setif1990
2012-03-09, 17:09
المبحث الثاني
اهداف الانفاق العام
من خلال ما استعرضنا في الصفحات السابقة عن النظامين الراسمالي والاشتراكي تبين لنا ان الدولة تستهدف بانفاقها العام عددا من الاهداف اجملها الاقتصاديون في الاتي :
(1) اعادة تخصيص الموارد الاقتصادية :
ويقصد بذلك الاجراءات التي تتخذ من قبل الدولة في جانبي الايرادات والنفقات من اجل اعادة توزيع الموارد الاقتصادية بين مجالات الاستخدام المختلفة (المجالات الانتاجية والاستهلاكية العامة والخاصة ) وفق الاولويات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية . ولعل مرد ذلك ان القدرة التلقائية المفترضة في النشاط الاقتصادي في تحقيق افضل استخدام للموارد الاقتصادية – وبالتالي امثل توزيع لهذه الموارد بين المجالات المختلفة – لم تتحقق بالفعل . وعليه ، لابد من اجراءات تدخلية تعيد الامور الي نصابها وتحقق الاستخدام الامثل للموارد في الزمان والمكان المحددين . وبموجب هذا الامر اصبح الانفاق العام وسيلة وسياسة تستخدمها الدولة لتحويل الموارد الاقتصادية من مجال غير مرغوب فيه الي المجال المرغوب فيه .
http://www.tawtheegonline.com/vb/gitexteam-turath/buttons/quote.gif (http://www.tawtheegonline.com/vb/newreply.php?do=newreply&p=18878) http://www.tawtheegonline.com/vb/gitexteam-turath/misc/trashcan.gif http://www.tawtheegonline.com/vb/gitexteam-turath/statusicon/post_old.gif 01-22-2010, 01:22 AM رقم المشاركة : 7 (http://www.tawtheegonline.com/vb/showpost.php?p=18879&postcount=7) د. توفيق الطيب البشير (http://www.tawtheegonline.com/vb/member.php?u=1) المشرف العام
http://www.tawtheegonline.com/vb/image.php?u=1&dateline=1308606000 (http://www.tawtheegonline.com/vb/member.php?u=1)
تاريخ التسجيل : Mar 2009 رقم العضوية : 1 الإقامة : الرياض الهواية : المواضيع : الردود : مجموع المشاركات : 11,224 بمعدل : 10.33 مشاركة في اليوم معدل التقييم : 10 معدل تقييم المستوى : آخر تواجد : ()
http://www.tawtheegonline.com/vb/gitexteam-turath/statusicon/user_offline.gif
http://www.tawtheegonline.com/vb/images/icons/icon1.gif رد: بعض قضايا الانفاق العام في الاقتصاد الإسلامي
(2) تحقيق الاستقرار الاقتصادي:
ويعني هذا الهدف بتحقيق امرين :
اولهما: التشغيل التام للموارد الاقتصادية ، بحيث لايكون أي جزء منها في حالة بطالة كلية او جزئية .
ثانيهما : الاستقرار في المستوي العام للاسعار ، بحيث لاتحدث فيها تقلبات واسعة تؤثر سلبا علي النشاط الاقتصادي .
وتحقيق هذان الهدفان ، يقتضي من الدولة السعي المستمر للتاثير في حركة وحجم وتوقيت الانفاق العام . ففي بعض الاحيان ، قد تتوسع الدولة في الانفاق من اجل توليد الدخول وزيادتها لرفع الطلب الفعلي عندما يكون اقل من المستوي اللازم ، عبر اعانات الانتاج لرفع كفاءة التشغيل في الصناعات المعطلة جزئيا او كليا . او قد تلجا الدولة الي اتخاذ اجراءات وتدابير عكسية (تخفيض الانفاق العام)لتحقيق الاستقرار في مستوي الاسعار .
http://www.tawtheegonline.com/vb/gitexteam-turath/misc/trashcan.gif
رقم المشاركة : 8 (http://www.tawtheegonline.com/vb/showpost.php?p=18880&postcount=8)
http://www.tawtheegonline.com/vb/images/icons/icon1.gif رد: بعض قضايا الانفاق العام في الاقتصاد الإسلامي
(3) تحقيق التنمية الاقتصادية
المعلوم ان موضوع التنمية الاقتصادية يدور حول جملة من الموضوعات والقضايا اهمها : بناء هياكل انتاج قوية وتهيئة البيئة المناسبة لها ، وزيادة طاقة الانتاج القائمة وتهيئة الوسائل والاسباب التي ترتقي بحياة الانسان وتحقق له الرفاهية بكل معانيها . وهذا يقتضي حشد المدخرات من القطاعين الخاص والعام وتوجيهها لكي يتم استخدامها وفقا لجدول الاولويات في المجتمع، مع مراعاة الكفاءة الاقتصادية لاشباع الحاجات العامة .
ومايلي الانفاق العام في هذا الجانب هو القيام باقامة البنيات الاساسية (شبكات – طرق – واتصال - ..... الخ) وتقديمها كخدمة مجانية او بالمقابل التجاري ، وتقديم الاعانات وحفظ الامن والنظام اللازمين للعملية الانتاجية ، ومراجعة الاداء الاقتصادي (سياسات ومؤسسات) ، بما يضمن البيئة المناسبة للتنمية الاقتصادية .
http://www.tawtheegonline.com/vb/gitexteam-turath/buttons/quote.gif (http://www.tawtheegonline.com/vb/newreply.php?do=newreply&p=18880) http://www.tawtheegonline.com/vb/gitexteam-turath/misc/trashcan.gif
http://www.tawtheegonline.com/vb/gitexteam-turath/statusicon/post_old.gif 01-22-2010, 01:24 AM رقم المشاركة : 9 (http://www.tawtheegonline.com/vb/showpost.php?p=18881&postcount=9)
http://www.tawtheegonline.com/vb/images/icons/icon1.gif رد: بعض قضايا الانفاق العام في الاقتصاد الإسلامي
(1) اعادة توزيع الدخل القومي
يتم توزيع الدخل – كما هو معلوم لكل المعينين بعلم الاقتصاد – في مرحلبه الاولية وفقا لملكية عناصر الانتاج . فوفقا للفكر الراسمالي ،يذهب الريع للارض والاجر للعمل والربح للمنظم والفائدة لراس المال.وبالتالي فان الذي لايملك احد هذه العناصر ، لايجد الدخل المناسب لاشباع حاجات الاساسية . ولم يعرف الفكر الاقتصادي الراسمالي في ظل المدرسة الكلاسيكية (التقليدية) ادراج هذا الهدف ضمن واجبات الدولة . بل وهو يتحيز هذا الفكر في بعض الاحيان للاغنياء ، لانه يري ضرورة واجبات الدولة . للادخار لتحقيق الاستثمار وزيادة الانتاج . ولما كان الاغنياء هم الاقدر علي الادخار والستثمار ،فهو يري ان تقلل الضرائب عليهم،بحيث لانفرض علي الانتاج ولكن تفرض علي الاستهلاك . الا انه بعد الكساد العالمي الكبير (في عام 1929م) وبعد ماتبين ان السبب الرئيس لهذا الكساد هو انخفاض الطلب الفعلي وعدم قدرة العرض علي خلق الطلب اللازم لاستيعابه ، ظهرت المدرسة الكيتزية (الحديثة)ونادت باعادة التوزيع من اجل زيادة دخول الفقراء وزيادة الطلب الفعلي ، حتي يتحقق هدف التشغيل التام للموارد الاقتصادية
وهذا الامر يستدعي استخدام النفقات العامة، وخاصة الاعانات التحويلية بمختلف انواعها لاعادة توزيع الدخل لصالح ذوي الميل الحدي العالي الاستهلاك (الفقراء)، ليزداد حجم طلبهم فيرتفع – تبعا لذلك – الطلب الفعلي " " .
ايضا من العوامل التي ساعدت علي ظهور مسألة اعادة توزع الدخل ضمن اهداف الدولة في الفكر الراسمالي الدوافع الاجتماعية المتولدة عن الضغوط السياسية التي ظلت تمارسها النقابات واتحادات العمال لتحسين اوضاع العاملين ولحفظ حقوقهم . كما عضد من هذا الاتجاه دعم ومشاركة السياسيية الذين يريدون كسب اصوات العاملين لصالحهم " ".
وجاءت مسالة اعادة توزيع الدخل في الفكر الاشتراكي المبادئ الاساسية لهذا المفكر الذي لايعترف بالملكية الخاصة لوسائل الانتاج وانما بالملكية العام، الامرالذي يترتب عليه ان تؤول كل الدخول للدولة . وهكذا يحل مفهوم توزيع الدخل بواسطة الدولة عبر الانفاق العام محل مفهوم التوزيع الذي يتم بموجب الملكية الخاصة لوسائل الانتاج في الفكر الراسمالي . غير ان الملاحظ علي الفكر الاشتراكي تراجعه في الفترة الاخيرة ومقابلته لكثير من المشكلات في الواقع العملي وافول نجم دولته .
