تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : الأزهر الشريف : التقليد واتباع المذاهب الفقهية


عبد الله ياسين
2008-12-13, 17:12
المصدر : دار الإفتاء المصرية (http://www.dar-alifta.com/ViewBayan.aspx?ID=228)

التقليد واتباع المذاهب الفقهية


بعض المتصدرين للدعوة والإرشاد يحذرون الناس من تقليد المذاهب الفقهية الأربعة بدعوى أن الواجب هو أخذ الأحكام من الكتاب والسنة فقط، ولأن أئمة هذه المذاهب أنفسهم قد نهوا عن تقليدهم، فما هي حقيقة التقليد؟ وهل يصح هذا الكلام في ذم التقليد أو لا؟ وهل أقوال المذاهب مخالفة للكتاب والسنة فعلا؟

الجواب :

التقليد في اللغة: مأخوذٌ من القِلادة، وهي ما جُعِلَت في العُنُقِ، وتكون للإِنسان والفَرَس والبَدَنَة التي تُهدَى في الحج، وجَعْلُ القِلادة في عُنُق ما يُهدَى إلى الحرم مِن النعم؛ ليُعْلَم أنه هَدي فيكف الناس عنه؛ تعظيمًا للبيت وما أُهدِي إليه.(1)

وأما التقليد في الاصطلاح فله معنيان :

أحدهما : العمل بقول الغير من غير حجة من الحجج الشرعية الملزمة، أي: من غير دليل قائم على حكمه أو حجيته.

والثاني : العمل بقول المجتهد من غير معرفة دليله معرفة تامة. والأول غير جائز باتفاق، والثاني جائز، بل لازم عند أهل العلم. (2)

والمراد بقولنا : "من غير معرفة دليله"، أي: معرفة تامة للدليل، وهي معرفة الاستنباط الاجتهادي والاكتساب الفقهي الذي يُشترَط في اعتبارهما توفر شروط الاجتهاد التي في كتب الأصول، فدخل في التقليد: أخْذ العامي بقول المجتهد من غير معرفة دليله أصلا أو مع عدم معرفته معرفة تامة بأن عرف وجه دلالته، ولكن لا يعرفها من الوجه الذي باعتباره يفيد الحكم. سواء أَذَكَرَ المجتهد في قوله سندَ الحكم أم لا، وسواء أأخذه عنه مباشرة أم بواسطة عالم موثوق به يرويه له عن نفس المجتهد أو عن مذهبه المدوَّن في الكتب المعتمدة (3).

والمكلفون بالنسبة لأحكام الشريعة وأدلتها قسمان:
قسم قادر على أخْذ الأحكام من أدلتها بطريق الاجتهاد، وقسم دون ذلك.
والأول: هم المجتهدون، والثاني: هم المقلِّدون، ولابُدَّ لكل منهما من معرفة الحكم الشرعي ليعمل به حسبما كُلِّف.
فالأول بمقتضى التكليف العام مأمور بالاجتهاد للعمل بالأحكام الشرعية واتِّباعها. والثاني مأمور بتقليده كذلك(4).

وجمهور الأصوليين على أن المقلِّد يشمل: العامي المحض؛ لعجزه عن النظر والاجتهاد، والعالم الذي تعلم بعض العلوم المعتبرة في الاجتهاد، ولكنه لم يبلغ رتبة الاجتهاد، فكل منهما يلزمه التقليد.

وقد اتفق جمهور العلماء على مشروعية التقليد ووجوبه عند عدم التمكن من الاجتهاد، يقول العلامة الشيخ محمد حسنين مخلوف في كتابه: "بلوغ السول" تحت عنوان "استناد أقوال المجتهدين إلى المآخذ الشرعية": "وقد اعتبر الأصوليون وغيرهم أقوال المجتهدين في حق المقلدين القاصرين كالأدلة الشرعية في حق المجتهدين، لا لأن أقوالهم لذاتها حجة على الناس تثبت بها الأحكام الشرعية كأقوال الرسل عليهم الصلاة والسلام فإن ذلك لا يقول به أحد؛ بل لأنها مستندة إلى مآخذ شرعية بذلوا جهدهم في استقرائها وتمحيص دلائلها مع عدالتهم وسعة إطلاعهم واستقامة أفهامهم وعنايتهم بضبط الشريعة وحفظ نصوصها، ولذلك شرطوا في المستثمر للأدلة المستنبط للأحكام الشرعية من أدلتها التفصيلية - لكونها ظنية لا تنتج إلا ظنا - أن يكون ذا تأهل خاص وقوة خاصة وملكة قوية يتمكن بها من تمحيص الأدلة على وجه يجعل ظنونه بمثابة العلم القطعي صونا لأحكام الدين عن الخطأ بقدر المستطاع".

