تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : رابعة العدوية والحب الإلهى


الشاذلي
2011-12-29, 22:07
رابعة العدوية والحب الإلهى
إلى القلوب التي خشيت بمحبة الدنيا الفانية..
إلى القلوب التي تعلقت بعواطف ومشاعر وهمية تسقط بها إلى قاع المخالفات والغفلات وتحجبها
عن خالقها، نهدي إليها لقطات من حياة إمرأة هامت في حب الله ..
حتى كانت مزيجا من الأشواق يتحرك في صورة بشر ..
إنها رابعه العدوية
***
من هي رابعة ؟
رابعة العدوية وتكنى بأم الخـير، عابدة ومتصوفة تاريخية وأحد الشخصيات المشهورة في عالم التصوف الإسلامي، وتعتبر مؤسسة أحد مذاهب التصوف الإسلامي وهو مذهب العشق الألهي.
هي رابعة بنت إسماعيل العدويه نسبه إلى بني عدوه ولدت عام 95هـ في القرن الثاني للهجرة في البصرة..
حيث كانت البصرة تعج بالعلماء والفقهاء والزهاد وتمتلئ بقصور الأغنياء وأكواخ الفقراء..
في أحد تلك الأكواخ الفقيرة ولدت رابعة ..
قيل أنها سميت رابعة لأنه سبقتها ثلاث أخوات فأطلق عليها والدها اسم رابعة ..
عرفت بشدة الذكاء وسرعة التلقي حتى حفظت القرآن من في سن صغير .
***
رؤيا والدها :
عندما ولدت لم يكن في المصباح الذي يضئ البيت زيتا إلا ضوءا شاحبا ..
ولم تجد الأم ما تستر به الطفلة الصغيرة ..
خرج والدها يلتمس ما يستعيره من الجيران فلم يجد شيئا ونام حزينا فرأى في المنام
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول له :
لا عليك إن هذه البنت التي ولدت سيدة جليلة القدر، وإن سبعين من أمتي ليرجون شفاعتها .
***
محنة فيها منحة:
اشتد القحط في البصرة فوقعت رابعة فريسة للرق بعد أن تفرقت أسرتها ..
كانت رابعة بارعة الجمال تجيد العزف على الناي فاستغل ذلك سيدها وجعلها تغني لزواره مما سبب لها ألما كبيرا ..
مكثت رابعة تتعذب مع سيدها ويروى إنها بينما كانت تجوب أزقة البصرة شكت إلى الله حزنها فسمعت هاتفا يقول لها:
لا تحزني ففي يوم الحساب يتطلع المقربون إليك يحسدونك على ما تكونين فيه، أحست رابعة بقرب الله
وأيقنت بأن الفرج قريب، وحبب إليها الوقوف بين يدي الله في جنح الظلام متضرعة وكلما توجهت إلى ربها كلما أشرقت الأنوار في قلبها ..
وفي ذات ليله شاهدها سيدها من ثقب صغير وهي ساجدة تناجي ربها قائلة: إلاهي أنت تعلم أن قلبي
يتمنى طاعتك ونور عيني في خدمة عتبتك ولو كان الأمر بيدي ما انقطعت عن مناجاتك وخدمتك ولكنك
تركتني تحت رحمة هذا المخلوق من عبادك ..
وذهل الرجل وهو يرى قنديلا معلقا في وسط الحجرة يضئ لها الظلام ..
استيقظ ضميره وأطلق سراحها وخيّرها
بين أن تعيش عنده مكرمة تتقلب في ألوان النعيم ويكون لها خادما أو تنطلق إلى حيث تريد، فاختارت أن تعيش حرة بعيدة عن دنيا الناس .
***
بعيدة عن الناس:
آثرت رابعة أن تعيش في كوخ بعيد عن الناس وكان لمعرفتها بالزاهد رباح بن عمر القيسي أثر كبير في
حياتها فقد تعرفت من خلاله على أماكن الذكر ومجالس العلماء فاستمتعت إلى مواعظ شيخ البصرة
آن ذاك ( عبدالواحد بن زيد ) وتعرفت إلى الزاهدة العابدة ( حيونة ) فكان لهذا التعايش والتأثر بأهل الله
من صلحاء زمانها أثر كبير في صقل روحها وتوجهها بكليتها إلى الله عز وجل .
من عبادتها:
كانت تصلي الليل كله فإذا طلع الفجر نامت في مصلاها نومة خفيفة حتى يسفر الفجر .. فإذا هبت إلى مرقدها قالت:
يا نفس كم تنامين يوشك أن تنامي نومة لا تقومين منها إلا لصرخة يوم النشور، وكان هذا دأبها حتى لقيت ربها ..
عاشت رابعة بمشاعر فياضة فقد كانت كثيرة الحزن والبكاء ما أن تسمع بذكر النار حتى يغشى عليها زمانا ..
وكان في موضع سجودها ماء من كثرة دموعها .
***
من عظاتها:
قال رجل لها:
سليني حاجتك ؟
فقالت لــه:
إني لأستحي أن أسأل الدنيا ممن يملكها فكيف أسألها من لا يملكها !
***
ومن كلامها:
اكتموا حسناتكم كما تكتموا سيئاتكم .
قال رجل لرابعة:
إنني أكثر من الذنوب فهل يتوب علي إن تبت ؟
قــــــالت :
لا، بل لو تاب عليك لتبت .
( ثـم تـاب عليهـم ليتوبـوا إن الله هـو التـواب الرحيـم )
ويروى أن أحد الصالحين قال عندها:
اللهم ارضى عني .
فقالت له :
أما تستحي أن تطلب رضا من لست عنه براضي ( رضي الله عنهم ورضوا عنه)
وقالت:
محب الله لا يسكن أنينه وحنينه حتى يسكن مع محبوبه.
وقالت:
إني لأرى الدنيا بترابيعها في قلوبكم، إنكم نظرتم إلى قرب الأشياء في قلوبكم فتكلمتم فيه.
***
من أشعارها:
أنعم الله علي رابعة بموهبة الشعر وتأججت تلك الموهبة بعاطفة قوية ملكت حياتها فخرجت الكلمات منسابة من شفتيها تعبر عن ما يختلج بها من وجد وعشق لله وتقدم ذلك الشعر كرسالة لمن حولها ليحبوا ذلك المحبوب العظيم.
ومن أشعارها في أحد قصائدها التي تصف حب الخالق تقول:
عـرفت الهـوى مذ عرفت هـواك*** واغـلـقـت قلـبـي عـمـن سـواك
وكــنت اناجيـــك يـــا من تــرى*** خـفـايـا الـقـلـوب ولسـنـا نـراك
احبـــك حـبـيــن حـب الهـــــوى*** وحــبــــا لانـــك اهـــل لـــذاك
فــاما الــذي هــو حب الهــــوى*** فشـغلـي بـذكـرك عـمـن سـواك
وامـــا الـــذي انــت اهــل لــــه*** فكـشـفـك للـحـجـب حـتـى اراك
