صقر محلق
2011-12-22, 20:32
في القرن العاشر الهجري جمع الامام السيوطي "رحمه الله" الروايات التي جاءت عن رسول الله صلى الله عليه و سلم و عن السلف في النهي عن الدخول على السلاطين، و أورد رحمه الله أقوال العلماء في سبب النهي عن الدخول على الوزراء و السلاطين و قصص مثيرة للسلف في هذا الباب، و نقل عن أحوال مخالطة السلطان متى يكون الدخول للسلطان مكروها أو مباحا و هو لا يمكن ان يشبه بحال ما يجري اليوم.
و لعل قراءة ملخص هذه الرسالة التي كتبها السيوطي يمكن به مقارنة بين حال السلف مع الخلفاء و الحال التي وصل اليها معظم من ينتسبون للعلم في حالهم مع سلاطين اليوم و الذين لا يمكن مقارنتهم مع أمراء و خلفاء المسلمين السابقين فيما وصلوا اليه من عون للكافرين و عبث بالشريعة و نشر للفساد و الضلال.
و سنرى أيضا كيف أضاع أشباه العلماء اليوم دينهم و هيبتهم و شوهوا الحق. بل أصبح يكفي الواحد منهم ان يتشرف بلقاء السلطان و بابتسامة منه ليبيع عليه دينه و ليلبس الحق بالباطل باسم المصلحة، فأضاعوا قواعد الدين و أسسه ، و قد قال أحدهم دخلنا مع السلطان قاصدين شيئا من الخير و لكننا لم نستطع الخروج منه!
و هل أفسد الديــن الا الملوك .. و أحبار سـوء و رهبانها
---------
أخرج أبو داود، والترمذي وحسنه، والنسائي، والبيهقي في « شعب الإيمان »، عن ابن عباس، رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « من سكن البادية جفا، ومن اتبع الصيد غفل، ومن أتى أبواب السلاطين افتتن ». وأخرج أحمد في مسنده، والبيهقي بسند صحيح، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « من بدا جفا، ومن اتبع الصيد غفل، ومن أتى أبواب السلطان افتتن، وما ازداد أحد من السلطان قرباً، إلا ازداد من الله بعداً ».
وأخرج الترمذي وصححه، والنسائي، والحاكم وصححه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « سيكون بعدي أمراء، فمن دخل عليهم فصدقهم بكذبهم، وأعانهم على ظلمهم، فليس مني، ولست منه، وليس بوارد علي الحوض، ومن لم يدخل عليهم، ولم يعنهم على ظلمهم، ولم يصدقهم بكذبهم، فهو مني، وأنا منه، وهو وارد علي الحوض ». وأخرج البخاري في تاريخه وابن سعد في « الطبقات » عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: « يدخل الرجل على السلطان ومعه دينه، فيخرج وما معه شيء ».
وأخرج ابن ماجه، والبيهقي، عن ابن مسعود، قال: لو أن أهل العلم صانعوا العلم، ووضعوه عند أهله، لسادوا به أهل زمانهم ولكنهم بذلوه لأهل الدنيا لينالوا به من دنياهم، فهانوا عليهم. وأخرج البيهقي، عن وهب بن منبه، أنه قال لعطاء: « إياك وأبواب السلطان! فإن على أبواب السلطان فتناً كمبارك الإبل، لا تصيب من دنياهم شيئاً إلا أصابوا من دينك مثله ». وأخرج ابن أبي شيبة، والبيهقي، عن سلمة بن قيس، قال: لقيت أبا ذر، فقال: « يا سلمة بن قيس! ثلاث فاحفظها: لا تجمع بين الضرائر فإنك لن تعدل ولو حرصت، ولا تعمل على الصدقة، فإن صاحب الصدقة زائد وناقص، ولا تغش ذات سلطان فإنك لا تصيب من دنياهم شيئاً، إلا أصابوا من دينك أفضل منه ».
لا تذهب .. دعوك إلى المجيء إيهم أم لا، وسواء دعوه لمصلحة دينية أم لغيرها
ذهب جمهور العلماء من السلف، وصلحاء الخلف إلى أن هذه الأحاديث والآثار جارية على إطلاقها سواء دعوه إلى المجيء إليهم أم لا، وسواء دعوه لمصلحة دينية أم لغيرها. قال سفيان الثوري: « إن دعوك لتقرأ عليهم: قل هو الله أحد، فلا تأتهم » رواه البيهقي، كما تقدم وروى أبو نعيم في الحلية عن ميمون بن مهران: أن عبد الله بن عبد الملك بن مروان قدم المدينة، فبعث حاجبه إلى سعيد بن المسيب فقال له: أجب أمير المؤمنين! قال: وما حاجته؟ قال: لتتحدث معه. فقال: لست من حداثه. فرجع الحاجب إليه فأخبره، قال: دعه.
