مشاهدة النسخة كاملة : الرد على شبهة: الغناء والموسيقى مسألة خلافية
جمال البليدي
2012-01-20, 21:53
الشبهة
الغناء والموسيقى من المسائل المختلف فيها بين العلماء والأمر فيها واسع وهي ليست من مسائل الإجماع
الجواب
من كتاب الرد على القرضاوي والجديع للشيخ عبدالله رمضان بن موسى
الفصل الثاني
إجماع علماء الأُمّة على تحريم آلات الموسيقى
الإجماعان الأول والثاني:
سيأتي ذكرهما في الآخر؛ لأن الكلام عليهما سيطول.
◘الإجماع الثالث: نَقَلَهُ الإمام ابن جرير الطبري (وُلد 224هـ):
قال الإمام ابن جرير الطبري في كتابه «تهذيب الآثار»: (النبي صلى الله عليه وسلم أمر عليا بكسر الصنم .. فإذا كان أمر النبي صلى الله عليه وسلم عليا بكسره وتغييره عن هيئته المكروهة التي يُعصى الله به من أجلها .. فمعلوم أن ما ذكرت من الطنابير والعيدان والمزامير، وما أشبه ذلك من الأشياء التي يعصى الله باللهو بها، أولى وألزم للمرء المسلم تغييرها عن هيئتها المكروهة التي يعصى الله بها..، وبنحو الذي قلنا في ذلك وردت الآثار عن السلف الماضيين من علماء الأمة، وعمل به التابعون لهم بإحسان .. حدثنا ابن بشار .. عن إبراهيم، قال:- كان أصحاب عبد الله يستقبلون الجواري معهن الدفوف في الطرق فيخرقونها-) .. انتهى
وخبر خرق الدفوف ذكره الشيخ الألباني، وقال: (رواها ابن أبي شيبة أيضاً بسند صحيح) ([1]) .. انتهى.
◘الإجماع الرابع: نقله الإمام أبو بكر الآجري (ولد نحو 280هـ):
قال الإمام أبو بكر الآجري في مقدمة كتابه (تحريم النرد والشطرنج): (أما بعد: فإن سائلاً سأل عن هذه الملاهي التي يلهو بها كثير من الناس ويُلعب بها، مثل: النرد والشطرنج والزمارة والصفارة والصنج والطبل والعود والطنبور .. الجواب وبالله التوفيق: جميعُ ما سأل عنه السائل والعمل به واللعب به باطل وحرام العمل به، وحرام استماعه بدليل من كتاب الله عز وجل، وسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقول الصحابة رضي الله عنهم).. انتهى
وقال الحافظ ابن رجب: (سماع آلات الملاهي كلها، وكلٌ منها مُحَرَّمٌ بانفراده. وقد حكى أبو بكر الآجري وغيره إجماع العلماء على ذلك) ([2]). انتهى
◘الإجماع الخامس: نقله الإمام أبو الطَّيب الطَّبري (ولد 348هـ):
قال الحافظ ابن رجب: (وقد صنف القاضي أبو الطيب الطبري الشافعي رحمه الله مصنفاً في ذم السماع وافتتحه بأقوال العلماء في ذمه .. ثم ذكر بعد ذلك قول فقهاء الأمصار، ثم قال: فقد أجمع علماء الأمصار على كراهته والمنع منه .. فأما سماع آلات اللهو فلم يَحْكِ في تحريمه خِلافاً، وقال: إن استباحتها فسق) ([3]). انتهى
وقال الإمام ابن القيم: (قال القاضي أبو الطيب: .. وأمّا العود والطنبور وسائر الملاهي فحرام ومستمعه فاسق واتِّباع الجماعة أولى) ([4]). انتهى
◘الإجماع السادس: نقله الإمام أبو الفتح سليم الرازي (ولد قريباً من 360هـ):
قال شهاب الدين ابن حجر الهيتمي: (وممن نقل الإجماع على ذلك أيضاً –أي على تحريم المعازف- إمام أصحابنا المتأخرين: أبو الفتح سليم بن أيوب الرازي، فإنه قال في تقريبه بعد أن أورد حديثاً في تحريم الكوبة: «وفيه حديث آخر: «إن الله يغفر لكل مذنب إلا صاحب عرطبة أو كوبة». والعرطبة: العود، ومع هذا فإنه إجماع) ([5]). انتهى
قلت: ولا نحتاج إلى الكلام على سند الحديث الذي ذكره، إنما يهمنا هنا أن الإمام أبا الفتح سليم الرازي قد صرَّح بالإجماع على تحريم آلة موسيقية.
◘الإجماع السابع: نقله الإمام البغوي، الحسين بن مسعود (ولد 436هـ):
قال الإمام البغوي في كتابه (شرح السنة): (واتفقوا على تحريم المزامير والملاهي والمعازف) ([6]). انتهى
◘الإجماع الثامن: نقله الإمام جمال الإسلام ابن البرزي (ولد 471هـ):
قال شهاب الدين ابن حجر الهيتمي: (وقال الإمام جمال الإسلام ابن البزري – بكسر الباء، نسبة لبزر الكتان-: الشبابة زمر لا محالة حرام بالنص، ويجب إنكارها ويحرم استماعها، ولم يقل العلماء المتقدمون، ولا أحد منهم بحلها وجواز استعمالها) ([7]). انتهى
◘الإجماع التاسع: نقله الإمام ابن أبي عصرون، عبد الله التميمي (ولد 492هـ):
قال ابن أبي عصرون في الشبابة: (الصواب تحريمها، بل هي أجدر بالتحريم من سائر المزامير المتفق على تحريمها؛ لشدة طربها). انتهى
◘الإجماع العاشر: نقله الإمام ابن قدامة، عبد الله المقدسي (ولد 541هـ):
قال الإمام ابن قدامة: (آلة اللهو كالطنبور، والمزمار .. آلة للمعصية بالإجماع) ([1]).انتهى
◘الإجماع الحادي عشر: نقله الإمام الرافعي، عبد الكريم بن محمد (ولد 555هـ):
قال شهاب الدين ابن حجر الهيتمي: (قال الرافعي في «العزيز»، والنووي في «الروضة»: المزمار العراقي وما يضرب به مع الأوتار حرام بلا خلاف) ([9]). انتهى
◘الإجماع الثاني عشر: نقله الإمام ابن الصلاح، أبو عمرو (ولد 577هـ):
قال الحافظ أبو عمرو ابن الصلاح: (فليعلم أن الدف والشبابة والغناء إذا اجتمعت فاستماع ذلك حرام عند أئمة المذاهب وغيرهم من علماء المسلمين ولم يثبت عن أحد ممن يُعتد بقوله في الإجماع والاختلاف أنه أباح هذا السماع) ([10]). انتهى
◘الإجماع الثالث عشر: نقله الإمام أبو العباس القرطبي (ولد 578هـ):
قال الإمام أبو العباس القرطبي: (أما المزامير والأوتار والكوبة – وهو طبل طويل ضيق الوسط .. فلا يختلف في تحريم سماعه، ولم أسمع عن أحد ممن يعتبر قوله من السلف وأئمة الخلف من يبيح ذلك) ([11]). انتهى.
◘الإجماع الرابع عشر: نقله الإمام محيي الدين النووي (ولد 631هـ):
قال الإمام النووي في كتابه (روضة الطالبين وعمدة المفتين): (المزمار العراقي وما يضرب به الأوتارحرام بلا خلاف) ([12]). انتهى
◘الإجماع الخامس عشر: نقله الإمام ابن تيمية (ولد 631هـ):
قال الإمام ابن تيمية: (وكل ما كان من العين أو التأليف –أي التركيب- المحرم فإزالته وتغييره متفق عليها بين المسلمين، مثل إراقة خمر المسلم، وتفكيك آلات الملاهي) ([13]). انتهى.
وقال الإمام ابن تيمية أيضاً: (فدلَّ هذا الحديث على تحريم المعازف، والمعازف هي آلات اللهو عند أهل اللغة، وهذا اسم يتناول هذه الآلات كلها، ولهذا قال الفقهاء: إن من أتلفها فلا ضمان عليه إذا أزال التالف المحرَّم) ([14]). انتهى.
وقال الإمام ابن تيمية أيضا: (إتلاف الآلة التي يقوم بها صورة التأليف المحرم وهي آلات اللهو؛ فإن هذه العقوبات المالية ثابتة بالسنة وسيرة الخلفاء) ([15]).
◘الإجماع السادس عشر: نقله الإمام ابن القيم (ولد 691هـ):
قال الإمام ابن القيم: (أصوات المعازف التي صح عن النبي تحريمها، وأن في أمته من سيستحلها بأصح إسناد، وأجمع أهل العلم على تحريم بعضها، وقال جمهورهم: بتحريم جملتها) ([16]). انتهى.
قلت: فهذه النقول تبين لك أخي القارئ أنه قد أجمع أهل العلم على تحريم المعازف من حيث الجملة، لكن اختلفوا فيما يُستثنى من ذلك، حيث استثنى البعض ضرب الدف عند قدوم الغائب أو للقادم من الجهاد، بينما جزم الباقون بتحريمه، كذلك استثنى البعض ضرب الدف في العيد والنكاح للرجال، بينما جزم الباقون بتحريمه لأن استثناء الدف في العيد والنكاح خاص بالنساء فقط.
◘الإجماع السابع عشر: نقله الإمام شهاب الدين الأذرعي (ولد 708هـ):
قال الإمام شهاب الدين الأذرعي – فيمن يصفر بالشبابة على القانون المعروف -: (فهي حرام مطلقاً، بل هي أجدر بالتحريم من سائر المزامير المتفق على تحريمها) ([17]). انتهى.
◘الإجماع الثامن عشر: نقله الحافظ ابن رجب (ولد 736هـ):
قال الحافظ ابن رجب: (سماع آلات الملاهي ..لا يُعرف عن أحد ممن سف الرخصة فيها، إنما يُعرف ذلك عن بعض المتأخرين من الظاهرية والصوفية ممن لا يعتد به) ([18]). انتهى.
وقال الحافظ ابن رجب في كتابه (فتح الباري شرح صحيح البخاري): (وأما استماع آلات الملاهي المطربة المتلقاة من وضع الأعاجم، فمحرَّمٌ مجمعٌ على تحريمه، ولا يُعلم عن أحد منه الرخصة في شيء من ذلك، ومن نقل الرخصة فيه عن إمام يُعتد به فقد كذب وافترى). انتهى.
وقال الحافظ ابن رجب أيضاً: (سماع آلات الملاهي كلها، وكل منها محرم بانفراده. وقد حكى أبو بكر الآجري وغيره إجماع العلماء على ذلك) ([19]). انتهى
◘الإجماع التاسع عشر: نقله حافظ الدين محمد البزازي الكردي (ولد 827هـ):
قال الإمام ابن نجيم –من كبار فقهاء الحنفية-: (ونقل البزازي في المناقبالإجماع على حرمة الغناء إذا كان على آلة كالعود) ([20]). انتهى.
◘الإجماع العشرون: نقله شهاب الدين ابن حجر الهيتمي (ولد 909هـ):
قال شهاب الدين ابن حجر الهيتمي: (الأوتار والمعازف كالطنبور والعود والصنج، أي ذي الأوتار، والرباب والجنك والكمنجة والسنطير والدريج وغير ذلك .. هذه كلها محرمة بلا خلاف ، ومن حكى فيها خلافاً فقد غلط عليه هواه حتى أصمَّه وأعماه، ومنعه هداه، وزل به عن سنن تقواه .. وممن حكى الإجماع على تحريم ذلك كله الإمام أبو العباس القرطبي، وهو الثقة العدل) ([21]). انتهى
وفيما يلي ننقل لكم الإجماعين الأول والثاني:
جمال البليدي
2012-01-20, 21:59
◘الإجماع الأول: نقله وأقره أمير المؤمنين وخامس الخلفاء الراشدين: عمر بن عبد العزيز:
روى الإمام النسائي في سننه (رقم: 4135)، قال: (أخبرنا عمرو بن يحيى، قال حدَّثنا محبوب –يعني ابن موسى-، قال أنبأنا أبو إسحق –وهو الفزاري- عن الأوزاعي قال: كتب عمر بن عبد العزيز إلى عمر بن الوليد كتاباً فيه: .. «وإظهارك المعازف والمزمار بدعة في الإسلام، ولقد هممت أن أبعث إليك من يجز جمَّتك جمّة السوء»).
وهذا إسناد صحيح، لأن رواته ثقات، والإسناد متصل، وبيانه كما يلي:
1/ عمرو بن يحيى: ثقة.
2/ محبوب بن موسى: ثقة.
3/ أبو إسحاق الفزاري إبراهيم بن محمد: ثقة حافظ.
4/ الإمام الأوزاعي، هو عبد الرحمن بن عمرو: إمام ثقة حافظ.
5/ عمر بن عبد العزيز، هو خامس الخلفاء الراشدين:
قال الإمام الذهبي: (عمر بن عبد العزيز .. الإمام، الحافظ، العلامة، المجتهد، الزاهد، العابد، السيد، أمير المؤمنين حقاً، .. الخليفة،الزاهد، الراشد..
حدَّث عن: عبد الله بن جعفر بن أبي طالب (الصحابي)، والسّائب بن يزيد (الصحابي)، وسهل بن سعد (الصحابي)، واستوهب منه قدحاً شرب منه النبي –صلى الله عليه وسلم- وأم بأنس بن مالك، فقال: ما رأيت أحداً أشبه صلاة برسول الله –صلى الله عليه وسلم- من هذا الفتى .. وكان من أئمة الاجتهاد، ومن الخلفاء الراشدين .. وكان إمام عدل –رحمه الله، ورضي عنه) ([22]). انتهى.
والخلاصة: أن الإسناد صحيح، بفضل الله تعالى.
وقال الشيخ الألباني: (أخرجه النسائي .. بسند صحيح) ([23]). انتهى.
وهذا فيه إجماعان قطعيان على تحريم الموسيقى:
الإجماع الأول: هو ما أخبر به أمير المؤمنين، وخامس الخلفاء الراشدين: عمر بن عبد العزيز، وهذا هو صريح قوله: (وإظهارك المعازف والمزمار بدعة في الإسلام).
فهذا إخبار صريح بأن المعازف لم يُظهرها أحد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولا في عهد الخلفاء الراشدين الأربعة، وهكذا إلى زمن الخليفة عمر بن عبد العزيز.
فهذا هو صريح قوله: (وإظهارك المعازف بدعة في الإسلام).
وعمر بن عبد العزيز قد أدرك عدداً من الصحابة –ذكرهم الإمام الذهبي-، وقد صلَّى خلفه الصحابي أنس بن مالك –رضي الله عنه-، أي أن الإمام في الصلاة كان هو عمر بن عبد العزيز.
وهنا نسأل سؤالين غاية في الأهمية:
◄السؤال الأول: ما هو حكم المعازف الذي عَلِمَه أمير المؤمنين من الصحابة رضي الله عنهم؟
الجواب: يتضح من قوله: (وإظهارك المعازف والمزمار بدعة في الإسلام).
◄السؤال الثاني: وما حكم هذه البدعة التي لم تكن موجودة قبل عهده؟
الجواب: يتضح من قوله: (ولقد هممت أن أبعث إليك من يجز جمَّتك جُمّة السّوءِ).
◄وإليكم تصريحات أئمة اللغة بتعريف البدعة:
1/ جاء في كتاب (العين) ، (باب العين والدال والباء): (البِدْعةُ: ما استحدثت بعد رسول الله صلى الله عليه وآله من أهواء وأعمال). انتهى.
2/ وجاء في (تهذيب اللغة): (كلٌ من أنشأ مالم يُسْبَقْ إليه قيل له: أبدعت. ولهذا قيل لمن خالف السنة: مُبتدع. لأنه أحدث في الإسلام مالم يسبقه إليه السَّلف. وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم بإسناد صحيح أنه قال: إياكم ومُحدثات الأمور، فإن كل مُحدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة) ([24]). انتهى.
3/ وجاء أيضاً في (تهذيب اللغة) للأزهري: (ومحدثات الأمور: ما ابتدعه أهل الأهواء من الأشياء التي كان السلف الصالح على غيرها وقال صلى الله عليه وسلم: «كل محدثٍ بدعة، وكل بدعة ضلالة»)([25]). انتهى.
4/ وجاء في (المخصص في اللغة): (قيل «بدعة» للأمر المختلق الذي لم تجر به عادةٌ ولا سنة) ([26]). انتهى.
5/ وجاء أيضاً في مرجع (المخصص في اللغة): (البِدْع: الشيء الذي يكون أولاً. و «لستُ ببِدْعٍ في كذا» أي: لَسْتُ بأول من أصاب هذا .. والبِدْعة: ما ابتُدع من الأديان والآراء والأهواء). انتهى.
6/ وجاء في (جمهرة اللغة) لابن دريد: (بدعت الشيء، إذا أنشأته .. وكُلٌّ من أحدث شيئاً فقد ابتدعه، والاسم: البِدعة). انتهى من مادة (ب – د – ع).
وفيه أيضاً: (ويقال: جاء الرجل ببدعة، إذا جاء بأمر مُنكَر). انتهى من باب (الباب والدال).
7/ وجاء في (لسان العرب): (بدع الشيء يبدعه بدعاً وابتدعه: أنشأه وبدأه ..، والبِدع: الشيء الذي يكون أولاً .. ، وكل محدثة بدعة: إنما يريد ما خالف أصول الشريعة ولم يوافق السنة) ([27]). انتهى.
8/ وجاء في (الفروق اللغوية)، لأبي هلال العسكري: (الابتداع إيجاد ما لم يسبق إلى مثله) ([28]). انتهى
◄والخلاصة:
أنه يتضح بذلك أن أمير المؤمنين أنكر إظهار المعازف لِما في ذلك من مخالفة إجماع السابقين على كون المعازف من المنكرات التي حرَّمها الشرع.
قال إمام الحرمين الجويني: (قد علمنا قطعاً انتشار احتجاج السلف في الحث على موافقة الأمة واتباعها والزجر على مخالفتها .. وما أبدع مبدع في العصر الخالية بدعة إلا وبخه علماء عصره على ترك الاتباع وإيثار الابتداع .. وهذا ما لا سبيل إلى جحده، وقد تحقق ذلك في زمن الصحابة والتابعين ومن بعدهم) ([29]). انتهى
وقال الإمام ابن برهان –من كبار علماء أصول الفقه – في كتابه (الوصول إلى علم الأصول): (رأينا السابقين من السلف الصالحين يعظمون النكير ويشددون النفير على من خالف إجماع الأمة قبله .. ومثل هذا لا يتفق الناس عليه إلا من توقيف رسول الله صلى الله علسه وسلم، فكانت الحجة لازمة) ([30]). انتهى.
جمال البليدي
2012-01-20, 22:02
◘الإجماع الثاني:
وقع في عهدي عمر بن عبد العزيز والأوزاعي، وهو أن أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز قد صرَّح بأن إظهار المعازف بدعة منكرة يستحق فاعلها العقاب الشديد، حيث قال: (ولقد هممت أن أبعث إليك من يجز جمتك جُمة السوء).
والجُمة: مجتمع شعر الرأس. «الصحاح في اللغة»، مادة (جمم).
والجز: معناه: القطع. انظر: القاموس المحيط، فصل الجيم، لسان العرب، (جزز)
وقوله (يجز جُمتك): معناه يقطع مجتمع شعر رأسك.
وقد أقرَّه على ذلك إمام أهل عصره، وفقيه الشام: الإمام الأوزاعي.
إذ كان الأوزاعي أعلم أهل عصره بالسنة، فلو كان قول عمر غير صحيح –لكان أنكره وما حدَّث به.
فالإمام الأوزاعي حدَّث بخبر عمر بن عبد العزيز ولم ينكره، وقد كان الأوزاعي شديداً في الحق، لا يخشى في الله لومة لائم.
قال الإمام الذهبي: (قد كان عبد الله بن علي ملكاً جباراً، سفاكاً للدماء، صعب المراس، ومع هذا فالإمام الأوزاعي يصدعه بمر الحق ما ترى، لا كخلق من علماء السوء الذي يحسنون للأمراء ما يقتحمون به من الظلم والعسف، ويقلبون لهم الباطل حقاً –قاتلهم الله- أو يسكنون مع القدرة على بيان الحق) ([31]). انتهى
وقال الإمام الذهبي أيضاً: (الأوزاعي .. شيخ الإسلام، وعالم أهل الشام .. كان مولده: في حياة الصحابة .. قال إسماعيل بن عياش: سمعت الناس في سنة أربعين ومائة يقولون: الأوزاعي اليوم عالم الأمة .. ، عن مالك، قال: الأوزاعي إمام يقتدى به ..، وكان له مذهب مستقل مشهور، عمل به فقهاء الشام مدة، وفقهاء الأندلس) ([32]). انتهى.
وقال الحافظ المزي: (أبو عمرو الأوزاعي إمام أهل الشام في زمانه في الحديث والفقه .. وقال أبو عبيد عن عبد الرحمن بن مهدي: ما كان بالشام أحدٌ أعلم بالسنة من الأوزاعي .. وقال أبو حاتم: إمام مُتَّبع لما سمع)([33]).
فالإمام الأوزاعي مُتَّبع لما سمعه عن عمر.
وأقرَّهما على ذلك الإمام مالك؛ وسيأتي تصريح الإمام مالك بعدم جواز المعازف.
قال الإمام أبو يعلى الخليلي في (الإرشاد في معرفة علماء الحديث): (أبو عمرو الأوزاعي إمام بلا مدافعة، ورعا، وعلما، رُئي بمكة يركب ومالك بن أنس آخذ بركابه، وسفيان الثوري يقوده، أجاب عن ثمانين ألف مسألة من الفقه من حفظه). انتهى.
وقال الإمام الذهبي: (ولقد كان مذهب الأوزاعي ظاهراً بالأندلس إلى حدود العشرين ومائتين، .. وكان مذهب الأوزاعي أيضاً مشهوراً بدمشق إلى حدود الأربعين وثلاثمائة. وكان القاضي أبو الحسن بن حذلم له حلقة بجامع دمشق ينتصر فيها لمذهب الأوزاعي) ([34]). انتهى.
قلت: فلو كان الإمام الأوزاعي أنكر قول عمر بن عبد العزيز: لاشتهر ذلك عنه بلا شك.
قلت: وأقرهم على ذلك أيضاً الإمام أبو إسحاق الفزاري، فهو الذي روى هذا الأثر عن الإمام الأوزاعي، ولم يُنكره. فقد كان أبو إسحاق لا يخشى في الله لومة لائم.
قال الإمام الذهبي: (أبو إسحاق الفزاري إبراهيم بن محمد الإمام الكبير، الحافظ، المجاهد .. وكان من أئمة الحديث ..، حدث عنه: الأوزاعي والثوري –وهما من شيوخه- وابن المبارك ..، ذكره أبو حاتم فقال: الثقة المأمون الإمام. وقال النسائي: ثقة مأمون أحد الأئمة.
قال الخليلي: قال الحميدي: قال لي الشافعي: لم يُصنِّف أحدٌ في السير مثل كتاب أبي إسحاق.
وقال أبو حاتم: اتفق العلماء على أنَّ أبا إسحاق الفزاري إمام يقتدى به، بلا مدافعة.. وقال أحمد العجلي: كان ثقة، صاحب سُنة، صالحاً، هو الذي أدب أهل الثغر، وعلَّمهم السنة، وكان يأمر وينهى، وإذا دخلالثغر رجل مبتدع، أخرجه، وكان كثير الحديث، وكان له فقه. أمر سلطانا ونهاه، فضربه مائتي سوط، فغضب له الأوزاعي .. ويروى: أن هارون الرشيد أخذ زنديقاً ليقتله، فقال الرجل: أين أنت من ألف حديث وضعتها؟ قال: فأين أنت يا عدو الله من أبي إسحاق الفزاري، وابن المبارك يتخلَّلانِها، فيخرجانها حرفاً حرفاً..
قال علي بن بكار الزاهد: رأيتُ ابن عون فمن بعده، ما رأيت فيهم أفقه من أبي إسحاق الفزاري ..، قال ابن مهديِّ: كان الأوزاعي والفزاري إمامين في السنة) ([35]). انتهى.
قلتُ: هذا هو الإمام أبو إسحاق الفزاري الذي حدَّث بقول عمر بن عبد العزيز، فلو كان يُنكره: لكان صرحَّ بذلك، ولكنه كان إماماً في السُّنّةِ، وإماماً في الحديث، وإماما فيالفقه.
فدلَّ ذلك على اتفاقهم على صحة قول عمر بن عبد العزيز.
ونعلمُ قطعاً أن مسألة المعازف هي من المسائل التي يكثر الخوض والكلام فيها على مر الزمان، فكان اتفاقهم هذا إجماعاً قطعياً تحرم مخالفته، كما صرَّح به كبار الأئمة.
وقد تقدم تفصيل ذلك في كتابنا هذا. فمن شاء فليراجع تصريحاتهم هذه في هذا الكتاب: (الباب الأول/ القواعد الأصولية/ القاعدة الثامنة/ المطلب الخامس).
منقول من موقع شبهات وبيان.
------------------------------------------------
( [1] ) تحريم آلات الطرب ص 103.
( [2] ) نزهة الأسماع في مسألة السماع (ص 25)
( [3] ) نزهة الأسماع (ص 62-64).
( [4] ) إغاثة اللهفان (1/230).
( [5] ) كف الرعاع (ص 124).
( [6] )شرح السنة (12/ 383).
( [7] ) كف الرعاع (ص 114).
( [8] ) المغني (9/115).
( [9] ) كف الرعاع (ص 122).
( [10] ) فتاوى ابن الصلاح (ص 300).
( [11] ) كشف القناع عن حكم الوجد والسماع (ص 72).
( [12] ) روضة الطالبين وعمدة المفتين (8/205- 206).
( [13] ) مجموع الفتاوى (28/118).
( [14] ) مجموع الفتاوى (11/535).
( [15] ) مجموع الفتاوى (29/ 224).
( [16] ) مدارج السالكين (1/491).
( [17] ) كف الرعاع عن محرمات اللهو والسماع (ص 120).
( [18] ) نزهة الأسماع في مسألة السماع ، (ص60).
( [19] ) نزهة الأسماع في مسألة السماع (ص 25).
( [20] ) البحر الرائق: (7/89).
( [21] )كف الرعاع ص 124
( [22] ) سير أعلام النبلاء (5/115).
( [23] )تحريم آلات الطرب (ص 120).
( [24] ) تهذيب اللغة، مادة (ب د ع).
( [25] ) تهذيب اللغة، مادة (حدث).
( [26] ) المخصص، اشتقاق أسماء الله عز وجل.
( [27] ) لسان العرب، مادة (ب د ع).
( [28] ) الفروق اللغوية، الفرق بين الاختراع والابتداع.
( [29] ) التلخيص في أصول الفقه (ص 375).
( [30] ) الوصول إلى علم الأصول (2/75).
( [31] ) سير أعلام النبلاء (7/126).
( [32] ) سير أعلام النبلاء (7/108-126).
( [33] ) تهذيب الكمال (17/307).
( [34] ) تاريخ الإسلام (أحداث سنة ستين ومائة).
( [35] ) .
آلاء الرحـــــــمن
2012-01-20, 22:35
السلام عليكم
بارك الله فيك اخي جمال على هذا الرد الرائع على من يقولون حلاله حلال و حرامه حرام و يوجد موضوع بهذا العنوان و قد تدخلت فيه و طلبت من صاحبه اعطاءنا اغنية حلال نسمعها و للآن لم يرد علي اظن انه لم يقرأ المداخلة او انه تجاهلها لأنه لم يجد اغنية حلال و لن يجد.
مرة اخرى بارك الله فيك و نفع بك و شكرا لك على مجهوداتك الرائعة.
بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
سؤال يتردد علي ألسنة كثيرين في مجالات مختلفة وأحيانًا شتي.
سؤال اختلف جمهور المسلمين اليوم في الإجابة عليه، واختلف سلوكهم تبعًا لاختلاف أجوبتهم، فمنهم من يفتح أذنيه لكل نوع من أنواع الغناء، ولكل لون من ألوان الموسيقي مدعيًا أن ذلك حلال طيب من طيبات الحياة التي أباح الله لعباده.
ومنهم من يغلق الراديو أو يغلق أذنيه عند سماع أية أغنية قائلا: إن الغناء مزمار الشيطان، ولهو الحديث ويصد عن ذكر الله وعن الصلاة وبخاصة إذا كان المغني امرأة، فالمرأة -عندهم- صوتها عورة بغير الغناء، فكيف بالغناء؟ ويستدلون لذلك بآيات وأحاديث وأقوال.
ومن هؤلاء من يرفض أي نوع من أنواع الموسيقي، حتي المصاحبة لمقدمات نشرات الأخبار.
ووقف فريق ثالث مترددًا بين الفريقين؛ ينحاز إلي هؤلاء تارة، وإلي أولئك طورًا، ينتظر القول الفصل والجواب الشافي من علماء الإسلام في هذا الموضوع الخطير، الذي يتعلق بعواطف الناس وحياتهم اليومية، وخصوصًا بعد أن دخلت الإذاعة –المسموعة والمرئية- علي الناس بيوتهم، بجدها وهزلها، وجذبت إليها أسماعهم بأغانيها وموسيقاها طوعًا وكرهًا.
والغناء بآلة -أي مع الموسيقي- وبغير آلة: مسألة ثار فيها الجدل والكلام بين علماء الإسلام منذ العصور الأولي، فاتفقوا في مواضع واختلفوا في أخري.
اتفقوا علي تحريم كل غناء يشتمل علي فحش أو فسق أو تحريض علي معصية، إذ الغناء ليس إلا كلامًا، فحسنه حسن، وقبيحه قبيح، وكل قول يشتمل علي حرام فهو حرام، فما بالك إذا اجتمع له الوزن والنغم والتأثير ؟
واتفقوا علي إباحة ما خلا من ذلك من الغناء الفطري الخالي من الآلات والإثارة، وذلك في مواطن السرور المشروعة، كالعرس وقدوم الغائب، وأيام الأعياد، ونحوها بشرط ألا يكون المغني امرأة في حضرة أجانب منها.
وقد وردت في ذلك نصوص صريحة – سنذكرها فيما بعد.
واختلفوا فيما عدا ذلك اختلافًا بينا: فمنهم من أجاز كل غناء بآلة وبغير آلة، بل اعتبره مستحبًا، ومنهم من منعه بآلة وأجازه بغير آلة، ومنهم من منعه منعًا باتًا بآلة وبغير آلة وعده حرامًا، بل ربما ارتقي به إلي درجة الكبيرة.
ولأهمية الموضوع نري لزامًا علينا أن نفصل فيه بعض التفصيل، ونلقي عليه أضواء كاشفة لجوانبه المختلفة، حتي يتبين المسلم الحلال فيه من الحرام، متبعًا للدليل الناصع، لا مقلدًا قول قائل، وبذلك يكون علي بينة من أمره، وبصيرة من دينه.
الأصل في الأشياء الإباحة: ـ
قرر علماء الإسلام أن الأصل في الأشياء الإباحة لقوله تعالي: (هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعًا) (البقرة: 29)، ولا تحريم إلا بنص صحيح صريح من كتاب الله تعالي، أو سنة رسوله –صلي الله عليه وسلم- أو إجماع ثابت متيقن، فإذا لم يرد نص ولا إجماع. أو ورد نص صريح غير صحيح، أو صحيح غير صريح، بتحريم شيء من الأشياء، لم يؤثر ذلك في حله، وبقي في دائرة العفو الواسعة، قال تعالي: (وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه). (الأنعام: 119).
وقال رسول الله –صلي الله عليه وسلم-: "ما أحل الله في كتابه فهو حلال، وما حرم فهو حرام، وما سكت عنه فهو عفو، فاقبلوا من الله عافيته، فإن الله لم يكن لينسي شيئا"، وتلا: (وما كان ربك نسيا) (مريم: 64). رواه الحاكم عن أبي الدرداء وصححه، وأخرجه البزار.