فـلا الحـمد فـي ذا ولا ذاك لـــي*** ولـكـن لك الـحـمـد فـي ذا وذاك
أحبــك حـبـيـن.. حــب الهـــوى*** وحــبــــا لأنــــك أهـــل لـــذاك
واشتـاق شوقيـن.. شوق النـوى*** وشـوق لقرب الخلـي من حمـاك
فأمـا الــذي هــو شــوق النــوى*** فمسـرى الدمــوع لطــول نـواك
أمــا اشتيـــاق لقـــرب الحمـــى*** فنــار حيـــاة خبت فــي ضيــاك
ولست على الشجو أشكو الهوى*** رضيت بما شئت لـي فـي هداكـا
وقالت:
يا سروري ومنيتي وعمـادي*** وأنـيـسـي وعـدتـي ومــرادي.
نت روح الفؤاد أنت رجائـي*** أنت لي مؤنس وشوقك زادي
أنت لولاك يا حياتي وأنســي*** مـا تـشـتت في فـسـيـح البـلاد.
كم بدت منةٌ، وكم لك عنــدي*** مـن عـطـاء ونـعـمـة وأيـادي.
حبـك الآن بغيتـي ونعـيـمــي*** وجـلاء لعيـن قلبــي الصـادي.
إن تكـن راضيـاً عنـي فأننــي*** يا منـي القلب قد بـدا إسعـادي.
وقالت:
وارحـــــــمتاً للعاشقين ! قلوبهم
في تيه ميــــــدان المحبة هائمه
قامت قيامة عشقهم فنفوسهم
أبداً على قـــــــدم التذلل قائمه
إما إلى جنات وصل داـــــــــئما
أو نار صدٍ للقـــــــــــلوب ملازمه
وزادي قليـــــــــل ما أراه مُبلّغي
أللزاد أبكي أم لطـــول مسافتي
أتحرقُني بالـــــنار يا غاية المنى
فأين رجـــائي فيك أين مخافتي
وقالت:
راحتي في خلوتي
البرايا محنتي
حيثما كنت أشاهد حسنه
فهو محرابي إليه قبلتي
إن أمت وجداً وماثم رضا
واعناني في الورى وشقوتي
يا طبيب القلب يا كل المنى
جد بوصل منك يشفي مهجتي
يا سروري وحياتي دائماً
نشأتي منك وأيضاً نشوتي
قد هجرت الخلق جميعاً ارتجي
منك وصلاً فهل أقضي أمنيتي
وقالت:
فليتك تحلو والحياة مريرة - وليتك ترضى والأنام غضاب
وليت الذي بيني وبينك عامر - وبيني وبين العالمين خراب
إذا صح منك الود فالكل هين - وكل الذي فوق التراب تراب
وقالت:
تعصـي الإلـه وأنـت تظهـر حبــه
هـذا لعمـري فـي القيـاس شنيــع
لـو كـان حبـك صادقـا لأطعتــــــه
إن المحـب لمـن يحـب مطيــــــع
يروى أن سفيان الثوري قال لها يوما:
لكل عقد شرطا ولكل إيمان حقيقه فما حقيقة إيمانك؟
قالـت:
ما عبدته خوفا من ناره ولا حبا لجنته فأكون كالأجير السوء إن خاف عمل، بل عبدته حبا له وشوقا إليه .
غابت رابعة في جلال الله وجماله وتنزهت روحها في حضائر قدسه وهذه كلماتها تنبض وجدا وهياما
إني جعلتك في الفؤاد محدثــي وأبحت جسمي من أراد جلوسي
فالجسم مني للجليس مؤانــس وحبيب قلبي في الفؤاد أنيــس
***
ومن أدعية رابعة العدوية
اللهم اجعل الجنة لأحبائك..والنار لأعدائك..أما أنا فحسبي أنت.
اللهم إن كنت أعبدك خوفا من نارك ف...قني بنار جهنم وإذا كنت أعبدك طمعا في جنتك فاصرفني منها.. أما إذا كنت أعبدك من أجل محبتك فلا تحرمني من رؤية وجهك الكريم.
إلهي.. إن رزقي عندك وما ينقصني أحد شيئا ولا يسلبه مني إلا بقضائك.. والرزق منك.. فاللهم أسألك الرضا بعد القضاء.
إلهي.. هذا الليل قد أدبر.. والنهار قد أسفر.. فليت شعري.. هل قبلت مني ليلتي فأهنأ أم رددتها على فأعزى، فوعزتك هذا دأبي ما أحييتني وأعنتني
***
شوقها إلى لقاء الله:
كانت رابعة تشتاق إلى لحظة الانتقال من هذه الحياة لأنها ستلقى بعدها من يملأ قلبها وروحها، وقد عاشت
حتى الثمانين من عمرها تضع أكفانها أمام ناظريها فوق مشجب من قصب فارسي حتى لا يغيب عن بالها أبدا ذكر الموت.
تذكر خادمتها ( عبده بنت أبي شوال ) إنها عندما حضرتها الوفاه قالت لها:
يا عبده لا تؤذي أحد بموتي ولفيني في جبتي هذه ( جبه من شعر كانت تقوم فيها إذا هدأت العيون ) وقالت في لحظاتها الأخيرة لمن حولها
اخرجوا ودعو الطريق مفتوحة لرسل الله، فخرجوا وأوصدوا الباب فسمعوا صوتها وهي تنطق بالشهادة، فأجائها صوت مسموع
(يا أيتها النفس المطمئنة إرجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي).
***
بشارات فيها إشارات:
تقول عبدة:
رأيت رابعة بعد وفاتها بسنة عليها حلة من استبرق خضراء وخمار من سندس أخضر ولم أر شيئا أحسن منه وقالت لها:
يارابعة ما فعلت بالجبة التي كفناك فيها والخمار الصوف ؟
قالت :
إن نزع عني وأبدلت به هذا ثوباً آخر، وطويت أكفاني وختم عليها ..
ورفعت في عليين .
فقلت لها:
لهذا كنت تعملين أيام الدنيا ؟
قالت:
وما هذا عندما رأيت من كرامه الله لأوليائه، فقلت مريني بأمر اتقرب به إلى ا لله ؟
قالت :
عليك بكثرة ذكره فيوشك أن تغبطي بذلك في قبرك ..
والله أعلم
***
رابعة وكأس المحبة:
رحم الله رابعة التي أحبت الله بكل ذرة في كيانها وسكنت لمراده راضية مطمئنة ..
تنتفظ روحها بين يديه مستغرقة في جلاله مأخودة بجماله ..
لقد عرفت الطريق إلى السعادة الحقيقية
وشربت من أصفا كؤوس أهل التصوف ..
أهل الأشواق والأذواق، أهل الإحسان وأهل حقيقة الإيمان، وتركت بصماتها واضحة في فكرهم وشعرهم، وفتحت
للمحبين آفاق واسعة يطلون منها على أسرار لا تترجمها الكلمات بل يشعر بها كل من سجد قلبه لله .-
رحم الله رابعة ورضي عنها وجمعنا بها مع إمام المحبين وساقي كؤوس المحبة لأهل الصدق نبينا محمد صلى
الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم .
*******

