المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : بحث القيادة بالمشاركة


s.hocine
2008-12-27, 21:23
القيادة بالمشاركة
تمثل عملية اتخاذ القرارات بعدا هاما من ابعاد الوظائف التي يقوم بها من يشغلون مواقع قيادية. ويكتسب هذا البعد أهمية خاصة في المنظمات نظرا لأن أداء المنظمة يتوقف على صنع مختلف القرارات ووضعها موضع التنفيذ، ثم متابعتها والرقابة عليها. ويعتبر دور المدير كصانع للقررات دورا محوريا في هذا الصدد. فالكثير من الأنشطة والمهام التي يمارسها المدير تتضمن عملية صنع قرارات يمثل بعضها قرارات استراتيجية كقرارات التخطيط ورسم السياسات التي تضعها الإدارة العليا، ويمثل البعض الآخر قرارات تنفيذية تتعلق بالتنسيق، وحل المشكلات، وتصميم مهام العمل للمرؤوسين وتوزيع الحوافز عليهم وغير ذلك.
وفي كل الحالات التي يصنع فيها القائد أضو المدير قرارا ما فإنه يواجه أحد اختيارين: فإما أن يصنع القرار بنفسه وبمعزل عن الآخرين، وإما أن يشرك معه أفراد آخرين و بأخرى في عملية صنع القرار. لقد شغلت مشكلة تحديد الدرجة المناسبة للمشاركة والتفويض اهتمام الكثير من الكتاب والباحثين خلال الثلاثين سنة الماضية. وتكون نتاجا للبحوث والدراسات التي أجريت في هذا المجال حصيلة من المعرفة العلمية جديرة بالدراسة والتحليل، وسنتناول في هذا الفصل أهم عناصر هذه الحصيلة.
درجات المشاركة متفاوتة من المشاركة يمكن للقائد أو المدير أن يتيحها لمرؤوسيه وتتأثر هذه الدرجات بالأسلوب أو الطريقة التي يستخدمها القائد أو المدير في صياغة قراراته.
وقد قام تاننيوم وشميت بتحليل المستويات أو الدرجات المختلفة للمشاركة التي يتيحها القائد أو المدير للمرؤوسين في صنع القرار. ووفق تحليلهما فهناك سبعة مستويات أو درجات مختلفة للمشاركة. ويعرض تاننبوم و شميت لهذه الدرجات باعتبارها تمثل أنماطا مختلفة من القيادة أو الإدارة، تتفاوت فيما تتيحه للقائد أو المدير من سلطات، وما توفره للمرؤوسين من حريات. ونعرض لكل من هذه الدرجات أو الأنماط فيما يلي:
1- صنع الرئيس للقرار ثم تبليغه لمرؤوسيه: يقوم الرئيس هنا بصنع القرار منفردا، ثم يبلغه لمرؤوسيه، ولا تحتوي عملية التبليغ على أية محاولة من قبل الرئيس لشرح أسباب القرار أو إقناعهم، أو استمالتهم لقبوله.
2- صنع الرئيس للقرار ثم شرحه لمبرراته: هنا لا يكتفي الرئيس بمجرد إعلام المرؤوسين بالقرار، وإنما يحاول أن يبيع القرار لهم، بأن يشرح مبرراته وملابساته ويستميلهم لقبوله. وهو يعمد إلى التخفيف من وقع انفراده بالقرار، خوفا من احتمالات مقاومة المرؤوسين للقرار وعدم تعاونهم في تنفيذه بأن يبرر لهم أسبابه ويبين لهم ميزاته.
3- صنع الرئيس للقرار، ثم دعوته لإجراء حوار حوله: يقوم الرئيس في هذه الحالة بعد صنعه للقرار بفتح حوار مع المرؤوسين، يتعرف على استفساراتهم يشأن القرار وآثاره، وهو يرد على هذه الاستفسارات محاولا إزالة مخاوفهم ومحاولا التأكد من فهمهم واستيعابهم واقتناعهم بالقرار.
