s.hocine
2008-12-28, 21:02
خطة البحث
مقــــدمة
المبحث الأول: مفهوم عناصر النظام النقدي
المطلب الأول: تعريف النظام النقدي
المطلب الثاني: عناصره
المبحث الثاني: القاعدة السلعية
المطلب الأول: نظام المعدنين
المطلب الثاني: نظام المعدن الواحد
المبحث الثالث: القاعدة الائتمانية للنقد
المطلب الأول: مفهوم وطبيعة القاعدة الائتمانية
المطلب الثاني: تقييم القاعدة الائتمانية النقدية
المبحث الرابع: النظام النقدي الدولي
المطلب الأول: النظام النقدي الدولي وفقا لاتفاقية بريتون وودز.
المطلب الثاني: النظام النقدي المالي والتعويم المدار
الخاتمــــــة
المراجع المعتمدة في البحث
1- صبحي نادرس قريصة. اقتصاديات النقود والبنوك، 1990.
2- عبد النعيم مبارك، أحمد الناقة، النقود والبنوك، مركز الإسكندرية للكتاب 46 شارع الدكتور مصطفى، ت 08، 48265 الإسكندرية، 1990.
3- عبد النعيم محمد مبارك، محمود يونس، النقود و الصيرفة والتجارة الدولية، كلية التجارة جامعة الإسكندرية وبيرون العربية، 1996.
4- محمد دويدار، الاقتصاد النقدي، دار الجامعة الجديدة، 38 شارع سوتير الأزاريطة السكندرية، 1998.
المقــدمـــــة
لقد تميزت الحياة الاقتصادية عند قيام الحرب ع I 1914 م بالأشكال الإنتاجية ذات الحجم الصغير و المتوسط وزيادة المنافسة الكاملة، كما أن عملية تخصيص الموارد وتوزيعها من خلال الأسواق المرسلة كانت تتم بطريقة تلقائية محققة توازنا ميكانيكيا بين عناصر السوق المتقابلة، توازنا طالما نادى به فكر كلاسيكي ليبرالي يدعو إلى حر به العمل والتملك وغلى عدم تدخل الدولة في الحياة الاقتصادية فالنظام الاقتصادي يخضع لنظام طبيعي كفي بتحقيق التوازن بين عناصره طبقا لقواعد السوق والمنافسة.
مما تقدم يمكن صياغة التساؤلات التالية:
- هل ظهر نظام نقدي كفيل بتحقيق هذا التوازن ؟
- فماذا نعني بالنظام النقدي وما هي أشكاله ؟
المبحث الأول
تعريف النظام النقدي وعناصره
المطلب الأول: تعريف النظام النقدي
نعني بالنظام النقدي جميع أنواع النقود الموجودة في بلد ما وجميع المؤسسات ذات السلطات والمسؤوليات المتعلقة بخلق النقود وإبطالها وجميع القوانين والقواعد والتعليمات والإجراءات التي تحكم ها الخلق والإبطال وفي الأنظمة النقدية الحديثة للأقطار والمتقدمة تتألف النقود بأنواعها من النقود الورقية والمسكوكات وودائع البنوك التجارية أما المؤسسات فتتكون من الحكومة الوطنية بخاصة منها الخزينة العامة (وزارة المالية) والبنك المركزي والبنوك التجارية وفي البنوك التي تحتفظ بالودائع التجارية للجمهور أما القوانين والتعليمات والإجراءات فعديدة ومتنوعة تهدف عموما لجعل الكتلة النقدية (كمية النقود) قابلة على دفع الاقتصاد تحو تحقيق أهداف الاستخدام الشامل واستقرار المستوى العام للأسعار والنمو المستمر بمعدلات مالية في الوقت الذي تؤدي فيه إلى جعل النقود تعمل بطريقة مثلى «كوسيلة مبادلة ومقياس للقيمة وأداة للادخار والدفع المؤجل».
المطلب الثاني: عناصر النظام النقدي
1- النقود المتداولة في المجتمع في وقت ماضي حيث نوعها وشكلها والمقصود بالنقود المتداولة كمية المعروض النقدي (عرض النقد) من مختلف أنواع النقود السائدة في التداول داخل المجتمع في فترة زمنية معينة ولو أخذنا بعين الاعتبار النقود المتداولة في وقتنا الحاضر والسائد في ليبيا والعراق مثلا فسنجدها متكونة من العملة الورقية (الدينار الليبي والدينار العراقي وأجزاءهما) وهذه الفئات أو أجزاء الدينار هما شكلان الأول ورقي والثاني معدني مثل فئة الخمسة دنانير أو فئة العشرة دنانير الورقية كذلك أجزاء الدينار مثل (نصف دينار وربع دينار) والمعدنية (مائة فلسا) أو مائة درهما هكذا.
وهذه هي النقود المتداولة في المجتمع وخارج الجهاز المصرفي لان الجهة التي تصدرها المصرف المركزي وهنا نقود أخرى يتعامل بها في نقود الودائع التي توفرها المصارف التجارية في كلا البلدين متمثلة في النشاطات التي تستخدم في تسوية المدفوعات والمبادلات وما ينطبق على ليبيا والعراق فيما يتصل بالنقود المتداولة ينطبق على البلدان الأخرى التي لديها عملاتها الوطنية مثل الجنيه المصري والدينار التونسي والدولار الأمريكي والدينار الجزائري وغيرها بالإضافة إلى أجزاء وفئات العمالة الوطنية كذلك نقود الودائع التي تتولى مسؤولية في المصارف التجارية.
2- التشريعات والتنظيمات المنظمة لأداء النقود لوظائفها المختلفة أما العنصر الثاني من عناصر النظام النقدي فيتمثل في مجموعة التشريعات والقوانين والإجراءات الهادفة إلى توجيه وتنظيم وتحسين كفاءة إدارة النقود والائتمان في داخل المجتمع مما يضمن تسجيل وتسيير تحقيق الأهداف الاقتصادية التي تبغيها الدولة مثل دفع معدلات النمو في الناتج القومي وتحقيق الاستقرار في قيمة العملة الوطنية محليا وخارجيا وغيرها من الأهداف الاقتصادية والنقدية الأخرى.
3- المؤسسات النقدية والمصرفية التي تتولى مهمة الإصدار النقدي وتنظيمه والتحكم في كمية زيادة ونقصان أما العنصر الثالث للنظام النقدي فيتمثل في مجموعة المؤسسات النقدية والمصرفية القائمة في المجتمع و المسؤولة عن إصدار العملة الوطنية وبقية أنواع النقود الأخرى وهذه المؤسسات تتمثل في السلطة النقدية التي يترأسها المصرف المركزي مثل مصرف ليبيا المركزي والبنك المركزي العراقي بصفته الجهة المسؤولة لوحدها دون غيرها عن الإصدار النقدي وتحديد الكمية، وغالبا ما تشاركه هذه السلطة امانة الخزانة ووزارة المالية إلا أن المصرف المركزي مسؤولا في الرقابة والإشراف على نشاط المصاريف التجارية التي تقوم بخلق الودائع أو النقود المصرفية.
المبحث الثاني
القاعدة السلعية
النظام المصرفي هو نظام نقدي تعرف فيه وحدة التحاسب النقدية بالنسبة لقدر معين من سلعة واحدة أو بالنسبة لأكثر من سلعة.
ولقد عرف العالم قواعد النقد التي تستخدم سلعة واحدة ويطلق عليها نظام المعدن الواحد وتلك التي تستخدم أكثر من سلعة ويطلق عليها نظام المعدنين (الفضة، الذهب)
مثال عن الدول التي استخدمت هذه الأنظمة:
نظام المعدن الواحد: انجلترا (الذهب) منذ 1816 م حتى بداية الخرب العالمية الأولى.
