت عن شيء من دينك أو عن دينك رضوا عنك لكن يسخط الله عليك والنبي صلى الله عليه وسلم يقول كما في حديث عائشة "من التمس رضا الله بسخط الناس رضي الله عنه وأرضى عنه الناس ومن التمس رضا الناس بسخط الله سخط الله عليه وأسخط عليه الناس" فلا يتنازل المسلم عن شيء من حقوق الله جل وعلا ولذلك شرع الله الجهاد في سبيله وشرع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وشرع الحدود على الجرائم ولم يأمر بالتسامح فيها والنبي صلى الله عليه وسلم قال" إنما أهلك من كان من قبلكم أنهم إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد" ثم قال صلى الله عليه وسلم: "وايم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقة لقطعت يدها" فلا تسامح في حدود الله فالتسامح المطلوب هو التسامح فيما بين الناس في حقوقهم هم وكما ذكرنا وكما أنه ينكر على الغلاة والمتطرفين والمتشددين أيضا ينكر مثل أو أشد من تساهل في أوامر الله ونواهيه وشريعته وبحجة التسامح يقولون الدين سمح نعم الدين سمح في تشريعاته وليس سمحا في أنك تتركه أو تترك شيئا منه.
سمح في تشريعاته الله جل وعلا شرع لنا أحسن الشرائع وأكملها ولم يجعل فيها حرجاً علينا وشرع لنا الرخص عند الحاجة شرع لنا الإفطار في رمضان في السفر شرع لنا الإفطار في رمضان للمرض الذي يستدعي الإفطار بشرط أن نقضيه من أيام أخر شرع لنا قصر الصلاة الرباعية إلى ركعتين في السفر هذه السهولة والرخص الشرعية أما الرخص التي يريدها كثير من الجهال أو المغرضين اليوم فمعناها أنك تترك أوامر الله ونواهيه وتأخذ هواك وتتبع شهواتك أو تجاري الناس لئلا تغضب الناس فهذا يجب التنبه له فيجب أن تنتبه لهذا فنقول لا.
نحن لسنا مع المتشددين ولسنا مع المتساهلين وإنما نحن مع المتوسطين مع الصراط المستقيم مع السبيل المستقيم فهذا طريقنا وهذا منهجنا وهذا ما نتدارسه وندرسه في مدارسنا وجامعتنا ومساجدنا نتدارس طريق الوسطية في كل أمر من أمور الدين هو ليس مع جانب التشدد والمشقة الشديدة وليس هو مع جانب التساهل والضياع والميوعة.
فيجب أن نعرف أنه لا يركز على الإنكار على المتشددين فقط ويترك المتساهلون بل ينكر على هؤلاء وهؤلاء ويحذر من هؤلاء وهؤلاء ويبين الطريق الصحيح في هذا الأمر حتى لا يلتبس على الناس فإذا تكلم هؤلاء ونادوا بالتساهل والتسامح والتسيب أو قام الغلاة والمتشددون ونادوا بالتشدد والتطرف فلا يجوز لنا أن نسكت لا يجوز لأهل العلم أن يسكتوا بل يجب أن ينكروا على الطرفين وأن يبينوا الطريق الصحيح للأمة لئلا يضلوها لا يضلها المتشددون فيخرجونها عن مسارها ولا يضلها المتساهلون المتميعون فيضيعون دينهم فيجب على العلماء أن يبينوا هذا ويجب عليكم أنتم بالذات وأنتم طلبة كلية الشريعة وكذلك المشايخ الذين يدرسون في هذه الكلية المباركة فيجب على كل مسلم يدرس في كل مجال يجب أن يبين هذا لطلابه خصوصا في هذا الوقت التي اشتدت فيه حاجة وكثرت فيه الأصوات والشيطان لعنه الله ينظر في ابن آدم فإن رأى فيه حبا للخير ورغبة في الخير حمله على التشدد والزيادة ليخرجه عن الطريق السوي وعن الوسطية وإن رأى منه محبة للشهوات محبة للكسل زاده من الشهوات والكسل ومن الضياع من تضييع الواجبات حتى يخرجه إلى جانب السلبية فهو حريص على أن يخرج المؤمنين من الطريقين من طريق الزيادة والتشدد ومن طريق التساهل والتسيب إلا من رحم الله واعتصم بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وبما عليه سلف هذه الأمة فإن هذا الذي يعجز الشيطان ويدحره نسأل الله يجعلنا وإياكم من هؤلاء من أهل الوسط في الدين الله عز وجل فهذا أمر مهم وهذا جانب عظيم فيجب أن يلقن الطلاب من سن الصغر أن يلقنوا هذا المبدأ مبدأ الوسطية في دينهم والحمد لله المقررات والكتب التي ندرسها كلها تحمل هذا المنهج منهج الوسطية لكن الشأن في من يفهمها ومن يوصلها إلى أذهان الطلاب ويبينها لهم ويحثهم عليها هذا هو الشأن وإلا وجود الكتب من دون أن تقرأ ومن دون أن تشرح وتبين لا يجدي شيئا وهذا هو شأنكم أيها في هذه الكلية المباركة أن عملوا الطلاب الطريق الوسط لأننا الآن في أشد الحاجة إليه لكثرة الأصوات المنادية للإخراج منه إما إلى الغلو والتطرف وسفك الدماء والتخريب وإما إلى التساهل والضياع وتعطيل الحدود وتعطيل الشريعة وتنحية الشريعة عن الحكم والحث على العري والسفور وإخراج المرأة عن مسارها الصحيح إلى مسارات أهل الضلال وأهل الضياع لأن المرأة إذا فسدت تدمر المجتمع مثل القنابل الموقوتة فلا بد أن يحافظ عليها ولابد أن تضبط بالضوابط الشرعية.والرجل كذلك لكن المرأة فيها فتنة والفتن على قسمين فتن الشبهات وهذه في العقيدة وفتن الشهوات وهذه في الأخلاق والسلوك والشيطان وأعوانه من شياطين الإنس والجن يروجون هذه الشبهات على الناس إما في عقيدتهم في الشبهات والتشكيك والإلحاد وإما في أخلاقهم وفي سلوكهم في إتباع الشهوات (وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيماً) هذا من باب التحذير من أصحاب الشهوات وأصحاب الشبهات يجب أن نكون على حذر جاء ثلاثة نفر من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم تحركت فيهم الديانة وحب الخير فجاءوا إلى نساء النبي صلى الله عليه وسلم يسألونهن عن عبادة الرسول صلى الله عليه وسلم فأخبرنهم بذلك وكأنهم تقالوا عبادة الرسول صلى الله عليه وسلم ثم قالوا أين نحن من رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر فقال أحدهم أما أنا فأصلي ولا أنام وقال الأخر أما أنا فأصوم ولا أفطر وقال الثالث أما أنا فلا أتزوج النساء يريد التبتل عبادة يرد التعبد لله وقال رابع أنا لا أكل اللحم يريد أن يضيق على نفسه فلم بلغ الرسول صلى الله عليه وسلم خبرهم غضب صلى الله عليه وسلم لأن هذا طريق انحراف بحيث أنهم يضنون أنه طريق صواب فخطب صلى الله عليه وسلم فقال عليه الصلاة والسلام: "ما بال أقوام يقولون كذا وكذا أما أنا فأصلي وأنام وأصوم وأفطر وأتزوج النساء"، وفي رواية: "وأكل اللحم فمن رغب عن سنتي فليس مني" هذا جانب الغلو وزيادة عن ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وفي جانب التساهل الرسول صلى الله عليه وسلم كان يقطع يد السارق ويرجم الزاني ويجلد شارب الخمر ويقيم الحدود والتعزيرات على العصاه منعاً لتساهل وكان يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر منعا لتساهل فهذا يجب أن نعرفه وأن نحافظ عليه وأن نسير عليه وأن نبينه للناس لأن حاجة الناس اليوم لهذا أشد لأن الناس يتنازعهم تياران تيار الغلو والتشدد وتيار التساهل والضياع فيجب أن نعرف هذا الأمر وأن نوضحه للناس وأن نتمثله لأنفسنا أولاً حتى نكون من أمة الوسط نكون على الوسطية التي هي ديننا.
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

رَكان
2012-03-23, 21:09
فيجب أن نعرف هذا الأمر وأن نوضحه للناس وأن نتمثله لأنفسنا أولاً حتى نكون من أمة الوسط نكون على الوسطية التي هي ديننا.



بارك الله فيك أيها المحب للسنة...هو كذلك كان منهج سار عليه فضيلة الشيخ القرضاوي حفظه الله ورعاه كما دعا إليه وقد أثمرت دعواه كل خير ..فهاهم العلماء يدعون بدورهم الى الإلتزام بالوسطية منهجا.
ولقد أشار إلى ذلك في قوله .:

ومن فضل الله علينا : ان وفقنا لهذا المنهج الأصيل , وثبتنا عليه . ومن فضله سبحانه : أن أصبح هذا
النهج اليوم هو النهج الأول في التوجيه والتأثير
, بعد أن كان في بعض الأزمان موضع الاتهام والغمز .

..أحييك..

رَكان
2012-03-24, 17:18
مفهوم الوسطية

من قديم تعرضت لبيان مفهوم " الوسطية" وخصائصها ومظاهر تجليها , وذلك في كتابي " الخصائص العامة للإسلام" باعتبار " الوسطية " من ابرز خصائص الإسلام , ويعبَّر عنها أيضا بـ "التوازن" أو"الاعتدال" , ونعني بها : التوسط أو التعادل بين طرفين متقابلين أو متضادين , بحيث لا ينفرد أحدهما بالتأثير , ويطرد الطرف المقابل , وبحيث لا يأخذ أحد الطرفين أكثر من حقه , ويطغى على مقابله ويحيف عليه .
مثال الأطراف المتقابلة أو المتضادة : الربانية والإنسانية , الروحية والمادية , الأخروية والدنيوية , الوحي والعقل , الماضوية والمستقبلية , الفردية والجماعية الواقعية والمثالية , الثبات والتغير , وما شابهها .
ومعنى التوازن بينها : أن يفسح لكل طرف منها مجاله , ويُعطي حقه "بالقسط" أو "بالقسطاس المستقيم" , بلا وكس ولا شطط , وبلا غلو ولا تقصير , ولا طغيان ولا إخسار . كما أشار إلى ذلك كتاب الله بقوله " وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ (7) أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ (8) وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ" (الرحمن7ـ9). فالوسطية هي التي تقيم الوزن بالقسط , وبلا طغيان ولا إخسار .

