تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : بحث حول الدين والضبط الاجتماعي


روابح
2008-12-23, 03:01
بسم الله الرحمن الرحيم








كـليـة التـربـيـة
قـسـم التـربـيـة


الدين والضبط الاجتماعي

إعداد : محمد بن عبدالله الزامل
احد متطلبات مقرر التربية والضبط الاجتماعي في مرحلة الدكتوراه










مقدمة
الضبط نظام كوني تنتظم به العلاقات وتتحدد في ضوئه الأدوار، وبه كانت بداية خلق الكون ومجراته قال تعالى (أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا) (رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا) (وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا) (وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا) (أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا)(مَتَاعاً لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ) (النازعـات27: 33) وقال تعالى : (اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَرَاراً وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَتَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ) (غافر:64) ، وهذا يدل كما يشير ابن كثير في البداية والنهاية على أن الأرض خلقت قبل السماء، لأنها كالأساس للبناء .( ابن كثير،1997،المجلد الأول ص29)
والضبط نظام يشمل كافة المخلوقات ابتداء بالإنسان وانتهاءً بالجمادات والنباتات والحيوانات وسائر المخلوقات، ولكون الإنسان أكرم هذه المخلوقات قال تعالى: (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً) (الإسراء:70) ، والى جانب التكريم كلف بحمل الأمانة قال تعالى:(إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْأِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً) (الأحزاب:72)
والأمانة التي حملها آدم عليه السلام وذريته تشمل سائر التكاليف الشرعية وما أوتمن علية من حفظ مال أو قول أو عرض أو عمل، فحملها بتبعتها من ثواب وعقاب لأنه كان ظلوما لنفسه يوردها موارد السوء جهولاً بعواقب الأمور.(الجزائري،1418،الجزء الرابع ص299)
وكان من أول إشارات الضبط الاجتماعي للإنسان هو نهي الله سبحانه وتعالى أبينا آدم عليه السلام من الاقتراب من الشجرة، قال تعالى: (وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلا مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا وَلا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ) (البقرة:35) فلما كان منه عليه السلام ما كان من أكله الشجرة التي نهي عنها، أُهبط الى ارض الشقاء والتعب ، قال تعالى: (قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعاً فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) (البقرة:38)، ويكون بذلك الضبط الاجتماعي أساس رئيس في خلق الخلق، وعليه يدور محور الابتلاء والامتحان في الحياة الدنيا.
ولذا فالضبط الاجتماعي سمة ملازمة لكل المجتمعات الإنسانية، وجد في مرحلة متقدمة من تشكيل التجمعات الإنسانية، لضبط تجمعاتهم وتنظيم قواعد التوافق بين معايير الفرد الذاتية والقيم الاجتماعية، وظهرت أشكاله المباشر وغير المباشر في توجيه سلوك الأفراد الذين تتجاذبهم الغرائز والأهواء والدوافع والرغبات المختلفة .
ويشير مفهوم الضبط الاجتماعي من وجهة نظر المنظومة الاجتماعية الى مختلف القوى التي يمارسها المجتمع للتأثير على أفراده ويستعين بها على حماية مقوماته والحفاظ على قيمه ومواصفاته، ويقاوم بها عوامل الانحراف ومظاهر العصيان والتمرد، فينطوي مفهوم الضبط على تقرير العلاقة بين الفرد والنظام الاجتماعي، وعلى كيفية تقبل الأفراد وفئات المجتمع للطرق والأساليب التي يتم بها الضبط. (الأخرس،1997،ص19)
وعندما يعتري منظومة الضبط الخلل والضعف فان ذلك ينعكس على الحياة الاجتماعية بمختلف أوجهها، وقد أظهرت الفترات التاريخية التي كانت تمثل منعطفات حادة بأنها قد انطوت على حالات من التفكك على المستوى الاجتماعي والشخصي، حيث تسود المجتمع ما يسميه كارل مانهايم بحالة "الأنومي" Anomic "اللامعيارية" او السلوك العشوائي الذي يتسم بعدم الوضوح والحيرة والخلل في القيم الاجتماعية وشيوع الأمراض النفسية المختلفة كالإدمان والجنون والانتحار.(الجابري،1997،ص34)
ولذلك فالضبط أهم وظيفة تبقي على البناء الاجتماعي، من خلال أشكال القوى ذات التأثير الفعال التي تعمل على تدعيم التماسك الاجتماعي، وضبط سلوك الأفراد، من خلال القيم والمعايير.
وتحقيق الضبط في المجتمع يتم من خلال أشكاله الرسمية وغير الرسمية، والتي تتباين آثارها بحسب نوع الأدوات والأساليب التي يستخدمها، وكلما قوي نفوذ هذه الأساليب على الأفراد ظهرت آثار الضبط الاجتماعي في الالتزام بالمعايير الاجتماعية، ويرى بعض العلماء أن فاعلية الضبط الاجتماعي والالتزام بالمعايير السائدة تتوقف على طبيعة الجماعة من ناحية وعلى نمط التنشئة الاجتماعية من ناحية أخرى.
ويتميز الضبط الاجتماعي الذي يقره الدين الإسلامي بخصائص فريدة عن تلك الضوابط التي توجد في بعض الشرائع او القوانين الوضعية، فالتشريع الإسلامي يستمد سلطته من الله سبحانه وتعالى ويعتمد في سلطته وضوابطه على وازع الضمير في النفس الإنسانية، ويعمل كموجه للإنسان في تصرفاته، فيكون الضمير على يقظة في جميع الأوقات بأنه مراقب إلهياً في السر والعلن قال تعالى: (يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ) (التغابن:4) (السالم،2000،ص36)
وما ينبغي الوقوف عليه هو قوة وأثر هذا الشكل من أشكال الضبط الاجتماعي، ودوام صلاحيته واستمرار مفعوله متى أتبع وفق ما جاء به ، الأمر الذي لا يتوفر في بقية أشكال الضبط الاجتماعي.