نظام المعدنين، فرنسا، الو.م.أ في القرن التاسع عشر.
المطلب الأول: نظام المعدنين
في ظل نظام المعدنين يتم تحديد نسبة قانونية بين عيار الذهب وعيار الفضة وفي هذا النظام توجد نقود من المسكوكات الذهبية وإلى جانبها نقود من المسكوكات الفضية ومع وجود نسبة قانونية تحددها الدولة بين الذهب والفضة.
يمكن تلخيص شروط قيام نظام المعدنين بالنقاط التالية:
1- تعيين معدل قانوني ثابت بين الذهب والفضة وتكون كل من النقود الذهبية والفضة ذات وزن وعيار معين ويتم التبادل بين المسكوكات الذهبية والفضة على أساس المعدن الصافي في كل منهما.
2- حرية تحويل السبائك من الذهب أو الفضة على قطع نقدية مجانا.
3- حرية صهر المسكوكات وتحويلها إلى السبائك حتى لا تصبح القيمة السلعية أكبر من القيمة الاسمية.
4- حرية استيراد وتصدير المعدن الثمين من اجل المحافظة على استقرار أسعار الصرف الدولية.
مزايا وعيوب نظام المعدنين:
من مزايا النظام أنه يساعد على اتساع حجم القاعدة النقدية فيزداد حجم الكتلة النقدية فيزداد حجم الكتلة النقدية مما يؤدي على زيادة حجم المبادلات كما تصبح أسعار الصرف أكثر استقرار منها في حالة وجود نظام المعدن الواحد، فعن نظام المعدنين يمكن تصحيح الميزان الحسابي عن طريق استخدام معدنين بدل من معدن واحد طالما كمية النقود في الداخل تعتمد على وجود معدنين لا واحد.
ومن عيوب هذا النظام هو أنه من الصعب على الحكومة أن تحافظ على استمرار تعادل النسبة القانونية مع نسبة تعادل المعدنين في السوق وحتى لو تمكنت الدولة من الحفاظ على ثبات تعادل النسبتين القانونية والسوقية فإن دول أخرى قد لا تتمكن في ذلك فإذا حصل أن اختلفت النسبة في السوق الداخلية عنها في السوق الخارجية فإن هذا الاختلاف سيؤدي إلى تصدير المعدن الذي أصبحت قيمته في الداخل أقل من قيمته في الخارج لأن عملية تصديره تصبح مربحة وبخروج المعدن الثمين تختلف النسبة القانونية عن النسبة التجارية في السوق فيزول النظام باختفاء النقد الجيد وأدى زوال نظام المعدنين على إتباع نظام المعدن الواحد.
المطلب الثاني: نظام المعدن الواحد
إن تعاظم التضخم في انجلترا بسبب مجموعة من الظروف والعوامل التي من أهمها نفقات الحرب من مواجهة الحصار الناري وحروب نابليون هذا ما حدث ببنك انجلترا في الفترة ما بين 1797 و 1811 إلى اعتماد السعر الإجباري النهائي للنقود الورقية ومنع تحويلها إلى ذهب مما يعني ان انجلترا قد طبقت بالفعل قاعدة النقد الورقية خلال نلك الفترة.
وفي عام 1806 م انخفضت قيمة النقود الورقية بما لا يقل عن 30 % فاجتمعت لجنة خاصة لعلاج الأسباب وكبح جماح التضخم فكان أن اقترحت اللجنة الرجوع إلى قاعدة النقود الذهبية ورفع السعر الإجباري و إعادة تنظيم بنك انجلترا أو بالفعل صدر قانون 22 حزيران عام 1816 م وأصبحت النقود الذهبية وحدها التي تتمتع بقوة الإجراء القانونية والنهائية.
كما صدر عام 1844 م قاعدة إعادة تنظيم بنك انجلترا وبذلك أصبح الاقتصاد الانجليزي وهو أكبر قوة اقتصادية في ذلك الحين قائما على قاعدة الذهب أو بمعنى أدق على قاعدة المسكوكات الذهبية ومن انجلترا انتقلت هذه القاعدة إلى معظم اقتصاديات الصناعة الرأسمالية خاصة خلال الربع الأخير من القرن التاسع عشر وبات نظام قاعدة الذهب أكثر الأنظمة النقدية شيوعا في العالم حتى نشوب الحرب العالمية الأولى عام 1914 م لذلك أصبحت قاعدة الذهب قاعدة دولية وأصبح الذهب وحدة الوزن المشترك لقيم السلع والخدمات وتسديد المدفوعات الدولية بين الدول التي اعتمدت هذا النظام.
تقتضي الإشارة إلى نظام المعدن الواحد الفضي ضل معمول به في بعض الدول المتخلفة حتى عام 1914م مثل بوليفيا والحبشة واليمن والإكوادور وغيرها، من آثار هذه القاعدة تسمية النقود باللغة الأجنبية (Argent) وهي تعني كذلك الفضة.
تعود إلى نظام الذهب الذي كان معتمدا ن قبل الدول كما ذكرنا وكانت على ثلاث أشكال رئيسية.
الشكل الأول: نظام المسكوكات الذهبية
يتحقق هذا الشكل عندما تكون العملات الذهبية هي التي تتداول فعلا ويكون للأفراد حرية سك وصهر الذهب أي أن يكون لهم مطلق الخيار في تحويل السبائك الذهبية إلى عملات ذهبية وتحويل العملات الذهبية إلى سبائك ويكون لهم حرية التصدير والاستيراد للذهب سواء في صورة نقدية أو في صورة سبائك.
لقد كان هذا الشكل من أقدم النظم الذهبية المعروفة والتي بدأ العمل بها رسميا عبرا من عام 1821م حيث كانت المسكوكات الذهبية تنتقل من يد إلى أخرى لذلك عرف هذا النظام بالنظام الذهب المتداول وظل معمولا به حتى الحرب العالمية الأولى حيث تخلت عنه تدريجيا جميع الدول ماعدا الولايات المتحدة الأمريكية التي احتفظت به إلى نهاية عام 1933 م.
الشكل الثاني: نظام السبائك الذهبية
إن سنوات الحرب العالمية الأولى (1914م و 1918 م) عذر سك الذهب بنفس الحرية التي كانت سائدة قبل ذلك كما أن ضرورات الحرب جعلت من المتعذر على انجلترا بشكل خاص نقل النقود الذهبية على البلاد الأخرى التي كانت توجد في قوات عسكرية في الوقت الذي زادت فيه نفقات تلك القوات نتيجة ذلك اضطرت الدول على التخلي تدريجيا عن نظام النقود الذهبية وأصبحت النقود الورقية هي النقود القانونية بعد انتهاء الحرب وجدت الدول أن لا مصلحة لها في العودة إلى النظام السابق خاصة وان نطاق المعاملات التجارية قد اتسع وانحصرت حاجة الناس في تحويل البنوك إلى ذهب في حالتين :
أ. المضاربة على أسعار الذهب ومحاولة الاستفادة من فروق الأسعار
ب. وجود أزمات نقدية تحث الناس إلى طلب الاحتفاظ بالذهب وذلك يعني أن العودة المسكوكات الذهبية سوف يشجع المضاربين إلى تحقيق المكاسب الخاصة ويزيد ارتباك الدول في حال الأزمات.
لذا وجدت الحكومات أن مصالحها القومية تقتضي البحث عن نظام ذهبي جديد كما ذكرنا اعتمدت حرية التحويل إلى ذهب بشرط ألا تقل عن قيمة معينة فمثلا عندما عادت انجلترا إلى قاعدة الذهب في الفترة مابين 1925م -1931م اشترطت أن لا يقل وزن السبيكة الذهبية عن 400 أوقية من الذهب أو ما يعادل 1700 جنيه إسترليني وبذلك عملت على تحقيق هدفين :
- الإبقاء على حرية التحويل إلى ذهب وبالعكس
- تقليل نطاق التعامل بالذهب ومع اكتنازه للاحتفاظ به كاحتياط المدفوعات الخارجية يلاحظ مما تقدم:
أ. انتهاء نظام سلك الذهب إلى قطع نقدية ذهبية واختفاء هذه من التداول.