هذه هي جملة الاهداف التي تؤثر في نوع وحجم وتوقيت الانفاق العام. والسؤال الهام الذي يتبادر للذهن هو: هل تتفق هذه الاهداف مع اهداف الدولة في السودان؟ ويفرع عن ذلك سؤال هام اخر: هل تجد هذه الاهداف الاصول الشرعية التي ترتكز وتعتمد عليها وتضفي عليها المقبولية لتصبح جزءاَ اصيلا من السياسات الاقتصادية للدولة الحضارية؟
http://www.tawtheegonline.com/vb/gitexteam-turath/buttons/quote.gif (http://www.tawtheegonline.com/vb/newreply.php?do=newreply&p=18881) http://www.tawtheegonline.com/vb/gitexteam-turath/misc/trashcan.gif
http://www.tawtheegonline.com/vb/gitexteam-turath/statusicon/post_old.gif 01-22-2010, 01:25 AM رقم المشاركة : 10 (http://www.tawtheegonline.com/vb/showpost.php?p=18882&postcount=10) د. توفيق الطيب البشير (http://www.tawtheegonline.com/vb/member.php?u=1) المشرف العام
http://www.tawtheegonline.com/vb/gitexteam-turath/statusicon/user_offline.gif
http://www.tawtheegonline.com/vb/images/icons/icon1.gif رد: بعض قضايا الانفاق العام في الاقتصاد الإسلامي
اهداف الانفاق العام لدولة السودان
يمكن استخلاص اهداف الانفاق العام الخاصة بالدولة السودانية من كتاب الاستراتيجية القومية الشاملة ، باعتبار انها تمثل جملة الاماني والتوقعات والترتيبات المخططة علي مدي عشر سنوات لجمهور السودان.فهذه الاستراتيجية وان كانت تعبر عن اهداف مرحلة زمنية محددة ،الا انها تمثل الاصل والاساس الذي تنطلق منه الاهداف فياي مراحل لاحقة ، سواء بالنسبة للدولة او القطاع الخاص الذي يتعين علي الدولة تحفيزه لتحقيق هذه الاهداف . وبالتالي فان مايلي الدولة من اتشطة مباشرة او غير مباشرة لتحقيق الاهداف المذكورة تمثل مجالات الانفاق التي تخصص الايرادات العامة للصرف عليها وفق اولويات الانفاق . وتاكيدا لذلك جاء في مقدمة كتاب الاستراتيجية القومية الشاملة مايلي :" "
اولا: البداية الشاملة للتاصيل للنهضة الفكرية والتنمية الثقافية وتحريك المجتمع وتعبئة قواه في اطار ثوري حر يفجر الطاقات ويستنهض الهمم .
ثانياً: تخطيط شامل يستوعب كل قطاعات المجتمع السوداني في اتساق وتناغم لتحقيق النهضة الفكرية الكاملة والطفرة الكبري التي يطمح اليها الشعب السوداني.
ثالثا: خطة شاملة للتوظيف الامثل للموارد والطاقات التي يذخر بها الوطن .
رابعا: خطة طموحة تحي الامل وتجدد الثقة في امكانات هذا الوطن المعطاء وترسم صورة لما يمكن ان يبلغه بجهد ابنائه اذا ما احكم التخطيط وصدق العزم وعلت الهمة وجود العمل.
اخيرا: خريطة هادية للتحول الحضاري نحو المجتمع الذي نصبو اليه . مجتمع الحرية والعزة والمنعة والرفاه والقيم الفاضلة . مجتمع يضرب به المثل والقدوة الحسنة لبقية المجتمعات البشرية ويغدو انموذجا يحتذي .
واما الغاية القومية التي تسعي الدولة لتحقيقها هي (تاسيس نهضة حضارية شاملة تمكن السودان من تحقيق ذاته واشاعة الحريات لاهله والارتقاء بحياتهم وتحقيق المنعة التي تصون الوجود والقيم)" "
ويتضح من الفقرات السابقة ان جمهورية السودان تريد بهذه الاستراتيجية تبيان معالم نظامها السياسي والاقتصادي والاجتماعي، ومن ثم تحديد حجم انفاق الدولة ودورها الاقتصادي والاجتماعي والسياسي كما هو منصوص عليه ضمن أهدافها وبرامجها . وقد برز بصورة أوضح حينما نصت الاستراتيجية على أن هدفها المنشود هو تحقيق الأمن القومي الشامل وفق المرتكزات الآتية:-
1. أن يكون السودان خير مجتمعات العالم النامي ديناً وخلقاً وثقافة ومعاشاً وبيئة وان يكون المجتمع مستقلاً عن السلطة في معظم حاجاته وسابقاً عليها في مبادراته.
2. أن يكمل السودان الانتقال إلى مرحلة الشرعية الدستورية وفق منهج شوري ديمقراطي ثوري وفعال وأن يحقق السلام والوحدة الوطنية والاجتماعية وأن يطبق الحكم الاتحادي وأن يقيم النظام السياسي الجديد.
3. أن يتم تطوير القدرات الدفاعية للدولة بما يمكنها من حماية أمنها وتحقيق الطمأنينة وأن يبسط العدل للمواطنين.
4. أن يتحرر القرار السياسي من الضغوط الخارجية وأن يكون أصيلاً وأن تعمل الدبلوماسية على تنفيذ السياسات خدمة لمصالح البلاد وأن يفعل دور السودان الخارجي وأن تقوم علاقاته على مبادئ الوحدة والتكامل على المحور الإقليمي والدولي.
5. تطوير القدرات الاقتصادية بما يجعل الدولة في طليعة دولة العالم النامي.
6. أن يمتلك السودان المقدرات الأساسية في مجال التقانة والعلوم والتأهيل والتدريب
ونلاحظ على هذه المرتكزات شمولها على الواجبات الأساسية التي ترعاها الدولة متمثلة في :
أ) إقامة النظام السياسي والإداري.
ب) إقامة النظام الدفاعي والأمني والعدلي.
ج) نظام العلاقات الخارجية.
د) النظام الاقتصادي.
هـ) النظام الاجتماعي.
و) المجال العلمي والتقني.
وعلى ضوء ما جاء في هذه الموجهات والمرتكزات، تفرعت الأهداف القطاعية في الاستراتيجية القومية الشاملة كما تفرعت الأهداف الاقتصادية عبر برامج الإنقاذ الاقتصادي التي جاءت متمرسة خطى ما جاء في هذه الاستراتيجية.
وبوضع أهداف ومرتكزات الاستراتيجية القومية الشاملة موضع المقارنة مع ما جاء من الأهداف التي يستخدم الإنفاق العام لتحقيقها، نجد أن هناك توافقاً واضحاً بين الجانبيين. غير أن الاستراتيجية القومية الشاملة تميزت بأنها فصلت في النواحي الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والإدارية، بينما تركزت الأهداف التي يعمل الإنفاق العام على تحقيقها فقط على القضايا ذات الصلة بالموارد المالية المباشرة، باعتبار أن هناك بعض الأهداف التي تتحقق بوسائل أخرى وتشترك في تحقيقها أيضاً سياسات أخرى غير سياسات الإنفاق العام. وعلى صعيد آخر نجد أن أهداف وأغراض الاستراتيجية القومية الشاملة تمثل الكل، بينما تمثل أهداف الإنفاق العام الجزء. ولكن الموضوع الذي يبقى محتاجاً للمزيد من البحث والدراسة هو آلية تحقيق الأهداف الواردة في الاستراتيجية القومية الشاملة. هل تقوم الدولة بتحقيقها مجتمعة عبر آلية الإنفاق العام، أم عبر آلية الإنفاق الخاص، أم عبر آلية مشتركة (عام وخاص؟) وهذا ما سوف نشير إلي بعض جوانبه عند الحديث عن مفهوم الحاجات العامة التي تقوم الدولة بإشباعها.
http://www.tawtheegonline.com/vb/gitexteam-turath/buttons/quote.gif (http://www.tawtheegonline.com/vb/newreply.php?do=newreply&p=18882) http://www.tawtheegonline.com/vb/gitexteam-turath/misc/trashcan.gif
http://www.tawtheegonline.com/vb/gitexteam-turath/statusicon/post_old.gif 01-22-2010, 01:27 AM رقم المشاركة : 11 (http://www.tawtheegonline.com/vb/showpost.php?p=18883&postcount=11)
http://www.tawtheegonline.com/vb/images/icons/icon1.gif رد: بعض قضايا الانفاق العام في الاقتصاد الإسلامي
الأصول الإسلامية لهذه الأهداف:
بالقراءة المدققة والفاحصة للأهداف الإنفاق العام – والتي كما أشرنا جاءت متوافقة مع ما جاء في الاستراتيجية القومية الشاملة – نجد أن جذورها وأصولها الشرعية واضحة لا تحتاج لكثير بيان فهي تندرج تحت مجمل أهداف الدولة الإسلامية. فتخصيص الموارد الاقتصادية لضمان حسن استخدامها وتوزيعها بصورة مثلى بين مجالات الاستخدام المتعددة، نجده يتوافق ومفهوم الاستخلاف وتحقيق المصالح. وهذين الأساسين يسلتزمان بالضرورة التعامل مع الموارد الاقتصادية بمعايير دقيقة تحدد الأولويات المرسومة وبرشد تام لا سفه فيه ولا تبذير ولا إسراف، لأن المال مصلحة شرعية ينبغي أن تحفظ. ولأنه نعمة ينبغي ان تشكر بأخذها بحقها ووضعها في محلها.
والرسول صلى الله عليه وسلم كره لنا: (قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال) " ".
ومن باب إضاعة المال هنا تخصيصه بصورة غير ملائمة لا تراعي فيها درجات المصالح الشرعية (الضروري – الحاجي - التحسيني)" " وبلغة أخرى (الاهم فالمهم والأقل أهمية) . أو أن يتم استخدامه بصورة تلحق ضرراً بالمجتمع أو أفراده، حيث نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن ذلك حين قال: (لا ضرر ولا ضرار)" " .
أما هدف الاستقرار الاقتصادي من حيث التشغيل التام للموارد الاقتصادية، فإن شكر النعمة الذي هو سبب زيادتها (لئن شكرتم لأزيدنكم) " " يقتضي تحريك وتثمير وتنمية هذه الموارد وعدم تركها عاطلة. فالمصطفى صلى الله عليه وسلم أمر بتشغيل الأموال جميعها صغيرها وكبيرها. فحتى أموال اليتامى نهى عن تركها عاطلة، حتى لا تأكلها الصدقة، كما جاء في الحديث " ". أما الأمر بالعمل والنهي عن التبطل والكسل، فقد تعددتن النصوص فيها. كما جاء النهي عن الاكتناز وحبس الثروات عن دولاب الإنتاج والتشغيل.
