ب.جلولي
2012-02-12, 08:17
أود أن أعرض على قراء منتدى الجلفة مواضيع تباعا حول لإسلام والإيمان والإحسان والواقع المعيش وذلك حتى أتمكن من الحصول على نصائحهم وإرشاداتهم وانتفاداتهم وابدأ بالمقدمة.
مقدمـة
بِسْــمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيــمِ
الحمد لله الذي علم الإنسان ما لم يكن يعلم، ووضح له السبيل ليسلك النهج الأقوم، قال عز من قائل:﴿ وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ ﴾(البلد/10)، الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلا على الظالمين، والصلاة والسلام على سيد الأولين والآخرين؛ سيدنا محمد بن عبد الله الذي بعثه الله سبحانه وتعالى داعيا بأمره إلى الصراط المستقيم؛ فلم يزغ ولم يكتم، والصلاة والسلام على آله وصحبه أجمعين، وعلى جميع الأنبياء والمرسلين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
وبعد،
لقد سمحت لنفسي بالتطفل على علم العلماء وتفكير المفكرين ومعرفة العارفين، سمحت لها بالمساهمة ولو بضوء خافت أمام مصابيح العلماء وأنوار العارفين وشموع المتعلمين، سمحت لها - كي يطلع الناس(*) على ما تعرفت عليه من دين رب الناس- سمحت لها بالكتابة ولو بشيء قليل في الدين الإسلامي والواقع الذي نعيشه نحن اليوم معشر المسلمين.
الشيء الذي دفعني إلى الخوض في هذا الموضوع؛ هو ما لاحظته لدى بعض من خالطتهم من فراغ روحي عقائدي وجهل ديني بصفة عامة، فمنهم من لا يحسن التلفظ بالشهادتين بالصيغة المطلوبة(1)، وإن عرف ذلك ربما لا يعرف لا أركان الإسلام الخمسة(2) ولا أركان الإيمان الستة(3)، وإذا ناقشته أفحمك بجهله، وهناك من لا يعرف عن الله إلا كلمة (الله )، لا يعرف الله حق المعرفة، يعرف كلمة الله والرب وكفى، لا يعرف له أسماء حسنى ولا صفات عُلى ولا أفعال، وهناك من لا يعرف من الرسل إلا محمدا صلى الله عليه وسلم وكأن بقية الرسل لا تعنيه في شيء - وجهل الشيء يؤدي إلى عدم الإيمان به-، وهناك من لا يعرف من الكتب المنزلة إلا القرآن الكريم، يعرف رسمه دون أحكامه، أما بقية الكتب فلا يعرف لها اسما ولا عددا ولا على من أنزلت.
فالناس في حاجة إلى معرفة دينهم معرفة حقيقية، معرفة تخدم الدين والدنيا، لا إفراط في ذلك ولا تفريط، معرفة شاملة كاملة تامة غير ناقصة، ورغم هذه الحاجة فإن بعض أئمة المساجد يقتصرون في دروسهم على ''أبجديات الدين'' -إن أحسنوا ذلك- غير عابئين بالأمور الأخرى من هذا الدين الذي ارتضاه الله سبحانه وتعالى لعباده المسلمين، وكأن الناس في غنى عن معرفة هذه الأمور، والحقيقة أنه لولا العلماء العاملون الذين بالغوا في النصح والإرشاد عبر المحطات التليفزيونية - جزاهم الله عنا خيرا– لصلينا على الأمة الإسلامية صلاة ليس فيها ركوع ولا سجود.
ترى الناس في المساجد ركعا سجدا خشعا -على ما يبدو–، وبمجرد انتهاء الصلاة وجعل باب المسجد وراء ظهورهم يلبسون لباس الذئاب المفترسة، يعيشون حياتهم كما يقولون وكما يريدون!، يعيشون حياة دنيوية بعيدة كل البعد عن شرع الله، لا يحدهم شيء عما يبتغونه، ينغمسون في الملذات، يقدمون على كل ما لذ وطاب، فلا رقيب هنالك ولا حسيب وكأن الله سبحانه وتعالى لا يوجد إلا في المساجد، يتعاملون بالربا والخديعة ويتعاطون الرشاوى، الحرام عندهم مفتاح السعادة إن حقق لهم مآربهم، والحلال عندهم حجر عثرة إن حرمهم من الملذات، أطمست المادة قلوبهم وعقولهم، صاروا كالحيوان الذي لا يهمه من الأمر إلا إشباع غريزته بل هم أضل من الحيوان، أمرهم هذا محير غريب وسلوكم عجيب.... !