ثم قال: "وكما أمر الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم المستعدِّين للاجتهاد ببذل الوسع في النظر في المآخذ الشرعية لتحصيل أحكامه تعالى، أمر القاصرين عن رتبة الاجتهاد من أهل العلم باتِّباعهم والسعي في تحصيل ما يؤهلهم لبلوغ هذا المنصب الشريف، أو ما هو دونه حسب استعدادهم في العلم والفهم، وأمر العامَّة الذين ليسوا من أهل العلم بالرجوع إلى العلماء والأخذ بأقوالهم كما قال تعالى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} [النحل: 43]، أي: بحكم النازلة ليخبروكم بما استنبطوه من أدلة الشريعة مقرونًا بدليله من قول الله، أو قول رسوله صلى الله عليه وسلم، أو مجردا عنه.

فإن ذكر الدليل من المجتهد أو العالم الموثوق به بالنسبة لـمَن لم يعلم حكم الله في النازلة غير لازم خصوصًا إذا كان مـمَّن لا يفهم وجه الدلالة كأكثر عامَّة الأمة، أو كان الدليل ذا مقدمات يتوقف فهمها وتقريب الاستدلال بها على أمور ليس للعامي إلمام بها"(5).

ويقول الشاطبي: "فتاوي المجتهدين بالنسبة إلى العوام كالأدلة الشرعية بالنسبة إلى المجتهدين، والدليل عليه أن وجود الأدلة بالنسبة إلى المقلدين وعدمها سواء إذ كانوا لا يستفيدون منها شيئًا، فليس النظر في الأدلة والاستنباط من شأنهم ولا يجوز ذلك لهم ألبتة، وقد قال تعالى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ}، والمقلِّد غير عالم، فلا يصح له إلا سؤال أهل الذكر، وإليهم مرجعه في أحكام الدين على الإطلاق، فَهُمْ إذًا القائمون له مقام الشارع وأقوالهم قائمة مقام الشارع" (6).

والعوام في زمن الصحابة والتابعين كانوا إذا نزلت بهم حادثة، أو وقعت لهم واقعة يهرعون إلى الصحابة والتابعين ليسألوهم عن حكم الله في تلك الحادثة، وكانوا يجيبونهم عن هذه المسائل من غير أن ينكروا عليهم ذلك، ولم ينقل عنهم أنهم أمروا هؤلاء السائلين بأن يجتهدوا ليعرفوا الحكم بأنفسهم، فكان ذلك إجماعًا من الصحابة والتابعين على أن مَن لم يقدر على الاجتهاد فطريق معرفته للأحكام هو سؤال القادر عليها، فتكليف العوام بالاجتهاد فيه مخالفة لهذا الإجماع السكوتي.

وكذلك فإن القول بمنع التقليد فيه ما فيه من تكليف مَن لا قدرة له على الاجتهاد بمعرفة الحكم عن دليله وهو تكليفٌ له بما ليس في وسعه، فيكون منهيًّا عنه؛ لقوله تعالى: {لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا} [البقرة: 286]، ويضاف إلى ذلك أنه يؤدي إلى ترك الناس مصالحهم الضرورية، والاشتغال عن معايشهم في الحياة الدنيا، بتعطيل الحرف والصناعات لمعرفة الأحكام، وفي ذلك فساد للأحوال (7).

وبعد أن قرر العلماء أن التقليد في الفروع مشروع بلا غضاضة اختلفوا بعد ذلك في أن التزام المقلد تقليد مذهب معين من مذاهب المجتهدين في كل واقعة على قولين:
الأول: أنه يجب التزام مذهب معين، قال الجلال المحلي في شرحه لجمع الجوامع: "(و) الأصح (أنه يَجِبُ) على العامي وغيره ممن لم يبلغ رتبة الاجتهاد (التزامُ مذهبٍ معين) من مذاهب المجتهدين (يعتقده أرْجَحَ) من غيره (أو مساويًا) له، وإن كان نفس الأمر مرجوحا على المختار المتقدم, (ثم) في المساوي (ينبغي السعي في اعتقاده أرجح) ليتجه اختياره على غيره"(8).

الثاني: أنه لا يجب عليه التزام مذهب معين في كل واقعة، بل له أن يأخذ بقول أي مجتهد شاء وهو الصحيح؛ ولذلك اشتهر قولهم: "العامي لا مذهب له، بل مذهبه مذهب مفتيه"، أي: المعروف بالعلم والعدالة.

وهذا الأخير هو الصحيح؛ قال الإمام النووي: "الذي يقتضيه الدليل أنه لا يلزمه التمذهب بمذهب، بل يستفتي مَن شاء، أو مَنِ اتَّفق من غير تلقُّطٍ للرخص، ولعل مَن مَنَعَه لم يثق بعدم تلقطه"(9).

