العبد الضعيف
2008-12-31, 08:01
مقال في جريدة الوطن الكوتية
للتخاذل وجوه كثيرة.. قناة العربية نموذجاً!
نلاحظ هذه الأيام دخول الاعلام العربي كمتخاذل جديد لم يشهده الصراع العربي اليهودي من قبل. فطريقة المساحة المكانية (الصحف) أو الزمنية (الاذاعة والتلفزيون) المخصصة للتغطية الاعلامية لما يحدث من قتل لأهلنا في غزة لا تتناسب مع الحدث، فأغلب الصحف والفضائيات العربية لم تتغير خرائطها البرامجية بشكل كبير، بل بدا كتاب الزوايا وكأنهم مدافعون عن وحشية الحكومة اليهودية وحربها ضد المقاومة الفلسطينية، ولقد قمت بجولة سريعة على الصحف العربية فرأيت أغلب الكتاب الليبراليين أو الذين لديهم مشكلة مع الفكر الاسلامي يكتبون منتقدين حماس بقوة وعنف لم ينل مثلها الجندي الصهيوني الذي لا زال يقتل الأطفال والنساء في غزة.
قناة العربية الاخبارية والتي تمولها دول خليجية كان أداؤها مخيباً للآمال في طريقة تعاملها الاعلامي مع ما يحدث في غزة، وأريد في هذا المقال أن أرصد - وبصورة سريعة- الأداء الاعلامي لقناة العربية بالنسبة لغزة.
فمنذ اليوم الأول، استمرت قناة العربية في برامجها المعتادة بحسب الخريطة البرامجية الموضوعة والتي يبدو أنها لم تتأثر كثيرا حتى ساعة كتابة هذا المقال. صحيح أن المساحة الزمنية المخصصة لتغطية مذابح غزة ازدادت، ولكنها تقل بكثير عما كمان ينبغي على قناة اخبارية تخاطب الجمهور العربي وتحاول أن تنافس الجزيرة.
وتشير الأدبيات الاعلامية الى أنه يمكن قياس اهتمام مؤسسة اعلامية ما بقضية معينة من خلال عدة معايير، من بينها المساحة المكانية المعطاة لتلك القضية ان كانت صحيفة أو المساحة الزمنية ان كانت محطة اذاعية أو تلفزيونية. وعليه نقول أن قناة العربية الاخبارية لم »تهتم« كثيراً بما يجري في غزة، بل تعاملت معه كأنه حدث اخباري يحدث ضمن أحداث أخرى، صحيح له مساحة زمنية كبيرة نسبياً لكنها لا تتناغم أو تتفق أبداً مع القيمة الحقيقية للحدث.
ولم تتوقف قناة العربية عند التقصير الكمي لتغطية مذابح غزة، بل تعداه ليصل الى التقصير الكيفي أو التقصير في »طريقة« التغطية الاخبارية حيث كان واضحاً وبشكل مخجل انحيازها الكامل لموقف مجموعة محمود عباس حيث كانت أغلب اللقاءات الصحفية والتصريحات يتم أخذها منهم بحيث تعكس وجهة نظرهم المعارضة لحماس، وبأن حماس هي من أشعل الموقف وهي بذلك تقوم بتسطيح واختزال المشهد الدموي بكافة تفاصيله ومعطياته بعدة صورايخ أطلقتها حماس كرد فعل لما تفعله اسرائيل، وبالتالي فما يحدث لها من اسرائيل مبرر ومفهوم. بل ان التغطية الاخبارية التي يحصل عليها القادة السياسيون والعسكريون للعدو اليهودي أكبر وأكثر من التغطية التي يحصل عليها قادة حماس، مع أن الموضوعية الاعلامية تقتضي أن يحصلوا على نفس حجم التغطية التي يحصل عليها الطرف الآخر!
بل حتى شريط الأنباء الذي يظهر في أسفل شاشة العربية يحمل وجهات نظر هي في مجملها معادية لحماس ومؤيدة للموقف الأمريكي واليهودي بشكل فج وسافر، ويحرم حماس من ابداء وجهة نظرها بشكل مهني وموضوعي.
