المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ماذا تعرف عن مؤسسة راند


ابو الرباب عبدالرحمن
2012-01-22, 19:50
ملف حول مؤسسة راند الأمريكية Rand
مؤسسة راند: الولد الشرعي للبنتاغون
تم تأسيس مؤسسة راند (Research And Development) عام 1945 بإشراف القوات الجوية الأميركية، وبمشاركة شركة "دوغلاس للطيران". إلا أن المشروع تحول لاحقا في عام 1948 إلى "منظمة مستقلة غير ربحية" بتمويل من وقف فورد الخيري (Ford Foundation).

كان الهدف من تأسيس المؤسسة في الأصل هو "إمداد القوات الأميركية بالمعلومات والتحليلات اللازمة" إلا أن هذا الهدف توسع لاحقاً عندما أصبحت المؤسسة شبه مستقلة، ليشمل تعاملها واهتمامها معظم المجالات ذات العلاقات بالسياسات العامة داخل أميركا وخارجها.

ويوجد لدى المؤسسة "مجلس أمناء" يضع خططها المستقبلية، ومن أهم من عمل بهذا المجلس: دونالد رامسفيلد، كوندوليزا رايس، زالماي خليل زادا.

الأهداف

تعلن المؤسسة في أدبياتها وعبر موقعها على الإنترنت أنها "مؤسسة محايدة غير ربحية، تسعى إلى مساعدة الساسة وصناع القرار في فهم القضايا العامة من خلال البحث الجاد والتحليل العميق" وهذا هو نفس الهدف الذي تعلن عنه معظم مراكز التفكير في العالم ضمن ديباجة التأسيس. لكن أهداف المراكز -في الحقيقة- تتباين تباين أهداف المؤسسين والممولين والمشرفين. وقد خرجت مؤسسة "راند" في الأصل من تحت عباءة وزارة الدفاع الأميركية "البنتاغون" وظلت سمة " العسكرية" تميز ميولها واهتماماتها وأبحاثها حتى اللحظة.

ويفسر الدكتور رونالد سرّ ميول "راند" العسكرية قائلا: "إن مؤسسة راند تأسست من أجل حماية أمن أميركا في عصر القنبلة النووية" يضاف إلى ذلك الطابع شبه الرسمي لها، وقربها من دوائر الحكومة الأميركية.
ورغم هذا الطابع العسكري العام، فقد اشتهرت راند لفترة بدراساتها الفنية والاجتماعية المميزة بالاهتمام بالشأن الداخلي الأميركي المحض. وقد أسهم كثير من باحثيها أثناء تلك الفترة، في تطوير وظهور شبكة الإنترنت مثلا، كما أنها أنجزت "أهم دراسة عن التأمين الصحي في أميركا ما بين 1974-1982.

كذلك بدأت اهتمامات المؤسسة بالتوسع تحت ضغط الطموحات الخارجية للولايات المتحدة الأميركية وتحولها من دولة قوية مشغولة بشأنها الداخلي، إلى إمبراطوية مهووسة باللعب على الساحة الدولية. وهكذا اتجهت المؤسسة، مسلحة بعلاقاتها الواسعة خصوصاً داخل دوائر المال والأمن، إلى الاهتمام بقضايا الأمن والشرق الأوسط ومكافحة الإرهاب. فعلى سبيل المثال، وحسب التقرير السنوي للمؤسسة عام 2005 "فإن نصف الدراسات التي يعدها باحثو المؤسسة اليوم تتعلق بقضايا الأمن القومي والعالمي".

الحضور والتأثير

ظلت "راند" شديدة التأثير في صياغة الرأي لدى صناع القرار في أميركا، وخاصة المؤسسة العسكرية ممثلة في البنتاغون. وقد أسهمت بحوثها إسهاما متميزا في كشف الكثير من المعلومات عن روسيا، حسبما قال مايكل ريتش نائب رئيس راند في مقال له بعنوان "راند: كيف تتعاطى مراكز التفكير مع العسكر؟".
والواقع أن "راند" ليست بدعاً في تأثيرها على صناع القرار، بل هذه هي سمة مراكز التفكير بشكل عام في الولايات المتحدة الأميركية.

صياغة عقليات الساسة

يقول دونالد أبلسون الأستاذ بجامعة ويسترن أونتاريو ومؤلف كتابين عن ظاهرة مراكز التفكير في أميركا: "رغم أن حضور مراكز التفكير أصبح ظاهرة عالمية خلال العقود الماضية، إلا أن المراكز الأميركية بالذات تتميز بقدرتها على التأثير في صنع القرار، كما يتميز الساسة الأميركيون في ثقتهم بتلك المراكز وكثرة رجوعهم إليها". وهذا الوصف قد ينطبق على "راند" أكثر من أي مركز آخر. فالساسة في الولايات المتحدة ينظرون بكثير من الثقة إلى أبحاثها، حتى إن بول بريمر الحاكم الأميركي المدني السابق للعراق يذكر في مذكراته عن غزو العراق (My Year In Iraq) (ص 9) أنه عندما وطئت قدماه أرض العراق ودخل مكتبه لأول مرة وبدأ يفكر في طريقة تسييره لشؤون هذا البلد، كان أول ما وُضع بين يديه تقرير استراتيجي أعدته مؤسسة راند عن أفضل السبل لتسيير الوضع في العراق المحتل، وتلك قصة معبرة عن مدى تأثير راند في حياة الشعوب في الشرق الأوسط.

وتتميز مؤسسة "راند" أيضاً بتاريخها الفكري الطويل الذي مكنها تراكميا من تكوين سمعة ممتازة في مجال الدراسات الأمنية، فعلى سبيل المثال، اعتُبرت الدراسة التي أنتجتها المؤسسة يوم 23 أبريل 1964(وكانت داخلية لا يسمح بالاطلاع عليها أو نشرها) عن "التمرد" في الجزائر بمثابة الوصفة السحرية التي يمكن بواسطة دراستها وتمثلها إنجاح الاحتلال الأميركي للعراق. كانت هذه الدراسة بعنوان: Insurgency and Counterinsurgency in Algeria.

مآخذ

يأخذ المراقبون على "راند" نزعتها العسكرية الجامحة، ووقوفها مع الحروب الاستباقية التي شنها جورجبوش، إذ ترتبط المؤسسة بعلاقات متميزة بشركات تصنيع الأسلحة وأجهزة الاستخبارات، مما جعلها هدفا للكثير من نظريات المؤامرة حتى داخل أميركا.
إلا أن منتقدي المؤسسة لم يتمكنوا من الحصول على أية ملفات أو وثائق تتضمن أدلة قطعية تثبت تورط المؤسسة في النشاطات العسكرية المباشرة المشبوهة، لا سيما بالنظر إلى الطبيعة السرية العالية لكل علاقات وتقارير راند العسكرية أو الاستخباراتية.

إمكانات هائلة

تتوفر المؤسسة على إمكانات هائلة تكاد تشبه ميزانية بعض الدول المستقلة في أفريقيا، فإذا كانت دولة مثل جيبوتي قد بلغت نفقاتها لعام 1999 مبلغ 82 مليون دولار، فإن مصروفات راند سنويا بلغت أكثر من 100 مليون دولار، كما يبلغ عدد العاملين فيها 1600 عامل، ما بين إداري وباحث.
وتوجد عدة فروع للمؤسسة، بعضها داخل أميركا وبعضها في الخارج. إذ توجد ثلاث مقرات رئيسية في كل من: سانتا مونيكا كاليفورنيا، وواشنطن دي.سي، وبتسبيرغ بنسلفينيا، وكامبردج بالمملكة المتحدة، إضافة إلى فرع افتتح حديثاً في دولة قطر.

وتفخر "راند" بأنها "ظلت على مدى60 عاماً مرجعاً للسياسيين، يعودون إليها للتشاور والاطلاع وحل القضايا الشائكة ذات الطابع العام: كالمشكلات الاجتماعية مثل التعليم والصحة، أو العالمية مثل قضايا الأمن الدولي.
كما تفخر راند بأنها محضن برادي راند للدراسات العليا (PRGS) وهي مدرسة مختصة بتدريس السياسة العامة في الولايات المتحدة، وتعتبر أكثر مدرسة منحت شهادة الدكتوراة في مجال السياسة العامة داخل أميركا حتى الساعة.

مجالات البحث نتيجة الأذرع المتنوعة لمؤسسة راند، يصعب حصر مجالات الاهتمام التي يغطيها باحث