ونقل ابن عابدين في حاشيته عن الشرنبلالي قوله: "ليس على الإنسان التزامُ مذهب معين, وأنه يجوز له العمل بما يخالف ما عمله على مذهبه مقلدًا فيه غيرَ إمامه مستجمعًا شروطه، ويعمل بأمرين متضادين في حادثتين لا تعلق لواحدة منهما بالأخرى، وليس له إبطال عين ما فعله بتقليد إمام آخر؛ لأن إمضاء الفعل كإمضاء القاضي لا يُنقَض"اهـ (10).

ويؤيد ذلك أن الله تعالى قد أوجب اتباع العلماء من غير تخصيص بعالم دون آخر؛ إذ قال: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُم لا تَعْلَمُونَ} [النحل: 43]، والمستفتين في عصر الصحابة والتابعين لم يكونوا ملتزمين بمذهب معين، بل كانوا يسألون مَن تهيأ لهم دون تقيُّد بواحد دون آخر، ولم ينكر عليهم أحد.

واتباع المقلِّد لمن شاء من المجتهدين هو اتباع للحق؛ فإن جميع الأئمة على حقًّ بمعنى أن الواحد ليس عليه إلا أن يسير حسب ما هداه إليه اجتهاده، ولا ينبغي للمقلد أن يتصوَّر وهو يختار اتباع واحد منهم أن الآخرين على خطأ (11).

وأما اتباع المذاهب في إطار الدراسة والتفقه فهذا مما لا فكاك منه ولا بديل عنه؛ لأن هذه المذاهب الفقهية الأربعة المتبعة قد خُدِمت خدمة لم تتوفر لغيرها فاعتني بنقلها وتحريرها ومعرفة الراجح فيها واستدل لها وترجم لأئمتها بما جعل كل واحدة منها مدرسة مستقلة لها أصول معلومة وفروع محررة يتحتم على من أراد التفقه في الدين أن يسلك أحدها متعلمًا ودارسًا ومتدربًا، فتكون بدايته هو من حيث انتهوا هم.

بعض الاعتراضات التي وردت على التقليد والتمذهب :

الاعتراض الأول : الدليل الذي أوجب الشرع علينا اتباعه هو الكتاب والسنة، وليس كلام الأئمة.

جوابه : الدليل ليس هو الكتاب والسنة فقط، بل الدليل يشمل أيضًا الإجماع، والقياس، وقول الصحابي، وشرع من قبلنا، والعرف، والاستحسان، وغير ذلك.

وفَهْمُ معنى الدليل على أنه الكتاب والسنة فقط قصور ظاهر؛ لأن الدليل معناه أعم من أن يكون محصورًا في الكتاب والسنة فقط، فالكتاب والسنة إنما هي نصوص يستنبط ويستخرج منهما المجتهد الأحكام، وكذلك من غيرهما من الأدلة.

وكذلك فإن أقوال الأئمة المجتهدين ليست قسيمًا للكتاب والسنة، بل إن أقوالهم هي نتاج فهمهم لهما، فأقوالهم تفسير وبيان للكتاب والسنة.

فالأخْذ بأقوال الأئمة ليس تركًا للآيات والأحاديث، بل هو عين التمسُّك بهما، فإن الآيات والأحاديث ما وصلت إلينا إلا بواسطتهم، مع كونهم أعلم ممن بعدهم بصحيح الأحاديث وسقيمها، وحسنها وضعيفها، ومرفوعها ومرسلها، ومتواترها ومشهورها، وتاريخ المتقدم والمتأخر منها، والناسخ والمنسوخ، وأسبابها، ولغاتها، وسائر علومها مع تمام ضبطهم وتحريرهم لها.

وهذا كله مع كمال إدراكهم وقوة ديانتهم، واعتنائهم وورعهم ونور بصائرهم، فتفقهوا في القرآن والسنة على مقتضى قواعد العلوم التي لابد منها في ذلك، واستخرجوا أسرار القرآن والأحاديث، واستنبطوا منها فوائد وأحكاما، وبيَّنوا للناس ما يخفى عليهم على مقتضى المعقول والمنقول، فيسروا عليهم أمر دينهم، وأزالوا المشكلات باستخراج الفروع من الأصول، ورد الفروع إليها، فاستقر بسببهم الخير العميم (12).

الاعتراض الثاني : نرى المقلدة لا يترك أحدهم مذهبه إذا رأى حديثًا يخالفه، وهذا من التقديم بين يدي الله ورسوله.
ويجيب عن هذا الاعتراض الشيخ الكيرانوي في كتابه "فوائد في علوم الفقه"، فيقول: "هذا هو منشأ ظنكم الفاسد، واعتقادكم الباطل أنَّا نُرجِّح قول الإمام على قول الله ورسوله مع أن الأمر ليس كذلك، وحقيقة الأمر أن ظهور قول الله ورسوله على خلاف قول الإمام موقوف على أمرين:
أحدهما : أن يعلم أن ذلك قول الله والرسول.
والثاني : أن يعلم أنه مخالف لقول الإمام.
ولا علم عند المقلِّد بأحد من هذين الأمرين؛ لأن هذا العلم موقوف على الاستدلال، والمقلِّد إما لا يقدر عليه أصلا، أو يكون استدلاله غير قابل للاعتبار شرعًا كاستدلال مَن استدل على وجوب الغسل على المشجوج بآية التيمم.

