تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : ورطة


golby
2012-02-27, 16:17
السلام عليكم أطلب مساعدة في ما يخص مذكرتي بعنوان " دمية النار " أرجو المساعدة فأنا في ورطة

ninanina
2012-03-11, 20:48
"دمية النار" لبشير مفتي : محكي السيرة الذاتية الروائية




عرض كتاب
http://www.elkhabar.com/ar/img/article_banner/ph_21_domyat_ennar_856854676.jpg





محمد معتصم*
تعتبر الرواية خطابا سرديا متخيلا ينهض على منطق خاص ومقومات محددة، وله أساليب وتقنيات يوصل بهما مضمونه،

وعبرهم يتأسس ميثاق التواصل (الاتفاق) بين الكاتب الموضوعي الخارجي والقارئ الحقيقي والافتراضي في آن. إن الرواية هي كذلك الطريقة التي تبنى بها الحكاية، والطريقة التي يروى بها المحكي، فصيغة المحكي هي الأساس في منح الرواية الخصوصية الأجناسية التي تميزها عن باقي الأشكال السردية المجاورة لها؛ كالقصة والسيرة الذاتية والغيرية واليوميات والمذكرات.

اختارت رواية "دمية النار" لبشير مفتي طريقة (صيغة سردية) في سرد محتوياتها مثيرة للسؤال: بمعنى أنها توقع القارئ/ الناقد في حيرة، هل هو أمام "رواية" أم "سيرة ذاتية"؟ وسؤال النوع اليوم في الخطاب السردي بات ذاته محط سؤال: هل الأنواع السردية (الأدبية) الآنية تقبل الفصل بينها؟ هل المتلقي يلقي بالا للفوارق بينها في الأساليب والتقنيات؟ ماذا يهم المتلقي من الرواية والسيرة الذاتية والغيرية؟ ماذا يهم الكاتب تحديدا؟ هل من الضروري تحديد نوع الخطاب السردي؟ وهل النوع السردي استجابة لمتغيرات الوعي أم تلبية لرغبة الكاتب أو المتلقي؟ وهل النوع السردي يكون تعبيرا عن الواقع أو تعبيرا عن ثقافة عصره؟ ...

يبدو أن سؤال النوع الأدبي حاليا ملتبسٌ بالتباس الوعي وثقافة المرحلة، وأن المرحلة لم تعد تقبل "بصفاء الأنواع الأدبية" عموما و"السردية" خصوصا، فالتداخل وانسجام غير المنسجم إمكانية من الإمكانية الجمالية، وأسلوب من بين الأساليب التي تقترحها الذائقة السردية المعاصرة للتغلب على الحدود الصارمة المقيدة، وللتعبير عن الواقع الخارجي، وللتعبير عن وعي ونفسية الكاتب.

اشتغلت رواية بشير مفتي "دمية النار" على التمويه، وعلى التركيب في آن؛ قامت بالتمويه بين "الروائي" مقدم المخطوطة "المتن السردي" المحايد وبين "رضا شاوش" صاحب المخطوطة "السارد والشخصية الرئيسة". ويركب بين نوعين سرديين هما: الرواية والسيرة الذاتية. فالروائي يقوم بوظيفة خارجية يرسم عبرها الإطار العام الذي أهله لنشر "المخطوطة"، وهي وظيفة كلفها بها "رضا شاوش" في قوله في رسالة إلى الروائي:" ...وإنني لأتمنى صادقا أن تكتب اسمك في أعلى صفحتها، وتنسبها لنفسك فتكون بالنسبة إليك كقصة خيال مروعة على أن يراها الناس حقيقة مؤكدة.." ص (20)

ويقول الروائي في تقديمه "معترفا" ومصرحا:" لقد كتبت هذا التقديم فقط لأنسب لنفسي ما كتبته أنا، ولأترك صوته يحكي قصته كما كتبها هو، على لسانه، متمنيا طبعا أن يكون الرجل على قيد الحياة، وأنه سيقرأ كتابه كما تركه لي بلا أي تغيير أو رتوش.." ص (21).