مشكلة البحث أو تساؤلاته
يعيش مجتمعنا الإسلامي مرحلة تغير سريع ، حمل في طياته أصنافا من المتناقضات والمغريات ، ضعفت بموجبها الهوية وزادت الغربة ، وكان لابد من تفعيل خطوط الدفاع لنضمن للمجتمع تحصينه من التصدع والانهيار ليبقى صامداً ومقاوماً أمام ما يجتاحه من تغريب ، ومحتوياً لكل تغير يدعم ويعزز بناء المجتمع .
وتثمثل خطوط الدفاع في أشكال متعددة من الضبط الاجتماعي( رسمية وغير رسمية) ساعدت في تحصين المجتمع ووقايته من ألوان التغيرات وساهمت في تنظيم شؤون المجتمع في احتياجاته ومتطلباته المتغيرة، وتباينت تأثيرات هذه الأشكال على أفراد المجتمع، فتارة تبرز الأشكال الرسمية (القانون، السلطة، اللوائح التنظيمية)، وتارة تستغل من خلال ثغراتها بحكم طبيعة منشأها، وتارة يضعف تأثيرها بغياب رقابة السلطة، أما الأشكال غير الرسمية ( الدين، الأعراف والتقاليد، الرأي العام وغيرها) فتنطبق عليها نفس القاعدة في حجم تأثيرها والالتزام بها، فالأعراف والتقاليد تضعف وقد تتغير، كما أن الرأي العام ربما يتأثر بقوة الموجة ويتخذ مسلكا باتجاه الريح بحكم عدم ثبات القاعدة التي تحكمه في أغلب الأحيان.
ولكن ما يستثنى من هذه القاعدة هو الدين تلكم القوة الخفية التي يحملها الإنسان، يظهر أثرها على سلوكه (بأقواله وأفعاله) وعلى التزامه، فبها تكون سيطرة الفرد على أهوائه وغرائزه، وبذلك يتحقق الضبط الذاتي للفرد، مع الإيمان بوجود الرقيب الإلهي الذي لا يغفل ولا ينام، قال تعالى: (مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ) (قّ:18) ولأن الضبط لابد أن يتكون أولاً في أعماق النفس من خلال الالتزام الداخلي (انضباط الذات – إحياء الضمير)، حتى يصبح ذا أثر ودلالة على سلوك الفرد، والدين كأحد أشكال الضبط الاجتماعي، يحقق لنا وبفعالية هذا الأثر، ولذا كان لزاماً أن نمنح هذا الشكل حقه من البحث والاهتمام، ولعل ما تعيشه الأمة في هذا العصر يزيد من حجم الاهتمام بهذا اللون من ألوان الضبط الاجتماعي، كما أننا لا نتحيز إن قلنا أن جميع أشكال الضبط الأخرى تدخل تحت لوائه. أو بمعنى آخر لها أصول تنبثق من الدين وبالذات الدين الإسلامي.
محاوره الرئيسية ومحاوره الفرعية
• الدين والضبط الاجتماعي
1. الدين وظيفته الضبط الاجتماعي.
2. الوازع الديني ودوره في تحقيق الضبط الاجتماعي
3. الدين وآليات الضبط الداخلي والخارجي.
4. الدين كوسيلة للضبط الاجتماعي في الرؤية الغربية.
5. الدين ونظريات الضبط الاجتماعي.
• الإسلام وصور الضبط الاجتماعي
1. أركان الإسلام
2. الضروريات الخمس وتشريع الحدود.
3. مصادر التشريع الإسلامي.

المنهجية المستخدمة
هذا البحث يتبع منهج البحث الوصفي التحليلي باستخدام الأدبيات المتاحة، من أجل تحديد الأثر الفاعل للدين وأهميته في ضبط المجتمع وبالتالي استقراره وتقدمه.
استعراض المحاور:
الدين والضبط الاجتماعي
أولا: الدين وظيفته الضبط الاجتماعي
يعتبر الدين أهم وأقوى وسيلة من وسائل الضبط، من خلال ما يقوم به من وظائف في حياة الفرد والمجتمع واستقرار النظم الاجتماعية، ولذلك اهتم علماء الاجتماع بدراسته ووضعه على قمة النظم الاجتماعية. والدين نظام اجتماعي شامل لايسمح لأي فرد أن يكون له رأيا خاصا فيه، او يسلك سلوكا خارجا عليه. فالدين يضبط سلوك الأفراد في المجتمع بالثواب والعقاب لا في الحياة الدنيا فحسب بل في الدار الآخرة أيضاً. فالتدين علاقة شخصية بين العبد وربه، وجزاءه مؤجل لما بعد الموت، فإن المجتمع لا يترك الفرد لهذا الجزاء بل يوقع جزاءاته ويزاول ضغوطه بالتبشير والوعظ والتخويف، ليصبح الدين بذلك أداة ضبط اجتماعي، لها فاعليتها في ضبط سلوك الأفراد، فحياة الجماعة والتنظيم الاجتماعي لايمكن أن يستقرا بفعل قوة القوانين الوضعية فقط، بل لابد من الردع الروحي والإيمان بالقيم الاجتماعية والخوف من غضب الله، وبالتالي يصبح لهذه السلطة الروحية قوة تفوق قوة القانون وأحكامه أو مظاهر السلطة المادية الأخرى. (سليم،1985،ص61-63)
ويبرز أثر الدين وبالذات الدين الإسلامي كأداة ضبط فيما يشتمل عليه من تعاليم تمثل في مجملها مجموعة من الضوابط تظهر في العبادات المتعلقة في العلاقة بين العبد وخالقه سبحانه وتعالى، وفي المعاملات التي تعكس العلاقة بين الأفراد.
من الدعائم التي يعتبرها(الماوردي) ضرورية للضبط الاجتماعي ستة أمور هي:"دين متبع وسلطان قاهر وعدل شامل وأمن عام وخصب دائم وأمل فسيح"، وقد أطلق عليها الماوردي قواعد للضبط، ويأتي الدين كأبرز هذه القواعد ليؤدي وظيفتين يعمل بهما لاستقرار النظام الاجتماعي، وظيفة اجتماعية وأخرى فردية، فالدين من وجهة نظره يمارس ضبطا ذاتيا على الفرد، من حيث تهذيب نفسه وتخليصها من شوائب السلوك اللاسوي وبخاصة السلوك الإنحرافي، بتوافر قدرة عالية لدى الفرد في ضبط النفس والسيطرة عليها ومحاربة نزعتها الشهوانية، ولكنه في نفس الوقت يسعى لإحداث التوازن داخل النفس فلا يسعى الى حرمانها من كل متطلباتها، بل لابد من توفير ما تحتاج إليه من الضروريات كشرط أساسي لإصلاح الفرد وضبط سلوكه وتصرفاته، فالخلق هو الدعامة الأولى لبناء المجتمع المتماسك عاطفيا وفكريا لتتحقق وحدة الجماعة وتكامل شخصيتها . (ابوحوسه،1985، ص48-53)
وقد كان الدين في السابق المصدر الأساس للقانون، وبالتالي فهو وسيلة ضبط مهمة في المجتمع فالقانون المصري والبابلي والهندي واليوناني كان ينظر إليه على انه من صنع الآلهة، كما أن الكنيسة كانت في أوربا قوة اجتماعية تفوق قوة الدولة.. وفي العصر الحديث بالرغم من أن الدين والدولة يعملان بشكل مستقل في كثير من دول العالم إلا أن الدولة لا تزال تستند بسلطتها الى الكثير من القواعد الدينية ذات التأثير الاجتماعي كأمور الزواج والأحوال الشخصية وبعض أنواع السلوك الاجتماعي.( الجابري،1997،ص79-80)
والدين اذاً من النظم الاجتماعية المهمة لأنه يقوم بوظائف في حياة الناس تعزز الاستقرار والنظام، ولأنه عقيدة أساسية بما يحمله من معان أخلاقية. والدين الإسلامي أسمى الأديان وخاتمها يحوي الكثير من التعاليم الدينية التي تحث على الابتعاد عن الاعتداء والسرقة او قتل النفس ، والابتعاد عن الفواحش والمحرمات والفتنة والغش ... وهذه كلها لها آثارها التربوية فهي ضوابط اجتماعية وقائية ضد الجريمة والانحراف والمخالفة. (الجابري،1997،ص82)
وقد أدرك ابن خلدون الدور الذي يؤديه الدين في عملية الضبط الاجتماعي. لكونه يمارس نوعا من الرقابة على سلوك الناس، وتمتد هذه الرقابة في السر والعلن، وهذا ما يميز الدين عن القانون، فالفرد يمتثل للمعايير التي يفرضها الدين والتي تحدد الثواب والعقاب لجميع الأفعال والتصرفات التي يؤديها أو يمتنع عنها . (السالم،2000،ص82)
وتجاوزت ضوابط الدين الحدود الضيقة لمفهوم الدين ـ من كونه ممارسة تعبدية لبعض الشعائر والمعتقدات محكومة ببعض الضوابط الملزمة لأفرادها المعتقدين بها، وبالتالي يخضعون الى طائلة العقاب عند تجاوز الحدود المقرة عقائدياً ـ وأضحت مؤثرة في جميع مجالات الحياة الثقافية والفكرية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية.
وقد بينت د.سلوى سليم ذلك عندما فسرت العلاقة بين الضبط الديني وبعض هذه المجالات، فالضبط الديني يؤثر تأثيراً مباشراً وفعالاً في ثقافة المجتمعات ويعمل على توارثها. وعن علاقته بالاقتصاد نجد ان الدين الإسلامي وضع الأحكام وأصول التشريعات المنظمة لحياة الإنسان، فأقرت الملكية الفردية وفتحت المجال أمام المنافسة والعمل على التفوق، وجعلت العلاقات الاقتصادية بين الناس تقوم على دعائم متينة من الصدق والأمانة والإخلاص والتعاون والعدل والتواصي بالبر والإحسان والتكافل. وفي الجانب السياسي نجد للضبط الديني أهمية كبرى في إقرار العدالة والتماسك الاجتماعي، وفي مجال التربية وهي عملية اجتماعية تكيف سلوك الأفراد ومواقفهم ليتمشوا ويسايروا القوالب والأنماط الثقافية والضوابط الاجتماعية التي ارتضتها الجماعة. كما أن من شأنها أن تبذر في نفوس أفراد الجماعة الخوف من العقوبة الإلهية، وهذا الخوف هو الكفيل للامتثال للضوابط الدينية المقدسة التي تنظم الحياة الاجتماعية. (سليم، 1989، ص172)