وروى الخطيب، عن حماد بن سلمة: أن بعض الخلفاء أرسل إليه رسولا يقول له: إنه قد عرضت مسألة، فأتنا نسألك. فقال للرسول: قل له: « إنا أدركنا أقواما لا يأتونا أحدا لما بلغهم من الحديث فإن كانت لك مسألة فاكتبها في رقعة نكتب لك جوابها ». وقال الخطيب البغدادي في كتاب رواه مالك: « كتب إلىّ القاضي أبو القاسم الحسن بن محمد بن الأنباري، من مصر، أنبأنا محمد بن أحمد بن المسور، نبأنا المقدام بن داود الرعيني، نبأنا علي ابن معبد، نبأنا إسحاق بن يحيى، عن مالك بن أنس رحمه الله، قال: « أدركت بضعة عشر رجلا من التابعين يقولون لا تأتوهم، ولا تأمروهم، يعني السلطان ».
وقال ابن باكويه الشيرازي في « أخبار الصوفية »: « حدثنا سلامة بن أحمد التكريني أنبأنا يعقوب ابن اسحاق، نبأنا عبيد الله بن محمد القرشي، قال: كنا مع سفيان الثوري بمكة، فجاءه كتاب من عياله من الكوفة: بلغت بنا الحاجة أنا نقلي النوى فنأكله فبكى سفيان. فقال له بعض أصحابه: يا أبا عبد الله! لو مررت إلى السلطان، صرت إلى ما تريد! فقال سفيان: « والله لا أسأل الدنيا من يملكها، فكيف أسألها من لا يملكها ».
وأخرج ابن باكويه، عن الفضيل بن عياض، قال: « لو أن أهل العلم أكرموا على أنفسهم وشحوا على دينهم، وأعزوا العلم وصانوه، وأنزلوه حيث أنزله الله، لخضعت لهم رقاب الجبابرة وانقاد لهم الناس، واشتغلوا بما يعنيهم، وعز الإسلام وأهله لكنهم استذلوا أنفسهم ولم يبالوا بما نقص من دينهم، إذا سلمت لهم دنياهم وبذلوا علمهم لأبناء الدنيا ليصيبوا ما في أيديهم، فذلوا وهانوا على الناس ».
ليسوا علماء انما هم رواة
وأخرج البيهقي، وابن عساكر، عن زمعة بن صالح قال: قال الزهري لسليمان أو هشام: ألا تسأل أبا حازم ما قال في العلماء؟ قال يا أبا حازم: ما قلت في العلماء؟ قال: « وما عسيت أن أقول في العلماء إلا خيرا، إني أدركت العلماء وقد استغنوا بعملهم عن أهل الدنيا، ولم تستغن أهل الدنيا بدنياهم عن علمهم فلما رأى ذلك هذا وأصحابه تعلموا العلم فلم يستغنوا به واستغنى أهل الدنيا بدنياهم عن علمهم.. فلما رأوا ذلك، قذفوا بعلمهم إلى أهل الدنيا ولم ينلهم أهل الدنيا من دنياهم شيئا، إن هذا وأصحابه ليسوا علماء إنما هم رواة ». « وأخرج ابن النجار في تاريخه عن سفيان الثوري قال: « ما زال العلم عزيزا، حتى حمل إلى أبواب الملوك فأخذوا عليه أجرا، فنزع الله الحلاوة من قلوبهم ومنعهم العلم به ».
مخالطة السلاطين 3 أحوال
عقد الغزالي في « الإحياء » بابا في مخالطة السلاطين، وحكم غشيان مجالستهم، والدخول عليهم، قال فيه: « اعلم أن لك مع الأمراء والعمال الظلمة، ثلاثة أحوال: الحال الأولى: وهي شرها، أن تدخل عليهم. والثانية: وهي دونها أن يدخلوا عليك. والثالثة: - وهي الأسلم - : أن تعتزل عنهم، ولا تراهم ولا يروك.
أما الحالة الأولى: وهي الدخول عليهم، فهي مذمومة جدا في الشرع وفيه تغليظات وتشديدات تواردت بها الأخبار والآثار فننقلها لتعرف ذم الشرع له. ثم نتعرض لما يحرم منه، وما يباح وما يكره، على، ما تقتضيه الفتوى في ظاهر العلم » ثم سرد كثيرا من الأحاديث والآثار التي سبق ذكرها. ومما أورده مما لم يسبق له ذكر: « قال سفيان: في جهنم واد لا يسكنه إلا القراء الزوارون للملوك ».