ب. شراء البنات المركزية بكميات غير محدودة من الذهب للاحتفاظ بها وكان يدفع مقابلها أوراق البنوك .
ج. عدمك قابلية تحويل النقود الأخرى إلى ذهب إلا في أحوال معينة.
د. قابل هذا النظام من الإسراف في الذهب وبقي انتقاله بين دولة أخرى على شكل سبائك وضلت أسعار الصرف ثابتة في نظام النقود الذهبية.
ه. لم يمنع هذا النظام كبار المضاربين من شراء الذهب لتحقيق أرباح على حساب صغار المدخرين وهم الغالبين من الناس
الشكل الثالث: نظام الصرف بالذهب.
كانت الهند والفلبين من بين الدول القليلة التي اعتمدت الصرف بالذهب قبل الحرب العالمية الأولى وبعد الحرب اتجهت عدة دول منها ألمانيا بلجيكا ايطاليا إلى اعتماد هذا النظام نظرا لعدم تمكنها من الاحتفاظ بكميات كبيرة من الذهب في خزائنها ويقتضي هذا النظام الذهبي الجديد بان لا تحدد قيمة الوحدة النقدية لبلد ما على أساس الذهب مباشرة وإنما ترتبط نسبة ثابتة بلد آخر يسير على نظام السبائك الذهبية ويكون شكل العملة التابعة في هذه الحالة على شكل عملات أو أذونات أو سندات حكومية محرر بعملة البلد المتبوع ومن مزايا هذا النظام .
أ. وجود سعر صرف ثابت بين البلد التابع والبلد المتبوع
ب. الاقتصاد في استخدام الذهب والحصول على فوائد في حال الاحتياط المكون من عملات وأذونات وسندات البلد المتبوع
ت. تخفيض تكاليف تخزين الذهب وصيانته وحراسته .
ومـن عيوب هذا النظام
أ. أن الخسائر التي يتعرض لها البلد المتبوع تنكيس على البلد التابع .
ب. المساس بالاستقلال الاقتصادي والسياسي للبلد التابع
ت. أن عدول الدولة المتبوعة على إتباع هذا النظام يعرض الدولة التابعة للخسائر الكبيرة كما حصل بالنسبة لمصدري البلدان الأخرى التي اتبعت عملتها بعملة انجلترا أو تحولت انجلترا عن هذا النظام عام 1931 م .
المبحث الثالث
القاعدة الإنتمائية للنقد
المطلب الأول: مفهوم وطبيعة القاعدة الإنتمائية
هي نظام لا تعرف في ظله وحدة التحاسب النقدية بالنسبة لسلعة معينة ولكن من الوجهة لفعلية تعرف بنفسها.
وبالتالي لا يصبح النقد الإنتمائي أو الأساسي سلعة ذات قيمة تجارية كما كانت الحال في ظل نظام المسكوكات المعدنية حيث كانت المسكوكات الذهبية والفضية أو الاثنين معا عملة متداولة ومعها نقد اختياري من عملة ورقية ونقود الودائع القابلة للتحويل إلى النقد الانتهائي أو حين أوقف سك المسكوكات الذهبية تحت نظام السبائك وأصبح النقد المصدر يتكون من النقود الاختيارية القابلة للتحويل إلى سبائك ذهبية، ففي ظل القاعدة الائتمانية للنقد أصبح الورقي الاختياري نقدا إلزاميا أي غير قابل للتحويل إلى الذهب أو إلى معدن آخر.
نظام النقد الورقي الإلزامي كمثل معاصر للقاعدة الائتمانية للنقد:
في ظل هذا النظام انفصمت العلاقة بين وحدة النقد الورقي وبين ما كانت تساويه من ذهب تحت نظام الذهب ولم يعد التغيير في حجم ما تحتفظ به سلطات الإصدار في احتياطي الذهب يحدد التغيير في حجم البنوك المصدر يمثل في معظم الحالات (عنصرا تاريخيا ) وواحدا من الأصول المختلفة التي تمثل عناصر غطاء البنوك المصدر ويتمثل دوره المعاصر في كونه مستودعا للقيمة ووسيلة دفع دولية.
المطلب الثاني: تقييم القاعدة الإنتمائية النقدية
1- خطر النقوض في المعاهدات الدولية المالية: يشير أنصار نضام الذهب إلى أن هذا النظام الذي يتداول في ظله نقد محلي بطبيعته لا يضمن تشغيله الاستقرار في أسعار الصرف ما كانت الحال في ظل نظام الذهب الذي يقوم على أساس تثبيت أسعار لصرف عند أسعار التعادل مع تحركها فقط داخل حدي الذهب هذا أن نظام النقد الورقي الإلزامي لا يقدم مقياسا دوليا ومن ثم لا يتحقق في ظله جو الاستقرار اللازم في المعاملات الدولية.
2- خطر الإفراط في إصدار النقد وما يترتب عليه من تضخم نقدي: يرى أنصار نظام الذهب أن العرض النقدي تحت هذه القاعدة لا يخضع في تغيره إلى قيد كمي كما كانت الحال في ظل قاعدة الذهب ومن ثم فإن نظام النقد الورقي الإلزامي يحمل في طياته إغراءا قويا نحو الإفراط في الإصدار وخاصة بعد أن أصبحت القواعد الصناعية للإصدار على درجة عالية من المرونة ويدللون على صحة دعواهم بالاستشهاد بفترات التضخم النقدي تحت تشغيل هذه القاعدة وبما جره التضخم من آثار اقتصادية واجتماعية سيئة.
صحيح أن كثيرا من البلدان شهدت فترات تضخم شديد تحت القاعدة الائتمانية للنقد ولكن يكن الرد على ذلك بأنه ينبغي ألا يلقي اللوم على النظام النقدي بل على سوء إدارته وعلى الظروف الضاغطة التي فرضت هذا الإفراط في الإصدار، فمن المعروف أن حالات التضخم الشديد كانت خلال الحروب وفي أعقابها. فتح ظروف الحرب تحتاج الحكومات إلى موارد نقدية ضخمة لتمويل المجهود الحربي تعجز عن مقابلتها بمواردها العادية من الضرائب. فتحت هذه الظروف يسخر الجهاز النقدي والمصرفي لمد الحكومة بموارد نقدية جديدة لتغطية العجز في موازنتها العامة وتكون النتيجة التضحية بالاستقرار النقدي لصالح الأهداف الوطنية العليا وهدف كسب الحرب.
مؤدى ما سبق أنه مع التسليم لأن مرونة نظام النقد الائتماني تتيح إمكانية الإفراط في الإصدار إلا أنه من البديهي أنه ليس في طبيعة نظام النقد المدار ما يقود تلقائيا إلى الإفراط في الإصدار، فالأمر في نهاية التحليل منوط بكيفية إدارة هذا النظام وبالظروف الضاغطة على السلطات النقدية.
المبحث الرابع
تطور النظام النقدي الدولي
تكمن الظروف الاقتصادية والسياسية الهامة التي مر بها العالم منذ النصف لثاني من القرن التاسع عشر حتى الآن وراء التغيرات التي مر بها النظام النقدي الدولي منذ سيادة قاعدة الذهب مع نهاية القرن الماضي وحتى نظام التعويم المدار مع نهاية القرن العشرين.
المطلب الأول: النظام النقدي الدولي وفقا لاتفاقية بريتون وودز.
