المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : وقفات مع صاحب الظلال "سيد قطب"


*فارس الحق*
2011-12-31, 19:56
http://photos-g.ak.fbcdn.net/hphotos-ak-snc7/300184_301185543225929_100000034560289_1264329_211 5271862_s.jpg

إن العزة ليست عناداً جامحاً يستكبر على الحق ويتشامخ بالباطل . وليست طغياناً فاجراً يضرب في عتو وتجبر وإصرار . وليست اندفاعاً باغياً يخضع للنزوة ويذل للشهوة . وليست قوة عمياء تبطش بلا حق ولا عدل ولا صلاح . . كلا ! إنما العزة استعلاء على شهوة النفس , واستعلاء على القيد والذل , واستعلاء على الخضوع الخانع لغير الله . ثم هي خضوع لله وخشوع ; وخشية لله وتقوى , ومراقبة لله في السراء والضراء . . ومن هذا الخضوع لله ترتفع الجباه . ومن هذه الخشية لله تصمد لكل ما يأباه . ومن هذه المراقبة لله لا تعنى إلا برضاه .

*فارس الحق*
2011-12-31, 19:57
http://photos-e.ak.fbcdn.net/hphotos-ak-ash4/313716_144685425619405_143019899119291_270258_7448 092_a.jpg

وهذه البشرية هي التي يعمل ناس منها على حرمانها من منهج الله الهادي . وهم الذين يسمون التطلع إلى هذا المنهج "رجعية ! " ويحسبونه مجرد حنين إلى فترة ذاهبة من فترات التاريخ . . وهم بجهالتهم هذه أو بسوء نيتهم يحرمون البشرية التطلع إلى المنهج الوحيد الذي يمكن أن يقود خطاها إلى السلام والطمأنينة , كما يقود خطاها إلى النمو والرقي . . ونحن الذين نؤمن بهذا المنهج نعرف إلى ماذا ندعو . إننا نرى واقع البشرية النكد , ونشم رائحة المستنقع الآسن الذي تتمرغ فيه . ونرى . نرى هنالك على الأفق الصاعد راية النجاة تلوح للمكدودين في هجير الصحراء المحرق , والمرتقى الوضيء النظيف يلوح للغارقين في المستنقع ; ونرى أن قيادة البشرية إن لم ترد إلى هذا المنهج فهي في طريقها إلى الارتكاس الشائن لكل تاريخ الإنسان , ولكل معنى من معاني الإنسان !
وأولى الخطوات في الطريق أن يتميز هذا المنهج يتفرد , ولا يتلقى أصحابه التوجيه من الجاهلية الطامة من حولهم . . كيما يظل المنهج نظيفا سليما . إلى أن يأذن الله بقيادته للبشرية مرة أخرى . والله أرحم بعباده أن يدعهم لأعداء البشر , الداعين إلى الجاهلية من هنا ومن هناك ! . . وهذا ما أراد الله سبحانه أن يلقنه للجماعة المسلمة الأولى في كتابه الكريم ; وما حرص رسول الله [ ص ] أن يعلمها إياه في تعليمه القويم .