nasrobarca
2011-12-29, 22:45
احسنة يـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــا اخي الــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــكر يـــــــــــــــــــــــــــــــــــــم

nasrobarca
2011-12-29, 22:46
برافواااااااااااااااااااااااااااااااااااا

الهواري02
2011-12-30, 08:25
رابعة العدوية والحب الإلهى

إلى القلوب التي خشيت بمحبة الدنيا الفانية..
إلى القلوب التي تعلقت بعواطف ومشاعر وهمية تسقط بها إلى قاع المخالفات والغفلات وتحجبها
عن خالقها، نهدي إليها لقطات من حياة إمرأة هامت في حب الله ..
حتى كانت مزيجا من الأشواق يتحرك في صورة بشر ..
إنها رابعه العدوية

***

من هي رابعة ؟

رابعة العدوية وتكنى بأم الخـير، عابدة ومتصوفة تاريخية وأحد الشخصيات المشهورة في عالم التصوف الإسلامي، وتعتبر مؤسسة أحد مذاهب التصوف الإسلامي وهو مذهب العشق الألهي.

هي رابعة بنت إسماعيل العدويه نسبه إلى بني عدوه ولدت عام 95هـ في القرن الثاني للهجرة في البصرة..
حيث كانت البصرة تعج بالعلماء والفقهاء والزهاد وتمتلئ بقصور الأغنياء وأكواخ الفقراء..
في أحد تلك الأكواخ الفقيرة ولدت رابعة ..
قيل أنها سميت رابعة لأنه سبقتها ثلاث أخوات فأطلق عليها والدها اسم رابعة ..
عرفت بشدة الذكاء وسرعة التلقي حتى حفظت القرآن من في سن صغير .
***

رؤيا والدها :

عندما ولدت لم يكن في المصباح الذي يضئ البيت زيتا إلا ضوءا شاحبا ..
ولم تجد الأم ما تستر به الطفلة الصغيرة ..
خرج والدها يلتمس ما يستعيره من الجيران فلم يجد شيئا ونام حزينا فرأى في المنام
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول له :
لا عليك إن هذه البنت التي ولدت سيدة جليلة القدر، وإن سبعين من أمتي ليرجون شفاعتها .

***

محنة فيها منحة:

اشتد القحط في البصرة فوقعت رابعة فريسة للرق بعد أن تفرقت أسرتها ..

كانت رابعة بارعة الجمال تجيد العزف على الناي فاستغل ذلك سيدها وجعلها تغني لزواره مما سبب لها ألما كبيرا ..
مكثت رابعة تتعذب مع سيدها ويروى إنها بينما كانت تجوب أزقة البصرة شكت إلى الله حزنها فسمعت هاتفا يقول لها:
لا تحزني ففي يوم الحساب يتطلع المقربون إليك يحسدونك على ما تكونين فيه، أحست رابعة بقرب الله
وأيقنت بأن الفرج قريب، وحبب إليها الوقوف بين يدي الله في جنح الظلام متضرعة وكلما توجهت إلى ربها كلما أشرقت الأنوار في قلبها ..

وفي ذات ليله شاهدها سيدها من ثقب صغير وهي ساجدة تناجي ربها قائلة: إلاهي أنت تعلم أن قلبي
يتمنى طاعتك ونور عيني في خدمة عتبتك ولو كان الأمر بيدي ما انقطعت عن مناجاتك وخدمتك ولكنك
تركتني تحت رحمة هذا المخلوق من عبادك ..
وذهل الرجل وهو يرى قنديلا معلقا في وسط الحجرة يضئ لها الظلام ..
استيقظ ضميره وأطلق سراحها وخيّرها
بين أن تعيش عنده مكرمة تتقلب في ألوان النعيم ويكون لها خادما أو تنطلق إلى حيث تريد، فاختارت أن تعيش حرة بعيدة عن دنيا الناس .

***

بعيدة عن الناس:

آثرت رابعة أن تعيش في كوخ بعيد عن الناس وكان لمعرفتها بالزاهد رباح بن عمر القيسي أثر كبير في
حياتها فقد تعرفت من خلاله على أماكن الذكر ومجالس العلماء فاستمتعت إلى مواعظ شيخ البصرة
آن ذاك ( عبدالواحد بن زيد ) وتعرفت إلى الزاهدة العابدة ( حيونة ) فكان لهذا التعايش والتأثر بأهل الله
من صلحاء زمانها أثر كبير في صقل روحها وتوجهها بكليتها إلى الله عز وجل .

من عبادتها:
كانت تصلي الليل كله فإذا طلع الفجر نامت في مصلاها نومة خفيفة حتى يسفر الفجر .. فإذا هبت إلى مرقدها قالت:
يا نفس كم تنامين يوشك أن تنامي نومة لا تقومين منها إلا لصرخة يوم النشور، وكان هذا دأبها حتى لقيت ربها ..
عاشت رابعة بمشاعر فياضة فقد كانت كثيرة الحزن والبكاء ما أن تسمع بذكر النار حتى يغشى عليها زمانا ..

وكان في موضع سجودها ماء من كثرة دموعها .

***

من عظاتها:

قال رجل لها:
سليني حاجتك ؟
فقالت لــه:
إني لأستحي أن أسأل الدنيا ممن يملكها فكيف أسألها من لا يملكها !