ثانياً: الوازع الديني ودوره في تحقيق الضبط الاجتماعي
خلق الله سبحانه وتعالى النفس البشرية وهي تحمل نوازع الخير والشر، قال تعالى(وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا)(فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا) (الشمس:7-8) وقال تعالى (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا)(وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا) (الشمس:9-10) وجعل سبحانه الفلاح والخيبة مرهونة بسعي الإنسان لتزكية نفسه او الانحطاط بها الى مهاوي الرذيلة، والإنسان منذ بدء الخليقة خُيّر بين طريقين طريق الخير ام طريق الشر، ومن ذلك تبدأ رحلة المعاناة التي يعيشها الإنسان بين نوازع الخير والشر في نفسه ولا بد له ان يستعين عليها بما وهبه الله من نعم حتى يختار طريق الهداية. قال تعالى (أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ*وَلِسَاناً وَشَفَتَيْنِ*وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ)(البلد:8-10)
ولذا فقد قرر الإسلام ثلاثة ضوابط اجتماعية يشكل مجموعها منهجا متكاملا لاستقرار المجتمع، منها ما سبقت الإشارة إليه وهو الضابط الذاتي في داخل النفس الإنسانية، يتحقق اذا تمكنت تعاليم الشريعة من نفس الفرد بحيث تشكل ضابطا خلقيا يحاكم الإنسان نفسه بنفسه، والضابط الثاني هو ضابط اجتماعي مصدره المجتمع، يتكون من خلال إشاعة المعروف والأمر به ومحاربة المنكر والنهي عنه قال تعالى (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ) (آل عمران:110)، حتى تصبح محددات السلوك المقبول في المجتمع والسلوك المرفوض فيه جزء من معايير الضبط داخل المجتمع، أما الضابط الثالث فهو ضابط السلطة حيث تتولى تطبيق العقوبات الشرعية المقررة لأنواع المخالفات. وهذه الضوابط تتكامل لتحقيق المعاني الإسلامية لتصبح الحياة بها أقرب الى الكمال والسعادة والحضارة والرخاء والطمأنينة. (السالم، 2000، ص37)
وقد قسم بعض المفكرين الضبط الاجتماعي الى نمطين، هما : الضبط الشعوري والضبط اللاشعوري، ويسمى بالضبط الداخلي وهو تلقائي نما تدريجياً وتلقائياً من خلال بعض التفاعلات الاجتماعية التي تبلورت ثم تصلبت تدريجيا فأصبحت قواعد راسخة وجزءاً لا يتجزأ من شخصية الفرد ، وهذا النوع من الضبط هو أفضل أنواع الضبط بسبب الطاعة الصادرة عن رغبة مما يسهل تطبيقه لأنه لا يحتاج الى مؤسسات رسمية تشرف على تطبيقه، وهو كما سبق " ضبطا داخليا لا شعوريا" يصدر عن مشاعر الفرد ورغبته وليس خوفا من سلطة او قانون معين.(الجابري،1997،ص52)
ومثل هذا النوع من الضبط تحكمه عوامل مختلفة كالدين والعادات والتقاليد والأعراف والقيم ، وقواعد السلوك في الأسرة وقواعد التعامل داخل المجتمع . ولكن يأتي الدين كذروة السنام لهذه العوامل، رغم أن العديد من هذه العوامل يدخل في دائرة الدين لأن العادات والأعراف والقيم تعد مصدراً من مصادر التشريع في الدين الإسلامي.