وبالتالي يتضح ان سياسات انفاقية تستهدف تحقيق التشغيل التام للموارد الاقتصادية هي سياسات تعتمد على أصول إسلامية، الأمر الذي يتطلب رعايتها وإنفاذها
فيما يتعلق باستقرار الأسعار، فإن المبدأ الذي يقوم عليه الفكر الاقتصادي هو ان تترك آلية السوق (العرض والطلب) في ظروف المنافسة الكاملة لتحديد السعر، لأنه يعكس واحدة من قيم العدل التي تعبر عن حفظ الحقوق لأهلها. فالرسول صلى الله عليه وسلم عندما طلب منه أن يحدد السعر وكان الارتفاع فيه طبيعياً مرجعه عوامل غير احتكارية، رفض ذلك وقال إنما المسعر هو الله وهو القابض الباسط." " ولكن متى ما تبين للحاكم أن هناك بعض الخلل في تحديد السعر ولم تترك الآلية التنافسية الحرة للتعبير عن ذلك، وجب عليه – استناداً على مفهوم الاستخلاف الذي استعرضناه سابقاً-أن يتدخل ويحفظ الاستقرار في مستويات الأسعار. كما أنه ظل تبين للدولة أن الأسعار تتعرض لتقلبات تضر بالمتغيرات الاقتصادية وتضر بمصالح المواطنين، يرى الباحث أن تعمل الدولة على توجيه آلية الإنفاق للتأثير على مستوى الأسعار وفق النسبة المرغوبة والملائمة للظرف الاقتصادي المعين.
أما عن هدف تحقيق التنمية الاقتصادية فهو- من وجهة نظر الباحث – لا يحتاج لكثير بيان، لأنه من الضرورات التي أمر بها الدين. فقد أمرت الأمة بإعداد كل ما تستطيع من قوة (واعدوا لهم ما استطعتم من قوة)" ". ويكفى أن المال جعل من المقاصد الشرعية الضرورية التي أمرنا بحفظها ومن لوازم حفظ هذه الأموال تشغيلها وتنميتها. ومما لا شك فيه ، ان الأهداف التي سبق تناولها آنفاً من تخصيص ملائم للموارد، الاقتصادية وتشغيل تام لها، واستقرار في مستويات الأسعار، تعمل – في المحصلة النهائية- على تحقيق التنمية الاقتصادية المنشودة.
وعلى صعيد آخرن فإن هدف إعادة توزيع الدخل القومي يعتبر من صلب واجبات الدولة المسلمة. وكما تمت الإشارة في صحفات سابقة، شهدت الدولة الإسلامية قيام مؤمسسة الزكاة باعتبارها فريضة تعبدين وإجبارية، وذلك لمقابلة نفقات هذا الواجب (إعادة توزيع الدخل). علاوة على ذلك، شهدت الدولة الإسلامية قيام مؤسسات أخرى كالوقف والصدقات (فوق ما هو مقرر) لمقابلة النفقات المتزايدة. ومن جانبنا نرى، أن جملة المفاهيم بشأن الاستخلاف وتحقيق المصالح وحفظها، تعطي الدولة الحق في إعادة التوزيع متى ما تبين لها أن الزكاة بموردها الثابت لاتكفي لمقابلة نفقات إعادة توزيع الدخل القومي في المجتمع، اعتماداً على ما أشار إليه الفقهاء من مسئولية الحاكم عن سد حاجات المحتاجين" ".
وهكذا يتضح لنا من خلال الاستعراض السابق أن الدولة في السودان وضعت جملة من الأهداف الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي من شأنها أن تؤثر على حجم النفقات العامة وتوقيتها وتوزيعها الزماني والمكاني والقطاعي. وبذلك يصبح الإنفاق العام أحد آليات السياسة المالية – ذات الجذور والأصول الإسلامية- التي تستخدمها الدولة لتحقيق هذه الأهداف.
http://www.tawtheegonline.com/vb/gitexteam-turath/buttons/quote.gif (http://www.tawtheegonline.com/vb/newreply.php?do=newreply&p=18883) http://www.tawtheegonline.com/vb/gitexteam-turath/misc/trashcan.gif
http://www.tawtheegonline.com/vb/gitexteam-turath/statusicon/post_old.gif 01-22-2010, 01:27 AM رقم المشاركة : 12 (http://www.tawtheegonline.com/vb/showpost.php?p=18884&postcount=12)
http://www.tawtheegonline.com/vb/images/icons/icon1.gif رد: بعض قضايا الانفاق العام في الاقتصاد الإسلامي
المبحث الثالث
مفهوم الحاجات العامة التي يستخدم الأنفاق العام لإشباعها
ظل مفهوم الحاجات العامة كمعيار يضبط ويحدد حجم ونوع الانفاق العام محل جدل ونقاش بين الاقتصاديين ، كما ظل هذا المفهوم محل تطور مع الفكر الاقتصادي والسياسي والاجتماعي .
وقد حاول أحد الباحثين أن يضع بعض الضوابط التي تحدد أنواع النفقات العامة التي ينبغي على الدولة أن تقدمها فذكر أن الاشياء التي تدخل ضمن تعريف الحاجة العامة ( أو الحاجة الاجتماعية ) تتمثل في الحاجات ( السلع والخدمات ) التي تعجز آلية السوق على تقويمها ، لانه لا يمكن تطبيق مبدأ التنافس السوقي عليها بسبب قابليتها للتبادل السوقي ، مما يقتضي أن يطبق عليها مبدأ الاستبعاد المرتكز على الطلب المدعوم بقوة شرائية. وعجز آلية السوق في هذه الحالة أما أن يكون عجزا حقيقياً في مثل حالة خدمات الدفاع والعدل وحفظ الامن والنظام ، أو أن يكون عجزا مجازيا بسبب رغبة ممثلي الشعب ( بموجب القرار السياسي ) في اخراج بعض السلع كخدمات الصحة والتعليم عن آلية السوق ، وبالتالي الزام باشباعها" ".
عند الحديث عن بعض قضايا الانفاق في جمهورية السودان ، لابد من النظر الى المنطلقات الفكرية التي تم الاعتماد عليها في تحديد أي انواع النفقات التي ينبغي ان تتحملها الدولة ، حيث نعلم أن المرجع في هذه الامر هو الاستراتيجية القومية الشاملة . فهذه الاخيرة تحدثت عن واجبات كل من المجتمع والدولة كمؤشر لحجم انفاق كل منهما . وفي هذا الخصوص ، ورد في الاستراتيجية النص التالي : ( أن يكون المجتمع مستقلاً عن الدولة في معظم حاجاته وسابقا عليها في مبادراته)" "
كما جاء فيها ايضا ( أن محور الارتكاز للاستراتيجية الاجتماعية هو أن يكون المجتمع مدنياً حقياً ، مبادراً ومستقلاً عن السلطة في توفير معظم حاجاته، معمداً على موارده وقدراته الذاتية) " "
وهكذا يفهم من هذه الفقرات التي جاءت في الاستراتيجية القومية الشاملة انه يتعين السعي لتحقيق استقلال المجتمع عن الدولة في اشباع حاجاته وبالتالي يتقلص تبعاً لذلك الانفاق العام ( الحكومي) ويتوسع الانفاق الخاص ( الاهلي) وهذا يعني مراجعة شاملة للانفاق العام الذي ورثته ثورة الانقاذ الوطني بمختلف جوانبه سواء أكان خدمياً أو انتاجياً ، ويشمل هذا الانفاق الذي كان يخصص للمؤسسات العامة الاستثمارية التي انشئت من اجل الهدف الانتاجي التنموي أو للمؤسسات التي قامت من اجل تقديم بعض الخدمات مثل النقل الجوي أو البري أو البحري ، وذلك لمعرفة هل بمقدور الطقاع الخاص الانفاق على هذه المجالات. ومتى تأكد للدولة امكانية ذلك ، تتوقف هي عن كل أنواع الانفاق على المؤسسات في المجالات التي يستطيع القطاع الخاص ان يقوم بها للمجتمع .
وقد جاء النص صريحا على ما اسلفنا عندما انتقلت الاستراتيجية الى الحديث عن المجال الاقتصادي ، حيث أوردت ( ان السبيل الى الحكومة محدودة غير متضخمة ، اكثر كفاءة واقل تبديداً يستلزم توزيعا افضل للمسئوليات بين الحكومة والقطاع الخاص الشعبي وافردي في مجال انتاج السلع والخدمات. ويستدعي ذلك ارجاء تغيرات مؤسسية بابتداع انماط من الملكية الخاصة لها مسئولية انتاج السلع واخلدمات بجهود القطاع الخاص منفردا ، أو ضمن قطاع متلف أو مشروعات مشتركة مع الحكومة " "
ولعل التأكد العملي لهذا التوجيه تبرزه السياسات في عام 1992م والجدير بالذكر أن هذه السياسات مازالت مستمرة حتى الآن.
وبالرغم مما ذكرنا تظل هنالك بعض الحاجات التي تقدمها الدولة محل نظر فمثلا ما هوحجم ومستوى التعليم الذي يتعين على الدولة أن تقدمه؟ وهل يتم اشباع هذه الحاجة بدون مقابل أم التكلفة الحقيقة ، أم على الاساس التجاري ؟ وهل يطبق ذلك نعلى التعليم العام أم على التعيم العالي أم على الاثنين معاً .
وكذلك ترد نفس الاسئلة في حالة الخدمات الصحية : هل تميز الدولة بين الرعاية الصحية الأولية والصحة العلاجية ؟ ومن جهة تحديد الجهة التي تتحمل نفقاتها ؟ هل تقدم كلها مجانا أم تقدم باسعار مدعومة ؟ وإذا كانت هناك النية في التمييز من حيث دعم الخدمات الصحية ، فهل يتم التميز على اساس جغرافي أم فئوي .
أما موضوع خدمة التعليم فقد جاء بشأنه في الموجهات العامة للاستراتيجية القومية الشاملة يلي : ( تذكية الاعتماد على النفس في نفوس الافراد ، وفي المجتمع بحيث يغدو مستقلا عن الدولة في الوفاة بحاجاته) " " . كما جاء في الأهداف الخاصة بقطاع التعليم انه يستهدف : ( بناء مجمع الاعتماد على النفس وتفجير الطاقات المعنوية والمادية والكامنة واشاعة الطموع لاستعادة دورنا الحضاري كأمة رائدة ذات رسالة ) وفيما يتعلق بالتكلفة المالية لخدمة التعليم فقد جاء النص حولها صريحاً في الفقرة (7) (جعل تكلفة التعليم مسئولية المجتمع بأسره وتنويع مصادر تمويله) " " .