عجز الإنسان عن إنشاء نظام متوازن
وهذا التوازن العادل في الحقيقة أكبر من أن يقدر عليه الإنسان ؛ بعقله المحدود , وعلمه القاصر , فضلا عن تأثير ميوله , ونزعاته الشخصية , والأسرية والحزبية , والإقليمية والعنصرية , وغلبتها عليه من حيث يشعر أو لا يشعر .
ولهذا يخلو منهج أو نظام يضعه بشر ـ فرد أو جماعة ـ من الإفراط أو التفريط , كما يدل على ذلك استقراء الواقع وقراءة التاريخ .
إن القادر على إعطاء كل شيء في الوجود ـ ماديا كان أو معنوياـ حقه بحساب وميزان هو الله ؛ الذي خلق كل شيء فقدرَّه تقديرا , وأحاط بكل شيء خُبْرا, وأحصى كل شيء عَدَدا , ووسع كل شيء رحمة وعلما .
ولا عجب أن نرى هذا التوازن الدقيق في خلق الله , وفي أمر الله جميعا , فهو صاحب الخلق والمر , فظاهرة التوازن , تبدو فيما أمر الله به وشرعه من الهُدى ودين الحق , أي : في نظام الإسلام ومنهجه للحياة , كما تبدو في هذا الكون الذي أبدعته يد الله فأتقنت فيه كل شيء .

ظاهرة التوازن في الكون كله
ننظر في العالم من حولنا فنجد الليل والنهار , والظلام والنور , والحرارة والبرودة , والماء واليابس , والغازات المختلفة , كلها بقَدَر وميزان وحساب , لا يطغى شيء منها على مقابله , ولا يخرج عن حدَّه المُقدَّر له .
وكذلك الشمس القمر والنجوم و المجموعات الكونية في فضاء الله الفسيح , إن كلاّ منها يسبح في مداره , ويدور في فلكه , دون أن يصدم غيره , أو يخرج عن دائرته . وصدق الله العظيم إذ يقول :" إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ" (القمر49) , "..مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ .." (الملك3) , "لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ" (40يس).
والإسلام يريد من الأمة المسلمة : أن تعكس ظاهرة التوازن الكونية في حياتها وفكرها وسلوكها , فتتميز بذلك عن سائر الأمم.
وإلى هذه الخصيصة البارزة يشير قوله تعالى مخاطبا أمة الإسلام :"وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا .." (البقرة143) .
ووسطية الأمة الإسلامية إنما هي مستمدَّة من وسطية منهجها ونظامها , فهو وسط لأمة وسط . منهج الاعتدال والتوازن الذي سَلِم من الإفراط والتفريط أو من الغلو والتقصير .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

يتبع بإذن الله..

ز م أمين
2012-03-24, 20:27
وفقكم الله

رَكان
2012-03-24, 20:32
وفقكم الله

آمين ..ولك بما دعوت مثله بل أكثر أيها الفاضل...

رَكان
2012-03-31, 18:46
من مزايا الوسطية وفوائدها
ولقد كان من حكمة الله تعالى أن اختار الوسطية شعاراً مميزاً لهذه الأمة التي هي آخر الأمم , ولهذه الرسالة التي ختم بها الرسالات الإلهية , وبعث بها خاتم أنبيائه , رسولاً للناس جميعاً , ورحمة للعالمين .
الوسطية أليق بالرسالة الخاتمة
فقد يجوز في رسالة مرحلية محددة الزمان والإطار : أن تعالج التطرف في قضية ما بتطرف مضاد, فإذا كان هناك مبالغة في الدعوة إلى الواقعية قوَّمت بمبالغة مقابلة في الدعوة إلى المثالية . وإذا كان هناك غلو في النزعة المادية , رُدَّ عليها بغلو معاكس في النزعة إلى الروحية , كما رأينا ذلك في الديانة المسيحية وموقفها من النزعة المادية الواقعية عند اليهود والرومان , فإذا أدَّت الدعوة المرحلية دورها الموقوت , وحَدَّتْ من الغلو , ولو بغلو مثله , كان لابد من العودة إلى الحد الوسط , وإلى الصراط السوي , فتعتدل كفتا الميزان وهذا ما جاءت به رسالة الإسلام بوصفها رسالة عالمية خالدة .
على أن للوسطية معنيَ أخرى تميز منهج الإسلام وأمة الإسلام وتجعلها أهلاً للسيادة والخلود .
أ ـ الوسطية تعني العدل
فمن معاني الوسطية التي وصفت بها هذه الأمة في الآية الكريمة ورتُبت عليها شهادتاه على البشرية كلها : العدل , الذي هو ضرورة لقَبول شهادة الشاهد فما لم يكن عدلاً , فإن شهادته مرفوضة مردودة , أما الشاهد العدل والحكم العدل فهو المرضي بين الناس كافة .
وتفسير الوسط في الآية بالعدل ثابت عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقد روى الإمام أحمد والبخاري عن أبي سعيد الخدري أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فسر الوسط هنا بالعدل(1), والعدل والتوسط والتوازن عبارت متقاربة المعنى , فالعدل في الحقيقة توسط بين الطرفين المتنازعين أو الأطراف المتنازعة دون ميل أو تحيز إلى أحدهما أو أحدها . وهو بعبارة أخرى : موازنة بين هذه الأطراف بحيث يعطَي لكل منها حقه دون بخس ولا جَوْر عليه . ولا محاباة له , ومن ثم قال زهير في المدح :
همو وسط يرضي الأنام بحكمهم . . . إذا نزلت إحدى الليالي العظام
يصفهم بالعدل والقسط وعدم التحيز .
وقال المفسرون في قوله تعالى :" قَالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلَا تُسَبِّحُونَ" (القلم28) , أي أعدلهم(2). يؤكد هذا الإمام الرازي في تفسيره بقوله :إن أعدل بقاع الشيء وسطه , لأن حكمه مع سائر أطرافه على سواء , وعلى اعتدال(3).
ويقول المفسر أبو السعود : الوسط في الأصل اسم لما تستوي نسبة الجوانب إليه كمركز الدائرة , ثم استعير للخصال البشرية المحمودة , لكون تلك الخصال أوساطا للخصال الذميمة المكتنفة بها من طرق الإفراط والتفريط(4).
فالوسط يعني إذن العدل والاعتدال . وبعبارة أخرى : يعني التعادل والتوازن بلا جنوح إلى الغلو ولا التقصير .

ب ـ الوسطية تعني الاستقامة
والوسطية تعني كذلك استقامة المنهج , والبعد عن الميل والانحراف . فالمنهج المستقيم , وبتعبير القرآن :"الصراط المستقيم" هو ـ كما عبَّر أحد المفسرين ـ الطريق السوي الواقع وسط الطرق الجائرة عن القصد إلى الجوانب , فإذا فرضنا خطوطا كثيرة واصلة بين نقطتين متقابلتين , فالخط المستقيم إنما هو الخط الواقع في وسط تلك الخطوط المنحنية . ومن ضرورة كونه وسطا بين الطرق الجائرة : أن تكون الأمة المهدية إليه وسطا بين الأمم السالكة إلى تلك الطرق الزائغة (5).
ومن هنا علَّم الإسلام المسلم أن يسأل الله الهداية للصراط المستقيم كل يوم ما لا يقل عن سبع عشرة مرة , وهي عدد ركعات الصلوات الخمس المفروضة في اليوم والليلة . وذلك حين يقرأ فاتحة الكتاب في صلاته فيقول داعيا ربه :" اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ (5) صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ (6) غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ "(الفاتحة5ـ7) .
والإسلام وحده ينفرد بهذه المزية "الوسطية" دون غيره من الملل . جاء في التفسير المأثور التمثيل للمغضوب عليهم باليهود وللضالين بالنصارى(6) , والمعنى في ذلك : أن كلا من اليهود والنصارى يمثلون الإفراط والتفريط في كثير من القضايا , فاليهود قتلوا الأنبياء , والنصارى ألَّهوهم … اليهود أسرفوا في التحريم , والنصارى أسرفوا في التحليل , حتى قالوا : كل شيء طيب للطيبين … اليهود غلوا في الجانب المادي , والنصارى قصروا فيه … اليهود تطرفوا في اعتبار الرسوم في الشعائر والتعبدات , والنصارى تطرفوا في إلغائها .
والإسلام يُعلَّم المسلم لأن يحذر من تطرف كلا الفريقين , وأن يلتزم المنهج الوسط , أو الصراط المستقيم , الذي سار عليه كل من رضي الله عنهم , وأنعم عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين..

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

يتبع.إن شاء الله..

رَكان
2012-04-11, 17:36
ج ـ الوسطية دليل الخيرية


والوسطية كذلك دليل الخيرية, ومظهر الفضل والتميّز , في الماديات والمعنويات . ففي الأمور المادية نرى أفضل حبات العقد واسطته , ونرى رئيس القوم في الوسط والتباع من حوله … وفي الأمور المعنوية نجد التوسط دائما خيرا من التطرف .


ولهذا قال العرب في حكَمهم :"خير الأمور الوسط" , وقال أرسطو: "الفضيلة وسط بين رذيلتين" . ومن هنا قال ابن كثير في قوله تعالى :"أمة وسطا"(البقرة143) . الوسط ههنا الخيار والأجود . كما يقال : قريش أوسط العرب نسبا ودارا , أي خيرها , وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم وسطا في قومه , أي أشرفهم نسبا. ومنه الصلاة الوسطى , التي هي أفضل الصلوات(7).


د ـ الوسطية تمثل الأمان


كما أن الوسطية تمثل منطقة الأمان والبعد عن الخطر , فالأطراف عادة تتعرض للخطر والفساد أكثر من غيرها , بخلاف الوسط فهو محمي ومحروس بما حوله وفي هذا قال الشاعر :


كانت هي الوسط المحمي فاكتنفت . . . بها الحوادث حتى أصبحت طرفا


وكذلك شأن النظام الوسط , والمنهج الوسط , والأمة الوسط .


هـ ـ الوسطية دليل القوة

والوسطية أيضا دليل القوة . فالوسط هو مركز القوة . . ألا ترى الشباب الذي يمثل مرحلة القوة بين ضعفين : ضعف الطفولة وضعف الشيخوخة ؟! والشمس في وسط النهار أقوى منها في أول النهار وآخره ؟
ـــــــــــــــــــــــ

يتبع...................

