فـاطمة الزهراء
2012-02-26, 01:04
يقول الله تعالى:
{وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم فحسبه جهنم ولبئس المهاد}
(البقرة: 206)
تفسير الجلالين : 206 - (وإذا قيل له اتق الله) في فعلك (أخذته العزة) حملته الأنفة والحمية على العمل (بالإثم) الذي أمر باتقائه (فحسبه) كافيه (جهنم ولبئس المهاد) الفراش هي.
********
تفسير ابن كثير :وقوله " وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم " أي إذا وعظ هذا الفاجر في مقاله وفعاله وقيل له اتق الله وانزع عن قولك وفعلك وارجع إلى الحق امتنع وأبى وأخذته الحمية والغضب بالإثم أي بسبب ما اشتمل عليه من الآثام وهذه الآية شبيهة بقوله تعالى " وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات تعرف في وجوه الذين كفروا المنكر يكادون يسطون بالذين يتلون عليهم آياتنا قل أفأنبئكم بشر من ذلكم النار وعدها الله الذين كفروا وبئس المصير" ولهذا قال في هذه الآية " فحسبه جهنم ولبئس المهاد " أي هي كافيته عقوبة في ذلك .
*********
تفسير القرطبي :هذه صفة الكافر والمنافق الذاهب بنفسه زهوا , ويكره للمؤمن أن يوقعه الحرج في بعض هذا . وقال عبد الله : كفى بالمرء إثما أن يقول له أخوه : اتق الله , فيقول : عليك بنفسك , مثلك يوصيني ! والعزة : القوة والغلبة , من عزه يعزه إذا غلبه . ومنه : " وعزني في الخطاب " [ ص : 23 ] وقيل : العزة هنا الحمية , ومنه قول الشاعر : أخذته عزة من جهله فتولى مغضبا فعل الضجر وقيل : العزة هنا المنعة وشدة النفس , أي اعتز في نفسه وانتحى فأوقعته تلك العزة في الإثم حين أخذته وألزمته إياه . وقال قتادة : المعنى إذا قيل له مهلا ازداد إقداما على المعصية , والمعنى حملته العزة على الإثم . وقيل : أخذته العزة بما يؤثمه , أي ارتكب الكفر للعزة وحمية الجاهلية . ونظيره : " بل الذين كفروا في عزة وشقاق " [ ص : 2 ] وقيل : الباء في " بالإثم " بمعنى اللام , أي أخذته العزة والحمية عن قبول الوعظ للإثم الذي في قلبه , وهو النفاق , ومنه قول عنترة يصف عرق الناقة : وكأن ربا أو كحيلا معقدا حش الوقود به جوانب قمقم أي حش الوقود له وقيل : الباء بمعنى مع , أي أخذته العزة مع الإثم , فمعنى الباء يختلف بحسب التأويلات . وذكر أن يهوديا كانت له حاجة عند هارون الرشيد , فاختلف إلى بابه سنة , فلم يقض حاجته , فوقف يوما على الباب , فلما خرج هارون سعى حتى وقف بين يديه وقال : اتق الله يا أمير المؤمنين ! فنزل هارون عن دابته وخر ساجدا , فلما رفع رأسه أمر بحاجته فقضيت , فلما رجع قيل له : يا أمير المؤمنين , نزلت عن دابتك لقول يهودي ! قال : لا , ولكن تذكرت قول الله تعالى : " وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم فحسبه جهنم ولبئس المهاد " . حسبه أي كافيه معاقبة وجزاء , كما تقول للرجل : كفاك ما حل بك ! وأنت تستعظم وتعظم عليه ما حل . والمهاد جمع المهد , وهو الموضع المهيأ للنوم , ومنه مهد الصبي . وسمى جهنم مهادا لأنها مستقر الكفار . وقيل : لأنها بدل لهم من المهاد , كقوله : " فبشرهم بعذاب أليم " [ آل عمران : 21 ] ونظيره من الكلام قولهم : تحية بينهم ضرب وجيع.
***********
- قال الشيخ العلامة الفقيه محمد بن صالح العثيمين رحمه الله في فوائد الآية:
{وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ} [البقرة : 206]
" من فوائد الآية:
1- أن هذا الرجل الموصوف بهذه الصفات يأنف أن يؤمر بتقوى الله؛ لقوله تعالى: { أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإِثْمِ } فهو يأنف، كأنه يقول في نفسه: أنا أرفع من أن تأمرني بتقوى الله عزّ وجلّ؛ وكأن هذا الجاهل تعامى عن قول الله تعالى لأتقى البشر: { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ } [الأحزاب: 1] ؛ وقال تعالى في قصة زينب: { وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ } [الأحزاب: 37] .
2- ومنها: البلاغة التامة في حذف الفاعل في قوله تعالى: { وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللّهَ }؛ ليشمل كل من يقول له ذلك؛ فيكون رده لكراهة الحق.
3- ومنها: التحذير من رد الناصحين؛ لأن الله تعالى جعل هذا من أوصاف هؤلاء المنافقين؛ فمن رد آمراً بتقوى الله ففيه شبه من المنافقين؛ والواجب على المرء إذا قيل له: « اتق الله » أن يقول: «سمعنا، وأطعنا» تعظيماً لتقوى الله.
4- ومنها: أن الأنفة قد تحمل صاحبها على الإثم؛ لقوله تعالى: { أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإِثْمِ }.
5- ومنها: أن هذا العمل موجب لدخول النار؛ لقوله تعالى: { فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ }.
6- ومنها: القدح في النار، والذم لها؛ لقوله تعالى: { وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ }؛ ولا شك أن جهنم بئس المهاد.