هناك صوتان؛ صوت "الروائي" في المقدمة، وصوت "رضا شاوش" في باقي المتن السردي، وهو محكي ذاتي مشتمل على كل مقومات السرد السير ذاتي من بوح واعتراف وتدفق سردي ":محكي ملتاع"، وضمير للمتكلم، وتنسيب الأحداث والوقائع. وقد وجد النقاد لهذا النمط من الكتابة السردية مفهوما نحتوه هو: الرواية السيرة أو السيرة الرواية، بحسب المقومات الغالبة والمهيمنة.

يقوم كتابة السيرة الرواية على خصائص السيرة الذاتية (مقوماتها) كمحكي الذات بضمير المتكلم، وربط الأحداث والوقائع بالشخصية الرئيسة التي هي ذاتها الكاتب والسارد، لكنها يصاغ عبر التركيب الروائي وتداخل مستوياته وتنوع وتعدد الخطابات التي تتخلله كالرسالة والحكاية والقصة، والشهادة والاعتراف...

هذا ما تفصح عنه "دمية النار" لبشير مفتي. إنها رواية في صيغتها (الخطاب) وسيرة ذاتية لرضا شاوش (القصة).

°°°°°°°

"دمية النار" رواية- سيرة ذاتية (Roman- autobiographique) تروي القلق الوجودي لشخصية "رضا شاوش" ومساراتها ومحطات تحولها، إنها كذلك رواية تكون الشخصية، لكنها في الآن ذاته شهادة اعتراف على مرحلة تاريخية، وكشف أسرار تدبير شؤون حياة وطن ومواطنين من قِبَلِ جماعة متحكمة في الخفاء.

يساهم "القلق الوجودي" في بلورة مفهوم "الرواية- السيرة ذاتية" لأن الأسلوب السردي المناسب له يتمثل في "المحكي الملتاع" المتدفق القريب من المونولوج والبوح والشهادة والاعتراف على الورق للتخفيف من الألم الداخلي، ولمحاولة إشراك الآخرين من أجل تقاسم ذلك الألم، والخروج به من الدائرة المغلقة (الجماعة المتسلطة) إلى الدائرة المفتوحة (عامة الناس).

بني المحكي الملتاع على مسارات سردية مترابطة ومتنوعة، منها:

+ المسار السردي الأول: أحوال القلب (رضا شاوش- رانية مسعودي).

+ المسار السردي الثاني: أحوال البلاد (جماعة الأسياد- مجموع العبيد).

+ المسار السردي الثالث: أحوال الذاكرة (ماضي الشخصية الرئيسة- الحياة السرية للوالد).

+ المسار السردي الرابع: أحوال الأصحاب: (سعيد بن عزوز- عدنان).

+ المسار السردي الخامس: أحوال الذات (رضا شاوش).

تتنوع المسارات السردية وتتعدد المحكيات في "دمية النار"، لكن مصدرها يظل واحدا: ضمير المتكلم العائد على شخصية الرئيسة "رضا شاوش"، هو السارد الرئيسي والشخصية الرئيسة وناقل أقوال الشخصيات المشاركة في الأفعال. إن تنوع وتعدد المحكيات من خصائص الخطاب الروائي، بينما ضمير المتكلم المهيمن من مقومات المحكي السير ذاتي، مما يمكننا من الحديث عن الطابع النفسي للمحكي في رواية "دمية النار"، وإدراجها ضمن رواية "تيار الوعي" الذي من طبيعته الاسترسال، وتدفق السرد دون توقف كما في محكي رضا شاوش وقد استرسل دون تقطيع المسارات السردية في فصول مستقلة، بل اعتمد السارد على "تداخل" المسارات السردية وتشابكها.

°°°°°°°

في رواية "طاطران" للكاتب العراقي عبد الستار ناصر، وكذلك في روايات الكاتب المغربي محمد زفزاف، ورواية "برهان العسل" للكاتبة السورية سلوى النعيمي تم بلورة مفهوم "المتخيل المختلف" اعتمادا على أهم مكونات الخطاب الروائي، واعتمادا على الفضاء الروائي، واعتمادا أساسا على ذلك المتخيل الذي تحاشت الرواية العربية كتابته، وأقصته لأنه لا يمثل المفهوم السائد حول الرواية والأدب. أي أن الأدب مرتبط بالقيم العليا، وأن من وظائفه الاجتماعية تهذيب الذوق، وتقوية الحس الجماعي المشترك لكن المتصل بالفئة التي أنتجت الرواية، ومرتبط بالنوع الأدبي الذي تنتمي إليه: الملحمة.