المصطلحات التي تستخدمها قناة العربية فيها انحياز كامل ضد حماس وأهلنا في غزة وتحمل أحكاما مسبقة، فهي مثلاً تستخدم بكثرة عبارة المواجهة بين اسرائيل وحماس كثيراً، وكأن ما يحدث ليس الا مواجهة بين دولة اسرائيل وبين حماس دونما اعتبار للحصار المفروض على غزة ودون النظر الى المسألة على أنها احتلال واضح لأرض عربية ودون النظر الى مئات الشهداء من المدنيين والآلاف من الجرحى من أهلنا في غزة، كما تظهر العربية حركة حماس وكأنها مارقة عن الشرعية الفلسطينية وأنها ارهابية وان لم تقلها صراحة، ولكن طريقة التغطية تقودك الى مثل هذا الفهم المشوه عن حركة حماس.
كما نلاحظ أن قناة العربية لا تستخدم لقطة »الشهيد« على ضحايا المذبحة اليهودية، بل تستعمل لفظة قتيل فلسطيني وقتيل اسرائيلي سواء بسواء، بينما أغلب المحطات الفضائية والصحف العربية الحكومية منها والخاصة تستخدم لفظة الشهيد للاشارة الى قتلى أهلنا في فلسطين.
ليس عندي مشكلة في تزاوج الأيدلوجيا بالاعلام، ولكن عندي مشكلة في التغطية الخبرية للحدث، فالخبر ينبغي أن يكون موضوعياً بقدر الامكان، ولكن في البرامج الحوارية أو كتابة الأعمدة الصحفية فالأصل فيها الرأي. قناة العربية تعطينا مثلاً في كيفية تخاذل بعض الاعلاميين العرب فيصبحون دون أن يشعروا سهماً في كنانة العدو.. انها ليست عملية »الرصاص المسكوب« بل هي عملية »الخذلان المسكوب«، فلا نامت أعين الجبناء!
للتخاذل وجوه كثيرة.. قناة العربية نموذجاً!
نلاحظ هذه الأيام دخول الاعلام العربي كمتخاذل جديد لم يشهده الصراع العربي اليهودي من قبل. فطريقة المساحة المكانية (الصحف) أو الزمنية (الاذاعة والتلفزيون) المخصصة للتغطية الاعلامية لما يحدث من قتل لأهلنا في غزة لا تتناسب مع الحدث، فأغلب الصحف والفضائيات العربية لم تتغير خرائطها البرامجية بشكل كبير، بل بدا كتاب الزوايا وكأنهم مدافعون عن وحشية الحكومة اليهودية وحربها ضد المقاومة الفلسطينية، ولقد قمت بجولة سريعة على الصحف العربية فرأيت أغلب الكتاب الليبراليين أو الذين لديهم مشكلة مع الفكر الاسلامي يكتبون منتقدين حماس بقوة وعنف لم ينل مثلها الجندي الصهيوني الذي لا زال يقتل الأطفال والنساء في غزة.
قناة العربية الاخبارية والتي تمولها دول خليجية كان أداؤها مخيباً للآمال في طريقة تعاملها الاعلامي مع ما يحدث في غزة، وأريد في هذا المقال أن أرصد - وبصورة سريعة- الأداء الاعلامي لقناة العربية بالنسبة لغزة.
فمنذ اليوم الأول، استمرت قناة العربية في برامجها المعتادة بحسب الخريطة البرامجية الموضوعة والتي يبدو أنها لم تتأثر كثيرا حتى ساعة كتابة هذا المقال. صحيح أن المساحة الزمنية المخصصة لتغطية مذابح غزة ازدادت، ولكنها تقل بكثير عما كمان ينبغي على قناة اخبارية تخاطب الجمهور العربي وتحاول أن تنافس الجزيرة.
