أم البراء السلفية
2012-03-15, 16:56
مجموع فتاوى العلامة عبد العزيز بن باز
لا تنكح الأيم حتى تستأمر ولا تنكح البكر حتى تستأذن
س 174 : ما قولكم في امرأة زوجت قبل بلوغها ، وبعد بلوغها رفضت قبول هذا الزواج ، هل يجوز لها أن تتزوج بدون طلاق الزوج ، أم لا بد من الطلاق ، وما هو الدليل في هذه المسألة إن كان معلوما ؟ (1)
ج : إذا كانت المرأة قد زوجت بإذنها فعليها السمع والطاعة للزوج وتنفيذ مقتضى النكاح ، وليس لها أن تتزوج سوى زوجها الذي تم له العقد عليها قبل بلوغها والمزوج لها أبوها ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : « لا تنكح الأيم حتى تستأمر ، ولا تنكح البكر حتى تستأذن " قالوا : يا رسول الله كيف إذنها ؟ قال : " أن تسكت » (2) (3) متفق على صحته ، وهو يعم البالغة ومن دونها ، وفي صحيح مسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « الأيم أحق
__________
(1) نشر في ( مجلة الجامعة الإسلامية ) بالمدينة المنورة .
(2) صحيح البخاري الحيل (6569),سنن الترمذي النكاح (1107),سنن النسائي النكاح (3265),سنن أبو داود النكاح (2092),سنن ابن ماجه النكاح (1871),مسند أحمد بن حنبل (2/434),سنن الدارمي النكاح (2186).
(3) رواه البخاري في ( النكاح ) باب لا ينكح الأب وغيره البكر والثيب إلا برضاها برقم ( 5136 ) ومسلم في ( النكاح ) باب استئذان الثيب في النكاح بالنطق برقم ( 1419 ) .
(20/410)
--------------------------------------------------------------------------------
بنفسها من وليها ، والبكر تستأمر وإذنها سكوتها » (1) ، وخرجه أبو داود والنسائي بإسناد جيد بلفظ : « ليس للولي مع الثيب أمر ، واليتيمة تستأمر وصمتها إقرارها » (2) ، وهذا صريح في صحة نكاح غير البالغة إذا أذنت ولو بالسكوت .
أما إذا كانت لم تستأذن والمزوج لها غير أبيها فالنكاح فاسد في أصح قولي العلماء ، لكن ليس لها أن تتزوج إلا بعد تطليقه لها ، أو فسخ نكاحها منه بواسطة الحاكم الشرعي ؛ خروجا من خلاف من قال إن النكاح صحيح ، ولها الخيار بعد البلوغ وحسما لتعلقه بها ، وليس لها أيضا نكاح غيره حتى تستبرئ بحيضة إن كان قد وطئها ، أما إذا كان المزوج لها بدون إذنها هو أبوها فهذه المسألة فيها خلاف أيضا بين العلماء ، فكثير منهم يصحح هذا النكاح إذا كانت البنت بكرا ؛ لمفهوم قوله صلى الله عليه وسلم : « واليتيمة تستأمر » (3) قالوا : فهذا يدل على أن غير اليتيمة لا تستأمر ، بل يستقل أبوها بتزويجها بدون إذنها ، وذهب جمع من أهل العلم إلى أن الأب ليس له إجبار ابنته البكر ، ولا تزويجها بدون إذنها إذا كانت قد بلغت
__________
(1) رواه مسلم في ( النكاح ) باب استئذان الثيب في النكاح بالنطق برقم ( 1421 ) .
(2) رواه أبو داود في ( النكاح ) باب في الثيب برقم ( 2100 ) والنسائي في الكبرى برقم ( 5374 ) .
(3) سنن النسائي النكاح (3261),سنن أبو داود النكاح (2100),مسند أحمد بن حنبل (1/261).