المحظور عن المكروه و المباح
قال: « فهذه الأخبار والآثار تدل على ما في مخالطة السلاطين من الفتن وأنواع الفساد ولكنا نفصل ذلك تفصيلا فقهيا، نميز فيه المحظور عن المكروه والمباح: فنقول: الداخل على السلطان متعرض لأن يعصي الله إما بفعله، وإما بسكوته، وإما بقوله، وإما باعتقاده ولا ينفك عن أحد هذه الأمور.
دارهم مغصوبة
أما الفعل: فالدخول عليهم في غالب الأحوال يكون إلى دار مغصوبة، وتخطيها والدخول فيها بغير إذن المالك حرام والتواضع للظالم لا يباح إلا بمجرد السلام. فأما تقبيل اليد والانحناء في الخدمة فمعصية.
لا تسلم عليهم
وقد بالغ بعض السلف، حتى امتنع عن رد جوابهم في السلام. والإعراض عنهم استحقارا لهم من محاسن القربات. والجلوس على بساطهم، إذا كان أغلب أموالهم حراما، لا يجوز.
السكوت عن ما في قصورهم و أحاديثهم حرام !!
وأما السكوت فإنه يرى في مجلسهم من الفرش الحرير، وأواني الفضة والحرير والملبوس عليهم، وعلى غلمانهم ما هو حرام. وكل من رأى سيئة وسكت عليها، فهو شريك في تلك السيئة. بل يسمع من كلامهم ما هو فحش، وكذب وشتم، وإيذاء، والسكوت عن جميع ذلك حرام. فإن ما هو فحش، وكذب وشتم، وإيذاء، والسكوت عن جميع ذلك حرام. فإن قلت: إنه يخاف على نفسه، وهو معذور في السكوت فهذا حق ولكنه مستغن عن أن يعرض نفسه لارتكاب ما لا يباح إلا بعذر، فإنه لو لم يدخل ولم يشاهد لم يتوجه عليه الخطاب بالحسبة، حتى يسقط عنه بالعذر. ومن علم فسادا في موضع، وعلم أنه لا يقدر على إزالته لا يجوز له أن يحضر ليجري ذلك بين يديه، وهو يشاهده ويسكت بل يحتزر عن مشاهدته.
لا تدعو للظالم
وأما القول: فإنه يدعو للظالم، أو يثني عليه، أو يصدقه فيما يقول من باطل بصريح قوله، أو بتحريك رأسه، أو باستبشار في وجهه أو يظهر له الحب والموالاة، والاشتياق إلى لقائه، والحرص على طول عمره وبقائه. فإنه في الغالب لا يقتصر على السلام، بل يتكلم ولا يعدو كلامه هذا الإمام.
ثلاث معاص في الدعاء للسلطان
أما دعاؤه فلا يحل له إلا أن يقول: « أصلحك، أو وفقك الله للخيرات أو طول الله عمرك في طاعته » أو ما يجري في هذا المجرى. فأما الدعاء له بالحراسة وطول البقاء وإسباغ النعمة، مع الخطاب بالمولى وما في معناه، فغير جائز، وقال صلى الله عليه وسلم: « من دعى لظالم بالبقاء، فقد أحب أن يعصى الله في أرضه ». فإن جاوز الدعاء إلى الثناء فيذكر ما ليس فيه، فيكون كاذبا أو منافقا أو مكرما لظالم. وهذه ثلاث معاص، وقد قال صلى الله عليه وسلم: « إن الله ليغضب إذا مدح الفاسق ». وفي خبر آخر: « من أكرم فاسقا فقد أعان على هدم الإسلام فإن جاوز ذلك إلى التصديق له فيما يقول، والتزكية على ما يعمل، كان عاصيا بالتصديق وبالإعانة. فإن التزكية، والثناء إعانة على المعصية وتحريك للرغبة فيها كما أن التكذيب والمذمة والتقبيح زجر عنه وتضعيف لدواعيه. والإعانة على المعصية معصية ولو بشطر كلمة.
دعه يموت و لا تسقه شربة ماء!