بعدما أعلنت انجلترا انهيار قاعدة الذهب لإلغاء قابلية تحويل الجنيه الإسترليني إلى ذهب في عام 1931 م تبعتها بقيت الدول وأصبح نظام النقد الدولي قائمة على حرية تعويم العمولات، ومنه إلى قيام الحرب العالمية الثانية حيث لم ينتظر انتهاؤها حتى يمكن التفكير في وضع نظام نقدي دولي جديد.
وبالفعل اشتمع في عام 1944م ممثلوا الولايات المتحدة الأمريكية وانجلترا بالإضافة إلى مثلي 42 دولة أخرى في بريتون وودز لوضع نظام نقدي دولي جديد وتمت صياغته إلى الاتفاقية المعروفة باتفاقية بريتون وودز.
إن أهم ما نصت عليه هذه الاتفاقية إنشاء صندوق النقد الدولي لغرض تحقيق الأهداف التالية:
1- دعم وتنشيط التعاون النقدي الدولي؛
2- تشجيع النمو المتوازي في التجارة الدولية، إزالة الحواجز مع تأمين ثبات سعر الصرف
3- تجنب حروب تخفيض العملات التي تهدف إلى تنشيط الصادرات ودعم المنافسة على المستوى الدولي.
4- حرية تحويل العملات بين الدول وإقامت نظام متعدد الأطراف للتسويات الدولية.
5- تقديم المساعدة وتصحيح الخلل المؤقت لموازين المدفوعات.
ويقوم نظام بريتون وودز على قاعدة صرف بالذهب حيث يرتكز على قابلية تحويل الدولار الأمريكي فقط إلى ذهب من ناحية، وعلى تثبيت أسعار صرف العملات الأخرى بالنسبة للدولار الأمريكي.
وبعد أن اصبحت السيادة للدولار كعلة رئيسية في تسوية المعاملات الدولية وكعنصر أساسي في تكوين الاحتياطات الدولية يمكن القول بأن نظام النقد الدولي الجديد لفترة ما بعد الحرب العالمية الثانية قد قام في الواقع العملي على قاعدة الصرف بالدولار والذهب.
وبمقتضى نظام بريتون وودز كما يمكن للدول أن تمول عجزها المؤقت لموازين مدفوعاتها باستخدام حتياطاتها الدولية وبالاقتراض من صندوق النقد الدولي أما في وجود اختلال هيكلي فغنه يسمح للدولة بأن تغير السعر الأسمى لعملتها في حدود 10% دون اشتراط الموافقة المسبقة للصندوق، ومنن ثم فإن نظام بريتون وودز يعتبر في الأساس نظاما قائما على تثبيت سعر الصرف مع القابلية للتعديل لضمان استقرار أسعار الصرف مع توفير قدر من المرونة.
انهيار نظام بريتون وودز: كان النظام يقوم على ركيزة رئيسية هي التزام الخزانة الأمريكية ببيع الذهب بسعر الأوقية 35 دولار إلى البنوك المركزية والمؤسسات النقدية في لعالم، فإذا ما زادت الالتزامات قصيرة الأجل المرتبطة بمقدار مخزون الذهب الأمريكي دون الزيادة في كمية الذهب، كان ذلك تعبيرا عن عجز ميزان المدفوعات الأمريكي و به خلف هذا العجز التقليص بشدة من احتياطات الذهب في الخزانة الأمريكية، وساد اليقين بضرورة تعديل أسعار العملات و إزاء فشل الولايات المتحدة الأمريكية في إقناع الدول التي حققت فوائض ضخمة برفع سعر صرف عملاتها أصبح من ضرورة اللجوء أمريكا إلى تخفيض قيمة الدولار في حين بدأت التحويلات الكثيفة من الدولار الأمريكي إلى العملات القوية الأخرى الأوروبية منها الأمر الذي أدى حدوث مزيد من الاختلالات في ميزان المدفوعات الأمريكي وهنا اضطر رئيسها آنذاك أن يعلن في 15 أغسطس 1971م تعليق قابلية تحويل الدولار الأمريكي إلى ذهب معلنا بذلك نهاية نظام بريتون وودز.
المطلب الثاني: النظام النقدي الدولي الحالي و التقويم المدار
يقوم النظام النقدي الدولي منذ عام 1973 على قاعدة التقويم المدار لأسعار الصرف ووفقا لهذه القاعدة تضطلع السلطات النقدية في كل دولة بمسؤولية التدخل في السواق الصرف الأجنبي للحد من آثار التقلبات قصيرة الأجل لأسعار الصرف .والواقع إن هذا النظام لم يقصد احد اختياره بل فرض هذا النظام نفسه عقب انهيار نظام "بريتون وودز" وبفرض مواجهة الفرض التي سادت أسواق الصرف الأجنبي والمضاربات التي أحدثت العديد من الاختلالات .
وفي عام 1976 اعترفت "اتفاقيات جاميكا " رسميا بنظام التقويم المدار وتركت لكل دولة حرية اختيار نظام الصرف الأجنبي الذي يناسبها بشرط عدم الأضرار بشركائها في التجارة أو بالاقتصاد العالمي ككل .وهذا وقد تدخلت "اتفاقيات جامايكا "في العمل منذ افريل 1978م.
وهكذا فان أكثر من نصف عدد الدول أعضاء صندوق النقد الدولي تبنت شكلا أو آخر من أنظمة سعر الصرف التي تتسم بالمرونة.أما باقي الدول فان أغلبيتها قلمت بتثبيت أسعار عملاتها بالنسبة للدولار الأمريكي أو الفرنك الفرنسي.
و لا تزال الدول في ظل نظام التقويم المدار تحتاج إلى احتياطات دولية للتدخل في أسواق الصرف الأجنبي بهدف الحد من آثار تقلبات سعر الصرف في الأجل القصير .وفي الوقت الحالي فان هذا التدخل يتم في الغالب بالدولار الأمريكي. ووفقا لاتفاقيات جامايكا قام صندوق النقد الدولي بيع سدس(1/6)ما يحوزه من ذهب في السوق الحرة خلال الفترة من1976و حتى 1980 م. مستغلا حصيلة البيع في مساعدة الدول الأكثر فقرا مؤكدا التزامه باستبعاد الذهب كأحد عناصر الاحتياطات الدولية كذلك تم إلغاء السعر الرسمي للذهب (35 دولار للأوقية) وتم الاتفاق على ألا تعقد أية معاملات بالذهب في المستقبل بين الصندوق وأعضائه ورغم ذلك تجدر الإشارة إلى أن الصندوق لا يزال يحسب قيمة حيازته من الذهب وفقا للسعر الرسمي الذي كان مساعدا قبل عام 1971 وهي 35 دولار للأوقية.
الخـاتمــــــــة:
إن بغية التعرف إلى أهمية النظام النقدي وبيان مدى تطوره مع تطور الوضع الاقتصادي والاجتماعي لبلد ما فيمكن القيام بذلك من خلال تحقيق مكونات أو عناصر النظام النقدي، وهذا ما توصلنا إليه فوجدنا أنه لا بد من الخضوع إلى نظام نقدي يسير بدوره النقود الموجودة في البلد لجعلها وسيلة للمبادلات وأداة للادخار ومقياس للقيمة...، فلو أخذنا جانب النقود المتداولة فنلاحظ أن الأهمية النسبية للودائع الجارية إلى إجمالي عرض النقود تكون كبيرة في البلدان الصناعية التقدمة ولكنها أقل منها في البلدان النامية وهذا يعني انخفاض الأهمية النسبية للنقود المتداولة خارج الجهاز المصرفي من إجمالي عرض النقد في البلدان المتقدمة وتزايد هذه الأهمية النسبية في البلدان النامية.
ومنه فغن النظام النقدي كفيل بتحقيق التوازن القائم بين المبادلات ومقاييس السلع في السوق وهذا في ظل إتباع قوانين النظام النقدي التي تجعل من النقود أداة محققة لهذا النظام.