***

ومن كلامها:
اكتموا حسناتكم كما تكتموا سيئاتكم .
قال رجل لرابعة:
إنني أكثر من الذنوب فهل يتوب علي إن تبت ؟
قــــــالت :
لا، بل لو تاب عليك لتبت .
(ثـم تـاب عليهـم ليتوبـوا إن الله هـو التـواب الرحيـم)

ويروى أن أحد الصالحين قال عندها:
اللهم ارضى عني .
فقالت له :
أما تستحي أن تطلب رضا من لست عنه براضي ( رضي الله عنهم ورضوا عنه)

وقالت:

محب الله لا يسكن أنينه وحنينه حتى يسكن مع محبوبه.

وقالت:

إني لأرى الدنيا بترابيعها في قلوبكم، إنكم نظرتم إلى قرب الأشياء في قلوبكم فتكلمتم فيه.

***

من أشعارها:

أنعم الله علي رابعة بموهبة الشعر وتأججت تلك الموهبة بعاطفة قوية ملكت حياتها فخرجت الكلمات منسابة من شفتيها تعبر عن ما يختلج بها من وجد وعشق لله وتقدم ذلك الشعر كرسالة لمن حولها ليحبوا ذلك المحبوب العظيم.

ومن أشعارها في أحد قصائدها التي تصف حب الخالق تقول:

عـرفت الهـوى مذ عرفت هـواك*** واغـلـقـت قلـبـي عـمـن سـواك

وكــنت اناجيـــك يـــا من تــرى*** خـفـايـا الـقـلـوب ولسـنـا نـراك

احبـــك حـبـيــن حـب الهـــــوى*** وحــبــــا لانـــك اهـــل لـــذاك

فــاما الــذي هــو حب الهــــوى*** فشـغلـي بـذكـرك عـمـن سـواك

وامـــا الـــذي انــت اهــل لــــه*** فكـشـفـك للـحـجـب حـتـى اراك

فـلا الحـمد فـي ذا ولا ذاك لـــي*** ولـكـن لك الـحـمـد فـي ذا وذاك

أحبــك حـبـيـن.. حــب الهـــوى*** وحــبــــا لأنــــك أهـــل لـــذاك

واشتـاق شوقيـن.. شوق النـوى*** وشـوق لقرب الخلـي من حمـاك

فأمـا الــذي هــو شــوق النــوى*** فمسـرى الدمــوع لطــول نـواك

أمــا اشتيـــاق لقـــرب الحمـــى*** فنــار حيـــاة خبت فــي ضيــاك

ولست على الشجو أشكو الهوى*** رضيت بما شئت لـي فـي هداكـا

وقالت:

يا سروري ومنيتي وعمـادي*** وأنـيـسـي وعـدتـي ومــرادي.

نت روح الفؤاد أنت رجائـي*** أنت لي مؤنس وشوقك زادي

أنت لولاك يا حياتي وأنســي*** مـا تـشـتت في فـسـيـح البـلاد.

كم بدت منةٌ، وكم لك عنــدي*** مـن عـطـاء ونـعـمـة وأيـادي.

حبـك الآن بغيتـي ونعـيـمــي*** وجـلاء لعيـن قلبــي الصـادي.

إن تكـن راضيـاً عنـي فأننــي*** يا منـي القلب قد بـدا إسعـادي.

وقالت:

وارحـــــــمتاً للعاشقين ! قلوبهم
في تيه ميــــــدان المحبة هائمه
قامت قيامة عشقهم فنفوسهم
أبداً على قـــــــدم التذلل قائمه
إما إلى جنات وصل داـــــــــئما
أو نار صدٍ للقـــــــــــلوب ملازمه
وزادي قليـــــــــل ما أراه مُبلّغي
أللزاد أبكي أم لطـــول مسافتي
أتحرقُني بالـــــنار يا غاية المنى
فأين رجـــائي فيك أين مخافتي

وقالت:

راحتي في خلوتي

البرايا محنتي
حيثما كنت أشاهد حسنه
فهو محرابي إليه قبلتي
إن أمت وجداً وماثم رضا
واعناني في الورى وشقوتي
يا طبيب القلب يا كل المنى
جد بوصل منك يشفي مهجتي
يا سروري وحياتي دائماً
نشأتي منك وأيضاً نشوتي
قد هجرت الخلق جميعاً ارتجي
منك وصلاً فهل أقضي أمنيتي

وقالت:

فليتك تحلو والحياة مريرة - وليتك ترضى والأنام غضاب
وليت الذي بيني وبينك عامر - وبيني وبين العالمين خراب
إذا صح منك الود فالكل هين - وكل الذي فوق التراب تراب

وقالت:

تعصـي الإلـه وأنـت تظهـر حبــه
هـذا لعمـري فـي القيـاس شنيــع
لـو كـان حبـك صادقـا لأطعتــــــه
إن المحـب لمـن يحـب مطيــــــع

يروى أن سفيان الثوري قال لها يوما:
لكل عقد شرطا ولكل إيمان حقيقه فما حقيقة إيمانك؟
قالـت:
ما عبدته خوفا من ناره ولا حبا لجنته فأكون كالأجير السوء إن خاف عمل، بل عبدته حبا له وشوقا إليه .
غابت رابعة في جلال الله وجماله وتنزهت روحها في حضائر قدسه وهذه كلماتها تنبض وجدا وهياما
إني جعلتك في الفؤاد محدثــي وأبحت جسمي من أراد جلوسي
فالجسم مني للجليس مؤانــس وحبيب قلبي في الفؤاد أنيــس

***

ومن أدعية رابعة العدوية
اللهم اجعل الجنة لأحبائك..والنار لأعدائك..أما أنا فحسبي أنت.
اللهم إن كنت أعبدك خوفا من نارك ف...قني بنار جهنم وإذا كنت أعبدك طمعا في جنتك فاصرفني منها.. أما إذا كنت أعبدك من أجل محبتك فلا تحرمني من رؤية وجهك الكريم.
إلهي.. إن رزقي عندك وما ينقصني أحد شيئا ولا يسلبه مني إلا بقضائك.. والرزق منك.. فاللهم أسألك الرضا بعد القضاء.
إلهي.. هذا الليل قد أدبر.. والنهار قد أسفر.. فليت شعري.. هل قبلت مني ليلتي فأهنأ أم رددتها على فأعزى، فوعزتك هذا دأبي ما أحييتني وأعنتني

***

شوقها إلى لقاء الله:

كانت رابعة تشتاق إلى لحظة الانتقال من هذه الحياة لأنها ستلقى بعدها من يملأ قلبها وروحها، وقد عاشت
حتى الثمانين من عمرها تضع أكفانها أمام ناظريها فوق مشجب من قصب فارسي حتى لا يغيب عن بالها أبدا ذكر الموت.
تذكر خادمتها ( عبده بنت أبي شوال ) إنها عندما حضرتها الوفاه قالت لها:
يا عبده لا تؤذي أحد بموتي ولفيني في جبتي هذه ( جبه من شعر كانت تقوم فيها إذا هدأت العيون ) وقالت في لحظاتها الأخيرة لمن حولها
اخرجوا ودعو الطريق مفتوحة لرسل الله، فخرجوا وأوصدوا الباب فسمعوا صوتها وهي تنطق بالشهادة، فأجائها صوت مسموع
(يا أيتها النفس المطمئنة إرجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي).