وهذا يعني بالضرورة تناقص الانفاق العام على التعليم وتوسع الانفاق الخاص عليه بما يحقق الاهداف والسياسات التي جاءت في الاستراتيجية القومية الشاملة . ومما لا شك فيه ، فان التوجه يتناسق مع ما جاء في الأهداف العامة والمرتكزات .
في حين ورد بشأن التنمية الصحية في الموجهات العامة للاستراتيجية القومية الشاملة ما يلي : انها جزء من التنمية الاجتماعية وهي جهد مشترك وثمرة عمل تضامني بين المواطنين والدولة والمجتمع ، وان المشاركة الشعبية هي ضرورة لتقحيق التنمية الصحية" " , ومن هنا يتضح لنا أن الدولة قد حسمت خيارها النظري ،بحيث جعلن الانفاق على خدمات الصحة ليس مسئولية حكومية فقط وانما مسئولية مشتركة بين الافراد والمجتمع والدولة . وهذا يعني ان يتم التعبير عن طريق توزيع المسئولية عبر الآليات المؤسسية فتقدم الخدمات الصحية ( العلاجية والوقائية ) على الاسس التجارية عبر مؤسسات متفرغة لذلك من القطاع الخاص . وقد تأكد هذا جليا في التوسع الذي حدث في الاستثمار في هذا المجال ، وما تم تقديمه من تسهيلات وامتيازات حتى يشارك الدولة في اشباع هذه الحاجة . كما ظهرت المؤسسات التي تقدم الخدمات الصحية بسعر التكلفة حسب تجربة العلاج الاقتصادي ومراكز الانقاص الصحي التي انتشرت في السودان. ومن ناحية اخرى هنالك بعض المؤسسات التي تقدم العلاج على اساس تكافلي، بحيث يتضامن فيها الافراد والدولة متمثلة في تجربة التأمين الصحي التي تطبيقها حالياً.
وتظل هناك بعض الدوائر في قطاع الخدمات الصحية تحتاج لحسم نهائي وفق معايير دقيقة وواضحة تحدد نوع الخدمات والتي تقوم بها الدولة أو تلك التي تترك للقطاع الخاص وأي الاقاليم او المناطق الجغرافية التي يتم تمييزها ( مراكز الحضر مثلا أو مراكز الارياف ) ايضا ينبغي تحديد اي الفئات قدم لها الخدمة مدعومة أو مجانية . كما أن اخلددمات التي نلزم بها الدولة تحتاج للنظر بين ما تقدمه مباشرة عبر انفاقها العام ، وما تقدمه عبر مؤسساتها المستقلة كديكوان الزكاة مثلا وهيئة الاوقاف الاسلامية أو أي مؤسسة اجتماعية وخيرية تقيمها الدولة .
http://www.tawtheegonline.com/vb/gitexteam-turath/buttons/quote.gif (http://www.tawtheegonline.com/vb/newreply.php?do=newreply&p=18884) http://www.tawtheegonline.com/vb/gitexteam-turath/misc/trashcan.gif
رقم المشاركة : 13 (http://www.tawtheegonline.com/vb/showpost.php?p=18885&postcount=13)
http://www.tawtheegonline.com/vb/images/icons/icon1.gif رد: بعض قضايا الانفاق العام في الاقتصاد الإسلامي
الاصول الاسلامية لمفهوم الحاجات العامة:
تستخلص المعايير والموجهات العامة التي تحكم الجاجات العامة في الدولة الاسلامية من النصوص الشرعية ( قرنا وسنة ) ومن التطبيق العملي للدولة الاسلامية في عهد النبوة وعهد الخلافة الراشدة ، وحيث يتم النظر فيما كانت تتولاه وتقوم به الدولة لذلك فتتحمل بموجبه بعض النفقات .
والملاحظ أن ما جاء في الاستراتيجية القومية الشاملة من حيث نوع شكل نوع الحاجات العامة التي تقوم بها الدولة ويسهم المجتمع في تمويلها يجد بجذوره في التشريع الاسلامي ، ويتضح ذلك من خلال استعراضنا لانواع الحاجات ( الخدمات والسلع ) والتي تتولى الدولة الاسلامية الانفاق عليها والتي تشمل الآتي:" "
1. نفقات تسير دولاب الحكم مثل نقفات الجهاز السياسي والاداري والمالي ، لان اقامة الخلافة وتعيين الحكام واجب ديني يتوقف عليه اقامة وتمكين الدين . وهو امر اجمع عليه الصحاية رضوان الله عليهم ،حيث لم يترددوا أو يتأخروا في تعيين خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد انتقاله الى الرفيق الاعلى . بل حسموا هذا الامر قبل ان يواروا جثمانه الطاهر . واقامة هذا الجهاز بالضرورة تقتضي وتستلزم انفاقا مالية يمكنه من أداء واجباته الكلف بها في حراسة الدين وسياسة الدينا . فقد علمنا أن مهام خالخالفة هي حمل كافة الناس وفق المقتضيات الشرعية تحقيقا لمعنى العبودية لله .
2. نفقات الجهات لحماية الدين وتمكين الدولة وتبليغ الدعوة وما يستتبها من نفقات لاعداد العدة وتجييش الجيوش ، وتدريبها وتوفير معيناتها ، حيث يقول تعالى ( واعدوا لهم ما استطعتم من قوة )" ". وكذلك قوله تعالى( الذين إن مكناهم في الارض اقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الامور)" ".
3. نفقات تحقيق العدل وحفظ الامن والنظام وميستتبعها من المؤسسات العدلية كالجهاز القضائي والعدلي وجهاز الشرطة والامن وما ترتبط بها من مؤسسات فالعدل هو لازمة من لوازم الدولة وغرض اصيل لها ، إذ يقول المولى عز وجل في هذا الخصوص ( إن الله يأمر بالعدل والإحسان)" " ويقول تعالى ( أن الله يأمركم أن تؤدوا الامانات إلى اهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل)" ".
4. نفقات التكافل والتضامن الاجتماعي ، وقد تأكد وجوب هذه النفقات على الدولة من خلال ما اشرنا اليه سابقا من جباية الزكاة وتوزيعها على مصارفها التي نصت عليها الآيات القرآنية واكد الخلفاء الرادون الالتزام بها من الناحية" " العملية . ولما كانت الزكاة ذات طبيعة خاصة ( فإن النفقات الاخرى المتعلقة بالضمان الاجتماعي والتي لا تنطبق عليه شروط مستحق الزكاة ،تعالج عبر مصادر ايرادية اخرى . فقد كانت هذه الاخيرة في العهد الاسلامي الاول تنال نصيبا من خمس الغنائم ، كما كان يخصص لها جزءا من خمس عائد المعادن والركائز ن وجزءا من مال الفئ والاموال التي لا وارث لها" " وقد كان هذا المعنيى واضحا في اذهان السلف الصالح، لانهم كانوا يقراون حديث الرسول صلى الله عليه وسلم ( من ترك كلا فإلينا ومن ترك ملا فلورثته)" "والكل ( هو كل عيل والذرية منهم)" "
وقد جاء فهم مسئولية الدولة عن هذا الواجب في الاستراتيجية القومية الشاملة لجمهورية السودان واضحا ، فقد نصتعلى أن ( محاربة الفقر وتأين حاجات المواطن الاساسية ودرء المخاطر الاقتصادية والاجتماعية والاخلاقية)" " من اهداف الدولة في هذا المجال ، ولكنها أكدت أن الانفاق على هذا الهدف هو عمل مشترك ، حيث ورد في هذا الخصوص أن ( التنمية الاجتماعية جهد مشترك وثمرة عمل تضامني بين المواطن الدلة والمجتمع والمشاركة الشعبية ركيزة من ركائز الرعاية والتنمية الاجتماعية)" " بل وأبرظت في اتلاستراتيجية القومية الشاملة ذلك بصورة أكثر وضوحاً عندما نصت ضمن أهدافها توسيع فضيلة التكامل بحيث تصير ممارسة شعبية طوعية تساعد في جعل المجتمع مستقلا عن السلطة في تلبية حاجاته الاساسية) " " وفوق هذا اشارت الاستراتيجية ايضا الى ضرورة استقطاب الجهد الشعبي الطوعي والخيري للعمل في مجال التكافل الاجتماعي" "
5. نفقات الخدمات العامة التي تعلقت بها مصالح المسلمين : وهي الخدمات التي أن لم تقم بها الدولة ، وقع الحرج والمشقة على المسملني . وقد اقرت الشرعية بمجموع نصوصها رفع الحرج والمشقة ، بل واستخرج انفقاها قاعدة قيدت التكاليف الشرعية وغيرت حكمها ومجاءت قاعدة ( المشقةتجلب التيسير)" " فإينما وجدت المشقة ، خفف الحكم والتكليف الواجب شرعاص . ويدخل تحت هذا النوع من النفقات نفقات اقامة الطرق والجسور وحفر القنوات استصلاح الاراضي واقامة السدود.
ولكن السؤال الهام الذي يتبادر للاذهان هو : هلتقدم الدولة هذه الخدمات مجانا دون مقابل أم بالتكلفة ام على الاساس التجاري ؟ في تقديري أن الاصل أن كانت الدولة ذات قدرة مالية ووفرة تقابل بها التكليف الرأسمالية التشغيلية ، فلها أن تقدم الخدمة مجاناً . وأن كان الامر غير ذلك ، فالحكم على كل حالة بحسبها. فأما ان تباع بالتكلفة للجميع أو لبعض الناس ، أو اتباع بسعرين سعر تكلفة للفئات الضعيفة وسعر تجاري للمقتدرين .
والملاحظ أن الاستراتيجية القومية الشاملة اخذت مبدأ الادارة على الاساس التجاري . فقد جاء في الموجهات التي قامت عليها الاستراتيجية ما يأتي( رفع القدرة التنفيذية بتحسين نوع الدمات وتوفرها باتباع سياسة ملائمة وتدابير تجارية تعزز قدرات هذا القطاع وترفع انتاجيته وتزيد ربحيته وتضمن في نفس الوقت التنمية الاقتصادية والاجتماعية" ".