مقــــدمة
المبحث الأول: مفهوم عناصر النظام النقدي
المطلب الأول: تعريف النظام النقدي
المطلب الثاني: عناصره
المبحث الثاني: القاعدة السلعية
المطلب الأول: نظام المعدنين
المطلب الثاني: نظام المعدن الواحد
المبحث الثالث: القاعدة الائتمانية للنقد
المطلب الأول: مفهوم وطبيعة القاعدة الائتمانية
المطلب الثاني: تقييم القاعدة الائتمانية النقدية
المبحث الرابع: النظام النقدي الدولي
المطلب الأول: النظام النقدي الدولي وفقا لاتفاقية بريتون وودز.
المطلب الثاني: النظام النقدي المالي والتعويم المدار
الخاتمــــــة
المراجع المعتمدة في البحث
1- صبحي نادرس قريصة. اقتصاديات النقود والبنوك، 1990.
2- عبد النعيم مبارك، أحمد الناقة، النقود والبنوك، مركز الإسكندرية للكتاب 46 شارع الدكتور مصطفى، ت 08، 48265 الإسكندرية، 1990.
3- عبد النعيم محمد مبارك، محمود يونس، النقود و الصيرفة والتجارة الدولية، كلية التجارة جامعة الإسكندرية وبيرون العربية، 1996.
4- محمد دويدار، الاقتصاد النقدي، دار الجامعة الجديدة، 38 شارع سوتير الأزاريطة السكندرية، 1998.
المقــدمـــــة
لقد تميزت الحياة الاقتصادية عند قيام الحرب ع I 1914 م بالأشكال الإنتاجية ذات الحجم الصغير و المتوسط وزيادة المنافسة الكاملة، كما أن عملية تخصيص الموارد وتوزيعها من خلال الأسواق المرسلة كانت تتم بطريقة تلقائية محققة توازنا ميكانيكيا بين عناصر السوق المتقابلة، توازنا طالما نادى به فكر كلاسيكي ليبرالي يدعو إلى حر به العمل والتملك وغلى عدم تدخل الدولة في الحياة الاقتصادية فالنظام الاقتصادي يخضع لنظام طبيعي كفي بتحقيق التوازن بين عناصره طبقا لقواعد السوق والمنافسة.
مما تقدم يمكن صياغة التساؤلات التالية:
- هل ظهر نظام نقدي كفيل بتحقيق هذا التوازن ؟
- فماذا نعني بالنظام النقدي وما هي أشكاله ؟
المبحث الأول
تعريف النظام النقدي وعناصره
المطلب الأول: تعريف النظام النقدي
نعني بالنظام النقدي جميع أنواع النقود الموجودة في بلد ما وجميع المؤسسات ذات السلطات والمسؤوليات المتعلقة بخلق النقود وإبطالها وجميع القوانين والقواعد والتعليمات والإجراءات التي تحكم ها الخلق والإبطال وفي الأنظمة النقدية الحديثة للأقطار والمتقدمة تتألف النقود بأنواعها من النقود الورقية والمسكوكات وودائع البنوك التجارية أما المؤسسات فتتكون من الحكومة الوطنية بخاصة منها الخزينة العامة (وزارة المالية) والبنك المركزي والبنوك التجارية وفي البنوك التي تحتفظ بالودائع التجارية للجمهور أما القوانين والتعليمات والإجراءات فعديدة ومتنوعة تهدف عموما لجعل الكتلة النقدية (كمية النقود) قابلة على دفع الاقتصاد تحو تحقيق أهداف الاستخدام الشامل واستقرار المستوى العام للأسعار والنمو المستمر بمعدلات مالية في الوقت الذي تؤدي فيه إلى جعل النقود تعمل بطريقة مثلى «كوسيلة مبادلة ومقياس للقيمة وأداة للادخار والدفع المؤجل».
المطلب الثاني: عناصر النظام النقدي
1- النقود المتداولة في المجتمع في وقت ماضي حيث نوعها وشكلها والمقصود بالنقود المتداولة كمية المعروض النقدي (عرض النقد) من مختلف أنواع النقود السائدة في التداول داخل المجتمع في فترة زمنية معينة ولو أخذنا بعين الاعتبار النقود المتداولة في وقتنا الحاضر والسائد في ليبيا والعراق مثلا فسنجدها متكونة من العملة الورقية (الدينار الليبي والدينار العراقي وأجزاءهما) وهذه الفئات أو أجزاء الدينار هما شكلان الأول ورقي والثاني معدني مثل فئة الخمسة دنانير أو فئة العشرة دنانير الورقية كذلك أجزاء الدينار مثل (نصف دينار وربع دينار) والمعدنية (مائة فلسا) أو مائة درهما هكذا.
وهذه هي النقود المتداولة في المجتمع وخارج الجهاز المصرفي لان الجهة التي تصدرها المصرف المركزي وهنا نقود أخرى يتعامل بها في نقود الودائع التي توفرها المصارف التجارية في كلا البلدين متمثلة في النشاطات التي تستخدم في تسوية المدفوعات والمبادلات وما ينطبق على ليبيا والعراق فيما يتصل بالنقود المتداولة ينطبق على البلدان الأخرى التي لديها عملاتها الوطنية مثل الجنيه المصري والدينار التونسي والدولار الأمريكي والدينار الجزائري وغيرها بالإضافة إلى أجزاء وفئات العمالة الوطنية كذلك نقود الودائع التي تتولى مسؤولية في المصارف التجارية.
2- التشريعات والتنظيمات المنظمة لأداء النقود لوظائفها المختلفة أما العنصر الثاني من عناصر النظام النقدي فيتمثل في مجموعة التشريعات والقوانين والإجراءات الهادفة إلى توجيه وتنظيم وتحسين كفاءة إدارة النقود والائتمان في داخل المجتمع مما يضمن تسجيل وتسيير تحقيق الأهداف الاقتصادية التي تبغيها الدولة مثل دفع معدلات النمو في الناتج القومي وتحقيق الاستقرار في قيمة العملة الوطنية محليا وخارجيا وغيرها من الأهداف الاقتصادية والنقدية الأخرى.
3- المؤسسات النقدية والمصرفية التي تتولى مهمة الإصدار النقدي وتنظيمه والتحكم في كمية زيادة ونقصان أما العنصر الثالث للنظام النقدي فيتمثل في مجموعة المؤسسات النقدية والمصرفية القائمة في المجتمع و المسؤولة عن إصدار العملة الوطنية وبقية أنواع النقود الأخرى وهذه المؤسسات تتمثل في السلطة النقدية التي يترأسها المصرف المركزي مثل مصرف ليبيا المركزي والبنك المركزي العراقي بصفته الجهة المسؤولة لوحدها دون غيرها عن الإصدار النقدي وتحديد الكمية، وغالبا ما تشاركه هذه السلطة امانة الخزانة ووزارة المالية إلا أن المصرف المركزي مسؤولا في الرقابة والإشراف على نشاط المصاريف التجارية التي تقوم بخلق الودائع أو النقود المصرفية.
المبحث الثاني
القاعدة السلعية
النظام المصرفي هو نظام نقدي تعرف فيه وحدة التحاسب النقدية بالنسبة لقدر معين من سلعة واحدة أو بالنسبة لأكثر من سلعة.
ولقد عرف العالم قواعد النقد التي تستخدم سلعة واحدة ويطلق عليها نظام المعدن الواحد وتلك التي تستخدم أكثر من سلعة ويطلق عليها نظام المعدنين (الفضة، الذهب)
مثال عن الدول التي استخدمت هذه الأنظمة:
نظام المعدن الواحد: انجلترا (الذهب) منذ 1816 م حتى بداية الخرب العالمية الأولى.
نظام المعدنين، فرنسا، الو.م.أ في القرن التاسع عشر.