ثالثاً: الدين وآليات الضبط الداخلي والخارجي
الدين سلطة عليا تقوم على فكرة العقاب والثواب، وهو نظام اجتماعي له اثر كبير في تنظيم المجتمع، لأن العلاقة وثيقة بين الدين وقواعد السلوك، ويؤكد الكثير من علماء الاجتماع على أهميته في ضبط سلوك الأفراد والجماعات معاً كونه يتضمن علاقة لاتقوم بين رجل وآخر فحسب، لكنها تقوم كذلك بين الإنسان وقوة أعلى منه. فالدين يفرض جزاء يمكن وصفه بأنه فوق اجتماعي كالخوف من غضب الله. ويرى بعض الكتاب لأمثال "بنيامين كد B.Kidd " والفيلسوف المعاصر "لويس Lewis" ان قاعدة السلوك الخلقي لاتقوى على البقاء بدون تأييد من الدين. فالنظام الديني سلطة قوية لتنظيم العلاقات الاجتماعية بين الناس في ضوء مشيئة قوى فوق بشرية ، ولهذا فإن قواعد السلوك الخلقي لا يمكنها البقاء والاستمرار بدون سلطة الاعتقاد الديني. (عادلي،1985،ص57-62)
وإذا تناولنا الإسلام كخاتم الديانات فنجد أن مبادئه تقوم على ضبط اعتقاد وسلوك الفرد ليحقق في النهاية خير البشرية وسعادتها. وهو ليس ضبطا لأهداف مادية أو وظيفية أو نحو ذلك ولكنه ضبط يأتي كنتيجة حتمية لإيمان الفرد وتسليمه الكامل لأوامر الله وهذا هو معنى الإسلام، وبالتالي يؤدي ذلك الى تكوين شخصية فعالة في تكوين البناء الاجتماعي. ولذا فالضبط الاجتماعي من المنظور الإسلامي هو نتيجة طبيعية لمسئولية المجتمع المسلم في بناء وتعزيز المؤسسات الاجتماعية والتربوية التي تضبط سلوك الأفراد وتوجهه على أساس إسلامي.( الحامد،1415،ص 82)
أما الضبط الخارجي فينشأ من ارتباط القواعد القانونية بالدين لما للدين من سلطان عظيم في نفوس الأفراد، فكان الناس يمتثلون لما تأمر به الديانة دون مناقشة او مراجعة، وفي المجتمعات الحديثة شرعت القوانين بواسطة هيئات متخصصة نجد أن الدين كان يمثل المصدر الأول الذي تستند إليه هذه القوانين، وبخاصة في مجتمعاتنا الإسلامية.
لذلك ينظر للدين في كل مجتمع تقريبا على أنه هو الحافظ الأول للأخلاق منذ العصور التاريخية، عندما كانت الأخلاق والقانون والعادات والتقاليد والدين جزءا واحدا لا يتجزأ، وكان الدين هو التنظيم الاجتماعي الوحيد الذي يسود الحياة الاجتماعية وينسقها.(سليم،1985، ص111)

رابعاً: الدين كوسيلة للضبط الاجتماعي في الرؤية الغربية
يعتبر الدين من أهم وأقوى النظم الاجتماعية الفاعلة في ضبط وتنظيم وتحديد سلوك الأفراد والجماعات وفي حفظ المجتمع وضمان استقراره. وقد اهتم كثير من العلماء بهذا الموضوع. فيؤكد دور كايم على أن المجتمعات تعرف التفرقة بين الأشياء المقدسة والأشياء الدنسة، ويعرف الدين بأنه (نظام موحد للمعتقدات والممارسات المتعلقة بالأشياء المقدسة أي الأشياء التي يتعين تجنبها وتحريمها . ووظيفة المعتقدات والممارسات السائدة في مجتمع معين هي التوحيد بين أولئك الذين يؤمنون بها ) ومن هنا يتضح أن دور كايم قد أكد في نظرية الجوانب الجمعية للدين تأكيدا واضحا. فوظيفة الطقوس الدينية هي تأكيد السمو الأخلاقي للمجتمع وسيطرته على الأفراد ثم تحقيق تضامن المجتمع . ( الخريجي،1982 ،ص257)
ويذهب لوكير الى أن الدين لا يتشكل بالمجتمع بل ان المجتمع يتشكل وفق الدين، وهناك شبه إجماع بين العلماء بأن ثمة تأثيراً مشتركا بين الدين والنظم الاجتماعية السائدة في المجتمع.(سلوى،1985،ص71)
كما أن ماكس فيبر أكد على أهمية العامل الديني في وقوع التغيرات الاجتماعية والاقتصادية في المجتمع، ولكنه أشار الى أن الدين في بعض الأحيان يحوي قوة محافظة تتمتع بنوع من الثبات يؤدي الى استقرار المجتمع وتماسكه ولا يسمح بالتغيرات الاجتماعية في نظم المجتمع. (سلوى،1985،ص133)
واهتم رادكليف براون: في دراسته للدين بالمنهج الوظيفي التكاملي من خلال ملاحظته للشعائر والطقوس التي يؤديها الأفراد ومدى تأثيرها على أفكارهم وسلوكهم، ويؤكد ذلك. أما جورج لندبرج: فيرى أن الضبط الاجتماعي يعتبر احد الوظائف الهامة للنظم الدينية، ويرى أن رجال الدين يمثلون طبقة اجتماعية هامة من طبقات المجتمع التي لا يمكن الاستغناء عنها، ويؤدون وظائف عامة، أهمها تربية الشباب وتثقيفهم من الناحية الخلقية، وتعليمهم كيفية المحافظة على المعايير الاجتماعية للمجتمع و تدريبهم على كيفية ممارستها. ويشير ايريك فروم في كتابيه عن (المجتمع المسلم) و(الخوف من الحرية) إلى أن نسبة الاضطرابات النفسية والعصبية تزداد في المجتمعات الحضرية الحديثة، حيث تضعف المشاعر الدينية، وحيث يزداد الإحساس بالفردية والغربة والضياع، وحيث يزداد القلق والتوتر. ويؤيد لانديز ايريك فروم وجهة النظر هذه ،فهو يرى أن الدين كأداة للضبط الاجتماعي يضعف أثرة كلما بدأ الأفراد يدركون الحقيقة النسبية أكثر من اهتمامهم بالحقيقة المطلقة، وأن المؤسسات الدينية في المجتمع الغربي بالرغم من اهتمامها بحل المشكلات التي تصادفها ، إلا أنها تجد أحيانا بعض الصعوبات في فوضى نفوذها على الأفراد. ويرى إدوارد سابير : أن للدين أهمية كبرى ويلعب دورا بالغا في ضبط سلوك الأفراد ، فهو يزود الإنسان بالسكينة والأيمان وهدوء النفس وسلامة العقل (سلوى. 1985ص166-170)
ويؤكد علماء الاجتماع كذلك على أن المجتمع لا يتماسك أو يترابط ألا بفضل الدين وان المجتمع لا يوجد أصلا إلا على أساس الأيمان الجمعي، وكلما ازداد ذلك الأيمان ازداد تبعا له تماسك وترابط الجماعة ويرى اندرسون: أن الدين مازال يؤدي دورا مؤثرا وفعالا في التنظيم الاجتماعي لبعض الدول الصناعية إلا أن هذا التأثير يكون أقوى في المجتمعات المتجانسة والمترابطة اجتماعيا بينما تتميز المجتمعات الكبرى غير المتجانسة بضعف التأثير الديني ويفسر ذلك بسبب وجود هيئات أخرى متنوعة للضبط الاجتماعي. وقد اهتم براون: بدراسة الوظيفة الاجتماعية للأديان ومدى إسهامها في بناء النظام الاجتماعي ويرى أن الوظيفة الاجتماعية لآي دين ليس لها علاقة بنوع الدين وهل هو حقيقي ام وهمي لأن الحياة الإنسانية عبارة عن مشاعر وأحاسيس تتفاعل مع رسالة الدين حتى وان كان هذا الدين باطلا في جوهرة . كما انه يرى أن وظيفة الدين تكمن في إشاعة للحاجات المجتمعية فضلا عن الحاجات الفردية .( الحامد ،1415،ص86)
والكثير من العلماء يقرون بأن الدين مؤسسة هامة في المجتمع تقوم بعدة وظائف على المستوى الفردي والجماعي ، فيرى سابير : أن الوظيفة الأساس للدين هي تزويده الإنسان بهدوء في النفس وسلامة في العقل وإحساس بالأمن في عالم ملئ بالمخاطر والشكوك والأوهام. ومن الوظائف الهامة الأخرى قيامه بدور فعال في تكامل وتوافق شخصيات الأفراد مع معايير وقيم المجتمع الذي ينتمون إليه.