رَكان
2012-04-20, 12:15
و ـ الوسطية مركز الوحدة
الوسطية تمثل مركز الوحدة ونقطة التلاقي . . . فعلى حين تتعدد الأطراف تعددا قد لا يتناهى , ويبقى الوسط واحد , يمكن لكل الأطراف أن تلتقي عنده ؛ فهو المنتصف , وهو المركز . وهذا واضح في الجانب المادي والجانب الفكري , والمعنوي على سواء .
ومركز الدائرة في وسطها يمكن لكل الخطوط الآتية من المحيط أن تلتقي عنده والفكرة الوسط يمكن أن تلتقي بها الأفكار المتطرفة في نقطة ما ؛ هي نقطة التوازن والاعتدال . كما أن التعدد والاختلاف الفكري يكون حتميا كلما وجد التطرف , وتكون حدته وشدته بقدر حدة التطرف , أما التوسط والاعتدال فهو طريق الوحدة الفكرية ومركزها ومنبعها . ولهذا تثير المذاهب والأفكار المتطرفة من الفرقة والخلاف بين أبناء الأمة الواحدة ما لا تثيره المذاهب المعتدلة في العادة .
لهذه المزايا والفوائد التي ذكرناها للوسطية : حرص الإسلام على أن تكون إحدى خصائصه العامة , وأن تتجلى في كل مقوماته بوضوح , كما يتبين لنا ذلك في الصفحات التالية .
(مظاهر الوسطية)
ــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) رواه البخاري في أحاديث الأنبياء(3339), وأحمد في المسند (11271) , والترمذي في تفسير القرآن(2961(, عن ابي سعيد الخدري.
(2) أنظر تفسير الطبري(12/193), وتفسير ابن كثير(4/521), وتفسير القرطبي(2/148).
(3) انظر تفسير الفخر الرازي (4/108,109)المطبعة المصرية1357هـ (1935م).
(4) تفسير أبي السعود(1/123)طبعة صبيح.
(5) المصدر نفسه .
(6) رواه أحمد في المسند(20351), وقال مخرّجوه : إسناده صحيح ورجاله ثقات رجال الصحيح غير صحابيه , ولا تضر جهالته , وأبو يعلي في المسند(13/101), والبيهقي في الشعب(4/61) , وقال الهيثمي في مجمع الزائد : رواه أبو يعلي وإسناده صحيح(1/

مهاجر إلى الله
2012-04-20, 17:13
حياك الله أخي عمر....

ليست المشكلة في الوسطية ....فكلا يدعي وصلا بليلى....ولكن كيف نعرف انها هي الوسطية ؟
فمصطلح الوسطية مطاط كل يمده على مقاسه.....

كما ان هناك الكثير لا يكاد يفرق بين التمييع والوسطية فتجده وبكل أسف يميع الدين ويجعله كالمطاط بحجة الوسطية وبكل أسف ان الدكتور القرضاوي وقع في هذا المزلق بحجة الوسطية ويتضح ذلك في كثير من فتاواه ومن ردود العلماء عليه قال عليه الصلاة والسلام ففي البخاري ومسلم [[مَا خُيِّرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ أَمْرَيْنِ إِلَّا أَخَذَ أَيْسَرَهُمَا مَا لَمْ يَكُنْ إِثْمًا فَإِنْ كَانَ إِثْمًا كَانَ أَبْعَدَ النَّاسِ مِنْهُ وَمَا انْتَقَمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِنَفْسِهِ إِلَّا أَنْ تُنْتَهَكَ حُرْمَةُ اللهِ فَيَنْتَقِمَ لِلَّهِ بِهَا]] فما أكثر من يجوز الحرام والمشتبه فيه بحجة أنها هي الايسر ....فاختيار الايسر مالم يكن اثما هو الوسطية أما ان نخرج عنهما فلا مفر من الثالث وهو المحرم ....

والله الموفق

aboumoadh
2012-04-20, 17:50
حياك الله أخي عمر....

ليست المشكلة في الوسطية ....فكلا يدعي وصلا بليلى....ولكن كيف نعرف انها هي الوسطية ؟
فمصطلح الوسطية مطاط كل يمده على مقاسه.....

كما ان هناك الكثير لا يكاد يفرق بين التمييع والوسطية فتجده وبكل أسف يميع الدين ويجعله كالمطاط بحجة الوسطية وبكل أسف ان الدكتور القرضاوي وقع في هذا المزلق بحجة الوسطية ويتضح ذلك في كثير من فتاواه ومن ردود العلماء عليه قال عليه الصلاة والسلام ففي البخاري ومسلم [[مَا خُيِّرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ أَمْرَيْنِ إِلَّا أَخَذَ أَيْسَرَهُمَا مَا لَمْ يَكُنْ إِثْمًا فَإِنْ كَانَ إِثْمًا كَانَ أَبْعَدَ النَّاسِ مِنْهُ وَمَا انْتَقَمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِنَفْسِهِ إِلَّا أَنْ تُنْتَهَكَ حُرْمَةُ اللهِ فَيَنْتَقِمَ لِلَّهِ بِهَا]] فما أكثر من يجوز الحرام والمشتبه فيه بحجة أنها هي الايسر ....فاختيار الايسر مالم يكن اثما هو الوسطية أما ان نخرج عنهما فلا مفر من الثالث وهو المحرم ....

والله الموفق
يبقى هذا رأيك و الذين ردوا عليه يخالفوه أصلا في الفهم
فلا غرو أن يخالفوه و يخالفهم

بلقاسمي الجزائري
2012-04-20, 19:37
سكرا للأخ المشرف العام عمر على المقال المنقول للشيخ العلامة يوسف القرضاوي إمام مدرسة الوسطية في عصرنا باستحقاق لكثرة ماكتب عنها وبين معالمها وضوابطها ومارسها في فتاويه ودعوته
نرجو ان تكمل الموضوع كي تكتمل الصورة للقراء

رَكان
2012-04-20, 22:41
حياك الله أخي عمر....

ليست المشكلة في الوسطية ....فكلا يدعي وصلا بليلى....ولكن كيف نعرف انها هي الوسطية ؟
فمصطلح الوسطية مطاط كل يمده على مقاسه.....


صدقت يا مهاجر...كيف نعرفها الوسطية..وإن شئت بمن نعرفها...؟؟؟؟؟
بآراء مخالفي الشيخ القرضاوي ؟؟؟
ثم دعني أخبرك وبلا عاطفة...الشيخ القرضاوي ركب مركبا صعبا في العمل الإسلامي الإصلاحي..وكان جريئا خوضه في مسائل كثيرة وقف عنها بعيدا غيره..فلم يشأ أن تخلو الساحة من إمام يقرب الشريعة من الحياة لم يشأ أن يكون عامة المسلمين يتامى لاأحد يأخذ بأيديهم وهم يخوضون عباب الحياة...فنزل الشيخ حفظه الله الى بساطة هموم وانشغالات العامة البسطاء بل ذهب تلامس سريرته الإصلاحية الى أبعد فاقترب ممن بعد به السفر عن رحاب الإسلام من المسلمين...وقربهم بعدما نأت بهم ظروف الحياة...القرضاوي سيد المقاربة بين واقع الحياة الذي احتوته في بطنها الثقافة الغربية وبين قيم اسلامنا وسماحته ومبادئه...
لواختار الشيخ القرضاوي تعليم الناس فقه العبادات وتوقف عند ذلك لما ناله ما نال من سهام النقد والتجريح..
الشيخ القرضاوي عمل ويعمل ويثابر في أداء رسالته ومؤكد أن من يتحرك ويعمل مؤكد انه يتعرض الى اأن يخطئ ..ولاعصمة الا لنبي..
شكرا جزيلا لك...

رَكان
2014-03-05, 22:55
السلام عليكم ...