(20/411)
--------------------------------------------------------------------------------
تسع سنين . كما أنه ليس له إجبار الثيب ، ولا تزويجها بغير إذنها ؛ للحديث السابق وهو قوله صلى الله عليه وسلم : « لا تنكح الأيم حتى تستأمر ، ولا تنكح البكر حتى تستأذن » (1) ، وهو يعم اليتيمة وغيرها ، وهو أصح من الحديث الذي احتجوا به على عدم استئذان غير اليتيمة ، وهو منطوق وحديث اليتيمة مفهوم ، والمنطوق مقدم على المفهوم ؛ ولأنه عليه الصلاة والسلام صرح في رواية ثابتة عنه صلى الله عليه وسلم بقوله : « والبكر يستأذنها أبوها » (2) ، وهذا اللفظ لا يبقي شبهة في الموضوع ؛ ولأن ذلك هو الموافق لسائر ما ورد في الباب من الأحاديث ، وهو الموافق للقواعد الشرعية في الاحتياط للفروج ، وعدم التساهل بشأنها ، وهذا القول هو الصواب ؛ لوضوح أدلته . وعلى هذا القول يجب على الزوج الذي عمد له والد البكر عليها بدون إذنها أن يطلقها طلقة واحدة ؛ خروجا من خلاف العلماء وحسما لتعلقه بها بسبب الخلاف المذكور ، وهذه الطلقة تكون بائنة ليس فيها رجعة ؛ لأن المقصود منها قطع تعلق المعقود له بها والتفريق بينه وبينها ، ولا يتم
__________
(1) رواه البخاري في ( النكاح ) باب لا ينكح الأب وغيره البكر والثيب إلا برضاها برقم ( 5136 ) ومسلم في ( النكاح ) باب استئذان الثيب في النكاح بالنطق برقم ( 1419 ) .
(2) رواه مسلم في ( النكاح ) باب استئذان الثيب في النكاح بالنطق والبكر بالسكوت برقم ( 1421 ) .
(20/412)
--------------------------------------------------------------------------------
ذلك إلا باعتبارها طلقة مبينة لها بينونة صغرى كالطلاق على عوض . ويجب أن يكون ذلك بواسطة قاض شرعي يحكم بينهما ويريح كل واحد منهما من صاحبه على مقتضى الأدلة الشرعية ؛ لأن حكم القاضي يرفع الخلاف في المسائل الخلافية ويحسم النزاع . أما إذا كانت البنت دون التسع فقد حكى ابن المنذر إجماع العلماء على أن لأبيها تزويجها بالكفء بغير إذنها ؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم تزوج عائشة رضي الله عنها بدون إذنها وعلمها وكانت دون التسع .
ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم وسائر المسلمين للفقه في دينه والثبات عليه إنه خير مسؤول ، والسلام عليكم .
(20/413)
--------------------------------------------------------------------------------
لا تنكح الأيم حتى تستأمر ولا تنكح البكر حتى تستأذن
س 174 : ما قولكم في امرأة زوجت قبل بلوغها ، وبعد بلوغها رفضت قبول هذا الزواج ، هل يجوز لها أن تتزوج بدون طلاق الزوج ، أم لا بد من الطلاق ، وما هو الدليل في هذه المسألة إن كان معلوما ؟ (1)
ج : إذا كانت المرأة قد زوجت بإذنها فعليها السمع والطاعة للزوج وتنفيذ مقتضى النكاح ، وليس لها أن تتزوج سوى زوجها الذي تم له العقد عليها قبل بلوغها والمزوج لها أبوها ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : « لا تنكح الأيم حتى تستأمر ، ولا تنكح البكر حتى تستأذن " قالوا : يا رسول الله كيف إذنها ؟ قال : " أن تسكت » (2) (3) متفق على صحته ، وهو يعم البالغة ومن دونها ، وفي صحيح مسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « الأيم أحق
__________
(1) نشر في ( مجلة الجامعة الإسلامية ) بالمدينة المنورة .
(2) صحيح البخاري الحيل (6569),سنن الترمذي النكاح (1107),سنن النسائي النكاح (3265),سنن أبو داود النكاح (2092),سنن ابن ماجه النكاح (1871),مسند أحمد بن حنبل (2/434),سنن الدارمي النكاح (2186).
(3) رواه البخاري في ( النكاح ) باب لا ينكح الأب وغيره البكر والثيب إلا برضاها برقم ( 5136 ) ومسلم في ( النكاح ) باب استئذان الثيب في النكاح بالنطق برقم ( 1419 ) .
(20/410)
--------------------------------------------------------------------------------
بنفسها من وليها ، والبكر تستأمر وإذنها سكوتها » (1) ، وخرجه أبو داود والنسائي بإسناد جيد بلفظ : « ليس للولي مع الثيب أمر ، واليتيمة تستأمر وصمتها إقرارها » (2) ، وهذا صريح في صحة نكاح غير البالغة إذا أذنت ولو بالسكوت .
