زهيرة
2008-12-26, 12:12
من روائع قصائد الزهد والوعظ ...
خانك الطرف الطموح
قال أبو العتاهية : كان الرشيد يعجبه غناء الملاحين في الزلالات إذا ركبها، وكان يتأذى بفساد كلامهم، وكثرة لحنهم، واستحالة معاني ألفاظهم، فقال يوماً لعيسى بن جعفر وجماعة من ندمائه: قولوا لمن معنا يعمل شعراً لهؤلاء الملاحين حتى يحفظوه، ويترنموا به ويريحوني من هذا الذي أسمعه منهم، فقيل له: ليس أحد أحذق بهذا ولا أقدر عليه، وعلى ما أشبهه من أبي العتاهية، وكان الرشيد قد حبسني وقال: لا أطلقك أو تقول شعراً في الغزل، وتعاود ما كنت عليه، فبعث إلي وأنا في الحبس يأمرني أن أقول شعراً للملاحين، ولم يأمر بإطلاقي فغاظني ذلك، وقلت: والله لأقولن شعراً يحزن به ولا يسره، فعملت شعراً ودفعته إلى من حفظه الملاحين، فما ركب الحراقة اندفع الملاحون يغنون:
خانَك الطَّـرْفُ الطَّمُـوحُ ...أيُّهـا القَلـبُ الجَـمُـوحُ
لِدَوَاعِي الخَيْـرِ والشّـرِّ ...دُنُـــوٌّ ونُــــزُوحُ
هـلْ لمطلـوبٍ بِـذَنْـبٍ ...توبـةٌ مـنـه نـصُـوحُ
كيـف إصـلاحُ قُـلُـوبٍ ...إنّـمـا هُــنَّ قُــروحُ
أَحْـسَـنَ اللهُ بـنـا أَنَّ ...الخَطَـايَـا لا تَـفُــوحُ
فـإذَا المسـتـورُ مِـنَّـا ...بيـنَ ثَوْبَيْـهِ فُـضُـوحُ
كَـمْ رأينـا مِـنْ عَزِيـزٍ ...طُوِيـتْ عنـه الكشُـوحُ
صـاحَ مـنـه بِرَحِـيـلٍ ...صائحُ الدَّهْـرِ الصَّـدُوحُ
موتُ بعضِ الناسِ في الأرْ ...ضِ علـى قـومٍ فُتُـوحُ
سيصيـر المـرءُ يومـاً ...جَسَـداً مـا فـيـه رُوحُ
بيـن عَيْنَـيْ كُـلَّ حَـيِّ ...عَلَـمُ الـمـوتِ يـلـوحُ
كُلُّنا في غَفْلـةٍ والْمَـوْتُ ...يـغــدو ويــــروح
لِبَنِي الدُّنيـا مِـنَ الدُّنْيَـا ...غَـبُـوقٌ وصَـبُــوحُ
رُحْنَ في الوَشْي وأصْبَـحْ ...نَ عليِـهـنَّ المُـسُـوحُ
كـلَّ نَطَّـاحٍ مِـنَ الـدَّهْ ...ـرِ لـه يـومٌ نَـطُـوح
نُحْ على نٌفْسِك يا مِـسْـ ...كيـنُ إنْ كنـتَ تـنـوح
لتَمْـوتَـنَّ وإنْ عُــمِّـ ...رْتَ ... ما عُمِّـر نُـوح
قال فلما سمع ذلك الرشيد جعل يبكي وينتحب , كلما زادوا بيتاً زاد في بكائه ونحيبه ، وكان الرشيد من أغزر الناس دموعا في وقت الموعظة وأشدهم عسفا في وقت الغضب والغلظة .
فلما رأى الفضل بن الربيع كثرة بكائه أومأ إلى الملاحين أن يسكتوا (1) .