وتكملة لما سبق ابتداءه ...نمر اليوم أيها الأفاضل الى ما يليه مما سبق من كتاب الشيخ القرضاوي حفظه الله من كتابه كلمات في الوسطية ..أترككم مع مظاهر الوسطية في الإسلام وأتمنى لكم خير الإستفادة أشكر متابعتكم ...
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مظاهر الوسطية في الإسلام
إذا كان للوسطية كل هذه المزايا , فلا عجب أن تتجلى واضحة في كل جوانب الإسلام , نظرية وعملية , تربوية وتشريعية .
فالإسلام وسط في الاعتقاد والتصور . . . وسط في التعبد والتنسك . . . وسط فيالخلاق والآداب . . . وسط في التشريع والنظام .
أ ـ وسطية الإسلام في الاعتقاد
1ـ فهو وسط في الاعتقاد : بين الخرافيين الذين يسرفون في الاعتقاد ؛ فيصدقون بكل شيء , ويؤمنون بغير برهان , وبين الماديين الذين ينكرون كل ما وراء الحس , ولا يستمعون لصوت الفطرة , ولا نداء العقل , ولا صراخ المعجزة .
فالإسلام يدعو إلى الاعتقاد والإيمان , ولكن بما قام عليه الدليل القطعي , والبرهان اليقيني , وما عدا ذلك يرفضه ويعدُّ من الأوهام , وشعاره دائماً :".. قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ" (البقرة111).
2ـ وهو وسط بين الملاحدة الذين لا يؤمنون بإله قط , خانقين صوت الفطرة في صدورهم , مُتحدَّين منطق العقل في رؤوسهم . . . وبين الذين يعددون الآلهة , حتى عبدوا الأبقار , وألَّهوا الأوثان والأحجار !
فالإسلام يدعو إلى الإيمان بإله واحد لا شريك له , لم يلد ولم يولد , ولم يكن له كفواً أحد , وكل من عداه : مخلوقات لا تملك ضراً ولا نفعاً , ولا موتاً ولا حياة ولا نشوراً ؛ فتأليهها شرك وظلم وضلال مبين :" وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ" (الأحقاف5) .
3ـ وهو وسط بين الذين يعتبرون الكون هو الوجود الحق وحده وما عداه ـ مما لا تراه العين ولا تلمسه اليد ـ خرافة ووهم , وهم الماديون الذين ينكرون كل ما وراء الحس , وبين الذين يعتبرون الكون وهماً لا حقيقة له , وسراباً"..بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآَنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا..(النور39) . فليس إلا وجود واحد هو الله , ولا شيء غيره . وهم القائلون بوحدة الوجود .
فالإسلام يعتبر وجود الكون حقيقة لا ريبفيها , ولكنه يَعبُر من هذه الحقيقة إلى أكبر منها , وهي من كوَّنه ونظَّمه ودبَّر أمره . وهو الله تعالى :" إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآَيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ (190) الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا.."(آل عمران190ـ191).
4ـ وهو وسط بين الذين يؤلهون الإنسان , ويُضفُون عليه خصائص الربوبية ويعتبرونه إله نفسه , يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد , وبين الذين جعلوه أسير جبرية اقتصادية أو اجتماعية أو دينية ؛ فهو كريشة في مهب الريح , أو دُمية يحرك خيوطها المجتمع , أو الاقتصاد أو القدر .
فالإنسان في نظر الإسلام مخلوق مكلَّف مسؤول , عبد لله , سيد في الكون , قادر على تغيير ما حوله بقدر ما يُغيَّر ما بنفسه :".. إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ.."(الرعد11) .
5ـ وهو وسط بين الذين يقدسون النبياء حتى رفعوهم إلى مرتبة الألوهية أو البنوة للإله … وبين الذين كذبوهم واتهموهم , وصبوا عليهم كؤوس العذاب .
فالأنبياء بشر مثلنا . يأكلون الطعام ويمشون فيالأسواق , ولكثير منهم أزواج وذرية , وكل ما بينهم وبين غيرهم من فرق :أن الله مَنَّ عليهم بالوحي , وأيدهم بالمعجزات :" قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَمَا كَانَ لَنَا أَنْ نَأْتِيَكُمْ بِسُلْطَانٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ" (إبراهيم11) .
6ـ وهو وسط بين الذين يؤمنون بالعقل وحده مصدراً لمعرفة حقائق الوجود , وبين الذين لا يؤمنون إلا بالوحي والإلهام , ولا يعترفون للعقل بدور في نفيأو إثبات .
فالإسلام يؤمن بالعقل , ويدعوه للنظر والتفكير , وينكر عليه الجمود والتقليد , ويخاطبه بالأوامر والنواهي , ويكلفه فهمها والاستنباط منها , ويعتمد عليه في إثبات أعظم حقيقتين في الوجود وهما :وجود الله تعالى (1) , وصدق دعوى النبوة , ولكنه يؤمن بالوحي مكملا للعقل ومعينا له فيما تضلفيه العقول وتختلف , وما تغلب عليه الأهواء , وهاديا له إلى ما ليس من اختصاصه ولا هو في مقدوره , من الغيبيات والسمعيات وطرائق التعبد لله .
ب ـ وسطية الإسلام في العبادات والشعائر
والإسلام وسط في عباداته , وشعائره : بين الأديان والنَّحَل التي ألغت الجانب "الرباني"ـ جانب العبادةوالتنسك والتأله ـ من فلسفتها وواجباتها , كالبوذية التي اقتصرت فروضها على الجانب الأخلاقي والإنساني وحده . . . وبين الأديان والنَّحل التي طلبت من أتباعها التفرغ للعبادة والانقطاع عن الحياة والإنتاج , كالرهبانية المسيحية .
فالإسلام يطلب من المسلم أداء شعائر محدودةفي اليوم كالصلاة , أو في السنة كالصوم , أو فيالعمر مرة كالحج , ليظلَّ دائما موصولا بالله , غير مقطوع عن رضاه , ثم يطلقه بعد ذلك ساعياً منتجا , يمشي في مناكب الأرض , ويأكل من رزق الله .
ولعل أوضح دليل نذكره هنا :الآيات الآمرة بصلاة الجمعة :" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (9) فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ" (الجمعة10).
فهذا هو شأن المسلم مع الدين والحياة , حتى فييوم الجمعة : بيع وعمل للدنيا قبل الصلاة , ثم سعي إلى ذكر الله وإلى الصلاة , وترك للبيع والشراء وما أشبهه من مشاغل الحياة , ثم انتشار في الأرض وابتغاء الرزق من جديد بعد انقضاء الصلاة , مع عدم الغفلة عن ذكر الله كثيرا في حال , فهو أساس الفلاح والنجاح .
ج ـ وسطية الإسلام في الأخلاق
1ـ والإسلام وسط في الأخلاق : بين غلاة المثاليين الذين تخيلوا الإنسان ملاكا أو شبه ملاك , فوضعوا له من القيم والآداب ما لا يمكن له , وبين غُلاة الواقعيين الذين حسبوه حيوانا أو كالحيوان , فأرادوا له من السلوك ما لا يليق به , فأولئك أحسنوا الظن بالفطرة الإنسانية فاعتبروها خيرا محضا , وهؤلاء أساءوا بها الظن , فعدَّوها شرا خالصا , وكانت نظرة الإسلام وسطا بين أولئك وهؤلاء .
فالإنسان في نظر الإسلام مخلوق مركب : فيه العقل , وفيه الشهوة . فيه غريزة الحيوان , وروحانية الملاك . قد هي للنجدين , وتهيأ بفطرته لسلوك السبيلين , إما شاكرا وإما كفورا . فيه استعداد للفجور , استعداده للتقوى . ومهمته جهاد نفسه ورياضتها حتى تتزكى :" وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا(7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8) قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا(9) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا" (الشمس10).
2ـ وهو كذلك وسط في نظريته إلى حقيقة الإنسان : بين النَّحَل والمذاهب التي تقوم على اعتباره روحا علويا سُجن في جسد أرضي , ولا يصفو هذا الروح و لا يسمو إلا بتعذيب هذا الجسد وحرمانه , كالبرهمية وغيرها . . . وبين المذاهب المادية التي تعتبر الإنسان جسدا محضا , وكيانا ماديا صرفا , لا يسكنه روح علوي ولا يختص بأي نفحة سماوية .
أما الإنسان في الإسلام , فهو كيان روحي ومادي , كما يشير إلى ذلك خلق الإنسان الأول آدم عليه السلام , فقد خلقه الله من تراب أو طين أو صلصال , وكلها تومئ إلى الأصل المادي لبدن الإنسان , ثم أودع الله في هذه المادة شيئا آخر , هو سر تميز الإنسان , ومنبع كرامته , وفيه يقول للملائكة :" فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ"(29الحجر).
وما دام الإنسان مؤلفا من قبضة الطين ونفخة الروح , أو بلفظ أخصر : من الروح والبدن , فإن لروحه عليه حقا , ولبدنه عليه حقا , وعليه أن يعطي كل ذي حق حقه .
3ـ والإسلام وسط في النظرة إلى الحياة بين الذين أنكروا الآخرة , واعتبروا هذه الحياة الدنيا هي كل شيء , هي البداية والنهاية:" وَقَالُوا إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ" (الأنعام29) , وبهذا غرقوا في الشهوات , وعبّدوا أنفسهم للماديات , ولم يعرفوا لهم هدفا يركضون وراءه غير المنافع الفردية الدنيوية العاجلة . . . وهذا شأن الماديين في كل زمان ومكان .. وبين الذين رفضوا هذه الحياة , وألغوا اعتبارها من وجودهم , واعتبروا شرا يجب مقاومته , والفرار منه فحرَّموا على أنفسهم طيباتها وزينتها , وفرضوا عليها العزلة عن أهلها , والانقطاع عن عمارتها والإنتاج لها.
فالإسلام يعتبر الحياتين , ويجمع بين الحسنتين , ويجعل الدنيا مزرعة للآخرة , ويرى العمل في عمارتها عبادة لله وأداء لرسالة الإنسان , وينكر على غلاة المتدينين تحريم الزينة والطيبات , كما ينكر على الآخرين انهماكهم في الترف والشهوات , يقول الله تعالى في كتابه :".. وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ" (محمد12) , ويقول تعالى :" يَا بَنِي آَدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ (31)قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ.."(الأعراف32) .ويذكر القرآن أن السعادة والحياة الطيبة في الدنيا من مثوبة الله لعباده المؤمنيين فيقول : "فَآَتَاهُمُ اللَّهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الْآَخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ" (آل عمران148) , ويعلم المؤمنين هذا الدعاء القرآني الجامع لحسنتي الدارين : "..رَبَّنَا آَتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآَخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ" (البقرة201) .
