abdelaziz_dz
2008-12-23, 18:50
http://blog.kokoom.com/uploads/t/toxicolover/8052.gif
http://img86.imageshack.us/img86/5149/islamtito2ye3fk7wv2.gif
الأزمة المالية وآثارها الاقتصادية على العالم
http://img86.imageshack.us/img86/5149/islamtito2ye3fk7wv2.gif
أصبحت الأزمة الاقتصادية العالمية هي الشغل الشاغل لكل المهتمين في مختلف أنحاءالعالم، وهي أزمة من نوع خاص لأنها تفصل للمرة الأولى بين المال والاقتصاد، وهذاأمر ظل سائدا منذزمن طويل،
ولكنه يأخذ في هذه المرة منحى قد يؤثر علىالواقع الاقتصادي العالمي بشكل كبير، ولكي نبسط الأمر نذكر بأزمة سوق المناخ التيحدثت من قبل في الكويت ولم تكن أزمة بسبب تقلص إنتاج النفط الكويتي أو أسعاره، بلكانت بسبب المضاربة أو المقامرة المنفصلة عن الواقع الاقتصادي الحقيقي، ذلك أنالكثيرين اتخذوا من المضاربة في أسعار الأسهم وسيلة لجني الأرباح غير المبررة والتيلا يسندها واقع اقتصادي حقيقي، وتلك مرحلة في العالم العربي لا يبدو أن الناساستفادوا منها كثيرا بكونهم ما زالوا يضاربون في الأسهم أو في شراء العقارات بأسعارلا تتناسب مع الواقع الحقيقي، وتيسر لهم ذلك المصارف التي تمنح القروض السهلة دونضمانات، ما قد ينذر بأزمات تشبه ما حدث في الولايات المتحدة.
ولا نريد أن ننظرإلى ما حدث في الولايات المتحدة من المنظورات الاقتصادية الخالصة، لان للأمر أبعاداسياسية تنطلق في مجملها من المعارضة لسياسات الرئيس جورج بوش، وقد بدأت هذهالمعارضة تأخذ في الوقت الحاضر اتجاهات جديدة بسبب قرب انتهاء فترة الرئيس وتوقعالناس أن يحدث تغير في الاتجاهات التي سار عليها الرئيس الأمريكي خلال ثماني سنواتمن فترة حكمه.
وفي البداية ننظر إلى الكيفية التي تعامل بها المثقفون العرب معالأزمة المالية الأمريكية التي ذهب بعضهم إلى القول إن هذه الأزمة تشهد نهايةالنظام الرأسمالي وتبشر بمجيء نظام عالمي جديد وقد توجد مبررا لتدخل الدولة فيالتحكم في الاقتصاد، كما وجد أصحاب النظريات الشمولية والاشتراكية والشيوعية ذريعةليعيدوا فكرهم القديم بالقول إن الأزمة أكدت نظريات كارل ماركس وهي مبشر بان الحلالشمولي الاشتراكي هو الطريق السليم لبناء الدول، وكل تلك آراء تقوم في أساسها علىثقافة محلية لا علم لها بما يجري في العالم أو طبيعة النظم التي تحكم النظامالرأسمالي، ومن الجانب الآخر فإن هناك تيارا آخر يرفض النظامين الرأسماليوالاشتراكي معا ويدعو إلى نظام ديني يحقق العدالة ويضمن سير الاقتصاد في طريقهالسليم، ويعتمد هذا الاتجاه على مفهومات نظرية وقيم أخلاقية عامة ولكن ليس لديه أيتجربة يشير إليها في إمكان إقامة نظام مغاير للنظم الاقتصادية المعروفة.
ولميوضح بالدليل أن هذه النظم تتعارض مع الدين إلا من جانب واحد وهو رفض النظريةالربوية دون إقامة الدليل على أن المصارف الغربية يمكن أن تكون ربوية بكون سعرالفائدة يتغير بحسب نظام السوق، وقد رأينا في الأزمة الحالية دعوة إلى تخفيض سعرالفائدة ما يؤكد أن الفائدة هي أيضا عملية مرابحة ومشاركة تعتمد على ظروف السوق.