وقال: "إن الله فرض فرائض فلا تضيعوها، وحد حدودًا فلا تعتدوها، وسكت عن أشياء رحمة بكم غير نسيان فلا تبحثوا عنها" أخرجه الداراقطني عن أبي ثعلبة الخشني. وحسنه الحافظ أبو بكر السمعاني في أماليه، والنووي في الأربعين.
وإذا كانت هذه هي القاعدة فما هي النصوص والأدلة التي استند إليها القائلون بتحريم الغناء، وما موقف المجيزين منها.
أدلة المحرمين للغناء ومناقشتها
استدل المحرمون بما روي عن ابن مسعود وابن عباس وبعض التابعين: أنهم حرموا الغناء محتجين بقول الله تعالي: (ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوا أولئك لهم عذاب مهين). (لقمان: 6) وفسروا لهو الحديث بالغناء.
قال ابن حزم: ولا حجة في هذا لوجوه:
أحدها: أنه لا حجة لأحد دون رسول الله -صلي الله عليه وسلم-.
والثاني: أنه قد خالفهم غيرهم من الصحابة والتابعين.
والثالث: أن نص الآية يبطل احتجاجهم بها؛ لأن الآية فيها: (ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوًا) وهذه صفة من فعلها كان كافرًا بلا خلاف، إذ اتخذ سبيل الله هزوًا.
ولو أن امرأ اشتري مصحفًا ليضل به عن سبيل الله ويتخذه هزوا لكان كافرًا ! فهذا هو الذي ذم الله تعالي، وما ذم قط عز وجل من اشتري لهو الحديث ليتلهي به ويروح نفسه لا ليضل عن سبيل الله تعالي. فبطل تعلقهم بقول كل من ذكرنا وكذلك من اشتغل عامدًا عن الصلاة بقراءة القرآن أو بقراءة السنن، أو بحديث يتحدث به، أو بنظر في ماله أو بغناء أو بغير ذلك، فهو فاسق عاص لله تعالي، ومن لم يضيع شيئًا من الفرائض اشتغالاً بما ذكرنا فهو محسن. (المحلي لابن حزم (9/60) ط المنيرية). أ هـ.
واستدلوا بقوله تعالي في مدح المؤمنين: (وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه) (القصص: 55). والغناء من اللغو فوجب الإعراض عنه.
ويجاب بأن الظاهر من الآية أن اللغو: سفه القول من السب والشتم ونحو ذلك، وبقية الآية تنطق بذلك. قال تعالي: (وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه وقالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين) (القصص: 55)، فهي شبيهة بقوله تعالي في وصف عباد الرحمن: (وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلامًا). (الفرقان: 63).
ولو سلمنا أن اللغو في الآية يشمل الغناء لوجدنا الآية تستحب الإعراض عن سماعه وتمدحه، وليس فيها ما يوجب ذلك.
وكلمة اللغو ككلمة الباطل تعني ما لا فائدة فيه، وسماع ما لا فائدة فيه ليس محرمًا ما لم يضيع حقًا أو يشغل عن واجب.
روي عن ابن جريج أنه كان يرخص في السماع فقيل له: أيؤتي به يوم القيامة في جملة حسناتك أو سيئاتك ؟ فقال: لا في الحسنات ولا في السيئات؛ لأنه شبيه باللغو، قال تعالي: (لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم). (البقرة: 225، والمائدة: 89).
قال الإمام الغزالي: (إذا كان ذكر اسم الله تعالي علي الشيء علي طريق القسم من غير عقد عليه ولا تصميم، والمخالفة فيه، مع أنه لا فائدة فيه، لا يؤاخذ به، فكيف يؤاخذ بالشعر والرقص ؟!). (إحياء علوم الدين. كتاب السماع ص 1147 ط دار الشعب بمصر).
علي أننا نقول: ليس كل غناء لغوا؛ إنه يأخذ حكمه وفق نية صاحبه، فالنية الصالحة تحيل اللهو قربة، والمزح طاعة، والنية الخبيثة تحبط العمل الذي ظاهره العبادة وباطنه الرياء: "إن الله لا ينظر إلي صوركم وأموالكم ولكن ينظر إلي قلوبكم وأعمالكم". (رواه مسلم من حديث أبي هريرة، كتاب البر والصلة والآداب، باب تحريم ظلم المسلم).
وننقل هنا كلمة جيدة قالها ابن حزم في "المحلي" ردًا علي الذين يمنعون الغناء قال: (احتجوا فقالوا: من الحق الغناء أم من غير الحق ؟ ولا سبيل إلي قسم ثالث، وقد قال الله تعالي: (فماذا بعد الحق إلا الضلال) (يونس: 32). فجوابنا وبالله التوفيق: أن رسول الله –صلي الله عليه وسلم- قال: "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوي" (متفق عليه من حديث عمر بن الخطاب، وهو أول حديث في صحيح البخاري). فمن نوي باستماع الغناء عونًا علي معصية الله فهو فاسق وكذلك كل شيء غير الغناء، ومن نوي به ترويح نفسه ليقوي بذلك علي طاعة الله عز وجل، وينشط نفسه بذلك علي البر فهو مطيع محسن، وفعله هذا من الحق. ومن لم ينو طاعة ولا معصية فهو لغو معفو عنه، كخروج الإنسان إلي بستانه، وقعوده علي باب داره متفرجًا، وصبغه ثوبه لازورديًا أو أخضر أو غير ذلك ومد ساقه وقبضها، وسائر أفعاله). (المحلي. 9/60).
جـ- واستدلوا بحديث: "كل لهو يلهو به المؤمن فهو باطل إلا ثلاثة: ملاعبة الرجل أهله، وتأديبه فرسه، ورميه عن قوسه" رواه أصحاب السنن الأربعة، وفيه اضطراب، والغناء خارج عن هذه الثلاثة.
وأجاب المجوزون بضعف الحديث، ولو صح لما كان فيه حجة، فإن قوله: "فهو باطل" لا يدل علي التحريم بل يدل علي عدم الفائدة. فقد ورد عن أبي الدرداء قوله: إني لأستجم نفسي بالشيء من الباطل ليكون أقوي لها علي الحق. علي أن الحصر في الثلاثة غير مراد، فإن التلهي بالنظر إلي الحبشة وهم يرقصون في المسجد النبوي خارج عن تلك الأمور الثلاثة، وقد ثبت في الصحيح. ولا شك أن التفرج في البساتين وسماع أصوات الطيور، وأنواع المداعبات مما يلهو به الرجل، ولا يحرم عليه شيء منها، وإن جاز وصفه بأنه باطل.
واستدلوا بالحديث الذي رواه البخاري -معلقا- عن أبي مالك أو أبي عامر الأشعري -شك من الراوي- عن النبي -عليه السلام- قال: "ليكونن قوم من أمتي يستحلون الحر (الحر: أي الفرج والمعني يستحلون الزني). والحرير والخمر والمعازف". والمعازف: الملاهي، أو آلات العزف.
والحديث وإن كان في صحيح البخاري، إلا أنه من "المعلقات" لا من "المسندات المتصلة" ولذلك رده ابن حزم لانقطاع سنده، ومع التعليق فقد قالوا: إن سنده ومتنه لم يسلما من الاضطراب، فسنده يدور علي (هشام بن عمار) (انظر: الميزان وتهذيب التهذيب). وقد ضعفه الكثيرون.
ورغم ما في ثبوته من الكلام، ففي دلالته كلام آخر؛ إذ هو غير صريح في إفادة حرمة "المعازف" فكلمة "يستحلون" –كما ذكر ابن العربي- لها معنيان: أحدهما: يعتقدون أن ذلك حلال، والثاني: أن يكون مجازًا عن الاسترسال في استعمال تلك الأمور، إذ لو كان المقصود بالاستحلال: المعني الحقيقي، لكان كفرًا.
ولو سلمنا بدلالتها علي الحرمة لكان المعقول أن يستفاد منها تحريم المجموع، لا كل فرد منها، فإن الحديث في الواقع ينعي علي أخلاق طائفة من الناس انغمسوا في الترف والليالي الحمراء وشرب الخمور. فهم بين خمر ونساء، ولهو وغناء، وخز وحرير. ولذا روي ابن ماجة هذا الحديث عن أبي مالك الأشعري بلفظ: "ليشربن أناس من أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها يعزف علي رؤوسهم بالمعازف والمغنيات يخسف الله بهم الأرض ويجعل منهم القردة والخنازير"، وكذلك رواه ابن حبان في صحيحه.
هـ- واستدلوا بحديث: "إن الله تعالي حرم القينة (أي الجارية) وبيعها وثمنها وتعليمها".
والجواب عن ذلك:
أولا: أن الحديث ضعيف.
ثانيا: قال الغزالي: المراد بالقينة الجارية التي تغني للرجال في مجلس الشرب، وغناء الأجنبية للفساق ومن يخاف عليهم الفتنة حرام، وهم لا يقصدون بالفتنة إلا ما هو محظور. فأما غناء الجارية لمالكها، فلا يفهم تحريمه من هذا الحديث. بل لغير مالكها سماعها عند عدم الفتنة، بدليل ما روي في الصحيحين من غناء الجاريتين في بيت عائشة رضي الله تعالي عنها. (الإحياء ص 1148) وسيأتي.
ثالثا: كان هؤلاء القيان المغنيات يكون عنصرًا هامًا من نظام الرقيق، الذي جاء الإسلام بتصفيته تدريجيًا، فلم يكن يتفق وهذه الحكمة إقرار بقاء هذه الطبقة في المجتمع الإسلامي، فإذا جاء حديث بالنعي علي امتلاك "القينة" وبيعها، والمنع منه، فذلك لهدم ركن من بناء "نظام الرق" العتيد.
واستدلوا بما روي نافع أن ابن عمر سمع صوت زمارة راع فوضع أصبعيه في أذنيه، وعدل راحلته عن الطريق، وهو يقول: يا نافع، أتسمع ؟ فأقول: نعم، فيمضي، حتي قلت: لا. فرفع يده وعدل راحلته إلي الطريق وقال: "رأيت رسول الله يسمع زمارة راع فصنع مثل هذا" رواه أحمد وأبو داود وابن ماجة.
والحديث قال عنه أبو داود: حديث منكر.
ولو صح لكان حجة علي المحرمين لا لهم. فلو كان سماع المزمار حرامًا ما أباح النبي -صلي الله عليه وسلم- لابن عمر سماعه، ولو كان عند ابن عمر حرامًا ما أباح لنافع سماعه، ولأمر عليه السلام بمنع وتغيير هذا المنكر، فإقرار النبي -صلي الله عليه وسلم- لابن عمر دليل علي أنه حلال.
وإنما تجنب عليه السلام سماعه كتجنبه أكثر المباح من أمور الدنيا كتجنبه الأكل متكئًا وأن يبيت عنده دينار أو درهم .... إلخ.
واستدلوا أيضًا لما روي: "إن الغناء ينبت النفاق في القلب" ولم يثبت هذا حديثًا عن النبي -صلي الله عليه وسلم-، وإنما ثبت قولاً لبعض الصحابة، فهو رأي لغير معصوم خالفه فيه غيره، فمن الناس من قال -وبخاصة الصوفية- إن الغناء يرقق القلب، ويبعث الحزن والندم علي المعصية، ويهيج الشوق إلي الله تعالي، ولهذا اتخذوه وسيلة لتجديد نفوسهم، وتنشيط عزائمهم، وإثارة أشواقهم، قالوا: وهذا أمر لا يعرف إلا بالذوق والتجربة والممارسة، ومن ذاق عرف، وليس الخبر كالعيان.
علي أن الإمام الغزالي جعل حكم هذه الكلمة بالنسبة للمغني لا للسامع، إذ كان غرض المغني أن يعرض نفسه علي غيره ويروج صوته عليه، ولا يزال ينافق ويتودد إلي الناس ليرغبوا في غنائه. ومع هذا قال الغزالي: وذلك لا يوجب تحريمًا، فإن لبس الثياب الجميلة، وركوب الخيل المهلجة، وسائر أنواع الزينة، والتفاخر بالحرث والأنعام والزرع وغير ذلك، ينبت النفاق في القلب، ولا يطلق القول بتحريم ذلك كله، فليس السبب في ظهور النفاق في القلب المعاصي فقط، بل المباحات التي هي مواقع نظر الخلق أكثر تأثيرًا (الإحياء ص 1151) .
واستدلوا علي تحريم غناء المرأة خاصة، بما شاع عند بعض الناس من أن صوت المرأة عورة. وليس هناك دليل ولا شبه دليل من دين الله علي أن صوت المرأة عورة، وقد كان النساء يسألن رسول الله -صلي الله عليه وسلم- في ملأ من أصحابه وكان الصحابة يذهبون إلي أمهات المؤمنين ويستفتونهن ويفتينهم ويحدثنهم، ولم يقل أحد: إن هذا من عائشة أو غيرها كشف لعورة يجب أن تستر.
فإن قالوا: هذا في الحديث العادي لا في الغناء، قلنا: روي الصحيحان أن النبي سمع غناء الجاريتين ولم ينكر عليهما، وقال لأبي بكر: دعهما. وقد سمع ابن جعفر وغيره من الصحابة والتابعين الجواري يغنين.
والخلاصة: أن النصوص التي استدل بها القائلون بالتحريم إما صحيح غير صريح، أو صريح غير صحيح. ولم يسلم حديث واحد مرفوع إلي رسول الله يصلح دليلاً للتحريم، وكل أحاديثهم ضعفها جماعة من الظاهرية والمالكية والحنابلة والشافعية.
قال القاضي أبو بكر بن العربي في كتاب "الأحكام": لم يصح في التحريم شيء.
وكذا قال الغزالي وابن النحوي في العمدة.
وقال: ابن طاهر: لم يصح منها حرف واحد.
وقال ابن حزم: كل ما رُوي فيها باطل وموضوع.
أدلة المجيزين للغناء:
تلك هي أدلة المحرمين، وقد سقطت واحدًا بعد الآخر، ولم يقف دليل منها علي قدميه، وإذا انتفت أدلة التحريم بقي حكم الغناء علي أصل الإباحة بلا شك، ولو لم يكن معنا نص أو دليل واحد علي ذلك غير سقوط أدلة التحريم. فكيف ومعنا نصوص الإسلام الصحيحة الصريحة، وروحه السمحة، وقواعده العامة، ومبادئه الكلية ؟
وهاك بيانها: أولا: من حيث النصوص:
استدلوا بعدد من الأحاديث الصحيحة، منها: حديث غناء الجاريتين في بيت النبي -صلي الله عليه وسلم- عند عائشة، وانتهار أبي بكر لهما، وقوله: مزمور الشيطان في بيت النبي -صلي الله عليه وسلم-، وهذا يدل علي أنهما لم تكونا صغيرتين كما زعم بعضهم، فلو صح ذلك لم تستحقا غضب أبي بكر إلي هذا الحد.
والمعول عليه هنا هو رد النبي -صلي الله عليه وسلم- علي أبي بكر -رضي الله عنه- وتعليله: أنه يريد أن يعلم اليهود أن في ديننا فسحة، وأنه بعث بحنيفية سمحة. وهو يدل علي وجوب رعاية تحسين صورة الإسلام لدي الآخرين، وإظهار جانب اليسر والسماحة فيه.
وقد روي البخاري وأحمد عن عائشة أنها زفت امرأة إلي رجل من الأنصار فقال النبي -صلي الله عليه وسلم-: "يا عائشة، ما كان معهم من لهو ؟ فإن الأنصار يعجبهم اللهو".
وروي ابن ماجة عن ابن عباس قال: أنكحت عائشة ذات قرابة لها من الأنصار فجاء رسول الله فقال: "أهديتم الفتاة ؟" قالوا: نعم قال: "أرسلتم معها من يغني ؟" قالت: لا. فقال رسول الله -صلي الله عليه وسلم-: "إن الأنصار قوم فيهم غزل، فلو بعثتم معها من يقول: أتيناكم أتيناكم .. فحيانا وحياكم ؟!
وروي النسائي والحاكم وصححه عن عامر بن سعد قال: دخلت علي قرظة بن كعب وأبي مسعود الأنصاري في عرس، وإذا جوار يغنين. فقلت: أي صاحبي رسول الله أهل بدر يفعل هذا عندكم ؟! فقالا: اجلس إن شئت فاستمع معنا، وإن شئت فاذهب، فإنه قد رخص لنا اللهو عند العرس.
وروي ابن حزم بسنده عن ابن سيرين: أن رجلاً قدم المدينة بجوار فأتي عبد الله بن جعفر فعرضهن عليه، فأمر جارية منهن فغنت، وابن عمر يسمع، فاشتراها ابن جعفر بعد مساومة، ثم جاء الرجل إلي ابن عمر فقال: يا أبا عبد الرحمن، غبنت بسبعمائة درهم ! فأتي ابن عمر إلي عبد الله بن جعفر فقال له: إنه غبن بسبعمائة درهم، فإما أن تعطيها إياه، وإما أن ترد عليه بيعه، فقال: بل نعطيه إياها. قال ابن حزم: فهذا ابن عمر قد سمع الغناء وسعي في بيع المغنية، وهذا إسناد صحيح لا تلك الأسانيد الملفقة الموضوعة.
واستدلوا بقوله تعالي: (وإذا رأوا تجارة أو لهو انفضوا إليها وتركوك قائمًا قل ما عند الله خير من اللهو ومن التجارة والله خير الرازقين). (الجمعة: 11).
فقرن اللهو بالتجارة، ولم يذمهما إلا من حيث شغل الصحابة بهما -بمناسبة قدوم القافلة وضرب الدفوف فرحًا بها- عن خطبة النبي -صلي الله عليه وسلم-، وتركه قائمًا.
واستدلوا بما جاء عن عدد من الصحابة -رضي الله عنهم- أنهم باشروا السماع بالفعل أو أقروه. وهم القوم يقتدي بهم فيهتدي.
واستدلوا لما نقله غير واحد من الإجماع علي إباحة السماع، كما سنذكره بعد.
وثانيا: من حيث روح الإسلام وقواعده:
لا شيء في الغناء إلا أنه من طيبات الدنيا التي تستلذها الأنفس، وتستطيبها العقول، وتستحسنها الفطر، وتشتهيها الأسماع، فهو لذة الأذن، كما أن الطعام الهنيء لذة المعدة، والمنظر الجميل لذة العين، والرائحة الذكية لذة الشم ... إلخ، فهل الطيبات أي المستلذات حرام في الإسلام أم حلال ؟
من المعروف أن الله تعالي كان قد حرم علي بني إسرائيل بعض طيبات الدنيا عقوبة لهم علي سوء ما صنعوا، كما قال تعالي: (فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم وبصدهم عن سبيل الله كثيرًا. وأخذهم الربا وقد نهو عنه وأكلهم أموال الناس بالباطل) (النساء: 160، 161). فلما بعث الله محمدًا –صلي الله عليه وسلم- جعل عنوان رسالته في كتب الأولين (الذي يجدونه مكتوبًا عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم). (الأعراف: 157).
فلم يبق في الإسلام شيء طيب أي تستطيبه الأنفس والعقول السليمة إلا أحله الله، رحمة بهذه الأمة لعموم رسالتها وخلودها. قال تعالي: (يسألونك ماذا أحل لهم قل أحل لكم الطيبات). (المائدة: 4).
ولم يبح الله لواحد من الناس أن يحرم علي نفسه أو علي غيره شيئًا من الطيبات مما رزق الله مهما يكن صلاح نيته أو ابتغاء وجه الله فيه، فإن التحليل والتحريم من حق الله وحده، وليس من شأن عباده، قال تعالي: (قل أرأيتم ما أنزل الله لكم من رزق فجعلتم منه حرامًا وحلالاً قل آلله أذن لكم أم علي الله تفترون) (يونس: 59). وجعل سبحانه تحريم ما أحله من الطيبات كإحلال ما حرم من المنكرات، كلاهما يجلب سخط الله وعذابه، ويردي صاحبه في هاوية الخسران المبين، والضلال البعيد، قال جل شأنه ينعي علي من فعل ذلك من أهل الجاهلية: (قد خسر الذين قتلوا أولادهم سفهًا بغير علم وحرموا ما رزقهم الله افتراء علي الله قد ضلوا وما كانوا مهتدين). (الأنعام: 140).
ولو تأملنا لوجدنا حب الغناء والطرب للصوت الحسن يكاد يكون غريزة إنسانية وفطرة بشرية، حتي إننا لنشاهد الصبي الرضيع في مهده يسكته الصوت الطيب عن بكائه، وتنصرف نفسه عما يبكيه إلي الإصغاء إليه ولذا تعودت الأمهات والمرضعات والمربيات الغناء للأطفال منذ زمن قديم، بل نقول: إن الطيور والبهائم تتأثر بحسن الصوت والنغمات الموزونة حتي قال الغزالي في الإحياء: (من لم يحركه السماع فهو ناقص مائل عن الاعتدال، بعيد عن الروحانية، زائد في غلظ الطبع وكثافته علي الجمال والطيور وجميع البهائم، إذ الجمل مع بلادة طبعه يتأثر بالحداء تأثرًا يستخف معه الأحمال الثقيلة، ويستقصر -لقوة نشاطه في سماعه- المسافات الطويلة، وينبعث فيه من النشاط ما يسكره ويولهه. فتري الإبل إذا سمعت الحادي تمد أعناقها، وتصغي إليه ناصبة آذانها، وتسرع في سيرها، حتي تتزعزع عليها أحمالها ومحاملها) .
وإذا كان حب الغناء غريزة وفطرة فهل جاء الدين لمحاربة الغرائز والفطر والتنكيل بها ؟ كلا، إنما جاء لتهذيبها والسمو بها، وتوجيهها التوجيه القويم، قال الإمام ابن تيمية رحمه الله: إن الأنبياء قد بعثوا بتكميل الفطرة وتقريرها لا بتبديلها وتغييرها.
ومصداق ذلك أن رسول الله -صلي الله عليه وسلم- قدم المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما، فقال: "ما هذان اليومان؟" قالوا: كنا نلعب فيهما في الجاهلية: فقال عليه السلام: "إن الله قد أبدلكم بهما خيرًا منهما: يوم الأضحي ويوم الفطر" رواه أحمد وأبو داود والنسائي.
وقالت عائشة: "لقد رأيت النبي يسترني بردائه، وأنا أنظر إلي الحبشة يلعبون في المسجد، حتي أكون أنا التي أسأمه -أي اللعب- فاقدروا قدر الجارية الحديثة السن الحريصة علي اللهو".
وإذا كان الغناء لهوا ولعبًا فليس اللهو واللعب حرامًا، فالإنسان لا صبر له علي الجد المطلق والصرامة الدائمة.
قال النبي -صلي الله عليه وسلم- لحنظلة -حين ظن نفسه قد نافق لمداعبته زوجه وولده وتغير حاله في بيته عن حاله مع رسول الله -صلي الله عليه وسلم-: "يا حنظلة، ساعة وساعة" رواه مسلم.
وقال علي بن أبي طالب: روحوا القلوب ساعة بعد ساعة، فإن القلوب إذا أكرهت عميت.
وقال كرم الله وجهه: إن القلوب تمل كما تمل الأبدان، فابتغوا لها طرائف الحكمة.
وقال أبو الدرداء: إني لأستجم نفسي بالشيء من اللهو ليكون أقوي لها علي الحق.
وقد أجاب الإمام الغزالي عمن قال: إن الغناء لهو ولعب بقوله: (هو كذلك، ولكن الدنيا كلها لهو ولعب ... وجميع المداعبة مع النساء لهو، إلا الحراثة التي هي سبب وجود الولد، وكذلك المزح الذي لا فحش فيه حلال، نقل ذلك عن رسول الله -صلي الله عليه وسلم- وعن الصحابة.
وأي لهو يزيد علي لهو الحبشة والزنوج في لعبهم، فقد ثبت بالنص إباحته. علي أني أقول: اللهو مروح للقلب، ومخفف عنه أعباء الفكر، والقلوب إذا أكرهت عميت، وترويحها إعانة لها علي الجد، فالمواظب علي التفكر مثلاً ينبغي أن يتعطل يوم الجمعة؛ لأن عطلة يوم تساعد علي النشاط في سائر الأيام، والمواظب علي نوافل الصلوات في سائر الأوقات ينبغي أن يتعطل في بعض الأوقات، ولأجله كرهت الصلاة في بعض الأوقات، فالعطلة معونة علي العمل، اللهو معين علي الجد ولا يصبر علي الجد المحض، والحق المر، إلا نفوس الأنبياء عليهم السلام، فاللهو دواء القلب من داء الإعياء، فينبغي أن يكون مباحًا، ولكن لا ينبغي أن يستكثر منه، كما لا يستكثر من الدواء. فإذًا اللهو علي هذه النية يصير قربة، هذا في حق من لا يحرك السماع من قلبه صفة محمودة يطلب تحريكها، بل ليس له إلا اللذة والاستراحة المحضة، فينبغي أن يستحب له ذلك، ليتوصل به إلي المقصود الذي ذكرناه. نعم هذا يدل علي نقصان عن ذروة الكمال، فإن الكامل هو الذي لا يحتاج أن يروح نفسه بغير الحق، ولكن حسنات الأبرار سيئات المقربين، ومن أحاط بعلم علاج القلوب، ووجوه التلطف بها، وسياقتها إلي الحق، علم قطعًا أن ترويحها بأمثال هذه الأمور دواء نافع لا غني عنه) انتهي كلام الغزالي (الإحياء: كتاب السماع ص 1152، 1153)، وهو كلام نفيس يعبر عن روح الإسلام الحقة.
القائلون بإجازة الغناء:
تلك هي الأدلة المبيحة للغناء من نصوص الإسلام وقواعده، فيها الكفاية كل الكفاية ولو لم يقل بموجبها قائل، ولم يذهب إلي ذلك فقيه، فكيف وقد قال بموجبها الكثيرون من صحابة وتابعين وأتباع وفقهاء ؟
وحسبنا أن أهل المدينة -علي ورعهم- والظاهرية- علي حرفيتهم وتمسكهم بظواهر النصوص -والصوفية- علي تشددهم وأخذهم بالعزائم دون الرخص- روي عنهم إباحة الغناء. قال الإمام لشوكاني في "نيل الأوطار": (ذهب أهل المدينة ومن وافقهم من علماء الظاهر، وجماعة الصوفية، إلي الترخيص في الغناء، ولو مع العود واليراع. وحكي الأستاذ أبو منصور البغدادي الشافعي في مؤلفه في السماع: أن عبد الله بن جعفر كان لا يري بالغناء بأسًا، ويصوغ الألحان لجواريه، ويسمعها منهن على أوتاره. وكان ذلك في زمن أمير المؤمنين علي رضي الله عنه.
وحكي الأستاذ المذكور مثل ذلك أيضًا عن القاضي شريح، وسعيد بن المسيب، وعطاء بن أبي رباح، والزهري، والشعبي) .
وقال إمام الحرمين في النهاية، وابن أبي الدنيا: (نقل الأثبات من المؤرخين: أن عبد الله بن الزبير كان له جوار عوادات، وأن ابن عمر دخل إليه وإلي جنبه عود، فقال: ما هذا يا صاحب رسول الله ؟! فناوله إياه، فتأمله ابن عمر فقال: هذا ميزان شامي ؟ قال ابن الزبير: يوزن به العقول !) .
وروي الحافظ أبو محمد بن حزم في رسالة في السماع بسنده إلي ابن سيرين قال: (إن رجلاً قدم المدينة بجوار فنزل علي ابن عمر، وفيهن جارية تضرب. فجاء رجل فساومه، فلم يهو فيهن شيئًا. قال: انطلق إلي رجل هو أمثل لك بيعًا من هذا. قال: من هو ؟ قال: عبد الله بن جعفر .. فعرضهن عليه، فأمر جارية منهن، فقال لها: خذي العود، فأخذته، فغنت، فبايعه ثم جاء ابن عمر ... إلخ. القصة) .
وروي صاحب "العقد" العلامة الأديب أبو عمر الأندلسي: أن عبد الله بن عمر دخل علي ابن جعفر فوجد عنده جارية في حجرها عود، ثم قال لابن عمر: هل تري بذلك بأسًا ؟ قال: لا بأس بهذا، وحكي الماوردي عن معاوية وعمرو بن العاص: أنهما سمعًا العود عند ابن جعفر، وروي أبو الفرج الأصبهاني: أن حسان بن ثابت سمع من عزة الميلاء الغناء المزهر بشعر من شعره.
وذكر أبو العباس المبرد نحو ذلك. والمزهر عند أهل اللغة: العود.
وذكر الأدفوي أن عمر بن عبد العزيز كان يسمع جواريه قبل الخلافة. ونقل ابن السمعاني الترخيص عن طاووس، ونقله ابن قتيبة وصاحب الإمتاع عن قاضي المدينة سعد ابن إبراهيم بن عبد الرحمن الزهري من التابعين. ونقله أبو يعلي الخليلي في الإرشاد عن عبد العزيز بن سلمة الماجشون مفتي المدينة.
وحكي الروياني عن القفال أن مذهب مالك بن أنس إباحة الغناء بالمعازف، وحكي الأستاذ أبو منصور الفوراني عن مالك جواز العود، وذكر أبو طالب المكي في قوت القلوب عن شعبة أنه سمع طنبورًا في بيت المنهال بن عمروا المحدث المشهور.
وحكي أبو الفضل بن طاهر في مؤلفه في السماع أنه لا خلاف بين أهل المدينة في إباحة العود.
قال ابن النحوي في العمدة: (وقال ابن طاهر: هو إجماع أهل المدينة. قال ابن طاهر: وإليه ذهبت الظاهرية قاطبة. قال الأدفوي: لم يختلف النقلة في نسبة الضرب إلي إبراهيم بن سعد المتقدم الذكر وهو ممن أخرج له الجماعة كلهم.
وحكي الماوردي إباحة العود عن بعض الشافعية، وحكاه أبو الفضل بن طاهر عن أبي إسحاق الشيرازي، وحكاه الإسنوي في "المهمات" عن الروياني والماوردي، ورواه ابن النحوي عن الأستاذ أبي منصور وحكاه ابن الملقن في العمدة عن ابن طاهر، وحكاه الأدفوي عن الشيخ عز الدين بن عبد السلام، وحكاه صاحب الإمتاع عن أبي بكر بن العربي، وجزم بالإباحة الأدفوي.
هؤلاء جميعًا قالوا بتحليل السماع مع آلة من الآلات المعروفة -أي آلات الموسيقي- وأما مجرد الغناء من غير آلة فقال الأدفوي في الإمتاع: إن الغزالي في بعض تآليفه الفقهية نقل الاتفاق علي حله، ونقل ابن طاهر إجماع الصحابة والتابعين عليه، ونقل التاج الفزاري وابن قتيبة إجماع أهل الحرمين عليه، ونقل ابن طاهر وابن قتيبة أيضًا إجماع أهل المدينة عليه، وقال الماوردي: لم يزل أهل الحجاز يرخصون فيه في أفضل أيام السنة المأمور فيها بالعبادة والذكر. قال ابن النحوي في العمدة: وقد روي الغناء وسماعه عن جماعة من الصحابة والتابعين، فمن الصحابة عمر -كما رواه ابن عبد البر وغيره- وعثمان- كما نقله الماوردي وصاحب البيان والرافعي -وعبد الرحمن بن عوف- كما رواه ابن أبي شيبة- وأبو عبيدة بن الجراح- كما أخرجه البيهقي- وسعد بن أبي وقاص- كما أخرجه بن قتيبة- وأبو مسعود الأنصاري- كما أخرجه البيهقي- وبلال وعبد الله بن الأرقم وأسامة بن زيد- كما أخرجه البيهقي أيضا- وحمزة كما في الصحيح- وابن عمر- كما أخرجه ابن طاهر- والبراء بن مالك- كما أخرجه أبو نعيم- وعبد الله بن جعفر- كما رواه ابن عبد البر- وعبد الله بن الزبير- كما نقل أبو طالب المكي- وحسان- كما رواه أبو الفرج الأصبهاني- وعبد الله بن عمرو- كما رواه الزبير بن بكار- وقرظة بن كعب- كما رواه ابن قتيبة- وخوات بن جبير ورباح المعترف- كما أخرجه صاحب الأغاني- والمغيرة بن شعبة- كما حكاه أبو طالب المكي- وعمرو بن العاص- كما حكاه الماوردي- وعائشة والربيع- كما في صحيح البخاري وغيره.
