ليتيم الشافعي
2008-12-12, 08:16
شرح قول أهل السنة: "من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل".
توحيد الأسماء والصفات له ضدان هما:
ا- التعطيل.
2- ا لتشبيه والتمثيل.
فمن نفى صفات الرب عز وجل وعطلها، فقد كذب تعطيله توحيده.
ومن شبهه بخلقه ومثله بهم، فقد كذب تشبيهه وتمثيله توحيده (http://djelfa.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=56#_ftn1)
أولاً: معنى قولهم: "من غير تحريف ولا تعطيل":
هذه العبارة فيها تمييز لعقيدة أهل السنة عن عقيدة أهل التعطيل:
أ- معنى التحريف وبيان أنواعه:
ا- معنى التحريف:
التحريف لغة: التغيير والتبديل والإمالة.
(http://djelfa.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=56#_ftnref1)
فهو في الأصل مأخوذ من قولهم: حرفت الشيء عن وجهه إذا أملته وغيرتة.
والتحريف شرعًا: الميل بالنصوص عما هي عليه، إما بالطعن فيها، أو بإخراجها عن حقائقها مع الإقرار بلفظها.
أو نقول بعبارة مختصرة: هو العدول بالكلام عن وجهه وصوابه إلى غيره (http://djelfa.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=56#_ftn1)
والتحريف في باب الأسماء والصفات: هو تغيير ألفاظ نصوص الأسماء والصفات أو معانيها عن مراد الله بها.
2- أنواع التحريف:
التحريف نوعان:
النوع الأول: تحريف اللفظ:
وتعريفه: هو العدول باللفظ عن جهته إلى غيرها، وله أربع صور:
ا- الزيادة في اللفظ.
2- النقصان في اللفظ.
3- تغيير حركة إعرابية.
4- تغيير حركة غير إعرابية.
ومن أمثلة تحريف اللفظ:
المثال الأول: تحريف إعراب قوله تعالى: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيماً} (http://djelfa.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=56#_ftn2) من الرفع إلى النصب، وقال: {وَكَلَّمَ اللَّهُ} أي موسى كلم الله، ولم يكلمه الله، ولما حرفها بعض الجهمية هذا التحريف قال له بعض أهل التوحيد: فكيف تصنع بقوله: {وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ} (http://djelfa.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=56#_ftn3) فبهت المحرف.
مثال آخر: إن بعض المعطلة سأل بعض أئمة العربية: هل يمكن أن يقرأ العرش
(http://djelfa.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=56#_ftnref1)
بالرفع في قوله: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} (http://djelfa.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=56#_ftn1) وقصد بهذا التحريف أن يكون الاستواء صفة للمخلوق لا للخالق (http://djelfa.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=56#_ftn2)النوع الثاني: تحريف المعنى:
وتعريفه: هو صرف اللفظ عن معناه الصحيح إلى غيره مع بقاء صورة اللفظ (http://djelfa.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=56#_ftn3)أو نقول: تعريفه: هو العدول بالمعنى عن وجهه وحقيقته، وإعطاء اللفظ معنى لفظ آخر بقدر ما مشترك بينهما.
وهذا النوع هو الذي جال فيه أهل الكلام من المعطلة وصالوا وتوسعوا وسموه تأويلاً، وهو اصطلاح فاسد حادث لم يعهد به استعمال في اللغة (http://djelfa.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=56#_ftn4) ومن أمثلة تحريف المعنى:
كقول المعطلة في معنى استوى: استولى في قوله: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} (http://djelfa.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=56#_ftn5)
وفي معنى اليد في قوله تعالى: {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَان} (http://djelfa.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=56#_ftn6) النعمة والقدرة.
وفي معنى المجيء في قوله تعالى: {وَجَاءَ رَبُّكَ} (http://djelfa.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=56#_ftn7) وجاء أمر ربك.
وقد ذكر الله التحريف وذمه حيث ذكره، وهو مأخوذ في الأصل عن اليهود، فهم الراسخون فيه، وهم شيوخ المحرفين وسلفهم، فإنهم حرفوا كثيرًا من ألفاظ التوراة وما غلبوا عن تحريف لفظه حرفوا معناه، و لهذا وصفوا بالتحريف في القرآن دون غيرهم من الأمم.
وقد درج على آثارهم الرافضة، فهم أشبه بهم من القذة بالقذة، وكذلك
(http://djelfa.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=56#_ftnref1)
الجهمية، فإنهم سلكوا في تحريف النصوص مسالك إخوانهم في اليهود (http://djelfa.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=56#_ftn1)
وأصحاب تحريف الألفاظ شر من أصحاب تحريف المعنى من وجه.