***

بشارات فيها إشارات:

تقول عبدة:
رأيت رابعة بعد وفاتها بسنة عليها حلة من استبرق خضراء وخمار من سندس أخضر ولم أر شيئا أحسن منه وقالت لها:
يارابعة ما فعلت بالجبة التي كفناك فيها والخمار الصوف ؟
قالت :
إن نزع عني وأبدلت به هذا ثوباً آخر، وطويت أكفاني وختم عليها ..
ورفعت في عليين .
فقلت لها:
لهذا كنت تعملين أيام الدنيا ؟
قالت:
وما هذا عندما رأيت من كرامه الله لأوليائه، فقلت مريني بأمر اتقرب به إلى ا لله ؟
قالت :
عليك بكثرة ذكره فيوشك أن تغبطي بذلك في قبرك ..
والله أعلم

***

رابعة وكأس المحبة:

رحم الله رابعة التي أحبت الله بكل ذرة في كيانها وسكنت لمراده راضية مطمئنة ..

تنتفظ روحها بين يديه مستغرقة في جلاله مأخودة بجماله ..
لقد عرفت الطريق إلى السعادة الحقيقية
وشربت من أصفا كؤوس أهل التصوف ..

أهل الأشواق والأذواق، أهل الإحسان وأهل حقيقة الإيمان، وتركت بصماتها واضحة في فكرهم وشعرهم، وفتحت
للمحبين آفاق واسعة يطلون منها على أسرار لا تترجمها الكلمات بل يشعر بها كل من سجد قلبه لله .-

رحم الله رابعة ورضي عنها وجمعنا بها مع إمام المحبين وساقي كؤوس المحبة لأهل الصدق نبينا محمد صلى
الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم .

*******


شكرا على الموضوع نساء خالدات فعلا

الشاذلي
2011-12-30, 18:24
احسنة يـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــا اخي الــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــكر يـــــــــــــــــــــــــــــــــــــم
ولك الفضل والاحسان وشكرا على هذا الرد الجميل اخي الفاضل

** موحدة 02 **
2011-12-30, 20:21
السلام]عليكم و رحمة الله و بركاته
و الله أخي يحيرني هذا الأمر
أتساءل و الله من كان يحب الله أكثر رابعة العدوية أم الرسول صلى الله عليه و سلم خليل الرحمان، لم نسمع هذا الحب الالهي في حديث واحد
ما عبدته خوفا من ناره ولا حبا لجنته فأكون كالأجير السوء إن خاف عمل، بل عبدته حبا له وشوقا إليه
هل كانت عبادة الانبياء كالأجير السوء و هم من قال فيهم الله جل جلاله

وقال تعالى: "أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُوراً"[الإسراء:57].
كلنا نعرف ان هذه المرأة كانت عابدة زاهدة لكن فلم كل هذا الغلو؟ و الله يحتار عقلي كيف يخاطب رب الارض و االسماء بالعشق و التيه و الوجد و لو كان ذاك لخاطبه بهذه الكلمات خليليه محمد أو ابراهيم عليهما الصلاة و السلام

الهواري02
2011-12-31, 10:54
لو كان ذاك لخاطبه بهذه الكلمات خليليه محمد أو ابراهيم عليهما الصلاة و السلام[/font]hbkfdhx bdrhs fil fq الانبياءعليهم الصلاة والسلام لايقاس بهم البشر فهم خلاصة خلق الله اجمعين وهم بشر ليس كسائر البشر فكل هذه الاحوال منحة من الله تظهر على منهم دونهم من الاولياء والصالحين فلاداعي للقياسبين الثرى والثرية

mohamed.agg60
2011-12-31, 11:09
عـرفت الهـوى مذ عرفت هـواك*** واغـلـقـت قلـبـي عـمـن سـواك

اجمل كلام في الحب بارك الله فيك

هذي للوهابية و المنكرين على اهل الله و التصوف

http://upload.arabsbook.com/imgcache/24844.imgcache.jpg

رنوش 2011
2011-12-31, 13:57
شكـــــــــــــراااااااا

الباديسي
2011-12-31, 14:01
اجمل كلام في الحب بارك الله فيك ايها الفاضل

النجم الباهر
2011-12-31, 22:02
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

[( الجسم مني للجليس مؤانــس .. وحبيب قلبي في الفؤاد أنيــس )]

أحسنت .. أخي الكريم
وبارك الله فيك

** موحدة 02 **
2011-12-31, 22:06
hbkfdhx bdrhs fil fq الانبياءعليهم الصلاة والسلام لايقاس بهم البشر فهم خلاصة خلق الله اجمعين وهم بشر ليس كسائر البشر فكل هذه الاحوال منحة من الله تظهر على منهم دونهم من الاولياء والصالحين فلاداعي للقياسبين الثرى والثرية

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
لم أفهم قصدك

أبو جابر الجزائري
2011-12-31, 22:29
السلام عليكم ورحمة الله

إليكم فتوى الشيخ القرضاوي حول الزاهدة العابدة " ربيعة العدوية" ، وهو ليس وهابي! :

"..التحقيق فيما ينسب إلى رابعة العدوية أو غيرها من أقوال ومواقف، فليس كل ما نسب إليها صحيحًا موثقًا، بل قد يكون مشكوكًا في نسبته إليها، أو مقطوعًا بنفيه عنها.
من ذلك: أنهم نسبوا إليها هذه الأبيات المشهورة تناجي بها ربها سبحانه:

فليتك تحلو والحياة مريرة
وليتك ترضى والأنام غضاب!
وليت الذي بيني وبينك عامر
وبيني وبين العالمين خراب!
إذا صح منك الود فالكل هين
وكل الذي فوق التراب تراب

والأبيات ليست لرابعة، بل البيتان: الأول والثاني من شعر أبي فراس الحمداني في خطاب ابن عمه الأمير المشهور سيف الدولة، وهما مذكوران في ديوانه من قصيدة مطلعها:
أما لجميل عندكن ثواب
ولا لمسيء عندكن متابُ؟
لقد ضل من تحوي هواهُ خريدة
وقد ذل من تقضي عليه كعابُ
ومن أبياتها الشهيرة:
بمن يثقُ الإنسان فيما ينوبهُ
ومن أين للحر الكريم صحابه؟
وقد صار هذا الناس إلا أقلهم
ذئابًا على أجسادهن ثياب!