وأما التابعون فسعيد بن المسيب وسالم بن عبد الله بن عمر وابن حسان وخارجة بن زيد وشريح القاضي وسعيد بن جبير وعامر الشعبي وعبد الله بن أبي عتيق وعطاء بن أبي رباح ومحمد بن شهاب الزهري وعمر بن عبد العزيز وسعد بن إبراهيم الزهري.
وأما تابعوهم فخلق لا يحصون منهم الأئمة الأربعة وابن عيينة وجمهور الشافعية) . انتهي كلام ابن النحوي. هذا كله ذكره الشوكاني في نيل الأوطار (جـ 8/264-266) .
قيود وشروط لابد من مراعاتها:
ولا ننسي أن نضيف إلي هذه الفتوي قيودًا لابد من مراعاتها في سماع الغناء.
فقد أشرنا في أول البحث إلي أنه ليس كل غناء مباحًا، فلابد أن يكون موضوعه متفقًا مع أدب الإسلام وتعاليمه.
فالأغنية التي تقول: "الدنيا سيجارة وكاس" مخالفة لتعاليم الإسلام الذي يجعل الخمر رجسًا من عمل الشيطان ويلعن شارب "الكأس" عاصرها وبائعها وحاملها وكل من أعان فيها بعمل. والتدخين أيضًا آفة ليس وراءها إلا ضرر الجسم والنفس والمال.
والأغاني التي تمدح الظلمة والطغاة والفسقة من الحكام الذين ابتليت بهم أمتنا، مخالفة لتعاليم الإسلام، الذي يلعن الظالمين، وكل من يعينهم، بل من يسكت عليهم، فكيف بمن يمجدهم ؟!
والأغنية التي تمجد صاحب العيون الجريئة أو صاحب العيون جريئة أغنية تخالف أدب الإسلام الذي ينادي كتابه: (قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم … وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن) (النور: 30، 31). ويقول –صلي الله عليه وسلم- يا علي : "لا تتبع النظرة النظرة، فإن لك الأولي وليست لك الآخرة".
ثم إن طريقة الأداء لها أهميتها، فقد يكون الموضوع لا بأس به ولا غبار عليه، ولكن طريقة المغني أو المغنية في أدائه بالتكسر في القول، وتعمد الإثارة، والقصد إلي إيقاظ الغرائز الهاجعة، وإغراء القلوب المريضة- ينقل الأغنية من دائرة الإباحة إلي دائرة الحرمة أو الشبهة أو الكراهة من مثل ما يذاع علي الناس ويطلبه المستمعون والمستمعات من الأغاني التي تلح علي جانب واحد، هو جانب الغريزة الجنسية وما يتصل بها من الحب والغرام، وإشعالها بكل أساليب الإثارة والتهيج، وخصوصًا لدي الشباب والشابات.
إن القرآن يخاطب نساء النبي فيقول: (فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض) . فكيف إذا كان مع الخضوع في القول الوزن والنغم والتطريب والتأثير ؟!
ومن ناحية ثالثة يجب ألا يقترن الغناء بشيء محرم، كشرب الخمر أو التبرج أو الاختلاط الماجن بين الرجال والنساء، بلا قيود ولا حدود، وهذا هو المألوف في مجالس الغناء والطرب من قديم. وهي الصورة المائلة في الأذهان عند ما يذكر الغناء، وبخاصة غناء الجواري والنساء.
وهذا ما يدل عليه الحديث الذي رواه ابن ماجة وغيره: "ليشربن ناس من أمتي الخمر، يسمونها بغير اسمها، يعزف علي رؤوسهم بالمعازف والمغنيات، يخسف الله بهم الأرض ويجعل منهم القردة والخنازير".
وأود أن أنبه هنا علي قضية مهمة، وهي أن الاستماع إلي الغناء في الأزمنة الماضية كان يقتضي حضور مجلس الغناء، ومخالطة المغنين والمغنيات وحواشيهم، وقلما كانت تسلم هذه المجالس من أشياء ينكرها الشرع، ويكرهها الدين.
أما اليوم فيستطيع المرء أن يستمع إلي الأغاني وهو بعيد عن أهلها ومجالسها، وهذا لا ريب عنصر مخفف في القضية، ويميل بها إلي جانب الإذن والتيسير.
هذا إلي أن الإنسان ليس عاطفة فحسب، والعاطفة ليست حبًا فقط، والحب لا يختص بالمرأة وحدها، والمرأة ليست جسدًا وشهوة لا غير، لهذا يجب أن نقلل من هذا السيل الغامر من الأغاني العاطفية الغرامية وأن يكون لدينا من أغانينا وبرامجنا وحياتنا كلها توزيع عادل، وموازنة مقسطة بين الدين والدنيا وفي الدنيا بين حق الفرد وحقوق المجتمع، وفي الفرد بين عقله وعاطفته، وفي مجال العاطفة بين عواطف الإنسانية كلها من حب وكره وغيره وحماسة وأبوة وأمومة وبنوة وأخوة وصداقة ... إلخ فلكل عاطفة حقها.
أما الغلو والإسراف والمبالغة في إبراز عاطفة خاصة فذلك علي حساب العواطف الأخري، وعلي حساب عقل الفرد وروحه وإرادته، وعلي حساب المجتمع وخصائصه ومقوماته، وعلي حساب الدين ومثله وتوجيهاته.
إن الدين حرم الغلو والإسراف في كل شيء حتي في العبادة فما بالك بالإسراف في اللهو وشغل الوقت به ولو كان مباحًا ؟!
إن هذا دليل علي فراغ العقل والقلب من الواجبات الكبيرة، والأهداف العظيمة، ودليل علي إهدار حقوق كثيرة كان يجب أن تأخذ حظها من وقت الإنسان المحمود وعمره القصير، وما أصدق وأعمق ما قال ابن المقفع: (ما رأيت إسرافًا إلا وبجانبه حق مضيع) وفي الحديث: "لا يكون العاقل ظاعنًا إلا لثلاث: مرمة لمعاش، أو تزود لمعاد، أو لذة في غير محرم"، فلنقسم أوقاتنا بين هذه الثلاثة بالقسط ولنعلم أن الله سائل كل إنسان عن عمره فيم أفناه، وعن شبابه فيم أبلاه ؟
وبعد هذا الإيضاح تبقي هناك أشياء يكون كل مستمع فيها فقيه نفسه ومفتيها، فإذا كان الغناء أو نوع خاص منه يستثير غريزته، ويغريه بالفتنة، ويسبح به في شطحات الخيال، ويطغي فيه الجانب الحيواني علي الجانب الروحاني، فعليه أن يتجنبه حينئذ، ويسد الباب الذي تهب منه رياح الفتنة علي قلبه ودينه وخلقه فيستريح ويريح.
تحذير من التساهل في إطلاق التحريم:
ونختم بحثنا هذا بكلمة أخيرة نوجهها إلي السادة العلماء الذين يستخفون بكلمة "حرام" ويطلقون لها العنان في فتواهم إذا أفتوا، وفي بحوثهم إذا كتبوا، عليهم أن يراقبوا الله في قولهم ويعلموا أن هذه الكلمة "حرام" كلمة خطيرة: إنها تعني عقوبة الله علي الفعل وهذا أمر لا يعرف بالتخمين ولا بموافقة المزاج، ولا بالأحاديث الضعيفة، ولا بمجرد النص عليه في كتاب قديم، إنما يعرف من نص ثابت صريح، أو إجماع معتبر صحيح، وإلا فدائرة العفو والإباحة واسعة، ولهم في السلف الصالح أسوة حسنة.
قال الإمام مالك رضي الله عنه: ما شيء أشد علي من أن أسأل عن مسألة من الحلال والحرام؛ لأن هذا هو القطع في حكم الله، ولقد أدركت أهل العلم والفقه ببلدنا، وإن أحدهم إذا سئل عن مسألة كأن الموت أشرف عليه، ورأيت أهل زماننا هذا يشتهون الكلام في الفتيا، ولو وقفوا علي ما يصيرون إليه غدًا لقللوا من هذا، وإن عمر بن الخطاب وعليًا وعامة خيار الصحابة كانت ترد عليهم المسائل -وهم خير القرون الذين بعث فيهم النبي -صلي الله عليه وسلم- فكانوا يجمعون أصحاب النبي -صلي الله عليه وسلم- ويسألون، ثم حينئذ يفتون فيها، وأهل زماننا قد هذا صار فخرهم، فبقدر ذلك يفتح لهم من العلم قال: ولم يكن من أمر الناس ولا من مضي من سلفنا الذين يقتدي بهم، ومعول الإسلام عليهم، أن يقولوا: هذا حلال وهذا حرام، ولكن يقول: أنا أكره كذا وأري كذا، وأما "حلال" و "حرام" فهذا الافتراء علي الله. أما سمعت قول الله تعالي: (قل أرأيتم ما أنزل الله لكم من رزق فجعلتم منه حرامًا وحلالاً قل آلله أذن لكم أم علي الله تفترون) يونس: 59؛ لأن الحلال ما حلله الله ورسوله والحرام ما حرماه.
ونقل الإمام الشافعي في "الأم" عن الإمام أبي يوسف صاحب أبي حنيفة قال:
(أدركت مشايخنا من أهل العلم يكرهون في الفتيا أن يقولوا: هذا حلال وهذا حرام، إلا ما كان في كتاب الله عز وجل بينا بلا تفسير.
وحدثنا ابن السائب عن ربيع بن خيثم -وكان أفضل التابعين- أنه قال: إياكم أن يقول الرجل: إن الله أحل هذا أو رضيه، فيقول الله له: لم أحل هذا ولم أرضه، ويقول: إن الله حرم هذا فيقول الله: كذبت لم أحرمه ولم أنه عنه ! وحدثنا بعض أصحابنا عن إبراهيم النخعي أنه حدث عن أصحابه أنهم كانوا إذا أفتوا بشيء أو نهوا عنه، قالوا: هذا مكروه، وهذا لا بأس به، فأما أن يقولوا: هذا حلال وهذا حرام فما أعظم هذا) .
هذا ما ذكره القاضي أبو يوسف، ونقله الشافعي، ولم ينكر عليه هذا النقل ولا مضمونه بل أقره، وما كان ليقر مثله إلا إذا اعتقد صحته.
وقال الله تعالي: (ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا علي الله الكذب إن الذين يفترون علي الله الكذب لا يفلحون). (النحل: 116).
يقول الشيخ محمود شلتوت شيخ الأزهر الأسبق-رحمه الله-ردا على سؤال مماثل :
الأصل الذي أرجو أن يُتنبَّه إليه في هذا الشأن وأمثاله، مما يختلفون في حِلِّهِ وحُرمته، هو أن الله خلَق الإنسان بغريزة يَميل بها إلى المستلذات والطيبات التي يَجِدُ لها أثرًا طيبًا في نفسه، به يهدأ، وبه يرتاح، وبه ينشط، وبه تسكن جوارحه؛ فتراه ينشرح بالمناظر الجميلة، كالخُضرة المُنَسَّقَة والماء الصافي الذي تلعب أمواجه، والوجه الحسَن الذي تنْبسط أساريرُه، ينشرح صدرُه بالروائح الزكيَّة التي تُحدث خِفَّةً في الجسم والروح، وينشرح صدره بلَمْسِ النُّعومة التي لا خُشونة فيها، وينشرح صدره بلذَّة المَعرفة في الكشف عن مجهول مَخْبُوءٍ، وتراه بعد هذا مَطبوعًا على غريزة الحب لمُشتهيات الحياة وزينتها من النساء والبنين، والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة، والخيل المسومة والأنعام والحرْث.
الشرائع لا تَقضي على الغرائز بل تنظمها :
ولعلَّ قيام الإنسان بمُهمته في هذه الحياة ما كانت لِتَتِمَّ على الوجه الذي لأجله خلَقه الله إلا إذا كان ذا عاطفة غريزية، تُوجهه نحو المشتهيات، وتلك المُتَع التي خلقها الله معه في الحياة، فيأخذ منها القدْر الذي يحتاجه وينفعه، ومن هنا قضت الحِكمة الإلهية أن يُخلق الإنسان بتلك العاطفة، وصار من غير المعقول أن يَطلب الله منه ـ بعد أن خلَقه هذا الخلْق، وأودع فيه لحِكمته السامية هذه العاطفة ـ نزْعها أو إِمَاتتها أو مُكافحتها في أصلها، وبذلك لا يُمكن أن يكون من أهداف الشرائع السماوية ـ في أيِّ مرحلة من مراحل الإنسانية ـ طلبُ القضاء على هذه الغريزة الطبيعية، التي لابد منها في هذه الحياة .
نعم، للشرائع السماوية بإِزاءِ هذه العاطفة مَطلب آخر، يتلخص في كبْح الجماح ومعناه: مكافحة الغريزة عن الحدِّ الذي يَنسى به الإنسان واجباتِه، أو يُفسد عليه أخلاقه، أو يَحول بينه وبين أعمال هي له في الحياة ألْزمُ، وعليه أوجب .
التوسُّط أصلٌ عظيم في الإسلام :
ذلك هو موقفُ الشرائع السماوية مِن الغريزة، وهو موقف الاعتدال والقَصْد، لا موقف الإفْراط، ولا مَوقف التفريط، هو موقف التنظيم، لا موقف الإماتة والانتزاع. هذا أصلٌ يجب أن يُفهم، ويجب أن تُوزَن به أهداف الشريعة السماوية، وقد أشار إليه القرآن في كثير من الجُزئيات (ولا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إلَى عُنُقِكَ ولا تَبْسُطْهَا كُلَّ البَسْطِ). (يا بَنِي آدمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وكُلُوا واشْرَبُوا ولا تُسْرِفُوا). (واقْصِدْ فِي مَشْيِكَ واغْضُضْ مِن صَوْتِكَ) .
وإذنْ فالشريعة تُوجِّه الإنسان في مُقتضيات الغريزة إلى الحدِّ الوسَط، فهي لم تنزل لانتزاع غريزة حُبِّ المال، إنما نزلت بتَعديلها على الوجه الذي لا جشَع فيه ولا إسراف، وهي لم تنزل لانتزاع الغريزة في حُبِّ المناظر الطيبة، ولا المسموعات المستلذة، وإنما نزلت بتهذيبها وتعديلها على ما لا ضرر فيه ولا شر. وهي لم تنزل لانتزاع غريزة الحُزن، وإنما نزلت بتعديلها على الوجه الذي لا هلَع فيه ولا جزَع. وهكذا وقفت الشريعة السماوية بالنسبة لسائر الغرائز .
وقد كلَّف الله العقل ـ الذي هو حُجته على عباده ـ بتنظيمها على الوجه الذي جاء به شرْعه ودينه، فإذا مال الإنسان إلى سماع الصوت الحسن، أو النغم المستلذ من حيوان أو إنسان، أو آلة كيفما كانت، أو مالَ إلى تعلُّم شيء من ذلك، فقد أدَّى للعاطفة حقَّها، وإذا ما وقف بها مع هذا عند الحدِّ الذي لا يصرفه عن الواجبات الدينية، أو الأخلاق الكريمة، أو المكانة التي تتَّفِق ومركزه، كان بذلك مُنظمًا لغريزته، سائرًا بها في الطريق السوي، وكان مَرْضِيًّا عند الله وعند الناس.
بهذا البيان يتَّضِح أن موقف الشاب في تعلُّم الموسيقى ـ مع حرصه الشديد على أداء الصلوات الخمس في أوقاتها وعلى أعماله المكلف بها ـ موقف ـ كما قلنا ـ نابعٌ من الغريزة التي حكَمها العقل بشرع الله وحكمه، فنزلت على إرادته، وهذا هو أسمى ما تطلبه الشرائع السماوية من الناس في هذه الحياة.
رأْي الفقهاء في السماع:
ولقد كنتُ أرى أن هذا القدْر كافٍ في معرفة حكم الشرع في الموسيقى، وفي سائر ما يُحب الإنسان ويهوَى بمقتضى غريزته، لولا أن كثيرًا من الناس لا يكتفون، بل ربما لا يؤمنون بهذا النوع من التوجيه في معرفة الحلال والحرام، وإنما يقنعهم عرض ما قيل في الكتب وأُثِر عن الفقهاء.
وإذا كان ولابد فليعلموا أن الفقهاء اتفقوا على إباحة السماع في إثارة الشوق إلى الحج، وفي تحريض الغُزاة على القتال، وفي مناسبات السرور المألوفة كالعيد، والعُرس، وقُدوم الغائب وما إليها. ورأيناهم فيما وراء ذلك على رأيينِ:
يُقرر أحدهما الحُرْمة، ويستند إلى أحاديث وآثار، ويُقرر الآخر الحِلِّ، ويستند ـ كذلك ـ إلى أحاديث وآثار، وكان من قول القائلين بالحِلِّ: "إنه ليس في كتاب الله، ولا سُنة رسوله، ولا في مَعقولهما مِن القياس والاستدلال، ما يقتضي تحريم مُجرد سماع الأصوات الطيبة المَوزونة مع آلة من الآلات"، وقد تعقَّبوا جميع أدلة القائلين بالحُرمة وقالوا: إنه لم يصحَّ منها شيء.
رأْي الشيخ النابلسي:
وقد قرأت في هذا الموضوع لأحد فقهاء القرن الحادي عشر المَعروفين بالورَع والتقوى رسالة هي: "إيضاح الدلالات في سماع الآلات". للشيخ عبد الغني النابلسي الحنفي، قرر فيها أن الأحاديث التي استدل بها القائلون بالتحريم ـ على فرض صحتها ـ مُقيدة بذكر الملاهي، وبذكر الخمر والقيْنات، والفسوق والفجور، ولا يكاد حديث يخلو من ذلك. وعليه كان الحُكم عنده في سماع الأصوات والآلات المُطرِبة أنه إذا اقترن بشيء من المُحرَّمات، أو اتُّخذ وسيلةً للمُحرَّمات، أو أَوقعَ في المحرمات كان حرامًا، وأنه إذا سلِم من كل ذلك كان مباحًا في حضوره وسماعه وتعلُّمه. وقد نُقل عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ثم عن كثير من الصحابة والتابعين والأئمة والفقهاء أنهم كانوا يسمعون، ويحضرون مجالس السماع البريئة من المجون والمُحرَّم. وذهب إلى مثل هذا كثير من الفقهاء، وهو يُوافق تمامًا في المغزى والنتيجة الأصل الذي قرَّرناهُ في موقف الشريعة بالنسبة للغرائز الطبيعية.
الأصل في السماع الحِلُّ والحُرْمة عارضة :
وإذن فسماع الآلات، ذات النغمات أو الأصوات الجميلة، لا يُمكن أن يحرم باعتباره صوت آلة، أو صوت إنسان، أو صوت حيوان، وإنما يُحرم إذا استُعين به على محرم، أو اتُّخِذ وسيلةً إلى محرم، أو ألْهَى عن واجب.
وهكذا يجب أن يعلم الناس حُكم الله في مثل هذه الشئون. ونرجو بعد ذلك ألا نسمع القول يُلقى جُزافًا في التحليل والتحريم؛ فإن تحريم ما لم يُحرمه الله أو تحليل ما حرَّمه الله كلاهما افتراء وقوْل على الله بغير علم: (قُلْ إنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا ومَا بَطَنَ والإثْمَ والبَغْيَ بِغَيْرِ الحَقِّ وأنْ تُشْرِكُوا باللهِ مَا لمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلطَانًا وأنْ تَقُولُوا علَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ). (الآية: 33 من سورة الأعراف).
والله أعلم .
جمال البليدي
2012-01-20, 23:13
السلام عليكم
بارك الله فيك اخي جمال على هذا الر الرائع على من يقولونو يوجد موضوع بهذا العنوان و قد تدخلت فيه و طلبت من صاحبه اعطاءنا اغنية حلال نسمعها و للآن لم يرد علي اظن انه لم يقرأ المداخلة او انه تجاهلها لأنه لم اغنية حلال و لن يجد.
مرة اخرى بارك الله فيك و نغع بك و شكرا لك على مجهوداتك الرائعة.
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته:
وفيكم بارك الله أختاه
كنت سأشارك إخواني في ذاك الموضوع لولا ضيق الوقت عندي هذه الأيام وقد حاولت اليوم فوجدت الموضوع مغلقا.
ما يتعلق بما ذكره بعض الإخوة بقولهم(( حلاله حلال و حرامه حرام )) فالمشكلة أنه لم يفرقوا بين الغناء وبين الموسيقى عند بعض العلماء المتقدمين!.
◄الموسيقى=المعازف هي الآلات الموسيقية كالعود والبيانو والقانون والمزمار وغيرها ، ولقد ورد التحريم فيها عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونقل عدد كثير من أهل العلم الاجماع على تحريمها .(كما سبق)
◄الغناء= هو الشعر الملقى الملحن كالاناشيد الاسلامية التي تذاع في قناة المجد ,وهذا هو الذي فيه الخلاف ويقول عنه البعض( حلاله حلال و حرامه حرام ) و (ليس الأول) لكن بعض إخواننا أخلطوا بين الأمرين.
لكن اليوم في عصرنا أصبح مصطلح(الغناء) يُطْلق على الموسيقى والمعازف فعندما نتكلم اليوم عن "الغناء" فإننا نقصد به "الموسيقى والمعازف" فهذا حرام بالإجماع ولا عبرة لمن شد فالشاذ لا يقاس عليه والمثبت مقدم على النافي.
◄ملاحظة أخرى:
وجدت أن بعض الإخوة-وفقهم الله- لم يفرقوا بين خلاف التنوع وبين خلاف التضاد فمثلا في تفسير قوله تعالى{وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ} [سورة لقمان: 6]. فقد فسر ابن مسعود وابن عباس رضي الله عنها (لهو الحديث) بالغناء ولم يثبت خلافا عن الصحابة في هذا لكن بعض التابعين فسر لهو الحديث بتفسير الآخر فهنا كلا التفسيرين صحيحين لأنه خلاف تنوع وليس تضاد.
◄مثال ذلك اختلاف المفسرين في تفسير قوله تعالى ((اهدنا الصراط المستقيم )) فمنهم من فسر "الصراط المستقيم"بالإسلام ومنهم من فسره بالقرآن ومنهم من فسره بالسنة والجماعة.
فهل هذا إختلاف تضاد؟ كلا بل كل هذه التفسيرات صحيحة فالصراط هو القرآن وهو الإسلام وهو السنة والجماعة.
نفس شيء في تفسير (لهو الحديث)) فهو الغناء وهو المزمار وهو الزور وهو الكذب وهو........
للفائدة:
فصل
في اختلاف السلف في التفسير وأنه اختلاف تنوع للعلامة ابن عثيمين رحمه الله
http://www.ibnothaimeen.com/all/books/printer_17965.shtml
السلام عليكم
بارك الله فيك اخي جمال على هذا الرد الرائع على من يقولون حلاله حلال و حرامه حرام و يوجد موضوع بهذا العنوان و قد تدخلت فيه و طلبت من صاحبه اعطاءنا اغنية حلال نسمعها و للآن لم يرد علي اظن انه لم يقرأ المداخلة او انه تجاهلها لأنه لم يجد اغنية حلال و لن يجد.
مرة اخرى بارك الله فيك و نفع بك و شكرا لك على مجهوداتك الرائعة.
للأسف الموضوع مغلق، وعذر صاحب الموضوع معه.
ومع ذلك فقد رددت على مشاركتك بالذات في نفس الموضوع، ولعلك لم تشاهديها أو أنك تعمدت تجاهلها.
الغناء حلال (http://www.djelfa.info/vb/showpost.php?p=8610993&postcount=52)
...///...
عبد الله-1
2012-01-20, 23:20
أكرمك الله أخانا جمال وزادك من فضله فلقد كفيت ووفيت
جمال البليدي
2012-01-20, 23:22
للأسف الموضوع مغلق، وعذر صاحب الموضوع معه.
ومع ذلك فقد رددت على مشاركتك بالذات في نفس الموضوع، ولعلك لم تشاهديها أو أنك تعمدت تجاهلها.
الغناء حلال (http://www.djelfa.info/vb/showpost.php?p=8610993&postcount=52)
...///...
نعم وقد قرأت مشاركتك فوجدت -مع احترامي - تخلط بين الغناء وبين الموسيقى.
◄الموسيقى=المعازف هي الآلات الموسيقية كالعود والبيانو والقانون والمزمار وغيرها ، ولقد ورد التحريم فيها عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونقل عدد كثير من أهل العلم الاجماع على تحريمها .(كما سبق)
◄الغناء= هو الشعر الملقى الملحن كالاناشيد الاسلامية التي تذاع في قناة المجد ,وهذا هو الذي فيه الخلاف ويقول عنه البعض( حلاله حلال و حرامه حرام ) و (ليس الأول) لكن بعض إخواننا أخلطوا بين الأمرين.
لكن اليوم في عصرنا أصبح مصطلح(الغناء) يُطْلق على الموسيقى والمعازف فعندما نتكلم اليوم عن "الغناء" فإننا نقصد به "الموسيقى والمعازف" فهذا حرام بالإجماع ولا عبرة لمن شد فالشاذ لا يقاس عليه والمثبت مقدم على النافي.
أما ما نقلته أنت -بارك الله فيك- في المشاركة السابقة فلا علاقة له بموضوعي هذا لأنك لم تستطع إنكار الإجماع ولا أن تأتي بخلاف تضاد بين السلف إنما هو خلاف تنوع وهو حجة عليك لا لك ومع هذا كله سأرد على ما جئت به إن شاء الله في أقرب وقت فأعطني مهلة بارك الله فيك ولا تقاطعني حتى أكمل.
آلاء الرحـــــــمن
2012-01-20, 23:46
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته:
وفيكم بارك الله أختاه
◄الغناء= هو الشعر الملقى الملحن كالاناشيد الاسلامية التي تذاع في قناة المجد ,وهذا هو الذي فيه الخلاف ويقول عنه البعض( حلاله حلال و حرامه حرام ) و (ليس الأول) لكن بعض إخواننا أخلطوا بين الأمرين.
فهمت من كلامك ان في الاناشيد من هي حلال ........
انا استمع الى بعض القصائد كنونية القحطانية وقصيدة ليس الغريب و غيرها و لكن الاناشيد لا اسمعها .
فهل تبين لي يا اخي ما يصلح من الاناشيد. اي الاناشيد التي نستطيع سماعها ؟؟؟؟
آلاء الرحـــــــمن
2012-01-20, 23:54
للأسف الموضوع مغلق، وعذر صاحب الموضوع معه.
ومع ذلك فقد رددت على مشاركتك بالذات في نفس الموضوع، ولعلك لم تشاهديها أو أنك تعمدت تجاهلها.
الغناء حلال (http://www.djelfa.info/vb/showpost.php?p=8610993&postcount=52)
...///...
حاشى ان اتجاهلك اخي اعذرني ان لم ارد عليك في ذلك الموضوع لضيق الوقت و لانه اغلق عفوا مرة اخرى.
لقد سبقني اخي جمال مشكورا ورد عليك، فالمعازف و الغناء المنفرد بالصوت البشري فقط، شيئان مختلفان
فالمعازف محرمة قطعا بنص الحديث الصريح و قد تم ذكره
اما الغناء بالصوت البشري المنفرد فاظن ان هذا هو الذي فيه الاشكال و نحن في انتظار توضيح ما هو الحلال فيه و ما هو الحرام منه .
اظن هذا والله اعلم و انا في انتظار رد اخي جمال لمزيد من التوضيح
أخي جمال، لا أكذب عليك إن قلت لك بأنني لا أفهم كثيرا من فلسفات المصطلحات عندكم. ولذلك أحب النقاش المبسط الواضح بدون حشو من غير فائدة.
وأنا لست من هواة النسخ واللصق، ومشاركتي السابقة أدرجتها عمدا لمجاراتك في أن هناك قائلون بأن الغناء حلال.
للتوضيح أكثر:
1/ ماذا تقصد بخلاف تضاد وخلاف تنوع؟ فأنا أقول لك هناك علماء قالوا بأن الغناء حلال، وآخرون قالوا بأن الغناء حرام، فما هو نوع الخلاف هنا؟
2/ الغناء بدون آلات موسيقية مفروغ منه بما انك تعترف بأن هناك علماء قالوا بأنه حلال.
3/ الغناء بألفاظ قبيحة أو هابطة او ما شابه سواء كان بآلات موسيقية أو بدونها فهي مسألة مفروغ منها أيضا.
4/ الغناء الذي يعنينا هنا هو الغناء الهادف، الذي يحمل رسالة وهو مصاحب بآلات موسيقية... وقد يسميه البعض أناشيد إسلامية، وممكن غناء هادف ولو كان غير إسلامي.
5/ ماذا تقصد بالإجماع؟ إذا قصدت إجماع علماء السلفية فربما قد تكون محقا في دعواك، أما إجماع العلماء عامة فهذا محال... وكمثال بسيط فإن القرضاوي والغزالي يرون بأن المسألة حلال، وقس على ذلك أغلب علماء الإخوان المسلمين -وسطر تحت المسلمين-.
6/ انا لا تعنيني بدرجة كبيرة في موضوعك هذا من من العلماء على صواب، ولكن ما يعنيني أن هناك علماء قالوا بأن الغناء حلال، وأنت حر بعد تعرضك لأدلة الطائفتين في اتباع أي نهج تريد، ولن تلزمني ولن ألزمك بنهج معين.... فالإقتناع واتباع عالم دون آخر مسألة شخصية.
...///...
جمال البليدي
2012-01-21, 00:38
فهمت من كلامك ان في الاناشيد من هي حلال ........
انا استمع الى بعض القصائد كنونية القحطانية وقصيدة ليس الغريب و غيرها و لكن الاناشيد لا اسمعها .
فهل تبين لي يا اخي ما يصلح من الاناشيد. اي الاناشيد التي نستطيع سماعها ؟؟؟؟
أنا شخصيا-رغم قلة علمي- لا أنصح إخواني بسماع الأناشيد التي لا يوجد فيها موسيقى ولا معازف لكنها مسألة خلافية (هذا ما أردت قوله)) فالإخوة الذين قالوا بالخلاف في مسألة المعازف أخلطوا بين الخلاف الموجود في الأناشيد وأسقطوه على المعازف! لأنهم لم يفهموا المصطلحات.
أما عن سؤالك فأنصحك كأخ لأخته بسماع تلك القصائد المفيدة التي ذكرتها أما الأناشيد اليوم خاصة التي فيها تكلف في التلحين والتغني والمؤثرات الصوتية فهذه لا أنصح بها فعندنا القرآن الكريم ومن لم يتعظ بالقرآن فلن يتعظ أبدا!.
جمال البليدي
2012-01-21, 00:45
أخي جمال، لا أكذب عليك إن قلت لك بأنني لا أفهم كثيرا من فلسفات المصطلحات عندكم. ولذلك أحب النقاش المبسط الواضح بدون حشو من غير فائدة.
وأنا لست من هواة النسخ واللصق، ومشاركتي السابقة أدرجتها عمدا لمجاراتك في أن هناك قائلون بأن الغناء حلال.
للتوضيح أكثر:
1/ ماذا تقصد بخلاف تضاد وخلاف تنوع؟ فأنا أقول لك هناك علماء قالوا بأن الغناء حلال، وآخرون قالوا بأن الغناء حرام، فما هو نوع الخلاف هنا؟
2/ الغناء بدون آلات موسيقية مفروغ منه بما انك تعترف بأن هناك علماء قالوا بأنه حلال.