وأصحاب تحريف المعنى شر من أصحاب تحريف اللفظ من وجه.
فأصحاب تحريف اللفظ عدلوا باللفظ والمعنى جميعًا عما هما عليه فأفسدوا اللفظ والمعنى، بينما أصحاب تحريف المعنى أفسدوا المعنى وتركوا اللفظ على حاله فكانوا خيرًا من أولئك من هذا الوجه.
فأصحاب تحريف اللفظ لما أرادوا المعنى الباطل حرفوا له لفظًا يصلح له لئلا يتنافر اللفظ والمعنى، بحيث إذا أطلق ذلك اللفظ المحرف فهم منه المعنى المحرف، فإنهم رأوا أن العدول بالمعنى عن وجهه وحقيقته مع بقاء اللفظ على حاله مما لا سبيل إليه، فبدأوا بتحريف اللفظ ليستقيم لهم حكمهم على المعنى الذي قصدوا (http://djelfa.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=56#_ftn2)
وأما كون أصحاب تحريف المعنى شرا من أصحاب تحريف اللفظ من وجه، فلأن تحريف المعنى هو الأكثر استعمالا عند أصحاب التحريف، ولأنه أسهل رواجا وسوقًا عند الجهلة والعوام من الناس، فيفتتن به من ليس لديه زاد من العلم الصحيح المعتمد على الكتاب والسنة وفهم سلف الأمة.
ب- معنى التعطيل:
التعطيل لغة: مأخوذ من "العطل": الذي هو الخلو والفراغ والترك، ومنه قوله تعالى: {وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ} (http://djelfa.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=56#_ftn3) أي أهملها أهلها وتركوا وردها (http://djelfa.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=56#_ftn4)
والتعطيل في جانب الله ينقسم إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأول: تعطيل المصنوع عن صانعه وخالقه، وهو المتمثل فيمن ينكر وجود خالق لهذا الكون، وهو قول الدهرية الملاحدة.
(http://djelfa.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=56#_ftnref1)
القسم الثاني: تعطيل عبادته عز وجل، أي ما يجب له عز وجل على عباده من حقيقة التوحيد وإفراده بالعبادة، وهو المتمثل في أهل الشرك الذين صرفوا شيئا من العبادة لغير الله عز وجل.
القسم الثالث: تعطيل الله سبحانه عن كماله المقدس بتعطيل أسمائه وأوصافه وأفعاله (http://djelfa.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=56#_ftn1)
وهذا القسم الثالث هو الذي نقصده هنا.
فالمراد بالتعطيل في باب الأسماء والصفات هو: نفي الأسماء والصفات أو بعضها وسلبها عن الله.
أو نقول: هو نفي الصفات الإلهية، وإنكار قيامها بذات الله تعالى (http://djelfa.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=56#_ftn2)
وقد وقع في التحريف والتعطيل طوائف، يجمعهم أهل العلم تحت مسمى"المعطلة".
وينقسم المعطلة إلى قسمين رئيسيين هما:
القسم الأول: الفلاسفة.
وهم صنفان:
الصنف الأول: أهل الفلسفة البحتة.
الصنف الثاني: أهل الفلسفة الباطنية، وهي نوعان:
أ- رافضية. ب- صوفية.
والقسم الثاني من المعطلة هم: أهل الكلام.
وهم خمسة أصناف:
ا- الجهمية.
2- المعتزلة.
(http://djelfa.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=56#_ftnref1)
- الكلابية.
4- الأشاعرة.
5- الماتريدية.
وسأفصل الحديث عنهم بإذن الله في دراسة مستقلة.
ثانيا: معنى قولهم: "من غير تكييف ولاتمثيل":
هذه العبارة فيها تمييز لعقيدة أهل السنة عن عقيدة المشبهة.
"فالتكييف"هو: جعل الشيء على حقيقة معينة من غير أن يقيدها بمماثل (http://djelfa.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=56#_ftn1)
مثال ذلك: قول الهشامية عن الله: "طوله كعرضه
أو قولهم: " طوله طول سبعة أشبار بشبر نفسه".
وعلى هذا التعريف يكون هناك فرق بين التكييف والتمثيل.
فالتكييف: ليس فيه تقيد بمماثل.
وأما التمثيل فهو اعتقاد أنها مثل صفات المخلوقين.
ولعل الصواب أن التكييف أعم من التمثيل.