تنتمي الرواية اليوم لمرحلتها الاجتماعية والتاريخية، وتنتمي للوعي السائد فيها، وهو وعي متنوع ولا يهمل الواقع المتردي والفئات المهمشة، ولا يضع أمامه موضوعات محرمة، بل نرى أن الرواية اليوم تركز على كشف المعتم من الواقع والمغيب في الخطاب الروائيِّ العربيِّ المؤسِّس. لقد قام عبد الستار ناصر بفضح جوانب من حياة المهاجر، وجوانب من حياة الأثرياء، كما قام محمد زفزاف بتشريح أنماط الحياة لدى الفئات المعوزة، واستغلال السلطة أو الشطط، أما سلوى النعيمي فقد كتبت في موضوعة الجنس من منظور المرأة الكاتبة، ذلك الموضوع الذي ظل إلى وقت قريب حكرا على الكتاب الرجال.

يقوم "المتخيل المختلف" في رواية بشير مفتي "دمية النار" على أساس آخر - كتبت فيه روايات عربية رصدت الصراع بين السلطة والأحزاب، أو صراع المواقع بين الأحزاب فيما بينها، وبين الفئة المتحكمة والفئات المتحكم فيها- ظل إلى وقت قريب من الموضوعات المحرمة التي ينبغي تَجَنُّبُ الكتابة فيها، ويتمثل في "السياسة" أو "تصريف السلطة"، دون إغفال للموضوعات الأخرى.

ويمكن تقسيم مستويات المتخيل المختلف في "دمية النار" إلى؛

+ الأسلوب ولغة الحكاية.

+ انزلاق الذات.

+ الفضاء الروائي.

من أبرز ملامح أسلوب ولغة الحكاية الأحوال والنعوت والتشابيه التي تحدد أبعاد الشخصية الروائية أو أبعاد المكان، وطبيعة الأفعال، كما في المجتزأ التمثيلي الآتي:" كان ظلام العالم يغطي عيني، يتداخل فجأة مع خلايا روحي، يزغرد كحيوان مفترس، يينع كالجرثومة، ينفجر كالبركان، يعوي كذئب منهار ومتوثب، يصرخ ويصرخ من دون توقف، يريد أن ينقض، وأن يخبش، وأن يهجم بكل قوة، وبكل شراسة، وبكل حب، وبكل رغبة سامة في الانتقام، بكل جنون، وبكل خيبة، وبكل ذلك الذي لا اسم له ولا لون، حالة جديدة طفت على السطح بعد أن تفجرت من الداخل، عيناي احمرتا، توقدتا، تفجرتا، تفتحتا، وصارتا تنطقان بشيء آخر، بدم أحم كأنه خارج لتوه من كابوس مجزرة لم يبق فيها أي أحد على قيد الحياة." ص (111.110)

وأهم مظهر للمتخيل المختلف في رواية "دمية النار" انزلاق الشخصية الرئيسة نحو الهاوية، وفقدان الذات عبر مراحل تم بناؤها بناء تصاعديا:

+ على المستوى الباطني:

° فقدان الروح (بيعها للشيطان/للسلطان).

° الشعور بالتفاهة والتقزم أمام الكبار.

° قتل الثقة في الآخرين.

° فقدان قيمة الذات أمام النفس.

+ على المستوى العام:

° معرفة حقيقة الأب (تعذيب الآخرين، والتظاهر بالجنون، وأسباب القتل/الانتحار).

° تحول رانية مسعودي إلى عاهرة (الزواج من علام محمد، الطلاق، العمل في الكباريه، التجنيد في المنظمة، الزواج من سعيد بن عزوز).

° دخول وخروج كريم من السجن (ظهور الشيخ أسامة على سطح الحكاية).

° اللقاء بسعيد بن عزوز والدخول في حلقة الظلم والظلام.

° الارتقاء في المنظمة إلى أعلى المراتب.

+ على المستوى الشخصي:

° اغتصاب رانية مسعودي في الكوخ القصديري (بداية الصعود نحو الهاوية).