خامساً: نظريات الضبط الاجتماعي والدين
النظريات القديمة:
• نظرية الضوابط التلقائية : سمنز (Sumner): وتنصب على أن الصفة الرئيسة للواقع الاجتماعي تفرض نفسها بطريقة واضحة في تنظيم السلوك عن طريق الأعراف والعادات الشعبية، وهي التي تخلق النظم والقوانين، فهي ضوابط تشبه القوى الطبيعية التي يستخدمها الأفراد دون وعي منهم، وتنمو مع التجربة، وتنتقل من جيل الى جيل دون انحراف في طريقة الأداء ، وهي كذلك قابلة للتغير والتطور بما ينسجم وحاجات المجتمع وأهدافه، كما تمتاز الأعراف والمعايير بأصالتها وقدسيتها لأنها تتوارث من الأجيال السابقة، وكلما طال الزمن عليها أصبح من العسير تغييرها لزيادة ارتباطها بالأفراد وثقافتهم في ضبط سلوكهم.(الحامد،1415،ص56)(الجابري،1997،ص42).
وإذا كانت وجهة نظر سمنر حول الضبط تدور حول دور الأعراف والتقاليد لأصالتها وقدسيتها كقوة ضابطة، فإن أثر الدين وأهميته أبلغ في استخدامه كأسلوب من أساليب الضبط.
• نظرية الضبط الذاتي : كولي (Cooley): تؤكد على أهمية الضبط الذاتي، القائم على عنصر مهم في واقع المجتمع هو الحياة الروحية المتمثلة بمجموعة من الرموز والأنماط السلوكية الجمعية والقيم والمثل الموجهة للعملية الاجتماعية وللتنظيم الاجتماعي.(السالم، 2000، ص68)

النظريات الحديثة:
• نظرية الفعل الاجتماعي : بارسونز (Parsons) : وترتكز الى نظريته في الفعل الاجتماعي، وأن الفعل الذي يقوم به الفاعل يكون محكوما بعده عوامل منها أفكاره ومشاعره وانطباعاته ومعاييره وقيمه، ويمتد تأثيرها كذلك على أفعال الذين يشتركون معه في الفعل.(الحامد،1415،ص60)
• نظرية التنظيم : هولنج شيد ((Holling shead :يرى ان التنظيم نسق يتكون من مجموعة من المعايير والقواعد والقيم والأحكام التي توجد في ثقافة معينة والتي تزود أعضاء المجتمع بالاتجاهات المشتركة والسلوك المتشابه، وبالتالي ينضبط السلوك عن طريق هذه القواعد والتنظيمات والضوابط التي يمارسها المجتمع.(السالم،2000،ص74)
وبتأمل ما سبق من النظريات الحديثة نجد أنها تتمحور حول أهمية القواعد والقيم والأحكام والمعايير في عمليات الضبط الاجتماعي، وهذه أساسيات تقوم عليها الديانات السماوية على العموم والإسلام بوجه خاص مما يعني أن الدين متى ما أتبع هديه وسلك منهجه فإنه يحقق لنا الضبط في أسمى معانيه، ليتحقق للمجتمع الرقي والتقدم كما هو حال أمة الإسلام في عهود ازدهارها.