فكل تمثيل تكييف، لأن من مثل صفات الخالق بصفات المخلوقين فقد كيف تلك الصفة أي جعل لها حقيقة معينة مشاهدة.
وليس كل تكييف تمثيلاً، لأن من التكييف ما ليس فيه تمثيل بصفات المخلوقين، كقولهم: طوله كعرضه.
ومعنى قول أهل السنة: "من غير تكييف" أي من غير كيف يعقله البشر، وليس المراد من قولهم: "من غير تكييف" أنهم ينفون الكيف مطلقًا، فإن كل شيء لابد أن يكون على كيفية ما، ولكن المراد أنهم ينفون علمهم بالكيف، إذ لا يعلم
(http://djelfa.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=56#_ftnref1)
كيفية ذاته وصفاته إلا هو سبحانه (http://djelfa.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=56#_ftn1)
فمن المعلوم أنه لا علم لنا بكيفية صفاته عز وجل، لأنه تعالى أخبرنا عن الصفات ولم يخبرنا عن كيفيتها، فيكون تعمقنا في أمر الكيفية قفوًا لما ليس لنا به علم، وقولاً بما لا يمكننا الإحاطة به.
وقد أخذ العلماء من قول الإمام مالك: "الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة" قاعدة ساروا عليها في هذا الباب.
"ولا تمثيل":
المثيل لغة: هو الند والنظير.
والتمثيل: هو الاعتقاد في صفات الخالق، أنها مثل صفات المخلوقين.
وهو قول الممثل: له يد كيدي وسمع كسمعي، تعالى الله عن قولهم علوًا كبيرًا.
والتمثيل والتشبيه هنا بمعنى واحد، وإن كان هناك فرق بينهما في أصل اللغة (http://djelfa.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=56#_ftn2)
فالمماثلة: هي مساواة الشيء لغيره من كل وجه.
والمشابهة: هي مساواة الشيء لغيره في أكثر الوجوه.
ولكن التعبير هنا بنفي "التمثيل" أولى لموافقة لفظ القرآن.
في قوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} (http://djelfa.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=56#_ftn3)
وقوله تعالى: {فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَال} (http://djelfa.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=56#_ftn4)
وقد وقع في التمثيل والتكييف "المشبهة" الذين بالغوا في إثبات الصفات إلى درجة تشبيه الخالق بالمخلوق.
(http://djelfa.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=56#_ftnref1)
توحيد الأسماء والصفات له ضدان هما:
ا- التعطيل.
2- ا لتشبيه والتمثيل.
فمن نفى صفات الرب عز وجل وعطلها، فقد كذب تعطيله توحيده.
ومن شبهه بخلقه ومثله بهم، فقد كذب تشبيهه وتمثيله توحيده (http://djelfa.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=56#_ftn1)
أولاً: معنى قولهم: "من غير تحريف ولا تعطيل":
هذه العبارة فيها تمييز لعقيدة أهل السنة عن عقيدة أهل التعطيل:
أ- معنى التحريف وبيان أنواعه:
ا- معنى التحريف:
التحريف لغة: التغيير والتبديل والإمالة.
(http://djelfa.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=56#_ftnref1)
فهو في الأصل مأخوذ من قولهم: حرفت الشيء عن وجهه إذا أملته وغيرتة.
والتحريف شرعًا: الميل بالنصوص عما هي عليه، إما بالطعن فيها، أو بإخراجها عن حقائقها مع الإقرار بلفظها.
أو نقول بعبارة مختصرة: هو العدول بالكلام عن وجهه وصوابه إلى غيره (http://djelfa.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=56#_ftn1)
والتحريف في باب الأسماء والصفات: هو تغيير ألفاظ نصوص الأسماء والصفات أو معانيها عن مراد الله بها.
2- أنواع التحريف:
التحريف نوعان:
النوع الأول: تحريف اللفظ:
وتعريفه: هو العدول باللفظ عن جهته إلى غيرها، وله أربع صور:
ا- الزيادة في اللفظ.
2- النقصان في اللفظ.
3- تغيير حركة إعرابية.
4- تغيير حركة غير إعرابية.
ومن أمثلة تحريف اللفظ:
المثال الأول: تحريف إعراب قوله تعالى: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيماً} (http://djelfa.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=56#_ftn2) من الرفع إلى النصب، وقال: {وَكَلَّمَ اللَّهُ} أي موسى كلم الله، ولم يكلمه الله، ولما حرفها بعض الجهمية هذا التحريف قال له بعض أهل التوحيد: فكيف تصنع بقوله: {وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ} (http://djelfa.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=56#_ftn3) فبهت المحرف.