وإذا كان الأمر كذلك فكيف يمكن له أن يحكم على المجتهد بأنه خالف حكم الله ورسوله باجتهاد نفسه؟ وإذا لم يمكن ذلك فكيف يترك قوله للمخالفة ؟

فالحاصل: أن عدم ترك المقلد قول الإمام للحديث وغيره؛ ليس لأن قول الإمام راجح عنده على قوله الله والرسول حاشاه من ذلك، بل لأجل أنه لم يثبت عنده مخالفة الإمام لله والرسول.

فإن قلت : إن كان لا يعلم هو المخالفة بنفسه، فنحن والعلماء الآخرون معنا نُعْلِمُه بأن إمامه خالف الحديث.
قلنا: إن صدَّقكم في هذا القول بالاستدلال فهو ليس بأهلٍ للاستدلال، ولا يُعتمَد على صحَّة استدلاله فكيف بالتصديق؟ وإن صدَّقكم بدون حجَّة يكون مقلِّدًا لكم، وليس أحد التقليدين أولى من الآخر فكيف يترك تقليده السابق ويرجع إلى تقليدكم، فانكشف غبار الطعن واللجاج، ولله الحمد" (13).

الاعتراض الثالث : تقليد الأئمة مخالف لما أرشدوا هم إليه؛ حيث نهوا عن تقليدهم، وخاصة إذا خالف رأيهم الحديث الصحيح، وقد ورد عن كل واحد من الأئمة الأربعة أنه قال: (إذا صح الحديث فهو مذهبي).

الجواب : دعوى أن الأئمة المجتهدين قد نهَوا عن تقليدهم مطلقًا هي دعوى باطلة ؛ فإنه لم ينقل عن أحد منهم ذلك، ولو ثبت عنهم فتَرْكُ التقليد لقولهم هو عين التقليد، وهو منهي عنه عندكم، فكيف يجب ترك التقليد بتقليد قولهم؟ فالأمر بتقليدهم في أمرهم بترك التقليد إيجاب للنقيضين، وهو باطل.

ولو سلم ثبوت النقل عن الأئمة بالنهي عن تقليدهم فالمراد تحريم التقليد على مَن كان أهلا للاجتهاد (14).

وقد أجاب الإمام النووي في مقدمة المجموع عن دعوى تحريض الأئمة مخالفة مذاهبهم إذا خالف الحديث رأيهم بقوله: "وكان جماعة من متقدمي أصحابنا إذا رأوا مسألة فيها حديث, ومذهب الشافعي خلافه عملوا بالحديث, وأفتوا به قائلين: مذهب الشافعي ما وافق الحديث, ولم يتفق ذلك إلا نادرًا, ومنه ما نقل عن الشافعي فيه قول على وفق الحديث.

وهذا الذي قاله الشافعي ليس معناه أن كل واحد رأى حديثًا صحيحًا قال: هذا مذهب الشافعي، وعمل بظاهره, وإنما هذا فيمن له رتبة الاجتهاد في المذهب على ما تقدم من صفته أو قريب منه, وشرطه أن يغلب على ظنه أن الشافعي رحمه الله لم يقف على هذا الحديث أو لم يعلم صحته, وهذا إنما يكون بعد مطالعة كتب الشافعي كلها ونحوها من كتب أصحابه الآخذين عنه وما أشبهها، وهذا شرط صعب قَلَّ مَن يتصف به, وإنما اشترطوا ما ذكرنا؛ لأن الشافعي رحمه الله ترك العمل بظاهر أحاديث كثيرة رآها وعلمها, لكن قام الدليل عنده على طعن فيها أو نسخها أو تخصيصها أو تأويلها أو نحو ذلك.

قال الشيخ أبو عمرو – يعني: ابن الصلاح - رحمه الله : ليس العمل بظاهر ما قاله الشافعي بالهين, فليس كل فقيه يسوغ له أن يستقل بالعمل بما يراه حجة من الحديث, وفيمن سلك هذا المسلك من الشافعيين من عمل بحديث تركه الشافعي رحمه الله عمدًا, مع علمه بصحته لمانع اطلع عليه وخفي على غيره, كأبي الوليد موسى بن أبي الجارود ممن صحب الشافعي، قال: صحَّ حديثُ: (أَفْطَرَ الحَاجِمُ وَالمَحْجُومُ) (15).