الإسلام وصور الضبط الاجتماعي
سوف أتناول خلال هذه المحاور الفرعية أمثلة لبعض صور الضبط الاجتماعي في الإسلام والتي تتمثل فيما يلي:
أولاً: أركان الإسلام:
أقر الإسلام مبدأ الضبط الاجتماعي منذ أن أمر الله سبحانه وتعالى نبيه محمد عليه الصلاة والسلام بالصدع بالدعوة الإسلامية، قال تعالى(يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ) (قُمْ فَأَنْذِرْ) (المدثر:1-2) وقال تعالى (فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ) (الحجر:94) فالصدع بالدعوة والأمر بها هي الأمارات الأولى لضبط المجتمع.
وما أركان الإسلام إلا قواعد للضبط الاجتماعي، فشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج بيت الله الحرام وهي في مجملها ضوابط اجتماعية ذاتية تحمل في مضمونها وقاية إلهية من الانحراف والزلل بإذنه سبحانه، فالشهادة ضابط عقيدي يحمي الفرد من الإشراك بالله، قال تعالى )إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْماً عَظِيماً) (النساء:48) . أما الصلاة فهي من دون شك وقاية وحماية للفرد من الفحشاء والمنكر وهي حصن حصين ودرع متين يحمي الفرد من مؤثرات ومغريات الانحراف قال تعالى (اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ) (العنكبوت:45) . أما الزكاة فهي تطهير للنفس وتزكية لها كما أن لها أثر في بركة المال ونمائه الى جانب أنها سبيل في إقرار التكافل الاجتماعي بين أفراد المجتمع وتكون سبباً حماية المجتمع من الانحراف كمحاولة الحصول على المال بطرق محرمة قال تعالى )خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (التوبة:103) وعنه عليه الصلاة وأتم التسليم قال " ما نقص مال من صدقة بل تزده بل تزده" . أما الصوم فهو ضبط للنفس وضبط لغرائزها، فليس الصوم صوم الأكل والشرب بل صوم الجوارح عن المنهيات والمحرمات، ويكفينا استشهادا قول رسول الله  ( يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء ) رواه مسلم(المسند المستخرج على صحيح مسلم، ج4،ص64). أما الركن الخامس من أركان الإسلام فبه اكتمال الإسلام لمن استطاع إليه سبيلاً، والحج سبب بإذن الله في تطهير النفس شوائب الحياة فيخرج بعده المسلم زكياً نقياً كيوم ولدته أمه، كما أنه ضبط للنفس وتعويد للصبر كما هو حال الصوم ففي الحج نهي عن الرفث والفسوق حتى تتحقق التنقية من الذنوب والمعاصي.
إذا أركان الإسلام شواهد حية على أن الضبط ليس سلطة الحاكم والقانون بل هي سلطة النفس متى ما استشعرت حقيقة وجودها في هذه الحياة.

ثانياً: الضروريات الخمس وتشريع الحدود:
إن أركان الإسلام كما سبقت الإشارة شواهد حية على أن الضبط ليس سلطة الحاكم والقانون بل هي سلطة النفس متى ماإستشعرت حقيقة وجودها في هذه الحياة.ولكن هل الجميع يعي ويدرك هذه الحقيقة بالطبع لا، فالإنسان ولد على الفطرة ولكنه يقابل بتأثير عوامل الشر والفساد المتمثلة في الشيطان والهوى والشهوات وقد لا يستطيع المقاومة وبذلك يتم ردعه ورده الى طبيعته، ولذلك كانت الحكمة الإلهية في تشريع الحدود لإقامة العدل في الأرض، وقد وردت النصوص القرآنية والنبوية في تحديد ضوابط الشرع وآلياته منطلقة من الحفاظ على الضروريات الخمس (الدين والنفس والعقل العرض والمال) التي أقرتها الشريعة الإسلامية.
فالدين الحق مصلحة ضرورية للناس لأنه ينظم علاقة الإنسان بربه وعلاقته الإنسان بنفسه وعلاقته بمجتمعه، قال تعالى )وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْأِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ) (آل عمران:85) . وحفظ النفس وهي ذات الإنسان في الإيجاد والتكوين والحفظ والرعاية، فلإيجادها وتكوينها شرع الزواج للتوالد والتناسل لضمان البقاء الإنساني وتأمين الوجود البشري من أطهر الطرق وأحسن الوسائل، وحرم الزنا والأنكحة الجاهلية.وكفل الإسلام حسن بقائها وانتظامها من خلال رعايتها الصحية والنفسية ، كما حرم في سبيل ذلك قتل النفس فشرع القصاص في النفس والأعضاء ، قال تعالى )وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) (البقرة:179) . وكون العقل أسمى شيء في الإنسان فقد كفل الإسلام حفظ العقل لأنه أعظم منحة من الله للإنسان ليرشده الى الخير ويبعده عن الشر ويكون معه مرشداً ومعيناً. والعقل مناط التكريم والتكليف، فمنح الإسلام حرية إعمال العقل في كثير من شؤون الحياة وليس أدل من ذلك ما قرره الإسلام من حق الاجتهاد والإجماع في أمور الدين والدنيا. وللحفاظ على العقل دعا الإسلام الى الصحة الكاملة في الجسم فحرم الخمر وحدد أحكام المميز والمعتوه والمجنون وأحكام السفيه والمبذر. وحفظ العرض ضرورة إسلامية ففيه حفظ للنسل من التعطيل ويعتمد على حفظ العرض لتنأى الإنسانية بنفسها عن النكبات والويلات والأمراض الاجتماعية والنفسية. وشرع الإسلام أحكاماً كثيرة للحفاظ على النسل والعرض تبدأ بغض البصر ومنع القذف والإساءة للعرض .. فأقام حد القذف وتنتهي بحد الونا المحصن وغير المحصن. أما حفظ المال كونه وسيلة أساسية تساعد الناس على العيش وتبادل المنافع والاستفادة من جوانب الحياة الكثيرة، فقد شرع الإسلام في سبيل الانتفاع بالمال المعاملات الشرعية التي تكفل الحصول عليه وتوفيره للمسلم والتبادل به كالبيوع والهبة والشركات والإجارة وسائر العقود المالية، كما شرع الإسلام حفظه وحمايته ومنع الاعتداء عليه فحرم السرقة وأقام حدها، وحرم قطع الطريق وأقام حد الحرابة، وأرشد الإسلام الى حسن استعمال المال والتصرف فيه وحرم الغش والتدليس والاحتكار وحرم الإسراف والتقتير في الإنفاق . (الزحيلي،2002،ص84-118)
وبذلك نلاحظ أن الإسلام شرع لكل مصلحة ضرورية ضوابط تكفلها وترعى حفظها وصيانتها.