° إخبار مدير الشركة طارق كادري بطلب المنظمة (الخطوة الأولى في الجحيم).

° قتل الرجل السمين (الرجل الذي قربه منه وعلمه ورقاه).

هذا المسار السردي من أهم المسارات التي تقوم عليها الرواية، لأنه يحدد أسلوب الرواية- السيرة الذاتية، ويحدد خاصية "المتخيل المختلف" في جانب من جوانبه المهمة كما نروم توضيحه في الرواية العربية المعاصرة.



يتشكل الفضاء الروائي في "دمية النار" من أماكن عدة، لكن من بينها ما يدعم مفهوم "المتخيل المختلف" كالحديث عن السجن عبر شخصية كريم أخ رانية مسعودي وشخصية الشيخ أسامة الداعية، والحديث عن الحي القصديري الذي سكنته رانية مسعودي مع زوجها علام محمد الذي فضلته على رضا شاوش. ومن اللافت للنظر الأوصاف المنحطة التي يتضمنها المجتزأ الآتي:" ... لقد اختارت الرجل الذي يناسبها فلماذا أريد أن أحرمها من هذه النعمة البسيطة؟ قبلت أن تسكن معه في تلك الأماكن البشعة، حيث الحياة بالكاد تشبه الحياة، الدنيا هناك قذرة، والناس تعساء بالفطرة، يرقدون وينامون مع الحشرات، والفئران، والوسخ المتراكم، ولا يحلمون بأي شي.." ص (104) ويضيف:" ... ورحتُ أراقب المكان بغير حب فظهر لي الحي أشبه ما يكون بالحزام الطويل الذي تتشابك فيه الأكواخ المصنوعة من الطين والحديد المهمل، والمغطى بأغصان النخيل، وعجلات السيارات المحروقة، سواقي لمجاري القاذورات، أطفال يلعبون، مراهقون يشربون ويزطلون، حياة مهمشة بالكامل، فقر ومذلة، تشعر كأنهم بعوض متعفن وسام، لا أحد يقترب منهم [...] كان الجو ملفوفا بغمامة رمادية ورائحة المطاط المحروق والبول، والروث، حيوانات تعلف من بقايا حشيش غير صالح لإنعاش الطبيعة، وجوه مقفرة فارقتها الحياة بالتقريب، تساءلت ماذا تفعل رانية هنا؟ لماذا تقبل بهذا الضنك؟ بهذا العيش السقيم في أقصى درجات الانحطاط والخوف، مددت بصري فإذا بالحي الفوضوي القذر يمتد إلى ما لا نهاية مشكلا مدينة صغيرة مترعة باليأس، والإهمال، والتعفن.." ص (105)

السجن والحي القصديري والأحياء الخلفية (سواء تعلق الأمر بالأحياء الهامشية من قصدير وصفيح، كما وظفها المرحوم محمد زفزاف أو الدارات في الأحياء الراقية المحروسة والمتسترة وراء البهرجة كما وظفها عبد الستار ناصر) من الملامح الأساسية لتشكيل الفضاء الروائي، لأنها الإطار العام الذي تتحرك داخله الأفعال القذرة والشاذة، والأفعال التي لا تؤمن إلا بمنطق العنف، والفوضى، ولأنها الإطار الذي تتشكل فيه أبعاد الشخصية الروائية المضادة للشخصية الروائية التي عرفتها الرواية العالمية الرومانسية المثيرة للشفقة والمشاعر الإنسانية، إنها شخصيات عنيفة وحاملة لقيم مضادة كانت الرواية تتستر على وجودها وتعتبرها غير قابلة للانتقال إلى الخطاب الروائي والأدبي.

°°°°°°°

يرتبط الحديث عن الحي القصديري في "دمية النار" بسؤال جوهر أرق فكر رضا شاوش، وهو: كيف فضلت رانية مسعودي علام محمد عنه، هو الذي أحبها وتوله بها منذ الطفولة؟ ولماذا اختارت رانية مسعودي السكن في ذلك الهامش القذر والمنحط وسيئ السمعة؟.