أسأل الله رب العرش العظيم لي ولكم إن لا نكون مما قيل فيهم وعنهم أخذتهم العزة بالإثم ..اللهم آمــــين
:)
{وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم فحسبه جهنم ولبئس المهاد}
(البقرة: 206)
تفسير الجلالين : 206 - (وإذا قيل له اتق الله) في فعلك (أخذته العزة) حملته الأنفة والحمية على العمل (بالإثم) الذي أمر باتقائه (فحسبه) كافيه (جهنم ولبئس المهاد) الفراش هي.
********
تفسير ابن كثير :وقوله " وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم " أي إذا وعظ هذا الفاجر في مقاله وفعاله وقيل له اتق الله وانزع عن قولك وفعلك وارجع إلى الحق امتنع وأبى وأخذته الحمية والغضب بالإثم أي بسبب ما اشتمل عليه من الآثام وهذه الآية شبيهة بقوله تعالى " وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات تعرف في وجوه الذين كفروا المنكر يكادون يسطون بالذين يتلون عليهم آياتنا قل أفأنبئكم بشر من ذلكم النار وعدها الله الذين كفروا وبئس المصير" ولهذا قال في هذه الآية " فحسبه جهنم ولبئس المهاد " أي هي كافيته عقوبة في ذلك .
*********
تفسير القرطبي :هذه صفة الكافر والمنافق الذاهب بنفسه زهوا , ويكره للمؤمن أن يوقعه الحرج في بعض هذا . وقال عبد الله : كفى بالمرء إثما أن يقول له أخوه : اتق الله , فيقول : عليك بنفسك , مثلك يوصيني ! والعزة : القوة والغلبة , من عزه يعزه إذا غلبه . ومنه : " وعزني في الخطاب " [ ص : 23 ] وقيل : العزة هنا الحمية , ومنه قول الشاعر : أخذته عزة من جهله فتولى مغضبا فعل الضجر وقيل : العزة هنا المنعة وشدة النفس , أي اعتز في نفسه وانتحى فأوقعته تلك العزة في الإثم حين أخذته وألزمته إياه . وقال قتادة : المعنى إذا قيل له مهلا ازداد إقداما على المعصية , والمعنى حملته العزة على الإثم . وقيل : أخذته العزة بما يؤثمه , أي ارتكب الكفر للعزة وحمية الجاهلية . ونظيره : " بل الذين كفروا في عزة وشقاق " [ ص : 2 ] وقيل : الباء في " بالإثم " بمعنى اللام , أي أخذته العزة والحمية عن قبول الوعظ للإثم الذي في قلبه , وهو النفاق , ومنه قول عنترة يصف عرق الناقة : وكأن ربا أو كحيلا معقدا حش الوقود به جوانب قمقم أي حش الوقود له وقيل : الباء بمعنى مع , أي أخذته العزة مع الإثم , فمعنى الباء يختلف بحسب التأويلات . وذكر أن يهوديا كانت له حاجة عند هارون الرشيد , فاختلف إلى بابه سنة , فلم يقض حاجته , فوقف يوما على الباب , فلما خرج هارون سعى حتى وقف بين يديه وقال : اتق الله يا أمير المؤمنين ! فنزل هارون عن دابته وخر ساجدا , فلما رفع رأسه أمر بحاجته فقضيت , فلما رجع قيل له : يا أمير المؤمنين , نزلت عن دابتك لقول يهودي ! قال : لا , ولكن تذكرت قول الله تعالى : " وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم فحسبه جهنم ولبئس المهاد " . حسبه أي كافيه معاقبة وجزاء , كما تقول للرجل : كفاك ما حل بك ! وأنت تستعظم وتعظم عليه ما حل . والمهاد جمع المهد , وهو الموضع المهيأ للنوم , ومنه مهد الصبي . وسمى جهنم مهادا لأنها مستقر الكفار . وقيل : لأنها بدل لهم من المهاد , كقوله : " فبشرهم بعذاب أليم " [ آل عمران : 21 ] ونظيره من الكلام قولهم : تحية بينهم ضرب وجيع.
***********
- قال الشيخ العلامة الفقيه محمد بن صالح العثيمين رحمه الله في فوائد الآية:
{وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ} [البقرة : 206]
" من فوائد الآية:
1- أن هذا الرجل الموصوف بهذه الصفات يأنف أن يؤمر بتقوى الله؛ لقوله تعالى: { أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإِثْمِ } فهو يأنف، كأنه يقول في نفسه: أنا أرفع من أن تأمرني بتقوى الله عزّ وجلّ؛ وكأن هذا الجاهل تعامى عن قول الله تعالى لأتقى البشر: { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ } [الأحزاب: 1] ؛ وقال تعالى في قصة زينب: { وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ } [الأحزاب: 37] .
2- ومنها: البلاغة التامة في حذف الفاعل في قوله تعالى: { وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللّهَ }؛ ليشمل كل من يقول له ذلك؛ فيكون رده لكراهة الحق.
3- ومنها: التحذير من رد الناصحين؛ لأن الله تعالى جعل هذا من أوصاف هؤلاء المنافقين؛ فمن رد آمراً بتقوى الله ففيه شبه من المنافقين؛ والواجب على المرء إذا قيل له: « اتق الله » أن يقول: «سمعنا، وأطعنا» تعظيماً لتقوى الله.
4- ومنها: أن الأنفة قد تحمل صاحبها على الإثم؛ لقوله تعالى: { أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإِثْمِ }.
5- ومنها: أن هذا العمل موجب لدخول النار؛ لقوله تعالى: { فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ }.
6- ومنها: القدح في النار، والذم لها؛ لقوله تعالى: { وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ }؛ ولا شك أن جهنم بئس المهاد.
أسأل الله رب العرش العظيم لي ولكم إن لا نكون مما قيل فيهم وعنهم أخذتهم العزة بالإثم ..اللهم آمــــين
:)