ونعود الآن لنتحدث عن طبيعة النظام الرأسمالي وتحديد الميكانزم الذي يعمل منخلاله وكيف يمكن أن يتأثر هذا الميكانزم بعوامل مختلفة.
ونقول في البدايةأنه على الرغم من أن النظام الاقتصادي يعتمد أساسا على ليبرالية السوق وحركته الحرةفهو مضبوط إلى حد كبير بالقوانين التي تحددها المصارف المركزية وهي المسؤولة عنتحديد سعر الفائدة، وهذا يعني أن الدولة تملك الوسيلة التي تتدخل بها في السوقلتنظيم نشاطه، ولا تترك الأمر جزافا كما يعتقد الكثيرون.
ولكن على الرغم منذلك فإن الفكر اليساري المتطرف يشكك في حقيقة ذلك، وقد رأينا كارل ماركس على سبيلالمثال يقسم العالم إلى فقراء وأغنياء وأن الأغنياء يستمرون في استغلال الفقراء منأجل تحقيق الأرباح لأنفسهم دون وازع أخلاقي أو انساني، وبالتالي هم يكنزون الثرواتالتي تكون على حساب الفقراء وهو بالتالي يدعو إلى أن تتم السيطرة على أموالالأغنياء وتوزيعها على الفقراء، وتلك هي النظرية التي أخذت بها جميع الأنظمةالانقلابية التي قامت في العالم العربي والتي أممت أموال الأغنياء فلم تزد الفقراءإلا فقرا وأثرت سلبا على قدرة الأغنياء في الازدهار وتطوير عمل السوق.
ولاشك أن كارل ماركس حين وضع أفكاره لم يكن يفكر في نظام الدولة بل كان يركز فقط فيالسلطة التي تتحكم في مصائر الناس وليس في الدولة التي تنظم شؤون حياتهم، وهناك فرقبين السلطة والدولة، وتلك حقيقة غائبة في العالم العربي بصورة خاصة لأن الناس فيهذه المنطقة من العالم لا يفرقون بين نظام الحكومة ونظام الدولة ويعتقدون أنالحكومة هي الدولة، وليس ذلك هو الواقع في العالم الغربي حيث الدولة نظام يحققالعدالة لجميع الأفراد ويحكمه القانون وبالتالي لا يستطيع من بيده السلطة أن يخرجعن نظام العدالة الذي يساوي بين المواطنين.
وفي إطار هذا الواقعينتفي الخطالفاصل بين الأغنياء والفقراء، ذلك أن غنى الأغنياء لا يجعلهم يفتئتون على حقوقالفقراء لأنه غنى اسمي وليس غنى حقيقيا، بمعنى أن الغني في العالم الغربي لا يحملأمواله في جيبه أو يدخرها في مصارف أجنبية بل هو يضعها في المصارف المحلية بحيثتدخل هذه الأموال في الدورة الاقتصادية العامة ويستفيد منها كل فرد من أفرادالمجتمع لأن المصارف في العالم الغربي تستطيع أن تقرض اثني عشر ضعف المبالغ المدخرةفيها وبالتالي يستطيع كل فرد أن يذهب إلى المصرف ويقترض ما يشاء من الأموال لشراءمنزله أو إقامة مشروعه التجاري، وبالتالي يصبح شريكا في أموال الأغنياء، وإذا حصلتله أزمة فهو يستطيع أن يعالجها من خلال نظام التأمين أو نظام الضمان الاجتماعي،وإذا كان ما قلناه صحيحا، فكيف حدثت الأزمة في النظام الاقتصادي الأمريكي، ونقول فيالبداية إن أزمة النظام الاقتصادي ليست أزمة اقتصاد بل هي أزمة مالية مثل ما حدث فيسوق المناخ وغيره من أسواق المضاربة، وتشترك معظم دول العالم في هذه الأزمة لأنهاسمحت للنظام الأمريكي بأن ينفرد بالعملة الوحيدة العالمية التي تتحكم في الأسواق. ونحن نسمع في هذه الأيام من يقول إن النظام الاقتصادي الأمريكي هو أكبر اقتصاد فيالعالــم ونسمع من يقول إذا عطست الولايات المتحدة أصيب العالم كله بالزكــام، فهلالولايات المتحدة أكبر نظام اقتصادي في العالم؟
