جمال البليدي
2012-01-06, 04:34
أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، من همزه ونفخه ونفثه
( وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (65) بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ (66) وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (67) وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ (68) وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (69) وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ (70) وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آَيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ (71) قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ (72) وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ (73) وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ (74) وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ )، سورة الزمر.
وقفات مع سورة الزمر
للشيخ الدكتور/
ربيع بن هادي المدخلي
حفظه الله تعالى
في أحد مجالس رمضان لعام 1424 هـ
قال الشيخ ربيع حفظه الله لأحد الإخوة الحاضرين في المجلس:
اقرأ من قول الله تبارك تعالى ( وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ ) إلي آخر السورة(1).
الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتّبع هداه.
من فهم هذه الآيات،لم تدع مقالاً لقائل، وماذا سيكون كلامي حول هذه الآيات، إنه كلام الله.
في هذه الآيات تحذير الله تبارك وتعالى من الشرك فإنه أعظم الذنوب وأعظم الظلم، الله يتهدد عباده بأنهم إذا وقعوا في الشرك ليحبطن أعمالهم ، يقولها للأنبياء، إذا كان هذا الوعيد للأنبياء فكيف بالناس الاخرين.
( وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ )، يا محمد ( وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ )، من الأنبياء، قيل لكل واحد منهم ( لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِين )، هنا تظهر عظمة الله تبارك وتعالى وجلاله، ويتضاءل أمامه كل شيء سبحانه وتعالى، الأنبياء يهددهم الله ويهدد الملائكة ويهدد كل من يعصيه سبحانه وتعالى الجبار القاهر كل شيء يخضع لجلاله وعظمته ويذل أمامه سبحانه وتعالى، فلا يتعاظمه شيء سبحانه وتعالى ( لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِين )، الشرك يبطل العمل ولو جئت بأعمال مثل الجبال وأشركت بالله عز وجل لذهبت هباءً، كل هذه الأعمال تذهب، ( وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا ) الفرقان – آية 23، فلنحذر الشرك كبيره وصغيره، دقيقه وجليله، لنخلص الدين لله رب العالمين، نعرف التوحيد بتفاصيله، والشرك بتفاصيله، الشرك نعرف تفاصيله حتى لا نقع في شيء منه، والتوحيد نعرف تفاصيله حتى لا نقصر في شيء منه، قال تعالى: ( لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِين )، ويا لها من خسارة، لأن عاقبة الشرك الخلود في النار ( إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ ) النساء – الاية 47، ( إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ) لقمان – الآية 13، والعياذ بالله كما في سورة لقمان إذ قال لقمان لابنه ( يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ) لقمان – الآية 13 ، لا يتصوره العقل و لايدركه الخواطر عظيم، عظيم في غاية العظمة، ولذى يستحق صاحبه الخلود في النار أبد الآبدين، فنعوذ بالله من الشرك صغيره وكبيره، ودقيقه وجليله ( بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ )، أخلص الدين لله وحده سبحانه وتعالى ( بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ )، يعني هذا حصر العبادة لله، تقديم المعمول يقتضي الحصر مثل قوله ( إِيَّاكَ نَعْبُدُ )، بل الله فاعبد، وحده سبحانه وتعالى، ولا تجعل له نداً لا من الملائكة ولا من الجن ولا من الإنس ولا من الأشجار بل أخلص له العبادة وحده، واعرف هذه العبادة، اعرف هذه العبادة حتى تعبد الله على علم، لا تعبده على جهل وضلال، ادرس هذه العبادة من كتاب الله ومن سنة رسوله عليه الصلاة والسلام، افهمها حق الفهم وتقرب بها الي الله لأنه ما خلقك إلا من أجلها، عبادة تقوم بها ما خلقك من أجل الدنيا فقط، خلق الدنيا للامتحان والابتلاء، يراك أتعبده وتشكره أو لا؟ ( الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ) الملك – الآية 2، أحسن الناس عملاً : هو المخلص الموحد، هذا هو أحسن الناس عملاً الممتثل لأوامر الله والمنتهي عن نواهيه، ( وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ )، قرأت أمس في الشكر، الشكر إلتزام طاعة الله والثناء عليه، حمده والاعتراف بفضله ومنّه، وإدراك أنه لو أفنيت حياتك في عبادته ما جازيت أدنى نعمة من نعمه سبحانه وتعالى، فيجب أن تلهج بقلبك ولسانك وجوارحك بشكر الله تبارك وتعالى.