*فارس الحق*
2011-12-31, 19:59
http://photos-d.ak.fbcdn.net/hphotos-ak-snc7/301551_144471668974114_143019899119291_269475_4977 691_a.jpg
إن أية فكرة , أو عقيدة , أو شخصية , أو منظمة . . إنما تحيا وتعمل وتؤثر بمقدار ما تحمل من قوة كامنة وسلطان قاهر . هذه القوة تتوقف على مقدار ما فيها من "الحق" أي بمقدار ما فيها من توافق مع القاعدة التي أقام الله عليها الكون , ومع سنن الله التي تعمل في هذا الكون . وعندئذ يمنحها الله القوة والسلطان الحقيقيين الفاعلين المؤثرين في هذا الوجود . وإلا فهي زائفة باطلة ضعيفة واهية , مهما بدا فيها من قوة والتماع وانتفاش !
والمشركون يشركون مع الله آلهة أخرى - في صور شتى - ويقوم الشرك ابتداء على إعطاء غير الله - سبحانه - شيئا ما من خصائص الألوهية ومظاهرها . وفي مقدمة هذه الخصائص حق التشريع للعباد في شؤون حياتهم كلها ; وحق وضع القيم التي يتحاكم إليها العباد في سلوكهم وفي مجتمعاتهم ; وحق الاستعلاء على العباد وإلزامهم بالطاعة لتلك التشريعات والاعتبار لهذه القيم . . ثم تأتي مسألة العبادة الشعائرية ضمن إعطاء هذه الخصائص لغير الله سبحانه , وواحدة منها !
فماذا تحمل هذه الآلهة من الحق الذي أقام الله عليه الكون ? إن الله الواحد خلق هذا الكون لينتسب إلى خالقه الواحد ; وخلق هذه الخلائق لتقر له بالعبودية وحده بلا شريك ; ولتتلقى منه الشريعة والقيم بلا منازع ; ولتعبده وحده حق عبادته بلا انداد . . فكل ما يخرج على قاعدة التوحيد في معناها الشامل , فهو زائف باطل , مناقض للحق الكامن في بنية الكون . ومن ثم فهو واه هزيل , لا يحمل قوة ولا سلطانا , ولا يملك أن يؤثر في مجرى الحياة ; بل لا يملك عناصر الحياة ولا حق الحياة !
وما دام أولئك المشركون يشركون بالله ما لم ينزل به سلطانا ; من الآلهة والعقائد والتصورات فهم يرتكنون إلى ضعف وخواء , وهم أبدا خوارون ضعفاء ; وهم أبدا في رعب حيثما التقوا بالمؤمنين المرتكنين إلى الحق ذي السلطان . .
وإننا لنجد مصداق هذا الوعد كلما التقى الحق والباطل . . وكم من مرة وقف الباطل مدججا بالسلاح أمام الحق الأعزل . ومع ذلك كان الباطل يحتشد احتشاد المرعوب , ويرتجف من كل حركة وكل صوت - وهو في حشده المسلح المحشود ! فأما إذا أقدم الحق وهاجم فهو الذعر والفزع والشتات والاضطراب في صفوف الباطل ; ولو كانت له الحشود , وكان للحق القلة , تصديقا لوعد الله الصادق:
(سنلقي في قلوب الذين كفروا الرعب بما أشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا). .

*فارس الحق*
2011-12-31, 20:00
http://profile.ak.fbcdn.net/hprofile-ak-snc4/277049_193634673992019_1319715923_q.jpg (http://www.********.com/SayyidQutb)

بين القمر والقلب البشري ود قديم موغل في السرائر والأعماق ، غائر في شعاب الضمير ، يترقرق ويستيقظ كلما التقى به القلب في أية حال . وللقمر همسات وإيحاءات للقلب ، وسبحات وتسبيحات للخالق ، يكاد يسمعها القلب الشاعر في نور القمر المنساب .. وإن القلب ليشعر أحياناً أنه يسبح في فيض النور الغامر في الليلة القمراء ، ويغسل أدرانه ويرتوي ، ويعانق هذا النور الحبيب ويستروح فيه روح الله .

*فارس الحق*
2011-12-31, 20:01
http://profile.ak.fbcdn.net/hprofile-ak-snc4/277049_193634673992019_1319715923_q.jpg (http://www.********.com/SayyidQutb)

يكثر القرآن من توجيه القلب إلى مشاهد الكون بشتى الأساليب ، في شتى المواضع . تارة بالتوجيهات المباشرة ، وتارة باللمسات الجانبية كهذا القسم بتلك الخلائق والمشاهد ، ووضعها إطاراً لما يليها من الحقائق. وفي هذا الجزء بالذات لاحظنا كثرة هذه التوجيهات واللمسات كثرة ظاهرة . فلا تكاد سورة واحدة تخلو من إيقاظ القلب لينطلق إلى هذا الكون ، يطلب عنده التجاوب والإيحاء . ويتلقى عنه _بلغة السر المتبادل_ ما ينطق به من دلائل وما يبثه من مناجاة !