ثالثاً: مصادر التشريع الإسلامي
تعددت مصادر التشريع الديني وتنوعت لكنها في مجملها ترسم لنا أشكال الضبط الاجتماعي بنوعيه الرسمي وغير الرسمي، فالدين أساس في قيام المجتمعات واستمرارها، ولذلك نجد أن الكثير من الأمم السابقة أصابها ما أصابها بسبب بعدها وإعراضها عن منهجها الإلهي.قال تعالى (وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ وَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ) (يونس:13) وقال تعالى(أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ وَأَرْسَلْنَا السَّمَاءَ عَلَيْهِمْ مِدْرَاراً وَجَعَلْنَا الْأَنْهَارَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرِينَ) (الأنعام:6).
إذا الدين والالتزام بمنهج الله أصل في تقدم الأمم ورقيّها، ولا نبالغ اذا قلنا أن أشكال الضبط كما سبق مستقاة من مصادر التشريع الديني، ويتضح الأمر جليا في مصادر التشريع الإسلامي. فالكتاب والسنة النبوية والاجتهاد والإجماع والقياس والمصالح المرسلة والاستحسان والعرف كلها مصادر تتمثل بشكل او بآخر في أشكال الضبط الاجتماعي بنوعيه الرسمي وغير الرسمي.
ومصادر التشريع الإسلامي تمثل الضبط بما تتضمنه من شؤون الأمة في العبادات والمعاملات والأحوال الشخصية والمواريث والعقوبات وغيرها ، ومن هذه المصادر انطلقت أسس النظام القضائي في الإسلام، وجهاز الحسبة (بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر)، ونظام الشورى في الإسلام.
ولهذه المصادر أولويات في الاعتماد عليها بحيث يعد القرآن الكريم أول مصادر التشريع وأعلاها، تليه السنة النبوية فالاجتهاد. ويؤكد ذلك ماورد في سنن أبي داود ج3/ص303 قال حدثنا حفص بن عمر عن شعبة عن أبي عون عن الحارث بن عمرو بن أخي المغيرة بن شعبة عن أناس من أهل حمص من أصحاب معاذ بن جبل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أراد أن يبعث معاذا إلى اليمن قال كيف تقضي إذا عرض لك قضاء قال أقضي بكتاب الله قال فإن لم تجد في كتاب الله قال فبسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فإن لم تجد في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا في كتاب الله قال أجتهد رأيي ولا آلو فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم صدره وقال الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله لما يرضي رسول الله.
حتى أن المصدرين الأساسيين (الكتاب والسنة النبوية) وهما من المصادر الربانية يحملان في طياتهما إشارات تؤكد أهمية الاستفادة من المعطيات البشرية في تنظيم شؤون المجتمع وضبطه، بشرط خلو المصدرين من أي نص يلزم بحكم معين، ولذلك ظهر الاجتهاد والإجماع والقياس والمصالح المرسلة وكلها دون شك تستند في حكمها على النصوص من الكتاب والسنة.
فالإسلام يمتاز بشموليته في مصادره والتي تحوي ألوانا من الضوابط الاجتماعية التي تجعل كل فرد يعرف حقوقه وواجباته في الإطار المتكامل والنسق الاجتماعي المترابط. كما قال  في الحديث التالي : حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير حدثنا أبي حدثنا زكريا عن الشعبي عن النعمان بن بشير قال قال رسول الله  مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى (صحيح مسلم ج4/ص1999)
الإسلام منهجاً في الحياة ، يهذب النفوس الإنسانية ، ويرشدها لطريق الخير ويأمرها به، ويحذرها من طريق الشر وينهى عنه، وهو بذلك ضرورة إنسانية لما يحمله من معان الحق والخير للأمم والشعوب.
فالشريعة الإسلامية روضت النفوس على حب الخير ورغبتها في التواضع، وتناولت ما يدعو إليه الخلق القويم والتعامل مع أفراد المجتمع، وأقرت بعض الفضائل التي تعد ضوابطاً اجتماعية للفرد والمجتمع ، ومنها التسامح والصفح والإعراض قال تعالى: (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ) (الأعراف:199)، وكظم الغيظ والتجاوز عن الهفوات قال تعالى: (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) (آل عمران:134)، والمساواة الإنسانية والعدل بين الجميع قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْأِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) (النحل:90)، والصدق في كل شيء قال تعالى: (لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِنْ شَاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَحِيماً) (الأحزاب:24)، والوفاء بالعهود قال تعالى: (وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ) (النحل:91)، والصبر قال تعالى: (وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ)(آل عمران: من الآية186)، والحياء حدثنا عبيد الله بن سعيد وعبد بن حميد قالا حدثنا أبو عامر العقدي حدثنا سليمان بن بلال عن عبد الله بن دينار عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي  " قال الإيمان بضع وسبعون شعبة والحياء شعبة من الإيمان" مسلم ج1 ص63. ومنها أيضا النهي عن الرشوة قال تعالى (وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقاً مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْأِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) (البقرة:188)، وعلاوة على ذلك كله حدد الإسلام أحكاما وعقوبات للردع عن ارتكاب ما نهى عنه، فمنها ماهو مقدر كالحدود، ومنها ماهو غير مقدر كالتعزيز وتختلف باختلاف أحوال الجرائم كبيرها وصغيرها. (مرسي،1989،ص284-294)
وتتمثل سياسة الضبط الاجتماعي في الإسلام في أمرين: الأول: السياسة الوقائية المتمثلة في إثارة كوامن الإيمان في القلوب وغرس الوازع الديني في النفوس وذلك بالتربية الأخلاقية . أما الثاني : فهو السياسة العلاجية والتي تتمثل في الردع والزجر الشديد بتشريع الحدود والقصاص والتعزير.(الحامد،1415،ص92)
الخاتمة والاستخلاصات
ويتضح مما تقدم أن الدين ضرورة إنسانية تسعى الى المحافظة على النظام الاجتماعي والتوافق معه، والدين كذلك يقوي الرابطة الاجتماعية، ويحقق للمجتمع وحدته من خلال إتباع الأوامر واجتناب النواهي . كما أن التزام الأفراد في المجتمع بما يفرضه الدين من قواعد وضوابط وأنماط للعقل والسلوك وامتثالهم للأوامر والضوابط والنواهي بقدر ما تكون الرابطة بين الأفراد والجماعات أنضج وأقوى وبذلك يشعر المجتمع بتماسكه ووحدته.
