تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة


سلسبيل
2007-07-19, 09:46
سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ
المفتي العام ورئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء
الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى هي وظيفة الرسل عليهم السلام، فالله سبحانه ما أرسل الرسل إلا ليدعوا أقوامهم إلى توحيد الله سبحانه وإقامة شرعه، وكان آخرهم وخاتمهم وأفضلهم محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم، وقد أمره الله أن يظهر هذا للناس ويبين لهم منهاجه الذي يسير عليه ويتوجب على المتبعين له أن يسيروا عليه، فقال سبحانه {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}، فسبيل الرسول صلى الله عليه وسلم وطريقه ومنهاجه هي التي أُمر بالإخبار بها وهي الدعوة إلى الله على بصيرة وهي العلم النافع الذي ينير طريق سالكه ولا يكون ذلك إلا بالعلم الشرعي المبني على الأدلة الشرعية والعقلية والحسية ودليل الفطرة أيضاً.
وفي الآية الأخرى يبين الله سبحانه لرسوله صلى الله عليه وسلم - وخطاب الرسول صلى الله عليه وسلم خطاب للأمة فيما لم تثبت خصوصيته به - يبين له كيفية سلوك هذا الطريق والوسائل والأساليب التي ينبغي للداعية أن يسلكها فيقول سبحانه {ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ}.
فالدعوة إلى الله إذاً تكون بالحكمة وتكون بالموعظة الحسنة وتكون بالجدال بالتي هي أحسن، يقول ابن القيم - رحمه الله - (ذكر سبحانه مراتب الدعوة وجعلها ثلاثة أقسام بحسب حال المدعو: فإنه إما أن يكون طالباً للحق محباً له، مؤثراً له على غيره إذا عرفه فهذا يدعى بالحكمة. ولا يحتاج إلى موعظة وجدال. وإما أن يكون مشتغلاً بضد الحق، لكن لو عرفه آثره واتبعه. فهذا يحتاج إلى الموعظة بالترغيب والترهيب. وإما أن يكون معانداً معارضاً، فهذا يجادل بالتي هي أحسن. فإن رجع وإلا انتقل معه إلى الجدال إن أمكن) أ.هـ.
وأكثر من يتوجه لهم الجدال هم أهل العلم ممن يدرك معاني الأدلة وطرق الاستدلال؛ فهؤلاء يجادلون بالتي هي أحسن. يقول الله تعالى {وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ} والمعنى أن من لديه أثارة من العلم يجادل بالتي هي أحسن ويبين له طريق الصواب لعل الله أن يفتح على قلوبهم، فإن حادوا عن وجه الحق وعموا عن واضح المحجة وعاندوا وكابروا فحينئذ ينتقل من الجدال إلى الجلاد، وهذا الانتقال إلى الجلاد وهو الجهاد في سبيل الله يكون حسب إمكان المسلمين، كما تقدم في كلام ابن القيم رحمه الله.
وفي ختام الآية المتقدمة وهي قوله تعالى {ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} في ختمها بهذا نكتة عظيمة، وهي أن الله سبحانه يبين لرسوله ولأتباعه من بعده الطريقة الشرعية للدعوة، وأن الواجب عليهم سلوكها ودعوة الناس من خلالها، وكون الناس يقبلون أو يرفضون ويعاندون هذا لا يؤثر في الدعوة وليس دليلاً على ضعفها أو قصور الطريقة الشرعية كلا، إنما ذلك قدر سبق في علم الله وقوعه وقد كتب سبحانه الشقاء على من أراد والسعادة والهداية على من أراد، وإنما علينا دعوة العباد بالطريقة التي أوضحها ربنا سبحانه وهو الحكيم العليم، فإن اهتدوا فهذا هو المطلوب وإن ضلوا مع بذل الوسع في سبيل دعوتهم بالطرق الشرعية فذلك أمر الله وهو نافذ لا راد لقضائه ولا معقب لحكمه، والله تعالى يقول لأشرف الخلق وأفضلهم محمد صلى الله عليه وسلم {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاء وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} ويقول سبحانه {لَّيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللّهَ يَهْدِي مَن يَشَاء}.
ويقول سبحانه {.. فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَاء وَيَهْدِي مَن يَشَاء فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ}.
فعلى الدعاة إلى الله أن يدركوا هذا المعنى لأن بإدراكه انتظام عملهم وحسن اتباعهم واقتداءهم، وأبعد لهم عن الابتداع في الدعوة إلى الله وسلوك الطرق التي يظن الظان أنها هي السبب في هداية العباد، وإنما هي تزيد في بعدهم عن ربهم وسنة نبيهم صلى الله عليه وسلم، وها نحن نرى ذلك واضحاً عند أرباب الطرق وكيف أن الشيطان استزلهم فأغواهم بل بلغ ببعضهم الغلو مبلغاً خطيراً أوقعهم في أنواع من البدع والشركيات التي هي أبعد ما تكون عن دعوة الرسل، بل انما أرسل الرسل لإخراج الناس من تلك الظلمات، نسأل الله التوفيق والسداد للجميع.

ferhat39
2007-07-19, 11:28
وكون الناس يقبلون أو يرفضون ويعاندون هذا لا يؤثر في الدعوة وليس دليلاً على ضعفها أو قصور الطريقة الشرعية كلا، إنما ذلك قدر سبق في علم الله وقوعه وقد كتب سبحانه الشقاء على من أراد والسعادة والهداية على من أراد، وإنما علينا دعوة العباد بالطريقة التي أوضحها ربنا سبحانه وهو الحكيم العليم....


وفي هذا الكلام فائدة أخرى وهو أن الحق لايعرف بكثرة الأتباع

والواقع يشهد بذلك فإن الكثير من الناس يظن أن الحق مع من كثر أتباعه

سواء كان المتبوع شخصا او حركة أو حزب ..

فيتهم من قل أتباعه بأن دعوتهم ضعيفة او انهم مقصرون ؟؟

وليس كذلك كما قال سماحة المفتي

فعدم قبول الناس ليس قصورا في الدعوة أو دليلا على ضعفها


فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصف حال الأنبياء :

{{عرضت علي الأمم فجعل يمر النبي معه الرجل والنبي

معه الرجلان والنبي معه الرهط والنبي ليس معه أحد...}} البخاري ومسلم

هذا حال بعض الأنبياء !!! معه رجل ؟؟ ليس معه احد ؟

فهل يقول قائل : أنهم قصروا أو أن دعوتهم ضعيفة ؟؟!!!!!
والله أعلم.

وبارك الله في الأخت على هذا النقل الطيب