الإجابة هي لا والاقتصادالأمريكي ليس في حجم الاقتصاد الياباني أو الصيني من حيث ضخامة الإنتاج، ولكنالولايات المتحدة تتميز باحتكار الدولار، وكما قال أحد الخبراء فإن بين كل مئةدولار متداولة في الأسواق فإن ثمانية وتسعين منها لا تعتمد على إنتاج حقيقي،وبالتالي فإن الولايات المتحدة كانت في الواقع تتحكم في اقتصاد العالم من حيثتحكمها في الدولار، وكان يساعدها على ذلك قبول العالم كله للدولار عملة عالمية دونمبرر لذلك وكانت معظم ودائع الدول تذهب إلى الولايات المتحدة، ولم تتوقف الولاياتالمتحدة عن طبع المزيد من الدولارات ما أوجد حالة من التضخم كبيرة في البلاد بسببزيادة السهولة وهو ما رفع أسعار العقارات إلى درجة عالية وأدى في النهاية إلى أزمةالرهن العقاري حيث وجد كثير من الأمريكيين أنفسهم غير قادرين على سداد مديونيتهمللمصارف وبالتالي أصيبت المصارف بانتكاسة كبيرة ونقص في السيولة، ورفضت المصارف أنتقرض بعضها بعضا. وقد حاولت الولايات المتحدة أن تعالج مشكلتها أول الأمر بتخفيضسعر الدولار وتلك وسيلة للاستيلاء بها على مدخرات الدول، ولكن هذا الوضع أدى إلىتزايد أسعار النفط بدرجة كبيرة، وكان المتضرر من ذلك الدول الفقيرة التي وجدت نفسهاتدفع فواتير عالية لشراء النفط وهو ما أدى إلى زيادة نسب التضخم في هذه الدول، بعدان ارتفعت أسعار المواد الغذائية إلى درجة فلكية، وتداعى الأمر إلى درجة أن كثيرامن الدول بدأت تفكر في سحب أرصدتها من الولايات المتحدة ولكن إلى أين المفر؟
وهنا بدأت الأزمة المالية العالمية تحدث آثارها على المستوى الاقتصادي خاصةبعد أن انهارت شركات إعادة التأمين الأمريكية المرتبطة بشركات التأمين في كل أنحاءالعالم، وبذلك بدا التخوف من فقد الناس ضمان معاشاتهم وتأمينات دفع فواتير المساكن،وظن الساسة الغربيون أن الحل يكمن في ضخ أموال في المصارف الغربية كما فعلتالولايات المتحدة وهو حل مبتسر لأنه يكلف دافع الضرائب مزيدا من الأعباء كما أنه لايحل المشكلة إلا حلا وقتيا، لأن المطلوب هو إصلاح النظام المالي العالمي بإنهاءاحتكار الدولار لاقتصاد العالم والاعتماد على الإنتاج كما هو شأن الصين واليابان،وأما بالنسبة للدول العربية الغنية فيجب أن تتوقف عن وضع مدخراتها بالعملات فيالمصارف الغربية وتبحث عن استثمارات حقيقية خاصة في البلدان العربية التي فيها كثيرمن فرص الاستثمار. وفي هذه المرحلة يجب أن ندرك أن الأزمة في أساسها مالية، ولكنيجب تدارك أبعادها الاقتصادية من خلال بدء مرحلة لا تتحكم فيها عملة واحدة في مصائرالعالم.