4- صنع الرئيس لقرار مبدئي، مع ترك المجال مفتوحا لإمكانية تغييره:
يقوم الرئيس هنا بالمبادأة بتشخيص المشكلة، وتحديد عدد من بدائل الحلول وتحديد أنسب هذه الحلول (القرار المبدئي)، وفي عرضه للأمر على مرؤوسيه، يتيح لهم أن يمارسوا تأثيرا على القرار النهائي، من خلال ما بدلوا به من آراء ووجهات نظر أو معارضة لهذا القرار المبدئي قد تدفع الرئيس إلى تعديل القرار أو اختيار غيره من البدائل، لكن الرئيس هنا يحتفظ بسلطة البت النهائي في الأمر وتحديد ما إذا كان القرار المبدئي سيعدل أم لا.
5- عرض الرئيس للمشكلة: ودعوته المرؤوسين للتقدم بمقترحات وحلول. يعرض الرئيس في هذه الحالة المشكلة محل القرار على المرؤوسين، ويسألهم أن يشخصوها، ويحددوا أسبابها، ويقترحوا حلولا لها. وقد يتيح الرئيس فضلا عن هذا للمرؤوسين فرصة أن يقيموا مختلف الاقتراحات والحلول المعروضة، ويختار الرئيس بعد ذلك الحل أو القرار من بين ما عرضه عليه المرؤوسون من بدائل واقتراحات.
6- تحديد الرئيس للمشكلة وللقيود على حلها، وتفويض الأمر للمرؤوسين للوصول للقرار من خلال مشاركته معهم: يقوم الرئيس في هذه الحالة بتحديد المشكلة، وتحديد الإطار والحدود التي ينبغي أن يلتزم بها الحل الذي يتم الوصول إليه. وهو يشارك المرؤوسين في عملية صنع القرار ليس من خلال فرصة لرأيه، وإنما من خلال مشاركته معهم في المناقشة والمداولة، وقيامه بدور المنسق في اجتماعات المناقشة التي يعقدها معهم.
7- تفويض الأمر للمرؤوسين لتشخيص المشكلة والوصول إلى قرار: يقوم الرئيس هنا بتفويض الامر برمته للمرؤوسين بدءا من تحديد المشكلة أو المشكلات وتشخيصها، إلى تحديد بدائل الحلول، ثم الوصول إلى القرار النهائي. فهذا التفويض يتضمن كل مراحل صنع القرار. ويكون القرار الذي يصل إليه المرؤوسين نهائيا. ويقوم الرئيس عادة – كما في الحالة السابقة- بوضع الإطار أو الحدود يصنع القرار في دائرتها. وقد يشارك الرئيس في اجتماعات المداولة والمناقشة التي يعقدها المرؤوسون، وقد يشارك الرئيس في اجتماعات المداولة والمناقشة التي يعقدها المرؤوسون، وقد لا يشارك. فإن شارك في هذه الاجتماعات فإن دوره يقتصر على التنسيق والتوفيق بين الاتجاهات والآراء المختلفة، وليس محاولة فرض الرأي أو التأثير على المرؤوسين.
وجهات النظر المؤيدة والمعارضة للقيادة بالمشاركة
يرى البعض أن إشراك المرؤوسين في صنع القرار بإتاحة الفرصة لهم لكي يمارسوا قدرا من التأثير في هذا الشأن يرفع من مستوى رضاهم، ويزيد من دافعيتهم للأداء. ويرى آخرون أن للمشاركة مساوئ وعيوبا، وأن هناك ظروفا وحدودا لاستخدامها.