وكل ما في الأمر أن الصالحين وجدوا أن هذا الشعر لا يجوز أن يخاطب به إلا الله جل جلاله، فنسبوا الخطاب فيه إلى من هو أهله، ولا أدري من نسب هذا الشعر إلىرابعةخاصة، ولم أقرأ ذلك في كتاب معتبر، وإن كان مشهورًا على الألسنة، وليس كل مشهور على الألسنة حجة


وكذلك ما ينسب إليها من الشعر الذي تقول في آخره:
ليس لي في الجنان والنار حظ
أنا لا أبتغي بحبي بديلا

لا أدري مدى صحة نسبته إليها، وقد روى عنها أقوال تدل على أنها تخاف النار، وتخاف القيامة والموت وما بعده، فقد ذكروا أنها كانت تقول في مناجاتها:
إلهي، تحرق بالنار قلبًا يحبك
...
وهذا كله يدل على أنها من أهل الخشية والمحبة معًا، فهي تخاف الله وتحبه، ولا تنافي بينهما على التحقيق .

وما نسب إليها من أنها قالت مرة: إلهي ما عبدتك خوفًا من نارك، ولا طمعًا في جنتك، بل حبًا لك، وقصد لقاء وجهك، فلعلها قصدت أن الله عز وجل أهل لأن يعبد ويتقى، قيامًا بحقه وشكرًا لنعمته، كما قال الإمام ابن القيم:
هب البعث لم تأتنا رسله وجاحمة النار لم تضرم
أليس من الواجب المستحق ثناء العباد على المنعم؟

أو لعلها قالت ذلك في حال من أحوال غلبة الحب على الخوف والرجاء، والاستغراق في الأنس بالله تعالى، إلى حد الذهول عن النعيم والعذاب، ولكن مثل هذا لا يدوم، كما تدل عليه مواقفها وأقوالها.

فإن لم يكن هذا موقفها، فكل أحد يؤخذ من كلامه ويرد عليه، وقد رددنا على المتصوفة الذين ينكرون العبادة طلبًا للثواب وخوفًا من العقاب في كتابنا "العبادة في الإسلام"، ونقلنا عن العلامة ابن القيم من كتابه "مدارج السالكين" ما يشفي الغليل، وينير السبيل.

وأما الشعر الذي ينسب إليها في حب الله تعالى من مثل قولها:
أحبك حبين حب الهوى
وحبًا لأنك أهل لذاك
فأما الذي هو حب الهوى
فشغلي بذكرك عما سواك
وأما الذي أنت أهل له
فكشفك لي الحجب حتى أراك
وما الحمد في ذا ولا ذاك لي
ولكن لك الحمد في ذا وذاك
فقد قال الإمام أبو حامد الغزالي في "الإحياء" تعقيبًا على هذه الأبيات: (لعلها أرادت بحب الهوى: حب الله، لإحسانه إليها، وإنعامه عليها بحظوظ العاجلة.. وبحبه لما هو أهل له: الحب لجماله وجلاله الذي انكشف لها، وهو أعلى الحبين وأقواهما. ولذة مطالعة جمال الربوبية هي التي عبر عنها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حيث قال حاكيًا عن ربه تعالى: "أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر" (رواه البخاري). قال: وقد تعجل بعض هذه اللذات في الدنيا لمن انتهى صفاء قلبه إلى الغاية) (الإحياء 4/311 طـ.. دار المعرفة، بيروت). اهـ.
ولكن ينبغي أن يعلم أن هذه المطالعة لجمال الربوبية إنما هي بعين القلب، لا بعين الرأس

يقول المحقق ابن القيم في "مدارج السالكين" في بيان حقيقة نور الكشف الذي يتحدث عنه الصوفية:
(ونور الكشف عندهم هو مبدأ الشهود، وهو نور تجلى معاني الأسماء الحسنى على القلب، فتضيء به ظلمة القلب، ويرتفع به حجاب الكشف

ولا تلتفت إلى غير هذا، فتزل قدم بعد ثبوتها، فإنك تجد في كلام بعضهم: تجلي الذات يقتضي كذا وكذا، وتجلي الصفات يقتضي كذا وكذا، وتجلي الأفعال يقتضي كذا وكذا. والقوم عنايتهم بالألفاظ فيتوهم المتوهم: أنهم يريدون تجلي حقيقة الذات والصفات والأفعال للعيان، فيقع من يقع منهم في الشطحات والطامات، والصادقون العارفون براء من ذلك.
....

ولا يعتقد أن الذات المقدسة والأوصاف: برزت وتجلت للعبد - كما تجلى سبحانه للطور، وكما يتجلى يوم القيامة للناس - إلا غالط فاقد للعلم، وكثير ما يقع الغلط من التجاوز من نور العبادات والرياضة والذكر إلى نور الذات والصفات.

فإن العبادة الصحيحة، والرياضة الشرعية، والذكر المتواطئ عليه القلب واللسان: يوجب نورًا على قدر قوته وضعفه، وربما قوي ذلك النور حتى يشاهد بالعيان فيغلط فيه ضعيف العلم والتمييز بين خصائص الربوبية ومقتضيات العبودية فيظنه نور الذات، وهيهات !‍ نور الذات لا يقوم له شيء، ولو كشف سبحانه وتعالى الحجاب عنه لتدكدك العالم كله، كما تدكدك الجبل وساخ لما ظهر له القدر اليسير من التجلي.

وفي الصحيح عنه -صلى الله عليه وسلم-: "إن الله سبحانه لا ينام ولا ينبغي له أن ينام، يخفض القسط ويرفعه، يرفع إليه عمل الليل قبل عمل النهار، وعمل النهار قبل عمل الليل، حجابه النور، لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه".
فالإسلام له نور، والإيمان له نور أقوى منه. والإحسان له نور أقوى منهما. فإذا اجتمع الإسلام والإيمان والإحسان، وزالت الحجب الشاغلة عن الله تعالى امتلأ القلب والجوارح بذلك النور، لا بالنور الذي هو صفة الرب تعالى. فإن صفاته لا تحل في شيء من مخلوقاته، كما أن مخلوقاته لا تحل فيه، فالخالق سبحانه بائن عن المخلوق بذاته وصفاته، فلا اتحاد، ولا حلول ولا ممازجة، تعالى الله عن ذلك كله علوا كبيرًا). (مدارج السالكين 3 / 110 - 112 تحقيق محمد حامد الفقي).اهـ.