المطلب الأول: نظام المعدنين
في ظل نظام المعدنين يتم تحديد نسبة قانونية بين عيار الذهب وعيار الفضة وفي هذا النظام توجد نقود من المسكوكات الذهبية وإلى جانبها نقود من المسكوكات الفضية ومع وجود نسبة قانونية تحددها الدولة بين الذهب والفضة.
يمكن تلخيص شروط قيام نظام المعدنين بالنقاط التالية:
1- تعيين معدل قانوني ثابت بين الذهب والفضة وتكون كل من النقود الذهبية والفضة ذات وزن وعيار معين ويتم التبادل بين المسكوكات الذهبية والفضة على أساس المعدن الصافي في كل منهما.
2- حرية تحويل السبائك من الذهب أو الفضة على قطع نقدية مجانا.
3- حرية صهر المسكوكات وتحويلها إلى السبائك حتى لا تصبح القيمة السلعية أكبر من القيمة الاسمية.
4- حرية استيراد وتصدير المعدن الثمين من اجل المحافظة على استقرار أسعار الصرف الدولية.
مزايا وعيوب نظام المعدنين:
من مزايا النظام أنه يساعد على اتساع حجم القاعدة النقدية فيزداد حجم الكتلة النقدية فيزداد حجم الكتلة النقدية مما يؤدي على زيادة حجم المبادلات كما تصبح أسعار الصرف أكثر استقرار منها في حالة وجود نظام المعدن الواحد، فعن نظام المعدنين يمكن تصحيح الميزان الحسابي عن طريق استخدام معدنين بدل من معدن واحد طالما كمية النقود في الداخل تعتمد على وجود معدنين لا واحد.
ومن عيوب هذا النظام هو أنه من الصعب على الحكومة أن تحافظ على استمرار تعادل النسبة القانونية مع نسبة تعادل المعدنين في السوق وحتى لو تمكنت الدولة من الحفاظ على ثبات تعادل النسبتين القانونية والسوقية فإن دول أخرى قد لا تتمكن في ذلك فإذا حصل أن اختلفت النسبة في السوق الداخلية عنها في السوق الخارجية فإن هذا الاختلاف سيؤدي إلى تصدير المعدن الذي أصبحت قيمته في الداخل أقل من قيمته في الخارج لأن عملية تصديره تصبح مربحة وبخروج المعدن الثمين تختلف النسبة القانونية عن النسبة التجارية في السوق فيزول النظام باختفاء النقد الجيد وأدى زوال نظام المعدنين على إتباع نظام المعدن الواحد.
المطلب الثاني: نظام المعدن الواحد
إن تعاظم التضخم في انجلترا بسبب مجموعة من الظروف والعوامل التي من أهمها نفقات الحرب من مواجهة الحصار الناري وحروب نابليون هذا ما حدث ببنك انجلترا في الفترة ما بين 1797 و 1811 إلى اعتماد السعر الإجباري النهائي للنقود الورقية ومنع تحويلها إلى ذهب مما يعني ان انجلترا قد طبقت بالفعل قاعدة النقد الورقية خلال نلك الفترة.
وفي عام 1806 م انخفضت قيمة النقود الورقية بما لا يقل عن 30 % فاجتمعت لجنة خاصة لعلاج الأسباب وكبح جماح التضخم فكان أن اقترحت اللجنة الرجوع إلى قاعدة النقود الذهبية ورفع السعر الإجباري و إعادة تنظيم بنك انجلترا أو بالفعل صدر قانون 22 حزيران عام 1816 م وأصبحت النقود الذهبية وحدها التي تتمتع بقوة الإجراء القانونية والنهائية.
كما صدر عام 1844 م قاعدة إعادة تنظيم بنك انجلترا وبذلك أصبح الاقتصاد الانجليزي وهو أكبر قوة اقتصادية في ذلك الحين قائما على قاعدة الذهب أو بمعنى أدق على قاعدة المسكوكات الذهبية ومن انجلترا انتقلت هذه القاعدة إلى معظم اقتصاديات الصناعة الرأسمالية خاصة خلال الربع الأخير من القرن التاسع عشر وبات نظام قاعدة الذهب أكثر الأنظمة النقدية شيوعا في العالم حتى نشوب الحرب العالمية الأولى عام 1914 م لذلك أصبحت قاعدة الذهب قاعدة دولية وأصبح الذهب وحدة الوزن المشترك لقيم السلع والخدمات وتسديد المدفوعات الدولية بين الدول التي اعتمدت هذا النظام.
تقتضي الإشارة إلى نظام المعدن الواحد الفضي ضل معمول به في بعض الدول المتخلفة حتى عام 1914م مثل بوليفيا والحبشة واليمن والإكوادور وغيرها، من آثار هذه القاعدة تسمية النقود باللغة الأجنبية (Argent) وهي تعني كذلك الفضة.
تعود إلى نظام الذهب الذي كان معتمدا ن قبل الدول كما ذكرنا وكانت على ثلاث أشكال رئيسية.
الشكل الأول: نظام المسكوكات الذهبية
يتحقق هذا الشكل عندما تكون العملات الذهبية هي التي تتداول فعلا ويكون للأفراد حرية سك وصهر الذهب أي أن يكون لهم مطلق الخيار في تحويل السبائك الذهبية إلى عملات ذهبية وتحويل العملات الذهبية إلى سبائك ويكون لهم حرية التصدير والاستيراد للذهب سواء في صورة نقدية أو في صورة سبائك.
لقد كان هذا الشكل من أقدم النظم الذهبية المعروفة والتي بدأ العمل بها رسميا عبرا من عام 1821م حيث كانت المسكوكات الذهبية تنتقل من يد إلى أخرى لذلك عرف هذا النظام بالنظام الذهب المتداول وظل معمولا به حتى الحرب العالمية الأولى حيث تخلت عنه تدريجيا جميع الدول ماعدا الولايات المتحدة الأمريكية التي احتفظت به إلى نهاية عام 1933 م.
الشكل الثاني: نظام السبائك الذهبية
إن سنوات الحرب العالمية الأولى (1914م و 1918 م) عذر سك الذهب بنفس الحرية التي كانت سائدة قبل ذلك كما أن ضرورات الحرب جعلت من المتعذر على انجلترا بشكل خاص نقل النقود الذهبية على البلاد الأخرى التي كانت توجد في قوات عسكرية في الوقت الذي زادت فيه نفقات تلك القوات نتيجة ذلك اضطرت الدول على التخلي تدريجيا عن نظام النقود الذهبية وأصبحت النقود الورقية هي النقود القانونية بعد انتهاء الحرب وجدت الدول أن لا مصلحة لها في العودة إلى النظام السابق خاصة وان نطاق المعاملات التجارية قد اتسع وانحصرت حاجة الناس في تحويل البنوك إلى ذهب في حالتين :
أ. المضاربة على أسعار الذهب ومحاولة الاستفادة من فروق الأسعار
ب. وجود أزمات نقدية تحث الناس إلى طلب الاحتفاظ بالذهب وذلك يعني أن العودة المسكوكات الذهبية سوف يشجع المضاربين إلى تحقيق المكاسب الخاصة ويزيد ارتباك الدول في حال الأزمات.
لذا وجدت الحكومات أن مصالحها القومية تقتضي البحث عن نظام ذهبي جديد كما ذكرنا اعتمدت حرية التحويل إلى ذهب بشرط ألا تقل عن قيمة معينة فمثلا عندما عادت انجلترا إلى قاعدة الذهب في الفترة مابين 1925م -1931م اشترطت أن لا يقل وزن السبيكة الذهبية عن 400 أوقية من الذهب أو ما يعادل 1700 جنيه إسترليني وبذلك عملت على تحقيق هدفين :
- الإبقاء على حرية التحويل إلى ذهب وبالعكس
- تقليل نطاق التعامل بالذهب ومع اكتنازه للاحتفاظ به كاحتياط المدفوعات الخارجية يلاحظ مما تقدم:
أ. انتهاء نظام سلك الذهب إلى قطع نقدية ذهبية واختفاء هذه من التداول.