وكذلك الدعاء النبوي :"اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري , وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي , وأصلح لي آخرتي التي إليها معادي , واجعل الحياة زيادة لي في كل خير , والموت راحة لي من كل شر "(2).
د ـ وسطية الإسلام في التشريع
والإسلام وسط كذلك في تشريعه ونظامه القانوني والاجتماعي . فهو وسط في التحليل والتحريم بين اليهودية التي أسرفت في التحريم , وكشرت فيها المُحرَّمات , مما حرَّمه إسرائيل على نفسه , ومما حرَّمه الله على اليهود جزاء بغيهم وظلمهم , كما قال الله تعالى :" فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيرًا(160) وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ .."(النساء161) .
وبين المسيحية التي أسرفت في الإباحة , حتى أحلت الأشياء المنصوص على تحريمها في التوراة , مع أن الإنجيل يعلن أن المسيح لم يجيء لينقض ناموس التوراة بل ليكمله(3) ومع هذا أعلن رجال المسيحية أن كل شيء طاهر للطاهرين (4) .
فالإسلام أحلَّ وحرَّم ولكنه لم يجعل التحليل ولا التحريم من حق بشر , بل من حق الله وحده , ولم يُحرَّم إلا الخبيث الضار , كما لم يُحل إلا الطيب النافع , ولهذا كان من أوصاف الرسول عند أهل الكتاب أنه "..يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ .."(الأعراف157) .
والتشريع الإسلامي وسط في شؤون الأسرة كما هو وسط في شؤونه كلها وسط بين الذين شرعوا تعدد الزوجات بغير عدد ولا قيد , وبين الذين رفضوه وأنكروه ولو اقتضته المصلحة وفرضته الضرورة والحاجة .
فقد شرع الإسلام الزواج بشرط القدرة على الإحصان والإنفاق , والثقة بالعدل بين الزوجتين , فإن خاف ألا يعدل , لزمه الاقتصار على واحدة , كما قال تعالى :".. فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً .."(النساء3).
وهو وسط في الطلاق بين الذين حرَّموا الطلاق , لأي سبب كان , ولو استحالت الحياة الزوجية إلى جحيم لا يطاق , كالكاثوليك , وقريب منهم الذين حرموه إلا لعلة الزنا والخيانة الزوجية كالأرثوذكس . . . وبين الذين أرْخَوا العنان في أمر الطلاق , فلم يقيدوه بقيد أو شرط , فمن طلب الطلاق من امراة أو رَجل , كان أمره بيده , وبذلك سهل هدم الحياة الزوجية بأوهى سبب , وأصبح هذا الميثاق الغليظ أوهى من بيت العنكبوت .
إنما شرع الإسلام الطلاق , عندما تفشل كل وسائل العلاج الأخرى , ولا يجدي تحكيم ولا إصلاح , ومع هذا فهو أبغض الحلال إلى الله , ويستطيع المُطلَّق مرة ومرة أن يراجع مطلقته ويعيدها إلى حظيرة الزوجية من جديد . كما قال الله تعالى :" الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ .."(البقرة229) .
والإسلام وسط في تشريعه ونظامه الاجتماعي بين "الليبراليين" أو "الرأسماليين" الذين يُدلَّلون الفرد على حساب المجتمع , بكثرة ما يعطى له من حقوق يطالب بها , وقلة ما يفرض عليه من واجبات يسأل عنها , فهو دائما يقول :"لي. . . " وقلما يقول:"علي. . ." , وبين الماركسيين والجماعيين الذين يضخمون دور المجتمع , بالضغط على الفرد , والتقليل من حقوقه , والحجر على حريته , ومصادرة نوازعه الذاتية .
هـ ـ التوازن بين الفردية والجماعية
وفي النظام الإسلامي تلتقي الفردية والجماعيةفي صورة متزنة رائعة , تتوازن فيها حرية الفرد ومصلحة الجماعة , وتتكافأ فيها الحقوق والواجبات , وتتوزع فيها المغانم والتبعات بالقسطاس المستقيم .
لقد تخبطت الفلسفات والمذاهب من قديم , فيقضية الفرد والمجتمع والعلاقة بينهما : هل الفرد هو الأصل والمجتمع طارئ مفروض عليه ؛ لأن المجتمع إنما يتكون من الأفراد ؟ أو المجتمع هو الأساس والفرد نافلة ؛ لأن الفرد بدون المجتمع مادة غفل (خام) , والمجتمع هو الذي شكلها ويعطيها صورتها ؛ فالمجتمع هو الذي يورث الفرد ثقافته وآدابه وعاداته وغير ذلك ؟
من الناس مَن جنح إلى هذا , ومنهم من مال إلى ذلك , واحتد الخلاف بين الفلاسفة والمشرعين والاجتماعيين والاقتصادي والسياسيين في هذه القضية , فلم يصلوا إلى نتيجة .
كان "أرسطو" يؤمن بفردية الإنسان , ويحبَّذ النظام الذي يقوم على الفردية , وكان أستاذه "أفلاطون" يؤمن بالجماعية ـ "الاشتراكية" ـ كما يتضح ذلك فيكتابه " الجمهورية".
وبهذا لم تستطع الفلسفة الإغريقية ـ (أشهر الفلسفات البشرية القديمة) ـ أن تَلَّ هذه العقدة , وأن تخرج الناس من هذه الحَيرة , كشأن الفلسفة دائمافي كل القضايا الكبيرة , تعطي الرأي وضده , ولا يكاد أقطابها يتفقون على حقيقة , حتى قال أحد أساتذتها : الفلسفة لا رأي لها !! لأنها تقول الشيء ونقيضه !!
وفي فارس ظهر مذهبان متناقضان : أحدهما فردي ويدعو إلى التقشف والزهد , والامتناع عن الزواج , ليعجل الإنسان بفناء العالم , الذي يعُجُّ بالشرور والآلام , وهذا هو مذهب آخر يمثل أقصى "الجماعية" هو مذهب "مزدك" الذي دعا إلى شيوعية الموال والنساء وتبعه كثير من الغوغاء , الذين عاثوا فيالأرض فسادا , وضجت منهم البلاد والعباد .
وقد جاءت الأديان السماوية لتقيم التوازن في الحياة , والقسط بين الناس , كما قررَّ ذلك القرآن الكريم ," لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ.."(الحديد25) , ولكن أتباعها سرعان ما حرَّفوها وبدَّلوا كلمات الله , ففقدت بذلك كثيرا من وظيفتها في الحياة , حين فقدت ميزتها الأولى وهي : ربانية المصدر . وتركت لرجال كهنوتها يُحلون لها ويُحرمون عليها دون إذن من الله تعالى :" اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ" (التوبة31) .
ولهذا , لم تقدم الأديان السابقة قبل الإسلام حلا لهذه المشكلة , فقد كان اليهود الذين تفرقوا في الأرض يؤيدون الفردية , بل الفردية الطاغية , وبتفكيرهم وسلوكهم القائم على الأنانية والعزلة عن المجتمعات :" وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ .."(النساء161) , كما سجل عليهم القرآن العزيز .
وجاءت المسيحية أيضا تهتم بنجاة الفرد قبل كل شيء , تاركة شأن المجتمع لقيصر , أو على الأقل(5) , هذا ما يفهم من ظاهر ما يحكيه الإنجيل عن المسيح , حين قال : اعط ما لقيصر لقيصر , وما لله لله!!(6)
إذا طوينا كتاب التاريخ وتأملنا صفحات الواقع , فماذا ترى؟
إن عالمنا يقوم فيه صراع ضخم بين المذهب الفردي , والمذهب الجماعي فالرأسمالية تقوم على تقديس الفردية , واعتبار الفرد هو المحور الأساسي , فهي تدلَّله بإعطاء الحقوق الكثيرة , التي تكاد تكون مطلقة , فله حرية التملك , وحرية القول , وحرية التصرف , وحرية التمتع , ولو أدت هذه الحريات إلى إضرار نفسه , وإضرار غيره , ما دام يستعمل حقه في"الحرية الشخصية" , فهو يتملك المال بالاحتكار والحيل والربا , وينفقه في اللهو والخمر والفجور , ويمسكه عن الفقراء والمساكين والـمُعْوِزين , ولا سلطان لأحد عليه , لأنه "هو حر!".
و المذاهب الاشتراكية ـ وبخاصة المتطرفة منه كالماركسية ـ تقوم على الحط من قيمة الفرد والتقليل من حقوقه , والإكثار من واجباته , واعتبار المجتمع هو الغاية وهو الأصل . وما الأفراد غلا أجزاء أو تروس صغيرة في تلك " لآلة" الجبارة , التي هي المجتمع , والمجتمع في الحقيقة هو الدولة , والدولةفي الحقيقة هي الحزب الحاكم , وإن شئت قلت : هي اللجنة العليا للحزب , وربما كانت هي زعيم الحزب فحسب , هي الدكتاتور !!
إن الفرد ليس له حق التملك إلا في بعض المتعة , والمنقولات , وليس له حق المعارضة , ولا حق التوجيه لسياسة بلده وأمته , وإذا حدَّثتْه نفسه بالنقد العلني أو الخفي , فإن السجون والمنافي وحبال المشانق له بالمرصاد !
ذلك هو شأن فلسفات البشر ومذاهب البشر , والديانات التي حرَّفها البشر , وموقفها من الفردية والجماعية , فماذا كان موقف الإسلام ؟
لقد كان موقفه فريدا حقا , لم يَمِل مع هؤلاء ولا هؤلاء , ولم يتطرف إلى اليمين ولا إلى اليسار .
إن شارع هذا الإسلام هو خالق الإنسان ؛ فمن المحال أن يشرع هذا الخالق من الأحكام والنظم ما يعطل فطرة الإنسان أو يصادمها . وقد خلقه سبحانه على طبيعة مزدوجة : فردية واجتماعية في آن واحد . فالفردية جزء أصيل في كيانه , ولهذا يحب ذاته , ويميل إلى إثباتها وإبرازها ويرغب في الاستقلال بشؤونه الخاصة .
ومع هذا نرى فيه نزعة فطرية إلى الاجتماع بغيره , ولهذا عُدَّ السجن الإنفرادي عقوبة قاسية للإنسان , ولو كان يتمتع داخله بما لذ وطاب من الطعام والشراب .
ولهذا قال الحكماء من قديم : الإنسان مدني بطبعه , وقال فلاسفة الاجتماع المحدثون : الإنسان حيوان اجتماعي .
والنظام الصالح هو الذي يراعي هذين الجانبين فيحياة البشر : الفردية والجماعية , ولا يُطغى أحدهما على الآخر . فلا عجب أم جاء الإسلام ـ وهو دين الفطرة ـ نظاما وسطا عدلا , لا يجور على الفرد لحساب المجتمع , ولا يحيف على المجتمع من اجل الفرد , لا يُدلَّل الفرد بكثرة الحقوق التي تمنح له , ولا يرهقه بكثرة الواجبات التي تلقى عليه , وإنما يكلفه من الواجبات في حدود وُسْعه دون حرج ولا إعنات , ويقرر له من الحقوق ما يكافئ واجباته , ويلبي حاجته , ويحفظ كرامته , ويصون إنسانيته .
ولذلك تطبيقات كثيرة , وأحكام شتّى , تمثل هذا التوازن , أو هذه الوسطية :في حياة الفرد , وفيحياة الأسرة , وفي حياة المجتمع , وفي حياة الأمة , وفي حياة الدولة , وفي العلاقات الدولية و الإنسانية بصفة عامة . ولا يتسع المجال لإيرادها هنا . فلتراجعفي مظانّها(7) .