3/ الغناء بألفاظ قبيحة أو هابطة او ما شابه سواء كان بآلات موسيقية أو بدونها فهي مسألة مفروغ منها أيضا.
4/ الغناء الذي يعنينا هنا هو الغناء الهادف، الذي يحمل رسالة وهو مصاحب بآلات موسيقية... وقد يسميه البعض أناشيد إسلامية، وممكن غناء هادف ولو كان غير إسلامي.
5/ ماذا تقصد بالإجماع؟ إذا قصدت إجماع علماء السلفية فربما قد تكون محقا في دعواك، أما إجماع العلماء عامة فهذا محال... وكمثال بسيط فإن القرضاوي والغزالي يرون بأن المسألة حلال، وقس على ذلك أغلب علماء الإخوان المسلمين -وسطر تحت المسلمين-.
6/ انا لا تعنيني بدرجة كبيرة في موضوعك هذا من من العلماء على صواب، ولكن ما يعنيني أن هناك علماء قالوا بأن الغناء حلال، وأنت حر بعد تعرضك لأدلة الطائفتين في اتباع أي نهج تريد، ولن تلزمني ولن ألزمك بنهج معين.... فالإقتناع واتباع عالم دون آخر مسألة شخصية.
...///...
أخي الحبيب...أنا متعب الآن لعلي أجيب على سؤالك وأعقب على مشاركتك(المنقولة)) في الغد أو في يوم آخر إذا تيسر لي الوقت والقوة الذهنية والبدنية...وفقك الله لكل خير.
آلاء الرحـــــــمن
2012-01-21, 00:54
أنا شخصيا-رغم قلة علمي- لا أنصح إخواني بسماع الأناشيد التي لا يوجد فيها موسيقى ولا معازف لكنها مسألة خلافية (هذا ما أردت قوله)) فالإخوة الذين قالوا بالخلاف في مسألة المعازف أخلطوا بين الخلاف الموجود في الأناشيد وأسقطوه على المعازف! لأنهم لم يفهموا المصطلحات.
أما عن سؤالك فأنصحك كأخ لأخته بسماع تلك القصائد المفيدة التي ذكرتها أما الأناشيد اليوم خاصة التي فيها تكلف في التلحين والتغني والمؤثرات الصوتية فهذه لا أنصح بها فعندنا القرآن الكريم ومن لم يتعظ بالقرآن فلن يتعظ أبدا!.
شكرا لك على النصيحة انا فقط سألت لأن اخوتي مرات يسمعون الاناشيد و عندما اناقشهم يقولون هي كلام جميل مؤدب بدون موسيقى او اقاع نسمعها كما تسمعين القصائد و لقلت علمي لم اجد ما ارد به فطلبت منك التوضيح .
و على العموم كما قلت القرآن الكريم خير واعظ ولعل كثرة سماع الاناشيد و القصائد قد تلهينا عن سماع او قراءة القرآن فندخل لا محالة في آية لهو الحديث .
عبد الله-1
2012-01-21, 07:26
شكرا لك على النصيحة انا فقط سألت لأن اخوتي مرات يسمعون الاناشيد و عندما اناقشهم يقولون هي كلام جميل مؤدب بدون موسيقى او اقاع نسمعها كما تسمعين القصائد و لقلت علمي لم اجد ما ارد به فطلبت منك التوضيح .
و على العموم كما قلت القرآن الكريم خير واعظ ولعل كثرة سماع الاناشيد و القصائد قد تلهينا عن سماع او قراءة القرآن فندخل لا محالة في آية لهو الحديث .
زادك الله حرصا أختي الكريمة ونفع بكم وبعلمكم .
نونية القحطاني قصيدة رائعة ضمنها صاحبها أمور عدة في العقيدة والفقه والمعاملات والأداب ....الخ
وفيه نونية ابن القيم في وصف الجنة وهي جزء من قصيدة طويلة اسمها الكافية الشافية
هذه النونية شرحها الكثير من أهل العلم منهم الشيخ ابن عثيمين رحمه الله والشيخ الدميجي حفظه الله وهي تحفة فريدة من نوعها عن نفسي لم أسمع قصيدة في مستواها ولازلت أسمعها أحيانا ويشترط في هذه الأمور المباحة ان لا تكون ديدن المسلم حتى ينسى كتاب الله ولا يتعهده يعني يهجره إما قراءة أو سماعا او تدبرا أو عملا كما فسر أهل العلم هذا المصطلح والله أعلم.
أما الكلام الذي بالإيقاعات الموسيقية سواء كان غناء أو نشيدا فلا يجوز.
عبد الله-1
2012-01-21, 07:32
وفيه الكثير من المتون العلمية التي هي عبارة عن قصائد تعلمية ينصح ومن أهل العلم من يوجب المتعلم بحفظها .
وكما يقال : من حفظ المتون حاز الفنون.
أبوعبد اللّه 16
2012-01-21, 14:16
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
هذا وين شفت موضوعك، كانت النت مقطوعة علي امس، ما شائ الله اخي جمال، يعطيك الصحة، على دحض شبهة "خلاف في الغناء و المعازف"، و انا صباح كنت حاب ندير بعض الردود في موضوع لي دارو ابو زيد، لقيتو اغلق
و مبعد فتحت موضوع، و جمعت فيها كل ادلة التحريم من الكتاب و السنة و من اثار سلف الامة و من اقوال العلماء الاولين و الاخرين.
[QUOTE=أخ كريم;8613360]بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
الأصل في السماع الحِلُّ والحُرْمة عارضة :
وإذن فسماع الآلات، ذات النغمات أو الأصوات الجميلة، لا يُمكن أن يحرم باعتباره صوت آلة، أو صوت إنسان، أو صوت حيوان، وإنما يُحرم إذا استُعين به على محرم، أو اتُّخِذ وسيلةً إلى محرم، أو ألْهَى عن واجب.
وهكذا يجب أن يعلم الناس حُكم الله في مثل هذه الشئون. ونرجو بعد ذلك ألا نسمع القول يُلقى جُزافًا في التحليل والتحريم؛ فإن تحريم ما لم يُحرمه الله أو تحليل ما حرَّمه الله كلاهما افتراء وقوْل على الله بغير علم: (قُلْ إنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا ومَا بَطَنَ والإثْمَ والبَغْيَ بِغَيْرِ الحَقِّ وأنْ تُشْرِكُوا باللهِ مَا لمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلطَانًا وأنْ تَقُولُوا علَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ). (الآية: 33 من سورة الأعراف[color=green]).
F FHVM HGG
بارك الله فيك اخي الكريم
لن اخوض في النقاش كثيرا فقط اقدم ملاحظة بسيطة وهي انك تعالج الامور من باب الاحكام الشرعية واصولها وليس من باب اتباع فئة معينة واعتبار اقوالها هي صحيح الدين .
الاجماع لم يحدث مطلقا في التاريخ الاسلامي .والاستدلال بمجموعة من الفهاء لا يعتبر اجماعا لان شروط الاجماع واضحة وتحققها مستحيل .
واخيرا إ فئة تسمي نفسها تسمية خاصة لن تغير رايها مهما قدمت لها من الحجج والبراهين الادلة الشرعية لانها ترى انها وحدها على حق وان غيرها على باطل وضلالة ولا يهمها حجية الدليل بل من يقول به في مخافة صريحة لوصية الفارق عمر لا يعرف الحق بالرجال ولكن يعرف الرجال بالحق
ولهذا ادخل ابن الجوزية باب تلبيسه على العلماء .
ولهذا امل ان يتقي من يعتبرون انفسهم او صياء على الله ورسوله الله في انفسهم ولا يعتبرون رصف مجموعة من الاراء لا رابط بينها وفي غير محلها هو راي الشرع بل هو مجرد راي لشخص او اشخاص وكل يؤخذ منه ويرد عليه خاصة في غياب الدليل الشرعي
ثانيا هناك ملاحظة غريبة وهي ان الفئة الوصية تعتقد ان تصحيح الالباني لبعض الاحاديث منزه عن الغلط وتنسى ان ما صححه الالباني يختلف فيه المءات من علماء الحديث الاكبر شانا وعلما من الالباني فلماذ يضربون عرض الحائط باراء فقهاء المسلمين وياخذن براي شخص واحد وراي اتباعه ويعتبرون ذلك اصل الشرع ؟
بارك الله فيك الاخ الفاضل جمال جمعت وكتبت وكفيت..................زادكم الله حرصا جزاكم الله عنا خيرا وزودكم زاد الدنيا والاخرة
آلاء الرحـــــــمن
2012-01-21, 16:11
زادك الله حرصا أختي الكريمة ونفع بكم وبعلمكم .
نونية القحطاني قصيدة رائعة ضمنها صاحبها أمور عدة في العقيدة والفقه والمعاملات والأداب ....الخ
وفيه نونية ابن القيم في وصف الجنة وهي جزء من قصيدة طويلة اسمها الكافية الشافية
هذه النونية شرحها الكثير من أهل العلم منهم الشيخ ابن عثيمين رحمه الله والشيخ الدميجي حفظه الله وهي تحفة فريدة من نوعها عن نفسي لم أسمع قصيدة في مستواها ولازلت أسمعها أحيانا ويشترط في هذه الأمور المباحة ان لا تكون ديدن المسلم حتى ينسى كتاب الله ولا يتعهده يعني يهجره إما قراءة أو سماعا او تدبرا أو عملا كما فسر أهل العلم هذا المصطلح والله أعلم.
أما الكلام الذي بالإيقاعات الموسيقية سواء كان غناء أو نشيدا فلا يجوز.
السلام عليكم
شكرا لك اخي بارك الله فيك اللهم آمين.
اجل لقد استمعتو قرأت مقتطفات من نونية ابن القيم رائعة فعلا حتى انا من اشد المعجبين بعلم الامام ابن القيم فاينما تتجه تجده معك بكلامه فقد تكلم رحمه الله تقريبا عن كل شيء
مرة اخرى شكرا لك اخي
جمال البليدي
2012-01-28, 17:32
الحمد لله الذي هدانا لهذا ولولاه لما كنا من المهتدين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين أما بعد:
فهذا رد على مقال منتشر في الشبكة العنكبوتية حاول صاحبه جاهدا أن يبيح الموسيقى والمعازف رغم كل الأدلة النقلية والعقلية والإجماع والقياس التي تبين حرمتها فسلك مسلك(إعتقد ثم استدل)) , وقد بحثت عن صاحب هذا المقال المشؤوم فإذا به دكتور يشار إليه بالبنان ولم أستغرب هذا منه لأن حاله معلوم عند أهل العلم والسنة إذ ليس له مبادئ ولا أصول ينطلق منها سوى أصل التيسير المزعوم , ولم أشأ ذكر إسمه حتى لا يتحول النقاش إلى صراعات شخصية خاصة وأن الكثير من إخواننا ابتلي بالتعصب للأشخاص فتجنبا لهذه المفسدة ارتأيت أن لا أذكر إسم ذاك الكاتب , ويجدر بي التنبيه إلى أن هذا الرد جمعته من كتب أهل العلم سأذكرها إن شاء الله في ختام هذا البحث مع أنني أضفت بعض الأقوال والتعقيبات من عندي دون مخالفة أصول أهل السنة في الاستدلال والنقد فأرجوا من الله تعالى أن يكون عملي هذا خالصا لوجهه سبحانه إنه ولي ذلك والقادر عليه.
وقبل أن أشرع بالتعقيب المباشر على كل ما جاء في المقال أحببت أن أبدي بعض الملاحظات على ما جاء فيه:
http://www.p-yemen.com/highstar/bsm4/p-yemen4%20%2872%29.gif
الملاحظة الأولى: خلط الكاتب بين المصطلحات من حيث اللغة والإصطلاح الفقهي ومن ذلك عدم تمييزه بين لفظ السماع و الغناء الذي يعنى به عند العرب المتقدمين الشعر والحداء وبين المعازف والموسيقى المجمع على حرمتها فتراه يحشد الأدلة على جواز المعازف بإستدلاله بالأحاديث والأثار التي تتكلم عن السماع دون المعازف.
ومن ذلك أيضا عدم معرفته لمدلول مصطلح(كره)) أو(يكره)) عند الفقهاء فهذا اللفظ يعني(لا يجوز)) وليس (لا يستحب)) كما سأبين إن شاء الله .
وأيضا لفظ(الترخيص) و(يرخص) و(رخص)) فالترخيص إنما يقال في ماكان أصله حرام لا العكس فهذا اللفظ حجة على كاتب إذ لو كان الغناء حلالا لما كان للترخيص معنى فالترخيص يكون لأمر إضطراري كالأعراس والأفراح والعيد وما إلى ذلك ومثال ذلك كترخيص أكل الخنزير عند الإضطرار فهذا يدل على أن أكل الخنزير حرام لا العكس كما سأبين بإذن الله.
http://www.p-yemen.com/highstar/bsm4/p-yemen4%20%2872%29.gif
الملاحظة الثانية: إعتمادهم على الروايات والحكايات الهزيلة الغير المسندة والمنقطعة التي غالبا ما تكون بالألفاظ الهزيلة كقولهم((حكى..حكاه..وحكي....)) التي لا قيمة لها في ميزان التحقيق .
http://www.p-yemen.com/highstar/bsm4/p-yemen4%20%2872%29.gif
الملاحظة الثالثة: اعتماده على أقوال الصوفية بدلا من أهل السنة كابن طاهر القيسراني فأغلب الروايات المكذوبة جاءت عن ابن طاهر القيسراني وهو من أرباب التصوف الأول من أهل القرن الخامس الهجري وهذا المتصوف هو عمدة المتأخرين في إباحة الغناء للأسف الشديد فأغلب الروايات المكذبة جاءت عنه وقد تصدى له الإمام ابن حجر الهيثمي في كتابه(كف الرعاع )) حيث قال فيه((وبه يعلم أن ابن طاهر لا يجوز تقليده في نقل ولا عقل, لأنه فاسد فيهما ; كيف وهو كذاب مبتدع إباحي).
وقال أبو عبد الله القرطبي: (لا يحتج بحديث ابن طاهر...إنهم تكلموا فيه...وعنده مناكير في هذا الكتاب, روى عن مالك وغيره من أئمة الهدى حكايات منكرة باطلة قطعاً ).نقلا عن كتاب(كف الرعاع)) وسيأتي قريبا الكلام عن حكايات ابن طاهر المكذوبة.
وأيضا الأدفوي فهو مقلد لابن طاهر القيسراني كما ذكر ابن حجر الهيثمي ناهيك عن النابسلي الصوفي القادري النقشبندي كما صرح هو بنفسه ,وهو الذي دافع عن الزنديق ابن عربي بل وشرح كتابه(الفصوص)) فهؤلاء هم عمدة الكاتب في إباحته للغناء فلم يستطع أن يأتي بكلام أي عالم سني يبيح الغناء اللهم إلا ما يرويه بعض أهل السنة من حكايات دون إقرارا لها كما فعل الإمام الشوكاني لما روي حكايات الأدفوي وابن طاهر ثم رد عليها بالدليل العلمي دون أن يصرح بصحتها فتأمل.
كما اعتمد الكاتب على الروايات الموجودة في كتب الأدباء مثل كتاب أبي الفرج الأصبهاني((الأغاني)) بدل الرجوع إلى كتب المحدثين وأئمة الجرح والتعديل!
http://www.p-yemen.com/highstar/bsm4/p-yemen4%20%2872%29.gif
الملاحظة الرابعة:الكيل بمكيالين والوزن بميزانين فتجد الكاتب يسعى جاهدا إلى تضعيف ورد الروايات الصحيحة التي تنص على حرمة الغناء بأوهى الأسباب وفي المقابل تجده يعتمد على الروايات التي لا سند لها أصلا !
للفائدة:
كف الرعاع عن محرمات اللهو والسماع / للإمام العلامة أحمد بن محمد بن حجر الهيتمي / تحقيق عادل عبد المنعم ابو العباس / مكتبة القران / الطبعة الاولى 1977
رابط التحميل :
http://www.archive.org/download/abu_...aa_haytami.pdf (http://www.archive.org/download/abu_yaala_samaa_haytami/samaa_haytami.pdf)
وهو كتاب مخصص للرد على ابن طاهر القيسراني والأدفوي ومن تابعهما.
محب السلف الصالح
2012-01-28, 17:34
بارك الله فيك
جمال البليدي
2012-01-28, 18:20
الحمد لله الذي هدانا لهذا ولولاه لما كنا من المهتدين أما بعد:
سؤال يتردد علي ألسنة كثيرين في مجالات مختلفة وأحيانًا شتي.
سؤال اختلف جمهور المسلمين اليوم في الإجابة عليه، واختلف سلوكهم تبعًالاختلاف أجوبتهم، فمنهم من يفتح أذنيه لكل نوع من أنواع الغناء، ولكل لونمن ألوان الموسيقي مدعيًا أن ذلك حلال طيب من طيبات الحياة التي أباح اللهلعباده.
ومنهم من يغلق الراديو أو يغلق أذنيه عند سماع أية أغنية قائلا: إن الغناءمزمار الشيطان، ولهو الحديث ويصد عن ذكر الله وعن الصلاة وبخاصة إذا كانالمغني امرأة، فالمرأة -عندهم- صوتها عورة بغير الغناء، فكيف بالغناء؟ويستدلون لذلك بآيات وأحاديث وأقوال.
ومن هؤلاء من يرفض أي نوع من أنواع الموسيقي، حتي المصاحبة لمقدمات نشرات الأخبار.
ووقف فريق ثالث مترددًا بين الفريقين؛ ينحاز إلي هؤلاء تارة، وإلي أولئكطورًا، ينتظر القول الفصل والجواب الشافي من علماء الإسلام في هذا الموضوعالخطير، الذي يتعلق بعواطف الناس وحياتهم اليومية، وخصوصًا بعد أن دخلتالإذاعة –المسموعة والمرئية- علي الناس بيوتهم، بجدها وهزلها، وجذبت إليهاأسماعهم بأغانيها وموسيقاها طوعًا وكرهًا.
والغناء بآلة -أي مع الموسيقي- وبغير آلة: مسألة ثار فيها الجدل والكلام بينعلماء الإسلام منذ العصور الأولي، فاتفقوا في مواضع واختلفوا في أخري.
اتفقوا علي تحريم كل غناء يشتمل علي فحش أو فسق أو تحريض علي معصية، إذالغناء ليس إلا كلامًا، فحسنه حسن، وقبيحه قبيح، وكل قول يشتمل علي حرامفهو حرام، فما بالك إذا اجتمع له الوزن والنغم والتأثير ؟
واتفقوا علي إباحة ما خلا من ذلك من الغناء الفطري الخالي من الآلاتوالإثارة، وذلك في مواطن السرور المشروعة، كالعرس وقدوم الغائب، وأيامالأعياد، ونحوها بشرط ألا يكون المغني امرأة في حضرة أجانب منها.
وقد وردت في ذلك نصوص صريحة – سنذكرها فيما بعد.
واختلفوا فيما عدا ذلك اختلافًا بينا: فمنهم من أجاز كل غناء بآلة وبغيرآلة، بل اعتبره مستحبًا، ومنهم من منعه بآلة وأجازه بغير آلة، ومنهم منمنعه منعًا باتًا بآلة وبغير آلة وعده حرامًا، بل ربما ارتقي به إلي درجةالكبيرة.
التعليق:
أولا:دعوى وجود الخلاف حول حرمة المعازف والموسيقى دعوى عارية من الدليل بل إجماع السلف والصحابة ومن بعدهم ثابت ثبوت جليا لا ينكره إلا مكابر , ولم يثبت عن الصحابة خلاف ذلك ألبتة:
1-بعض الاثار عن الصحابة
http://www.djelfa.info/vb/showpost.php?p=8614238&postcount=5
2_عشرون إجماعا على حرمة المعازف والموسيقى:
http://www.djelfa.info/vb/showpost.php?p=8614273&postcount=8
أما الغناء بلا آلة كالشعر وما شابه فهذا هو الذي اختلف فيه أهل العلم ولم يجمعوا على حرمته أما المعازف والموسيقى فهذا محرم بالإجماع في الأعراس أو غير الأعراس كما سبق بيانه.
ثانيا: يريد الكاتب أن يمهد للقول بإباحة الغناء باستعمل طريقة التنفير عن العلماء الذين قالوا بحرمة الغناء فراح يتهمهم بالقول بأن صوت المرأة عورة ,وذلك حتى ينفر القارئ عنهم ليتصور أن الذين قالوا بحرمة الغناء متشددون متنطعون يرون أن الإذاعة والتلفاز حرام وصوت المرأة عورة إلى غير ذلك من الإشاعات الظالمة التي يثيرها الحزبيون والإعلاميون في وقتنا المعاصر, وهذا ظلم وافتراء من الكاتب هداه الله لأن الغناء شيء وصوت المرأة هل هو عورة أم لا! شيء آخر فقد يقول العالم بإباحة الغناء وفي نفس الوقت يقول بأن صوت المرأة عورة ,وقد يقول العالم بحرمة الغناء ولا يرى أن صوت المرأة عورة فلا علاقة لهذا بذاك لكنه التلبيس على القارئ والله المستعان.
صوت المرأة ليس بعورة للعلامة ابن باز:
http://www.binbaz.org.sa/mat/10929
وهذه فتوى اللجنة الدائمة:
هل صحيح ما يقال بأن صوت المرأة عورة ؟
المفتي: فتاوى اللجنة الدائمة
الإجابة: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله .. وبعد..
ليس صوت المرأة عورة بإطلاق , فإن النساء كن يشتكين إلى النبي صلى الله عليه وسلم ويسألنه عن شئون الإسلام , ويفعلن ذلك مع الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم وولاة الأمور بعدهم , ويسلمن على الأجانب ويردون السلام , ولم ينكر ذلك عليهن أحد من أئمة الإسلام , ولكن لا يجوز لها أن تتكسر في الكلام , ولا تخضع في القول , لقول تعالى : { يا نساء النبي لستن كأحد من النساء إن اتقيتن فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولا معروفا } [ الأحزاب : 32 ] لأن ذلك يغري بها الرجال ويكون فتنة لهم كما دلت عليه الآية المذكورة . وبالله التوفيق .ا.هـ .
من فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء ( 6 / 83 ).
الأصل في الأشياء الإباحة: ـأقول: هذه القاعدة مبتورة من سياقها على طريقة(ويل للمصلين) فالقاعدة بتمامها هي:
الأصل في الأشياء الإباحة ما لم يرد الدليل على التحريم ، و الدليل نص أو إجماع أو قياس .
وقد ثبت الدليل بالنص والإجماع على حرمة الغناء:
http://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=843760
الرد على اعتراضات الكاتب على أهل السنة في تحريمهم للغناء:
الإعتراض الأول: إعتراضهم على تفسير ابن مسعود وابن عباس رضي الله عنهما قوله تعالى((ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوا أولئك لهم عذاب مهين). (لقمان: 6) ففسروا لهو الحديث بالغناء.
أدلة المحرمين للغناء ومناقشتها
استدل المحرمون بما روي عن ابن مسعود وابن عباس وبعض التابعين: أنهم حرمواالغناء محتجين بقول الله تعالي: (ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عنسبيل الله بغير علم ويتخذها هزوا أولئك لهم عذاب مهين). (لقمان: 6) وفسروالهو الحديث بالغناء.
قال ابن حزم: ولا حجة في هذا لوجوه:
أحدها: أنه لا حجة لأحد دون رسول الله -صلي الله عليه وسلم-.
والثاني: أنه قد خالفهم غيرهم من الصحابة والتابعين.
والثالث: أن نص الآية يبطل احتجاجهم بها؛ لأن الآية فيها: (ومن الناس منيشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوًا) وهذه صفة منفعلها كان كافرًا بلا خلاف، إذ اتخذ سبيل الله هزوًا.
ولو أن امرأ اشتري مصحفًا ليضل به عن سبيل الله ويتخذه هزوا لكان كافرًا ! فهذا هو الذي ذم الله تعالي، وما ذم قط عز وجل من اشتري لهو الحديث ليتلهيبه ويروح نفسه لا ليضل عن سبيل الله تعالي. فبطل تعلقهم بقول كل من ذكرناوكذلك من اشتغل عامدًا عن الصلاة بقراءة القرآن أو بقراءة السنن، أو بحديثيتحدث به، أو بنظر في ماله أو بغناء أو بغير ذلك، فهو فاسق عاص لله تعالي،ومن لم يضيع شيئًا من الفرائض اشتغالاً بما ذكرنا فهو محسن. (المحلي لابنحزم (9/60) ط المنيرية). أ هـ.
والجواب على هذا (1):
أما عن اعتراضه الأول: فهو كلمة حق أريد بها باطل لأنه يوهم أن الآثار مخالفة لما جاء عن رسول الله صلى الله عليه و سلم في تفسير الآية و لا شي من ذلك البتة و إنما هي مخالفة لتفسيره هو وحده, ويكفي القارئ اللبيب برهانا على خطئه أن يتصور هذه الحقيقة: الآثار السلفية في جانب و ابن حزم في جانب! .
قال ابن القيم رحمه الله : ( ويكفي تفسير الصحابة والتابعين للهو الحديث بأنه الغناء فقد صح ذلك عن ابن عباس وابن مسعود ، قال أبو الصهباء : سألت ابن مسعود عن قوله تعالى : " ومن الناس من يشتري لهو الحديث " ، فقال : والله الذي لا إله غيره هو الغناء - يرددها ثلاث مرات - ، وصح عن ابن عمر رضي الله عنهما أيضا أنه الغناء ، ولا تعارض بين تفسير لهو الحديث بالغناء وتفسيره بأخبار الأعاجم وملوكهم وملوك الروم ونحو ذلك مما كان النضر بن الحارث يحدث به أهل مكة يشغلهم به عن القرآن ، وكلاهما لهو الحديث ، ولهذا قال ابن عباس : لهو الحديث الباطل والغناء ، فمن الصحابة من ذكر هذا ومنهم من ذكر الآخر ومنهم من جمعهما ، والغناء أشد لهوا وأعظم ضررا من أحاديث الملوك وأخبارهم فإنه رقية الزنا ومنبت النفاق وشرك الشيطان وخمرة العقل ، وصده عن القرآن أعظم من صد غيره من الكلام الباطل لشدة ميل النفوس إليه ورغبتها فيه ، فإن الآيات تضمنت ذم استبدال لهو الحديث بالقرآن ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوا ، وإذا يتلى عليه القرآن ولى مدبرا كأن لم يسمعه كأن في أذنيه وقراً ، هو الثقل والصمم ، وإذا علم منه شيئا استهزأ به ، فمجموع هذا لا يقع إلا من أعظم الناس كفرا وإن وقع بعضه للمغنين ومستمعيهم فلهم حصة ونصيب من هذا الذم ) إغاثة اللهفان 1/258-259
وأما عن الثاني: فجعجعة لا طحن فيها إذ لا مخالف لهم ولو كان شيء من ذلك لبادر إلى ذكره كما هي عادته عند العارفين بأسلوبه في رده على مخالفيه.
وأما عن الثالث: فنترك العلامة ابن القيم يرد عليه قائلا ::
إذا عرف هذا فأهل الغناء ومستمعوه لهم نصيب من هذا الذم بحسب اشتغالهم بالغناء عن القرآن وإن لم ينالوا جميعه فإن الآيات تضمنت ذم من استبدل لهو الحديث بالقرآن ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوا وإذا يتلى عليه القرآن ولى مستكبرا كأن لم يسمعه كأن في أذنيه وقرا وهو الثقل والصمم وإذا علم منه شيئا استهزأ به.
فمجموع هذا لا يقع إلا من أعظم الناس كفرا وإن وقع بعضه للمغنين ومستمعيهم فلهم حصة ونصيب من هذا الذم.
يوضحه: أنك لا تجد أحدا عنى بالغناء وسماع آلاته إلا وفيه ضلال عن طريق الهدى علما وعمل ا وفيه رغبة عن استماع القرآن إلى استماع الغناء بحيث إذا عرض له سماع الغناء وسماع القرآن عدل عن هذا إلى ذاك وثقل عليه سماع القرآن وربما حمله الحال على أن يسكت القارئ ويستطيل قراءته ويستزيد المغني ويستقصر نوبته وأقل ما في هذا: أن يناله نصيب وافر من هذا الذم إن لم يحظ به جميعه.
والكلام في هذا مع من في قلبه بعض حياة يحس بها فأما من مات قلبه وعظمت فتنته فقد سد على نفسه طريق النصيحة {وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ}. [المائدة: 41] .)) انتهى كلامه.
وهو رد قوي وواضح جدا ألا ترى أن بعض المسلمين اليوم يلتهون في مجالسهم ومحافلهم بالكلام الدنيوي
وبشرب الدخان واللعب بالطاولة النرد بل وبالقمار في المقاهي وغيرها وهم يسمعون من الراديو قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} يسمعون هذا وأمثاله من آيات الله تتلى وهم في حديثهم ولهوهم سامدون كأن في آذانهم وقرا أفكفار هؤلاء يا ابن حزم؟ بل إن موقف هؤلاء ولهوهم ليذكرني بقول ابن عباس وغيره من السلف: ((كفر دون كفر)) فليس كل كفر يخرج عن الملة ولذلك فلهؤلاء وأمثالهم نصيب من الذم المذكور في الآية كل بقدره وقد أشار إلى هذا المعنى العلامة المفسر الشهير ابن عطية الأندلسي في تفسيره المحرر الوجيز13 / 19 - وكأنه يرد على ابن حزم أيضا -: والآية باقية المعنى في أمة محمد ولكن ليس ليضلوا عن سبيل الله بكفر ولا يتخذوا الآيات هزوا ولا عليهم هذا الوعيد بل ليعطل عبادة ويقطع زمانا بمكروه وليكون من جملة العصاة والنفوس الناقصة. )) انتهى كلامه.
الإعتراض الثاني:
واستدلوا بقوله تعالي في مدح المؤمنين: (وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه) (القصص: 55). والغناء من اللغو فوجب الإعراض عنه.
ويجاب بأن الظاهر من الآية أن اللغو: سفه القول من السب والشتم ونحو ذلك،وبقية الآية تنطق بذلك. قال تعالي: (وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه وقالوالنا أعمالنا ولكم أعمالكم سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين) (القصص: 55)، فهيشبيهة بقوله تعالي في وصف عباد الرحمن: (وإذا خاطبهم الجاهلون قالواسلامًا). (الفرقان: 63).
ولو سلمنا أن اللغو في الآية يشمل الغناء لوجدنا الآية تستحب الإعراض عن سماعه وتمدحه، وليس فيها ما يوجب ذلك.
وكلمة اللغو ككلمة الباطل تعني ما لا فائدة فيه، وسماع ما لا فائدة فيه ليس محرمًا ما لم يضيع حقًا أو يشغل عن واجب.
والجواب على هذا من وجهين :
الأول : الغناء من اللغو وليس هو اللغو
قال محمد بن الحنفيه : واللغو في اللغه هو كل ميلغي ويطرح وهو معنى لمن يحضرون مجالس الباطل واذا مروا بكل مايلغى من قول وعمل اكرموا انفسهم ان يقفوا عليه او يميلوا اليه))
وقد اثنى الله تعالى على من اعرض عن اللغو اذا سمعه – واذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه ""وقالوا لنا أعمالنا ولكم اعمالكم "" والزور هو ميل عن الحق الثابت الى الباطل الذي لاحقيقة له قولا وفعلا وقوله تعالى لايشهدون الزور أي لايحضرون اماكن الزور وقول الباطل وهل هناك مايلغي وهناك ماهو ابطل من الغناء.
الثاني : أما تشبيهك للغلو بما وصف الله عباد الرحمان ((وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما) فمردود عليك بالآية جاءت في نفس السورة(({وإذا مروا باللغو مروا كراما} سورة الفرقان 72. فلا يلزم أن يكون الإعراض بالقول فقط بل يكفي المرور عليه بمرور الكرام كحال الغناء.
