راجي الصّمدِ
2012-01-28, 20:07
السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ومرحبا بجميع الإخوة والأخوات
تختلف قابليّات النّاس بالنسبة لما جاء في دين الله تعالى
من العلم والهدى كلّ بحسب ما وفّقه الله إليه
وما هداه إليه هداية عامّة لكلّ النّاس
وهداية خاصّة للمؤمنين ..
وبحسب ما بذله كلّ واحد منّا من أجل أن يقبل
هذا الهدى بقلبه ويعمل به بجوارحه...
وقد بيّن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم هذا المعنى
بحديث جميل طيّب مبارك ...
أحببت أن أترككم مع شرح له لطيف
للإمام ابن قيّم الجوزية رحمه الله وأسكنه الفردوس الأعلى...
قال رحمه الله :
وقد ذكر النبي صلّى الله عليه وسلّم
أقسام الخلائق بالنسبة إلى دعوته وما بعث به من الهدى في
قوله صلّى الله عليه وسلّم:
« مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل غيث أصاب أرضاً؛
فكانت منها طائفة طيبة قبلت الماء فأنبتت الكلأ والعشب الكثير،
وكانت منها أجادب أمسكت الماء فسقى الناس وزرعوا،
وأصاب طائفة أخرى إنما هي قيعان لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ؛
فذلك مثل من فقه في الدين فنفعه ما بعثني الله به،
و مثل من لم يرفع بذلك رأساً
ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به ».
البخاري ومسلم
فشبه صلّى الله عليه وسلّم العلم الذي جاء به بالغيث؛
لأن كلا منهما سبب الحياة؛ فالغيث سبب حياة الأبدان،
والعلم سبب حياة القلوب، وشبّه القلوب بالأودية،
كما في قوله تعالى
: " أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا "،
وكما أن الأرضين ثلاثة بالنسبة إلى قبول الغيث:
إحداها: أرض زكية قابلة للشراب والنبات؛
فإذا أصابها الغيث ارتوت، ومنه يثمر النبت من كل زوج بهيج،
فذلك مثل القلب الزكي الذكي؛ فهو يقبل العلم بذكائه
فيثمر فيه وجوه الحكم ودين الحق بزكائه؛
فهو قابل للعلم، مثمر لموجبه وفقهه وأسرار معادنه.
والثانية: أرض صلبة قابلة لثبوت ما فيها وحفظه؛
فهذه تنفع الناس؛ لورودها والسقي منها والازدراع،
وهو مثل القلب الحافظ للعلم الذي يحفظه كما سمعه،
فلا تصرف فيه ولا استنبط؛ بل للحفظ المجرد،
فهو يؤدي كما سمع، وهو من القسم
الذي قال النبي صلّى الله عليه وسلّم:
«فربّ حامل فقه إلى من هو أفقه، ورب حامل فقه غير فقيه».
أبوداود والتّرمذي وابن ماجه وأحمد
فالأول: كمثل الغني التاجر الخبير بوجوه المكاسب والتجارات؛
فهو يكسب بماله ما شاء.
والثاني: مثل الغني الذي لا خبرة له بوجوه الربح والمكسب،
ولكنه حافظ لما لا يحسن التصرف والتقلب فيه.
والأرض الثالثة: أرض قاع؛
وهو المستوى الذي لا يقبل النبات ولا يمسك ماء؛
فلو أصابها من المطر ما أصابها لم تنتفع منه بشيء.
فهذا مثل القلب الذي لا يقبل العلم والفقه والدراية،
وإنما هو بمنزلة الأرض البوار التي لا تنبت ولا تحفظ،
وهو مثل الفقير الذي لا مال له، ولا يحسن أن يمسك مالاً.
فالأول: عالم معلم وداع إلى الله على بصيرة؛ فهذا من ورثة الرسل.
والثاني: حافظ مؤد لما سمعه؛ فهذا يحمل لغيره ما يتجر به المحمول إليه ويستثمر.
والثالث: لا هذا ولا هذا؛ فهو الذي لم يقبل هدى الله، ولم يرفع به رأساً.
فاستوعب هذا الحديث أقسام الخلق في الدعوة النبوية ومنازلهم؛
منها قسمان: قسم سعيد، وقسم شقي.
زاد المهاجر إلى ربّه
ص 72 إلى 75
طبعة دار البّلاغ
والله الموفّق
لا إله غيره ولا ربّ سواه
.....
