ريد بحث كامل و شامل حول تطور مفهوم مراقبة التسيير من خلال مختلف التيارات [الأرشيف]

smail2009

2008-12-28, 14:36

المطلب الثاني: مراقبة التسيير في المدارس التسييرية.
يمكن عرض رؤية المدارس التسييرية لمراقبة التسيير فيما يلي[1] (http://djelfa.info/vb/showthread.php?t=88881#_ftn1):
1. مراقبة التسيير والمدرسة الكلاسيكية: كانت رؤية النظرية الاقتصادية الكلاسيكية بادئ الأمر لمفهوم التسيير في المؤسسة على أنه كمية السلع أو الخدمات المنتجة بدلالة السعر والذي كان يمثل الهدف الأولى بالنسبة للمؤسسة الصناعية حيث كان لزاما عليها أن تنتج كميات ضخمة من السلع المماثلة لتلبية الطلب عليها وتخفيض تكلفة الوحدة انطلاقا من فكرة اقتصاديات الحجم، ولكن رغم هذا فإنه لم يغب عن مدارك أو أدهان المنظرين الأولين لهذه المدرسة أهمية الرقابة وفيما يلي إسهامات بعض مفكري هذه المدرسة:
× "F.W.TAYLOR"أدخل مفهوم التنظيم العلمي للعمل؛
× "BEDEAUX" قسم الحركات وقام بقياس الوقت اللازم لإتمام كل عملية وهذا من أجل تقسيم المهام وإلغاء الحركات غير المنتجة لزيادة الإنتاجية؛
× "MAX WEBER" حلل البيروقراطية على أساس أنها تفيد العمال بوضع معايير وقواعد للعمل يجب عليهم احترامها والسير وفقها؛
× "H.FAYOL" اشتهر بشعاره 'P.O.C.C.C' (التنبؤ، التنظيم، القيادة، التنسيق والرقابة) حيث حدد الوظائف الأساسية للتحكم في المؤسسة في وظيفة المراقبة.
ويمكن القول إن تصور مُنظري المدرسة الكلاسيكية للرقابة كان على أساس أنها:
§ تقييدية: فهي قبل كل شيء إجراء رقابي؛
§ غير تامة الشفافية: يمكن استعمال عدة أدوات متنوعة وغير محددة.
2. مراقبة التسيير ونظرية العلاقات الإنسانية: غيرت هذه المدرسة بصفة جذرية بعض المفاهيم حول اندماج العمال في المؤسسة، إذ بينت العديد من الدراسات التي أجريت مدى أهمية تحفيز العاملين من خلال العمل على إيجاد مناخ سليم ومناسب للعلاقات الإنسانية بتوفير المعاملة الحسنة للعمال ومساعدتهم على حل مشاكلهم وتجنب الاستخدام اللاإنساني لهم ولجهودهم وتوفير الحرية في التفكير والرأي وإقامة العلاقات الحسنة بينهم وبين المنظمة ومالكيها وإدارتها، بل وحتى إشراكهم في رسم خطط المؤسسة وأهدافها
الإستراتيجية وذلك لقطع الحجة أمام العمال بعدم واقعية الأهداف ولتحفيزهم أكثر على زيادة أدائهم.
ويمكن تمييز اتجاهين في مدرسة العلاقات الإنسانية:
— المدرسة التصرفية: تعتبر هذه النظرية كردة فعل أو الرأي النقيض للمدرسة الكلاسيكية حيث على عكسها لم تنظر إلى العامل كمجرد آلة بل أولت اهتماما بالجانب النفسي والشعوري له وأخذت ردودها وأفكارها عدة أوجه منها:
ü "E.MAYO" بين لمؤسسة 'Western Elictric' أن الأجور وشروط العمل لا تكفي وحدها لتحفيز العمال المؤسسة، إذ الإنتاجية تزيد بزيادة الرعاية المحاطة بالعمال وكذا المحفزات ويكون لها تأثير أكبر كلما زادت درجة المسؤولية الموكلة للإفراد؛
ü "MC.GREGOR" جاء بنظرية 'Y' أين يعتبر الفرد يحب العمل وقادر على أداءه ويهتم به ويشارك في تحقيق نشاطات وأهداف المؤسسة بالتوافق مع تحقيق أهدافه الخاصة؛
ü "HERZBERG" حلل عوامل الرضا في العمل وأوضح أهمية وضرورة تنويع وتوسيع المهام والمسؤوليات لعمال المؤسسة.
إذن فالمراقبة عدلت في هذا التحليل من ناحيتين سواء الأهداف أو الوسائل، فهي لم تعد مجرد المراجعة الكلاسيكية للمنفذ من طرف المسؤول الهرمي، بل أصبح بإمكان المرؤوس نفسه والذي يتمتع بنوع من المسؤولية أن يقوم بالمراقبة الذاتية وذلك على الأقل في النشاطات الروتينية.