الآثار الإيجابية للمشاركة
برى مؤيدوا المشاركة أنها ترفع من مستوى رضا المرؤوسين وتزيد من دافعيتهم للأداء للأسباب الآتية:
1- تحقق المشاركة تفهم المرؤوسين للقرار، وقبولهم له، وبالتالي فهي تؤدي إلى غزالة مخاوفهم، مما يضعف من مقاومتهم المحتملة للقرار. فما قد يشعر به المرؤوسون من قلق بشأن الآثار التي يمكن أن تترتب على قرار ما، يتبدد من خلال استيضاح الأمر والتعرف على طبيعة القرار والآثار المترتبة عليه.
2- تؤدي المشاركة على زيادة التزام المرؤوسين بتنفيذ القرار وحماسهم لهذا التنفيذ. ومرجع هذا الالتزام والحماس هو شعور المرؤوسين عندما يشاركوا في القرار مشاركة حقيقية بأن هذا القرار قرارهم، لأنه وليد مشاركتهم وإسهامهم.
3- تحقق المشاركة استيعاب المرؤوسين لأهداف القرار، وتفهمهم لبرنامج تنفيذهن وبالتالي فهي تيسر التنفيذ الفعال للقرار، والتطبيق المرن له.
4- تمكن المشاركة من تعرف المرؤوسين تعرفا صحيحا على الحوافز الإيجابية والسلبية المشروطة بالأداء الفعال. فالمشاركة تتيح لهم هذه المعلومات، وتتيح الإجابة على تساؤلاتهم بشأن نظم الثواب والعقاب التي تستخدمها المنظمة وهي بذلك تزيد من دافعيتهم للأداء الفعال.
5- تتيح لمشاركة إشباع الحاجات العليا للأفراد والتي تتمثل في الاستقلال، والشعور بالذاتية، والإنجاز، وفضل عن هذا فالمشاركة تجعل العمل أكثر إثارة وإشباعا.
6- عندما تتم المشاركة من خلال أسلوب يعتبره أفراد الجماعة مشروعا مثل عقد اجتماعات للمناقشةن وإدارة المناقشة بأسلوب ديمقراطي، وفتح فرصة للحوار الحر...الخ، فغن الجماعة قد تمارس ضغوطا على أفرادها لزيادة قبول الأفراد لقرار، أو لتحقيق إذعانهم وإضعاف مقاومتهم له.
7- تمكن المشاركة الجماعية، ن زيادة فرص التعاون بين الأفراد لحل المشكلات المشتركة وزيادة الفهم المتبادل وتيسر فرص التنسيق بينهم، وكذلك تقوية وتنمية روح الفريق.
8- يمكن للرئيس أن يستخدم المشاركة في بعض الحالات كوسيلة للتفاوض والمساومة وللاتفاق على التنازلات المتبادلة بينه وبين مرؤوسيه.
9- يمكن للمشاركة أن تسهم في زيادة كفاءة القرار عندما يملك المرؤوسون من الخبرة والمعلومات والدراية بواقع لممارسة ما قد لا يكون متاحا للرئيس. فإذا استطاع الرئيس أن يستميل مرؤوسيه في أن يتعاونوا جميعا للوصول إلى قرارات أفضل، فإن مجمع الخبرة والمعلومات الذي يتوافر من خلال المشاركة يمكن أن يسهم في زيادة كفاءة القرار.
الآثار السليبة للمشاركة:
يرى معارضو المشاركة ن هناك آثارا سلبية تترتب على المشاركة ، وأن هناك حدودا لعالية إشراك المرؤوسين في صنع القرارات، بما يوجب الحذر في تطبيقها وتتمثل هذه الآثار في الآتي:
1- تستغرق القرارات التي تصنع بطرق ديمقراطية تعتمد على المشاركة وقتا أطول عن تلك التي تصنع انفراديا بواسطة الرئيس. لذلك فإن أساليب المشاركة لا تصلح في حالات الطوارئ والأزمات التي تتطلب قرارات سريعة.