وتشير الأدبيات الاعلامية الى أنه يمكن قياس اهتمام مؤسسة اعلامية ما بقضية معينة من خلال عدة معايير، من بينها المساحة المكانية المعطاة لتلك القضية ان كانت صحيفة أو المساحة الزمنية ان كانت محطة اذاعية أو تلفزيونية. وعليه نقول أن قناة العربية الاخبارية لم »تهتم« كثيراً بما يجري في غزة، بل تعاملت معه كأنه حدث اخباري يحدث ضمن أحداث أخرى، صحيح له مساحة زمنية كبيرة نسبياً لكنها لا تتناغم أو تتفق أبداً مع القيمة الحقيقية للحدث.
ولم تتوقف قناة العربية عند التقصير الكمي لتغطية مذابح غزة، بل تعداه ليصل الى التقصير الكيفي أو التقصير في »طريقة« التغطية الاخبارية حيث كان واضحاً وبشكل مخجل انحيازها الكامل لموقف مجموعة محمود عباس حيث كانت أغلب اللقاءات الصحفية والتصريحات يتم أخذها منهم بحيث تعكس وجهة نظرهم المعارضة لحماس، وبأن حماس هي من أشعل الموقف وهي بذلك تقوم بتسطيح واختزال المشهد الدموي بكافة تفاصيله ومعطياته بعدة صورايخ أطلقتها حماس كرد فعل لما تفعله اسرائيل، وبالتالي فما يحدث لها من اسرائيل مبرر ومفهوم. بل ان التغطية الاخبارية التي يحصل عليها القادة السياسيون والعسكريون للعدو اليهودي أكبر وأكثر من التغطية التي يحصل عليها قادة حماس، مع أن الموضوعية الاعلامية تقتضي أن يحصلوا على نفس حجم التغطية التي يحصل عليها الطرف الآخر!
بل حتى شريط الأنباء الذي يظهر في أسفل شاشة العربية يحمل وجهات نظر هي في مجملها معادية لحماس ومؤيدة للموقف الأمريكي واليهودي بشكل فج وسافر، ويحرم حماس من ابداء وجهة نظرها بشكل مهني وموضوعي.
المصطلحات التي تستخدمها قناة العربية فيها انحياز كامل ضد حماس وأهلنا في غزة وتحمل أحكاما مسبقة، فهي مثلاً تستخدم بكثرة عبارة المواجهة بين اسرائيل وحماس كثيراً، وكأن ما يحدث ليس الا مواجهة بين دولة اسرائيل وبين حماس دونما اعتبار للحصار المفروض على غزة ودون النظر الى المسألة على أنها احتلال واضح لأرض عربية ودون النظر الى مئات الشهداء من المدنيين والآلاف من الجرحى من أهلنا في غزة، كما تظهر العربية حركة حماس وكأنها مارقة عن الشرعية الفلسطينية وأنها ارهابية وان لم تقلها صراحة، ولكن طريقة التغطية تقودك الى مثل هذا الفهم المشوه عن حركة حماس.
كما نلاحظ أن قناة العربية لا تستخدم لقطة »الشهيد« على ضحايا المذبحة اليهودية، بل تستعمل لفظة قتيل فلسطيني وقتيل اسرائيلي سواء بسواء، بينما أغلب المحطات الفضائية والصحف العربية الحكومية منها والخاصة تستخدم لفظة الشهيد للاشارة الى قتلى أهلنا في فلسطين.
ليس عندي مشكلة في تزاوج الأيدلوجيا بالاعلام، ولكن عندي مشكلة في التغطية الخبرية للحدث، فالخبر ينبغي أن يكون موضوعياً بقدر الامكان، ولكن في البرامج الحوارية أو كتابة الأعمدة الصحفية فالأصل فيها الرأي. قناة العربية تعطينا مثلاً في كيفية تخاذل بعض الاعلاميين العرب فيصبحون دون أن يشعروا سهماً في كنانة العدو.. انها ليست عملية »الرصاص المسكوب« بل هي عملية »الخذلان المسكوب«، فلا نامت أعين الجبناء!