وتؤكد هذه الأهمية وتلك الضرورة كافة الثقافات فلم يتوقف الاهتمام والعناية به على ثقافة دون أخرى، بحيث أبرزت الثقافة الغربية أهميته ودوره في تنظيم المجتمع من خلال ما طرحه بعض علمائها ومفكريها، والأمر يبرز وبجلاء في الثقافة الإسلامية كون الدين مرتكز أساس في تكوينها وعليه قامت الحضارة الإسلامية، وليس أدل على ذلك ما كان عليه حال الأوائل من المسلمين عندما امتثلوا للأوامر واجتبوا النواهي، حتى أصبح الدين واقعاً ملموساً في حياة المجتمع بمجالاتها المختلفة.
ويمكن استخلاص بعض النتائج مما سبق طرحه في ثنايا هذه الدراسة ، وذلك على النحو التالي:
1. الدين منهج لازم للحياة، ولا يمكن تخيل مجتمع بلا دين سواء كان حقاً أم باطلاً.
2. الدين مصدراً من مصادر تطور الحضارة الإنسانية فهو وعاء ثقافتها وقيمها، وهو هويته ومصدر اعتزازه.
3. للدين رؤية عصرية في التعامل مع المتغيرات، فهو يحمل في مصادره أشكالاً لألوان الضبط الاجتماعية الرسمية وغير الرسمية، فالإسلام يحوي مصادر تعنى بالضبط غير الرسمي (الكتاب والسنة النبوية في بعض مدلولاتها، الأعراف) وبالضبط الرسمي (الكتاب والسنة النبوية في بعض مدلولاتها، الاجتهاد، الإجماع، المصالح المرسلة)
4. الدين بكافة صوره ومراحله هو في أصله يحمل معاني الخير والصلاح للمجتمعات، وما يقره من ضوابط متوافقة وطبيعة المجتمع البشري، بعيدة عن سلطة القهر والجبروت، لأنها مناهج ربانية أنزلها الخالق سبحانه وتعالى وهو سبحانه اعلم بخصائص النفوس وطبائعها.
5. الدين ضرورة اجتماعية يحقق الضبط بين أفراد المجتمع مهما كان منهج ذلك الدين (صحيحا أو باطلاً) من خلال تلكم القوة الخفية التي يحملها الفرد في داخله ويظهر أثرها على سلوكه وعلى التزامه لتكون سيطرة الفرد على أهوائه وغرائزه وبذلك يتحقق الضبط الذاتي للفرد.
6. لم يتخل مجتمع عن دينه متبعا في ذلك الهوى والشيطان إلا حل فيهم البلاء والفساد والانحراف وبقية الأمراض الاجتماعية التي تصيب الأمم.
7. يتفق العديد من علماء الاجتماع على أهمية الدين كمصدر للضبط الاجتماعي سواء علماء مسلمين أو علماء غربيين، وهذا الاتفاق يشعر بأهمية الدين كمصدر هام من مصادر الضبط داخل المجتمع.
أهم التوصيات والمقترحات
من خلال الاستعراض السابق يمكننا التوصل الى بعض التوصيات، لعل من أبرزها:
1. التأكيد على أهمية الدين كمصدر من مصادر الضبط الاجتماعي، وأن الجميع مطالب بالعودة الى المنهج الديني الذي يضمن للمجتمع استقراره وسكونه.
2. الدين مصدراً فاعلا في تأصيل الضبط الذاتي للأفراد، من خلال ما يؤمنون به من قيم ومبادىء ومعتقدات تدعو في مجملها الى خير المجتمع وإصلاحه.
3. دعم الضبط الذاتي للأفراد يقلل من الحاجة الى أشكال الضبط الرسمية، كما يساعدها في أداء مهامها، من خلال تأصيل هذا الأثر في النفوس باستخدام الأساليب التربوية الإسلامية، حتى أضحت أشكال الضبط الاجتماعي متمثلة في الذات المسلمة .
4. الحاجة لإبراز الدين ودوره في الضبط الاجتماعي تبرز كذلك كون أشكال الضبط الاجتماعي الرسمية لم تضمن للمجتمعات الاستقرار المطلوب لأنها بحاجة الى ضبط مستمر، فإجراءاتها تخترق وقواعدها ينفذ من ثغراتها.
5. إجراءات الضبط الاجتماعي الرسمية تؤدي في بعضها الى انحرافات أخرى، فهي تعالج انحراف بانحراف . مثل خروج السجين بكم كبير من الخبرات السيئة. مما يدعم الحاجة الى تقوية أشكال الضبط غير الرسمية وبالذات ما يتعلق بتعاليم الدين.
6. النظر الى منهج الإسلام في الضبط الاجتماعي كمنوذج للضبط يحتذى به في كل المجتمعات.
فهرس الموضوعات
الموضوع الصفحة
مقدمة البحث 2
مشكلة البحث أو تساؤلاته 4
محاوره الرئيسية ومحاوره الفرعية 5
المنهجية المستخدمة 5
استعراض المحاور 6
الدين والضبط الاجتماعي 6
أولا: الدين وظيفته الضبط الاجتماعي 6
ثانياً: الوازع الديني ودوره في تحقيق الضبط الاجتماعي 8
ثالثاً: الدين وآليات الضبط الداخلي والخارجي 9
رابعاً: الدين كوسيلة للضبط الاجتماعي في الرؤية الغربية 10
خامساً: نظريات الضبط الاجتماعي والدين 12
الإسلام وصور الضبط الاجتماعي 14
أولاً: أركان الإسلام 14
ثانياً: الضروريات الخمس وتشريع الحدود 15
ثالثاً: مصادر التشريع الإسلامي 16
الخاتمة والاستخلاصات 19
أهم التوصيات والمقترحات 20
فهرس الموضوعات 21
المراجع 22
المراجع
1. القرآن الكريم
2. صحيح مسلم، الجزء الرابع ، ص 1999
3. ابن كثير، البداية والنهاية، تحقيق د.عبدالله التركي، دار هجر، المجلد الأول، الطبعة الأولى، 1997.
4. ابوبكر جابر الجزائري، أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير، مكتبة العلوم والحكم، المدينة المنورة، العدد الرابع، الطبعة الثالثة، 1418
5. خالد عبدالرحمن السالم، الضبط الاجتماعي والتماسك الأسري، الطبعة الأولى، 2000.
6. خالد فرج الجابري، دور مؤسسات الضبط في الأمن الاجتماعي، بحث في الندوة الفكرية ، بيت الحكمة، 1997.
7. عبدالله الخريجي، الضبط الاجتماعي، رامتان، جدة، الطبعة الثانية، 1982
8. سلوى علي سليم، الاسلام والضبط الاجتماعي، مكتبة وهبه، الطبعة الاولى، 1985
9. سيد عبدالحميد مرسي، الفرد والمجتمع في الاسلام، مكتبة وهبة، القاهرة، 1989.
10. محمد الزحيلي، حقوق الإنسان محور مقاصد الشريعة، وزارة الاوقاف والشؤون الاسلامية، الدوحة،الطبعة الاولى،2002.
11. محمد صفوح الأخرس،نموذج لاستراتيجية الضبط الاجتماعي في الدول العربية،اكاديمية نايف العربية للعلوم الأمنية، الطبعة الاولى، الرياض، 1997.
12. محمد معجب الحامد، دور المؤسسات التربوية غير الرسمية في عملية الضبط الاجتماعي، مركز ابحاث الجريمة وزارة الداخلية،1415.
13. موسى ابو حوسه، قواعد الضبط الاجتماعي عند الماوردي، المجلة العربية للعلوم الإنسانية، جامعة الكويت، العدد 17، المجلد 5، 1985
14. فاروق محمد العادلي، دراسات في الضبط الاجتماعي، دار الكتاب الجامعي،القاهرة، 1985

الحر النبيل
2009-02-13, 21:35
مشكر يا اخي

mustapha213
2009-02-13, 23:05
شكرا على هذا العمل الرائع:19: