تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : المسؤولية تكليف وليس تشريف


merad
2012-01-21, 21:44
دعا أبو جعفر المنصور سفيان الثوري العابد الزاهد ليوليه القضـاء
فلما مُثل سفيان بين يديه ، قال له المنصور : إنا نريد أن نوليك القضاء في بلدة كذا، فأبى سفيان ، وأبو جعفر يكرر عليه وهو يأبى .
فقال له المنصور : إذن نقتلك،
قال سفيان: افعل ما شئت
فصاح المنصور : يا غلام النطع والسيف ، فاقبلوا بالنطع ( وهو جلد يوضع تحت الذي يٌقتل حتى لا تتسخ الأرض بدمه) ، ثم اقبلوا بالسيف ، فلما رأى سفيان السيف ، علم أن الأمر جدي ، فقال : أيها الخليفة انظري إلى غدٍ أتيك بزي القضاة.
فلما اظلم عليه الليل ، ركب دابته وخرج من الكوفة هاربا.
فلما أصبح ابوجعفر انتظر سفيان الثوري أن يقدم إليه ، فلم يأت حتى فأمر رجاله أن يلتمسوه فذهبوا ثم رجعوا إليه فقالوا بأنه قد خالفك وهرب في ظلمة الليل. فغضب ابو جعفر ، وأرسل إلى جميع الممالك بأنه من يأتى بسفيان الثوري حيا أو ميتا له كذا وكذا.
هرب سفيان الثوري وذهب إلى اليمن، وفي طريقه احتاج إلى المال ، فأجر نفسه عند صاحب بستان على طريق اليمن ، فأخذ يشتغل فيه أياما ، وبعد مدة جاء صاحب البستان ، فسأله : من أين أنت يا غلام؟؟؟( وكان لا يعرف انه سفيان الثوري العابد الزاهد ، عالم المسلمين)،،،،،،،فأجابه سفيان : أنا من الكوفة ،،،فسأله صاحب البستان :: أرطب الكوفة أطيب أم الرطب الذي عندنا؟؟
فأجابه سفيان ::أنا ما ذقت الرطب الذي عندكم!!!
قال صاحب البستان: سبحان الله!! الناس جمعيهم صغيرهم وكبيرهم بل حتى الحمير والكلاب اليوم تأكل الرطب من كثرته ، وأنت ما أكلت الرطب ؟؟؟!!!!!!!! لما لم تأكل من المزرعة الرطب وأنت تعمل فيها؟؟؟؟
قال سفيان : لأنك لم تأذن لي بذلك فلا أريد أن أدخل في جوفي شيئا من الحرام.
فعجب صاحب البستان من ورعه، وظن انه يتصنع الورع ،
فقال لسفيان :: أتتصنع الورع ، والله لو كان سفيان الثوري!!! (هو لا يعرف انه سفيان الثوري) لأكل منها.
فسكت سفيان ،، فخرج صاحب البستان إلى صديق له ، فقال له : إن لي غلام يعمل في البستان ومن شأنه كذا وكذا ، وانه يتصنع الورع والله لو انه سفيان الثوري لأكل
سأله صاحبه : وما صفته؟؟ قال : من صفته كذا وكذا
قال صاحبه : هذه والله هي صفة سفيان ، فتعال نقبض عليه ونحوز على جائزة الخليفة.
فلما اقبلوا على البستان ، فإذا سفيان قد اخذ متاعه وفر إلى اليمن. وقد اشتغل عند أناس ما لبث حتى اتهموه بالسرقة. فحملوه إلى والي اليمن، فلما دخل على الوالي ، ونظر إليه ، رأى رجلا وقورا.
فسأله : هل سرقت؟؟ قال سفيان: لا والله ما سرقت
قال الوالي : هم يتهمونك انك سرقت ،،رد سفيان :: تهمة يتهموني بها فليلتمسوا متاعهم أين يكون؟
فأمرهم والي اليمن بالخروج من عنده ، حتى يحقق مع سفيان الثوري لوحده ويسأله.
فسأله : ما اسمك؟
قال سفيان : أنا اسمي عبد الله
قال الوالي : أقسمت عليك أن تقول اسمك فكلنا عبيدٍ لله
قال : أنا اسمي سفيان
قال : سفيان ابن من؟
رد سفيان : اسمي سفيان ابن عبد الله
قال الوالي : أقسمت عليك أن تخبرني باسمك واسم أبيك وان تنتسب.
قال : أنا اسمي سفيان ابن سعيد الثوري
فأنتفض الوالي وقال : أنت سفيان الثوري!!! ،
قال : نعم ،
،قال : أنت بغية أمير المؤمنين ،
رد سفيان : نعم ،
قال : أنت الذي فررت من بين يدي أبي جعفر المنصور ،
قال : نعم ،
قال : أنت الذي أرادك على القضاء فأبيت ،
قال : نعم،
قال: أنت الذي جعل فيك الجائزة ،
قال : نعم
عندها خفض الوالي رأسه قليلا ثم رفعه ، ثم قال : يا أبا عبد الله أقم كيف شئت وارحل كيف شئت ، فوالله لو كنت مختبئا تحت قدمي ما رفعتها عنك.

عندها خرج سفيان ورحل إلى مكة ، وسمع ابو جعفر أن سفيان في مكة ، وكان حينها وقت الحج ، فأرسل ابو جعفر الخشابين وقال لهم :انصبوا الخشب واقبضوا عليه ، وعلقوه على باب الحرم حتى آتي أنا واقتله بنفسي وأُذهب ما في قلبي من غيظ عليه.
دخل الخشابون الحرم، وبدوا يصيحون : من لنا بسفيان الثوري؟؟؟ فلما علم بهم سفيان ، فإذا هو بين العلماء قد أحاطوا به يسألونه وينهلون من علمه، فلما سمع العلماء بالخشابين ينادون به ، قالوا لسفيان : يا أبا عبدالله لا تفضحنا فنُقتل معك.
عندها قام سفيان وتقدم حتى وصل إلى الكعبة ، ثم رفع يديه وقال : اللهم إني أقسمت عليك أن لا يدخلها أبو جعفر، اللهم إني أقسمت عليك أن لا يدخلها أبو جعفر (أي ان لا يدخل ابو جعفر مكة) ، وأخذ يكرر دعائه. فإذا بهذه الدعوات تقرع أبواب السموات ، فينزل ملك الموت فيقبض روح أبو جعفر المنصور وهو على حدود مكة، ويدخل أبو جعفر مكة ميتا.