لقد بحثت ونقبت في بعض الكتب، وقارنت ما عثرت عليه وفهمته من أمور الدين الإسلامي بالسلوكيات والتصرفات التي نعيشها اليوم، فوجدت هذه التصرفات تبتعد عن الإسلام كل البعد، تبتعد عنه بعد السماء عن الأرض.
إن كل مسلم غيور على إسلامه اليوم وعلى أمته الإسلامية يحس بمرارة تملأ نفسه وبإحباط و يأس يصيبانه من جراء ما آل إليه حال المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها؛ ومسلموا غزة والعراق وغيرهم من المستضعفين في بقاع العالم الذين يفعل بهم الأعداء الأفاعيل على مرأى ومسمع من الجميع ليسوا عنا ببعيد، هؤلاء الذين تتقطع لهم نياط قلب كل مسلم ألما وحسرة، فالأمة الإسلامية قد تحولت من قوة في العهود الإسلامية الزاهرة إلى ضعف، ومن صعود إلى هبوط، ومن عز إلى ذل، ومن قيادة وريادة إلى إتباع، ومن مهابة إلى مهانة، ومن تجمع إلى تشتت، ومن تآلف إلى تنافر ومن اتحاد إلى تفرق.
لقد أفرغنا الدين الإسلامي من محتواه الحقيقي، جعلناه شكلا بلا مضمون وجسدا بلا روح، غيرنا ما بأنفسنا فغير الله سبحانه وتعالى ما أنعم به علينا، قال تعالى: ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِعْمَةً آنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾(الأنفال/53)، فمن تمام عدله وقسطه سبحانه وتعالى أنه لا يغير نعمة أنعمها على عبد إلا إذا ارتكب هذا العبد ذنبا، فآل فرعون وأمثالهم كانوا في نعمة من جنات وعيون وزروع وكنوز ومقام كبير فكهين، كفروا بآيات الله فأزال الله سبحانه وتعالى عنهم هذه النعم، ظلموا أنفسهم بابتعادهم عما أمرهم الله به وكل من يبتعد عن شرع الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم في معاشه ومآله يلقى نفس المصير، قال تعالى: ﴿ وَلا تَكُونُواْ كَالذِينَ نَسُواْ اللَّهَ فَأَنسَاهُمُ أَنفُسَهُمُ أُوْلَئِكَ هُمُ الفَاسِقُونَ ﴾(الحشر/19)، فلا تخرج أيها العبد الضعيف عن طاعة الله فتهلك يوم القيامة وتخسر يوم المعاد، لا تنسى الله سبحانه وتعالى وتتجبر في هذه الدنيا، إنها زائلة والجزاء من جنس العمل.
أعلم أني لا أستطيع أن أوفي هذا الموضوع حقه؛ لكني اجتهدت كي أنال أجر الاجتهاد إن شاء الله، ورسولنا الكريم عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم يقول: « بَلِّغُوا عَنِّي وَلَوْ آيَةً وَحَدِّثُوا عَنْ بَنِي إسرائيل وَلاَ حَرَجَ وَمَنْ كَذَبَ عَلَىَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّاْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ »(4)، وما لا يدرك كله لا يترك جله، اجتهدت في البحث والتنقيب علني أستفيد ومن ثم ربما أفيد والله الموفق لما يحبه ويرضاه.
ــــــــــــ
(*)– أقصد بالناس هنا المسلمين فقط(العامة) دون غيرهم من عامة الناس بالمفهوم الواسع.
(1)– صيغة الشهادة هي: « أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله ».
(2)– أركان الإسلام الخمسة هي: « شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت من استطاع إليه سبيلا».