مثال آخر: إن بعض المعطلة سأل بعض أئمة العربية: هل يمكن أن يقرأ العرش
(http://djelfa.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=56#_ftnref1)
بالرفع في قوله: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} (http://djelfa.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=56#_ftn1) وقصد بهذا التحريف أن يكون الاستواء صفة للمخلوق لا للخالق (http://djelfa.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=56#_ftn2)النوع الثاني: تحريف المعنى:
وتعريفه: هو صرف اللفظ عن معناه الصحيح إلى غيره مع بقاء صورة اللفظ (http://djelfa.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=56#_ftn3)أو نقول: تعريفه: هو العدول بالمعنى عن وجهه وحقيقته، وإعطاء اللفظ معنى لفظ آخر بقدر ما مشترك بينهما.
وهذا النوع هو الذي جال فيه أهل الكلام من المعطلة وصالوا وتوسعوا وسموه تأويلاً، وهو اصطلاح فاسد حادث لم يعهد به استعمال في اللغة (http://djelfa.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=56#_ftn4) ومن أمثلة تحريف المعنى:
كقول المعطلة في معنى استوى: استولى في قوله: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} (http://djelfa.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=56#_ftn5)
وفي معنى اليد في قوله تعالى: {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَان} (http://djelfa.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=56#_ftn6) النعمة والقدرة.
وفي معنى المجيء في قوله تعالى: {وَجَاءَ رَبُّكَ} (http://djelfa.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=56#_ftn7) وجاء أمر ربك.
وقد ذكر الله التحريف وذمه حيث ذكره، وهو مأخوذ في الأصل عن اليهود، فهم الراسخون فيه، وهم شيوخ المحرفين وسلفهم، فإنهم حرفوا كثيرًا من ألفاظ التوراة وما غلبوا عن تحريف لفظه حرفوا معناه، و لهذا وصفوا بالتحريف في القرآن دون غيرهم من الأمم.
وقد درج على آثارهم الرافضة، فهم أشبه بهم من القذة بالقذة، وكذلك
(http://djelfa.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=56#_ftnref1)
الجهمية، فإنهم سلكوا في تحريف النصوص مسالك إخوانهم في اليهود (http://djelfa.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=56#_ftn1)
وأصحاب تحريف الألفاظ شر من أصحاب تحريف المعنى من وجه.
وأصحاب تحريف المعنى شر من أصحاب تحريف اللفظ من وجه.
فأصحاب تحريف اللفظ عدلوا باللفظ والمعنى جميعًا عما هما عليه فأفسدوا اللفظ والمعنى، بينما أصحاب تحريف المعنى أفسدوا المعنى وتركوا اللفظ على حاله فكانوا خيرًا من أولئك من هذا الوجه.
فأصحاب تحريف اللفظ لما أرادوا المعنى الباطل حرفوا له لفظًا يصلح له لئلا يتنافر اللفظ والمعنى، بحيث إذا أطلق ذلك اللفظ المحرف فهم منه المعنى المحرف، فإنهم رأوا أن العدول بالمعنى عن وجهه وحقيقته مع بقاء اللفظ على حاله مما لا سبيل إليه، فبدأوا بتحريف اللفظ ليستقيم لهم حكمهم على المعنى الذي قصدوا (http://djelfa.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=56#_ftn2)
وأما كون أصحاب تحريف المعنى شرا من أصحاب تحريف اللفظ من وجه، فلأن تحريف المعنى هو الأكثر استعمالا عند أصحاب التحريف، ولأنه أسهل رواجا وسوقًا عند الجهلة والعوام من الناس، فيفتتن به من ليس لديه زاد من العلم الصحيح المعتمد على الكتاب والسنة وفهم سلف الأمة.
ب- معنى التعطيل:
التعطيل لغة: مأخوذ من "العطل": الذي هو الخلو والفراغ والترك، ومنه قوله تعالى: {وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ} (http://djelfa.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=56#_ftn3) أي أهملها أهلها وتركوا وردها (http://djelfa.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=56#_ftn4)
والتعطيل في جانب الله ينقسم إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأول: تعطيل المصنوع عن صانعه وخالقه، وهو المتمثل فيمن ينكر وجود خالق لهذا الكون، وهو قول الدهرية الملاحدة.
(http://djelfa.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=56#_ftnref1)
القسم الثاني: تعطيل عبادته عز وجل، أي ما يجب له عز وجل على عباده من حقيقة التوحيد وإفراده بالعبادة، وهو المتمثل في أهل الشرك الذين صرفوا شيئا من العبادة لغير الله عز وجل.