قال الإمام الطبري: "وإذا مروا بالباطل فسمعوه أو رأوه، مروا كراما. مرورهم كراما في بعض ذلك بأن لا يسمعوه، وذلك كالغناء."
الثالث : أما قولك أن كلمة اللغو معناها الباطل فالباطل ليس حرام بإطلاق ولا مكروه بإطلاق بل هو يشمل الحلال المباح ويشمل الحرام ولا شك أن الغناء من الحرام لأن الله تعالى أمرنا بالإعراض عنه والأمر يقتضي الوجوب وليس الإستحباب !. ولو كان هذا النوع من الباطل من جملة المباحات لما أمرنا الله تعالى بالإعراض عنه!
روي عن ابن جريج أنه كان يرخص في السماع فقيل له: أيؤتي به يوم القيامة فيجملة حسناتك أو سيئاتك ؟ فقال: لا في الحسنات ولا في السيئات؛ لأنه شبيهباللغو، قال تعالي: (لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم). (البقرة: 225،والمائدة: 89). .
ونقل ابنالسمعاني الترخيص عن طاووس
والجواب على هذا :
1- كلام ابن جريج وابن السمعاني حجة عليك لا لك لأن الترخيص يأتي على الشيء المحرم وليس المباح."" وسأنقل لك كلام العلماء من مختلف المذاهب في معنى لفظ(الرخصة))"(2) :
◘من علماء الحنفية :
قال الإمام أبو زيد الدبوسي-من كبار أئمة الحنفية- : ((المرابد بها في عرف اللسان : إطلاق بعد حظر لعذر تيسيرا.يقال : ''رخصت لك في كذا" أي : أطلقتك تيسيرا عليك لعذر بك, وهو المراد منها في ألفاظ الشرع)(تقويم الأدلة ص81)
◘من علماء المالكية :
قال الإمام ابن الحاجب ((وأما الرخصة : فالمشروع لعذر مع قيام المحرم لولا العذر, كأكل الميتة للمظطر..والفطر في السفر))بيان المختصر(1/247)
◘من علماء الشافعية :
قال صفي الدين الهندي : ((إنها عبارة عما تغير من الحكم الشرعي لعذر إلى سهولة ويسر مع قيام السبب للحكم الأصلي...., وإن شئت بعبارة أخرى فقل : إنها عبارة,عما يجوز فعله أو تركه لعذر مع قيام السبب المحرم) نهاية الوصول(2/685)
◘من علماء الحنابلة:
قال الإمام ابن مفلح : ((الرخصة...شرعا : ما شرع لعذر , مع قيام سبب تحريمه لولا العذر)أصول ابن مفلح(1/254)
المذهب الظاهري :
قال ابن حزم رحمه الله في رخصة الحجامة للصائم : ((استعمال الأحاديث يوحب قبول الرخصة,لأنها متيقنة بعد النهي, إذ لا تكون لفظة الرخصة إلا عن شيء تقدم التحذير منه) الإحكام(3/347) نشر : دار الحديث-القاهرة,الطبعة الأولى1404هجرية)
2-ابن جريج رحمه الله لم يرخص في المعازف بل في الغناء , لأن السماع عن العرب يعنى به"الغناء" والغناء يعني به رفع الصوت دون موسيقى ولا معازف فتأمل.
جاء في((لسان العرب)) : (السماع : الغناء. والمسمعة : المغنية) انتهى.
فالسماع يطلق عند العرب على غناء الإنسان بصوته الطبيعي.
أما إذا أراد الفقهاء التعبير عن سماع الغناء المصحوب بالآلات الموسيقية,فإنهم يعبرون عنه بقولهم((السماع بالآلة))
جاء في ''لسان العرب" في تعريف الغناء : ((كل من رفع صوته ووالاه فصوته عند العرب غناء)).
وجاء في((تاج العروس)) : (وفي النهاية : هو رفع الصوت وموالاته)) . انتهى.
قال الكاتب:
قال الإمام الغزالي: (إذا كان ذكر اسم الله تعالي علي الشيء علي طريق القسممن غير عقد عليه ولا تصميم، والمخالفة فيه، مع أنه لا فائدة فيه، لا يؤاخذبه، فكيف يؤاخذ بالشعر والرقص ؟!). (إحياء علوم الدين. كتاب السماع ص 1147ط دار الشعب بمصر).
وقال أيضا: قال الغزالي في الإحياء: (من لم يحركه السماع فهو ناقص مائل عن الاعتدال، بعيد عن الروحانية، زائدفي غلظ الطبع وكثافته علي الجمال والطيور وجميع البهائم، إذ الجمل مع بلادةطبعه يتأثر بالحداء تأثرًا يستخف معه الأحمال الثقيلة، ويستقصر -لقوةنشاطه في سماعه- المسافات الطويلة، وينبعث فيه من النشاط ما يسكره ويولهه. فتري الإبل إذا سمعت الحادي تمد أعناقها، وتصغي إليه ناصبة آذانها، وتسرعفي سيرها، حتي تتزعزع عليها أحمالها ومحاملها) . أقول : الإمام الغزالي لا يقصد المعازف والموسيقى بل يقصد السماع(=الغناء=الشعر ورفع الصوت عند العرب بدون آلة)).
قال الإمام الغزالي في الإحياء (2/ 417) : ( فلنبدأ بحكم السماع وهو الأول :وننقل فيه الأقاويل المعربة عن المذاهب فيه.ثم نذكر الدليل على إباحته،ثم نردفه بالجواب عما تمسك القائلون بتحريمه.
قال الشافعي رحمه اللّه في كتاب آداب القضاء:إن الغناء لهو مكروه يشبه الباطل ومن استكثر منه فهو سيفه ترد شهادته.
..... وأما أبو حنيفة رضي اللّه عنه فإنه كان يكره ذلك ويجعل سماع الغناء من الذنوب ) انتهى .
فيتضح مما سبق عن الغزالي كان يتكلم عن السماع فقط ولم يتكلم عن الموسيقى ..
وأما كلام الإمام الغزالي عن الموسيقى , ففي الإحياء 2/424 : " فبهذه المعاني حرم المزمار العراقي والأوتار كلها كالعود والصنج والرباب والبربط وغيرها
........................ بل أقول سماع الاوتار ممن يضربها على غير وزن متناسب مستلذ حرام أيضا " . إحياء علوم الدين للغزالي ( 2 / 272 - 273 )
بل وإن الإمام الغزالي حرم آلات اللهو بناءا على ما ورد في الشرع بالمنع منها . حيث قال :" فينبغي أن يقاس على صوت العندليب الأصوات الخارجة من سائر الأجسام باختيار الآدمي كالذي يخرج من حلقه أو من القضيب والطبل والدف وغيره ولا يستثنى من هذا إلا الملاهي والأوتار والمزامير التي ورد الشرع بالمنع منها " . نفس لمصدر السابق .
أما عن الرقص فالمقصود به اللعب المباح لهذا قال الغزالي((فلعب الحبشة ورقصهم لهو وقد كان صلى الله عليه وسلم ينظر إليه ولا يكرهه بل اللهو واللغو لا يؤاخذ الله تعالى به إن عنى به أنه فعل ما لا فائدة فيه فإن الإنسان لو وظف على نفسه أن يضع يده على رأسه في اليوم مائة مرة فهذا عبث لا فائدة له ولا يحرم قال الله تعالى لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم فإذا كان ذكر اسم الله تعالى على الشيء على طريق القسم من غير عقد عليه ولا تصميم والمخالفة فيه مع أنه لا فائدة فيه لا يؤاخذ فكيف يؤاخذ به بالشعر والرقص)) .
الإعتراض الثالث:
(احتجوا فقالوا: من الحق الغناء أم من غير الحق ؟ ولا سبيل إليقسم ثالث، وقد قال الله تعالي: (فماذا بعد الحق إلا الضلال) (يونس: 32). فجوابنا وبالله التوفيق: أن رسول الله –صلي الله عليه وسلم- قال: "إنماالأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوي" (متفق عليه من حديث عمر بن الخطاب،وهو أول حديث في صحيح البخاري). فمن نوي باستماع الغناء عونًا علي معصيةالله فهو فاسق وكذلك كل شيء غير الغناء، ومن نوي به ترويح نفسه ليقوي بذلكعلي طاعة الله عز وجل، وينشط نفسه بذلك علي البر فهو مطيع محسن، وفعله هذامن الحق. ومن لم ينو طاعة ولا معصية فهو لغو معفو عنه، كخروج الإنسان إليبستانه، وقعوده علي باب داره متفرجًا، وصبغه ثوبه لازورديًا أو أخضر أو غيرذلك ومد ساقه وقبضها، وسائر أفعاله). (المحلي. 9/60).
والجواب على هذا :
أن قول النبي صلى الله عليه وسلم(إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى) معناه : إنما الأعمال الصالحة بالنيات الصالحة كما يدل على ذلك تمام الحديث1 وهو ظاهر بأدنى تأمل ولكن {وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ}.
أما الأعمال المحرمة فإنها تبقى محرمة وإن استعملت في الحلال أو في العبادة وإلا حسب الإمام ابن حزم فإننا نجيز الربا من أجل الصدقة ! والسرقة من أجل الكسب ! هل هذا يقول به عاقل !.ومعلوم أن النية وحدها لا تكفي فكم من مريد للخير لم يصبه كما قال ابن مسعود رضي الله عنه بل يجب أن يكون العمل أيضا موافقا للشرع ولا يكون محرما لقول النبي صلى الله عليه وسلم(من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد)) فالحديث الأول يجمع مع الحديث الثاني فنستخلص بذلك أن شروط قبول العمل شرطان هما : 1-النية والإخلاص 2-موافقة الشرع.
واستدلوا بالحديث الذي رواه البخاري -معلقا- عن أبي مالك أو أبي عامرالأشعري -شك من الراوي- عن النبي -عليه السلام- قال: "ليكونن قوم من أمتييستحلون الحر (الحر: أي الفرج والمعني يستحلون الزني). والحرير والخمروالمعازف". والمعازف: الملاهي، أو آلات العزف.
والحديث وإن كان في صحيح البخاري، إلا أنه من "المعلقات" لا من "المسنداتالمتصلة" ولذلك رده ابن حزم لانقطاع سنده، ومع التعليق فقد قالوا: إن سندهومتنه لم يسلما من الاضطراب، فسنده يدور علي (هشام بن عمار) (انظر: الميزانوتهذيب التهذيب). وقد ضعفه الكثيرون.
أقول (3):
1-بل الحديث متصل وغير معلق ومنقطع كما ادعى الكاتب مقلدا لابن حزم رحمه الله وأسنقل لك ردود أهل العلم على ابن حزم في دعواه تلك :
قال الحافظ ابن حجر رحم الله في كتابه(تغليق التعليق))) : (وهذا حديث صحيح لا علة له ولا مطعن له, وقد أعله أبو محمد بن حزم بالانقطاع بين البخاري وصدقه بن خالد...وهذا كما تراه قد سقته من رواية تسعة عن هشام متصلا, فيهم مثل الحسن بن سفيان وعبدان وجعفر الفريابي وهؤلاء حفاظ أثبات...وله عندي شواهد أخر كرهت الإطالة بذكرها, وفيما أوردته كفاية لمن عقل وتدبر)) انتهى.
وقال الحافظ ابن الصلاح أيضا في كتابه((صيانة صحيح مسلم)) : (ولم يصب أبو محمد ابن حزم الظاهري حيث جعل مثل ذلك انقطاعا قادحا في الصحة مستروحا إلى ذلك في تقرير مذهبه الفاسد في إباحة الملاهي وزعمه أنه لم يصح في تحريمها حديث, مجيبا به عن حديث أبي عامر أو أبي مالك الأشعري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم((ليوكنن في أمتي أقوام يستحلون الحرير والخمر والمعازف)) إلى آخر الحديث, فزعم أنه وإن أخرجه البخاري فهو غير صحيح, لأن البخاري قال فيه : قال هشام بن عمار, وساقه بإسناده, فهو منقطع فيما بين البخاري وهشام , وهذا خطأ من وجوه والله وأعلم :
أحدهما : أنه لا انقطاع في هذا أصلا من جهة أن البخاري لقي هشاما وسمع منه. وقد قررنا في كتاب(معرفة علوم الحديث)) أنه إذا تحقق اللقاء والسماع مع السلامة من التدليس, حمل ما يرويه عنه على السماع بأي لفظ كان. كما يحمل قول الصحابي((قال رسول الله صلى الله عليه وسلم على سماعه منه إذا لم يظهر خلافه, وكذا غير قال من الألفاظ.
الثاني : إن هذا الحديث بعينه معروف الاتصال بصريح لفظه من غير جهة البخاري))
وقال العلامة ابن القيم في "إغاثة اللهفان" 1 / 259 – 260، وفي تهذيب السنن5 / 271 - 272،مع شيء من الدمج بينهما والتلخيص:
ولم يصنع من قدح في صحة هذا الحديث شيئا كابن حزم نصرة لمذهبه الباطل في إباحة الملاهي وزعم أنه منقطع لأن البخاري لم يصل سنده به. وهذا القدح باطل من وجوه:
أحدها: أن البخاري قد لقي هشام بن عمار وسمع منه فإذا قال: قال هشام فهو بمنزلة قوله: عن هشام اتفاقا.
الثاني: أنه لو لم يسمع منه فهو لم يستجز الجزم به عنه إلا وقد صح عنه أنه حدث به وهذا كثيرا ما يكون لكثرة من رواه عنه عن ذلك الشيخ وشهرته فالبخاري أبعد خلق الله عن التدليس.
الثالث: أنه أدخله في كتابه المسمى ب الصحيح محتجا به فلولا صحته عنده لما فعل ذلك فالحديث صحيح بلا ريب.
الرابع: أنه علقه بصيغة الجزم دون صيغة التمريض فإنه إذا توقف في الحديث أو لم يكن على شرطه يقول: ويروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، و: يذكر عنه ونحو ذلك فإذا قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم و: قال فلان فقد جزم وقطع بإضافته إليه وهنا قد جزم بإضافة الحديث إلى هشام فهو صحيح عنده.
الخامس: أنا لو أضربنا عن هذا كله صفحا فالحديث صحيح متصل عند غيره.))
2-أما طعنكم في هشام بن عمار فهذه طامة كبرى تدل على أن القوم يستعملون كل الحيل لإباحة المعازف الماجنة والله المستعان وسأنقل لكم كلام أئمة الجرح والتعديل في هشام بن عمار :
قال الإمام يحي بن معين : ثقة.(تهذيب الكمال(30/247)
ووثقه الإمام البخاري لأنه احتج به في صحيحه
وقال الإمام أحمد العجلي : هشام بن عمار الدمشقي ثقة صدوق.(الثقات للعجلي(2/332))
وقال الإمام النسائي : لا بأس به.(تهذيب الكمال"30/247)
وقال الإمام الدارقطني : صدوق , كبير المحل.(تهذيب الكمال"30/247).
وقال الإمام أبو يعلي الخليلي في كتابه(الإرشاد في معرفة علماء الحديث)) : ((هشام بن عمار الدمشقي, ثقة , كبير,....سمع منه الأئمة والقدماء,رضيه الحفاظ)(سير أعلام النبلاء"34/183).
قال مسلمة بن القاسم في كتاب((الصلة)) : هو جائز الحديث صدوق.
وقال أبو نعيم الأصبهاني : الثقات مثل هشام بن عمار.(تهذيب التهذيب"11/46).
وقال الحافظ ابن كثير في ترجمة الفسوي : روى عن أمثر من الف شيخ من الثقات منهم هشام بن عمار
3-الشك أو التردد في اسم الصحابي لا يضر مادام قد ثبتت صحبته.
قال الحافظ ابن حجر في شرح صحيح البخاري(( التردد في اسم الصحابي لا يضر كما تقرر في علوم الحديث, فلا التفات إلى من أعل الحديث بسبب التردد)) انتهى.
4-وقد صحح الحديث المذكور جهابذة العلماء ومنهم:
"""1− الإمام البخاري.
. ٢− الإمام الإسماعيلي في مستخرجه كما في الفتح
٣− الإمام ابن حبان في صحيحه
٤− الحافظ أبو عمرو ابن الصلاح في كتابه علوم الحديث
٥− شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه الاستقامة
٦− الإمام بدر الدين ابن جماعة في كتابه المنهل الروي
٧− الإمام ابن القيم في كتابه إغاثة اللهفان
٨− الحافظ ابن كثير في كتابه اختصار علوم الحديث ص (
١٥- « المقنع في علوم الحديث »
٩− الحافظ سراج الدين ابن الملقن في كتابه
١٠ − الحافظ زين الدين العراقي في كتابه « التقييد والإيضاح »
١١ − الحافظ ابن رجب الحنبلي في كتابه نزهة الأسماع
١٢ − الإمام العلامة بدر الدين العيني في كتابه .« عمدة القاري »
١٣ − الحافظ ابن حجر العسقلاني قال في كتابه ) :« تغليق التعليق » (هذا حديث صحيح لا علة له ولا مطعن له).
١٤ − العلامة محمد بن إبراهيم الوزير في كتابه تنقيح الأنظار.
١٥ − الحافظ شمس الدين السخاوي في كتابه فتح المغيث
١٦ − العلامة أحمد شاكر في كتابه الباعث الحثيث
١٧ − محدث العصر الألباني في كتابه تحريم آلات الطرب
١٨ − العلامة مقبل بن هادي الوادعي في كتابه « الصحيح المسند من دلائل النبوة »"""(4)
فإياك إياك والإصغاء إلى ابن حزم رحمه الله ومن تابعه في تضعيف الحديث المذكور
بل ادفع بتصحيح هؤلاء العلماء في وجه كل متطاول على هذا الحديث.
ورغم ما في ثبوته من الكلام، ففي دلالته كلام آخر؛ إذ هو غير صريح في إفادةحرمة "المعازف" فكلمة "يستحلون" –كما ذكر ابن العربي- لها معنيان: أحدهما: يعتقدون أن ذلك حلال، والثاني: أن يكون مجازًا عن الاسترسال في استعمالتلك الأمور، إذ لو كان المقصود بالاستحلال: المعني الحقيقي، لكان كفرًا.
والجواب على هذا (5):
أن لفظ "يستحلون" في هذا الحديث يدل على تحريم المعازف,سواء كان المراد به هو المعنى الحقيقي أم المعنى المجازي, لكن الكاتب لم يفهم كلام القاضي ابن العربي.
فكلام القاضي ابن العربي صريح في أن المعنى المجازي أيضا يدل على التحريم(أو : لا يعارض التحريم)).
فقد قال الحافظ ابن حجر : ((قوله((يستحلون)) قال ابن العربي : يحتمل أن يكون المعنى يعتقدون ذلك حلالا, ويحتمل أن يكون ذلك على مجازا على الاسترسال أي يسترسلون في شربها كالاسترسال في الحلال, وقد سمعنا ورأينا من يفعل ذلك)).فتح الباري(10/55)
فالقاضي ابن العربي إنما قصد أن قوله((يستحلون) قد يقصد به أنهم سيعتقدون إباحة هذه المحرمات, وقد يقصد به أنهم-مع اعتقادهم حرمتها-سيرتكبون هذه المحرمات دون حرج أو خشية من الله, كاستعمالهم المباحات دون حرج أو خشية من الله.
وهذا كما يحدث في عصرنا الآن ممن يعملون في الفنادق السياحية وما شابهها, حيث يرتكبون المحرمات-كشرب الحمر والفاحشة- في تعاملاتهم مع الأجانب, مع اعتقادهم تحريم هذه الأفعال التي يرتكبونها.
ويدل على ذلك صراحة قوله في آخر كلامه((يسترسلون في الحرام كالاسترسال في الحلال, وقد سمعنا ورأينا من يفعل ذلك)). فهل يقول عاقل((إنه أراد بذلك أنه قد سمع ورأى من يفعل الحلال-وهو شرب الخمر)؟ !
ولو سلمنا بدلالتها علي الحرمة لكان المعقول أن يستفاد منها تحريم المجموع،لا كل فرد منها، فإن الحديث في الواقع ينعي علي أخلاق طائفة من الناسانغمسوا في الترف والليالي الحمراء وشرب الخمور. فهم بين خمر ونساء، ولهووغناء، وخز وحرير. ولذا روي ابن ماجة هذا الحديث عن أبي مالك الأشعري بلفظ: "ليشربن أناس من أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها يعزف علي رؤوسهم بالمعازفوالمغنيات يخسف الله بهم الأرض ويجعل منهم القردة والخنازير"، وكذلك رواهابن حبان في صحيحه. والجواب على هذا :
أولا :أن الكاتب يزعم أن المعازف مباحة. وإنها إنما تكون محرمة إذا اجتمع معها شرب الخمر والحرير والزنا, وأن الوعيد إنما جاء على مجموع هذه الأشياء مجتمعة. وكلامه هذا في غاية الفساد والإنحراف عن منهج أهل العلم, فقد انحرفا عما صرح به أهل العلم وقرروه من قواعد في علم أصول الفقه على مر العصور والأزمان. وهي قاعدة(لا يجمع بين محرم ومباح في الوعيد)).
فمجيء الوعيد عند اجتماع هذه الأشياء يدل دلالة قطعية على تحريم كل منها بمفرده, إذ لا يصح أن يتوعدنا الله تعالى على فعل شيء مباح !
وقد أحسن الإمام الشوكاني في كشف هذه الشبهة قائلا : ويجاب بأن الاقتران لا يدل على أن المحرم هو الجمع فقط وإلا لزم أن الزنا المصرح به في الأحاديث لا يحرم إلا عند شرب الخمر واستعمال المعازف ، واللازم باطل بالإجماع فالملزوم مثله . وأيضا يلزم مثل قوله تعالى : " إنه كان لا يؤمن بالله العظيم ولا يحض على طعام المسكين " أنه لا يحرم عدم الإيمان بالله إلا عند عدم الحض على طعام المسكين ، فإن قيل إن تحريم مثل هذه الأمور المذكورة في الإلزام قد علم من دليل آخر ، فيجاب بأن تحريم المعازف قد علم من دليل آخر أيضا كما سلف ) ( نيل الأوطار 8/107) .
ثانيا : "" أما الرواية التي ذكرها الكاتب عند ابن ماجه وابن حبان والتاريخ الكبير, فأسانيدها كلها ضعيفة, فكلها من طرق راو مجهول, هو مالك بن أبي مريم.فكلها ضعيفة فتكون كالعدم.
بل الإمام ابن حزم-الذي يستشهد بكلامه- قد صرح بنفسه بجاهلة مالك بن أبي مريم هذا.
قال الإمام ابن حزم((وأما حديث ابن أبي شيبة ففيه معاوية بن صالح وهو ضعيف, ومالك بن أبي مريم ولا يدرى من هو)رسائل ابن حزم(ص435).
وقال الإمام الذهبي((مالك بن أبي مريم الحكمي..لا يعرف) ميزان الاعتدال(3/428)""(6)
ثالثا : ""الحديث الصحيح عند الإمام البخاري وغيره , قد جاء بلفظ(ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف, ولينزلن أقوام إلى حنب علم يروح عليهم بسارحة لهم يأتيهم-يعني الفقير- لحاجة فيقولون : ارجع إلينا عدا. فيبيتهم الله, ويضع العلم, ويسمخ آخرين قردة وخنازير إلى يوم القيامة))
وهذا الحديث الصحيح صريح في تحريم كل من المذكورات باستقلاله مفردا.
فهذا إخبار بأنهم سيستحلون الحر-أي الزنا- ويستحلون الحرير, ويستحلون الخمر, ويستحلون المعازف, وهو صريح في أن المسخ سيقع لآخرين(طائفة أخرى).
رابعا : حديث البخاري وغيره صريح في تحريم المعازف والزنا والحر والحرير والخمر بمفردها, أما أحاديث المسخ والخسف فتكون عند اجتماع هذه المحرمات من باب مضاعفة العذاب لمن تجرأ وجمع بين هذه المعاصي الكبائر الفواحش التي حرمها الله تعالى, فمثل هؤلاء يكون عقابهم هو الخسف والمسخ.
وهذا يشبه قوله تعالى((والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما/يضاعف به العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا)).
فكل هذه المذكورات-بمفردها- يستحق فاعله العذاب لثبوت تحريمه بنصوص شرعية أخرى, ثم كان اجتماعها معا يوحب مضاعفة العذاب والخلود فيه, كما صرحت الآية الكريمة.
أما فاعل أي منها بمفردها فلم يأت نص يفيد أنه سيضاعف له العذاب يوم القيامة . ""(7)نفس الشيء يقال في الغناء منفردا فهو حرام وفي الغناء إذا اجتمع مع الزنا والحرير واللهو مع النساء فهو أشد تحريما وعذابا ويقع على طائفة من الناس المسخ .
تنبيه : ذكر الكاتب بعض الأدلة ونسبها إلى القائلين بالتحريم كدليل((كل لهو يلهو به المؤمن فهو باطل إلا ثلاثة: ملاعبةالرجل أهله، وتأديبه فرسه، ورميه عن قوسه" ودليل((إن الله تعالي حرم القينة (أي الجارية) وبيعها وثمنها وتعليمها".)) فهذه الأدلة لن أناقشه في بيان صحتها أم ضعفها لأن أهل السنة لا يستدلون بها إلا مع أدلة أخرى صحيحة صريحة منها :
1-قول النبي صلى الله عليه وسلم ((صوتان ملعونان في الدنيا والآخرة: مزمار عند نعمة ، ورنة عند مصيبة )) .
2-وقوله عليه الصلاة والسلام((ن الله حرّم عليّ - أو حرم - الخمر ، والميسر ، والكوبة ، وكل مسكر حرام " .
3-عن عمران بن حصين قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يكون في أمتي قذف ، ومسخ وخسف " . قيل: يا رسول الله ! ومتى ذاك ؟ قال: " إذا ظهرت المعازف ، وكثرت القيان ، وشربت الخمور " .
4-عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:إذا استحلّت أمتي ستاً فعليهم الدمار: إذا ظهر فيهم التلاعن ، وشربوا الخمور ، ولبسوا الحرير ، واتخذوا القيان ، واكتفى الرجال بالرجال ، والنساء بالنساء " .
فهذه الأدلة وغيرها كثير تجاهلها الكاتب حتى يصور للقارئ أن أهل السنة ليس لهم إلا الدليل الضعيف أو غير الصريح والله المستعان لهذا قال بعدها :
والخلاصة: أن النصوص التي استدل بها القائلون بالتحريمإما صحيح غير صريح، أو صريح غير صحيح. ولم يسلم حديث واحد مرفوع إلي رسولالله يصلح دليلاً للتحريم، وكل أحاديثهم ضعفها جماعة من الظاهرية والمالكيةوالحنابلة والشافعية.
أقول : هذا كذب وبهتان فأدلة أهل السنة كلها صحيحة استدل بها الصحابة رضوان الله عليهم ثم التابعين وتابعي التابعين ولم نسمع أي أحد أنكرها في زمانهم وكفى بهذا إجماعا لأنه يستحيل أن يخلوا عصر من ناطق بالحق فدل هذا أن قول الصحابة الذي وصلنا إلينا هو الإجماع وهو الحق الذي أراد الله له التمكين فاحفظ هذه القاعدة(لا يخلوا عصر من ناطق بالحق)) لقول النبي صلى الله عليه وسلم(لاتزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين لا يضرهم من خالفهم ولا من خذلهم)) فلو كان الحق هو إباحة المعازف لقال به أي أحد من الصحابة وهذا مالم يثبت فدل أن الحق والإجماع هو ما قاله ابن مسعود(الغناء ثنبت النفاق في القلب)) وابن عباس والتابعين لا ما قاله ابن حزم والصوفية ومن بعدهم .
ومما يدل على شهرة معنى هذا الأثر عند أهل العلم ما رواه ابن الجوزي في ( سيرة عمر بن عبد العزيز ) عن أبي حفص عمر بن عبد الله الأموي أنه كتب إلى مؤدب ولده كتابا فيه : ( ليكن أول من يعتقدون من أدبك بغض الملاهي التي بدؤها من الشيطان وعاقبتها سخط الرحمن فإنه بلغني عن الثقات من أهل العلم أن صوت المعازف واستماع الأغاني واللهج بها ينبت النفاق في القلب كما ينبت العشب الماء ، ولعمري لتوقي ذلك بترك حضور تلك المواطن أيسرعلى ذي الذهن من الثبوت على النفاق في قلبه وهو حين يفارقها لا يعتمد مما سمعت أذناه على شيء مما ينتفع به ) .أ.ه
وكذلك جواب الإمام أحمد بن حنبل لابنه عبد الله لما سأله عن الغناء يقول : ( الغناء ينبت النفاق في القلب لا يعجبني ) ثم ذكر قول مالك إنما يفعله عندنا الفساق نقل هذا عن الامام أحمد العلامة ابن القيم في ( إغاثة اللهفان ) .
قال القاضي أبو بكر بن العربي في كتاب "الأحكام": لم يصح في التحريم شيء.
وكذا قال الغزالي وابن النحوي في العمدة.
وقال: ابن طاهر: لم يصح منها حرف واحد.
أقول : هذا كذب على العلماء فإن هؤلاء الأعلام لم يكونوا يقصدون المعازف إنما الغناء فقط وقد تقدم أن الغناء عندهم معناه صوت الإنسان الطبيعي مع اللحن كالقصائد والأشعار وليس المعازف والموسيقى.
قال الإمام ابن الجوزي: " كان الغناء في زمانهم إنشادَ قصائدَ الزهدِ إلا أنهم كانوا يُلحِّنونها ".
وسبق وبينت من كلام القاضي بن العربي وكذلك الغزالي تحريمهما للمعازف فلا داعي للتكرار فتبين بهذا أنهم يقصدون القصائد والشعر والحداء وليس المعازف والموسيقى.
جمال البليدي
2012-01-28, 20:03
الرد على شبهات الكاتب في إباحته للمعازف:
الشبهة الأولى: استدلاله بغناء الجاريتين في بيت النبي صلى الله عليه وسلم يوم العيد!
قال الكاتب:
استدلوا بعدد من الأحاديث الصحيحة، منها: حديث غناء الجاريتين في بيت النبي -صلي الله عليه وسلم- عند عائشة، وانتهار أبي بكر لهما، وقوله: مزمورالشيطان في بيت النبي -صلي الله عليه وسلم-، وهذا يدل علي أنهما لم تكوناصغيرتين كما زعم بعضهم، فلو صح ذلك لم تستحقا غضب أبي بكر إلي هذا الحد.
والمعول عليه هنا هو رد النبي -صلي الله عليه وسلم- علي أبي بكر -رضي اللهعنه- وتعليله: أنه يريد أن يعلم اليهود أن في ديننا فسحة، وأنه بعث بحنيفيةسمحة. وهو يدل علي وجوب رعاية تحسين صورة الإسلام لدي الآخرين، وإظهارجانب اليسر والسماحة فيه.
والجواب :
"""هذا تلبيس من الكاتب فقد أخفى العلة الحقيقية في الحديث وهي أنه كان يوم عيد , فإليكم الحديث بتمامه :
روى الإمام البخاري عن عائشة أن أبا بكر رضي الله عنه دخل عليها وعندها جاريتان في أيام منى تدفقان وتضربان والنبي صلى الله عليه وسلم متغش بثوبه, فانتهرهما أبو بكر , فكشف النبي صلى الله عليه وسلم عن وجهه فقال((دعهما يا أبا بكر, فإنها أيام عيد, وتلك الأيام أيام منى)).
وفي لفظ للبخاري أيضا((ودخل أبو بكر فانتهرني وقال : مزمار الشيطان عند النبي صلى الله عليه وسلم؟)).