اهداف الانفاق العام
من خلال ما استعرضنا في الصفحات السابقة عن النظامين الراسمالي والاشتراكي تبين لنا ان الدولة تستهدف بانفاقها العام عددا من الاهداف اجملها الاقتصاديون في الاتي :
(1) اعادة تخصيص الموارد الاقتصادية :
ويقصد بذلك الاجراءات التي تتخذ من قبل الدولة في جانبي الايرادات والنفقات من اجل اعادة توزيع الموارد الاقتصادية بين مجالات الاستخدام المختلفة (المجالات الانتاجية والاستهلاكية العامة والخاصة ) وفق الاولويات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية . ولعل مرد ذلك ان القدرة التلقائية المفترضة في النشاط الاقتصادي في تحقيق افضل استخدام للموارد الاقتصادية – وبالتالي امثل توزيع لهذه الموارد بين المجالات المختلفة – لم تتحقق بالفعل . وعليه ، لابد من اجراءات تدخلية تعيد الامور الي نصابها وتحقق الاستخدام الامثل للموارد في الزمان والمكان المحددين . وبموجب هذا الامر اصبح الانفاق العام وسيلة وسياسة تستخدمها الدولة لتحويل الموارد الاقتصادية من مجال غير مرغوب فيه الي المجال المرغوب فيه .
http://www.tawtheegonline.com/vb/gitexteam-turath/buttons/quote.gif (http://www.tawtheegonline.com/vb/newreply.php?do=newreply&p=18878) http://www.tawtheegonline.com/vb/gitexteam-turath/misc/trashcan.gif http://www.tawtheegonline.com/vb/gitexteam-turath/statusicon/post_old.gif 01-22-2010, 01:22 AM رقم المشاركة : 7 (http://www.tawtheegonline.com/vb/showpost.php?p=18879&postcount=7) د. توفيق الطيب البشير (http://www.tawtheegonline.com/vb/member.php?u=1) المشرف العام
http://www.tawtheegonline.com/vb/image.php?u=1&dateline=1308606000 (http://www.tawtheegonline.com/vb/member.php?u=1)
تاريخ التسجيل : Mar 2009 رقم العضوية : 1 الإقامة : الرياض الهواية : المواضيع : الردود : مجموع المشاركات : 11,224 بمعدل : 10.33 مشاركة في اليوم معدل التقييم : 10 معدل تقييم المستوى : آخر تواجد : ()
http://www.tawtheegonline.com/vb/gitexteam-turath/statusicon/user_offline.gif
http://www.tawtheegonline.com/vb/images/icons/icon1.gif رد: بعض قضايا الانفاق العام في الاقتصاد الإسلامي
(2) تحقيق الاستقرار الاقتصادي:
ويعني هذا الهدف بتحقيق امرين :
اولهما: التشغيل التام للموارد الاقتصادية ، بحيث لايكون أي جزء منها في حالة بطالة كلية او جزئية .
ثانيهما : الاستقرار في المستوي العام للاسعار ، بحيث لاتحدث فيها تقلبات واسعة تؤثر سلبا علي النشاط الاقتصادي .
وتحقيق هذان الهدفان ، يقتضي من الدولة السعي المستمر للتاثير في حركة وحجم وتوقيت الانفاق العام . ففي بعض الاحيان ، قد تتوسع الدولة في الانفاق من اجل توليد الدخول وزيادتها لرفع الطلب الفعلي عندما يكون اقل من المستوي اللازم ، عبر اعانات الانتاج لرفع كفاءة التشغيل في الصناعات المعطلة جزئيا او كليا . او قد تلجا الدولة الي اتخاذ اجراءات وتدابير عكسية (تخفيض الانفاق العام)لتحقيق الاستقرار في مستوي الاسعار .
http://www.tawtheegonline.com/vb/gitexteam-turath/misc/trashcan.gif
رقم المشاركة : 8 (http://www.tawtheegonline.com/vb/showpost.php?p=18880&postcount=8)
http://www.tawtheegonline.com/vb/images/icons/icon1.gif رد: بعض قضايا الانفاق العام في الاقتصاد الإسلامي
(3) تحقيق التنمية الاقتصادية
المعلوم ان موضوع التنمية الاقتصادية يدور حول جملة من الموضوعات والقضايا اهمها : بناء هياكل انتاج قوية وتهيئة البيئة المناسبة لها ، وزيادة طاقة الانتاج القائمة وتهيئة الوسائل والاسباب التي ترتقي بحياة الانسان وتحقق له الرفاهية بكل معانيها . وهذا يقتضي حشد المدخرات من القطاعين الخاص والعام وتوجيهها لكي يتم استخدامها وفقا لجدول الاولويات في المجتمع، مع مراعاة الكفاءة الاقتصادية لاشباع الحاجات العامة .
ومايلي الانفاق العام في هذا الجانب هو القيام باقامة البنيات الاساسية (شبكات – طرق – واتصال - ..... الخ) وتقديمها كخدمة مجانية او بالمقابل التجاري ، وتقديم الاعانات وحفظ الامن والنظام اللازمين للعملية الانتاجية ، ومراجعة الاداء الاقتصادي (سياسات ومؤسسات) ، بما يضمن البيئة المناسبة للتنمية الاقتصادية .
http://www.tawtheegonline.com/vb/gitexteam-turath/buttons/quote.gif (http://www.tawtheegonline.com/vb/newreply.php?do=newreply&p=18880) http://www.tawtheegonline.com/vb/gitexteam-turath/misc/trashcan.gif
http://www.tawtheegonline.com/vb/gitexteam-turath/statusicon/post_old.gif 01-22-2010, 01:24 AM رقم المشاركة : 9 (http://www.tawtheegonline.com/vb/showpost.php?p=18881&postcount=9)
http://www.tawtheegonline.com/vb/images/icons/icon1.gif رد: بعض قضايا الانفاق العام في الاقتصاد الإسلامي
(1) اعادة توزيع الدخل القومي
يتم توزيع الدخل – كما هو معلوم لكل المعينين بعلم الاقتصاد – في مرحلبه الاولية وفقا لملكية عناصر الانتاج . فوفقا للفكر الراسمالي ،يذهب الريع للارض والاجر للعمل والربح للمنظم والفائدة لراس المال.وبالتالي فان الذي لايملك احد هذه العناصر ، لايجد الدخل المناسب لاشباع حاجات الاساسية . ولم يعرف الفكر الاقتصادي الراسمالي في ظل المدرسة الكلاسيكية (التقليدية) ادراج هذا الهدف ضمن واجبات الدولة . بل وهو يتحيز هذا الفكر في بعض الاحيان للاغنياء ، لانه يري ضرورة واجبات الدولة . للادخار لتحقيق الاستثمار وزيادة الانتاج . ولما كان الاغنياء هم الاقدر علي الادخار والستثمار ،فهو يري ان تقلل الضرائب عليهم،بحيث لانفرض علي الانتاج ولكن تفرض علي الاستهلاك . الا انه بعد الكساد العالمي الكبير (في عام 1929م) وبعد ماتبين ان السبب الرئيس لهذا الكساد هو انخفاض الطلب الفعلي وعدم قدرة العرض علي خلق الطلب اللازم لاستيعابه ، ظهرت المدرسة الكيتزية (الحديثة)ونادت باعادة التوزيع من اجل زيادة دخول الفقراء وزيادة الطلب الفعلي ، حتي يتحقق هدف التشغيل التام للموارد الاقتصادية
وهذا الامر يستدعي استخدام النفقات العامة، وخاصة الاعانات التحويلية بمختلف انواعها لاعادة توزيع الدخل لصالح ذوي الميل الحدي العالي الاستهلاك (الفقراء)، ليزداد حجم طلبهم فيرتفع – تبعا لذلك – الطلب الفعلي " " .
ايضا من العوامل التي ساعدت علي ظهور مسألة اعادة توزع الدخل ضمن اهداف الدولة في الفكر الراسمالي الدوافع الاجتماعية المتولدة عن الضغوط السياسية التي ظلت تمارسها النقابات واتحادات العمال لتحسين اوضاع العاملين ولحفظ حقوقهم . كما عضد من هذا الاتجاه دعم ومشاركة السياسيية الذين يريدون كسب اصوات العاملين لصالحهم " ".
وجاءت مسالة اعادة توزيع الدخل في الفكر الاشتراكي المبادئ الاساسية لهذا المفكر الذي لايعترف بالملكية الخاصة لوسائل الانتاج وانما بالملكية العام، الامرالذي يترتب عليه ان تؤول كل الدخول للدولة . وهكذا يحل مفهوم توزيع الدخل بواسطة الدولة عبر الانفاق العام محل مفهوم التوزيع الذي يتم بموجب الملكية الخاصة لوسائل الانتاج في الفكر الراسمالي . غير ان الملاحظ علي الفكر الاشتراكي تراجعه في الفترة الاخيرة ومقابلته لكثير من المشكلات في الواقع العملي وافول نجم دولته .