*فارس الحق*
2011-12-31, 20:03
http://profile.ak.fbcdn.net/hprofile-ak-snc4/277049_193634673992019_1319715923_q.jpg (http://www.********.com/SayyidQutb)

عندما نعيش لذواتنا فحسب، تبدو لنا الحياة قصيرة ضئيلة، تبدأ من حيث بدأنا نعي، وتنتهي بانتهاء عمرنا المحدود. أما عندما نعيش لغيرنا، أي عندما نعيش لفكرة، فإن الحياة تبدو طويلة عميقة، تبدأ من حيث بدأت الإنسانية وتمتد بعد مفارقتنا لوجه هذه الأرض!

*فارس الحق*
2011-12-31, 20:04
[/URL]


[URL="http://www.********.com/notes/%D8%B9%D8%A8%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%AD%D9%85%D9%86-%D8%B7%D9%87/%D9%82%D8%A8%D8%B3%D8%A7%D8%AA-%D9%85%D9%86-%D8%B8%D9%84%D8%A7%D9%84-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D8%A7%D9%86-%D8%B3%D9%8A%D8%AF-%D9%82%D8%B7%D8%A8-98/210156029060715?ref=nf"]http://photos-a.ak.fbcdn.net/hphotos-ak-snc7/381952_315925448418605_100000034560289_1307590_952 653683_s.jpg (http://www.********.com/notes/%D8%B9%D8%A8%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%AD%D9%85%D9%86-%D8%B7%D9%87/%D9%82%D8%A8%D8%B3%D8%A7%D8%AA-%D9%85%D9%86-%D8%B8%D9%84%D8%A7%D9%84-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D8%A7%D9%86-%D8%B3%D9%8A%D8%AF-%D9%82%D8%B7%D8%A8-98/210156029060715?ref=nf)

لقد عني الإسلام عناية بالغة بتقرير حقيقة وحدانية الله سبحانه وحدانية لا تتبلس بشبهة شرك أو مشابهة في صورة من الصور وعني بتقرير أن الله- سبحانه- ليس كمثله شيء. فلا يشترك معه شيء في ماهية ولا صفة ولا خاصية. كما عني بتقرير حقيقة الصلة بين الله- سبحانه- وكل شيء (بما في ذلك كل حي) وهي أنها صلة ألوهية وعبودية. ألوهية الله، وعبودية كل شيء لله.. والمتتبع للقرآن كله يجد العناية فيه بالغة بتقرير هذه الحقائق- أو هذه الحقيقة الواحدة بجوانبها هذه- بحيث لا تدع في النفس ظلاً من شك أو شبهة أو غموض.

*فارس الحق*
2011-12-31, 20:05
http://a6.sphotos.ak.fbcdn.net/hphotos-ak-ash4/393626_309148689107283_193634673992019_1065510_109 3187757_n.jpg

*فارس الحق*
2012-01-01, 11:54
http://profile.ak.fbcdn.net/hprofile-ak-snc4/277049_193634673992019_1319715923_q.jpg (http://www.********.com/SayyidQutb)