وقد سئل سفيان عن ظالم أشرف على الهلاك في برية: هل يسقى شربة ماء؟ فقال: « لا، دعه يموت فإن ذلك إعانة له ». وأيضا فلا يسلم من فساد يتطرق إلى قلبه فإنه ينظر إلى توسعه في النعمة ويزدري نعمة الله عليه ويكون مقتحما نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال: « يا معشر المهاجرين لا تدخلوا على أهل الدنيا فإنها مسخطة للرزق ». وهذا مع ما فيه من اقتداء غيره في الدخول، ومن تكثير سواد الظلمة بنفسه وتحميله إياهم إن كان ممن به وكل ذلك إما مكروهات أو محظورات
لا يجوز الدخول عليهم الا بعذرين
لا يجوز الدخول عليهم إلا بعذرين. أحدهما: أن يكون من جهتهم أمر إلزام، لا إكرام، وعلم أنه لو امتنع أوذي. والثاني: أن يدخل عليهم في دفع الظلم عن مسلم، فذلك رخصة بشرط أن لا يكذب، ولا يدع نصيحة يتوقع لها قبولا ».
تعلم الدخول منهم
ثم قال: « فإن قلت: فلقد كان علماء السلف يدخلون على السلاطين فأقول: نعم تعلم الدخول منهم، ثم أدخل عليهم! فقد حكي: أن هشام بن عبد الملك، قدم حاجا إلى مكة فلما دخلها قال: ائتوني برجل من الصحابة » فقيل: يا أمير المؤمنين! فقد تفانوا قال: من التابعين. فأتي بطاوس اليماني فلما دخل عليه، خلع نعليه بحاشية البساط، ولم يسلم بإمرة المؤمنين، ولكن قال: « السلام عليك يا هشام! » ولم يكنه وجلس بإزائه وقال: « كيف أنت يا هشام! » فغضب هشام غضبا شديدا حتى هم بقتله وقال له: « ما حملك على ما صنعت؟! » قال: « وما الذي صنعت؟! ».
فازداد غضبا وغيظا، فقال: « خلعت نعلك بحاشية بساطي، وما قبلت يدي، ولم تسلم علي بإمرة المؤمنين، ولم تكنني وجلست بإزاي بغير إذن، وقلت: « كيف أنت يا هشام؟ » فقال: أما قولك: « خلعت نعلي، بحاشية بساطك، فأنا أخلعها بين يدي رب العالمين كل يوم خمس مرات ولا يعاقبني ولا يغضب علي. وأما قولك: « لم تقبل يدي فإني سمعت علي بن أبي طالب قال:« لا يحل لرجل أن يقبل يد أحد، إلا امرأته بشهوة أو ولده برحمة ». وأما قولك: لم تسلم بإمرة المؤمنين، فليس كل الناس راض بإمرتك، فكرهت أن أكذب. وأما قولك: « لم تكنني فإن الله تعالى سمى أولياءه وقال: يا داود، يا يحيى، يا عيسى وكني أعداءه فقال: »تَبَّت يَداَ أَبي لَهَبٍ« وأما قولك: جلست بإزائي فإني سمعت علي بن أبي طالب يقول: « إذا أردت أن تنظر إلى رجل من أهل النار، انظر إلى رجل جالس وحوله قوم قيام » فقال هشام: عظني؟.
قال: « سمعت علي بن أبي طالب يقول: « إن في جهنم حيات كالقلال، وعقارب كالبغال تلدغ كل أمير لا يعدل في رعيته » ثم قام وخرج. وعن سفيان الثوري قال: « دخلت على أبي جعفر بمنى، فقال لي: ارفع حاجتك؟ فقلت له:« اتق الله! فإنك قد ملأت الأرض جورا وظلما ». قال: فطأطأ رأسه، ثم رفع وقال: ارفع لنا حاجتك؟ فقلت: « إنما أنزلت هذه المنزلة بسيوف المهاجرين والأنصار، وأبناؤهم يموتون جوعا، فاتق الله وأوصل إليهم حقوقهم ». قال: فطأطأ رأسه ثم رفع وقال: ارفع إلينا حاجتك؟ قلت: « حج عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال لخازنه: كم أنفقت؟ قال: بضعة عشر درهما، وأرى هاهنا أمورا لا تطيق الجمال حملها ».
فهكذا كانوا يدخلون على السلاطين إذا أكرهوا فكانوا يفرون بأرواحهم في الله أعني علماء الآخرة، فأما علماء الدنيا فيدخلون ليتقربوا إلى قلوبهم، فيدلونهم على الرخص، ويستنبطون بدقائق الحيل السعة فيما يوافق أغراضهم » انتهى كلام الغزالي ملخصا.