القسم الثالث: تعطيل الله سبحانه عن كماله المقدس بتعطيل أسمائه وأوصافه وأفعاله (http://djelfa.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=56#_ftn1)
وهذا القسم الثالث هو الذي نقصده هنا.
فالمراد بالتعطيل في باب الأسماء والصفات هو: نفي الأسماء والصفات أو بعضها وسلبها عن الله.
أو نقول: هو نفي الصفات الإلهية، وإنكار قيامها بذات الله تعالى (http://djelfa.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=56#_ftn2)
وقد وقع في التحريف والتعطيل طوائف، يجمعهم أهل العلم تحت مسمى"المعطلة".
وينقسم المعطلة إلى قسمين رئيسيين هما:
القسم الأول: الفلاسفة.
وهم صنفان:
الصنف الأول: أهل الفلسفة البحتة.
الصنف الثاني: أهل الفلسفة الباطنية، وهي نوعان:
أ- رافضية. ب- صوفية.
والقسم الثاني من المعطلة هم: أهل الكلام.
وهم خمسة أصناف:
ا- الجهمية.
2- المعتزلة.
(http://djelfa.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=56#_ftnref1)
- الكلابية.
4- الأشاعرة.
5- الماتريدية.
وسأفصل الحديث عنهم بإذن الله في دراسة مستقلة.
ثانيا: معنى قولهم: "من غير تكييف ولاتمثيل":
هذه العبارة فيها تمييز لعقيدة أهل السنة عن عقيدة المشبهة.
"فالتكييف"هو: جعل الشيء على حقيقة معينة من غير أن يقيدها بمماثل (http://djelfa.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=56#_ftn1)
مثال ذلك: قول الهشامية عن الله: "طوله كعرضه
أو قولهم: " طوله طول سبعة أشبار بشبر نفسه".
وعلى هذا التعريف يكون هناك فرق بين التكييف والتمثيل.
فالتكييف: ليس فيه تقيد بمماثل.
وأما التمثيل فهو اعتقاد أنها مثل صفات المخلوقين.
ولعل الصواب أن التكييف أعم من التمثيل.
فكل تمثيل تكييف، لأن من مثل صفات الخالق بصفات المخلوقين فقد كيف تلك الصفة أي جعل لها حقيقة معينة مشاهدة.
وليس كل تكييف تمثيلاً، لأن من التكييف ما ليس فيه تمثيل بصفات المخلوقين، كقولهم: طوله كعرضه.
ومعنى قول أهل السنة: "من غير تكييف" أي من غير كيف يعقله البشر، وليس المراد من قولهم: "من غير تكييف" أنهم ينفون الكيف مطلقًا، فإن كل شيء لابد أن يكون على كيفية ما، ولكن المراد أنهم ينفون علمهم بالكيف، إذ لا يعلم
(http://djelfa.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=56#_ftnref1)
كيفية ذاته وصفاته إلا هو سبحانه (http://djelfa.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=56#_ftn1)
فمن المعلوم أنه لا علم لنا بكيفية صفاته عز وجل، لأنه تعالى أخبرنا عن الصفات ولم يخبرنا عن كيفيتها، فيكون تعمقنا في أمر الكيفية قفوًا لما ليس لنا به علم، وقولاً بما لا يمكننا الإحاطة به.
وقد أخذ العلماء من قول الإمام مالك: "الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة" قاعدة ساروا عليها في هذا الباب.
"ولا تمثيل":
المثيل لغة: هو الند والنظير.
والتمثيل: هو الاعتقاد في صفات الخالق، أنها مثل صفات المخلوقين.
وهو قول الممثل: له يد كيدي وسمع كسمعي، تعالى الله عن قولهم علوًا كبيرًا.
والتمثيل والتشبيه هنا بمعنى واحد، وإن كان هناك فرق بينهما في أصل اللغة (http://djelfa.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=56#_ftn2)
فالمماثلة: هي مساواة الشيء لغيره من كل وجه.
والمشابهة: هي مساواة الشيء لغيره في أكثر الوجوه.
ولكن التعبير هنا بنفي "التمثيل" أولى لموافقة لفظ القرآن.
في قوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} (http://djelfa.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=56#_ftn3)
وقوله تعالى: {فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَال} (http://djelfa.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=56#_ftn4)
وقد وقع في التمثيل والتكييف "المشبهة" الذين بالغوا في إثبات الصفات إلى درجة تشبيه الخالق بالمخلوق.
(http://djelfa.info/vb/newthread.php?do=newthread&f=56#_ftnref1)