استمع للقصيدة أو حملها من هذا الرابط :
http://www.epda3.net/iv/clip-2204.html (http://www.epda3.net/iv/clip-2204.html)
منقول
خانك الطرف الطموح
قال أبو العتاهية : كان الرشيد يعجبه غناء الملاحين في الزلالات إذا ركبها، وكان يتأذى بفساد كلامهم، وكثرة لحنهم، واستحالة معاني ألفاظهم، فقال يوماً لعيسى بن جعفر وجماعة من ندمائه: قولوا لمن معنا يعمل شعراً لهؤلاء الملاحين حتى يحفظوه، ويترنموا به ويريحوني من هذا الذي أسمعه منهم، فقيل له: ليس أحد أحذق بهذا ولا أقدر عليه، وعلى ما أشبهه من أبي العتاهية، وكان الرشيد قد حبسني وقال: لا أطلقك أو تقول شعراً في الغزل، وتعاود ما كنت عليه، فبعث إلي وأنا في الحبس يأمرني أن أقول شعراً للملاحين، ولم يأمر بإطلاقي فغاظني ذلك، وقلت: والله لأقولن شعراً يحزن به ولا يسره، فعملت شعراً ودفعته إلى من حفظه الملاحين، فما ركب الحراقة اندفع الملاحون يغنون:
خانَك الطَّـرْفُ الطَّمُـوحُ ...أيُّهـا القَلـبُ الجَـمُـوحُ
لِدَوَاعِي الخَيْـرِ والشّـرِّ ...دُنُـــوٌّ ونُــــزُوحُ
هـلْ لمطلـوبٍ بِـذَنْـبٍ ...توبـةٌ مـنـه نـصُـوحُ
كيـف إصـلاحُ قُـلُـوبٍ ...إنّـمـا هُــنَّ قُــروحُ
أَحْـسَـنَ اللهُ بـنـا أَنَّ ...الخَطَـايَـا لا تَـفُــوحُ
فـإذَا المسـتـورُ مِـنَّـا ...بيـنَ ثَوْبَيْـهِ فُـضُـوحُ
كَـمْ رأينـا مِـنْ عَزِيـزٍ ...طُوِيـتْ عنـه الكشُـوحُ
صـاحَ مـنـه بِرَحِـيـلٍ ...صائحُ الدَّهْـرِ الصَّـدُوحُ
موتُ بعضِ الناسِ في الأرْ ...ضِ علـى قـومٍ فُتُـوحُ
سيصيـر المـرءُ يومـاً ...جَسَـداً مـا فـيـه رُوحُ
بيـن عَيْنَـيْ كُـلَّ حَـيِّ ...عَلَـمُ الـمـوتِ يـلـوحُ
كُلُّنا في غَفْلـةٍ والْمَـوْتُ ...يـغــدو ويــــروح
لِبَنِي الدُّنيـا مِـنَ الدُّنْيَـا ...غَـبُـوقٌ وصَـبُــوحُ
رُحْنَ في الوَشْي وأصْبَـحْ ...نَ عليِـهـنَّ المُـسُـوحُ
كـلَّ نَطَّـاحٍ مِـنَ الـدَّهْ ...ـرِ لـه يـومٌ نَـطُـوح
نُحْ على نٌفْسِك يا مِـسْـ ...كيـنُ إنْ كنـتَ تـنـوح
لتَمْـوتَـنَّ وإنْ عُــمِّـ ...رْتَ ... ما عُمِّـر نُـوح
قال فلما سمع ذلك الرشيد جعل يبكي وينتحب , كلما زادوا بيتاً زاد في بكائه ونحيبه ، وكان الرشيد من أغزر الناس دموعا في وقت الموعظة وأشدهم عسفا في وقت الغضب والغلظة .
فلما رأى الفضل بن الربيع كثرة بكائه أومأ إلى الملاحين أن يسكتوا (1) .
استمع للقصيدة أو حملها من هذا الرابط :
http://www.epda3.net/iv/clip-2204.html (http://www.epda3.net/iv/clip-2204.html)
منقول