العز بن عبدالسلام
وفي « أمالي » الشيخ عز الدين بن عبد السلام التي علقها عنه تلميذه الشيخ شهاب الدين القرافي أحد أئمة المالكية، ما نصه: « ومن جملة كلامه - يعني الشيخ عز الدين رضي الله عنه - وقد كتب إليه بعض أرباب الدولة يحضه على الاجتماع بملك وقتهم، والتردد إليه ليكون ذلك مقيما لجاهه وكاتبا لعدوه. فقال رضي الله عنه: « قرأت العلم لأكون سفيراً بين الله وبين خلقه، وأتردد إلى أبواب هؤلاء! » قال القرافي: « فأشار رضي الله تعالى عنه إلى من حمل العلم، فقد صار ينقل عن الله إلى عباده، فهو في مقام الرسالة ومن كان له هذا الشرف لا يحسن منه ذلك ».
شر العلماء و شر الملوك
وفي « طبقات الحنفية » في ترجمة علي بن الحسن الصندلي: « أن السلطان ملك شاة قال له: « لم لا يجيء إلي؟ قال: أردت أن تكون من خير الملوك، حيث تزور العلماء، ولا أكون من شر العلماء حيث أزور الملوك ». وفي « تهذيب الكمال » أيضا بسنده عن رشدين بن سعد قال: سمعت إبراهيم بن أدهم يقول: سمعت « أعز الأشياء في آخر الزمان ثلاثة: أخ في الله يؤتسى وكسب درهم من حلال، وكلمة حق عند سلطان ».
وحسبنا الله ونعم الوكيل
ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
و لعل قراءة ملخص هذه الرسالة التي كتبها السيوطي يمكن به مقارنة بين حال السلف مع الخلفاء و الحال التي وصل اليها معظم من ينتسبون للعلم في حالهم مع سلاطين اليوم و الذين لا يمكن مقارنتهم مع أمراء و خلفاء المسلمين السابقين فيما وصلوا اليه من عون للكافرين و عبث بالشريعة و نشر للفساد و الضلال.
و سنرى أيضا كيف أضاع أشباه العلماء اليوم دينهم و هيبتهم و شوهوا الحق. بل أصبح يكفي الواحد منهم ان يتشرف بلقاء السلطان و بابتسامة منه ليبيع عليه دينه و ليلبس الحق بالباطل باسم المصلحة، فأضاعوا قواعد الدين و أسسه ، و قد قال أحدهم دخلنا مع السلطان قاصدين شيئا من الخير و لكننا لم نستطع الخروج منه!
و هل أفسد الديــن الا الملوك .. و أحبار سـوء و رهبانها
---------
أخرج أبو داود، والترمذي وحسنه، والنسائي، والبيهقي في « شعب الإيمان »، عن ابن عباس، رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « من سكن البادية جفا، ومن اتبع الصيد غفل، ومن أتى أبواب السلاطين افتتن ». وأخرج أحمد في مسنده، والبيهقي بسند صحيح، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « من بدا جفا، ومن اتبع الصيد غفل، ومن أتى أبواب السلطان افتتن، وما ازداد أحد من السلطان قرباً، إلا ازداد من الله بعداً ».
وأخرج الترمذي وصححه، والنسائي، والحاكم وصححه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « سيكون بعدي أمراء، فمن دخل عليهم فصدقهم بكذبهم، وأعانهم على ظلمهم، فليس مني، ولست منه، وليس بوارد علي الحوض، ومن لم يدخل عليهم، ولم يعنهم على ظلمهم، ولم يصدقهم بكذبهم، فهو مني، وأنا منه، وهو وارد علي الحوض ». وأخرج البخاري في تاريخه وابن سعد في « الطبقات » عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: « يدخل الرجل على السلطان ومعه دينه، فيخرج وما معه شيء ».
وأخرج ابن ماجه، والبيهقي، عن ابن مسعود، قال: لو أن أهل العلم صانعوا العلم، ووضعوه عند أهله، لسادوا به أهل زمانهم ولكنهم بذلوه لأهل الدنيا لينالوا به من دنياهم، فهانوا عليهم. وأخرج البيهقي، عن وهب بن منبه، أنه قال لعطاء: « إياك وأبواب السلطان! فإن على أبواب السلطان فتناً كمبارك الإبل، لا تصيب من دنياهم شيئاً إلا أصابوا من دينك مثله ». وأخرج ابن أبي شيبة، والبيهقي، عن سلمة بن قيس، قال: لقيت أبا ذر، فقال: « يا سلمة بن قيس! ثلاث فاحفظها: لا تجمع بين الضرائر فإنك لن تعدل ولو حرصت، ولا تعمل على الصدقة، فإن صاحب الصدقة زائد وناقص، ولا تغش ذات سلطان فإنك لا تصيب من دنياهم شيئاً، إلا أصابوا من دينك أفضل منه ».