فهل السؤال الذي أَرَّقَ شخصية رضا شاوش هو سؤال الحب أم أنه سؤال المرأة؟ هما معا، لكن سؤال الحب كان أكثر حضورا؛ كيف ينشأ؟ لماذا لم تبادل رانية مسعودي رضا شاوش المشاعر ذاتها رغم علمها؟ ماذا وجدت في علام محمد ولم تجده في رضا شاوش؟ الجواب عن هذه الأسئلة المحيرة والواسعة كان واضحا وصريحا في قول رانية:" - أعرف أنك تحبني، أو أنك أحببتني ذات يوم وبقيت تتمنى أن أكون معك.

وبصوت أقل رهافة، وأكثر شجاعة أضافت:

- لكنني لم أستطع نسيان ما فعلته عندما وشيت بي لأخي ذات يوم، وضربني أمامك، يومها لم أغفر لك ما فعلت، وشعرت أنك إنسان مخيف، صحيح أنك كنت طفلا حينها، ولكن تلك الوشاية هي التي تسببت في توتر علاقتي مع أخي، وكل ما لحقني من مشاكل بعدها.." ص (109)

لقد أدركت رانية مسعودي بفطرتها خطورة رضا شاوش، وتعرفت بفراستها على العنف الثاوي في داخله، واستطاعت من مجرد رد فعل طفلي طبيعة الشخصية ومآلها. وبالرغم من محاولة الهروب من مصيرها بالزواج من علام محمد إلا أن طبيعة "المتخيل المختلف" القدرية ظلت تلاحق رانية مسعودي، فأنجبت مولودا من لحظة اغتصاب رضا شاوش لها، وتجنيدها في العصابة المتحكمة في زمام الأمور.

رانية مسعودي شخصية روائية متخيلة من بين شخصيات روائية أخرى شكل عالم رضا شاوش، وكل شخصية لها خصوصية مميزة لكنها تشترك في بناء المتخيل المختلف. وأهم الشخصيات الروائية هي:

أب رضا شاوش: سجانٌ آمَنَ بالنظامِ/بالمنظَّمَةِ، فتظاهر بالجنون وشاع أنه انتحر، ثم سيكتشف رضا شاوش أن المنظمة قامت بتصفيته.

أم رضا شاوش: امرأة عادية ستندب حظها الذي رملها مبكرا.

الأخ الأكبر لرضا شاوش: أحمد، سجان سيخلف والده في العمل لكن ليس في المهام التي كانت تكلفه بها العصابة/ المنظمة.

رانية مسعودي: الحب الأول لرضا شاوش منذ الطفولة، لكنها نقطة ضعفه وجرحه النرجسي الذي لن يندمل. تبدأ فتاة عادية لتنتهي راقصة كباريه ومجندة في العصابة/ المنظمة.

كريم: أخ رانية مسعودي أهوج منفعل عنيف ستتغير شخصيته عند دخوله السجن حيث سيلتقي بشخصية الشيخ أسامة ويصير تابعا له، وسيقضي بالجبل.

علام محمد: زوج رانية مسعودي وطليقها، تبرز وظيفته عند الإفصاح عن السؤال الحب، أو في الإخبار عن نفسية رضا شاوش كما تبدت لرانية مسعودي مبكرا.

سعيد بن عزوز: زميل رضا شاوش في الدراسة، ويمثل الشخصية الوصولية التي تدوس كل القيم من أجل إرضاء من هم أعلى منه رتبة وسلطة في العصابة/ المنظمة. لا تربطه برضا شاوش الزمالة فحسب بل هناك سر دفين ينمي الحقد بينهما، فوالد رضا شاوش عذب وأهان والد سعيد بن عزوز المعارض مما اضطره إلى الانتحار داخل زنزانته.

رفيق: شخصية عابرة التقى بها رضا شاوش بمدينة عنابة، جمع بينهما هم الوطن والسياسة لكنهما معا تخليا عن الاستمرار بعدما اكتشفا خيانة قادة الجماعة.

عدنان: الشخصية الأكثر اتزانا، والأكثر أهمية بالنسبة لرضا شاوش، وهي واضحة المسار والأفكار.

عدنان 2: ابن رضا شاوش من رانية مسعودي، سينتمي غلى جماعة متطرفة ويلقى حتفه في الجبل تحت أنظار والده.