فأقول: قال الشافعي : أفطر الحاجم والمحجوم, فرُدَّ ذلك على أبي الوليد; لأن الشافعي تركه مع علمه بصحته, لكونه منسوخًا عنده, وبيَّن الشافعي نسخه واستدل عليه, وستراه في (كتاب الصيام) إن شاء الله تعالى, وقد قدمنا عن ابن خزيمة أنه قال: لا أعلم سنة لرسول الله صلى الله عليه وسلم في الحلال والحرام لم يودعها الشافعي كتبه. وجلالة ابن خزيمة وإمامته في الحديث والفقه, ومعرفته بنصوص الشافعي بالمحل المعروف.

قال الشيخ أبو عمرو: فمَن وجد من الشافعية حديثًا يخالف مذهبه نظر إن كملت آلات الاجتهاد فيه مطلقًا, أو في ذلك الباب أو المسألة كان له الاستقلال بالعمل به، وإن لم يكمل وشق عليه مخالفة الحديث بعد أن بحث فلم يجد لمخالفته عنه جوابًا شافيًا فله العمل به إن كان عمل به إمام مستقل غير الشافعي, ويكون هذا عذرًا له في ترك مذهب إمامه هنا, وهذا الذي قاله حسن متعين." اهـ (16)
والله أعلم.

المصادر :

1- أصول الفقه الإسلامي، للدكتور وهبة الزحيلي، الناشر: دار الفكر بدمشق، الطبعة الأولى 1406هـ= 1986 م.
2- أصول الفقه للشيخ محمد أبي النور زهير، الناشر: المكتبة الفيصلية بمكة المكرمة.
3- البحر المحيط، لبدر الدين الزركشي، الناشر: دار الكتبي بمصر.
4- بلوغ السول في مدخل علم الأصول، للشيخ محمد حسنين محلوف، مطبعة مصطفى الحلبي.
5- تاج العروس من جواهر القاموس، للمرتضى الزبيدي، من طباعة التراث العربي سلسلة تصدرها وزارة الإعلام في الكويت، تحقيق/ عبد الستار أحمد فراج، 1391هـ- 1971م.
6- التقرير والتحبير، لابن أمير حاج، دار الكتب العلمية.
7- جامع الترمذي، ط: دار إحياء التراث العربي – بيروت. تحقيق: أحمد محمد شاكر وآخرون.
8- رد المحتار على الدر المختار (حاشية ابن عابدين)، للإمام محمد أمين عابدين، الناشر: دار إحياء التراث العربي (بيروت)، الطبعة الثانية 1407هـ= 1987م.
9- روضة الطالبين وعمدة المفتين، للإمام محيي الدين النووي، الناشر: المكتب الإسلامي (بيروت)، الطبعة الثانية، 1405هـ.
10- سنن ابن ماجه ، ط: دار الفكر – بيروت. تحقيق : محمد فؤاد عبد الباقي.
11- سنن أبي داود، ط: دار الفكر. تحقيق: محمد محيي الدين عبد الحميد. مع تعليقات كَمَال يوسُفْ الحوُت.
12- شرح الإمام جلال الدين المحلي على جمع الجوامع -مع حاشية الشيخ حسن العطار-، الناشر: دار الكتب العلمية.
13- اللامذهبية أخطر بدعة تهدد الشريعة الإسلامية، للدكتور محمد سعيد رمضان البوطي، الناشر: مكتبة الفارابي (دمشق - سوريا).
14- مقالات وفتاوى الشيخ يوسف الدجوي، من مطبوعات مجمع البحوث الإسلامية، طبع سنة 1402هـ= 1982م.
15- مقدمة المجموع، للإمام محيي الدين النووي، المطبعة المنيرية.
16- الموافقات، لأبي إسحاق الشاطبي، الناشر: دار المعرفة – بيروت، تحقيق: عبد الله دراز.
17- الموجز في أصول الفقه، لمجموعة من العلماء، الناشر: الإيمان للطباعة، الطبعة الثانية- 1384هـ= 1965م.

الهوامش :