ورواه الإمام أحمد بلفظ(وعندا جاريتان تضربان بدفين)).وفي آخره(دعنا يا أبا بكر إن لكل قوم عيدا وإن عيدنا هذا اليوم)) وإسناده صحيح, رجاله ثقات من رجال صحيحي البخاري وسلم.
وكذلك رواه الإمام النسائي بلفظ((وعندها جاريتان تضربان بدفين فانتهرهما أبو بكر فقال النبي صلى الله عليه وسلم : دعهن فإن لكل قوم عيدا)) وإسناده صحيح, رجاله ثقات من رجل صحيحي البخاري ومسلم, وصححه الألباني."""(8)
أقول :
أفاد قوله-صلى الله عليه وسلم-((دعهما يا أبكر فإنها أيام عيد)) أن علة الجواز هي كونها أيام عيد, فصيغة(فإنه) صريحة في التعليل كما صرح جمع من كبار علماء أصول الفقه.
قال الحافظ ابن رجب في شرح الحديث في فتح(الباري))) (حديث رقم952)) :(( وفي الحديث ما يدل على تحريمه في غير أيام العيد,لأن النبي صلى الله عليه وسلم علل بأنها أيام عيد, فدل على أن المقتضى للمنع قائم, لكنه عارضه معارض وهو الفرح والسرور العارض بأيام العيد. وقد أقر صلى الله عليه وسلم أبا بكر على تسمية الدف مزمور الشيطان, وهذا يدل على وجود المقتضى للتحريم لولا وجود المانع)) انتهى.
"الخلاصة : هذا الحديث الذي احتج به الكاتب حجة عليه لا له لأن النبي صلى الله عليه وسلم أقر أبا بكر على تسمية الدف مزمور الشيطان لكنه أعل الإباحة بالعيد فقط وهذا التعليل من بلاغته صلى الله عليه وسلم لأنه من جهة يشير به إلى إقرار أبي بكر على إنكاره للمزامير كأصل ويصرح من جهة أخرى بإقرار الجاريتين على غنائهما بالدف مشيرا بذلك إلى أنه مستثنى من الأصل كأنه صلى الله عليه وسلم يقول لأبي بكر: أصبت في تمسكك بالأصل وأخطأت في إنكارك على الجاريتين فإنه يوم عيد. "(8)
قال العلامة ابن القيم رحمه الله : ((وهذا الحديث من أكبر الحجج الحجج عليك – أي: على المستدل به على إباحة الغناء – فإن الصديق سمى الغناء : مزمور الشيطان ولم ينكر عليه النبي صلى الله عليه وسلم هذه التسمية)) « كشف الغطاء » ص ( ١٩٨ ):
الشبهة الثانية: استدلال الكاتب بأحاديث جواز اللعب واللهو المباح على جواز المعازف!!!.
قال الكاتب:
وقد روي البخاري وأحمد عن عائشة أنها زفت امرأة إلي رجل من الأنصار فقال النبي -صلي الله عليه وسلم-: "يا عائشة، ما كان معهم من لهو ؟ فإن الأنصاريعجبهم اللهو".أقول:من قال أن اللهو هنا هو اللهو الذي ثبت تحريمه بالنص كالمعازف والقمار والميسر وشرب الخمر أليست هذه من اللهو !.
وقال الكاتب:
وروي ابن ماجة عن ابن عباس قال: أنكحت عائشة ذات قرابة لها من الأنصار فجاءرسول الله فقال: "أهديتم الفتاة ؟" قالوا: نعم قال: "أرسلتم معها من يغني؟" قالت: لا. فقال رسول الله -صلي الله عليه وسلم-: "إن الأنصار قوم فيه مغزل، فلو بعثتم معها من يقول: أتيناكم أتيناكم .. فحيانا وحياكم ؟! أقول:
أين إباحة المعازف هاهنا؟ الحديث يفيد إباحة الإنشاد في الأفراح(أتيناكم أتيناكم..فحيانا وحياكم)) ولا يوجد فيه إباحة المعازف التي ثبت تحريمها بالنص والإجماع !.
وروي النسائي والحاكم وصححه عن عامر بن سعد قال: دخلت علي قرظة بن كعب وأبيمسعود الأنصاري في عرس، وإذا جوار يغنين. فقلت: أي صاحبي رسول الله أهلبدر يفعل هذا عندكم ؟! فقالا: اجلس إن شئت فاستمع معنا، وإن شئت فاذهب،فإنه قد رخص لنا اللهو عند العرس. أقول:
هذا دليل عليك لا لك لأن كلمة رخص من الترخيص و الترخيص يأتي على الشيء المحرم وليس المباح فلو كان مباحا لما رخص فيه أصلا !.
قال الإمام ابن مفلح : ((الرخصة...شرعا : ما شرع لعذر , مع قيام سبب تحريمه لولا العذر)أصول ابن مفلح(1/254)
الشبهة الثالثة: أكذوبة أن عبد الله بن جعفر اشترى جارية لها عود بتشجيع من عبد الله بن عمر رضي الله عنهما
وروي ابن حزم بسنده عن ابن سيرين: أن رجلاً قدم المدينة بجوار فأتي عبدالله بن جعفر فعرضهن عليه، فأمر جارية منهن فغنت، وابن عمر يسمع، فاشتراهاابن جعفر بعد مساومة، ثم جاء الرجل إلي ابن عمر فقال: يا أبا عبد الرحمن،غبنت بسبعمائة درهم ! فأتي ابن عمر إلي عبد الله بن جعفر فقال له: إنه غبنبسبعمائة درهم، فإما أن تعطيها إياه، وإما أن ترد عليه بيعه، فقال: بلنعطيه إياها. قال ابن حزم: فهذا ابن عمر قد سمع الغناء وسعي في بيعالمغنية، وهذا إسناد صحيح لا تلك الأسانيد الملفقة الموضوعة .
.
وقال الكاتب أيضا :
وروي الحافظ أبو محمد بن حزم في رسالة في السماع بسنده إلي ابن سيرين قال: (إن رجلاً قدم المدينة بجوار فنزل علي ابن عمر، وفيهن جارية تضرب. فجاء رجلفساومه، فلم يهو فيهن شيئًا. قال: انطلق إلي رجل هو أمثل لك بيعًا من هذا. قال: من هو ؟ قال: عبد الله بن جعفر .. فعرضهن عليه، فأمر جارية منهن،فقال لها: خذي العود، فأخذته، فغنت، فبايعه ثم جاء ابن عمر ... إلخ. القصة) .
والجواب على هذا (9):
أولا :هذه حكاية باطلة,لأنها لا إسناد لها, وقد رواها ابن حزن عن حماد بن زيد بسنده عن ابن سيرين فالإمام ابن حزم ولد عام384 هجرية, وحماد بن زيد ولد 98هجرية, فبين مولديهما 286 عاما !
فأين سند هذه الحكاية بين ابن حزم وحماد بن زيد؟ !!!
أين الراوي الذي سمع هذه الحكاية من حماد بن زيد ثم حكاها لمن بعده, وأين الرواي الذي بعده, وهكذا...؟ !!
اين سلسلة الرواة بين ابن حزم وحماد بن زيد؟ !
فكيف نقبل قول ابن حزم((روينا عن حماد بن زيد…. إلى أن وصل إلى محمد ابن سيرين)) , وبينه وبين حماد بن زيد مئات السنين؟ فكل الرواة بين ابن حزم وحماد بن زيد مجاهيل, غير معروفين.
ومحاولة الإمام ابن حزم لتصحيح الرواية دون سند-محاولة مرفوضة ولا قيمة لهاففي ( كف الرعاع ) للهيثمي ما نصه : ( قال الأئمة في الرد عليه ـ على ابن حزم لم يثبت ما زعمه عنهما وحاشا ابن عمر من ذلك مع شدة ورعه وإتباعه وبعده من الأمر)اه. و الإمام ابن حزم غير معتمد في الحديث.
قال الحافظ ابن حجر في ترجمة الإمام الترمذي((وأما أبو محمد بن حزم فإنه نادى على نفسه بعدم الاطلاع، فقال في كتاب الفرائض من "الإيصال إلى فهم كتاب الخصال": محمد بن عيسى بن سَوْرة مجهول! ولا يقولنّ قائلٌ: "لعله ما عرَفَ الترمذيّ ولا اطلع على حفظه وتصانيفه". فإنّ هذا الرجل قد أطلق هذه العبارة في خَلْقٍ من المشهورين من الثقات الحُفّاظ كأبي القاسم البغوي ، وإسماعيل بن محمد بن الصفّار (314هـ)، وأبي العباس الأصمّ وغيرهم)) انتهى.
وقال في ترجمة ابن حزم : (( كان وسيع الحفظ جدا إلا أنه لثقته بحافظته كان يهجم كالغول في التعديل والتجريح وتبيين أسماء الرواة فيقع له من ذلك أوهام شنيعة . وقد تتبع كثيرا منها الحافظ قطب الدين الحلبي ثم المصري من ( المحلى ) خاصة وسأذكر منها أشياء))
وقال الإمام ابن قيم عن تصحيح الإمام ابن حزم للأحاديث المعلولة((( والرجل يصحح ما أجمع أهل الحديث على ضعفه وهذا بين في كتبه لمن تأمله ).
وقال الحافظ ابن عبد الهادي في ((مختصر طبقات علماء الحديث)) : ((وهو كثير الوهم في الكلام على تصحيح الحديث وتضعيفه, وعلى أحوال الرواة)).
ثانيا : مما يدل على عدم ثبوت ذلك عن ابن عمر ما رواه البيهقي في سننه عن عبد الله ابن دينار أنه قال : ( مر ابن عمر بجارية صغيرة تغني فقال لو ترك الشيطان أحدا ترك هذه ) فهذا مما يرد دعوى ابن حزم.
الشبهة الرابعة: استدلال برواية ضعيفة في سبب نزول قوله تعالى(وإذا رأو تجارة أو لهو انفضوا إليها)) على جواز المعازف!!!!!
قال الكاتب:
واستدلوا بقوله تعالي: (وإذا رأوا تجارة أو لهو انفضوا إليها وتركوك قائمًا قل ما عند الله خير من اللهو ومن التجارة والله خير الرازقين). (الجمعة: 11).
فقرن اللهو بالتجارة، ولم يذمهما إلا من حيث شغل الصحابة بهما –بمناسبة قدوم القافلة وضرب الدفوف فرحًا بها- عن خطبة النبي -صلي الله عليه وسلم-،وتركه قائمًا.
والجواب على هذا :
أولا :"" هذه الرواية التي ذكرها كاتب في سبب نزول الآية رواية ضعيفة جدا من حيث السند لأن فيها مقاتل بن حيان وهو ليس من الصحابة ولا من التابعين .
قال الحافظ ابن حجر((مات قبل الخمسين ومائة تقريبا)) تهذيب التهذيب(10/248)
وقال الحافظ ابن حبان((مقاتل بن حيان....لا يصح له عن صحابي لقي)) مشاهير علماء الأمصار(ص195)""(9)
ثانيا : لا يوجد في الآية ما يفيد إباحة الغناء أصلا فاللهو لا يلزم أن يشمل الغناء وإلا فتحنا مجالا لإباحة المحرمات تحت مسمى اللهو احتجاجا بهذه الآية فالزنا من اللهو وشرب الخمر من اللهو فهل يباح أيضا !
الشبهة الخامسة: دعواه المكذوبة بأن الصحابة باشروا السماع!
قال الكاتب:
واستدلوا بما جاء عن عدد من الصحابة -رضي الله عنهم- أنهم باشروا السماع بالفعل أو أقروه. وهم القوم يقتدي بهم فيهتدي.
أقول : حاشا الصحابة رضوان الله عليهم أن يبيحوا المعازف وشتان بين السماع (=القصائد)) وبين المعازف كما سبق بيانه !.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه الاستقامة
) أما النقل عن ابن عمر فباطل, بل المحفوظ عن ابن عمر ذمه للغناء ونهيه عنه, وكذلك عن سائر أئمة الصحابة كابن مسعود وابن عباس وجابر وغيرهم ممن ائتم بهم المسلمون في دينهم).
بل الثابت عن الصحابة أنهم اعتبروا الغناء منبت النفاق في القلب وأنه لهو الحديث وإليك شيء مما ثبت عنهم :
1- روي عن ابن مسعود رضى الله عنه: "ومن الناس من يشري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم" فقال عبدالله: الغناء والذي لا إله إلا هو (يرددها ثلاث مرات). وعن عبدالله بن عباس رضى الله عنهما قال:" نزلت في الغناء وأشباهه."
2- روي عن عبدالله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما: "أن ابن عمر مرَّ عليه يومُُ مُرْمون وفيهم رجلُُ يتغنىَّ ، فقال ألا لاتسمع الله لكم ، ألا لاسمع لله لكم."
3- روي عن ابن عمر انه مرَّ بجارية صغيرة تغني، فقال: "لو ترك الشيطان أحداً ترك هذا"
4- روي عن عائشة رضى الله عنها: "أن بنات أخي عائشة رضى الله عنها حُفضْ، فألمن ذلك، فقيل لعائشة: يا أمَّ المؤمنين ألا ندعو لهنَّ مَنْ يُلهيهن؟ قالت : بلى، قالت: فأرسل إلى فلان المغنيِّ، فأتاهم، فمرّت به عائشة رضى الله عنها في البيت، فرأته يتغنىَّ ويحرك رأسه طرباً - زكان ذا شـعر كثير - فقالت عائشة رضى الله عنها: " أفٍّ، شيطان، أخرجوه، أخرجوه، فأخرجوه."
5 روي عن عبد الله بن مسعود أنه قال: "الغناء ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء البقل".
الشبهة السادسة:الإجماع المزعوم لأهل المدينة في إباحة العود
قال الكاتب:
وحسبنا
أن أهل المدينة -علي ورعهم- والظاهرية- عليحرفيتهم وتمسكهم بظواهر النصوص
-والصوفية- علي تشددهم وأخذهم بالعزائم دونالرخص- روي عنهم إباحة الغناء. قال
الإمام لشوكاني في "نيلالأوطار": (ذهب أهل المدينة ومن وافقهم من علماء
الظاهر، وجماعة الصوفية،إلي الترخيص في الغناء، ولو مع العود واليراع.
وحكي الأستاذ أبو منصورالبغدادي الشافعي في مؤلفه في السماع: أن عبد الله
بن جعفر كان لا يريبالغناء بأسًا، ويصوغ الألحان لجواريه، ويسمعها منهن
على أوتاره. وكان ذلكفي زمن أمير المؤمنين علي رضي الله عنه.
وحكي الأستاذ المذكور مثل ذلك أيضًا عن القاضي شريح، وسعيد بن المسيب، وعطاء بن أبي رباح، والزهري، والشعبي) .
والجواب :
أولا : دعوى أن أهل المدينة كانوا يبيحون المعازف نقلها الشوكاني عن ابن طاهر القيسراني لهذا قال-الشوكاني- : ((حكى أبو الفضل بن طاهر في مؤلفه في السماع بين أهل المدينة في إباحة العود.قال ابن النحوي في العمدة : قال ابن طاهر : هو إجماع أهل المدينة)) نيل الأوطار(8/114).
أقول : يتبين من كلام الإمام الشوكاني أن دعواه في نسبة إباحة المعازف لأهل المدينة مبنية على رواية ابن طاهر القيسراني ,وجوابنا على هذه الراوية من وجهين :
""الوجه الأول :لقد صرح ابن طاهر القيسراني أن روايته مبنية على رواية ضعيفة حكيت له , ويدلك على ذلك قول ابن طاهر : ((وأما الدليل على أنه مذهب لأهل المدينة-ماحدثناه أبو جعفر...حدثنا أبو عبد الله بن كج جوزان قال : ((سمعت الأوزاعي يقول : نجتنب أو نترك قول أهل العراق خمسا....ومن أقوال أهل الحجاز : استماع
الملاهي, والجمع بين الصلاتين من غير عذر..وإتيان النساء من أدبارهن)) فدلذلك أن استماع الملاهي مذهب أهل المدينة)) انتهى. (كتاب السماه لابن طاهرالقيسراني(ص :64)
وقد كذبه الهيمثي كما في كف الرعاع (307):حيث قال (وأما ما حكاه ابن طاهر من إجماع أهل المدينة فهو من كذباته وخرافاته؛ فإنهكما مرّ رجل كذاب، يروي الأحاديث الموضوعة ويتكلم عليها بما يوهم العامةصحتها –كما مر في مبحث الغناء والرقص، وأيضا هو مبتدع ... ومن هذا حاله لايلتفت إليه ولا يعول عليه، ومن ثم قال الأذرعي عقب حكايته الباطلة الكاذبةعن إجماع أهل المدينة وعن الشيخ أبي إسحاق: وهذا من ابن طاهر مجازفة)
بل وطعن فيه الكثير من الأئمة والحفاظ :
قال الإمام الذهبي في ترجمة ابن طاهر في كتابه(ميزان الاعتدال)) : ((ليس بالقوي,فإنه له أوهام كثيرة في تواليفه..وله انحراف عن السنة إلى تصوف غير مرضي)) انتهى.
وقال الإمام ابن كثير (البداية والنهاية) : ((محمد بن طاهر...صنف كتابا في إباحة السماع , وفي التصوف, وساق فيه أحاديث منكرة جدا)) انتهى.
وقال أبو الفضل بن ناصر : (محمد بن طاهر لا يحتج به) لسان الميزان(5/207).
وقال أيضا عنه((كان لحنة وكان يصحف)) لسان الميزان(5/207).
وقال عنه الحافظ ابن عساكر : (كان كثير الوهم)) تاريخ دمشق(53/280).
وقال أيضا عنه الحفاظ ابن عساكر : (جمع أطراف الكتب السنة فرأيته يخطئ, وقد أخطأ فيه في مواضع خطأ فاحشا) لسان الميزان(5/207).
وقال الإمام ابن تيمية : (ذكر محمد بن طاهر في مسألة السماع حكاية عن مالك أنه ضرب بطبل وأنشد أبياتا, وهذه الحكاية مما لا يتنازع أهل المعرفة في أنها كذب على مالك) الإستقامة(1/273)
الوجه الثاني : قال الحافظ ابن حجر((روى عبد الرزاق عن معمر, قال : لوأن رجلا أخذ بقول أهل المدينة في استماع الغناء وإتيان النساء في أدبارهن وبقول أهل مكة في المتعة والصرف, وبقول اهل الكوفة في المسكر, كان شر عباد الله))التلخيص الحبير(3/187)
قلت : هذه الرواية تشير إلى أن الذي شاع عند أهل المدينة إنما هو سماع الغناء وليسآلات الملاهي, ولسنا في حاجة إلى الكلام على إسناد هذه الرواية, وذلك لأنه قد ثبت بأسانيد صحيحة أنه قد شاع عند البعض أن جماعة أهل المدينة يسمعو الغناء. ويبدوا أن هذه كانت مثل الإشاعات المكذوبة التي تنتشر في عصرناالحاضر.وقد تصدى كبار علماء المدينة لهذه الإشاعات, فصرحوا بتكذيبها وأنها لا أصل لها.
ونذكر من ذلك ثلاثة نمادج لكبار فقهاء المدينة :
النموذج الأول :
الإمام مالك : قال الإمام أبو بكر الخلال في كتابه(الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر)) : (أخبرنا عبد الله بن أحمد بن حنبل, قال : حدثني أبي, قال : حدثني إسحاق بن عيسى الطباع, قال : سألت مالك بن أنس عما يترخص فيه أهل المدينة من الغناء؟ فقال : إنما يفعله عندنا الفساق)) انتهى.
وهذا إسناد صحيح. فالإنساد متصل ورجاله ثقات.
ورواه عنه تلميذه عبد الله بن عبد الحكم في كتابه(المختصر)) فقال : ((سئل مالك عن سماع الغناء, فقال : لا يجوز ,قال الله تعالى(فماذا بعد الحق إلا الضلال)), وليس هذا من الحق.فقيل له : إنه يقال : إن أهل المدينة يسمعونه؟ فقال : إنما يسمع ذلك عندنا الفاسق)) مختصر ابن عبد الحكم مع شرح الأبهري(ص : 67)
وفي هذه الرواية تصريح من الإمام مالك بعدم جواز الغناء, أي أن حكمه التحريم.وهذا إسناد صحيح ثابت, فابن عبد الحكم هو تلميذ الإمام مالك. وكتابه المختصر روى فيه ما سمعه بنفسه من الإمام مالك وتلاميذه.
النموذج الثاني :
إبراهيم بن المنذر : قال الإمام أبو بكر الخلال في كتابه((الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر)) : (أخبرني العباس بن محمد الدوري, قال : سمعت إبراهيم بن المنذر, وسئل فقيل له : أنتم تترخصون في الغناء؟ فقال : معاذ الله , ما يفعل هذا عندنا إلا الفساق)). انتهى.
وهذا اسناد صحيح, رجاله ثقات, وإسناده متصل.
وإبراهيم بن المنذر من كبار علماء المدينة وفقهائها, وهو أحد شيوخ الإمام البخاري.
قال الإمام الذهبي : ((إبراهيم بن المنذر الإمام المحدث الثقة, أبو إسحاق الحزامي الأسدي المدني)) تذكرة الحفاظ(2/471), وانظر : تاريخ بغداد(6/179) , الكاشف(1/225).
النموذج الثالث :
سعيد بن المسيب :
ثبت-بإسناد صحيح- عن سعيد بن المسيب أنه قال((إني لأبغض الغناء وأحب الرجز)) انتهى
رواه عبد الرزاق في مصنفه عن معمر, عن يحي بن سعيد, عن سعيد بن المسيب.
والسؤال المطروح الآن هو : هل سعيد بن المسيب من علماء المدينة؟.
الجواب : نترك كبار الأئمة يجيبون عن هذا السؤال :
قال ابن سعد : ((ذكر من كان يفتي بالمدينة بعد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من أبناء المهاجرين وأبناء الأنصار وغيرهم : سعيد بن المسيب..كان سعيد بن المسيب يفتي وأصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم أحياء) الطبقات الكبرى(2/379)
وقال الحافظ ابن حبان : (كان سعيد سيد التابعين, وأفقه أهل الحجاز)). الثقات(4/274)
وقال الإمام الذهبي : (سعيد بن المسيب, الإمام, شيخ الإسلام, فقيه المدينة)) .تذكرة الحفاظ(1/54)""(10)
ثانيا : أما دعوى أن عبد الله بن جعفر و القاضي شريح، وسعيد بن المسيب، وعطاء بن أبي رباح،والزهري، والشعبي كانوا يسمعون الألحان فكل هذه دعاوي تفتقر إلى الدليل والسند خاصة وأن الإمام الشوكاني نقلها عن الصوفي أبو
منصور البغدادي وقد بينا زيف بعض تلك الدعاوي بأسانيد ثابتة فيكفي في بيان زيف تلك الدعاوي أن سعيد بن المسيب كان يقول بحرمة الغناء كما تقدم خلافا لما نسبه إليه أبو منصور البغدادي.
وحكاية الشوكاني لتلك الحكايات لا يعني إقرارها لها فلفظ الشوكاني هو: ((حكى.....وحكاه....وحكاه)) فماهي إلا مجرد حكايات لا سند لها, والإمام الشوكاني لم يقل أبدا أنها صحيحة ثابتة, وإنما نقلها فقط.
قال ابن رجب : سماع آلات الملاهي لا يعرف عن أحد ممن سلف الرخصة فيه ، وإنما يعرف ذلك عن بعض المتأخرين من الظاهرية والصوفية ممن لا يعتد به ، ومن حكى شيئاً من ذلك فقد أبطل . [ نزهة الأسماع 69 ]
وقال ابن كثير : والمعازف هي آلات الطرب ، قاله الإمام أبو نصر إسماعيل ابنحماد الجوهري في صحاحه ، وهو معروف في لغة العرب وعليه شواهد ، ثم قد نقل غير واحد من الأئمة إجماع العلماء على تحريم اجتماع الدفوف و الشبابات ،ومن الناس من حكى في ذلك خلافاً شاذاً .ا.هـ [جواب لابن كثير ملحق بكتاب على مسألة السماع لابن القيم 472 ]. فحكاية ابن منصور من الحكايات الشاذة التي لا يعتد بها إذ لا سند فيها ولا دليل.
يقول ابن رجب في رسالته في " السماع " : (( وقد روي عن بعض السلف من الصحابة وغيرهم ما يوهم عند البعض إباحة الغناء، والمراد بذلك هو الحداء والأشعار))
جمال البليدي
2012-01-28, 20:34
تابع الرد على شبهات الكاتب في إباحته للمعازف:
الشبهة السابعة: أسطورة أن عبد الله بن الزبير رضي الله عنه كان له جوار عوادات!!
قال الكاتب:
وقال إمام الحرمين في النهاية، وابن أبي الدنيا: (نقل الأثبات من المؤرخين: أن عبد الله بن الزبير كان له جوار عوادات، وأن ابن عمر دخل إليه وإليجنبه عود، فقال: ما هذا يا صاحب رسول الله ؟! فناوله إياه، فتأمله ابن عمرفقال: هذا ميزان شامي ؟ قال ابن الزبير: يوزن به العقول !) .
والجواب على هذا من عدة أوجه(10):
الوجه الأول: أن الأثبات من اهل التاريخ والتراجم ذكروا ترجمة عبد الله بن الزبير, وأطالوا القول فيها, ولم يذكروا شيئا عن هذه القصة المكذوبة,وإنما ذكروا عنه أنه كان صواما قواما طويل الصلاة,قسم الدهر ثلاث ليال:ليلة يصلي قائما حتى الصباح,وليلة راكعا, وليلة ساجدا حتى الصباح,وأنه كانلا يفطر من الشهر إلا ثلاثة أيام.فالقصة
التي ذكرها الإمام الحرمين قصة باطلة لا أصل لها,إنها كذب,فقد نسبت إلى إلى مجاهيل لا نعلمهم. لماذا لم يذكروا لنا من حكاها لكي نرى هل هو من الثقات الذين تقبل روايتهم أم أنه من الكذابين الذين لا تقبل روايتهم؟ وهل هؤلاء المجاهيل نقلوها بإسناد أم بغير إسناد؟وفي أي كتاب من كتب التاريخ حكيت هذه القصة الباطلة؟
لقد تتبعنا(11) كتب التاريخ_بل وكتب التراجم أيضا_ ومعاجم الصحابة, فلم نجد أثر لهذه القصة المكذوبة. وإن من يستشهد بمثل هذه الأكاذيب ما هو إلا كحاطب خرج ليجمع الحطب من الغابة في ظلام الليل, وهو لا يرى الأفاعي والعقاربالتي فيه,فتوشك أن تلدغه.
فهذا هو معنى قول الإمام الشافعي رحمه الله((مثل الذي يطلب العلم بلا حجة, كمثل حاطب ليل يجمل حزمه حطب وفيه أفعى تلذغه وهو لا يدري)) . انتهى.
الوجه الثاني:أن هذه القصة منسوبة إلى الإمام الحرمين, وإمام الحرمين وغيره أيضا من أئمة الإسلام لا يصح الإعتماد على الثقة برواياتهم إذا رووا قصة أو حكاية بدون إسناد وإلا فلماذا أتعب المحدثون أنفسهم في وضع قواعد لعلم الحديث وغيره, ثم إن إمام الحرمين_رحمه الله_ ليس من المحدثين الذين يعتمد على نقلهم.
وفي ذلك يقول الذهبي: ((كان هذا الإمام مع فرط ذكائه وإمامته في الفروع وأصول المذهب وقوة مناظرته لا يدري الحديث كما يليق به, لا متنا ولا إسنادا.ذكر في كتاب ((البرهان)) حديث معاذ في القياس فقال: هو مدون في الصحاح متفق على صحته)) سير أعلام النبلاء(18_471)
الوجه الثالث: إن هؤلاء الأئمة إنما يروون ما بلغهم سواء تبينوا ثبوته أو لا,ولم يتعهدوا برواية ما ثبت وصح فقط, بل إنهم يروون ما يصل إليهم, سواء عرفوا صحته أو لا, وتركوا الباب مفتوح لمن بعدهم لبحث مدى صحة ثبوت
رواياتهم تلك عن طريق دراسة أحوال الرواة واتصال السند.
وسننقل لكم نصوصهم التي أقروا فيها بذلك:
1_قال الإمام الطبري في آخر مقدمة تاريخه: ((فما يكن في كتابي هذا من خبر ذكرناه عن بعض الماضين مما يستنكره قارئه ,أو ي ستشنعه سامعه , من أجل أنه لم يعرف له وجها من الصحة ولا معنى في الحقيقة ؛ فليعلم أنه لم يُؤْت في ذلك من قبلنا , وإنما أُتِي من قِبَل بعض ناقليه إلينا , وأنا إنما أدينا ذلك على نحو ما أدي إلينا ) تاريخ
الطبري المقدمة ( 1 / 8 ).
2_وقال أبو يعلى الخليلي_في ترجمة محمد بن خلف_: (سمعت الحاكم وابن أبي زرعة يقولان: كتبنا عنه الكثير ونبرأ من عهدته وإنما كتبنا عنه للإعتبار))ذكره الحافظ ابن حجر في لسان الميزان(2_404)
3_وقال الخطيب البغدادي في((الكفاية في علم الرواية)): (باب ذكر الحجة على أن رواية الثقة عن غيره ليست تعديلا له: احتج من زعم أن رواية العدل عن غيره تعديل له بأن العدل لو كان يعلم فيه جرحا لذكره, وهذا باطل, لأنه يجوز أن يكون العدل لا يعرف عدالته, فلا تكون روايته تعديلا له, ولا خبرا عن صدقه,بل يروي عنه لأغراض يقصدها, كيف وقد وجد جماعة من العدول الثقات رووا عن قوم أحاديث أمسكوا في بعضها عن ذكر أحوالهم, مع علمهم بأنها غير مرضية,وفي بعضها شهدوا عليهم بالكذب في الرواية,وبفساد الآراء والمذاهب))الكفاية في علم الرواية ص89
فيتضح من ذلك أن هؤلاء الأئمة إنما كانوا يروون ما بلغهم, سواء تبينوا ثبوته أو لا, ولم يتعهدوا برواية ما ثبت وصح فقط, وتركوا الباب مفتوحا لمن بعدهم لبحث مدى صحة ثبوت رواياتهم تلك, بدراسة أحوال الرواة واتصال السند.
لذلك قال الأمير الصنعاني: (ومن أسند ولم يصحح لم يتحمل عهدة, لأنه قد أحال الناظر على النظر في رجال كتابه))توضيح الأفكار(1_319)
الوجه الرابع:أن الكاتب المقال يكيل بمكيالين فهو عند التعامل مع أدلة التحريم نجده يطعن بأوهى سبب عنده_وإن لم يكن الأصل واهيا_ في الرواية التي يصححها إمام الجرح والتعديل وإمام المحدثين الإمام البخاري, بل وصححها غيره من جهابذةعلم الحديث, كابن الصلاح وابن كثير وغيرهم من كبار أئمة الحديث والفقه.أما عند التعامل مع شبهات المبيحين فإنه يحتج ب(حكي)) و(روي)) و(قيل)) وغير ذلك من الصيغ الهزيلة الضعيفة المرذولة التي تدل على أن صاحب الحكاية لم ثتثبت من صحتها, فرواها بصيغة التضعيف المعروفة.
وهاهي الكتب التاريخ متوفرة فلتبحثوا فيها عن تلك الرواية الباطلة المكذوبة, فإذا وجدوا لها أثرا, فليبينوا لنا صحة إسنادها.
الشبهة الثامنة: دعوى أن أن ابن جعفر كان له جارية في حجرها عود.