(3) – أركان الإيمان الستة هي: « الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وبالقدر خيره وشره ».
(4)- مختصر صحيح البخاري، ص339.
بوداود جلولي
مقدمـة
بِسْــمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيــمِ
الحمد لله الذي علم الإنسان ما لم يكن يعلم، ووضح له السبيل ليسلك النهج الأقوم، قال عز من قائل:﴿ وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ ﴾(البلد/10)، الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلا على الظالمين، والصلاة والسلام على سيد الأولين والآخرين؛ سيدنا محمد بن عبد الله الذي بعثه الله سبحانه وتعالى داعيا بأمره إلى الصراط المستقيم؛ فلم يزغ ولم يكتم، والصلاة والسلام على آله وصحبه أجمعين، وعلى جميع الأنبياء والمرسلين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
وبعد،
لقد سمحت لنفسي بالتطفل على علم العلماء وتفكير المفكرين ومعرفة العارفين، سمحت لها بالمساهمة ولو بضوء خافت أمام مصابيح العلماء وأنوار العارفين وشموع المتعلمين، سمحت لها - كي يطلع الناس(*) على ما تعرفت عليه من دين رب الناس- سمحت لها بالكتابة ولو بشيء قليل في الدين الإسلامي والواقع الذي نعيشه نحن اليوم معشر المسلمين.
الشيء الذي دفعني إلى الخوض في هذا الموضوع؛ هو ما لاحظته لدى بعض من خالطتهم من فراغ روحي عقائدي وجهل ديني بصفة عامة، فمنهم من لا يحسن التلفظ بالشهادتين بالصيغة المطلوبة(1)، وإن عرف ذلك ربما لا يعرف لا أركان الإسلام الخمسة(2) ولا أركان الإيمان الستة(3)، وإذا ناقشته أفحمك بجهله، وهناك من لا يعرف عن الله إلا كلمة (الله )، لا يعرف الله حق المعرفة، يعرف كلمة الله والرب وكفى، لا يعرف له أسماء حسنى ولا صفات عُلى ولا أفعال، وهناك من لا يعرف من الرسل إلا محمدا صلى الله عليه وسلم وكأن بقية الرسل لا تعنيه في شيء - وجهل الشيء يؤدي إلى عدم الإيمان به-، وهناك من لا يعرف من الكتب المنزلة إلا القرآن الكريم، يعرف رسمه دون أحكامه، أما بقية الكتب فلا يعرف لها اسما ولا عددا ولا على من أنزلت.
فالناس في حاجة إلى معرفة دينهم معرفة حقيقية، معرفة تخدم الدين والدنيا، لا إفراط في ذلك ولا تفريط، معرفة شاملة كاملة تامة غير ناقصة، ورغم هذه الحاجة فإن بعض أئمة المساجد يقتصرون في دروسهم على ''أبجديات الدين'' -إن أحسنوا ذلك- غير عابئين بالأمور الأخرى من هذا الدين الذي ارتضاه الله سبحانه وتعالى لعباده المسلمين، وكأن الناس في غنى عن معرفة هذه الأمور، والحقيقة أنه لولا العلماء العاملون الذين بالغوا في النصح والإرشاد عبر المحطات التليفزيونية - جزاهم الله عنا خيرا– لصلينا على الأمة الإسلامية صلاة ليس فيها ركوع ولا سجود.
ترى الناس في المساجد ركعا سجدا خشعا -على ما يبدو–، وبمجرد انتهاء الصلاة وجعل باب المسجد وراء ظهورهم يلبسون لباس الذئاب المفترسة، يعيشون حياتهم كما يقولون وكما يريدون!، يعيشون حياة دنيوية بعيدة كل البعد عن شرع الله، لا يحدهم شيء عما يبتغونه، ينغمسون في الملذات، يقدمون على كل ما لذ وطاب، فلا رقيب هنالك ولا حسيب وكأن الله سبحانه وتعالى لا يوجد إلا في المساجد، يتعاملون بالربا والخديعة ويتعاطون الرشاوى، الحرام عندهم مفتاح السعادة إن حقق لهم مآربهم، والحلال عندهم حجر عثرة إن حرمهم من الملذات، أطمست المادة قلوبهم وعقولهم، صاروا كالحيوان الذي لا يهمه من الأمر إلا إشباع غريزته بل هم أضل من الحيوان، أمرهم هذا محير غريب وسلوكم عجيب.... !