هذه هي جملة الاهداف التي تؤثر في نوع وحجم وتوقيت الانفاق العام. والسؤال الهام الذي يتبادر للذهن هو: هل تتفق هذه الاهداف مع اهداف الدولة في السودان؟ ويفرع عن ذلك سؤال هام اخر: هل تجد هذه الاهداف الاصول الشرعية التي ترتكز وتعتمد عليها وتضفي عليها المقبولية لتصبح جزءاَ اصيلا من السياسات الاقتصادية للدولة الحضارية؟
http://www.tawtheegonline.com/vb/gitexteam-turath/buttons/quote.gif (http://www.tawtheegonline.com/vb/newreply.php?do=newreply&p=18881) http://www.tawtheegonline.com/vb/gitexteam-turath/misc/trashcan.gif
http://www.tawtheegonline.com/vb/gitexteam-turath/statusicon/post_old.gif 01-22-2010, 01:25 AM رقم المشاركة : 10 (http://www.tawtheegonline.com/vb/showpost.php?p=18882&postcount=10) د. توفيق الطيب البشير (http://www.tawtheegonline.com/vb/member.php?u=1) المشرف العام
http://www.tawtheegonline.com/vb/gitexteam-turath/statusicon/user_offline.gif
http://www.tawtheegonline.com/vb/images/icons/icon1.gif رد: بعض قضايا الانفاق العام في الاقتصاد الإسلامي
اهداف الانفاق العام لدولة السودان
يمكن استخلاص اهداف الانفاق العام الخاصة بالدولة السودانية من كتاب الاستراتيجية القومية الشاملة ، باعتبار انها تمثل جملة الاماني والتوقعات والترتيبات المخططة علي مدي عشر سنوات لجمهور السودان.فهذه الاستراتيجية وان كانت تعبر عن اهداف مرحلة زمنية محددة ،الا انها تمثل الاصل والاساس الذي تنطلق منه الاهداف فياي مراحل لاحقة ، سواء بالنسبة للدولة او القطاع الخاص الذي يتعين علي الدولة تحفيزه لتحقيق هذه الاهداف . وبالتالي فان مايلي الدولة من اتشطة مباشرة او غير مباشرة لتحقيق الاهداف المذكورة تمثل مجالات الانفاق التي تخصص الايرادات العامة للصرف عليها وفق اولويات الانفاق . وتاكيدا لذلك جاء في مقدمة كتاب الاستراتيجية القومية الشاملة مايلي :" "
اولا: البداية الشاملة للتاصيل للنهضة الفكرية والتنمية الثقافية وتحريك المجتمع وتعبئة قواه في اطار ثوري حر يفجر الطاقات ويستنهض الهمم .
ثانياً: تخطيط شامل يستوعب كل قطاعات المجتمع السوداني في اتساق وتناغم لتحقيق النهضة الفكرية الكاملة والطفرة الكبري التي يطمح اليها الشعب السوداني.
ثالثا: خطة شاملة للتوظيف الامثل للموارد والطاقات التي يذخر بها الوطن .
رابعا: خطة طموحة تحي الامل وتجدد الثقة في امكانات هذا الوطن المعطاء وترسم صورة لما يمكن ان يبلغه بجهد ابنائه اذا ما احكم التخطيط وصدق العزم وعلت الهمة وجود العمل.
اخيرا: خريطة هادية للتحول الحضاري نحو المجتمع الذي نصبو اليه . مجتمع الحرية والعزة والمنعة والرفاه والقيم الفاضلة . مجتمع يضرب به المثل والقدوة الحسنة لبقية المجتمعات البشرية ويغدو انموذجا يحتذي .
واما الغاية القومية التي تسعي الدولة لتحقيقها هي (تاسيس نهضة حضارية شاملة تمكن السودان من تحقيق ذاته واشاعة الحريات لاهله والارتقاء بحياتهم وتحقيق المنعة التي تصون الوجود والقيم)" "
ويتضح من الفقرات السابقة ان جمهورية السودان تريد بهذه الاستراتيجية تبيان معالم نظامها السياسي والاقتصادي والاجتماعي، ومن ثم تحديد حجم انفاق الدولة ودورها الاقتصادي والاجتماعي والسياسي كما هو منصوص عليه ضمن أهدافها وبرامجها . وقد برز بصورة أوضح حينما نصت الاستراتيجية على أن هدفها المنشود هو تحقيق الأمن القومي الشامل وفق المرتكزات الآتية:-
1. أن يكون السودان خير مجتمعات العالم النامي ديناً وخلقاً وثقافة ومعاشاً وبيئة وان يكون المجتمع مستقلاً عن السلطة في معظم حاجاته وسابقاً عليها في مبادراته.
2. أن يكمل السودان الانتقال إلى مرحلة الشرعية الدستورية وفق منهج شوري ديمقراطي ثوري وفعال وأن يحقق السلام والوحدة الوطنية والاجتماعية وأن يطبق الحكم الاتحادي وأن يقيم النظام السياسي الجديد.
3. أن يتم تطوير القدرات الدفاعية للدولة بما يمكنها من حماية أمنها وتحقيق الطمأنينة وأن يبسط العدل للمواطنين.
4. أن يتحرر القرار السياسي من الضغوط الخارجية وأن يكون أصيلاً وأن تعمل الدبلوماسية على تنفيذ السياسات خدمة لمصالح البلاد وأن يفعل دور السودان الخارجي وأن تقوم علاقاته على مبادئ الوحدة والتكامل على المحور الإقليمي والدولي.
5. تطوير القدرات الاقتصادية بما يجعل الدولة في طليعة دولة العالم النامي.
6. أن يمتلك السودان المقدرات الأساسية في مجال التقانة والعلوم والتأهيل والتدريب
ونلاحظ على هذه المرتكزات شمولها على الواجبات الأساسية التي ترعاها الدولة متمثلة في :
أ) إقامة النظام السياسي والإداري.
ب) إقامة النظام الدفاعي والأمني والعدلي.
ج) نظام العلاقات الخارجية.
د) النظام الاقتصادي.
هـ) النظام الاجتماعي.
و) المجال العلمي والتقني.
وعلى ضوء ما جاء في هذه الموجهات والمرتكزات، تفرعت الأهداف القطاعية في الاستراتيجية القومية الشاملة كما تفرعت الأهداف الاقتصادية عبر برامج الإنقاذ الاقتصادي التي جاءت متمرسة خطى ما جاء في هذه الاستراتيجية.
وبوضع أهداف ومرتكزات الاستراتيجية القومية الشاملة موضع المقارنة مع ما جاء من الأهداف التي يستخدم الإنفاق العام لتحقيقها، نجد أن هناك توافقاً واضحاً بين الجانبيين. غير أن الاستراتيجية القومية الشاملة تميزت بأنها فصلت في النواحي الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والإدارية، بينما تركزت الأهداف التي يعمل الإنفاق العام على تحقيقها فقط على القضايا ذات الصلة بالموارد المالية المباشرة، باعتبار أن هناك بعض الأهداف التي تتحقق بوسائل أخرى وتشترك في تحقيقها أيضاً سياسات أخرى غير سياسات الإنفاق العام. وعلى صعيد آخر نجد أن أهداف وأغراض الاستراتيجية القومية الشاملة تمثل الكل، بينما تمثل أهداف الإنفاق العام الجزء. ولكن الموضوع الذي يبقى محتاجاً للمزيد من البحث والدراسة هو آلية تحقيق الأهداف الواردة في الاستراتيجية القومية الشاملة. هل تقوم الدولة بتحقيقها مجتمعة عبر آلية الإنفاق العام، أم عبر آلية الإنفاق الخاص، أم عبر آلية مشتركة (عام وخاص؟) وهذا ما سوف نشير إلي بعض جوانبه عند الحديث عن مفهوم الحاجات العامة التي تقوم الدولة بإشباعها.
http://www.tawtheegonline.com/vb/gitexteam-turath/buttons/quote.gif (http://www.tawtheegonline.com/vb/newreply.php?do=newreply&p=18882) http://www.tawtheegonline.com/vb/gitexteam-turath/misc/trashcan.gif
http://www.tawtheegonline.com/vb/gitexteam-turath/statusicon/post_old.gif 01-22-2010, 01:27 AM رقم المشاركة : 11 (http://www.tawtheegonline.com/vb/showpost.php?p=18883&postcount=11)
http://www.tawtheegonline.com/vb/images/icons/icon1.gif رد: بعض قضايا الانفاق العام في الاقتصاد الإسلامي
الأصول الإسلامية لهذه الأهداف:
بالقراءة المدققة والفاحصة للأهداف الإنفاق العام – والتي كما أشرنا جاءت متوافقة مع ما جاء في الاستراتيجية القومية الشاملة – نجد أن جذورها وأصولها الشرعية واضحة لا تحتاج لكثير بيان فهي تندرج تحت مجمل أهداف الدولة الإسلامية. فتخصيص الموارد الاقتصادية لضمان حسن استخدامها وتوزيعها بصورة مثلى بين مجالات الاستخدام المتعددة، نجده يتوافق ومفهوم الاستخلاف وتحقيق المصالح. وهذين الأساسين يسلتزمان بالضرورة التعامل مع الموارد الاقتصادية بمعايير دقيقة تحدد الأولويات المرسومة وبرشد تام لا سفه فيه ولا تبذير ولا إسراف، لأن المال مصلحة شرعية ينبغي أن تحفظ. ولأنه نعمة ينبغي ان تشكر بأخذها بحقها ووضعها في محلها.
والرسول صلى الله عليه وسلم كره لنا: (قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال) " ".
ومن باب إضاعة المال هنا تخصيصه بصورة غير ملائمة لا تراعي فيها درجات المصالح الشرعية (الضروري – الحاجي - التحسيني)" " وبلغة أخرى (الاهم فالمهم والأقل أهمية) . أو أن يتم استخدامه بصورة تلحق ضرراً بالمجتمع أو أفراده، حيث نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن ذلك حين قال: (لا ضرر ولا ضرار)" " .
أما هدف الاستقرار الاقتصادي من حيث التشغيل التام للموارد الاقتصادية، فإن شكر النعمة الذي هو سبب زيادتها (لئن شكرتم لأزيدنكم) " " يقتضي تحريك وتثمير وتنمية هذه الموارد وعدم تركها عاطلة. فالمصطفى صلى الله عليه وسلم أمر بتشغيل الأموال جميعها صغيرها وكبيرها. فحتى أموال اليتامى نهى عن تركها عاطلة، حتى لا تأكلها الصدقة، كما جاء في الحديث " ". أما الأمر بالعمل والنهي عن التبطل والكسل، فقد تعددتن النصوص فيها. كما جاء النهي عن الاكتناز وحبس الثروات عن دولاب الإنتاج والتشغيل.