ب. شراء البنات المركزية بكميات غير محدودة من الذهب للاحتفاظ بها وكان يدفع مقابلها أوراق البنوك .
ج. عدمك قابلية تحويل النقود الأخرى إلى ذهب إلا في أحوال معينة.
د. قابل هذا النظام من الإسراف في الذهب وبقي انتقاله بين دولة أخرى على شكل سبائك وضلت أسعار الصرف ثابتة في نظام النقود الذهبية.
ه. لم يمنع هذا النظام كبار المضاربين من شراء الذهب لتحقيق أرباح على حساب صغار المدخرين وهم الغالبين من الناس
الشكل الثالث: نظام الصرف بالذهب.
كانت الهند والفلبين من بين الدول القليلة التي اعتمدت الصرف بالذهب قبل الحرب العالمية الأولى وبعد الحرب اتجهت عدة دول منها ألمانيا بلجيكا ايطاليا إلى اعتماد هذا النظام نظرا لعدم تمكنها من الاحتفاظ بكميات كبيرة من الذهب في خزائنها ويقتضي هذا النظام الذهبي الجديد بان لا تحدد قيمة الوحدة النقدية لبلد ما على أساس الذهب مباشرة وإنما ترتبط نسبة ثابتة بلد آخر يسير على نظام السبائك الذهبية ويكون شكل العملة التابعة في هذه الحالة على شكل عملات أو أذونات أو سندات حكومية محرر بعملة البلد المتبوع ومن مزايا هذا النظام .
أ. وجود سعر صرف ثابت بين البلد التابع والبلد المتبوع
ب. الاقتصاد في استخدام الذهب والحصول على فوائد في حال الاحتياط المكون من عملات وأذونات وسندات البلد المتبوع
ت. تخفيض تكاليف تخزين الذهب وصيانته وحراسته .
ومـن عيوب هذا النظام
أ. أن الخسائر التي يتعرض لها البلد المتبوع تنكيس على البلد التابع .
ب. المساس بالاستقلال الاقتصادي والسياسي للبلد التابع
ت. أن عدول الدولة المتبوعة على إتباع هذا النظام يعرض الدولة التابعة للخسائر الكبيرة كما حصل بالنسبة لمصدري البلدان الأخرى التي اتبعت عملتها بعملة انجلترا أو تحولت انجلترا عن هذا النظام عام 1931 م .
المبحث الثالث
القاعدة الإنتمائية للنقد
المطلب الأول: مفهوم وطبيعة القاعدة الإنتمائية
هي نظام لا تعرف في ظله وحدة التحاسب النقدية بالنسبة لسلعة معينة ولكن من الوجهة لفعلية تعرف بنفسها.
وبالتالي لا يصبح النقد الإنتمائي أو الأساسي سلعة ذات قيمة تجارية كما كانت الحال في ظل نظام المسكوكات المعدنية حيث كانت المسكوكات الذهبية والفضية أو الاثنين معا عملة متداولة ومعها نقد اختياري من عملة ورقية ونقود الودائع القابلة للتحويل إلى النقد الانتهائي أو حين أوقف سك المسكوكات الذهبية تحت نظام السبائك وأصبح النقد المصدر يتكون من النقود الاختيارية القابلة للتحويل إلى سبائك ذهبية، ففي ظل القاعدة الائتمانية للنقد أصبح الورقي الاختياري نقدا إلزاميا أي غير قابل للتحويل إلى الذهب أو إلى معدن آخر.
نظام النقد الورقي الإلزامي كمثل معاصر للقاعدة الائتمانية للنقد:
في ظل هذا النظام انفصمت العلاقة بين وحدة النقد الورقي وبين ما كانت تساويه من ذهب تحت نظام الذهب ولم يعد التغيير في حجم ما تحتفظ به سلطات الإصدار في احتياطي الذهب يحدد التغيير في حجم البنوك المصدر يمثل في معظم الحالات (عنصرا تاريخيا ) وواحدا من الأصول المختلفة التي تمثل عناصر غطاء البنوك المصدر ويتمثل دوره المعاصر في كونه مستودعا للقيمة ووسيلة دفع دولية.
المطلب الثاني: تقييم القاعدة الإنتمائية النقدية
1- خطر النقوض في المعاهدات الدولية المالية: يشير أنصار نضام الذهب إلى أن هذا النظام الذي يتداول في ظله نقد محلي بطبيعته لا يضمن تشغيله الاستقرار في أسعار الصرف ما كانت الحال في ظل نظام الذهب الذي يقوم على أساس تثبيت أسعار لصرف عند أسعار التعادل مع تحركها فقط داخل حدي الذهب هذا أن نظام النقد الورقي الإلزامي لا يقدم مقياسا دوليا ومن ثم لا يتحقق في ظله جو الاستقرار اللازم في المعاملات الدولية.
2- خطر الإفراط في إصدار النقد وما يترتب عليه من تضخم نقدي: يرى أنصار نظام الذهب أن العرض النقدي تحت هذه القاعدة لا يخضع في تغيره إلى قيد كمي كما كانت الحال في ظل قاعدة الذهب ومن ثم فإن نظام النقد الورقي الإلزامي يحمل في طياته إغراءا قويا نحو الإفراط في الإصدار وخاصة بعد أن أصبحت القواعد الصناعية للإصدار على درجة عالية من المرونة ويدللون على صحة دعواهم بالاستشهاد بفترات التضخم النقدي تحت تشغيل هذه القاعدة وبما جره التضخم من آثار اقتصادية واجتماعية سيئة.
صحيح أن كثيرا من البلدان شهدت فترات تضخم شديد تحت القاعدة الائتمانية للنقد ولكن يكن الرد على ذلك بأنه ينبغي ألا يلقي اللوم على النظام النقدي بل على سوء إدارته وعلى الظروف الضاغطة التي فرضت هذا الإفراط في الإصدار، فمن المعروف أن حالات التضخم الشديد كانت خلال الحروب وفي أعقابها. فتح ظروف الحرب تحتاج الحكومات إلى موارد نقدية ضخمة لتمويل المجهود الحربي تعجز عن مقابلتها بمواردها العادية من الضرائب. فتحت هذه الظروف يسخر الجهاز النقدي والمصرفي لمد الحكومة بموارد نقدية جديدة لتغطية العجز في موازنتها العامة وتكون النتيجة التضحية بالاستقرار النقدي لصالح الأهداف الوطنية العليا وهدف كسب الحرب.
مؤدى ما سبق أنه مع التسليم لأن مرونة نظام النقد الائتماني تتيح إمكانية الإفراط في الإصدار إلا أنه من البديهي أنه ليس في طبيعة نظام النقد المدار ما يقود تلقائيا إلى الإفراط في الإصدار، فالأمر في نهاية التحليل منوط بكيفية إدارة هذا النظام وبالظروف الضاغطة على السلطات النقدية.
المبحث الرابع
تطور النظام النقدي الدولي
تكمن الظروف الاقتصادية والسياسية الهامة التي مر بها العالم منذ النصف لثاني من القرن التاسع عشر حتى الآن وراء التغيرات التي مر بها النظام النقدي الدولي منذ سيادة قاعدة الذهب مع نهاية القرن الماضي وحتى نظام التعويم المدار مع نهاية القرن العشرين.
المطلب الأول: النظام النقدي الدولي وفقا لاتفاقية بريتون وودز.