ثم قال عن الكفار الذين يعبدون غير الله ويتخذون معه أنداداً وللعصاة أيضاً ( وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ ) الله العظيم الجليل، لو قدروه حق قدره ما عبدوا غير الله أبداً ولم يتخذوا معه أنداداً بل لما عصوه إطلاقاً، فما يعبد غير الله، أو يعصي أوامره إلا إنسان ما عظم الله، ولا قدره حق تقديره، وما عظمه حق تعظيمه، وما أجله حق إجلاله، سبحانه وتعالى، ثم برهن على عظمته، تصور ( وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ )، هذا الذي يقبض الأرض والسموات بيمينه كيف يُعصى، الذي حاله بلغ من العظمة والقدرة والربوبية والإلوهية والجلال، إن السموات والأرض كحبة رمل في يد أحدنا وتعالى الله عن الأمثال، الكون كله في قبضته كل شيء يتضاءل أمام عظمته وجلاله، فكيف يُعصى من هذا شأنه، خلقك لعبادته وخلق هذا الكون وهذه قدرته وهذه عظمته وهذا جلاله كيف تعصيه، كيف تعصيه، يعني الإنسان يخاف من إنسان مثله يخاف من جندي ما يستطيع أن يخالف أوامره، جندي مثلك مخلوق ويبول ويتغوط ويمرض الي آخره وتخاف منه ولا تخاف الله عز وجل هذا العظيم الذي خلق هذا الكون ودبره والسموات مطويات بيمينه والأرض في قبضته كيف تعصيه سبحانه وتعالى، سبحانه وتعالى عما يشركون نزه نفسه كيف تتخذ معه أنداداً من الأصنام المنحوتة التي تصنعونها بأيديكم ومن الأحجار ومن الحيوانات، فيه ناس يعبدون القرود والخنازير إلي غير ذلك ( قُتِلَ الْإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ ) عبس – الآية 17، ( إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ ) إبراهيم – الآية 34، إلي الله المشتكى، سبحانه تنـزه عما يشركون، شرك الربوبية وشرك الإلوهية، هناك أناس يقولون نحن مسلمون ويدّعون في مخلوقين ضعفاء مثلهم، أنهم يعلمون الغيب ويتصرفون في الكون، ويكشفون الكروب، هؤلاء من المنتمين للإسلام فكيف بالنصارى واليهود والوثنيين وما قدر الله حق قدره وما قدر الله حق قدره.
يتبع....
( وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (65) بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ (66) وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (67) وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ (68) وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاءِ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (69) وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا يَفْعَلُونَ (70) وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آَيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ (71) قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ (72) وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ (73) وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ (74) وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ )، سورة الزمر.
وقفات مع سورة الزمر
للشيخ الدكتور/
ربيع بن هادي المدخلي
حفظه الله تعالى
في أحد مجالس رمضان لعام 1424 هـ
قال الشيخ ربيع حفظه الله لأحد الإخوة الحاضرين في المجلس:
اقرأ من قول الله تبارك تعالى ( وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ ) إلي آخر السورة(1).
الحمد الله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن اتّبع هداه.
من فهم هذه الآيات،لم تدع مقالاً لقائل، وماذا سيكون كلامي حول هذه الآيات، إنه كلام الله.
في هذه الآيات تحذير الله تبارك وتعالى من الشرك فإنه أعظم الذنوب وأعظم الظلم، الله يتهدد عباده بأنهم إذا وقعوا في الشرك ليحبطن أعمالهم ، يقولها للأنبياء، إذا كان هذا الوعيد للأنبياء فكيف بالناس الاخرين.
( وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ )، يا محمد ( وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ )، من الأنبياء، قيل لكل واحد منهم ( لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِين )، هنا تظهر عظمة الله تبارك وتعالى وجلاله، ويتضاءل أمامه كل شيء سبحانه وتعالى، الأنبياء يهددهم الله ويهدد الملائكة ويهدد كل من يعصيه سبحانه وتعالى الجبار القاهر كل شيء يخضع لجلاله وعظمته ويذل أمامه سبحانه وتعالى، فلا يتعاظمه شيء سبحانه وتعالى ( لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِين )، الشرك يبطل العمل ولو جئت بأعمال مثل الجبال وأشركت بالله عز وجل لذهبت هباءً، كل هذه الأعمال تذهب، ( وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا ) الفرقان – آية 23، فلنحذر الشرك كبيره وصغيره، دقيقه وجليله، لنخلص الدين لله رب العالمين، نعرف التوحيد بتفاصيله، والشرك بتفاصيله، الشرك نعرف تفاصيله حتى لا نقع في شيء منه، والتوحيد نعرف تفاصيله حتى لا نقصر في شيء منه، قال تعالى: ( لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِين )، ويا لها من خسارة، لأن عاقبة الشرك الخلود في النار ( إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ ) النساء – الاية 47، ( إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ) لقمان – الآية 13، والعياذ بالله كما في سورة لقمان إذ قال لقمان لابنه ( يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ) لقمان – الآية 13 ، لا يتصوره العقل و لايدركه الخواطر عظيم، عظيم في غاية العظمة، ولذى يستحق صاحبه الخلود في النار أبد الآبدين، فنعوذ بالله من الشرك صغيره وكبيره، ودقيقه وجليله ( بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ )، أخلص الدين لله وحده سبحانه وتعالى ( بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ )، يعني هذا حصر العبادة لله، تقديم المعمول يقتضي الحصر مثل قوله ( إِيَّاكَ نَعْبُدُ )، بل الله فاعبد، وحده سبحانه وتعالى، ولا تجعل له نداً لا من الملائكة ولا من الجن ولا من الإنس ولا من الأشجار بل أخلص له العبادة وحده، واعرف هذه العبادة، اعرف هذه العبادة حتى تعبد الله على علم، لا تعبده على جهل وضلال، ادرس هذه العبادة من كتاب الله ومن سنة رسوله عليه الصلاة والسلام، افهمها حق الفهم وتقرب بها الي الله لأنه ما خلقك إلا من أجلها، عبادة تقوم بها ما خلقك من أجل الدنيا فقط، خلق الدنيا للامتحان والابتلاء، يراك أتعبده وتشكره أو لا؟ ( الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ) الملك – الآية 2، أحسن الناس عملاً : هو المخلص الموحد، هذا هو أحسن الناس عملاً الممتثل لأوامر الله والمنتهي عن نواهيه، ( وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ )، قرأت أمس في الشكر، الشكر إلتزام طاعة الله والثناء عليه، حمده والاعتراف بفضله ومنّه، وإدراك أنه لو أفنيت حياتك في عبادته ما جازيت أدنى نعمة من نعمه سبحانه وتعالى، فيجب أن تلهج بقلبك ولسانك وجوارحك بشكر الله تبارك وتعالى.
ثم قال عن الكفار الذين يعبدون غير الله ويتخذون معه أنداداً وللعصاة أيضاً ( وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ ) الله العظيم الجليل، لو قدروه حق قدره ما عبدوا غير الله أبداً ولم يتخذوا معه أنداداً بل لما عصوه إطلاقاً، فما يعبد غير الله، أو يعصي أوامره إلا إنسان ما عظم الله، ولا قدره حق تقديره، وما عظمه حق تعظيمه، وما أجله حق إجلاله، سبحانه وتعالى، ثم برهن على عظمته، تصور ( وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ )، هذا الذي يقبض الأرض والسموات بيمينه كيف يُعصى، الذي حاله بلغ من العظمة والقدرة والربوبية والإلوهية والجلال، إن السموات والأرض كحبة رمل في يد أحدنا وتعالى الله عن الأمثال، الكون كله في قبضته كل شيء يتضاءل أمام عظمته وجلاله، فكيف يُعصى من هذا شأنه، خلقك لعبادته وخلق هذا الكون وهذه قدرته وهذه عظمته وهذا جلاله كيف تعصيه، كيف تعصيه، يعني الإنسان يخاف من إنسان مثله يخاف من جندي ما يستطيع أن يخالف أوامره، جندي مثلك مخلوق ويبول ويتغوط ويمرض الي آخره وتخاف منه ولا تخاف الله عز وجل هذا العظيم الذي خلق هذا الكون ودبره والسموات مطويات بيمينه والأرض في قبضته كيف تعصيه سبحانه وتعالى، سبحانه وتعالى عما يشركون نزه نفسه كيف تتخذ معه أنداداً من الأصنام المنحوتة التي تصنعونها بأيديكم ومن الأحجار ومن الحيوانات، فيه ناس يعبدون القرود والخنازير إلي غير ذلك ( قُتِلَ الْإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ ) عبس – الآية 17، ( إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ ) إبراهيم – الآية 34، إلي الله المشتكى، سبحانه تنـزه عما يشركون، شرك الربوبية وشرك الإلوهية، هناك أناس يقولون نحن مسلمون ويدّعون في مخلوقين ضعفاء مثلهم، أنهم يعلمون الغيب ويتصرفون في الكون، ويكشفون الكروب، هؤلاء من المنتمين للإسلام فكيف بالنصارى واليهود والوثنيين وما قدر الله حق قدره وما قدر الله حق قدره.
يتبع....