باهي جمال
2014-03-06, 07:01
بارك الله فيك احي عمر على نقلك واثرائك لهذا الموضوع المتميز والذي جاء في وقت نحن اشد حاجة اليه امام التطرف والغلو والجحود والتمييع الذي انتشر في المجتمع وقد غالى الخوارج من قبل في التمسك بالقران الكريم على حساب السنة المطهرة وقد جاء من بعدهم من غالى في السنة المظهرة على حساب القران الكريم وكله نهج تطرفي بعيدا عن الوسطية والاعتدال

باهي جمال
2014-03-06, 07:09
لمروق من السُّنَّة:
مرق الخوارج من الإسلام بالغلوِّ في القرآن و تعطيل السُّنَّة، ومرق بعضهم من السُّنَّة بالغلوِّ فيها و تفريق المسلمين.
قال ابن تيميَّة في (مجموع الفتاوى){383/3}: ((قَدْ انْتَسَبَ إلَى الْإِسْلَامِ مَنْ مَرَقَ مِنْهُ مَعَ عِبَادَتِهِ الْعَظِيمَةِ؛ حَتَّى أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقِتَالِهِمْ فَيُعْلَمُ أَنَّ الْمُنْتَسِبَ إلَى الْإِسْلَامِ أَوْ السُّنَّةِ فِي هَذِهِ الْأَزْمَانِ قَدْ يَمْرُقُ أَيْضًا مِنْ الْإِسْلَامِ وَالسُّنَّةِ حَتَّى يَدَّعِيَ السُّنَّةَ مَنْ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا بَلْ قَدْ مَرَقَ مِنْهَا وَذَلِكَ " بِأَسْبَابِ ": - مِنْهَا الْغُلُوُّ الَّذِي ذَمَّهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ حَيْثُ قَالَ: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إلَّا الْحَقَّ إنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ} إلَى قَوْلِهِ: {وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا} وَقَالَ تَعَالَى. {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ} وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {إيَّاكُمْ وَالْغُلُوَّ فِي الدِّينِ فَإِنَّمَا أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ الْغُلُوُّ فِي الدِّينِ} وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ. وَمِنْهَا التَّفَرُّقُ وَالِاخْتِلَافُ الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ الْعَزِيزِ))
ماذا كان سيقول لو رأى حال المنتسبين للسنة في هذا العصر من التناحر و تضليل بعضهم بعضا ،وتبادل التهم حتى الحقيرة منها؟!
ماذا كان سيقول إذا رأى بعض المنتسبين للسلفية يزعم أن من أهل السنة من هو من أحط أهل البدع واضر على المسلمين من الرافضة واليهود و النصارى ومن إبليس ويعمل فيهم أقوال السلف في الجهمية ؟!

الشيخ مختار الطيباوي

أحمدالسني
2014-03-06, 12:09
لمروق من السُّنَّة:
مرق الخوارج من الإسلام بالغلوِّ في القرآن و تعطيل السُّنَّة، ومرق بعضهم من السُّنَّة بالغلوِّ فيها و تفريق المسلمين.
قال ابن تيميَّة في (مجموع الفتاوى){383/3}: ((قَدْ انْتَسَبَ إلَى الْإِسْلَامِ مَنْ مَرَقَ مِنْهُ مَعَ عِبَادَتِهِ الْعَظِيمَةِ؛ حَتَّى أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقِتَالِهِمْ فَيُعْلَمُ أَنَّ الْمُنْتَسِبَ إلَى الْإِسْلَامِ أَوْ السُّنَّةِ فِي هَذِهِ الْأَزْمَانِ قَدْ يَمْرُقُ أَيْضًا مِنْ الْإِسْلَامِ وَالسُّنَّةِ حَتَّى يَدَّعِيَ السُّنَّةَ مَنْ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا بَلْ قَدْ مَرَقَ مِنْهَا وَذَلِكَ " بِأَسْبَابِ ": - مِنْهَا الْغُلُوُّ الَّذِي ذَمَّهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ حَيْثُ قَالَ: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إلَّا الْحَقَّ إنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ} إلَى قَوْلِهِ: {وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا} وَقَالَ تَعَالَى. {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ} وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {إيَّاكُمْ وَالْغُلُوَّ فِي الدِّينِ فَإِنَّمَا أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ الْغُلُوُّ فِي الدِّينِ} وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ. وَمِنْهَا التَّفَرُّقُ وَالِاخْتِلَافُ الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ الْعَزِيزِ))
ماذا كان سيقول لو رأى حال المنتسبين للسنة في هذا العصر من التناحر و تضليل بعضهم بعضا ،وتبادل التهم حتى الحقيرة منها؟!
ماذا كان سيقول إذا رأى بعض المنتسبين للسلفية يزعم أن من أهل السنة من هو من أحط أهل البدع واضر على المسلمين من الرافضة واليهود و النصارى ومن إبليس ويعمل فيهم أقوال السلف في الجهمية ؟!

الشيخ مختار الطيباوي
بارك الله فيك

mohamedsport
2014-03-07, 01:15
بارك الله فيكم

الرائد الجديد
2014-03-07, 03:52
إن أفضل ما قرأت عن الوسطية عبارة قالها أحد العلماء المغاربة في دروس رمضانية ربما كان عنوانها الدروس الحسنية إن لم تخني الذاكرة وبحضور ملك المغرب آنذاك وهي ( الاعتدال فضيلة بين رذيلتين )
نعم ايها الاخ الكريم عمر اعتدال المسلم يتناغم مع اعتدال الكون لكن ما هي مقاييس الاعتدال في كل جوانب الحياة الروحية والمادية والادبية والذوقية ... إن المسالة تتحكم فيها عدة عوامل موقع الفرد وزمانه وظروفه . فهل يمكن أن تكون النمطية للوسطية معقولة ومقبولة ولا تتعارض مع الشرع والعرف .أم أن الامر مختلف يتطلب دراسة لتحديد المفاهيم والمقاييس ؟ ما نراه اعتدالا في التعبد نحن العامةَ يراه غيرنا من الرجال تفريطا بل وإهمالا للواجب الديني وهم ليسوا مغالين بذلك . بل المسالة تختلف من فرد الى فرد جمعهما مكان واحد وزمان واحد ولا يكلف الله نفسا الا يؤتيها من قدرات . أشكرك اخي عمر وما اردت بهذا الا ان أفتح لك مجالا للبحث والنقاش . وليت الناس يطلعون على هذا الموضوع لانه موضوع الساعة وموضوع كل ساعة .والله نسال التوفيق والقَبول والسلام عليكم.

باهي جمال
2014-03-07, 07:01
إن أفضل ما قرأت عن الوسطية عبارة قالها أحد العلماء المغاربة في دروس رمضانية ربما كان عنوانها الدروس الحسنية إن لم تخني الذاكرة وبحضور ملك المغرب آنذاك وهي ( الاعتدال فضيلة بين رذيلتين )
نعم ايها الاخ الكريم عمر اعتدال المسلم يتناغم مع اعتدال الكون لكن ما هي مقاييس الاعتدال في كل جوانب الحياة الروحية والمادية والادبية والذوقية ... إن المسالة تتحكم فيها عدة عوامل موقع الفرد وزمانه وظروفه . فهل يمكن أن تكون النمطية للوسطية معقولة ومقبولة ولا تتعارض مع الشرع والعرف .أم أن الامر مختلف يتطلب دراسة لتحديد المفاهيم والمقاييس ؟ ما نراه اعتدالا في التعبد نحن العامةَ يراه غيرنا من الرجال تفريطا بل وإهمالا للواجب الديني وهم ليسوا مغالين بذلك . بل المسالة تختلف من فرد الى فرد جمعهما مكان واحد وزمان واحد ولا يكلف الله نفسا الا ما يؤتيها من قدرات . أشكرك اخي عمر وما اردت بهذا الا ان أفتح لك مجالا للبحث والنقاش . وليت الناس يطلعون على هذا الموضوع لانه موضوع الساعة وموضوع كل ساعة .والله نسال التوفيق والقَبول والسلام عليكم.


هو ذاك اخي الكريم كما قال الشاعر
واذا كانت النفوس عظاما تعبت في مرادها الاجسام
وقيل ايضا
حسنات الابرار سيئات المقربين
فاننا اذ نمدح الفرد المسلم العامي بمحافظته على اركان الاسلام نرى ان طالب العلم مطالب بالتزود اكثر والعالم مطالب بالجاهدة اكثر منهما وبارك الله فيك على الالتفاته الطيبة فلكل موقع وسطيته وتوازنه وليسوا سواءا

وقد خاطب العالم المجاهد عبد الله بن مبارك اخيه العالم العابد الفضيل بن عياض بقوله

يا عابدَ الحرمين لو أبصرتْـَنا ... لعلمتَ أنَّكَ في العبادةِ تلعبُ

مَنْ كانَ يخضبُ خدَّه بدموعِه ... فنحورنُـا بدمـائِنا تَتَخْضَبُ

أوكان يتعبُ خيله في بـاطل ... فخيـولنا يوم الصبيحة تتعبُ

ريحُ العبيرٍ لكم ونحنُ عبيرُنا ... رَهَجُ السنابكِ والغبارُ الأطيبُ

ولقد أتـانا مـن مقالِ نبيِنا ... قولٌ صحيحٌ صادقٌ لا يَكذبُ

لا يستوي غبـارُ أهلِ الله في ... أنفِ أمرئٍ ودخانُ نارٍ تَلهبُ

هذا كتابُ الله ينـطقُ بيننا ... ليسَ الشهيدُ بميـتٍ لا يكذبُ

باهي جمال
2014-03-08, 08:02
بارك الله فيك


وفيك بارك الله
اللهم انا نعوذ بك من الغلو في القران او السنة

رَكان
2014-03-08, 11:42
السلام عليكم...
وقفة أخرى مع كتاب كلمات في الوسطية للعلامة الدكتور الشيخ القرضاوي حفظه الله...هنا سنقف عند حديثه عن صلته بالوسطية ..أرجو لكم متابعة طيبة....
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