:أن آيات الله في الكون , لا تتجلى على حقيقتها الموحية , إلا للقلوب الذاكرة العابدة . وأن هؤلاء الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم - وهم يتفكرون في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار - هم الذين تتفتح لبصائرهم الحقائق الكبرى المنطوية في خلق السماوات والأرض واختلاف الليلوالنهار , وهم الذين يتصلون من ورائها بالمنهج الإلهي الموصل إلى النجاة والخير والصلاح . . فأما الذين يكتفون بظاهر من الحياة الدنيا , ويصلون إلى أسرار بعض القوى الكونية - بدون هذا الاتصال - فهم يدمرون الحياة ويدمرون أنفسهم بما يصلون إليه من هذه الأسرار , ويحولون حياتهم إلى جحيم نكد , وإلى قلق خانق . ثم ينتهون إلى غضب الله وعذابه في نهاية المطاف !
فهما أمران متلازمان , تعرضهما هذه الصورة التي يرسمها القرآن لأولي الألباب في لحظة الاستقبال والاستجابة والاتصال .
إنها لحظة تمثل صفاء القلب , وشفافية الروح , وتفتح الإدراك , واستعداده للتلقي . كما تمثل الاستجابة والتأثر والانطباع . .
إنها لحظة العبادة . وهي بهذا الوصف لحظة اتصال , ولحظة استقبال . فلا عجب أن يكون الاستعداد فيها لإدراك الآيات الكونية أكبر ; وأن يكون مجرد التفكر في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار , ملهما للحقيقة الكامنة فيها , ولإدراك أنها لم تخلق عبثا ولا باطلا . ومن ثم تكون الحصيلة المباشرة , للخطة الواصلة .

*فارس الحق*
2012-01-01, 17:51
http://profile.ak.fbcdn.net/hprofile-ak-snc4/277049_193634673992019_1319715923_q.jpg (http://www.********.com/SayyidQutb)

أن التفكر في خلق الله , والتدبر في كتاب الكون المفتوح , وتتبع يد الله المبدعة , وهي تحرك هذا الكون , وتقلب صفحات هذا الكتاب . . هو عبادة لله من صميم العبادة , وذكر لله من صميم الذكر . ولو اتصلت العلوم الكونية , التي تبحث في تصميم الكون , وفي نواميسه وسننه , وفي قواه ومدخراته , وفي أسراره وطاقاته . . لو اتصلت هذه العلوم بتذكر خالق هذا الكون وذكره , والشعور بجلاله وفضله . لتحولت من فورها إلى عبادة لخالق هذا الكون وصلاة . ولاستقامت الحياة - بهذه العلوم - واتجهت إلى الله . ولكن الاتجاه المادي الكافر , يقطع ما بين الكون وخالقه , ويقطع ما بين العلوم الكونية والحقيقة الأزلية الأبدية ; ومن هنا يتحول العلم - أجمل هبة من الله للإنسان - لعنة تطارد الإنسان , وتحيل حياته إلى جحيم منكرة , وإلى حياة قلقة مهددة , وإلى خواء روحي يطارد الإنسان كالمارد الجبار !

*فارس الحق*
2012-01-01, 22:49
http://profile.ak.fbcdn.net/hprofile-ak-snc4/277049_193634673992019_1319715923_q.jpg (http://www.********.com/SayyidQutb)

إن الإسلام يتعامل مع النفس البشرية بواقعها كله. فهو يحاول- بكل وسائله المؤثرة- أن يرفع هذه النفس إلى أعلى مستوى تهيئها له طبيعتها وفطرتها.. ولكنه في الوقت ذاته لا يتجاهل حدود هذه الطبيعة والفطرة ولا يحاول أن يقسرها على ما ليس في طاقتها ولا يقول للناس: اضربوا رؤوسكم في الحائط فأنا أريد منكم كذا والسلام! سواء كنتم تستطيعونه أو لا تستطيعونه! إنه لا يهتف للنفس البشرية لتبقى على ضعفها وقصورها ولا ينشد لها أناشيد التمجيد وهي تتلبط في الوحل، وتتمرغ في الطين- بحجة أن هذا واقع هذه النفس! ولكنه كذلك لا يعلقها من رقبتها في حبل بالملأ الأعلى، ويدعها تتأرجح في الهواء لأن قدميها غير مستقرتين على الأرض. بحجة الرفعة والتسامي! إنه الوسط.. إنه الفطرة.. إنه المثالية الواقعية. أو الواقعية المثالية.. إنه يتعامل مع الإنسان، بما هو إنسان.