منقول عن جريدة القدس العربي
http://img86.imageshack.us/img86/5149/islamtito2ye3fk7wv2.gif
الأزمة المالية وآثارها الاقتصادية على العالم
http://img86.imageshack.us/img86/5149/islamtito2ye3fk7wv2.gif
أصبحت الأزمة الاقتصادية العالمية هي الشغل الشاغل لكل المهتمين في مختلف أنحاءالعالم، وهي أزمة من نوع خاص لأنها تفصل للمرة الأولى بين المال والاقتصاد، وهذاأمر ظل سائدا منذزمن طويل،
ولكنه يأخذ في هذه المرة منحى قد يؤثر علىالواقع الاقتصادي العالمي بشكل كبير، ولكي نبسط الأمر نذكر بأزمة سوق المناخ التيحدثت من قبل في الكويت ولم تكن أزمة بسبب تقلص إنتاج النفط الكويتي أو أسعاره، بلكانت بسبب المضاربة أو المقامرة المنفصلة عن الواقع الاقتصادي الحقيقي، ذلك أنالكثيرين اتخذوا من المضاربة في أسعار الأسهم وسيلة لجني الأرباح غير المبررة والتيلا يسندها واقع اقتصادي حقيقي، وتلك مرحلة في العالم العربي لا يبدو أن الناساستفادوا منها كثيرا بكونهم ما زالوا يضاربون في الأسهم أو في شراء العقارات بأسعارلا تتناسب مع الواقع الحقيقي، وتيسر لهم ذلك المصارف التي تمنح القروض السهلة دونضمانات، ما قد ينذر بأزمات تشبه ما حدث في الولايات المتحدة.
ولا نريد أن ننظرإلى ما حدث في الولايات المتحدة من المنظورات الاقتصادية الخالصة، لان للأمر أبعاداسياسية تنطلق في مجملها من المعارضة لسياسات الرئيس جورج بوش، وقد بدأت هذهالمعارضة تأخذ في الوقت الحاضر اتجاهات جديدة بسبب قرب انتهاء فترة الرئيس وتوقعالناس أن يحدث تغير في الاتجاهات التي سار عليها الرئيس الأمريكي خلال ثماني سنواتمن فترة حكمه.
وفي البداية ننظر إلى الكيفية التي تعامل بها المثقفون العرب معالأزمة المالية الأمريكية التي ذهب بعضهم إلى القول إن هذه الأزمة تشهد نهايةالنظام الرأسمالي وتبشر بمجيء نظام عالمي جديد وقد توجد مبررا لتدخل الدولة فيالتحكم في الاقتصاد، كما وجد أصحاب النظريات الشمولية والاشتراكية والشيوعية ذريعةليعيدوا فكرهم القديم بالقول إن الأزمة أكدت نظريات كارل ماركس وهي مبشر بان الحلالشمولي الاشتراكي هو الطريق السليم لبناء الدول، وكل تلك آراء تقوم في أساسها علىثقافة محلية لا علم لها بما يجري في العالم أو طبيعة النظم التي تحكم النظامالرأسمالي، ومن الجانب الآخر فإن هناك تيارا آخر يرفض النظامين الرأسماليوالاشتراكي معا ويدعو إلى نظام ديني يحقق العدالة ويضمن سير الاقتصاد في طريقهالسليم، ويعتمد هذا الاتجاه على مفهومات نظرية وقيم أخلاقية عامة ولكن ليس لديه أيتجربة يشير إليها في إمكان إقامة نظام مغاير للنظم الاقتصادية المعروفة.
ولميوضح بالدليل أن هذه النظم تتعارض مع الدين إلا من جانب واحد وهو رفض النظريةالربوية دون إقامة الدليل على أن المصارف الغربية يمكن أن تكون ربوية بكون سعرالفائدة يتغير بحسب نظام السوق، وقد رأينا في الأزمة الحالية دعوة إلى تخفيض سعرالفائدة ما يؤكد أن الفائدة هي أيضا عملية مرابحة ومشاركة تعتمد على ظروف السوق.