صلتي بالوسطية
تركيزي على الوسطية من قديم
لقد أكرمني الله تعالى بتبني تيار الوسطية , ومنهج الوسطية من قديم , ولم يكن ذلك اعتباطا , ولا تقليد لأحد , أو اتباعا لهوى , ولكن لما قام عندي من الدلائل الناصعة , والبراهين القاطعة على أن هذا المنهج هو الذي يُعبَّر عن حقيقة الإسلام .
لا أعني إسلام بلد من البلدان , ولا فرقة من الفرق , ولا مذهب من المذاهب , ولا جماعة من الجماعات , ولا عصر من العصور .
بل عنيت به "الإسلام الأول" قبل أن تشوبه الشوائب , وتلحق به الزوائد والمبتدعات , وتُكدَّر صفاءه الخلافات المفرَّقة للأمة , ويصيبه رذاذٌ من نِحل الأمم التي دخلت فيه , وتلتصق به أفكار دخيلة عليه , وثقافات غريبة عنه .
أعني بهذا الإسلام الأول : إسلام القرآن الكريم , والسنة النبوية الصحيحة .. الإسلام الذي دعا إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم , بما أوحي إليه من ربه , وبما بيَّنه بقوله وفعله وتقريره وسيرته . إسلام أصحاب رسول الله , الذين تتلمذوا على يديه , وشاهدوا أسباب نزول القرآن , وورود الأحاديث , وكان لديهم من صفاء الفطرة , وصدق الإيمان , وتذوق اللغة : ما أعانهم على حسن فَهم هذا الدين , الذين أخذوه بقوة من مُعلَّمه الأول , وطبقوه على حياتهم تطبيقا دقيقا .
هؤلاء الصحابة , الذي أثنى عليهم القرآن في أواخر سورة الأنفال و في أواسط سورة الفتح , وآخرها , وفي سورة التوبة حين قال تعالى :" وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ.."(التوبة100).
كما أثنى عليهم رسوله في أحاديث مستفيضة :"خير القرون قرني , ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم"(1) .
هذا الإسلام النقي من الإضافات والمبتدعات والذي أتم الله به النعمة على الأمة , وامتنَّ عليها بإكماله , فقال : "..الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا.."(المائدة3).
لقد تبينتُ منهج الوسطية منذ أكثر من نصف قرن , ولعل أول كتاب لي في هذا المجال هو الكتاب "الحلال والحرام في الإسلام" , والذي وضح فيه المنهج بجلاء في مقدمة طبعته الأولى التي ظهرت سنة 1960 م وكان مما قلت فيها :
رأيت معظم الباحثين العصريين في الإسلام والمتحدثين عنه يكادون ينقسمون إلى فريقين :
فريق خطف أبصارهم بريق المدنية الغربية , وراعهم هذا الصنم الكبير , فتعبَّدوا له , وقدموا إليه القرابين ووقفوا أمامه خاشعة أبصارهم ترهقهم ذلة , هؤلاء الذين اتخذوا مبادئ الغرب وتقاليده مُسلَّمة , لا تُعارَض ولا تُتناقَش , فإن وافقها الإسلام في شيء هلَّلوا وكبَّروا , وإن عارضها في شيء وقفوا يحاولون التوفيق والتقريب , أو الاعتذار والتبرير, أو التأويل والتحريف , كأن الإسلام مفروض عليه أن يخضع لمدنية الغرب وفلسفته وتقاليده . ذلك ما نلمسه في حديثهم عما حرَّم الإسلام من مثل : التماثيل , واليانصيب , والفوائد الربوية , والخلوة بالأجنبية , وتمرد المرأة على أنوثتها , وتحلي الرجل بالذهب والحرير . . . إلى آخر ما نعرف .
وفي حديثهم عمَّا أحل الإسلام من مثل : الطلاق , وتعدد الزوجات . . . كأن الحلال في نظرهم ما أحلَّه الغرب , والحرام ما حرمَّه الغرب . ونسوا أن الإسلام كلمة الله , وكلمة الله هي العليا دائما , فهو يُتَّبع ويَتَّبع , ويَعلو و لا يُعلى , وطيف يَّتبع الربُّ العبدَ , أم كيف يخضع الخالق لأهواء المخلوقين ؟ "وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ "(المؤمنون71) , "قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ قُلِ اللَّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لَا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ" (يونس35) . هذا فريق .
والفريق الثاني جمد على آراء معينة في مسائل الحلال والحرام . تبعا لنص أو عبارة في كتاب , ظنَّ ذلك هو الإسلام ؛ فلم يتزحزح عن رأيه قَيد شعرة , ولم يحاول أن يمتحن أدلة مذهبيه أو رأيه , ويزينها بأدلة الآخرين , ويتخلص الحق بعد الموازنة والتمحيص .
فإذا سئل عن حكم الموسيقى , أو الغناء , أو الشطرنج , أو تعليم المرأة , أو إبداء وجهها وكفيها . . . أو نحو ذلك من المسائل , وكان أقرب شيء إلى لسانه أو قلمه : كلمة"حرام" . ونسى هذا الفريق أدب السلف الصالح في هذا , حيث لم يكونوا يطلقون الحرام إلا على ما عُلم تحريمه قطعا . وما عدا ذلك قالوا فيه :"نكره" أو "لا نحب" , أو نحو هذه العبارات .
وقد حاولت ألا أكون واحدا من الفريقين .
فلم أرض لديني أن أتخذ الغرب معبودا لي , بعد أن رضيت بالله ربا والإسلام دينا , وبمحمد رسولا.
ولم أرض لعقلي أن أقلَّد مذهبا معينا في كل القضايا والمسائل أخطأ أو أصاب , فإن المقلد ـ كما قال ابن الجوزي ـ على غير ثقة فيما قلد فيه , وفي التقليد إبطال منفعة العقل , لأنه خلق للتأمل والتدبر . وقبيح بمن أعطى شمعة يستضيء بها أن يطفئها و يمشي في الظلمة(2) .
أجل لم أحاول أن أقيد نفسي بمذهب فقهي من المذاهب السائدة في العالم الإسلامي , ذلك أن الحق لا يشتمل عليه مذهب واحد . وأئمة هذه المذاهب المتبوعة لم يدَّعوا لأنفسهم العصمة , وإنما هم مجتهدون في تَعُّرف الحق , فإن أخطئوا فلهم أجر , وإن أصابوا فلهم أجران .
قال الإمام مالك : كل يؤخذ من كلامه ويترك إلا النبي صلى الله عليه وسلم . وقال الإمام الشافعي : رأيي صواب يحتمل الخطأ , ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب .
وغير لائق بعالم مسلم يملك وسائل الموازنة والترجيح : أن يكون أسير مذهب واحد , أو خاضعا لرأي فقيه معين , بل الواجب أن يكون أسير الحجة والدليل . فما صحَّ دليله وقويت حجته , فهو أولى بالاتباع . وما ضعف سنده , ووهت حجته , فهو مرفوض مهما يكن مَن قال به . . وقديما قال الإمام علي رضي الله عنه :"لا تعرف الحق بالرجال , بل اعرف الحق تعرف أهله "(3) .
هذا ما ذكرته من قديم في كتابي "الحلال والحرام".
وزاد تأكيدي لهذا المنهج وتركيزي عليه : ما لمسته من الضرورة إليه , منذ طلع فجر الصحوة الإسلامية المعاصرة منذ أوائل السبعينات من القرن العشرين , أي منذ أكثر من أربعين سنة من الزمان .
وكان من دلائل هذا الاتجاه : ما لا حظه بعضهم في عناوين عدد من كتبي : أن فيها كلمة "بَيْن" مثل :"الفقه الإسلامي بين الأصالة والتجديد", "الصحوة الإسلامية بين الجحود والتطرف " ,"الصحوة الإسلامية بين الاختلاف المشروع والتفرق المذموم", "الفتوى بين الانضباط والتسيب ", "الاجتهاد بين الانضباط والانفراط " ," ثقافتنا بين الانفتاح والانغلاق" , ثقافتنا العربية الإسلامية بين الأصالة والمعاصرة " وغيرها . كلها تدل على أن هناك موقفا وسطا بين طرفين .
وقد تحدثت في عدد من كتبي عن ملامح هذا المنهج , أو عن بعضها بإيجاز , كما في كتبي : "الصحوة الإسلامية بين الجحود والتطرف ", والصحوة الإسلامية وهموم الوطن العربي والإسلامي " ,و"أولويات الحركة الإسلامية في المرحلة القادمة ",و "الصحوة الإسلامية من المراهقة إلى الرشد " , وخطابنا الإسلامي في عصر العولمة " , وغيرها . ولكن لم أفصلها في كتاب مستقل .
وكان بعض المتدينين قبل عدة سنين يرفضون هذا المنهج , ويتهموننا ـ نحن دعاة الوسطية بالتساهل ـ بالتساهل في الدين , والتفريط في أحكام الشرع , على حين يتهمنا العلمانيون والحداثيون والماركسيون وأمثالهم بالتشدد والتطرف ! وهذا شأن "الوسط"دائما , يرفضه الطرفان : الغلاة والمقصرون .
واليوم قد أصبح كثيرون ممن كانوا ينتقدوننا بالأمس , ينادون بنفس منهجنا اليوم : الوسطية , حتى كثير من الحُكام , باتوا يذكرون الوسطية وينوهون بها . لأن هذا الاتجاه إنما يؤكده منطق العصر , ومنطق الأوضاع العالمية , والظروف الإقليمية , ومنطق المحن التي تمر بها الأمة . . وكلها تدل على ترجح منهجنا .
وقد أنشات مراكز للوسطية في أكثر من بلد غدا هناك تنافس على احتضان هذا المنهج . فلله الفضل والشكر , ولله الحمد والمنة .
حاجة الأمة اليوم للوسطية
إن "منهج الوسطية" هو حبل النجاة , وسفينة الإنقاذ اليوم , لأمتنا العربية والإسلامية من التيه والضياع ـ بل الهلاك والدمار .. ـ الذي يهدد حاضرها ومستقبلها .
فمعظم قضاياها الفكرية والعملية تضيع فيها الحقيقة بين طرفين متباعدين : طرف الغلو أو التطرف أو التشدد أو الإفراط , سمه ما تسميه , المهم أنه هو الطرف الذي يُرهق الأمة من أمرها عسرا , ويوقعها في الحرج , ويُعسَّر عليها ما يسَّر الله , ويُعقَّد ما سهَّله الدين , ويُضيَّق ما وسَّعه الشرع , لا يسمح لها برخصة , ولا يبيح لها ما توجبه الضرورة , ولا يعرف الظروف المخففة , ولا يؤمن بتغير الفتوى بتغير الزمان والمكان والحال . ينكفئ على الماضي , ولا يعايش الحاضر , ولا يستشرف المستقبل , أعمق حكمة عنده قول من قال : ما ترك الأول للآخر شيئا , وليس في الإمكان أبدع مما كان ! لا يقبل الآخر , ولا يحاوره , ولا يتسامح مع مخالف , ولا يرى العالم إلا من منظار أسود .
والطرف الآخر : طرف التسيب والتفريط والتقصير والإضاعة . فلا يكاد يتشَّبث بعقيدة , أو يتمسك بفريضة , أو يحرَّم حراما , الدين عجينة لينة في يديه , يُشكَّله كيف يشاء , ومتى شاء , ليس فيه ثوابت , بل كل شيء فيه قابل لاجتهاد جديد , أو لقراءة جديدة , تنقله من اليمين إلى اليسار , ومن اليسار إلى اليمين , ما كان ثابتا يمكن أن يُنفى , وما كان منفيا يمكن أن يثبت . ما كان حقا يمكن أن يصبح باطلا , وما كان باطلا يمكن أن يصبح حقا ! !
يمكن أن يخرج أصحاب القراءات الجديدة للقرآن وللسنة بدين جديد , غير الدين الذي علَّمه الرسول للصحابة , وعلَّمه الصحابة للتابعين . ومضى عليه خير قرون الأمة , وتوارثه الخلف عن السلف , والأحفاد عن الأجداد . دين يحرم ما استيقنت الأمة بحله طوال أربعة عشر قرنا , أو يحل ما ستيقنت المة بتحريمه طوال هذه القرون , يمكن أن يغير العقائد , ويبدل القيم , ويسقط الفرائض , ويشرع في الدين ما لم يأذن به الله .
وبهذا يمكن أن يكون لكل عصر دين , ولكل بلد دين , بل لكل مجموعة دين , بل لكل شخص دين , فليس الدين أمرا يجمع الأمة على كلمة سواء , وعلى الاعتصام بحبل الله جميعا , بل لا يمكن أن تتكون بهذا الدين أمة , لها عقيدة واحدة , وشريعة واحدة , وقيم واحدة , ورسالة واحدة . بل الدين في هذه الحالة يفرق ولا يجمع , ويباعد ولا يقرب , ويهدم ولا يبني . لأنه يتعدد بتعدد المتغيرات , والمتغيرات تتنوع ـ بل تتناقض ـ بتعدد الثقافات والمؤثرات , المعرفية والفلسفية من العلوم الاجتماعية , والدراسات اللسانية , والأنثروبولوجيا والأبستمولوجيا , وكل "اللوجيات" المعروفة وغير المعروفة , مما يمكن أن يتمخض عنه الغد القريب أو البعيد .
كل ما أصَّله الراسخون في العلم م أعلام الأمة وأئمتها الكبار , في أصول الدين , أ, أصول الفقه , أو أصول التفسير , أو أصول الحديث : كل هذا دُبر أذان هؤلاء , وتحت أقدامهم .
إن لهم أئمة "معصومين" يقلدنوهم , ويأخذون عنهم , ولا يناقشونهم فيما ذهبوا إليه من دعاوي ؛ لأن ما يقولونه صدق , وكل ما يعتقدونه حق ! وكل ما يرونه صواب !! في حين يعيبون ويشددون النكير على من أخذ عن أئمة الأمة , ابتداء من الصحابة , وتابعيهم بإحسان , ومن تخرج على أيديهم من الأئمة الكبار , الذين كانوا مُثلا تحتذى في طلب العلم وحسن فهمه , وفي تقوى الله , ويلوك سبيل الهداية والخير .
إن هؤلاء التجديديين أو الحداثيين أو المستغربين ـ سمهم ما شئت ـ يسيرون وراء أئمتهم من الغرب , ويتبعون سنتهم شبرا بشبر , وذراعا بذراع , وينقلون عنهم كل ما يقولون وما يُقَرّرون , دون اعتراض و لا ملاحظة , ولا مناقشة .
ثم يزعمون لنا ـ ويحلفون ـ أنهم الأحرار المتحررين أو المتنورون ! وما تحرروا إلا من قيم الإسلام , ومفاهيم الإسلام ؛ إن صح أن يُسمّى ذلك تحررا , والحق : أنه التحلل لا التحرر . إنهم ـ كما سميتهم من قديم ـ عبيد الفكر الغربي .
أن الأمة التي وصفها الله بالوسط " " وهي معصومة في مجموعها , فلا تجتمع على ضلالة : ترفض منهج هؤلاء المتسيبين المتحللين من العروة الوثقى . كما ترفض منهج الغلاة المتنطعين الذين أخبر رسول الإسلام بأنهم هالكون "هلك المتنطعون . . . " قالها ثلاثا(4) .
لهذا كان لزامّا على ورثة النبياء من العلماء ـ الذين يحملون علْم النبوة , وميراث الرسالة , ينفون عنه تحريف الغالين , وانتحال المبطلين , نأويل الجاهلين ـ: أن يتبنوا منهج الوسطية , ويبينوه للناس , ويدفعوا عنه , ويُجَلّوا مزاياه , وهو ما تبناه "الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين " فقد وزعت على أعضائه "المعالم العشرين" التي منت كنبتها للدلالة على منهج الوسطبة في أثناء انعقاد الجمعية العامة الأولى التي عقدت في لندن في صيف2004م .
وحين كلفني الأخوة في المكتب التنفيذي للاتحاد أن اكتب "الميثاق الإسلامي" للاتحاد , كان نُصب عيني ـ وأنا أكتبه ـ أن يكون مجسَّدا للفكر الوسطي , والمنهج الوسطي الذي أدعو إليه , ويدعو إليه جمهرة من العلماء ؛ الذين يؤمنون بشريعتهم , ويستلهمون تراثهم , ولا يغفلون عصرهم , والحمد لله فقد تحقق فيه ما يريد العلماء . وأقرّ أخواني في المكتب التنفيذي , وفي مجلس الأمناء مجمل ما كتبته إلا بعض ملاحظات تناولته بالتحسين والإضافة والتعديل , حتى ظهر في صورته الأخيرة , وأقره الجميع على اختلاف مذاهبهم .
وأمست فكرة الوسطية العادلة المتوازنة من المباديء المتبناة من قِبَل علماء الأمة .
المهم هنا : أن نبقى على حُسن فهم للوسطية , وان نعمل على تطبيقها على أرض الواقع , حتى يتلاقى العلم و العمل , والفكر و السلوك .