([1]) انظر: تاج العروس 9/64 مادة: (ق ل د) ، البحر المحيط للإمام الزركشي 8/316.
([2]) بلوغ السول في مدخل علم الأصول ص 25، الموجز في أصول الفقه ص 295، وانظر: التقرير والتحبير 3/340- 341.
([3]) انظر: بلوغ السول ص 23 بتصرف.
([4]) بلوغ السول في مدخل علم الأصول ص 26.
([5]) بلوغ السول في مدخل علم الأصول ص 15.
([6]) الموافقات للشاطبي 4/292- 293.
([7]) أصول الفقه للعلامة/ محمد أبي النور زهير 4/464، وتعليق الشيخ/ عبد الله دراز على الموافقات 4/292.
([8]) شرح المحلي على جمع الجوامع 2/441.
([9]) روضة الطالبين 11/117.
([10]) حاشية ابن عابدين 1/51.
([11]) انظر: أصول الفقه الإسلامي 2/1137- 1139، واللامذهبية أخطر بدعة تهدد الشريعة الإسلامية لفضيلة الدكتور/ محمد سعيد البوطي ص 37- 38 بتصرف.
([12]) انظر: مقالات وفتاوى للشيخ/ يوسف الدجوي 2/581.
([13]) فوائد في علوم الفقه ص30.
([14]) انظر: فوائد في علوم الفقه للكيرانوي ص 33 و66.
([15]) رواه أبو داود في سننه (2369) كتاب الصوم-باب في الصائم يحتجم، والترمذي (774) كتاب الصوم-باب كراهية الحجامة للصائم، وابن ماجه (1679) كتاب الصيام-باب ما جاء في الحجامة للصائم.
([16]) مقدمة المجموع 1/105.

عبد الله ياسين
2008-12-13, 17:23
المصدر : دار الإفتاء المصرية (http://www.dar-alifta.com/ViewFatwa.aspx?ID=3190)

حكم التقليد


الســــؤال :

من السيد / ع ب أ بيروت - لبنان بسؤال هذا نصه هل يجوز للانسان التقليد أو التلفيق من مذاهب الأئمة الأربعة ولو لغير ضرورة قبل العمل أو بعده فى المعاملات أو فى العبادات كالصلاة أو التيمم أو الوضوء أو الغسل لمن توضأ وضوءا واجبا أو اغتسل غسلا واجبا من ماء قليل مستعمل فى رفع حدث مقلدا لمذهب الإمام الشافعى وترك النية مقلدا لمذهب الإمام أبى حنيفة فهل يكون وضوؤه أو غسله صحيحا أم لا .

الـجـــواب لفضيلة الشيخ حسنين محمد مخلوف :

اطلعنا على السؤال ونقول - من رحمة الله تعالى بعباده أن أرسل خاتم رسله محمدا صلى الله عليه وسلم بشريعة هى خاتمة الشرائع عامة وافية كفيلة بما يحتاج إليه البشر فى كل زمان ، دستورها الأول القرآن الكريم ، والثانى السنن الصحيحة ، ومنهما يتولد أصلان آخران - هما إجماع المجتهدين على الحكم الشرعى والقياس الصحيح فيما لم يرد فيه نص وهو باب فسيح يسد حاجة الأمة فيما يجد من الحوادث والشئون على تعاقب الدهور واختلاف الأحوال والعصور ، عنى علماء الأصول بتحرير قواعده وضوابطه التى يتوصل بها إلى استنباط الأحكام من هذه الأصول - والأحكام العملية وهى التى يبحث عنها فى الفقه منها ما لا يحتاج إلى نظر واجتهاد وهو ما ثبت بالدليل القطعى واستفاض العلم به حتى أصبح معلوما من الدين بالضرورة كأركان الإسلام الخمسة وتحريم الكبائر .

و منها ما هو محل نظر واجتهاد وهذا النوع متشعب الأطراف ، وهو الذى جرى فى حلبته فقهاء الإسلام واختلفت فيه أنظارهم واتسع به نطاق الفقه الإسلامى ، والذى قام بعبئه هم المجتهدون الذين توافرت لهم وسائل الاجتهاد . أما من عداهم من عامة المسلمين الذين لم تتوافر لهم وسائل النظر فى الأدلة والاجتهاد فى استنباط الأحكام فهم المقلدون الذين يجب عليهم الأخذ بمذاهب المجتهدين ، إذ كل من جهل حكما ولم يكن فى استطاعته الاجتهاد وجب عليه أن يسأل عنه العلماء به لقوله تعالى { فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون } الأنبياء 7 ، وإلا لتعذر العمل عليه وكان تكليفه به مع عدم القدرة على استنباطه تكليفا بما ليس فى الوسع فكان من رحمة الله تعالى بعباده أن شرع لهؤلاء الرجوع إلى العلماء ولم يلزمهم النظر والاجتهاد لعدم تمكنهم منهما وعدم توافر وسائلهما لديهم . التقليد فالتقليد مشروع فى الأحكام العملية وهو كما قال الآمدى ( العمل بقول الغير من غير حجة ملزمة ) وقد ذهب جمهور الأصولين إلى أن العامى وهو الذى ليس له أهلية الاجتهاد فى الأحكام وإن كان محصلا لبعض العلوم يجب عليه اتباع قول المجتهدين والأخذ بفتواه للآية السالفة ، وهى عامة لكل المخاطبين الذين لم تتوافر لهم وسائل العلم بالأحكام ، ولأن العامة فى زمن الصحابة والتابعين كانوا يستفتون المجتهدين منهم ويتبعونهم فيما بينوه لهم من الأحكام وكان المجتهدون يبادرون إلى إفتائهم والكشف لهم عما جهلوا ولم ينكروا عليهم استفتاءهم إياهم فكان ذلك إجماعا على مشروعية التقليد فى الفروع .