هذا وقد كتب كثير من المعاصرين كتبًا ومقالات مختلفة عن رابعة، وأطلق عليها بعضهم " شهيدة العشق الإلهي" وهو تعبير ينفر منه الحس الإسلامي، فالعلاقة بين الله وعباده يعبر عنها في لغة القرآن والسنة بـ "الحب" لا بـ "العشق" وفى القرآن الكريم: (يحبهم ويحبونه) (المائدة: 54). (والذين آمنوا أشد حبًا لله). (البقرة: 165).
وفى الحديث المتفق عليه: "ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان، أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما... الحديث"
وغيره من الأحاديث كثير، وهو يدل على أن "حب الله " تعالى جزء أصيل في الإسلام، وليس دخيلا عليه، كما زعم زاعمون.

وأشعار "رابعة" كلها تتحدث عن "حب الله" فلا ينبغي أن نتجاوز ذلك، رعاية للأدب مع الله جل جلاله.

وبالله التوفيق "انتهى كلامه

من كتاب فتاوى معاصرة للشيخ يوسف القرضاوي

** موحدة 02 **
2011-12-31, 22:44
السلام عليكم ورحمة الله

إليكم فتوى الشيخ القرضاوي حول الزاهدة العابدة " ربيعة العدوية" ، وهو ليس وهابي! :
"..التحقيق فيما ينسب إلى رابعة العدوية أو غيرها من أقوال ومواقف، فليس كل ما نسب إليها صحيحًا موثقًا، بل قد يكون مشكوكًا في نسبته إليها، أو مقطوعًا بنفيه عنها.
من ذلك: أنهم نسبوا إليها هذه الأبيات المشهورة تناجي بها ربها سبحانه:

فليتك تحلو والحياة مريرة
وليتك ترضى والأنام غضاب!
وليت الذي بيني وبينك عامر
وبيني وبين العالمين خراب!
إذا صح منك الود فالكل هين
وكل الذي فوق التراب تراب

والأبيات ليست لرابعة، بل البيتان: الأول والثاني من شعر أبي فراس الحمداني في خطاب ابن عمه الأمير المشهور سيف الدولة، وهما مذكوران في ديوانه من قصيدة مطلعها:
أما لجميل عندكن ثواب
ولا لمسيء عندكن متابُ؟
لقد ضل من تحوي هواهُ خريدة
وقد ذل من تقضي عليه كعابُ
ومن أبياتها الشهيرة:
بمن يثقُ الإنسان فيما ينوبهُ
ومن أين للحر الكريم صحابه؟
وقد صار هذا الناس إلا أقلهم
ذئابًا على أجسادهن ثياب!


[right]وكل ما في الأمر أن الصالحين وجدوا أن هذا الشعر لا يجوز أن يخاطب به إلا الله جل جلاله، فنسبوا الخطاب فيه إلى من هو أهله، ولا أدري من نسب هذا الشعر إلىرابعةخاصة، ولم أقرأ ذلك في كتاب معتبر، وإن كان مشهورًا على الألسنة، وليس كل مشهور على الألسنة حجة


وكذلك ما ينسب إليها من الشعر الذي تقول في آخره:
ليس لي في الجنان والنار حظ
أنا لا أبتغي بحبي بديلا

لا أدري مدى صحة نسبته إليها، وقد روى عنها أقوال تدل على أنها تخاف النار، وتخاف القيامة والموت وما بعده، فقد ذكروا أنها كانت تقول في مناجاتها:
إلهي، تحرق بالنار قلبًا يحبك
...
وهذا كله يدل على أنها من أهل الخشية والمحبة معًا، فهي تخاف الله وتحبه، ولا تنافي بينهما على التحقيق .

[font=&quot]وما نسب إليها من أنها قالت مرة: إلهي ما عبدتك خوفًا من نارك، ولا طمعًا في جنتك، بل حبًا لك، وقصد لقاء وجهك، فلعلها قصدت أن الله عز وجل أهل لأن يعبد ويتقى، قيامًا بحقه وشكرًا لنعمته، كما قال الإمام ابن القيم:
[/u]، ونقلنا عن العلامة ابن القيم من كتابه "مدارج السالكين" ما يشفي ][/color].من كتاب فتاوى معاصرة للشيخ يوسف القرضاوي

بارك الله فيك أخي على هذا التوضيح
أطلب من كل من قرأ هذا الموضوع ان يتجه الى هذا الرابط
http://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=821002

باهي جمال
2011-12-31, 23:33
الكمال هو ماجاء به الرسول صلى الله عليه وسلم اما غير ذلك فهو يحتمل الخطا والصواب وقد توارت الروايات والاخبار عن عبادة الصالحين والاكثار من القربات وفي الكثير من الاحيان يطغى جانب على اخر فليس قي مقدور البشر ان يكونوا صورة طبق الاصل للنبي محمد صلى الله عليه وسلم ويكفيهم انهم على طريقه سائرون

الشاذلي
2012-01-01, 10:05
وأشعار "رابعة" كلها تتحدث عن "حب الله" فلا ينبغي أن نتجاوز ذلك، رعاية للأدب مع الله جل جلاله.



من كتاب فتاوى معاصرة للشيخ يوسف القرضاوي
رد للشيخ القرضاوى على السائل الذي قال:
س : سمعت احد الخطباء المعروفين يحمل على السيدة رابعة العدوية الزاهدة
الصالحة المشهورة و يقول انها اسطورة اخترعتها الصوفية لينسبوا اليها ما
لايقبل و لايعقل من الأقوال و الأشعار مثل قولها فى مناجاة الله تعالى :

فليتك تحلو و الحياة مريرة و ليتك ترضى و الأنام غضاب
و ليت الذى بينى و بينك عامر و بينى و بين العالمين خراب

و قولها

كلهم يعبدوك من خوف نار و يرون النجاة حظا جزيلا
او لأن يدخلوا الجنان فيحظوا بنعيم و يشربوا سلسبيلا
ليس لى فى الجنان والنار حظ انا لا ابتغى بحبى بديلا

و قولها

احبك حبين حب الهوى و حبا لأنك اهل لذاك
فأما الذى هو حب الهوى فشغلى بذكرك عما سواك
وأما الذى انت اهل له فكشفك لى الحجب حتى اراك
وما الحمد فى ذا ولاذاك لى ولكن لك الحمد فى ذا وذاك

وأطال الخطيب فى انكار هذة الأشعار وماتضمنتة من كفر وضلال حسب قوله .
فهل ما ذكر هذا الخطيب صحيح ومسلم ولاوجود لهذه المرأة الصالحة ؟
وهل هذه الأشعار تتضمن ضلالا و كفرا حقا ؟!