لا تذهب .. دعوك إلى المجيء إيهم أم لا، وسواء دعوه لمصلحة دينية أم لغيرها
ذهب جمهور العلماء من السلف، وصلحاء الخلف إلى أن هذه الأحاديث والآثار جارية على إطلاقها سواء دعوه إلى المجيء إليهم أم لا، وسواء دعوه لمصلحة دينية أم لغيرها. قال سفيان الثوري: « إن دعوك لتقرأ عليهم: قل هو الله أحد، فلا تأتهم » رواه البيهقي، كما تقدم وروى أبو نعيم في الحلية عن ميمون بن مهران: أن عبد الله بن عبد الملك بن مروان قدم المدينة، فبعث حاجبه إلى سعيد بن المسيب فقال له: أجب أمير المؤمنين! قال: وما حاجته؟ قال: لتتحدث معه. فقال: لست من حداثه. فرجع الحاجب إليه فأخبره، قال: دعه.
وروى الخطيب، عن حماد بن سلمة: أن بعض الخلفاء أرسل إليه رسولا يقول له: إنه قد عرضت مسألة، فأتنا نسألك. فقال للرسول: قل له: « إنا أدركنا أقواما لا يأتونا أحدا لما بلغهم من الحديث فإن كانت لك مسألة فاكتبها في رقعة نكتب لك جوابها ». وقال الخطيب البغدادي في كتاب رواه مالك: « كتب إلىّ القاضي أبو القاسم الحسن بن محمد بن الأنباري، من مصر، أنبأنا محمد بن أحمد بن المسور، نبأنا المقدام بن داود الرعيني، نبأنا علي ابن معبد، نبأنا إسحاق بن يحيى، عن مالك بن أنس رحمه الله، قال: « أدركت بضعة عشر رجلا من التابعين يقولون لا تأتوهم، ولا تأمروهم، يعني السلطان ».
وقال ابن باكويه الشيرازي في « أخبار الصوفية »: « حدثنا سلامة بن أحمد التكريني أنبأنا يعقوب ابن اسحاق، نبأنا عبيد الله بن محمد القرشي، قال: كنا مع سفيان الثوري بمكة، فجاءه كتاب من عياله من الكوفة: بلغت بنا الحاجة أنا نقلي النوى فنأكله فبكى سفيان. فقال له بعض أصحابه: يا أبا عبد الله! لو مررت إلى السلطان، صرت إلى ما تريد! فقال سفيان: « والله لا أسأل الدنيا من يملكها، فكيف أسألها من لا يملكها ».
وأخرج ابن باكويه، عن الفضيل بن عياض، قال: « لو أن أهل العلم أكرموا على أنفسهم وشحوا على دينهم، وأعزوا العلم وصانوه، وأنزلوه حيث أنزله الله، لخضعت لهم رقاب الجبابرة وانقاد لهم الناس، واشتغلوا بما يعنيهم، وعز الإسلام وأهله لكنهم استذلوا أنفسهم ولم يبالوا بما نقص من دينهم، إذا سلمت لهم دنياهم وبذلوا علمهم لأبناء الدنيا ليصيبوا ما في أيديهم، فذلوا وهانوا على الناس ».
ليسوا علماء انما هم رواة
وأخرج البيهقي، وابن عساكر، عن زمعة بن صالح قال: قال الزهري لسليمان أو هشام: ألا تسأل أبا حازم ما قال في العلماء؟ قال يا أبا حازم: ما قلت في العلماء؟ قال: « وما عسيت أن أقول في العلماء إلا خيرا، إني أدركت العلماء وقد استغنوا بعملهم عن أهل الدنيا، ولم تستغن أهل الدنيا بدنياهم عن علمهم فلما رأى ذلك هذا وأصحابه تعلموا العلم فلم يستغنوا به واستغنى أهل الدنيا بدنياهم عن علمهم.. فلما رأوا ذلك، قذفوا بعلمهم إلى أهل الدنيا ولم ينلهم أهل الدنيا من دنياهم شيئا، إن هذا وأصحابه ليسوا علماء إنما هم رواة ». « وأخرج ابن النجار في تاريخه عن سفيان الثوري قال: « ما زال العلم عزيزا، حتى حمل إلى أبواب الملوك فأخذوا عليه أجرا، فنزع الله الحلاوة من قلوبهم ومنعهم العلم به ».