ومرحبا بجميع الإخوة والأخوات
تختلف قابليّات النّاس بالنسبة لما جاء في دين الله تعالى
من العلم والهدى كلّ بحسب ما وفّقه الله إليه
وما هداه إليه هداية عامّة لكلّ النّاس
وهداية خاصّة للمؤمنين ..
وبحسب ما بذله كلّ واحد منّا من أجل أن يقبل
هذا الهدى بقلبه ويعمل به بجوارحه...
وقد بيّن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم هذا المعنى
بحديث جميل طيّب مبارك ...
أحببت أن أترككم مع شرح له لطيف
للإمام ابن قيّم الجوزية رحمه الله وأسكنه الفردوس الأعلى...
قال رحمه الله :
وقد ذكر النبي صلّى الله عليه وسلّم
أقسام الخلائق بالنسبة إلى دعوته وما بعث به من الهدى في
قوله صلّى الله عليه وسلّم:
« مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل غيث أصاب أرضاً؛
فكانت منها طائفة طيبة قبلت الماء فأنبتت الكلأ والعشب الكثير،
وكانت منها أجادب أمسكت الماء فسقى الناس وزرعوا،
وأصاب طائفة أخرى إنما هي قيعان لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ؛
فذلك مثل من فقه في الدين فنفعه ما بعثني الله به،
و مثل من لم يرفع بذلك رأساً
ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به ».
البخاري ومسلم
فشبه صلّى الله عليه وسلّم العلم الذي جاء به بالغيث؛
لأن كلا منهما سبب الحياة؛ فالغيث سبب حياة الأبدان،
والعلم سبب حياة القلوب، وشبّه القلوب بالأودية،
كما في قوله تعالى
: " أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا "،
وكما أن الأرضين ثلاثة بالنسبة إلى قبول الغيث:
إحداها: أرض زكية قابلة للشراب والنبات؛
فإذا أصابها الغيث ارتوت، ومنه يثمر النبت من كل زوج بهيج،
فذلك مثل القلب الزكي الذكي؛ فهو يقبل العلم بذكائه
فيثمر فيه وجوه الحكم ودين الحق بزكائه؛
فهو قابل للعلم، مثمر لموجبه وفقهه وأسرار معادنه.
والثانية: أرض صلبة قابلة لثبوت ما فيها وحفظه؛
فهذه تنفع الناس؛ لورودها والسقي منها والازدراع،
وهو مثل القلب الحافظ للعلم الذي يحفظه كما سمعه،
فلا تصرف فيه ولا استنبط؛ بل للحفظ المجرد،
فهو يؤدي كما سمع، وهو من القسم
الذي قال النبي صلّى الله عليه وسلّم:
«فربّ حامل فقه إلى من هو أفقه، ورب حامل فقه غير فقيه».
أبوداود والتّرمذي وابن ماجه وأحمد
فالأول: كمثل الغني التاجر الخبير بوجوه المكاسب والتجارات؛
فهو يكسب بماله ما شاء.
والثاني: مثل الغني الذي لا خبرة له بوجوه الربح والمكسب،
ولكنه حافظ لما لا يحسن التصرف والتقلب فيه.
والأرض الثالثة: أرض قاع؛
وهو المستوى الذي لا يقبل النبات ولا يمسك ماء؛
فلو أصابها من المطر ما أصابها لم تنتفع منه بشيء.
فهذا مثل القلب الذي لا يقبل العلم والفقه والدراية،
وإنما هو بمنزلة الأرض البوار التي لا تنبت ولا تحفظ،
وهو مثل الفقير الذي لا مال له، ولا يحسن أن يمسك مالاً.
فالأول: عالم معلم وداع إلى الله على بصيرة؛ فهذا من ورثة الرسل.
والثاني: حافظ مؤد لما سمعه؛ فهذا يحمل لغيره ما يتجر به المحمول إليه ويستثمر.
والثالث: لا هذا ولا هذا؛ فهو الذي لم يقبل هدى الله، ولم يرفع به رأساً.
فاستوعب هذا الحديث أقسام الخلق في الدعوة النبوية ومنازلهم؛
منها قسمان: قسم سعيد، وقسم شقي.
زاد المهاجر إلى ربّه
ص 72 إلى 75
طبعة دار البّلاغ
والله الموفّق
لا إله غيره ولا ربّ سواه
.....