ونعود الآن لنتحدث عن طبيعة النظام الرأسمالي وتحديد الميكانزم الذي يعمل منخلاله وكيف يمكن أن يتأثر هذا الميكانزم بعوامل مختلفة.
ونقول في البدايةأنه على الرغم من أن النظام الاقتصادي يعتمد أساسا على ليبرالية السوق وحركته الحرةفهو مضبوط إلى حد كبير بالقوانين التي تحددها المصارف المركزية وهي المسؤولة عنتحديد سعر الفائدة، وهذا يعني أن الدولة تملك الوسيلة التي تتدخل بها في السوقلتنظيم نشاطه، ولا تترك الأمر جزافا كما يعتقد الكثيرون.
ولكن على الرغم منذلك فإن الفكر اليساري المتطرف يشكك في حقيقة ذلك، وقد رأينا كارل ماركس على سبيلالمثال يقسم العالم إلى فقراء وأغنياء وأن الأغنياء يستمرون في استغلال الفقراء منأجل تحقيق الأرباح لأنفسهم دون وازع أخلاقي أو انساني، وبالتالي هم يكنزون الثرواتالتي تكون على حساب الفقراء وهو بالتالي يدعو إلى أن تتم السيطرة على أموالالأغنياء وتوزيعها على الفقراء، وتلك هي النظرية التي أخذت بها جميع الأنظمةالانقلابية التي قامت في العالم العربي والتي أممت أموال الأغنياء فلم تزد الفقراءإلا فقرا وأثرت سلبا على قدرة الأغنياء في الازدهار وتطوير عمل السوق.
ولاشك أن كارل ماركس حين وضع أفكاره لم يكن يفكر في نظام الدولة بل كان يركز فقط فيالسلطة التي تتحكم في مصائر الناس وليس في الدولة التي تنظم شؤون حياتهم، وهناك فرقبين السلطة والدولة، وتلك حقيقة غائبة في العالم العربي بصورة خاصة لأن الناس فيهذه المنطقة من العالم لا يفرقون بين نظام الحكومة ونظام الدولة ويعتقدون أنالحكومة هي الدولة، وليس ذلك هو الواقع في العالم الغربي حيث الدولة نظام يحققالعدالة لجميع الأفراد ويحكمه القانون وبالتالي لا يستطيع من بيده السلطة أن يخرجعن نظام العدالة الذي يساوي بين المواطنين.
وفي إطار هذا الواقعينتفي الخطالفاصل بين الأغنياء والفقراء، ذلك أن غنى الأغنياء لا يجعلهم يفتئتون على حقوقالفقراء لأنه غنى اسمي وليس غنى حقيقيا، بمعنى أن الغني في العالم الغربي لا يحملأمواله في جيبه أو يدخرها في مصارف أجنبية بل هو يضعها في المصارف المحلية بحيثتدخل هذه الأموال في الدورة الاقتصادية العامة ويستفيد منها كل فرد من أفرادالمجتمع لأن المصارف في العالم الغربي تستطيع أن تقرض اثني عشر ضعف المبالغ المدخرةفيها وبالتالي يستطيع كل فرد أن يذهب إلى المصرف ويقترض ما يشاء من الأموال لشراءمنزله أو إقامة مشروعه التجاري، وبالتالي يصبح شريكا في أموال الأغنياء، وإذا حصلتله أزمة فهو يستطيع أن يعالجها من خلال نظام التأمين أو نظام الضمان الاجتماعي،وإذا كان ما قلناه صحيحا، فكيف حدثت الأزمة في النظام الاقتصادي الأمريكي، ونقول فيالبداية إن أزمة النظام الاقتصادي ليست أزمة اقتصاد بل هي أزمة مالية مثل ما حدث فيسوق المناخ وغيره من أسواق المضاربة، وتشترك معظم دول العالم في هذه الأزمة لأنهاسمحت للنظام الأمريكي بأن ينفرد بالعملة الوحيدة العالمية التي تتحكم في الأسواق. ونحن نسمع في هذه الأيام من يقول إن النظام الاقتصادي الأمريكي هو أكبر اقتصاد فيالعالــم ونسمع من يقول إذا عطست الولايات المتحدة أصيب العالم كله بالزكــام، فهلالولايات المتحدة أكبر نظام اقتصادي في العالم؟