مخالطة السلاطين 3 أحوال
عقد الغزالي في « الإحياء » بابا في مخالطة السلاطين، وحكم غشيان مجالستهم، والدخول عليهم، قال فيه: « اعلم أن لك مع الأمراء والعمال الظلمة، ثلاثة أحوال: الحال الأولى: وهي شرها، أن تدخل عليهم. والثانية: وهي دونها أن يدخلوا عليك. والثالثة: - وهي الأسلم - : أن تعتزل عنهم، ولا تراهم ولا يروك.
أما الحالة الأولى: وهي الدخول عليهم، فهي مذمومة جدا في الشرع وفيه تغليظات وتشديدات تواردت بها الأخبار والآثار فننقلها لتعرف ذم الشرع له. ثم نتعرض لما يحرم منه، وما يباح وما يكره، على، ما تقتضيه الفتوى في ظاهر العلم » ثم سرد كثيرا من الأحاديث والآثار التي سبق ذكرها. ومما أورده مما لم يسبق له ذكر: « قال سفيان: في جهنم واد لا يسكنه إلا القراء الزوارون للملوك ».
المحظور عن المكروه و المباح
قال: « فهذه الأخبار والآثار تدل على ما في مخالطة السلاطين من الفتن وأنواع الفساد ولكنا نفصل ذلك تفصيلا فقهيا، نميز فيه المحظور عن المكروه والمباح: فنقول: الداخل على السلطان متعرض لأن يعصي الله إما بفعله، وإما بسكوته، وإما بقوله، وإما باعتقاده ولا ينفك عن أحد هذه الأمور.
دارهم مغصوبة
أما الفعل: فالدخول عليهم في غالب الأحوال يكون إلى دار مغصوبة، وتخطيها والدخول فيها بغير إذن المالك حرام والتواضع للظالم لا يباح إلا بمجرد السلام. فأما تقبيل اليد والانحناء في الخدمة فمعصية.
لا تسلم عليهم
وقد بالغ بعض السلف، حتى امتنع عن رد جوابهم في السلام. والإعراض عنهم استحقارا لهم من محاسن القربات. والجلوس على بساطهم، إذا كان أغلب أموالهم حراما، لا يجوز.
السكوت عن ما في قصورهم و أحاديثهم حرام !!
وأما السكوت فإنه يرى في مجلسهم من الفرش الحرير، وأواني الفضة والحرير والملبوس عليهم، وعلى غلمانهم ما هو حرام. وكل من رأى سيئة وسكت عليها، فهو شريك في تلك السيئة. بل يسمع من كلامهم ما هو فحش، وكذب وشتم، وإيذاء، والسكوت عن جميع ذلك حرام. فإن ما هو فحش، وكذب وشتم، وإيذاء، والسكوت عن جميع ذلك حرام. فإن قلت: إنه يخاف على نفسه، وهو معذور في السكوت فهذا حق ولكنه مستغن عن أن يعرض نفسه لارتكاب ما لا يباح إلا بعذر، فإنه لو لم يدخل ولم يشاهد لم يتوجه عليه الخطاب بالحسبة، حتى يسقط عنه بالعذر. ومن علم فسادا في موضع، وعلم أنه لا يقدر على إزالته لا يجوز له أن يحضر ليجري ذلك بين يديه، وهو يشاهده ويسكت بل يحتزر عن مشاهدته.
لا تدعو للظالم
وأما القول: فإنه يدعو للظالم، أو يثني عليه، أو يصدقه فيما يقول من باطل بصريح قوله، أو بتحريك رأسه، أو باستبشار في وجهه أو يظهر له الحب والموالاة، والاشتياق إلى لقائه، والحرص على طول عمره وبقائه. فإنه في الغالب لا يقتصر على السلام، بل يتكلم ولا يعدو كلامه هذا الإمام.