وبالتالي يتضح ان سياسات انفاقية تستهدف تحقيق التشغيل التام للموارد الاقتصادية هي سياسات تعتمد على أصول إسلامية، الأمر الذي يتطلب رعايتها وإنفاذها
فيما يتعلق باستقرار الأسعار، فإن المبدأ الذي يقوم عليه الفكر الاقتصادي هو ان تترك آلية السوق (العرض والطلب) في ظروف المنافسة الكاملة لتحديد السعر، لأنه يعكس واحدة من قيم العدل التي تعبر عن حفظ الحقوق لأهلها. فالرسول صلى الله عليه وسلم عندما طلب منه أن يحدد السعر وكان الارتفاع فيه طبيعياً مرجعه عوامل غير احتكارية، رفض ذلك وقال إنما المسعر هو الله وهو القابض الباسط." " ولكن متى ما تبين للحاكم أن هناك بعض الخلل في تحديد السعر ولم تترك الآلية التنافسية الحرة للتعبير عن ذلك، وجب عليه – استناداً على مفهوم الاستخلاف الذي استعرضناه سابقاً-أن يتدخل ويحفظ الاستقرار في مستويات الأسعار. كما أنه ظل تبين للدولة أن الأسعار تتعرض لتقلبات تضر بالمتغيرات الاقتصادية وتضر بمصالح المواطنين، يرى الباحث أن تعمل الدولة على توجيه آلية الإنفاق للتأثير على مستوى الأسعار وفق النسبة المرغوبة والملائمة للظرف الاقتصادي المعين.
أما عن هدف تحقيق التنمية الاقتصادية فهو- من وجهة نظر الباحث – لا يحتاج لكثير بيان، لأنه من الضرورات التي أمر بها الدين. فقد أمرت الأمة بإعداد كل ما تستطيع من قوة (واعدوا لهم ما استطعتم من قوة)" ". ويكفى أن المال جعل من المقاصد الشرعية الضرورية التي أمرنا بحفظها ومن لوازم حفظ هذه الأموال تشغيلها وتنميتها. ومما لا شك فيه ، ان الأهداف التي سبق تناولها آنفاً من تخصيص ملائم للموارد، الاقتصادية وتشغيل تام لها، واستقرار في مستويات الأسعار، تعمل – في المحصلة النهائية- على تحقيق التنمية الاقتصادية المنشودة.
وعلى صعيد آخرن فإن هدف إعادة توزيع الدخل القومي يعتبر من صلب واجبات الدولة المسلمة. وكما تمت الإشارة في صحفات سابقة، شهدت الدولة الإسلامية قيام مؤمسسة الزكاة باعتبارها فريضة تعبدين وإجبارية، وذلك لمقابلة نفقات هذا الواجب (إعادة توزيع الدخل). علاوة على ذلك، شهدت الدولة الإسلامية قيام مؤسسات أخرى كالوقف والصدقات (فوق ما هو مقرر) لمقابلة النفقات المتزايدة. ومن جانبنا نرى، أن جملة المفاهيم بشأن الاستخلاف وتحقيق المصالح وحفظها، تعطي الدولة الحق في إعادة التوزيع متى ما تبين لها أن الزكاة بموردها الثابت لاتكفي لمقابلة نفقات إعادة توزيع الدخل القومي في المجتمع، اعتماداً على ما أشار إليه الفقهاء من مسئولية الحاكم عن سد حاجات المحتاجين" ".
وهكذا يتضح لنا من خلال الاستعراض السابق أن الدولة في السودان وضعت جملة من الأهداف الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي من شأنها أن تؤثر على حجم النفقات العامة وتوقيتها وتوزيعها الزماني والمكاني والقطاعي. وبذلك يصبح الإنفاق العام أحد آليات السياسة المالية – ذات الجذور والأصول الإسلامية- التي تستخدمها الدولة لتحقيق هذه الأهداف.
http://www.tawtheegonline.com/vb/gitexteam-turath/buttons/quote.gif (http://www.tawtheegonline.com/vb/newreply.php?do=newreply&p=18883) http://www.tawtheegonline.com/vb/gitexteam-turath/misc/trashcan.gif
http://www.tawtheegonline.com/vb/gitexteam-turath/statusicon/post_old.gif 01-22-2010, 01:27 AM رقم المشاركة : 12 (http://www.tawtheegonline.com/vb/showpost.php?p=18884&postcount=12)
http://www.tawtheegonline.com/vb/images/icons/icon1.gif رد: بعض قضايا الانفاق العام في الاقتصاد الإسلامي
المبحث الثالث
مفهوم الحاجات العامة التي يستخدم الأنفاق العام لإشباعها
ظل مفهوم الحاجات العامة كمعيار يضبط ويحدد حجم ونوع الانفاق العام محل جدل ونقاش بين الاقتصاديين ، كما ظل هذا المفهوم محل تطور مع الفكر الاقتصادي والسياسي والاجتماعي .
وقد حاول أحد الباحثين أن يضع بعض الضوابط التي تحدد أنواع النفقات العامة التي ينبغي على الدولة أن تقدمها فذكر أن الاشياء التي تدخل ضمن تعريف الحاجة العامة ( أو الحاجة الاجتماعية ) تتمثل في الحاجات ( السلع والخدمات ) التي تعجز آلية السوق على تقويمها ، لانه لا يمكن تطبيق مبدأ التنافس السوقي عليها بسبب قابليتها للتبادل السوقي ، مما يقتضي أن يطبق عليها مبدأ الاستبعاد المرتكز على الطلب المدعوم بقوة شرائية. وعجز آلية السوق في هذه الحالة أما أن يكون عجزا حقيقياً في مثل حالة خدمات الدفاع والعدل وحفظ الامن والنظام ، أو أن يكون عجزا مجازيا بسبب رغبة ممثلي الشعب ( بموجب القرار السياسي ) في اخراج بعض السلع كخدمات الصحة والتعليم عن آلية السوق ، وبالتالي الزام باشباعها" ".
عند الحديث عن بعض قضايا الانفاق في جمهورية السودان ، لابد من النظر الى المنطلقات الفكرية التي تم الاعتماد عليها في تحديد أي انواع النفقات التي ينبغي ان تتحملها الدولة ، حيث نعلم أن المرجع في هذه الامر هو الاستراتيجية القومية الشاملة . فهذه الاخيرة تحدثت عن واجبات كل من المجتمع والدولة كمؤشر لحجم انفاق كل منهما . وفي هذا الخصوص ، ورد في الاستراتيجية النص التالي : ( أن يكون المجتمع مستقلاً عن الدولة في معظم حاجاته وسابقا عليها في مبادراته)" "
كما جاء فيها ايضا ( أن محور الارتكاز للاستراتيجية الاجتماعية هو أن يكون المجتمع مدنياً حقياً ، مبادراً ومستقلاً عن السلطة في توفير معظم حاجاته، معمداً على موارده وقدراته الذاتية) " "
وهكذا يفهم من هذه الفقرات التي جاءت في الاستراتيجية القومية الشاملة انه يتعين السعي لتحقيق استقلال المجتمع عن الدولة في اشباع حاجاته وبالتالي يتقلص تبعاً لذلك الانفاق العام ( الحكومي) ويتوسع الانفاق الخاص ( الاهلي) وهذا يعني مراجعة شاملة للانفاق العام الذي ورثته ثورة الانقاذ الوطني بمختلف جوانبه سواء أكان خدمياً أو انتاجياً ، ويشمل هذا الانفاق الذي كان يخصص للمؤسسات العامة الاستثمارية التي انشئت من اجل الهدف الانتاجي التنموي أو للمؤسسات التي قامت من اجل تقديم بعض الخدمات مثل النقل الجوي أو البري أو البحري ، وذلك لمعرفة هل بمقدور الطقاع الخاص الانفاق على هذه المجالات. ومتى تأكد للدولة امكانية ذلك ، تتوقف هي عن كل أنواع الانفاق على المؤسسات في المجالات التي يستطيع القطاع الخاص ان يقوم بها للمجتمع .
وقد جاء النص صريحا على ما اسلفنا عندما انتقلت الاستراتيجية الى الحديث عن المجال الاقتصادي ، حيث أوردت ( ان السبيل الى الحكومة محدودة غير متضخمة ، اكثر كفاءة واقل تبديداً يستلزم توزيعا افضل للمسئوليات بين الحكومة والقطاع الخاص الشعبي وافردي في مجال انتاج السلع والخدمات. ويستدعي ذلك ارجاء تغيرات مؤسسية بابتداع انماط من الملكية الخاصة لها مسئولية انتاج السلع واخلدمات بجهود القطاع الخاص منفردا ، أو ضمن قطاع متلف أو مشروعات مشتركة مع الحكومة " "
ولعل التأكد العملي لهذا التوجيه تبرزه السياسات في عام 1992م والجدير بالذكر أن هذه السياسات مازالت مستمرة حتى الآن.
وبالرغم مما ذكرنا تظل هنالك بعض الحاجات التي تقدمها الدولة محل نظر فمثلا ما هوحجم ومستوى التعليم الذي يتعين على الدولة أن تقدمه؟ وهل يتم اشباع هذه الحاجة بدون مقابل أم التكلفة الحقيقة ، أم على الاساس التجاري ؟ وهل يطبق ذلك نعلى التعليم العام أم على التعيم العالي أم على الاثنين معاً .
وكذلك ترد نفس الاسئلة في حالة الخدمات الصحية : هل تميز الدولة بين الرعاية الصحية الأولية والصحة العلاجية ؟ ومن جهة تحديد الجهة التي تتحمل نفقاتها ؟ هل تقدم كلها مجانا أم تقدم باسعار مدعومة ؟ وإذا كانت هناك النية في التمييز من حيث دعم الخدمات الصحية ، فهل يتم التميز على اساس جغرافي أم فئوي .
أما موضوع خدمة التعليم فقد جاء بشأنه في الموجهات العامة للاستراتيجية القومية الشاملة يلي : ( تذكية الاعتماد على النفس في نفوس الافراد ، وفي المجتمع بحيث يغدو مستقلا عن الدولة في الوفاة بحاجاته) " " . كما جاء في الأهداف الخاصة بقطاع التعليم انه يستهدف : ( بناء مجمع الاعتماد على النفس وتفجير الطاقات المعنوية والمادية والكامنة واشاعة الطموع لاستعادة دورنا الحضاري كأمة رائدة ذات رسالة ) وفيما يتعلق بالتكلفة المالية لخدمة التعليم فقد جاء النص حولها صريحاً في الفقرة (7) (جعل تكلفة التعليم مسئولية المجتمع بأسره وتنويع مصادر تمويله) " " .