قال الكاتب:
وروي صاحب "العقد" العلامة الأديب أبو عمر الأندلسي: أن عبد الله بن عمردخل علي ابن جعفر فوجد عنده جارية في حجرها عود، ثم قال لابن عمر: هل تريبذلك بأسًا ؟ قال: لا بأس بهذا،
والجواب على هذا(10) : هذه القصة باطلة حكاها ابن عبد ربه في كتابه(العقد الفريد)) فقال : (( عن أبي شعيب الحرامي عن جعفر بن صالح كيسان عن أبيه , قال : كان عبد الله بن عمر يحب عبد الله بنم جعفر حبا شديدا.فدخل عليه يوما وبين يديه جارية في حجرها عود,......ثم ثال : هاتي. فغنت...., ثم قال : هل ترى بأسا؟ قال : لا. قال : فما أرى بهذا بأسا)) .انتهى
وهذه القصة باطلة, فالرواية كذب, وذلك لأنه اجتمع فيها ثلاثة أسباب توجب الحكم عليها بالكذب :
السبب الأول : أن في اسنادها جعفر بن صالح بن كيسان : لم أجد له ترجمة, لم يذكره أحد ممن ترجم لصالح بن كيسان, ولم يذكروه فيمن روى عن صالح بن كيسان, ولم يذكروا أن له ابنا اسمه جعفر, وإنما ذكروا أن كنبته : ((أبو الحارث)), ومنهم من قال أن كنيته((أبو محمد)) انظر ترجمة صالح بن كيسان في : التاريخ الكبير(4/288) , الثقات لابن حبان(6/454), تاريخ دمشق(23/362),الكاشف(1/498), تقريب التهذيب(ص273). وبذلك يكون جعفر هذا مجهولا.
السبب الثاني للحكم بكذب هذه القصة :
وجود انقطاع في السند بين ابن عبد ربه وأبي شعيب الحراني, وبيان ذلك كما يلي :
1-ابن عبد ربه هو أحمد بن أحمد بن عبد ربه, أندلسي من أهل قرطية, مات بالأندلس ودفن فيها.
والذين ترجموا له ذكروا الذين رووا عن ابن عبد ربه, وذكروا الذين روى هو عنهم, وكلهم من الأندلس, ولم يذكروا أنه رحل خارج الأدنلس, ونذكر كتابين تخصصوا في تاريخ أهل الأندلس :
الكتاب الأول : ((جذوة المقتبس في ذكر ولاة الأندلس)) للحميدي.
قال في مقدمة كتابه((أجمع ما يحضرني من أسماء رواة الحديث بالأمدلس, وهل الفقه والأدب, وذوى النباهة والشعر, ومن له ذكر منهم, أو ممن دخل إليهم, أو خرج عنهم)). انتهى.
وقد ترجم لابن عبد ربه فقال : (أحمد بن محمد بن عبد ربه...أبو عمر, من أهل العلم والأدب والشعر, وله الكتاب الكبير المسمى كتاب العقد في الأخبار...توفي أبو عمر أحمد بن محمد بن عبد ربه سنة ثمان وعشرين وثلاث مائة,لاثنتي عشرة ليلة بقيت من جمادى الأ,لى, ومولده سنة ست وأربعين ومائتين)) جذوة المقتبس قس ذكر ولاة الأندلس, ذكره في (باب الألف, من اسمه أحمد)).
ولم يذكر له رحلة خارج الأندلس للعلم أو للحج أو لغيرهما, على الرغم من أنه ذكر قبله بصفحتين تقريبا-وكذلك بعده بصفحات قليلة- رحلات آخرين خارج الأندلس.
الكتاب الثاني((تاريخ العلماء والرواة للعلم بالأندلس)), لأبي الوليد الأزدي المعروف بابن الفرضي, قال في مقدمته : ((هذا كتاب جمعناه في فقهاء الأندلس وعلمائهم ورواتهم وأهل العناية منهم....وغرضنا فيه ذكر أسماء الرجال وكناهم وأنسابهم, ومن كان يغلب عليه حفظ الرأي منهم, ومن كان الحديث والرواية أملك به وأغلب عليه, ومن كانت له إلى المشرق رحلة, وعمن روى, ومن أجل من لقى, ومن بلغ منهم مبلغ الأخذ عنه, من كان يشاور في الأحكام ويستفتي , ومن ولى منهم خطة القضاء, ومن المولد والوفاة ما أمكنني على حسب ما قيدته ولم أزل مهتما بهذا الفن معتنيا مولعا بجمعه والبحث عنه ومسائلة الشيوخ عما لم أعلم منه حتى اجتمع لي ذلك بحمد الله وعونه ما أملته, وتقيد في كتابي هذا من التسمية ما لم أعلمه يقيد في كتاب ألف في معناه الأندلس قبله)) انتهى
وقال في ترجمة ابن عبد ربه : (وهو شاعر الأندلس وأديبها كتب الناس عن تصنيفه وشعره)) تاريخ العلماء والرواة للعلم بالأندلس(ص50).
ولم يذكر له أي رحلة خارج الأندلس للعلم أو للحج أو لغيرهما, على الرغم من أنه في الصفحات التي تسبقه وتليه ذكر رحلات رجال آخرين إلى خارج الأندلس للحج أو لطلب العلم.
2-أبو شعيب الحراني : هو عبد الله بن الحسن.
قال الخطيب البغدادي في ترجمته : ((اسم أبي شعيب عبد الله بن الحسن أبو شعيب الأموي الحراني..وكان قد استوطن بغداد وحدث بها إلى حين وفاته)) تاريخ بغداد(4/193)
وبذلك يظهر أن أبا شعيب الحراني لم تكن له رحلة إلى الأندس, لأنه من حران, واستطون بعداد وحدث بها إلى حين وفاته.
3- ومن اطلع على كتاب(العقد الفريد) لابن عبد ربه, فإنه يجده قد امتلأ بالحكايات التي لا إسناد لها, أو أسانيدها منقطعة , وهذا المتوقع منه, لكونه من أهل الأدب والشعر, وليس من أهل الحديث والرواية.
فتجده مثلا يقول : ((قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه لخالد بن الوليد : فر من الشرف يتبعك الشرف)) العقد الفريد, ذكرخ في كتاب((اللؤلؤة في السلطان-حسن السياسة وإقامة المملكة))
وقال أيضا(( قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : لا يصلح لهذا الأمر إلا اللين من غير الضعيف)) العقد الفريد, ذكره في كتاب((اللؤلؤة في السلطان-حسن السياسة وإقامة المملكة))
ومثل ذلك كثير يحكيه هكذا دون إسناد.
وأما امتلاء كتابه بالروايات التي رواها بأسانيد منقطعة فمثل قوله :
(القول عند الموت : الأصمعي عن معتمر عن أبيه, قال : لقنوا موتاكم الشهادة)) انتهى.
وقوله((قال الأصمعي : توصلت بالملح, وأدركت بالغريب)) العقد الفريد, ذكرخ في كتاب((اللؤلؤة في السلطان-ما يصحب به السلطان))
والأصمعي مات سنة 216 هجرية, بينما ولد ابن بعد ربه سنة246 هجرية !!!!!(الأصمعي هو عبد الملك بن قريب,انظر ترجمته في تهذيب التهذيب(6/368).
وقال الشيخ الألباني معلقا على رواية باطلة كهذه : (( باطل لا أصل له, ولعله في بعض كتب الأدب التي تروي ما هب ودب من مثل كتاب أبي الفرج الأصبهاني((الأغاني))(السلسلة الضعيفة والموضوعة (3/215)).
السبب الثالث للحكم بكذب هذه القصة :
أنها تخالف ما ثبت وصح عن ابن عمر-رضي الله عنه- أنه سد أذنبيه عندما سمع صوت صفارة الراعي, واستمر في سد أذنيه إلى أن انقطع الصوت, وأخبر أنه يقتدي في ذلك بالنبي صلى الله عليه وسلم. وتقدم بيان ذلك.
والخلاصة :
أن هذه الرواية الباطلة فيها ثلاث علل توجب الحكم بكونها كذبا :
العلة الأولى : أن الذي رواها رجل مجهول.
العلة الثانية : وجود انقطاع في السند بين ابن عبد ربه وأبي شعيب الحراني.
العلة الثالثة : مخالفتها الصريحة لما ثبت وصح عن ابن عمر رضي الله عنه.
وحكي الماوردي عن معاوية وعمرو بن العاص: أنهما سمعًا العود عند ابن جعفر،
والجواب :
1-هذه الحكاية باطلة نقلها الكاتب عن الماوردي دون إسناد فهذه حكاية لا إسناد لها لأن معاوية رضي الله عنه توفي سنة60 هجرية بينما الماوردي ولد سنة 364 هجرية, فهي كذب ولا أصل لها وكفى بهذا دليلا على سقوطها وفساد الإعتماد عليها والاحتجاج بها.
2-حكاية الماوردي لمثل هذه الحكايات لا يعني الإقرار بها أو تصحيحها بدليل أن المارودي لا يقول بحل المعازف بما في ذلك العود.
قال الإمام الماوردي : (فأما الحرام : فالعود والطنبور والمعزفة والطبل والمزمار,...., وكان بعض أصحابنا يخص العود من بينها ولا يحرمه...وهذا لا وجه له لأنه أكثر الملاهي طربا)) الحاوي(21/207).
وقال أيضا في الحاوي(17/233) : (فأما الطنبور والمزمار وسائر الملاهي فاستعمالها محظور وكذلك اقتناؤها)). انتهى.
الشبهة التاسعة: دعوى أن حسان بن ثابت سمع من العناء المزهر
قال الكاتب:
وروي أبو الفرج الأصبهاني: أن حسان بنثابت سمع من عزة الميلاء الغناء المزهر بشعر من شعره. والجواب :
أولا : هذه القصة مثل التي سبقها لا إسناد فيها فأبو الفرج الأصبهاني ولد سنة 284 هجرية بينما حسان بن ثابت توفي بين عامي 35 و 40 هـ. فهناك إنقطاع بينهما.
ثانيا ; أبو الفرج الأصبهاني ليس من أهل الرواية والمحدثين إنما هو من أهل الأدب فقصصه ليست معتبرة
قال الشيخ الألباني معلقا على رواية باطلة كهذه : ( باطل لا أصل له, ولعله في بعض كتب الأدب التي تروي ما هب ودب من مثل كتاب أبي الفرج الأصبهاني((الأغاني)))(السلسلة الضعيفة والموضوعة (3/215)).
الشبهة العاشرة: دعوى أن عمر بن عبد العزيز كان يسمع جواريه قبل الخلافة
قال الكاتب:
وذكر الأدفوي أن عمر بن عبد العزيز كان يسمع جواريه قبل الخلافة.
والجواب على هذا :
1-أن الأدفوي لا يصح الإعتماد على ما يحكيه ,وقد رد ابن حجر الهيثمي على الأدفوي وغيره في كتابه((كف الرعاع عن محرمات اللهو والسماع) وبين أن الأدفوي لا يصح الإعتماد على ما يحكيه فقال مثلا في(ص73-74) : (وإذا بان لك هذا الذي ذكرته عن ذلك الإمام واتضح, ظهر لك بطلان نقل الأدفوي ومن قلده...والأدفوي هذا يتابع ابن طاهر في جميع كذباته) .
وإن كنا لا نوافق ابن حجر الهيثمي على هجوماته على بعض خصومه واتهامه له بالكذب والخرف وما إلى ذلك إلا أن الحق يقال أن الأدفوي كثير الغلط فيما يحكيه وكمثال على ذلك :
قال الإمام الشوكاني : (حكى الأدفوي عن الشيخ عز الدين بن عبد السلام أنه كان يقول بإباحته)).إبطال دعوى الإجماع(ص : 26)
قلت : بالرجوع إلى ما قاله الشيخ عز الدين بن عبد السلام في كتابه((قواعد الأحكام)) نجده قد صرح بتحريم الموسيقى خلافا لما حكاه عنه الأدفوي.
قال العز بن عبد السلام : (ومن تحضره هذه المعازف والأحوال عند سماع المطربات المحرمة...كسماع الأوتار والمزمار, فهذا مرتكب لمحرم, ملتذ للنفس بسبب محرم,...فإذا انضم إلى ذلك نظر إلى مطرب لا يحل النظر إليه, فقد زادت شقوته ومعصيته)).انتهى من قواعد الأحكام(2/215)
ثانيا :يكفي في بطلان هذه الرواية ما ثبت بالسند الصحيح أن عمر بن عبد العزيز حرم المعازف واعتبرها بدعة في الإسلام فقد روى الإمام النسائي في سننه (رقم: 4135)، قال: (أخبرنا عمرو بن يحيى، قال حدَّثنا محبوب –يعني ابن موسى-، قال أنبأنا أبو إسحق –وهو الفزاري- عن الأوزاعي قال: كتب عمر بن عبد العزيز إلى عمر بن الوليد كتاباً فيه: .. «وإظهارك المعازف والمزمار بدعة في الإسلام، ولقد هممت أن أبعث إليك من يجز جمَّتك جمّة السوء»).
""وهذا إسناد صحيح، لأن رواته ثقات، والإسناد متصل، وبيانه كما يلي:
1/ عمرو بن يحيى: ثقة.
2/ محبوب بن موسى: ثقة.
3/ أبو إسحاق الفزاري إبراهيم بن محمد: ثقة حافظ.
4/ الإمام الأوزاعي، هو عبد الرحمن بن عمرو: إمام ثقة حافظ.
5/ عمر بن عبد العزيز، هو خامس الخلفاء الراشدين:
قال الإمام الذهبي: (عمر بن عبد العزيز .. الإمام، الحافظ، العلامة، المجتهد، الزاهد، العابد، السيد، أمير المؤمنين حقاً، .. الخليفة،الزاهد، الراشد..
حدَّث عن: عبد الله بن جعفر بن أبي طالب (الصحابي)، والسّائب بن يزيد (الصحابي)، وسهل بن سعد (الصحابي)، واستوهب منه قدحاً شرب منه النبي –صلى الله عليه وسلم- وأم بأنس بن مالك، فقال: ما رأيت أحداً أشبه صلاة برسول الله –صلى الله عليه وسلم- من هذا الفتى .. وكان من أئمة الاجتهاد، ومن الخلفاء الراشدين .. وكان إمام عدل –رحمه الله، ورضي عنه) . انتهى.
والخلاصة: أن الإسناد صحيح، بفضل الله تعالى.
وقال الشيخ الألباني: (أخرجه النسائي .. بسند صحيح) ([23]). انتهى."""(12)
الشبهة الحادية عشر: دعوى أن إبراهيم ابن سعد كان يسمع المعازف:
، ونقله ابن قتيبة وصاحب الإمتاع عن قاضي المدينةسعد ابن إبراهيم بن عبد الرحمن الزهري من التابعين.
قال الأدفوي: لم يختلف النقلة في نسبةالضرب إلي إبراهيم بن سعد المتقدم الذكر وهو ممن أخرج له الجماعة كلهم.
والجواب (10):
هذه الرواية ذكرها كل من الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد (6/84), والحافظ ابن عساكر في تاريخدمشق(7/10)وابن طاهر القيسراني بإسنادهم في السماع(ص :65),كلهم رووها من طريق عبيد الله بن سعيد بن كثير بن عفير عن أبيه قال :((قدم إبراهيم بن سعد العراق...)
وهذه الرواية معلولة بعلتين :
العلة الأول : أن هذه الرواية مدارها عبيد الله بن سعيد بن كثير بن عفير.
قال الحافظ ابن حبان في((المجروحين)) : ( عبيد الله بن سعيد بن كثير..يروي عن أبيه عن الثقات الأشياء المقلوبات,...., لا يجوز الاحتجاج بخبره إذا انفرد)). المجروحين(2/67)
وذكر الحافظ ابن عدي في ترجمة أبيه حديثين منكرين, ثم قال : (كلا الحديثين يرويهما عنه ابنه عبيد الله, ولعل البلاء من عبيد الله))الكامل في الضعفاء(3/411)
وكذلك نقل الحافظ ابن حجر تجريح ابن حبان, وابن عدي, ولم ينكر ذلك التجريح.(لسان الميزان(4/104)
العلة الثانية : أن هناك انقطاعا بين سعيد بن كثير وابراهيم بن سعد في مجمل هذه الأحداث, وبيان ذلك أن سعيد بن كثير لم يصرح بأنه شعد بنفسه كل هذه الأحداث على مدار تلك الأيام, ومن غير المعقول أنه كان مع إبراهيم بن سعد عندما قدم العراق وأكرمه الرشيد, ثم كان معه عندما أفتى بحل الغناء, ثم كان معه عندما أتاه صاحب الحديث, ثم كان معه عندما استدعاه الرشيد.
فهل كان سعيد بن كثير ملاصقا لإبراهيم بن سعيد, بحيث لا يفارقه كظله؟ !!!فمن الذي أخبر سعيد بن كثير بكل تلك الأحداث؟ !!
2-سبق وبينا أن الأدفوي ليس بمعتمد فيما يحكيه.
الشبهة الثانية عشر: دعوى أن عبد العزيز بن المشاجون كان يسمع المعازف
ونقله أبو يعليالخليلي في الإرشاد عن عبد العزيز بن سلمة الماجشون مفتي المدينة.
والجواب على هذا من وجهين :
الوجه الأول : أن الإمام أبا يعلى لم يذكر إسنادا لهذا القول, وهو قد مات سنة 446 هجرية, بينما عبد العزيز الماشجون مات سنة164 هجرية, فبينهما مئات السنين.
فأين سلسلة الرواة بين الخليلي وابن الماجشون؟ !! كلهم مجاهيل !!
الوجه الثاني : وهو قول الإمام الذهبي في ترجمة أبي يعلى الخليلي : (الإمام أبو يعلى الخليلي بن عبد الله بن أحمد القزويني, مصنف كتاب الإرشاد في معرفة المحدثين...له فيه أوهام جمة كأنه كتبه من حفظه))تذكرة الحفاظ(3/1123)
وقال عنه أيضا الإمام الذهبي : (له غلطات في'''إرشاده''') سير أعلام النبلاء(17/666).
الشبهة الثالثة عشر: دعواه أن الإمام مالك كان يبيح الغناء بالمعازف:
وحكي الروياني عن القفال أن مذهب مالك بن أنس إباحة الغناء بالمعازف، وحكيالأستاذ أبو منصور الفوراني عن مالك جواز العود،
الجواب :
لا يزال الكاتب يحتج بالألفاظ الهزيلة(حكي...حكى....حكاه))) .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : (فعلم أن هذا كذب على مالك, مخالف لمذهبه, كما كذبوا عليه أنه كان يأخذ طنبور يضرب به ويعني لما كان في المدينة من يغني, حتى إن أكثر المصنفين في إباحة السماع كأبي عبدالرحمن السلمي والقشيري وأبي حامد ومحمد بن طاهر المقدسي وغيرهم يذكرون إباحته عن مالك وأهل المدينة وهو كذب فإنه قد علم بالتواتر من مذهبه النهي عن ذلك حتى قال إسحاق بن الطباع سألت مالكا عما يترخص فيه أهل المدينة من الغناء فقال إنما يفعله عندنا الفساق )) الرد على البكري(1/88).
ويكفي في بيان هذا الكذب أن نورد الروايات الصحيحة عن الإمام مالك وهي خمس روايات أسانيدها واضحة كالشمس :
الرواية الأولى :
ما رواه ابن القاسم عن مالك في ((المدونة)) قال : (كان ملك يكره الدفاف والمعازف كلها في العرس, وذلك أني سألته عنه فضعفه)) انتهى.
ويجدر بنا أن ننبه إلى أن معنى(يكره) عند الإمام مالك أي(لايجوز)) فقد قال ابن القاسم في (المدونة)) : (( فلما كره مالك بيه هذه الكتب, كانت الإجارة فيها-على أن يقرأ فيها- غير جائزة, لأن ما لا يجوز بيعه عند مالك فلا تجوز الإجارة فيه)).
الرواية الثانية :
ما رواه عبد الله بن الإمام أحمد-بإسناد صحيح- قال : (حدثني أبي قال : حدثنا إسحاق الطباع قال : سألت مالكا بن أنس يترخص فيه بعض أهل المدينة من الغناء , فقال : إنما يفعله عندنا الفساق)
الرواية الثالثة :
مارواه ابن وهب عن مالك أنه سئل عمن سمع ضرب المزمار والكبر في طريق أو مجلس فقال مالك : ( أرى يقوم من ذلك المجلس) البيان والتحصيل(5/113).
الرواية الرابعة عن الإمام مالك : مارواه ابن وهب أنه سمع مالكا يسأل عن الذي يحضر الصنيع فيه اللهو؟. فقال مالك : (ما يعجبني للرجل ذي الهيئة يحضر اللعب)) المدونة (4/421).
الرواية الخامسة عن الإمام مالك:
مارواه عبد الله بن عبد الحكم في مختصره قال : (سئل مالك عن سماع الغناء فقال : ((لا يجوز)). قال الله تعالى((فماذا بعد الحق إلا الضلال)) (يونس :32) وليس هو من الحق, فقيل له : إنه يقال إن أهل المدينة يسمعونه فقال : إنما يسمع ذلك عندنا الفاسق)) انتهى.
الشبهة الرابعة العشر: دعوى أن المنهال كان يسمع الطنبور
وذكر أبو طالب المكي في قوت القلوب عن شعبة أنه سمع طنبورًا في بيت المنهال بن عمروا المحدث المشهور.
والجواب(10) :
هذا كذب محض فالكاتب لم ينقل الرواية كما هي بل حرفها على ما يهواه والله المستهان فإليكم القصة كما جاءة في قوت القلوب لأبو طالب المكي لتروا التدليس والتلبيس والتلفيق الذي وقع فيه الكاتب هداه الله :
قال أبو طالب المكي في"قوت القلوب" : (روى محمود بن غيلان أيضا عن وهب أيضا عن شعبة, قال : أتيت المنهال بن عمروا أسأله عن حديث, فسمععت صوت طنبور, فرجعت ولم أسأله, ثم ندمت بعد ذلك. فقلت : هلا سألته فعسى كان لا يعلم به)) قوت القلوب , ذكره في الفصل الحادي والثلاثون : (كتاب العلم وتفضيله), عندكلامه على (ذكر تفصيل العلوم ومعروفها وقديمها ومحدثها ومنكرها)
فهل لا حظت قول شعبة(ثم ندمت بعد ذلك)؟ !.
فهاهو صاحب القصة يندم بسبب أنه يعلم أن الأمر له عدة احتمالات.فلماذا لم ينقل الكاتب لفظ((رواية القلوب)) بكاملها؟ !!أم إنه تعمد إخفاء ندم شعبة؟ !!!!
إن الفقه –كل الفقه- هو ماقاله وهب لشعبة(وهلا سألته, فعسى كان لا يعلم؟ !).
قال الحافظ ابن حجر -معلقا عن قول وهب-((وهذا اعتراض صحيح , فإن هذا لا يوجب قدحا في المنهال) تهذيب التهذيب(10/283).
وجاء في ((تهذيب التهذيب)) : (لم يصح ذلك عنه, وجرحه بهذا تعسف ظاهر)) تهذيب التهذيب(10/283).
وقال الإمام ابن القيم : (وقد يمكن أن لا يكون ذلك بحضوره ولا إذنه ولا علمه, وبالجملة فلا يرد حديث الثقات بهذا وأمثاله) حاشية الإمام ابن القيم على سنن أبي داود(13/64).
فمن المحتمل أن تكون الجارية فعلت ذلك في غيابه وهو لا يدري.
هذا مع العلم أن الرواية إسنادها منقطع, لأن أبا طالب المكي لم يدرك ابن غيلان, وإنما تكلم بناء عليها لأن الدكتور الثقفي استدل بها.
جمال البليدي
2012-01-28, 20:50
الشبهة الخامسة العشر: احتجاجه بحكايات الماوردي والأسنوي وابن النحوي والأدفوي:
وحكي الماوردي إباحة العود عن بعض الشافعية، وحكاه أبو الفضل بن طاهر عنأبي إسحاق الشيرازي، وحكاه الإسنوي في "المهمات" عن الروياني والماوردي،ورواه ابن النحوي عن الأستاذ أبي منصور وحكاه ابن الملقن في العمدة عن ابنطاهر، وحكاه الأدفوي عن الشيخ عز الدين بن عبد السلام، وحكاه صاحب الإمتاععن أبي بكر بن العربي، وجزم بالإباحة الأدفوي.
والجواب :
أولا : قوله : (وحكى الماوردي إباحة العود عن بعض الشافعية,...., وحكاه الإسنوي في "المهمات" عن الروياني والماوردي)).
التعليق (10): هذا غلط من الكاتب, إنه يزعم أن المارودي قد أباح العود, وسأنقل لكم نص كلام الإمام الماوردي من كتابه((الحاوي)) لكي ينكشف غلط الكاتب , وهو لا يجد أدنى حياء في تكرار الكذب ولا يخشى انتقام الله تعالى.
قال الإمام الماوردي : (فأما الحرام : فالعود والطنبور والمعزفة والطبل والمزمار,...., وكان بعض أصحابنا يخص العود من بينها ولا يحرمه...وهذا لا وجه له لأنه أكثر الملاهي طربا)) الحاوي(21/207).
فأفاد قوله((وهذا لا وجه لأنه أكثر الملاهي طربا)) أي أنه نفى هذا القول عن الشافعية .
وقال أيضا في الحاوي(17/233) : (فأما الطنبور والمزمار وسائر الملاهي فاستعمالها محظور وكذلك اقتناؤها)). انتهى.
ومن أباح العود فقد شذ
قال الإمام ابن حجر الهيثمي عن القول بإباحة العود : (إنه شاذ مناف للدليل. فكان في حيز الطرح والإعراض عنه, وعدم الاعتداد به,...., وحينئذ فلا حقيقة لهذا الوجه, فاتضح نفي الشيخين الخلاف في الأوتار, وأنها حرام بلا خلاف)) الزواجر : 2/904.
ثم قال الإمام ابن حجر الهيثمي : (وأما ما في''الحاوي" فقد عقبه الماوردي بما يزيفه ويرده, ويبين أنه لا يعتد به, ولا يحكى إلا لرده, فإنه قال في ((الحاوي)) عقبه : ((وهذا لا وجه له لأنه أكثر الملاهي طربا))...وتابعه الروياني في((البحر)) على رد هذا الوجه وتزييفه)).
فأفاد قول ابن الهيثمي : (وتابعه الروياني في((البحر)) على رد هذا الوجه وتزييفه) أن الإمام الروياني أيضا يقول بتحريم العود ويثبت كذب ما حكي عنه من القول بإباحة العود.
ويتضح بذلك أن ما يحكيه المبيحون عن الأئمة ما هو إلا أكاذيب وأباطيل اختلقوها ليوهموا المسلمين أن الأئمة قالوا بإباحة الموسيقى, وحاشاهم ذلك. فقد نقلنا عن الأئمة أقوالهم الصريحة في تحريم الموسيقى, وذلك من خلال مصنفاتهم وكتبهم, وليس من خلال القصص والحكايات المكذوبة المخترعة.
ثانيا : قول الكاتب((، وحكاه أبو الفضل بن طاهر عنأبي إسحاق الشيرازي،)).
التعليق : هذا كذب وافتراء على الإمام الشيرازي, فقد صرح الإمام الشيرازي في كتابه(المهذب)) بتحريم الموسيقى حيث قال في العود الذي لا يصلح إلا للعزف أو الطبل الذي لا يصلح إلا للهو :
( وإن وصى بطبل من طبوله-, فالوصية باطلة لأنه وصية بمحرم,...., فإن وصى بعود...فالوصية باطلة لأنه وصية محرم) المجموع شرح المهذب(15/488).
كما أن أبو الفضل بن طاهر القيسراني لا يحتج بما يحكيه, وهو ظاهري صوفي.''أنظر ترجمته في سير أعلام النبلاء(19/361).
قال عنه الحافظ ابن عساكر : (كان كثير الوهم)) تاريخ دمشق(53/280).
وقال أيضا عنه الحفاظ ابن عساكر : (جمع أطراف الكتب السنة فرأيته يخطئ, وقد أخطأ فيه في مواضع خطأ فاحشا) لسان الميزان(5/207).
وقال أبو الفضل بن ناصر : (محمد بن طاهر لا يحتج به) لسان الميزان(5/207).
وقال أيضا عنه((كان لحنة وكان يصحف)) لسان الميزان(5/207).
قال الإمام الذهبي في ترجمة ابن طاهر في كتابه(ميزان الاعتدال)) : ((ليس بالقوي,فإنه له أوهام كثيرة في تواليفه..وله انحراف عن السنة إلى تصوف غير مرضي)) انتهى.
وقال الإمام ابن كثير (البداية والنهاية) : ((محمد بن طاهر...صنف كتابا في إباحة السماع , وفي التصوف, وساق فيه أحاديث منكرة جدا)) انتهى.
وقال الإمام ابن تيمية : (ذكر محمد بن طاهر في مسألة السماع حكاية عن مالك أنه ضرب بطبل وأنشد أبياتا, وهذه الحكاية مما لا يتنازع أهل المعرفة في أنها كذب على مالك) الإستقامة(1/273)
ثالثا : قول الكاتب(( وحكاه الأدفوي عن الشيخ عز الدين بن عبد السلام،)).
التعليق : وهذا كذب على العز بن عبد السلام فالإمام العز بن عبد السلام قد صرح بالتحريم, يقول في ((قواعده)) : (من تحضره هذه المعازف والأحوال عند سماع المطربات المحرمة...كسماع الأوتار والمزمار, فهذا مرتكب لمحرم, ملتذ للنفس بسبب محرم,...فإذا انضم إلى ذلك نظر إلى مطرب لا يحل النظر إليه, فقد زادت شقوته ومعصيته...., وعلى الجملة : فالسماع بالحداء ونشيد الأشعار بدعة لا بأس بسماع بعضها, وأما سماع المطربات المحرمات فغلط من الجهلة المتشيعيين المتشبهين المجترئين على رب العالمين)).انتهى من قواعد
فتبين بهذا أن الأدفوي وابن طاهر لا يعتمد عليهما في نقل الروايات لأنهما يكثران من الغلط على الأئمة وقولهما بالجواز قولا شاذا قد رد عليهما الكثير من الأئمة بل لقد خصص لهما الإمام ابن حجر الهيثمي كتابا بعنوان((كف الرعاع عن محرمات اللهو والسماع )) بين فيه بعض ما وقع عنهما من غلط ورد على أدلتهم المكذوبة والهزيلة فلا يعتد بهما كما صرح كبار أئمة الجرح والتعديل
يقول الشيخ محمود شلتوت شيخ الأزهر الأسبق-رحمه الله-ردا على سؤال مماثل :
الأصل الذي أرجو أن يُتنبَّه إليه في هذا الشأن وأمثاله، مما يختلفون فيحِلِّهِ وحُرمته، هو أن الله خلَق الإنسان بغريزة يَميل بها إلى المستلذاتوالطيبات التي يَجِدُ لها أثرًا طيبًا في نفسه، به يهدأ، وبه يرتاح، وبهينشط، وبه تسكن جوارحه؛ فتراه ينشرح بالمناظر الجميلة، كالخُضرةالمُنَسَّقَة والماء الصافي الذي تلعب أمواجه، والوجه الحسَن الذي تنْبسطأساريرُه، ينشرح صدرُه بالروائح الزكيَّة التي تُحدث خِفَّةً في الجسموالروح، وينشرح صدره بلَمْسِ النُّعومة التي لا خُشونة فيها، وينشرح صدرهبلذَّة المَعرفة في الكشف عن مجهول مَخْبُوءٍ، وتراه بعد هذا مَطبوعًا علىغريزة الحب لمُشتهيات الحياة وزينتها من النساء والبنين، والقناطيرالمقنطرة من الذهب والفضة، والخيل المسومة والأنعام والحرْث.
