المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : التحديات ... ومراجعة الذات


malek 34
2012-01-06, 18:54
التحديات ... ومراجعة الذات http://imageshack.us/photo/my-images/337/sanstitre1bh.jpg/


لم يعد هنك اليوم أدنى شك في أن العالم قد أصبح مجرد (قرية كونية صغيرة) ، مما يعني أن العولمة قد أصبحت أمرا واقعا يفرض على كل المجموعات اليشرية الساكنة في هذه القرية أن تتقاسم مجالاته وفضاءاته الحيوية المشتركة ، مما يسيتلزم مراجعة كل الخصوصيات الثقافية والسياسية والإقتصادية من أجل التكيف الضروري مع مستجدات هذا الواقع العالمي الجديد والبحث عن موقع قدم فيه. .
إن هذا الواقع يضعنا ـ كأمة لها خصوصياتها الحضارية ـ أمام تحديات صعبة تفرض علينا مراجعة الذات وتشخيص الأولويات مع تحديد الوسائل والآليات التي تحقق ذلك التكيف الإيجابي المطلوب . .
حالنا اليوم يستلزم ـ أولآ وقبل كل شيء ـ وقفة صارمة مع الذات ، تتمثل في إعادة مراجعة لكل الأخطاء التي كانت هي السبب فما نحن عليه والتخلص منها ، ثم التفكير في كيفية التعامل مع الآخرين يالكيفية التي تجعلنا ـ على الأقل ـ نضمن يقاءنا ضمن هذا الكل ...
لكن إذا ما أردنا تشخيص واقعنا اليوم ـ كأمة ـ فلا شك أنه واقع أمة ’’مريضة‘‘ مازالت تسحق السنين تلو السنين في تعميق جراحاتها وهدير أقدامها يراوح مكانه ، فأمرها وأمر المنبت سواء (لاأرضا قطع ولاظهرا أبقى) .
فنحن أمام أمام طوفان العولمة الجارف الذي لامفر منه ، مادام الأمر لم يعد فيه اختيار بين الرفض أو القبول ، وإنما أصبح الإختيار بين أن نيقى أو نزول ...لأن المنطق المعمول به اليوم في إطار العلاقات الدولية هو ’’ اليقاء للأقوى ‘‘ .
إذن الأمر المستعجل بالنسبة لنا هو إعادة رسم معالم هذا الواقع العالمي المحيط الذي نعيشه ، ثم تحديد موقعنا فيه كجزءا منه ، نشترك مع أممه وشعوبه في التراث الإنساني المتنوع والذي يجب أن يكون لنا فيه حضور مستمر وفعال ، كما يجب علينا أيضا أن نساهم في منتوج هذه الحضارة التي مازلنا ـ للأسف ـ مستهلكين لمنتوجاتها فقط .
فالشراكة مع الآخر تفرض توظيف أشكال جديدة من التفكير والعمل يغلب عليها منطق التعامل والتفاعل والتبادل الذي يستلزم الأخذ والعطاء في نفس الوقت ، وهذا بدوره لايتحقق إلا من خلال الدخول مع الشريك في منافسة حضارية فعالة ودائمة ، يتبادل فيها الطرفان المصالح والمنافع المشتركة .
فبقاء وإستمرار وجودنا كأمة مرهون بمدى قابليتنا للتفاعل مع ماهو أحسن وانفع عند الآخرين بحيث لايفقدنا ذلك التفاعل خصوصيتنا الحضارية بل يزيدها ثراء وقوة يدفعانها إلى المنافسة الإيجابية أكثر فأكثر ، لأن بتلك المنافسة يفتح المجال لتوظيف كل الطاقات الحية والكفاءات المبدعة والخلاقة لتساهم في وضع النموذج الحضاري الذي يجب تحقيقه في خضم هذا التنافس الحضاري الشديد .
إن نهضة كل أمة ومسايرتها لركب الحضارة يكمن في عبقرية أبنائها ، هذه العبقرية التي وهب لأشخاص إستثنائيين ، إذا توفرت لهم شروط الإبداع أبدعوا وإذا لم تتوفر لهم هاجروا ليبدعوا لغير أمتهم ولعل هذا ما أشار إليه الفيلسوف الألماني الشهير (هيغل) بقوله : "قد لاتنفع عقول العالم كلها إذا لم نوظف دكاءنا وعقلنا الخاص ، فالعقل الألماني وحده هو الذي يمكننا من صنع تفوقنا ".
لقد حان الوقت بأن تعطى لنخبنا الفرصة في أن تبدع وتبتكر مادام التحدي العالمي يفرض على كل أمة أن تبدع وتبتكر وتنافس بما تملكه من ثروات طبيعية وكفاءات علمية ومهارات تقنية خاصة بها مادام الماضي والحاضر قد أثبت أن النهضة الحضارية لكل أمة لاتحقق بمجرد إستراد التكنولوجيات ولا بلإستعارة الإيديولوجيات ولا بتقليد الثقافات ... وإنما تتحقق بتفعيل الإمكانيات الذاتية المادية والبشرية من خلال توفير شروط التفعيل المتمثلة في توفير المناخ المناسب للإبداع مادام منطق الواقع يقول : "نهضة الأمة في عبقرية أبنائها ".
بقلم الأستاذ :مالك شعبان