أما إذا كانت لم تستأذن والمزوج لها غير أبيها فالنكاح فاسد في أصح قولي العلماء ، لكن ليس لها أن تتزوج إلا بعد تطليقه لها ، أو فسخ نكاحها منه بواسطة الحاكم الشرعي ؛ خروجا من خلاف من قال إن النكاح صحيح ، ولها الخيار بعد البلوغ وحسما لتعلقه بها ، وليس لها أيضا نكاح غيره حتى تستبرئ بحيضة إن كان قد وطئها ، أما إذا كان المزوج لها بدون إذنها هو أبوها فهذه المسألة فيها خلاف أيضا بين العلماء ، فكثير منهم يصحح هذا النكاح إذا كانت البنت بكرا ؛ لمفهوم قوله صلى الله عليه وسلم : « واليتيمة تستأمر » (3) قالوا : فهذا يدل على أن غير اليتيمة لا تستأمر ، بل يستقل أبوها بتزويجها بدون إذنها ، وذهب جمع من أهل العلم إلى أن الأب ليس له إجبار ابنته البكر ، ولا تزويجها بدون إذنها إذا كانت قد بلغت
__________
(1) رواه مسلم في ( النكاح ) باب استئذان الثيب في النكاح بالنطق برقم ( 1421 ) .
(2) رواه أبو داود في ( النكاح ) باب في الثيب برقم ( 2100 ) والنسائي في الكبرى برقم ( 5374 ) .
(3) سنن النسائي النكاح (3261),سنن أبو داود النكاح (2100),مسند أحمد بن حنبل (1/261).
(20/411)
--------------------------------------------------------------------------------
تسع سنين . كما أنه ليس له إجبار الثيب ، ولا تزويجها بغير إذنها ؛ للحديث السابق وهو قوله صلى الله عليه وسلم : « لا تنكح الأيم حتى تستأمر ، ولا تنكح البكر حتى تستأذن » (1) ، وهو يعم اليتيمة وغيرها ، وهو أصح من الحديث الذي احتجوا به على عدم استئذان غير اليتيمة ، وهو منطوق وحديث اليتيمة مفهوم ، والمنطوق مقدم على المفهوم ؛ ولأنه عليه الصلاة والسلام صرح في رواية ثابتة عنه صلى الله عليه وسلم بقوله : « والبكر يستأذنها أبوها » (2) ، وهذا اللفظ لا يبقي شبهة في الموضوع ؛ ولأن ذلك هو الموافق لسائر ما ورد في الباب من الأحاديث ، وهو الموافق للقواعد الشرعية في الاحتياط للفروج ، وعدم التساهل بشأنها ، وهذا القول هو الصواب ؛ لوضوح أدلته . وعلى هذا القول يجب على الزوج الذي عمد له والد البكر عليها بدون إذنها أن يطلقها طلقة واحدة ؛ خروجا من خلاف العلماء وحسما لتعلقه بها بسبب الخلاف المذكور ، وهذه الطلقة تكون بائنة ليس فيها رجعة ؛ لأن المقصود منها قطع تعلق المعقود له بها والتفريق بينه وبينها ، ولا يتم
__________
(1) رواه البخاري في ( النكاح ) باب لا ينكح الأب وغيره البكر والثيب إلا برضاها برقم ( 5136 ) ومسلم في ( النكاح ) باب استئذان الثيب في النكاح بالنطق برقم ( 1419 ) .
(2) رواه مسلم في ( النكاح ) باب استئذان الثيب في النكاح بالنطق والبكر بالسكوت برقم ( 1421 ) .
(20/412)
--------------------------------------------------------------------------------
ذلك إلا باعتبارها طلقة مبينة لها بينونة صغرى كالطلاق على عوض . ويجب أن يكون ذلك بواسطة قاض شرعي يحكم بينهما ويريح كل واحد منهما من صاحبه على مقتضى الأدلة الشرعية ؛ لأن حكم القاضي يرفع الخلاف في المسائل الخلافية ويحسم النزاع . أما إذا كانت البنت دون التسع فقد حكى ابن المنذر إجماع العلماء على أن لأبيها تزويجها بالكفء بغير إذنها ؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم تزوج عائشة رضي الله عنها بدون إذنها وعلمها وكانت دون التسع .
ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم وسائر المسلمين للفقه في دينه والثبات عليه إنه خير مسؤول ، والسلام عليكم .
(20/413)
--------------------------------------------------------------------------------