غير أن العامى فى الاستفتاء مقيد باستفتاء من عرف بالعلم والعدالة وأهلية النظر فيما يستفتى فيه فلا يجوز له أن يستفتى من لم يعرف بالعلم والعدالة احتياطا فى أمر الدين - ( لا يجب التزام مذهب مجتهد معين ) - إذا تقرر هذا فهل يجب على العامى التمذهب بمذهب مجتهد معين والتزام جميع عزائمه ورخصه بحيث لا يجوز له الخروج عنه - الحق الذى ذهب إليه جمهور العلماء أنه لا يجب عليه ذلك بل له أن يعمل فى مسألة بقول أبى حنيفة مثلا ، وفى أخرى بقول مجتهد آخر للقطع بأن المستفتين فى كل عصر من زمن الصحابة ومن بعدهم كانوا يستفتون مرة واحدا ومرة غيره غير ملتزمين مفتيا واحدا ، وعلى ذلك لوالتزم مذهبا معينا كمذهب أبى حنيفة أو الشافعى لا يلزمه تقليده فى كل مسألة ، وقد اختار ذلك الآمدى وابن الحاجب والكمال فى تحريره والرافعى وغيره لأن التزامه غير ملزم ، إذ لا واجب إلا ما أوجبه الله ورسوله ، ولم يوجب الله ولا رسوله على أحد من الناس أن يتمذهب بمذهب رجل معين من الأئمة فيقلده فى دينه يأخذ كل ما يأتى ويذر غيره ، و قال ابن أمير حاج فى شرحه على التحرير ( ثم فى أصول ابن مفلح - وذكر بعض أصحابنا ( يعنى الحنابلة ) والمالكية والشافعية . هل يلزمه التمذهب بمذهب و الأخذ برخصه و عزائمه . فيه وجهان أشهر هما لا - كجمهور العلماء فيتخير .

و نقل عن بعض الحنابلة أنه قال وفى لزوم الأخذ برخصه وعزائمه طاعة غير النبى صلى الله عليه وسلم فى كل أمره ونهيه وهو خلاف الإجماع وتوقف فى جوازه ، وقال أيضا إن خالفه فى زيادة علم أو تقوى فقد أحسن ولم يقدح فى عدالته بلا نزاع بل يجب فى هذه الحال وأنه نص أحمد ، وكذا قال القدورى الحنفى ما اظنه أقوى عليه تقليده فيه - - انتهى - - ثم قال ابن أمير حاج بعد نقل هذا ( وقد انطوت القرون الفاضلة على عدم القول بذلك - بل لا يصح للعامى مذهب ولو تمذهب به لأن المذهب إنما يكون لمن له نوع نظر واستدلال وبصر بالمذاهب على حسبه أو لمن قرأ كتابا فى فروع ذلك المذهب وعرف فتاوى إمامه وأقواله . وأما من لم يتأهل لذلك البتة بل قال أنا حنفى أو شافعى أو غير ذلك لم يصر كذلك بمجرد القول، كما لو قال أنا فقيه أو نحوى أو كاتب لم يصر كذلك بمجرد قوله يوضحه أن قائله يزعم أنه متبع لذلك الإمام سالك طريقه فى العلم والمعرفة والاستدلال ، فأما مع جهله وبعده جدا عن سيرة الإمام وعلمه بطريقه فكيف يصح الانتساب إليه إلا بالدعوى المجردة والقول الفارغ من المعنى ) انتهى -