الشيخ أسامة: سجين داعية، سيجمع حوله عددا من الشباب داخل السجن، لكن رضا شاوش سيكشف عن خيانته لرفاقه واتباعه.

الرجل السمين: شخصية قريبة من رضا شاوش، وهي التي دربته وارتقت به في عالم الجريمة والسلطة، لكن الرجل السمين هو أيضا من قتل والد رضا شاوش، ليصبح أول قتيل في مسار تكون شخصية رضا شاوش وانزلاقها نحو الهاوية. يقول:" وكان الرجل السمين أكثرهم قربا مني، وكان يظهر نحوي ودا عجيبا كنت أشك فيه غالب الأحيان، فهو من علمني الحيطة من كل ما هو طيب، وودد، وأفهمني أن الأمر معي مختلف قليلا وشرح لي ذلك بقوله: - لم يرزقني الله أولادا وأعتبرك ابني الوحيد" ص (120)

رضا شاوش: الشخصية الرئيسة في رواية "دمية النار"، بل هو دمية النار نفسها يقول:" لا أدري، ولكن في تلك الدوامة كان كل شيء قد فقد وجهه، مثلما فقدت أنا روحي، صار العماء كليا، والهياج اللامرئي للحيوان المفترس كليا هو الآخر، صرت أنا، ولست أنا، صار الخيط الرابط بين الأول والثاني معدوما، ولم يعد وجهي يحيل على وجهي، وذاكرتي تقيأت ماضيها البريء لتقذفه في حمأة نار مستعرة فإذا بي أولد شخصا آخر، مليئا باشياء أخرى، ودماء جديدة.. دماء آخرين أمتص منهم روحهم، روحهم البريئة لأعيش، صرت الشر، ودمية الشر، صرت الشيطان، ودمية الشيطان، صرت تلك النار اللاهية والمستعرة، النار الحارقة والمسعورة، صرت مثل دمية النار، تحرق من يمسكها، صرت اللاشيء الفارغ من أي معنى، والذي لن يعيش إلا عندما يقدر على مص دماء الأبرياء الذين يواجههم.." ص (120.119)

تبدو الشخصيات الروائية رهينة قدرها الحتمي الذي يشكل "المتخيل المختلف" في الحياة الهامشية وفي الحياة المتوارية خلف الأقنعة، الشطط والعنف وامتهان كرامة الآخرين، لكن الوقائع الثلاث تفصح عن نهاية قصدية مختلفة:

+ ادعاء والد رضا شاوش الجنون قبل قتله.

+ صحوة الرجل السمين قبل قتله.

+ مخطوطة رضا شاوش موضوع الرواية.

هل من الممكن القول بأن طريق الشر تقود إلى القتل، وأن طريق الشر لا عودة منه، وأن الشر ليس طبيعة بشرية، أو هو رغبة يغذيها الحقد والخيبة والتعطش إلى السلطة ؟؟؟

إن الطريق الذي رسمته شخصية رضا شاوش في "دمية النار" يكشف عن صراع وجودي بين إغراء السلطة وبساطة العيش، بين فئة الأسياد وفئة العبيد، وتكشف عن وجود أكثر من جهة في تقرير المصائر. لكن الأهم أن الرواية-السيرة الذاتية خاضت في تجربة حياة عبثية انتقلت من الظل إلى العزلة، من الإنسان إلى اللاشيء، يقول رضا شاوش:" يوما بعد آخر صارت حياتي شبحية، وصرت أحيانا أشعر أنني غير موجود، وأغرق في ذاكرة منتهية، وأنتفي في جغرافيا غير مرئية، وأنهض ولا أنهض، وأحلم بقطرات قليلة من الدموع، حتى يوم توقيت والدتي لم أبك..." ص (150.149)

إن الإنسان في صراعه من أجل تحقيق الذات قد يصيب عندما يختار بحرية وإرادة الحياة التي تكون فيها شخصيته متوازنة متناغمة مع الموجودات الأخرى، فيها الكثير من البذل، والكثير من الأخذ، لكن الصراع سيظل أيضا محاصرا بالرغبة في التملك والسيطرة والاستغلال والاستبداد. ولن يهدأ هذا الصراع إلا بانتشار الوعي والعيش الكريم والاحترام المتبادل للحقوق، والقدرة على القيام بالواجبات.