باهي جمال
2014-03-12, 12:34
بارك الله في عمر شيخنا القرضاوي وجعله هاديا مهديا

الرائد الجديد
2014-03-23, 21:12
بارك الله فيك يا جمال على التطرق الى هذا الموضوع الحساس الذي أرى أن الأمة اليوم أحوج اليه من ذي قبل . لأنه يرصّ الصفوف ويوحد الكلمة ويصنع القوة . غير أنّ المسؤولية في تبيين حدود الوسطية وإطارها منوطة بالعلماء الثقات الذين يجمعون ولا يفرقون . يفقهون ويُفقهون ولا يتفيقهون ويتنطعون ويرمون غيرهم بالخبال ويزرعون الفتن .معتقدين أنهم يصدحون بالحق وغيرهم ذليل وعميل .إننا متفرقون بسبب هؤلاء الجهلة أنصاف المتعلمين الضالين المضلين . فاللهم قيض للأمه رجالا فقهاء عاملين حكماء ومخلصين.واجعلنا لهم من التابعين الطائعين .

الرائد الجديد
2014-03-23, 22:11
لِم لا نتطرق إلى مظاهر الوسطية : في العبادات وفي المعتقدات وفي المعاملات حتى يتبين لللقارئ أن الوسطية ليست فكرا مجرّدا وإنما هي تصور وسلوك يتجلى في عقيدته وصلاته وصيامه وحجه وصومه وزواجه .....وهكذا . مدعوما بالقرآن وما ثبت من السنة المطهرة .حتى يستوي التفكير ويستقيم الحال. ونتفادى الغلو والتفريط.

moh140
2014-03-23, 22:22
http://www.alsadea.com/vb/mwaextraedit4/extra/21.gif

عطر شان
2014-03-24, 01:56
وعليكم السلام جزاكم الله كل خير

باهي جمال
2014-03-24, 07:23
لِم لا نتطرق إلى مظاهر الوسطية : في العبادات وفي المعتقدات وفي المعاملات حتى يتبين لللقارئ أن الوسطية ليست فكرا مجرّدا وإنما هي تصور وسلوك يتجلى في عقيدته وصلاته وصيامه وحجه وصومه وزواجه .....وهكذا . مدعوما بالقرآن وما ثبت من السنة المطهرة .حتى يستوي التفكير ويستقيم الحال. ونتفادى الغلو والتفريط.

بارك الله فيك

الرائد الجديد
2014-03-28, 15:46
روي أنّ ثلاث نفر من الصحابة ذهبوا إلى أمّنا عائشة - رضي الله عنها - يسألون عن عبادة رسول الله - صلى الله عليه وسلم * فأخبرتهم .فأقلُّوها ( أي رأوها قليلة ) فقالوا هو نبي وقد غفر الله له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر فقال أحدهم : أنا أقوم الليل ولا أنام / وقال الثاني : أنا أصوم الدهر ولا أُفطر / وقال آخرهم : أنا لا أتزوّج.
فلما سمع الرسول - ص - ما قالوا خطب في الناس قائلاٌ : ما بال أقوام يقولون :" كذا وكذا" .وذكر ما قالوا .ثمّ قال : " أما أني أعبدكم لله وأكثر خشية له منكم وإني أقوم الليل وأنام وأصوم وأفطر وأتزوّج فمن رغِب عن سُنّتي فليس منّي " أو كما جاء في الحديث
النصارى يحرمون على رجل الدين الزواج وهذا غلو وتطرف وقد قال الرسول -ص- لا رهبانية في الدين . على النقيض من ذلك يدعو الاباحيون الى الانجاب من دون تكوين أسرة وهذا تفريط ما بعده تفريط وهو دعوة الى الزنى واختلاط الانساب
وجاء الاسلام بالمنهج الوسط وهو الزواج وهذا اعتدال في المعاملات

رَكان
2014-03-28, 19:27
لِم لا نتطرق إلى مظاهر الوسطية : في العبادات وفي المعتقدات وفي المعاملات حتى يتبين لللقارئ أن الوسطية ليست فكرا مجرّدا وإنما هي تصور وسلوك يتجلى في عقيدته وصلاته وصيامه وحجه وصومه وزواجه .....وهكذا . مدعوما بالقرآن وما ثبت من السنة المطهرة .حتى يستوي التفكير ويستقيم الحال. ونتفادى الغلو والتفريط.

كلامك مثل البلسم الشافي أيها الرائد شكرا لك ..

ولــــــــيد
2014-03-29, 00:15
جزاك الله خيرا

ولــــــــيد
2014-03-29, 00:16
بارك الله فيك

الرائد الجديد
2014-04-11, 19:47
أشكرك يا أخي عمر وأدعو الله أن يرزقنا لقاء القلوب بالدعاء بظهر الغيب لأنه يزيد في الرصيد يوم القيامة ويترتب عليه خير كثير لا يعلمه الا الله . فلا تنسانا بدعائك يا أخيّ.