نرجو بيان رأيكم الذى عرفنا فية الإعتدال مبينا الأدلة من القران والسنة . *******
فكان رد العلامة الشيخ القرضاوى:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين و صلى الله على سيدنامحمد خاتم النبيين و على آلة و صحبة اجمعين ... وبعد :
فإننى أسف اشد الأسف لهذا الإتجاه لدى بعض المسلمين الذين يتلذذون بهدم كل
القمم و تشوية كل البطولات الفكرية والسلوكية فى تاريخنا القريب و البعيد
بدل ابراز محاسنها و تجسيم فضائلها مع الإحتراز من عيوبها ان كانت لها عيوب
يمكن ان تغمر وتنسى فى جنب محاسنها .
خطآن كبيران :
وأرى ان الخطيب المذكور – ان صح ماذكره السائل عنه – اخطأ خطأين كبيرين :
مجرد الإنكار لايقبل :
_ الخطأ الأول :_ انه اتخذ مجرد الجحود و الإنكار سلاحا فى نفي الوقائع التاريخية
و هذا أمر مرفوض فى منطق العلم و الا لقال من شاء ماشاء.
ولكن الذى يقبل منه ومن مثله فى هذا المقام ان يقول : إنه رجع الى كتب
التاريخ و كتب التراجم و الطبقات التى عنيت بالأعلام عامة و بالزهاد و
العباد خاصة فلم يجد ذكرا لهذه العابدة الصالحة التى اخترعوها و سموها (
رابعة العدوية ) بل يوجد من ثقات المؤرخين من انكر وجودها و عاب على
الصوفية ذكر اخبارها فى كتبهم .
مثل هذا لو قاله الخطيب لكان مقبولا وكان كلاما علميا صحيحا , ولكن الخطيب
لم يقل هذا و لايستطيع ان يقوله لأن الحقائق العلمية تكذبه و الوقائع
التاريخية تصدمة .
فكتب التاريخ و التراجم تثبت وجود رابعة العدوية و تترجم لها و تذكر بعض
اقوالها و أعمالها و أشعارها فضلا عن كتب الصوفية انفسهم .
- ترجم لها ابو نعيم فى : حلية الأولياء.
- وابن الجوزى فى : صفة الصفوة (4 /17 ).
- وابن خلكان فى : وفيات الأعيان ( 1/ 182 ).
- و الذهبى فى : سير اعلام النبلاء (8 /215 ).
- وابن كثير فى : البدية و النهاية (10 / 186 ).
- وابن العماد فى : شذرات الذهب ( 1 ؟ 193 ).
- وصاحبة ( الر المنثور فى طبقات ربات الخدور )(202).
- و الزركلى فى : الأعلام ( 3 / 31 ).
- وقد ذكرها القشيرى فى : الرسالة .
- وابو الطالب المكى فى : قوت القلوب .
- و الغزالى فى : الإحياء .
- و السهروردى فى : عوارف المعارف .
- و الشعرانى فى : طبقاتة .... و غيرهم .
و ذكر ابن الجوزى فى صفة الصفوة ( 4 / 19 ) انة افرد لها كتابا جمع فية
كلامها و اخبارها .
الخطأ الثانى :_ ان الخطيب عالج الموضوع الذى يريد معالجة تعتمد على
الإثارة و التهييج لا على التنوير و التحقيق و الإثارة قد تعجب بعض سامعيه
المعجبين به و الذين تستهويهم الجرأة فى النقد أو النقض و الهجوم و الخروج
على المسلمات عند الناس و لكن هل لا تعجب خاصة المثقفين و المستنيرين ممن
يزنون الأمور بعقولهم و لايأخذون كل مايقال قضية مسلمة .

كتاب من هدى الإسلام فتاوى معاصرة للدكتور يوسف القرضاوى جـ2 دار الوفاء.

الشاذلي
2012-01-02, 08:28
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
[( الجسم مني للجليس مؤانــس .. وحبيب قلبي في الفؤاد أنيــس )]
أحسنت .. أخي الكريم
وبارك الله فيك
وفيك بارك الله
قال عنها الشيخ الدكتور سفر بن عبدالرحمن الحوالي
السؤال :هل يمكن أن تعطيني ملخص لحياة رابعة العدوية وبعض معجزاتها ؟
هل كانت مسلمة ملتزمة في بداية عمرها ؟ لماذا أصبحت زاهدة ؟.
الجواب : الحمد لله
لقد كانت رابعة العدوية زاهدة عابدة خاشعة كما قال الذهبي في السير (8/241) ونقل عن أبي سعيد بن الأعرابي قوله :
أما رابعة العدوية فقد حمل الناس منها حكمة كثيرة وحكى فيها سفيان وشعبة وغيرهما ما يدل على بطلان ما قيل عنها من اعتقاد الحلول والدعوة إلى الإباحة .
قال الذهبي : وهذا غلو وجهل ولعل من نسبها إلى ذلك مُباحي حلولي ليحتج بها على كفرها كاحتجاجهم بخبر " كنت سمعه الذي يسمع به "
ولم يُعرف عن رابعة العدوية معجزات أو كرامات إلا ما نقل عنها من كلام الزهد والحكمة من مثل قولها لسفيان الثوري : إنما أنت أيام معدودة فإذا ذهب يوم ذهب بعضك ، يوشك إذا ذهب البعض أن يذهب الكل وأنت تعلم ، فاعمل
ومن مثل قولها : استغفر الله من قلة صدقي في قولي : أستغفر الله
وقالت عبدة بنت أبي شوال وكانت من خيار إماء الله ، وكانت تخدم رابعة قالت كانت رابعة تصلي بالليل كله فإذا طلع الفجر هجعت في مصلاها هجعة خفيفة حتى يسفر الفجر فكنت أسمعها تقول : إذا وثبت من مرقدها ذلك وهي فزعة : يا نفس كم تنامين ؟ إلى كم تقولين ؟ يوشك أن تنامي نومة لا تفوقين منها إلا ليوم النشور
قالت فكان هذا دأبها دهرها حتى ماتت
قيل عاشت ثمانين سنة وتوفيت سنة ثمانين ومائة
انظر شذرات الذهب " 1/193 وصفة الصفوة (4/27) .

* قالت رابعة: لو كانت الدنيا لرجل ما كان بها غنيًّا..!
قالوا : لماذا ؟ قالت : لأنها تفنى!