2- قد يؤدي إشراك لرئيس لمرؤوسيه في مجال معين، إلى زيادة طموح واتساع توقعات المرؤوسين إلى المشاركة في مجالات أخرى لا تتناسب طبيعتها إشراكهم فيها. وبهذا قد يجد الرئيس نفسه في موقف نزاع مع مرؤوسيه إذا ما حاول إيقاف طموحاتهم للمشاركة في مختلف القرارات.
3- قد تترك المشاركة انطباعا لدى المرؤوسين بأن الرئيس يعمد لإشراكهم نتيجة قلة خبرته، وضعف مبادأته وضعف ثقته بقراراته. فإذا تكون لدى المرؤوسين انطباعا يضعف الرئيس، فغن قدرته على التأثير عليهم ستضعف وتتقلص.
4- إذا لم تتوفر الخبرة والمهارة الكافية لدى المرؤوسين، أو إذا كانت أهدافهم متعارضة مع أهداف المنظمة، فإن إشراكهم في صنع القرار يؤدي إلى انخفاض كفاءة هذا القرار
5- تؤدي المشاركة إلى شيوع المسؤولية، وإلى صعوبة تحديد من يستحق الثناء ومن يستحق اللوم فالقرار الذي يتخذ في إطار الجماعة كثيرا ما يحوي درجة عالية من المجازفة والمخاطرة نتيجة شيوع المسؤولية، وعندما يكون القرار المتخذ هو حصيلة ومنتجا لمشاركة أكثر من فرد فإن تحديد نصيب كل فرد من المسؤولية لتحديد الثواب أو العقاب الذي يستحقه يصبح أمرا صعبا
6- يتوقف نجاح المشاركة التي تتم في صورة جماعية على مهارة الرئيس في إدارة الاجتماعات التي تعقد بغرض تشخيص المشكلة، واستعراض البدائل وتقييم الحلول، ففي الحالات التي قد لا يملك الرئيس المهارات اللازمة لإدارة هذه الاجتماعات، فإن الآثار والنتائج التي يتم الوصول إليها بالمشاركة قد تكون أسوأ من تلك التي يتم الوصول إليها بأسلوب القرار المنفرد.
شروط تحقق فعالية المشاركة
تعطي البحوث التي أجريت على نتائج المشاركة نتائج متضاربة عن فعاليتها ، فهناك بحوث تشير نتائجها إلى أن إشراك المرؤوسين في صنع القرارات يزيد من دافعيتهم وإنتاجيتهم ، ويحسن من انتاجاتهم النفسية ، وهناك بحوث أخرى تشير إلى عدم نحقق مثل هذه الآثار وهذا التضارب في النتائج يفسر بدرجة كبيرة لماذا تختلف وجهات النظر حول الأخذ بفكرة مشاركة المرؤوسين في صنع القرارات
ويرجع التناقض في نتائج بحوث المشاركة ، والتضارب في وجهات النظر حول فعاليتها إلى أن هناك شروطا وظروفا معينة هي التي تحدد درجة وطريقة المشاركة المناسبين ، ويحدد التوافق بن درجة وطبيعة المشاركة والظروف والمواقف (الشروط) التي تطبق المشاركة في ظلها فعالية النتائج التي يمكن أن تحققها المشاركة.
ونعرض فيما يلي الشروط المحددة لفعالية المشاركة والتي ينبغي أخذها في الحسبان عند تقرير درجة وطريقة المشاركة المناسبين.
1- أن يملك القائد سلطات وصلاحيات في مجالات هامة.
2- ألا يصنع القرار تحت ضغط السرعة وضيق الوقت.
3- توافر الخبرة والمعرفة لدى المرؤوسين.
4- رغبة المرؤوسين في المشاركة.
5- ثقة القائد في جدوى مشاركة المرؤوسين.
6- مهارة القائد في استخدام أساليب المشاركة.

حمزة البوسعادي
2008-12-27, 21:43
مشكور جدا على المجهود.