بعدما أعلنت انجلترا انهيار قاعدة الذهب لإلغاء قابلية تحويل الجنيه الإسترليني إلى ذهب في عام 1931 م تبعتها بقيت الدول وأصبح نظام النقد الدولي قائمة على حرية تعويم العمولات، ومنه إلى قيام الحرب العالمية الثانية حيث لم ينتظر انتهاؤها حتى يمكن التفكير في وضع نظام نقدي دولي جديد.
وبالفعل اشتمع في عام 1944م ممثلوا الولايات المتحدة الأمريكية وانجلترا بالإضافة إلى مثلي 42 دولة أخرى في بريتون وودز لوضع نظام نقدي دولي جديد وتمت صياغته إلى الاتفاقية المعروفة باتفاقية بريتون وودز.
إن أهم ما نصت عليه هذه الاتفاقية إنشاء صندوق النقد الدولي لغرض تحقيق الأهداف التالية:
1- دعم وتنشيط التعاون النقدي الدولي؛
2- تشجيع النمو المتوازي في التجارة الدولية، إزالة الحواجز مع تأمين ثبات سعر الصرف
3- تجنب حروب تخفيض العملات التي تهدف إلى تنشيط الصادرات ودعم المنافسة على المستوى الدولي.
4- حرية تحويل العملات بين الدول وإقامت نظام متعدد الأطراف للتسويات الدولية.
5- تقديم المساعدة وتصحيح الخلل المؤقت لموازين المدفوعات.
ويقوم نظام بريتون وودز على قاعدة صرف بالذهب حيث يرتكز على قابلية تحويل الدولار الأمريكي فقط إلى ذهب من ناحية، وعلى تثبيت أسعار صرف العملات الأخرى بالنسبة للدولار الأمريكي.
وبعد أن اصبحت السيادة للدولار كعلة رئيسية في تسوية المعاملات الدولية وكعنصر أساسي في تكوين الاحتياطات الدولية يمكن القول بأن نظام النقد الدولي الجديد لفترة ما بعد الحرب العالمية الثانية قد قام في الواقع العملي على قاعدة الصرف بالدولار والذهب.
وبمقتضى نظام بريتون وودز كما يمكن للدول أن تمول عجزها المؤقت لموازين مدفوعاتها باستخدام حتياطاتها الدولية وبالاقتراض من صندوق النقد الدولي أما في وجود اختلال هيكلي فغنه يسمح للدولة بأن تغير السعر الأسمى لعملتها في حدود 10% دون اشتراط الموافقة المسبقة للصندوق، ومنن ثم فإن نظام بريتون وودز يعتبر في الأساس نظاما قائما على تثبيت سعر الصرف مع القابلية للتعديل لضمان استقرار أسعار الصرف مع توفير قدر من المرونة.
انهيار نظام بريتون وودز: كان النظام يقوم على ركيزة رئيسية هي التزام الخزانة الأمريكية ببيع الذهب بسعر الأوقية 35 دولار إلى البنوك المركزية والمؤسسات النقدية في لعالم، فإذا ما زادت الالتزامات قصيرة الأجل المرتبطة بمقدار مخزون الذهب الأمريكي دون الزيادة في كمية الذهب، كان ذلك تعبيرا عن عجز ميزان المدفوعات الأمريكي و به خلف هذا العجز التقليص بشدة من احتياطات الذهب في الخزانة الأمريكية، وساد اليقين بضرورة تعديل أسعار العملات و إزاء فشل الولايات المتحدة الأمريكية في إقناع الدول التي حققت فوائض ضخمة برفع سعر صرف عملاتها أصبح من ضرورة اللجوء أمريكا إلى تخفيض قيمة الدولار في حين بدأت التحويلات الكثيفة من الدولار الأمريكي إلى العملات القوية الأخرى الأوروبية منها الأمر الذي أدى حدوث مزيد من الاختلالات في ميزان المدفوعات الأمريكي وهنا اضطر رئيسها آنذاك أن يعلن في 15 أغسطس 1971م تعليق قابلية تحويل الدولار الأمريكي إلى ذهب معلنا بذلك نهاية نظام بريتون وودز.
المطلب الثاني: النظام النقدي الدولي الحالي و التقويم المدار
يقوم النظام النقدي الدولي منذ عام 1973 على قاعدة التقويم المدار لأسعار الصرف ووفقا لهذه القاعدة تضطلع السلطات النقدية في كل دولة بمسؤولية التدخل في السواق الصرف الأجنبي للحد من آثار التقلبات قصيرة الأجل لأسعار الصرف .والواقع إن هذا النظام لم يقصد احد اختياره بل فرض هذا النظام نفسه عقب انهيار نظام "بريتون وودز" وبفرض مواجهة الفرض التي سادت أسواق الصرف الأجنبي والمضاربات التي أحدثت العديد من الاختلالات .
وفي عام 1976 اعترفت "اتفاقيات جاميكا " رسميا بنظام التقويم المدار وتركت لكل دولة حرية اختيار نظام الصرف الأجنبي الذي يناسبها بشرط عدم الأضرار بشركائها في التجارة أو بالاقتصاد العالمي ككل .وهذا وقد تدخلت "اتفاقيات جامايكا "في العمل منذ افريل 1978م.
وهكذا فان أكثر من نصف عدد الدول أعضاء صندوق النقد الدولي تبنت شكلا أو آخر من أنظمة سعر الصرف التي تتسم بالمرونة.أما باقي الدول فان أغلبيتها قلمت بتثبيت أسعار عملاتها بالنسبة للدولار الأمريكي أو الفرنك الفرنسي.
و لا تزال الدول في ظل نظام التقويم المدار تحتاج إلى احتياطات دولية للتدخل في أسواق الصرف الأجنبي بهدف الحد من آثار تقلبات سعر الصرف في الأجل القصير .وفي الوقت الحالي فان هذا التدخل يتم في الغالب بالدولار الأمريكي. ووفقا لاتفاقيات جامايكا قام صندوق النقد الدولي بيع سدس(1/6)ما يحوزه من ذهب في السوق الحرة خلال الفترة من1976و حتى 1980 م. مستغلا حصيلة البيع في مساعدة الدول الأكثر فقرا مؤكدا التزامه باستبعاد الذهب كأحد عناصر الاحتياطات الدولية كذلك تم إلغاء السعر الرسمي للذهب (35 دولار للأوقية) وتم الاتفاق على ألا تعقد أية معاملات بالذهب في المستقبل بين الصندوق وأعضائه ورغم ذلك تجدر الإشارة إلى أن الصندوق لا يزال يحسب قيمة حيازته من الذهب وفقا للسعر الرسمي الذي كان مساعدا قبل عام 1971 وهي 35 دولار للأوقية.
الخـاتمــــــــة:
إن بغية التعرف إلى أهمية النظام النقدي وبيان مدى تطوره مع تطور الوضع الاقتصادي والاجتماعي لبلد ما فيمكن القيام بذلك من خلال تحقيق مكونات أو عناصر النظام النقدي، وهذا ما توصلنا إليه فوجدنا أنه لا بد من الخضوع إلى نظام نقدي يسير بدوره النقود الموجودة في البلد لجعلها وسيلة للمبادلات وأداة للادخار ومقياس للقيمة...، فلو أخذنا جانب النقود المتداولة فنلاحظ أن الأهمية النسبية للودائع الجارية إلى إجمالي عرض النقود تكون كبيرة في البلدان الصناعية التقدمة ولكنها أقل منها في البلدان النامية وهذا يعني انخفاض الأهمية النسبية للنقود المتداولة خارج الجهاز المصرفي من إجمالي عرض النقد في البلدان المتقدمة وتزايد هذه الأهمية النسبية في البلدان النامية.
ومنه فغن النظام النقدي كفيل بتحقيق التوازن القائم بين المبادلات ومقاييس السلع في السوق وهذا في ظل إتباع قوانين النظام النقدي التي تجعل من النقود أداة محققة لهذا النظام.