عبدالرحمن الأثري
2012-03-14, 14:47
قولوا سمعنا وأطعنا
قال النبي عليه الصلاة والسلام : ( أتريدون أن تقولوا كما قال أهل الكتابين من قبلكم : سمعنا وعصينا)
أهل الكتابين هم اليهود والنصارى . فاليهود كتابهم التوراة ، وهي أشرف الكتب المنزلة بعد القرآن . والنصارى كتابهم الإنجيل وهو متم للتوراة . واليهود والنصارى عصوا أنبياءهم وقالوا :سمعنا وعصينا ، فهل تريدون أن تكونوا مثلهم ؟ ( ولكن قولوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير ) . هكذا يجب على المسلم إذا سمع أمر الله ورسوله أن يقول : ( سمعنا وأطعنا ) ويمتثل بقدر ما يستطيع ، ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها ، وكثير من الناس اليوم يأتي إليك يقول : إن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بكذا ، هل هو واجب أو سنة ؟ والواجب أنه إذا أمرك فافعل ؛ إن كان واجباً فقد أبرأت الذمة ، وحصلت خيراً ، وإن كان مستحباً فقد حصلت خيراً أيضاً .
أما أن تقول : أهو واجب أو مستحب ؟! وتتوقف عن العمل حتى تعرف ، فهذا لا يمون إلا من إنسان كسول لا يحب الخير ولا الزيادة فيه . أما الإنسان الذي يحب الزيادة في الخير ، فهو إذا علم أمر الله ورسوله قال : سمعنا وأطعنا ثم فعل ، ولا يسال أهو واجب أو مستحب ، إلا إذا خالف ، فحينئذ يسأل ، ويقول : أنا فعلت كذا وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بكذا فهل على من إثم ؟ ولهذا لم نعهد ولم نعلم أن الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ كانوا إذا أمرهم الرسول صلى الله عليه وسلم بأمر قالوا : يا رسول الله ؛ أعلى سبيل الوجوب أم على سبيل الاستحباب ؟ ما سمعنا بهذا ، كانوا يقولون : سمعنا وأطعنا ويمتثلون .
فأنت افعل وليس عليك من كونه مستحباً أو واجباً ، ولا يستطيع الإنسان أن يقول إن هذا الأمر مستحب أو واجب إلا بدليل ، والحجة أن يقول لك المفتي : هكذا أمر الرسول عليه الصلاة والسلام .
ونحن نجد ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ لما حدث ابنه بلالاً قال : إن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : ( لا تمنعوا نساءكم المساجد ) وقد تغيرت الحال بعد وفاة النبي عليه الصلاة والسلام ، قال بلال : ( والله لنمنعهن) فسبه عبد الله بن عمر سباً شديداً (235)، لماذا يقول : والله لنمنعهن والرسول يقول لا تمنعونهن ثم إنه هجره حتى مات .
وهذا يدل على شدة تعظيم الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ لأمر الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم ، أما نحن فنقول : هل هذا الأمر واجب أم مستحب ، هذا النهي للتحريم أم للكراهة ، لكن إذا وقع الأمر فلك أن تسأل حينئذ هل أثمت بذلك أم لا ؟ لأجل أنه قيل لك : أنك آثم تجدد توبتك ، وإذا قيل إنك غير آثم يستريح قلبك ، أما حين يوجه الأمر فلا تسأل عن الاستحباب أو الوجوب ، كما أدب الصحابة مع الرسول عليه الصلاة والسلام ، يفعلون ما أمر ، ويتركون ما عنه نهى وزجر .
شرح رياض الصالحين لفضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى
باب وجوب الانقياد لحكم الله تعالى
قال النبي عليه الصلاة والسلام : ( أتريدون أن تقولوا كما قال أهل الكتابين من قبلكم : سمعنا وعصينا)
أهل الكتابين هم اليهود والنصارى . فاليهود كتابهم التوراة ، وهي أشرف الكتب المنزلة بعد القرآن . والنصارى كتابهم الإنجيل وهو متم للتوراة . واليهود والنصارى عصوا أنبياءهم وقالوا :سمعنا وعصينا ، فهل تريدون أن تكونوا مثلهم ؟ ( ولكن قولوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير ) . هكذا يجب على المسلم إذا سمع أمر الله ورسوله أن يقول : ( سمعنا وأطعنا ) ويمتثل بقدر ما يستطيع ، ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها ، وكثير من الناس اليوم يأتي إليك يقول : إن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بكذا ، هل هو واجب أو سنة ؟ والواجب أنه إذا أمرك فافعل ؛ إن كان واجباً فقد أبرأت الذمة ، وحصلت خيراً ، وإن كان مستحباً فقد حصلت خيراً أيضاً .
أما أن تقول : أهو واجب أو مستحب ؟! وتتوقف عن العمل حتى تعرف ، فهذا لا يمون إلا من إنسان كسول لا يحب الخير ولا الزيادة فيه . أما الإنسان الذي يحب الزيادة في الخير ، فهو إذا علم أمر الله ورسوله قال : سمعنا وأطعنا ثم فعل ، ولا يسال أهو واجب أو مستحب ، إلا إذا خالف ، فحينئذ يسأل ، ويقول : أنا فعلت كذا وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بكذا فهل على من إثم ؟ ولهذا لم نعهد ولم نعلم أن الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ كانوا إذا أمرهم الرسول صلى الله عليه وسلم بأمر قالوا : يا رسول الله ؛ أعلى سبيل الوجوب أم على سبيل الاستحباب ؟ ما سمعنا بهذا ، كانوا يقولون : سمعنا وأطعنا ويمتثلون .
فأنت افعل وليس عليك من كونه مستحباً أو واجباً ، ولا يستطيع الإنسان أن يقول إن هذا الأمر مستحب أو واجب إلا بدليل ، والحجة أن يقول لك المفتي : هكذا أمر الرسول عليه الصلاة والسلام .
ونحن نجد ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ لما حدث ابنه بلالاً قال : إن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : ( لا تمنعوا نساءكم المساجد ) وقد تغيرت الحال بعد وفاة النبي عليه الصلاة والسلام ، قال بلال : ( والله لنمنعهن) فسبه عبد الله بن عمر سباً شديداً (235)، لماذا يقول : والله لنمنعهن والرسول يقول لا تمنعونهن ثم إنه هجره حتى مات .
وهذا يدل على شدة تعظيم الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ لأمر الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم ، أما نحن فنقول : هل هذا الأمر واجب أم مستحب ، هذا النهي للتحريم أم للكراهة ، لكن إذا وقع الأمر فلك أن تسأل حينئذ هل أثمت بذلك أم لا ؟ لأجل أنه قيل لك : أنك آثم تجدد توبتك ، وإذا قيل إنك غير آثم يستريح قلبك ، أما حين يوجه الأمر فلا تسأل عن الاستحباب أو الوجوب ، كما أدب الصحابة مع الرسول عليه الصلاة والسلام ، يفعلون ما أمر ، ويتركون ما عنه نهى وزجر .
شرح رياض الصالحين لفضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى
باب وجوب الانقياد لحكم الله تعالى