وهذا يعني بالضرورة تناقص الانفاق العام على التعليم وتوسع الانفاق الخاص عليه بما يحقق الاهداف والسياسات التي جاءت في الاستراتيجية القومية الشاملة . ومما لا شك فيه ، فان التوجه يتناسق مع ما جاء في الأهداف العامة والمرتكزات .
في حين ورد بشأن التنمية الصحية في الموجهات العامة للاستراتيجية القومية الشاملة ما يلي : انها جزء من التنمية الاجتماعية وهي جهد مشترك وثمرة عمل تضامني بين المواطنين والدولة والمجتمع ، وان المشاركة الشعبية هي ضرورة لتقحيق التنمية الصحية" " , ومن هنا يتضح لنا أن الدولة قد حسمت خيارها النظري ،بحيث جعلن الانفاق على خدمات الصحة ليس مسئولية حكومية فقط وانما مسئولية مشتركة بين الافراد والمجتمع والدولة . وهذا يعني ان يتم التعبير عن طريق توزيع المسئولية عبر الآليات المؤسسية فتقدم الخدمات الصحية ( العلاجية والوقائية ) على الاسس التجارية عبر مؤسسات متفرغة لذلك من القطاع الخاص . وقد تأكد هذا جليا في التوسع الذي حدث في الاستثمار في هذا المجال ، وما تم تقديمه من تسهيلات وامتيازات حتى يشارك الدولة في اشباع هذه الحاجة . كما ظهرت المؤسسات التي تقدم الخدمات الصحية بسعر التكلفة حسب تجربة العلاج الاقتصادي ومراكز الانقاص الصحي التي انتشرت في السودان. ومن ناحية اخرى هنالك بعض المؤسسات التي تقدم العلاج على اساس تكافلي، بحيث يتضامن فيها الافراد والدولة متمثلة في تجربة التأمين الصحي التي تطبيقها حالياً.
وتظل هناك بعض الدوائر في قطاع الخدمات الصحية تحتاج لحسم نهائي وفق معايير دقيقة وواضحة تحدد نوع الخدمات والتي تقوم بها الدولة أو تلك التي تترك للقطاع الخاص وأي الاقاليم او المناطق الجغرافية التي يتم تمييزها ( مراكز الحضر مثلا أو مراكز الارياف ) ايضا ينبغي تحديد اي الفئات قدم لها الخدمة مدعومة أو مجانية . كما أن اخلددمات التي نلزم بها الدولة تحتاج للنظر بين ما تقدمه مباشرة عبر انفاقها العام ، وما تقدمه عبر مؤسساتها المستقلة كديكوان الزكاة مثلا وهيئة الاوقاف الاسلامية أو أي مؤسسة اجتماعية وخيرية تقيمها الدولة .
http://www.tawtheegonline.com/vb/gitexteam-turath/buttons/quote.gif (http://www.tawtheegonline.com/vb/newreply.php?do=newreply&p=18884) http://www.tawtheegonline.com/vb/gitexteam-turath/misc/trashcan.gif
رقم المشاركة : 13 (http://www.tawtheegonline.com/vb/showpost.php?p=18885&postcount=13)
http://www.tawtheegonline.com/vb/images/icons/icon1.gif رد: بعض قضايا الانفاق العام في الاقتصاد الإسلامي
الاصول الاسلامية لمفهوم الحاجات العامة:
تستخلص المعايير والموجهات العامة التي تحكم الجاجات العامة في الدولة الاسلامية من النصوص الشرعية ( قرنا وسنة ) ومن التطبيق العملي للدولة الاسلامية في عهد النبوة وعهد الخلافة الراشدة ، وحيث يتم النظر فيما كانت تتولاه وتقوم به الدولة لذلك فتتحمل بموجبه بعض النفقات .
والملاحظ أن ما جاء في الاستراتيجية القومية الشاملة من حيث نوع شكل نوع الحاجات العامة التي تقوم بها الدولة ويسهم المجتمع في تمويلها يجد بجذوره في التشريع الاسلامي ، ويتضح ذلك من خلال استعراضنا لانواع الحاجات ( الخدمات والسلع ) والتي تتولى الدولة الاسلامية الانفاق عليها والتي تشمل الآتي:" "
1. نفقات تسير دولاب الحكم مثل نقفات الجهاز السياسي والاداري والمالي ، لان اقامة الخلافة وتعيين الحكام واجب ديني يتوقف عليه اقامة وتمكين الدين . وهو امر اجمع عليه الصحاية رضوان الله عليهم ،حيث لم يترددوا أو يتأخروا في تعيين خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد انتقاله الى الرفيق الاعلى . بل حسموا هذا الامر قبل ان يواروا جثمانه الطاهر . واقامة هذا الجهاز بالضرورة تقتضي وتستلزم انفاقا مالية يمكنه من أداء واجباته الكلف بها في حراسة الدين وسياسة الدينا . فقد علمنا أن مهام خالخالفة هي حمل كافة الناس وفق المقتضيات الشرعية تحقيقا لمعنى العبودية لله .
2. نفقات الجهات لحماية الدين وتمكين الدولة وتبليغ الدعوة وما يستتبها من نفقات لاعداد العدة وتجييش الجيوش ، وتدريبها وتوفير معيناتها ، حيث يقول تعالى ( واعدوا لهم ما استطعتم من قوة )" ". وكذلك قوله تعالى( الذين إن مكناهم في الارض اقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الامور)" ".
3. نفقات تحقيق العدل وحفظ الامن والنظام وميستتبعها من المؤسسات العدلية كالجهاز القضائي والعدلي وجهاز الشرطة والامن وما ترتبط بها من مؤسسات فالعدل هو لازمة من لوازم الدولة وغرض اصيل لها ، إذ يقول المولى عز وجل في هذا الخصوص ( إن الله يأمر بالعدل والإحسان)" " ويقول تعالى ( أن الله يأمركم أن تؤدوا الامانات إلى اهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل)" ".
4. نفقات التكافل والتضامن الاجتماعي ، وقد تأكد وجوب هذه النفقات على الدولة من خلال ما اشرنا اليه سابقا من جباية الزكاة وتوزيعها على مصارفها التي نصت عليها الآيات القرآنية واكد الخلفاء الرادون الالتزام بها من الناحية" " العملية . ولما كانت الزكاة ذات طبيعة خاصة ( فإن النفقات الاخرى المتعلقة بالضمان الاجتماعي والتي لا تنطبق عليه شروط مستحق الزكاة ،تعالج عبر مصادر ايرادية اخرى . فقد كانت هذه الاخيرة في العهد الاسلامي الاول تنال نصيبا من خمس الغنائم ، كما كان يخصص لها جزءا من خمس عائد المعادن والركائز ن وجزءا من مال الفئ والاموال التي لا وارث لها" " وقد كان هذا المعنيى واضحا في اذهان السلف الصالح، لانهم كانوا يقراون حديث الرسول صلى الله عليه وسلم ( من ترك كلا فإلينا ومن ترك ملا فلورثته)" "والكل ( هو كل عيل والذرية منهم)" "
وقد جاء فهم مسئولية الدولة عن هذا الواجب في الاستراتيجية القومية الشاملة لجمهورية السودان واضحا ، فقد نصتعلى أن ( محاربة الفقر وتأين حاجات المواطن الاساسية ودرء المخاطر الاقتصادية والاجتماعية والاخلاقية)" " من اهداف الدولة في هذا المجال ، ولكنها أكدت أن الانفاق على هذا الهدف هو عمل مشترك ، حيث ورد في هذا الخصوص أن ( التنمية الاجتماعية جهد مشترك وثمرة عمل تضامني بين المواطن الدلة والمجتمع والمشاركة الشعبية ركيزة من ركائز الرعاية والتنمية الاجتماعية)" " بل وأبرظت في اتلاستراتيجية القومية الشاملة ذلك بصورة أكثر وضوحاً عندما نصت ضمن أهدافها توسيع فضيلة التكامل بحيث تصير ممارسة شعبية طوعية تساعد في جعل المجتمع مستقلا عن السلطة في تلبية حاجاته الاساسية) " " وفوق هذا اشارت الاستراتيجية ايضا الى ضرورة استقطاب الجهد الشعبي الطوعي والخيري للعمل في مجال التكافل الاجتماعي" "
5. نفقات الخدمات العامة التي تعلقت بها مصالح المسلمين : وهي الخدمات التي أن لم تقم بها الدولة ، وقع الحرج والمشقة على المسملني . وقد اقرت الشرعية بمجموع نصوصها رفع الحرج والمشقة ، بل واستخرج انفقاها قاعدة قيدت التكاليف الشرعية وغيرت حكمها ومجاءت قاعدة ( المشقةتجلب التيسير)" " فإينما وجدت المشقة ، خفف الحكم والتكليف الواجب شرعاص . ويدخل تحت هذا النوع من النفقات نفقات اقامة الطرق والجسور وحفر القنوات استصلاح الاراضي واقامة السدود.
ولكن السؤال الهام الذي يتبادر للاذهان هو : هلتقدم الدولة هذه الخدمات مجانا دون مقابل أم بالتكلفة ام على الاساس التجاري ؟ في تقديري أن الاصل أن كانت الدولة ذات قدرة مالية ووفرة تقابل بها التكليف الرأسمالية التشغيلية ، فلها أن تقدم الخدمة مجاناً . وأن كان الامر غير ذلك ، فالحكم على كل حالة بحسبها. فأما ان تباع بالتكلفة للجميع أو لبعض الناس ، أو اتباع بسعرين سعر تكلفة للفئات الضعيفة وسعر تجاري للمقتدرين .
والملاحظ أن الاستراتيجية القومية الشاملة اخذت مبدأ الادارة على الاساس التجاري . فقد جاء في الموجهات التي قامت عليها الاستراتيجية ما يأتي( رفع القدرة التنفيذية بتحسين نوع الدمات وتوفرها باتباع سياسة ملائمة وتدابير تجارية تعزز قدرات هذا القطاع وترفع انتاجيته وتزيد ربحيته وتضمن في نفس الوقت التنمية الاقتصادية والاجتماعية" ".