— النظرية الاجتماعية الاقتصادية: زادت هذه النظرية بعدا إضافيا عن النظرية التصرفية وهو البعد التقني للمنظمة فنجد روادها ركزوا على إظهار المؤسسة ذات البعد المزدوج التقني والاجتماعي في آن واحد.
فـ "SYERT" و"MARCH" في نظريتهم التصرفية للمؤسسة بينا أن الأفراد لهم أهداف وأن أهداف المؤسسة تتوقف على مدى توافق وتكتل العمال لتحقيق هذه الأهداف.
أما "OUCHI" فقدم نظرية 'Z' التي تقوم من خلالها بتحليل هوية المؤسسة وثقافتها كوسيلة للوصول إلي أحسن تعاون وأقوي مشاركة في المؤسسة.
وخلاصة هذا التحليل وهذه التيارات، أن المراقبة بصفة عامة ومراقبة التسيير بصفة خاصة يجب أن تأخذ بعين الاعتبار البعد الاجتماعي، لان إتمام مهمة ما هو نتيجة تصرفات وسلوكات الفرد، وسلوكات الفرد ناجمة عن مدى التحفيز الذي يتلقاه إذن على المراقب أن لا يغفل عن هذه العوامل لكي يلعب الدور المنوط به في قياس، توجيه وتحسين النشاطات والأداء .
وبعد هذه النظرية ظهرت هناك أفكار أخرى تصب كلها في اتجاه جعل مراقبة التسيير وسيلة لمراقبة الأفراد من حيث تحفيزهم وإشراكهم في تسيير المؤسسة وظهرت مبادئ مراقبة الأهداف والإدارة المشتركة بالأهداف ونظام العقوبات والمكافآت.
3. مراقبة التسيير ونظرية الأنظمة: لقد حاولمفكرو هذه المدرسة طرح نظرة نظامية وهيكلية للرقابة والتي في نظرهم يمكن أن تظهر المفهوم الشامل لهذه الوظيفة .
ففي نهاية عقد الستينات تم إدخال مفهوم النظام عن طريق النظرية العامة للأنظمة، جديد هذه النظرية أنها ترفض الطريقة الكارتزية التقليدية التي تنص على تقسيم المركب
إلى أجزاء بسيطة يمكن فهمها ودراسة دور كل جزء ثم استخلاص دور الجميع ولكن بالعكس من ذلك اعتمدت هذه النظرية على فكرة "أرسطو" التي مفادها أن الكل أكبر من مجموع أجزاءه، فالنظام هو مجموعة أهداف مشتركة، أي أن مجموعة هذه العناصر متناسقة ومتبادلة التأثير بغرض الوصول إلى مجموعة من الأهداف، فالنظام كل مكون من أنظمة جزئية مكونة بدورها من جزئيات، التي يجب النظر إليها عند التحليل ليس بصفة منعزلة ولكن في إطار النظام ككل.
من هنا فإن طريقة الأنظمة تعطي نموذج للمؤسسة يظهرها كمجموعة أو نظام كلي تام وقادر على التأقلم مع متغيرات المحيط بفضل آلية التغذية العكسية التي يتميز بها هذا النظام وما ينجر عنها من قرارات تصحيحية وتوجيهية، وفي سياق هذا التحليل يتضح أن دور نظام المراقبة لم يعد دورا ثانويا أو ملحقا بل هو عنصر بنيويا وأساسيا في النظام بما يقدمه من:
o ضمان التوجيه الصحيح للنظام أي قيادة الكل؛
o جعل التفاعل البيني للأنظمة الجزئية يسمح بقيادة النظام ككل نحو الهدف المنشود أي قيادة الأجزاء.
ويمكن في هذه النقطة إدراج فكرة عامة مفادها أن النجاح يتوقف على قدرة المسيرين على التأقلم السريع وبلمسات بسيطة مع الظروف المتغيرة أكثر لما يتوقف (النجاح) على التنبؤات بعيدة المدى ، بمعنى أن طريقة التسيير الأكثر نجاعة هي تلك التي تعتمد على القياس الآني للنتائج المحققة والقيام في الحال بالتعديلات اللازمة ومنه فالمراقبة تصبح ليست فقط كعملية للقيادة بل للضبط أيضا.

[1] (http://djelfa.info/vb/showthread.php?t=88881#_ftnref1) - ALAZARD.C et SEPARI.S ; le contrôle de gestion manuel et application ;op.cit ;p :15