الإجابة هي لا والاقتصادالأمريكي ليس في حجم الاقتصاد الياباني أو الصيني من حيث ضخامة الإنتاج، ولكنالولايات المتحدة تتميز باحتكار الدولار، وكما قال أحد الخبراء فإن بين كل مئةدولار متداولة في الأسواق فإن ثمانية وتسعين منها لا تعتمد على إنتاج حقيقي،وبالتالي فإن الولايات المتحدة كانت في الواقع تتحكم في اقتصاد العالم من حيثتحكمها في الدولار، وكان يساعدها على ذلك قبول العالم كله للدولار عملة عالمية دونمبرر لذلك وكانت معظم ودائع الدول تذهب إلى الولايات المتحدة، ولم تتوقف الولاياتالمتحدة عن طبع المزيد من الدولارات ما أوجد حالة من التضخم كبيرة في البلاد بسببزيادة السهولة وهو ما رفع أسعار العقارات إلى درجة عالية وأدى في النهاية إلى أزمةالرهن العقاري حيث وجد كثير من الأمريكيين أنفسهم غير قادرين على سداد مديونيتهمللمصارف وبالتالي أصيبت المصارف بانتكاسة كبيرة ونقص في السيولة، ورفضت المصارف أنتقرض بعضها بعضا. وقد حاولت الولايات المتحدة أن تعالج مشكلتها أول الأمر بتخفيضسعر الدولار وتلك وسيلة للاستيلاء بها على مدخرات الدول، ولكن هذا الوضع أدى إلىتزايد أسعار النفط بدرجة كبيرة، وكان المتضرر من ذلك الدول الفقيرة التي وجدت نفسهاتدفع فواتير عالية لشراء النفط وهو ما أدى إلى زيادة نسب التضخم في هذه الدول، بعدان ارتفعت أسعار المواد الغذائية إلى درجة فلكية، وتداعى الأمر إلى درجة أن كثيرامن الدول بدأت تفكر في سحب أرصدتها من الولايات المتحدة ولكن إلى أين المفر؟
وهنا بدأت الأزمة المالية العالمية تحدث آثارها على المستوى الاقتصادي خاصةبعد أن انهارت شركات إعادة التأمين الأمريكية المرتبطة بشركات التأمين في كل أنحاءالعالم، وبذلك بدا التخوف من فقد الناس ضمان معاشاتهم وتأمينات دفع فواتير المساكن،وظن الساسة الغربيون أن الحل يكمن في ضخ أموال في المصارف الغربية كما فعلتالولايات المتحدة وهو حل مبتسر لأنه يكلف دافع الضرائب مزيدا من الأعباء كما أنه لايحل المشكلة إلا حلا وقتيا، لأن المطلوب هو إصلاح النظام المالي العالمي بإنهاءاحتكار الدولار لاقتصاد العالم والاعتماد على الإنتاج كما هو شأن الصين واليابان،وأما بالنسبة للدول العربية الغنية فيجب أن تتوقف عن وضع مدخراتها بالعملات فيالمصارف الغربية وتبحث عن استثمارات حقيقية خاصة في البلدان العربية التي فيها كثيرمن فرص الاستثمار. وفي هذه المرحلة يجب أن ندرك أن الأزمة في أساسها مالية، ولكنيجب تدارك أبعادها الاقتصادية من خلال بدء مرحلة لا تتحكم فيها عملة واحدة في مصائرالعالم.
منقول عن جريدة القدس العربي