و لذلك اشتهر قولهم العامى لا مذهب له ، ففى البحر فى باب قضاء الفوائت ( وان كان عاميا ليس له مذهب معين فمذهبه فتوى مفتيه وإن لم يستفت أحدا وصادف الصحة على مذهب مجتهد أجزأه ) - انتهى - - ومما تقدم يعلم انه لا يجب تقليد مجتهد معين ، وأن التلفيق بمعنى العمل بقول مجتهد فى مسألة وبقول آخر فى أخرى لضرورة ولغيرها فى العبادات والمعاملات جائز تخفيفا ورحمة بالأمة . الرجوع عن التقليد وليس للعامى إذا قلد مجتهدا فى مسألة واتصل عمله بها الرجوع عنها وتقليد غيره فيها . لأن الرجوع عن التقليد بعد العمل باطل اتفاقا لما فيه من إبطال عين فعله وهو غير جائز . لأن إمضاء الفعل كإمضاء القاضى لا ينقض أما قبل العمل كما إذا استفتى مجتهدا وعرف حكم المسألة منه ثم استفتى آخر فيها وعرف الحكم منه فله أن يعمل بقول أى واحد منهما . نص على ذلك الآمدى وابن الهمام فى التحرير وصاحب جمع الجوامع ومسلم الثبوت وغيرهم من علماء الأصول . جواز تتبع الرخص وينبنى على جواز التلفيق فى التقليد بالمعنى المتقدم أولا . جواز اتباعه رخص المذاهب فى المسائل المختلفة كما ذهب إليه الجمهور ، فيعمل بأمرين متضادين فى حادثتين لا تعلق لواحدة منهما بالأخرى . كما إذا توضأ مراعيا الشرائط على مذهب الشافعى ثم فى وضوء آخر راعى الشرائط على مذهب أبى حنيفة ، لأن للمكلف أن يسلك الأخف عليه إذا كان له إليه سبيل بأن لم يكن قد عمل بقول مجتهد آخر فى ذات المسألة التى يريد التقليد فيها لما علمت من أنه ليس للمقلد الرجوع بعد العمل بقول أحد المجتهدين فى حادثة إلى قول مجتهد آخر فيها . قال فى التحرير فى شرحه ( ويتخرج منه أى من كونه لم يلتزم مذهبا معينا جواز اتباعه رخص المذاهب أى أخذه من كل منها ما هو الأهون فيما يقع من المسائل ) ومثله فى مسلم الثبوت أما ما نقل عن ابن عبد البر من أنه لا يجوز للعامى تتبع الرخص إجماعا فليس على إطلاقه . إذ قد روى عن الإمام أحمد فى هذا روايتان ، وحمل القاضى أبو يعلى الرواية التى تقول بفسق متتبع رخص المذاهب على غير متأول ولا مقلد - فالقصد التيسير على الناس فمن توضأ على مذهب أبى حنيفة له أن يصلى بهذا الوضوء على مذهب الشافعى وبالعكس .

فالتلفيق على هذا الوجه جائز لعدم اتحاد المسألة التى لفق فيها ، ولأنه لا يلزم المقلد استفتاء مفت معين على ما أسلفنا بيانه . ومن هذا يعلم أن تتبع رخص المذاهب بأن يأخذ المقلد بقول المذاهب فى المسائل المتعددة جائز . أما إذا اتحدت المسألة حقيقة أو حكما فلا يجوز كما حققه الكمال فى التحرير وصاحب مسلم الثبوت فى باب الإجماع . لأنه لا يترتب على الأخذ برخص المذاهب فى المسائل المتعددة وهو التلفيق بالمعنى المتقدم خرق الإجماع فى مسألة متفق عليها، وقد اختار ذلك الآمدى والرازى - وعلى ذلك فالتلفيق بتتبع الرخص جائز فى الصورة التى ذكرها السائل . فإن الماء القليل المستعمل مطهر عند مالك فإذا أخذ المقلد بهذا الحكم مقلدا مذهب مالك أجزأه ثم يقلد مذهب أبى حنيفة فى عدم لزوم الدلك والنية فى الوضوء والغسل يكون وضوؤه أو غسله صحيحا . لأنه لم يتتبع الرخص فى مسألة واحدة بل فى مسائل إذ الحكم على طهورية الماء منفصل عن الحكم على صحة الوضوء أو الغسل مع ترك الدلك والنية . والخلاصة أن التقليد واجب على غير المجتهدا لمطلق لضرورة العمل وأنه لايجب على المقلد التزام مذهب معين ، وأنه يجوز له العمل بما يخالف ما عمله على مذهبه مقلدا غير إمامه ، وأن مذهب العامى فتوى مفتيه المعروف بالعلم والعدالة وأن التلفيق بمعنى العمل فى كل حادثة بمذهب جائز .

و يتخرج على جوازه جواز تتبع رخص المذاهب فى المسائل المتعددة - كالوضوء على مذهب الشافعى ثم الصلاة به بعد اللمس على مذهب أبى حنيفة . أما التلفيق بمعنى تتبع الرخص فى مسألة واحدة فغير جائز . فلا يصح الوضوء إذا ترك الترتيب فى غسل الأعضاء ومسح أقل من ربع الرأس على ما سبق تحقيقه ، وأن الرجوع عن التقليد بعد العمل فى حادثة واحدة باطل فإذا عقد زواجه وفق شروط مذهب أبى حنيفة بأن تولت الزوجة البالغة العقد بنفسها مثلا وعاشرها زوجها معاشرة الأزواج ثم طلقها ثلاث تطليقات فليس له أن يقلد مذهب الشافعى الذى يرى أن النكاح لا ينعقد بعبارة النساء بل لابد من الولى - لأن هذا تلفيق للتقليد فى مسألة واحدة وهو باطل اتفاقا ، ولا بد لهذه الزوجة لكى تحل لمطلقها أن تتزوج بغيره زواجا صحيحا ويدخل بها حقيقة ويطلقها وتنقضى عدتها ومما تقدم علم الحكم فى هذه المسائل . والله أعلم .