الشرائع لا تَقضي على الغرائز بل تنظمها :
ولعلَّ قيام الإنسان بمُهمته في هذه الحياة ما كانت لِتَتِمَّ على الوجهالذي لأجله خلَقه الله إلا إذا كان ذا عاطفة غريزية، تُوجهه نحو المشتهيات،وتلك المُتَع التي خلقها الله معه في الحياة، فيأخذ منها القدْر الذييحتاجه وينفعه، ومن هنا قضت الحِكمة الإلهية أن يُخلق الإنسان بتلكالعاطفة، وصار من غير المعقول أن يَطلب الله منه ـ بعد أن خلَقه هذاالخلْق، وأودع فيه لحِكمته السامية هذه العاطفة ـ نزْعها أو إِمَاتتها أومُكافحتها في أصلها، وبذلك لا يُمكن أن يكون من أهداف الشرائع السماوية ـفي أيِّ مرحلة من مراحل الإنسانية ـ طلبُ القضاء على هذه الغريزة الطبيعية،التي لابد منها في هذه الحياة .
.
والجواب على هذا(13) :
أن يقال :بأن وصفكم للغناء بأنه من الأمور التي تستريح إليها النفوس وتسكن بها الجوارح وأنه غريزة وما إلى ذلك فنقول له : ليس الضابط في إباحة الشيء وحسنه مجرد كونه يحصل به راحة للنفوس وطرب للقلوب أو أنه غريزة دون نظر إلى ما يترتب عليه من المفاسد ، وما يجر إليه من المضار ، وأكثر النفوس تميل إلى الباطل وتستريح إليه ، أفنقول إنه حلال ؟ كلا ، قال العلامة ابن القيم في مدارج السالكين ( 1-491 ) : ، فإن جهة كون الشيء مستلذا للحاسة ملائما لها لا يدل على إباحته ، ولا تحريمه ، ولا كراهته ، ولا استحبابه ، فإن هذه اللذة تكون فيها الأحكام الخمسة : تكون في الحرام ، والواجب ، والمكروه ، والمستحب ، والمباح ، فكيف يستدل بها على الإباحة من يعرف شروط الدليل ومواقع الاستدلال ، وهل هذا إلا بمنزلة من استدل على إباحة الزنا بما يجده فاعله من اللذة ، وإن لذته لا ينكرها من له طبع سليم ، وهل يستدل بوجود اللذة والملاءمة على حل اللذيذ الملائم أحد ، وهل خلت غالب المحرمات من اللذات ، وهل أصوات المعازف التي صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - تحريمها وإن في أمته من سيستحلها بأصح إسناد ، وأجمع أهل العلم على تحريم بعضها ، وقال جمهورهم بتحريم جملتها إلا لذيذة تلذ السمع ؟)) اهـ .
وقال العلامة ابن الجوزي في كتاب تلبيس إبليس : اعلم أن سماع الغناء يجمع شيئين : أحدهما أنه يلهي القلب عن التفكير في عظمة الله سبحانه والقيام بخدمته ، والثاني : أنه يميله إلى اللذات العاجلة التي تدعو إلى استيفائها من جميع الشهوات الحسية ، ومعظمها النكاح ، وليس تمام لذته إلا في المتجددات ، ولا سبيل إلى كثرة المتجددات من الحل ، فلذلك يحث على الزنا ، فبين الغناء والزنا تناسب من جهة أن الغناء لذة الروح ، والزنا أكبر لذات النفس ، ولهذا جاء في الحديث : الغناء رقية الزنا. اهـ .
جمال البليدي
2012-01-28, 21:03
احتجاج الكاتب برأي الصوفي النابلسي:
رأْي الشيخ النابلسي:
وقد قرأت في هذا الموضوع لأحد فقهاء القرن الحادي عشر المَعروفين بالورَعوالتقوى رسالة هي: "إيضاح الدلالات في سماع الآلات". للشيخ عبد الغنيالنابلسي الحنفي، قرر فيها أن الأحاديث التي استدل بها القائلون بالتحريم ـعلى فرض صحتها ـ مُقيدة بذكر الملاهي، وبذكر الخمر والقيْنات، والفسوقوالفجور، ولا يكاد حديث يخلو من ذلك. وعليه كان الحُكم عنده في سماعالأصوات والآلات المُطرِبة أنه إذا اقترن بشيء من المُحرَّمات، أو اتُّخذوسيلةً للمُحرَّمات، أو أَوقعَ في المحرمات كان حرامًا، وأنه إذا سلِم منكل ذلك كان مباحًا في حضوره وسماعه وتعلُّمه. وقد نُقل عن النبي ـ صلى اللهعليه وسلم ـ ثم عن كثير من الصحابة والتابعين والأئمة والفقهاء أنهم كانوايسمعون، ويحضرون مجالس السماع البريئة من المجون والمُحرَّم. وذهب إلى مثلهذا كثير من الفقهاء، وهو يُوافق تمامًا في المغزى والنتيجة الأصل الذيقرَّرناهُ في موقف الشريعة بالنسبة للغرائز الطبيعية.
والجواب :
1-الشيخ النابلسي لم يكن على عقيدة السلف الصالح إنما كان صوفيا قادريا المشرب القادري النقشبنديا الطريقة كما قال هو نفسه فى مقدمة " تعطير الأنام فى تفسير الأحلام " : ( أما بعد فيقول العبد الفقير والعاجز الحقير عبد الغني بن إسماعيل الشهير بابن النابلسي الحنفي مذهبا القادري مشربا النقشبندي طريقة أدام الله تعالى هدايته وتوفيقه . )) فالصوفية لا يعتمدون على الدليل في الكثير من المسائل إنما على ما يسمونه بالذوق فالذوق عندهم هو الدليل فما وافق ذوقهم حلال وما خالفهم حرام فلا يعتد إذن برأيهم .
والنابلسي أيضا ممن شرح كتاب الزنديق ابن عربي "الفصوص" في كتاب له بعنوان(( جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص ))
قال نعمان الآلوسى فى " جلاء العينين فى محاكمة الأحمدين :
الناس فى ابن عربى أقسام ثلاثة : القسم الأول من نص على التكفير ..........القسم الثانى : من يجعله من أكابر الأولياء العارفين و سند العلماء العاملين بل يعده من جملة المجتهدين ............... و من هذا القسم المجد صاحب القاموس ، و الشيخ النابلسى (أى عبد الغنى النابلسى صاحبنا هذا )...و ذكر غيرهم .
قال الذهبى عن ابن عربى في كتابه تاريخ الإسلام بعد خط الحافظ سيف الدين بن المجد علي الحريري المتصوف : فكيف لو رأى الشيخ كلام ابن عربي الذي هو محض الكفر والزندقة لقال هذا الدجال المنتظر، ولكن كان ابن العربي منقطعا عن الناس إنما يجتمع به آحاد الاتحادية ولا يصرح بأمره لكل أحد ولم تشتهر كتبه إلا بعد موته ولهذا تمادى أمره فلما كان على رأس السبعمائة جدد الله لهذه الأمة دينها بهتكه وفضيحته ودار بين العلماء كتابه الفصوص وقد خطَّ عليه الشيخ القدوة الصالح إبراهيم بن معضاد الجعبري فيما حدثني به شيخنا ابن تيمية عن التاج البارنباري أنه سمع الشيخ إبراهيم يذكر ابن عربي كان يقول بقدم العالم ولا يحرم فرجاوحكى عنه ابن تيمية أنه قال لما اجتمع بابن عربي: رأيت شيخا نجسا يكذب بكل كتاب أنزله الله وبكل نبي أرسله الله .( نقلا عن مصرع التصوف ).
أقول : فمن أراد أن يقلد النابلسي في الغناء يلزمه أيضا أن يقلده في موافقته لما ذكره ابن عربي في كتابه(الفصوص) من كفر وزندقة.
مع العلم أن الصوفية يجعلون من الغناء والمعازف والأوتار عبادة فهم يقعتقدون أن هذه الأوتار تفرح الملائكة وهي تتحرك مع تحرك الأفلاك وما إلى ذلك من الكفر والزندقة
قال صاحب كتاب » المصادر العامة للتلقي عند الصوفية ص( ٥٣٠ ): « وأما ابن عربي فهو متابع أيضاً كما في كلامه السابق الذي نقلناه عنه في قوله بالتناسب بين أنغام وأوتار العود وبين عناصر الطبيعة لهؤلاء الباطنية من جماعة إخوان الصفا الذين يعتقدون أن لحركات الأفلاك نغمات تحاكي نغمات
العيان الموسيقية, وأن هذه النغمات الطيبة مفرحة لنفوس أهلها من الملائكة, وهي تذكرهم بعالم الأرواح التي فوق الفلك, وتزعم هذه الجماعة وجود تناسب وعلاقة بين أوتار العود وبين عناصر الطبيعة).
ولقد أوضح أهل العلم كيفية بدء البدعة الصوفية في استحلال الأغاني وتداعيها في التوسع إلى أن سبقوا اليهود والنصارى, قال شيخ الإسلام ابن القيم رحمه الله في كتابه كشف الغطاء في حكم سماع الغناء ص ٢١٣ ((فإن أصل سماع القصائد كان تلحيناً بإنشاد القصائد مرققة للقلوب تتضمن تحريك المحبة والشوق والخشية والحزن والأسف وغير ذلك, وكانوا يشترطون له المكان والإمكان والخلان, ويشترطون أن
يكون المجتمعون لهذا السماع من أهل الطريق...ثم إنهم أضافوا إلى هذا الصوت ما ينفذه ويوصله إلى شغاف القلب من الآلات التي أخفها التغبير, وهو ضرب بقضيب على جلد أو مخدة على توقيع خاص...ثم لم يقتصروا على هذه الحركة فتعدوها إلى حركة الدفوف وهي أقبح من حركة النقير, وفيها ما فيها, وزيادة التشبه بالنساء, فإن الدف في الأصل إنما هو للنساء عادة ورخصة, وقد لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المتشبهين من الرجال بالنساء, ثم لم يقتصروا على هذه الحركة حتى تعدوها إلى حركة الأوتار والعيدان التي
هي في الأصل من إحداث الفلاسفة أعداء الرسل, ثم ضموا إلى ذلك حركة الرقص التي سببها استخفاف الشيطان لأحدهم وركوبه على كتفه ودقه برجليه في صدره, وكلما دقه برجليه ورقص على صدره رقص هو كرقص الشيطان عليه, وقد شاهد ذلك بعض أهل البصائر عياناً, ثم ضموا إلى صوت الغناء صوت اليراع والشبّابة وغيرها فاقتضت هذه الهيئة الاجتماعية حركة باطنة فإن استماع الأصوات المطربة يثير حركة النفس, بحسب تلك الأصوات وللأصوات طبائع متنوعة بتنوع آثارها في النفس,وكذلك للكلام المسموع نظمه ونثره فيجمعون بين الصوت المناسب والحرف المناسب فيتولد من بينهما حركات نفسية تُثير كامنها وتزعج قاطنها, وهذا أمر يشترك فيه بنو آدم من المؤمنين والكفار والأبرار والفجار, ويثير من قلب كل أحد ما فيه, ومعلوم أن النفوس فيها الشهوات كامنة, ولكنها مقهورة مقيدة بقيود الأوامر, فإذا صادفها السماع أحياها وأطلقها من قيودها وافتكَّها من أسرها, وأجلب عليها بكل معين وممد, وهذا أمر لا ينكره إلا أحد رجلين:− إما غليظ كثيف الحجاب, وإما مكابر.
فمضرة هذا السماع على النفوس أعظم من مضرة حميّا الكئوس...ووضعوه على ما يليق بمقاصدهم من الأوضاع, فشرطوا أن يكون المغني أمرد جميلاً تدعو صورته
وصوته وشكله ودلّه وحركاته إلى تعلق القلوب به وعشقه, فإن فات فامرأة كذلك,وإذا جمع السماع العاشق والمعشوق وتقابلا وتعانقا في الرقص فظن شرّاً, ولا تسأل عن
الخبر وإذا حضر المردان الحسان هذا السماع فهو عندهم الغاية, ولا سيما إذا ألبسوهم المصبغات وزينوهم كما تزين العرائس, وأخلوا لهم طابق الرقص, ودار حولهم العشاق
والفساق كالهالة حول القمر, وأداروا عليهم من الأعين الفطاق, فللشيطان لا لله, كم من زعقة وصرخة وزفرة, وأنة وحسرة وأسف وحزن...بل قد يغنون بما لا يستجيزه الكفار من أهل الكتاب, ولولا الإطالة لذكرنا من أشعارهم هذه كثيراً, وزادوا أيضاً في آلات اللهو حتى تعدوا إلى آلات اليهود
والنصارى والمجوس والصابئة على اختلاف أنواعها, وعظمت البلية واشتدت بذلك الفتنة حتى ربا فيها الصغير وهرم فيها الكبير, واتخذوا ذلك ديدناً وديناً, وجعلوه من الوظائف الراتبة بالغدو والآصال, وفي الأماكن والأوقات الفاضلات, واعتاضوا به عن سماع الآيات, وعن إقامة الصلوات, ووقعوا تحت قوله تعالى((فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات)) ثم يتفاقم الأمر إلى أن يشتمل على ما يتضمن الكفر بالرحمن, والاستهزاء بالقرآن, والطعن في أهل الإيمان,
والاستخفاف بالأنبياء والمرسلين, والتحضيض على جهاد المؤمنين, ومعاونة الكفار والمنافقين, واتخاذ المخلوق إلهاً من دون رب العالمين, وجعل ذلك من أفضل أحوال العارفين, ويفعلون في هذا السماع ما لا يفعله اليهود ولا النصارى ولا الصابئة ولا المجوس).
قلت : هذه هي أحوال الصوفية وتدرج الشيطان لهم في الغناء ,وهذا والله ما نشاهده اليوم في الكثير من المغنين حتى وصل بهم الحال إلى الإستهزاء بالله تعالى والقضاء والقدر الشيء الكثير..فهذه احدى الفاجرات تغني """وتقول : ((لبست ثوب العيش ولم أستشر)) . تعني خلقني ربي وما استشارني !!
كما أنهم يصرحون بعبادة المحبوب ولأجله يعيشون في الدنيا بل يقولون إنهم ما خلقوا في هذه الدنيا إلا من أجله . قال قائلهم .. أو قائلتهم: (عشت لك وعلشانك))
والله يقول ((قل إن صلاتي ونسكي ومحيياي ومماتي لله رب العالمين ))..
وتجد منهم من يغني تصريحاً بعبادة المحبوب كقول أحدهم : ((أعشق حبيبي وأعبد حبيبي)) وآخر يقول : ((أنا أعبدك ))
وقول الآخر: ((قلت المحبة عندي لو تعلمين عبادة ))
وبعضهم ينافي ويضاد ويكذب على الله يقول ( الله أمر لعيونك أسهر)) سبحان الله قل إن الله لا يأمر بالفحشاء أتقولون على الله مالا تعلمون ..
أما اعتداؤهم على أنبياء الله ورسله فاسمع إلى قولهم في فراق المحبوب : ((صبرت صبر أيوب .. وأيوب ما صبر صبري )) اعتداء فاحش على نبي الله الكريم الذي ابتلاه مولاه سنوات طويلة فصبر حتى قال الله عنه((إنا وجدناه صابراً نِعمَ العبد إنه أواب ))
أما الاعتراض على القضاء والقدر ولوم الرب عز وجل فلهم فيها النصيب الأوفر .. يقول قائلهم (ليه القسوة ؟ ليه الظلم ؟ ليه يا رب ليه ؟))
هكذا يتهم الله - تعالى الله - بالقسوة والظلم ,ومنهم من يصرح بأنه مستعد للذهاب إلى جهنم مع محبوبته : ((يا تعيش وإياي في الجنة .. يا أعيش وإياك في النار .. بطلت أصوم وأصلي .. بدّي أعبد سماك .. لجهنم ماني رايح إلا أنا وإياك .))
وآخر يقول :((خذي لك الجنة وعطيني النار .. ما دام هذا كل ما تشتهينه)) ..
بل حتى منزلة الشهداء .. الذين هم أحياء عند ربهم يرزقون .. ادعوا الوصول إليها بالغناء ..
كما يقول أحدهم : ((يا ولدي قد مات شهيداً من مات فداء للمحبوب ))
بل لهم مخالفات في العقيدة .. كقولهم :
((قالت والخوف بعينيها .. تتأمل فنجاني المقلوب ..
قالت يا ولدي لا تحزن .. فالحب عليك هو المكتوب ))
اشتمل هذا الكلام على جلوس هذا الفاجر مع امرأة كاهنة مشعوذة تقرأ الفنجان وتدعي علم الغيب بل اشتمل على الكذب على الله في أنه كتب الحب على هذا الرجل ..
وفي أغانيهم الاستعانة بغير الله , ونداء الأموات . فيقول قائلهم : ((مدد يا نبي مدد ))
أما الحلف بغير الله فهو كثير كقولهم في أغانيهم (( وحياتك .. وحياة عينيك )) والنبي صلى الله عليه وسلم يقول : ( من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك ) ..
ويشيع عند المغنين سب الدهر والساعة والزمان والعمر يقولون : ((الله يلعن اليوم .. ملعونة الساعة .. جابني في زمان غدار)) .. والنبي صلى الله عليه وسلم يقول : ( لا تسبوا الدهر ) ..
ثم هم يعتدون على ما هو مكتوب في اللوح المحفوظ كما قال أحدهم : ((الفرح مسطر غلط مكتوب)) .. يعني أن الله الذي كتبه في اللوح المحفوظ غلط ..
وتأمل قول كوكب الشرق :
((ما أضيع اليوم الذي مر بي ** من غير أن من غير أن أهوى وأن أعشقَ))
تتحسر على اليوم الذي يضيع دون هوى أو عشق .ومنهم من لم يكفه أن يتغزل بصديقاته الفاجرات . بل تربص
وفي بعض الأغاني استخفاف بالموت والقبر فهذا مطرب مشهور يقول في أحد أغنياته :
((أوصي أهلي وخلاني حين أموت يضعو في قبري ربابة وعود))
بل منهم من يكفر فيستهزأ بالقرآن ويغني بكلام الرحمن .. ويضرب عليه بمزمار الشيطان كقول أحدهم : ((حبك سقر .. وما أدراك ما سقر ))
ومنهم من غنى سورة الزلزلة ومنهم من غنى سورة الكافرون وكل هذا مسجل في أشرطة..ولا حول ولا قوة إلا بالله فانظر كيف استدرجهم الشيطان شيئا فشيئا إلى الكفر والزندقة والله المستعان وعليه التكلان.""""(14)
2-دعوى النابلسي أن نصوص تحريم المعازف مقيدة بالملاهي فهذا غلط محض فقد ذكرنا من النصوص الكثيرة التي لا يوجد فيها ذكرا للملاهي فليراجع, وعلى فرض أن في بعضها ذكر الملاهي فهذا ليس تقييدا كما توهم النابلسي وإلا لقيدنا الحر(=الزنا) بالحرير والمعازف فأين التقييد؟ والواو حرف عطف ولا تفيد التقييد؟ !
وهذا يشبه قوله تعالى((والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما/يضاعف به العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا)).
فعلى حسب رأي النابلسي فإن دعاء غير الله في الآية مقيد بقتل النفس ! هل هذا يقوله عاقل !
الأصل في السماع الحِلُّ والحُرْمة عارضة :
وإذن فسماع الآلات، ذات النغمات أو الأصوات الجميلة، لا يُمكن أن يحرمباعتباره صوت آلة، أو صوت إنسان، أو صوت حيوان، وإنما يُحرم إذا استُعين بهعلى محرم، أو اتُّخِذ وسيلةً إلى محرم، أو ألْهَى عن واجب.
وهكذا يجب أن يعلم الناس حُكم الله في مثل هذه الشئون. ونرجو بعد ذلك ألانسمع القول يُلقى جُزافًا في التحليل والتحريم؛ فإن تحريم ما لم يُحرمهالله أو تحليل ما حرَّمه الله كلاهما افتراء وقوْل على الله بغير علم: (قُلْ إنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا ومَا بَطَنَوالإثْمَ والبَغْيَ بِغَيْرِ الحَقِّ وأنْ تُشْرِكُوا باللهِ مَا لمْيُنَزِّلْ بِهِ سُلطَانًا وأنْ تَقُولُوا علَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ). (الآية: 33 من سورة الأعراف).
قلت :
الله أكبر صدق فيكم قول النبي صلى الله عليه وسلم(((ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف) فهاهو الكاتب يزعم أن الأصل فيها الحل ! ونبينا يقول (يستحلون)) أي أن الأصل الحرمة لكن القوم استحلوه وقلبوا الحديث رأسا على العقب فجعلوا الأصل الحل !
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى ( 11-576 ) : مذهب الأئمة الأربعة أن آلات اللهو كلها حرام . ثبت في صحيح البخاري وغيره أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أخبر أنه سيكون من أمته من يستحل الحر والحرير والخمر والمعازف ، وذكر أنهم يمسخون قردة وخنازير ، والمعازف هي الملاهي ، كما ذكر أهل اللغة جمع معزفة ، وهي الآلة التي يعزف بها أي يصوت بها ، ولم يذكر أحد من أتباع الأئمة في آلات اللهو نزاعا . ا هـ
وقال ابن القيم في إغاثة اللهفان ( 1-277-278 ) : فصل في بيان تحريم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الصريح لآلات اللهو والمعازف وسياق الأحاديث في ذلك : عن عبد الرحمن بن غنم قال حدثني أبو عامر أو أبو مالك الأشعري رضي الله عنهما أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول : ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف هذا حديث صحيح أخرجه البخاري في صحيحه محتجا به وعلقه تعليقا مجزوما به فقال : ( باب ما جاء فيمن يستحل الخمر ويسميه بغير اسمه ) إلى أن قال ابن القيم : ووجه الدلالة منه أن المعازف هي آلات اللهو كلها لا خلاف بين أهل اللغة في ذلك ، ولو كانت حلالا لما ذمهم على استحلالها ولما قرن استحلالها باستحلال الخمر والخز ... إلى أن قال : وقال ابن ماجه في سننه حدثنا عبد الله بن سعيد عن معاوية بن صالح عن حاتم بن حريث عن ابن أبي مريم عن عبد الرحمن بن غنم الأشعري عن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ليشربن ناس من أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها ، يعزف على رؤوسهم بالمعازف والمغنيات ، يخسف الله بهم الأرض ، ويجعل منهم قردة وخنازير ، وهذا إسناد صحيح ، وقد توعد مستحلي المعازف فيه بأن يخسف الله بهم الأرض ويمسخهم قردة وخنازير وإن ، كان الوعيد على جميع هذه الأفعال ، فلكل واحد قسط في الذم والوعيد . ا هـ . فتبين أنه لا يباح شيء من آلات اللهو لا موسيقى ، ولا غيرها . والله أعلم
جمال البليدي
2012-01-28, 21:05
المراجع المعتمدة في هذا البحث:
1-كف الرعاع عن محرمات اللهو والسماع لابن حجر الهيثمي (http://www.archive.org/download/abu_yaala_samaa_haytami/samaa_haytami.pdf)
2-الرد على الدكتور القرضاوي والجديع للشيخ عبد الله رمضان بن موسى (http://www.archive.org/download/RaddQardJed/RaddQardJed.pdf)
3-تحريم آلات الطرب أو "الرد بالوحيين وأقوال أئمتنا على ابن حزم ومقلديه المبيحين للمعازف والغنا وعلى الصوفيين الذين اتخذوه قربة ودينا " للعلامة المحدث ناصر الدين الألباني (http://www.alalbany.net/click/go.php?id=1043)
4-تنبيه اللاهي على تحريم الملاهي ردا على ابن حزم للعلامة إسماعيل بن محمد الأنصاري (http://www.alnasiha.net/cms/node/466)
5-السيف اليماني على من أباح الأغاني للشيخ محمد بن عبد الله الإمام. (http://www.olamayemen.net/default_ar.aspx?id=342)
6-الإعلام بنقد كتاب "الحلال والحرام في الإسلام لصاحبه الدكتور القرضاوي " للشيخ العلامة صالح بن فوزان الفوزان.
(http://www.alfawzan.af.org.sa/node/2547)
------------------------------
الهوامش:
(1) هذا الجواب استفدته من كتاب (تحريم آلات الطرب للعلامة الألباني رحمه الله) مع بعض التصرف والإضافة.
(2)نقلت تلك الأقوال من كتاب "الرد على الدكتور القرضاوي والجديع " للشيخ عبد الله بن رمضان موسى.
(3) والكلام للشيخ الألباني رحمه الله مع بعض الزيادة والتصرف
(4) من كتاب السيف اليماني على من أباح الأغاني للشيخ محمد بن عبد الله الإمام
(5) هذا الجواب مستفاد من كتاب"الرد على الدكتور القرضاوي والجديع".
(6) مسفاد من كتاب تحريم آلات الطرب للألباني.
(7) مستفاد من كتاب الرد على الدكتور القرضاوي والجديع.
(8) مستفاد من كتاب الرد على الدكتور القرضاوي والجديع
(9) هذا الجواب مستفاد من كتاب الرد على الدكتور القرضاوي والجديع
(10) هذه الأجوبة والتعقيبات كلها مستفادة من كتاب الرد على الدكتور القرضاوي والجديع مع بعض التصرف والزيادة.
(11) المتتبع هنا هو الشيخ عبد الله بن رمضان موسى حفظه الله فقد ذكر في كتابه كل مراجع التاريخ والتراجم التي بحث فيها ولم يجد أي أثر يذكر لتلك القصة المكذوبة عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنه
(12)مستفاد من الكتاب السابق ذكره.
(13) مستفاد كن كتاب"الإعلام بنقد كتاب"الحلال والحرام" للشيخ الفوزان ..وهو رد على الدكتور القرضاوي . مع بعض التصرف في الخطاب.
(14) عن شريط مفرغ للشيخ العريفي بعنوان(ألحان وأشجان))
والحمد لله رب العالمين.
مشكور اخي جمال على مجهودك الرائع.
لي بعض تعقيبات على مشاركاتك هذه، سأضعها هنا متى ما أسعفني الوقت فقد أنقطع لبعض يومين... ولكنني سأعود إن شاء الله إلى هنا.
...///...
بلقاسمي الجزائري
2012-01-29, 17:32
من المسائل الخلافية بين علماء الامة قديما وحديثا مسألة الغناء ويبقى مسألة خلافية وتبقى الحاجة إليه كبيرة وتزداد خصوصا في عصرنا هذا بعد وصول الاسلاميين للسلطة فما هو البديل وكيف يتعاملون من الفن وخصوصا الموسيقى؟
سيجدون القول بحل الموسيقى أقرب وانسب فتوى لهم
فالفتوى تتغير بتغير الزمن والمكان كما يقال
عبد الله-1
2012-01-29, 19:00
من المسائل الخلافية بين علماء الامة قديما وحديثا
حسب الردود التي وضعها إخواننا جزاهم الله خيرا فالغناء حرام بالكتاب والسنة والإجماع ومافيه خلاف في المسألة أبدا.
وتبقى الحاجة إليه كبيرة
غريب هل الأمة الإسلامية في حاجة للتربية والأخلاق أم في حاجة للغناء ؟
وتزداد خصوصا في عصرنا هذا بعد وصول الاسلاميين للسلطة فما هو البديل وكيف يتعاملون من الفن وخصوصا الموسيقى؟
بوصول الإسلاميين للحكم كما تزعم تزداد الحاجة للغناء سبحان الله ماهذا الكلام غير المنطقي ؟
وهل الناس إذا لم يغنوا ويرقصوا سيموتون؟ الناس بحاجة للطعام والشراب هذا غذاء الأبدان وبحاجة للتقرب إلى الله والعمل بشرعة وهذا غذاء الأرواح.
سيجدون القول بحل الموسيقى أقرب وانسب فتوى لهم
بل قل سيبتدعون القول بحل الموسيقى
فالفتوى تتغير بتغير الزمن والمكان كما يقال
أبدا ماكان بنص الآية والحديث حراما يبقى حراما في جميع الأزمنة
من المسائل الخلافية بين علماء الامة قديما وحديثا مسألة الغناء ويبقى مسألة خلافية وتبقى الحاجة إليه كبيرة وتزداد خصوصا في عصرنا هذا بعد وصول الاسلاميين للسلطة فما هو البديل وكيف يتعاملون من الفن وخصوصا الموسيقى؟
سيجدون القول بحل الموسيقى أقرب وانسب فتوى لهم
فالفتوى تتغير بتغير الزمن والمكان كما يقال
اخي الكريم الاسلاميين محترفي السياسة لديهم صيغة وحيدة للتعامل وهي إقصاء من يختلف عنهم وقتله وتجريمه مهما كانت حجته فاخر ما يهم الاسلاميين هو الادلة الشرعية وإنما كل همهم اتباع الاشخاص وعندما يقول لهم شيخهم الدين هو كذا فلن يهم ابدا معرفة راي الشرع لانهم في عداوة دائمة مع الحق واتباع اهوائهم .وإذا اردت ان تكسب عدواة واحد من الاسلاميين يكفي ان تقدمه دليلا شرعيا لا لبس فيه يثبت خطا ما قاله شيخه فانت حينها كافر ضال فاسق .... ومليون نعت جاهز لمن يخالف الشيخ حتى لو خالف الشيخ محكم التنزيل وكافة السنة .
الحضني28
2012-03-11, 17:46
[quote=جمال البليدي;8613904]
أخي الحبيب...أنا متعب الآن لعلي أجيب على سؤالك وأعقب على مشاركتك(المنقولة)) في الغد أو في يوم آخر إذا تيسر لي الوقت والقوة الذهنية والبدنية...وفقك الله لكل خير.
[/q
ولماذا تتعب نفسك ياأخي ...الحلال بين والحرام بين....ومن أنت حتى ترد أو لاترد، مانقلته معروف وما نقله الأخ معروف
ماذا ستضيف...هل أنت عالم جديد ؟ أنت مقتنع بالتحريم انتهى الأمر
الحضني28
2012-03-11, 17:48
حسب الردود التي وضعها إخواننا جزاهم الله خيرا فالغناء حرام بالكتاب والسنة والإجماع ومافيه خلاف في المسألة أبدا.
غريب هل الأمة الإسلامية في حاجة للتربية والأخلاق أم في حاجة للغناء ؟
بوصول الإسلاميين للحكم كما تزعم تزداد الحاجة للغناء سبحان الله ماهذا الكلام غير المنطقي ؟
وهل الناس إذا لم يغنوا ويرقصوا سيموتون؟ الناس بحاجة للطعام والشراب هذا غذاء الأبدان وبحاجة للتقرب إلى الله والعمل بشرعة وهذا غذاء الأرواح.
بل قل سيبتدعون القول بحل الموسيقى
أبدا ماكان بنص الآية والحديث حراما يبقى حراما في جميع الأزمنة
ما هذا التعنت؟ من أنت ومن أفتى بالحرمة؟ لا يحلل ولا يحرم إلا الله
jameldino
2012-04-17, 22:53
جزاك الله خيراااااااااااااااااااااااااااااااا
ولماذا تتعب نفسك ياأخي ...الحلال بين والحرام بين....ومن أنت حتى ترد أو لاترد، مانقلته معروف وما نقله الأخ معروف
ماذا ستضيف...هل أنت عالم جديد ؟ أنت مقتنع بالتحريم انتهى الأمر
بعد غياب طويل، لم أجد نفسي إلا مجبرا على إعادة نقل قول أخينا الحضني28.
الخلاف موجود وإلا كيف قال بعض المجتهدين بجوازه كالشوكاني و بن حزم رغم أنني مع القول بالتحريم لكن من باب الانصاف أن نحكي الخلاف.
لأن القول بالإجماع يترتب عنه آثار عظيمة فيصبح من قبيل القطعي الذي يعتبر منكره كافراً والعياذ بالله لذا اتقوا الله واعلموا أنكم محاسبون على كل كلمة
الجليس الصلح
2012-06-26, 11:17
شكراااااااا جزيلا على ما قدمت
أبو عبد الرحمن الجزائري
2012-06-30, 01:36
جزاكم الله خيرا
vBulletin® v3.8.10 Release Candidate 2, Copyright ©2000-2025, TranZ by Almuhajir