لقد بحثت ونقبت في بعض الكتب، وقارنت ما عثرت عليه وفهمته من أمور الدين الإسلامي بالسلوكيات والتصرفات التي نعيشها اليوم، فوجدت هذه التصرفات تبتعد عن الإسلام كل البعد، تبتعد عنه بعد السماء عن الأرض.
إن كل مسلم غيور على إسلامه اليوم وعلى أمته الإسلامية يحس بمرارة تملأ نفسه وبإحباط و يأس يصيبانه من جراء ما آل إليه حال المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها؛ ومسلموا غزة والعراق وغيرهم من المستضعفين في بقاع العالم الذين يفعل بهم الأعداء الأفاعيل على مرأى ومسمع من الجميع ليسوا عنا ببعيد، هؤلاء الذين تتقطع لهم نياط قلب كل مسلم ألما وحسرة، فالأمة الإسلامية قد تحولت من قوة في العهود الإسلامية الزاهرة إلى ضعف، ومن صعود إلى هبوط، ومن عز إلى ذل، ومن قيادة وريادة إلى إتباع، ومن مهابة إلى مهانة، ومن تجمع إلى تشتت، ومن تآلف إلى تنافر ومن اتحاد إلى تفرق.
لقد أفرغنا الدين الإسلامي من محتواه الحقيقي، جعلناه شكلا بلا مضمون وجسدا بلا روح، غيرنا ما بأنفسنا فغير الله سبحانه وتعالى ما أنعم به علينا، قال تعالى: ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِعْمَةً آنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾(الأنفال/53)، فمن تمام عدله وقسطه سبحانه وتعالى أنه لا يغير نعمة أنعمها على عبد إلا إذا ارتكب هذا العبد ذنبا، فآل فرعون وأمثالهم كانوا في نعمة من جنات وعيون وزروع وكنوز ومقام كبير فكهين، كفروا بآيات الله فأزال الله سبحانه وتعالى عنهم هذه النعم، ظلموا أنفسهم بابتعادهم عما أمرهم الله به وكل من يبتعد عن شرع الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم في معاشه ومآله يلقى نفس المصير، قال تعالى: ﴿ وَلا تَكُونُواْ كَالذِينَ نَسُواْ اللَّهَ فَأَنسَاهُمُ أَنفُسَهُمُ أُوْلَئِكَ هُمُ الفَاسِقُونَ ﴾(الحشر/19)، فلا تخرج أيها العبد الضعيف عن طاعة الله فتهلك يوم القيامة وتخسر يوم المعاد، لا تنسى الله سبحانه وتعالى وتتجبر في هذه الدنيا، إنها زائلة والجزاء من جنس العمل.
أعلم أني لا أستطيع أن أوفي هذا الموضوع حقه؛ لكني اجتهدت كي أنال أجر الاجتهاد إن شاء الله، ورسولنا الكريم عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم يقول: « بَلِّغُوا عَنِّي وَلَوْ آيَةً وَحَدِّثُوا عَنْ بَنِي إسرائيل وَلاَ حَرَجَ وَمَنْ كَذَبَ عَلَىَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّاْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ »(4)، وما لا يدرك كله لا يترك جله، اجتهدت في البحث والتنقيب علني أستفيد ومن ثم ربما أفيد والله الموفق لما يحبه ويرضاه.
ــــــــــــ
(*)– أقصد بالناس هنا المسلمين فقط(العامة) دون غيرهم من عامة الناس بالمفهوم الواسع.
(1)– صيغة الشهادة هي: « أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله ».
(2)– أركان الإسلام الخمسة هي: « شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت من استطاع إليه سبيلا».
(3) – أركان الإيمان الستة هي: « الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وبالقدر خيره وشره ».
(4)- مختصر صحيح البخاري، ص339.
بوداود جلولي