ثلاث معاص في الدعاء للسلطان
أما دعاؤه فلا يحل له إلا أن يقول: « أصلحك، أو وفقك الله للخيرات أو طول الله عمرك في طاعته » أو ما يجري في هذا المجرى. فأما الدعاء له بالحراسة وطول البقاء وإسباغ النعمة، مع الخطاب بالمولى وما في معناه، فغير جائز، وقال صلى الله عليه وسلم: « من دعى لظالم بالبقاء، فقد أحب أن يعصى الله في أرضه ». فإن جاوز الدعاء إلى الثناء فيذكر ما ليس فيه، فيكون كاذبا أو منافقا أو مكرما لظالم. وهذه ثلاث معاص، وقد قال صلى الله عليه وسلم: « إن الله ليغضب إذا مدح الفاسق ». وفي خبر آخر: « من أكرم فاسقا فقد أعان على هدم الإسلام فإن جاوز ذلك إلى التصديق له فيما يقول، والتزكية على ما يعمل، كان عاصيا بالتصديق وبالإعانة. فإن التزكية، والثناء إعانة على المعصية وتحريك للرغبة فيها كما أن التكذيب والمذمة والتقبيح زجر عنه وتضعيف لدواعيه. والإعانة على المعصية معصية ولو بشطر كلمة.
دعه يموت و لا تسقه شربة ماء!
وقد سئل سفيان عن ظالم أشرف على الهلاك في برية: هل يسقى شربة ماء؟ فقال: « لا، دعه يموت فإن ذلك إعانة له ». وأيضا فلا يسلم من فساد يتطرق إلى قلبه فإنه ينظر إلى توسعه في النعمة ويزدري نعمة الله عليه ويكون مقتحما نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال: « يا معشر المهاجرين لا تدخلوا على أهل الدنيا فإنها مسخطة للرزق ». وهذا مع ما فيه من اقتداء غيره في الدخول، ومن تكثير سواد الظلمة بنفسه وتحميله إياهم إن كان ممن به وكل ذلك إما مكروهات أو محظورات
لا يجوز الدخول عليهم الا بعذرين
لا يجوز الدخول عليهم إلا بعذرين. أحدهما: أن يكون من جهتهم أمر إلزام، لا إكرام، وعلم أنه لو امتنع أوذي. والثاني: أن يدخل عليهم في دفع الظلم عن مسلم، فذلك رخصة بشرط أن لا يكذب، ولا يدع نصيحة يتوقع لها قبولا ».
تعلم الدخول منهم
ثم قال: « فإن قلت: فلقد كان علماء السلف يدخلون على السلاطين فأقول: نعم تعلم الدخول منهم، ثم أدخل عليهم! فقد حكي: أن هشام بن عبد الملك، قدم حاجا إلى مكة فلما دخلها قال: ائتوني برجل من الصحابة » فقيل: يا أمير المؤمنين! فقد تفانوا قال: من التابعين. فأتي بطاوس اليماني فلما دخل عليه، خلع نعليه بحاشية البساط، ولم يسلم بإمرة المؤمنين، ولكن قال: « السلام عليك يا هشام! » ولم يكنه وجلس بإزائه وقال: « كيف أنت يا هشام! » فغضب هشام غضبا شديدا حتى هم بقتله وقال له: « ما حملك على ما صنعت؟! » قال: « وما الذي صنعت؟! ».
فازداد غضبا وغيظا، فقال: « خلعت نعلك بحاشية بساطي، وما قبلت يدي، ولم تسلم علي بإمرة المؤمنين، ولم تكنني وجلست بإزاي بغير إذن، وقلت: « كيف أنت يا هشام؟ » فقال: أما قولك: « خلعت نعلي، بحاشية بساطك، فأنا أخلعها بين يدي رب العالمين كل يوم خمس مرات ولا يعاقبني ولا يغضب علي. وأما قولك: « لم تقبل يدي فإني سمعت علي بن أبي طالب قال:« لا يحل لرجل أن يقبل يد أحد، إلا امرأته بشهوة أو ولده برحمة ». وأما قولك: لم تسلم بإمرة المؤمنين، فليس كل الناس راض بإمرتك، فكرهت أن أكذب. وأما قولك: « لم تكنني فإن الله تعالى سمى أولياءه وقال: يا داود، يا يحيى، يا عيسى وكني أعداءه فقال: »تَبَّت يَداَ أَبي لَهَبٍ« وأما قولك: جلست بإزائي فإني سمعت علي بن أبي طالب يقول: « إذا أردت أن تنظر إلى رجل من أهل النار، انظر إلى رجل جالس وحوله قوم قيام » فقال هشام: عظني؟.
قال: « سمعت علي بن أبي طالب يقول: « إن في جهنم حيات كالقلال، وعقارب كالبغال تلدغ كل أمير لا يعدل في رعيته » ثم قام وخرج. وعن سفيان الثوري قال: « دخلت على أبي جعفر بمنى، فقال لي: ارفع حاجتك؟ فقلت له:« اتق الله! فإنك قد ملأت الأرض جورا وظلما ». قال: فطأطأ رأسه، ثم رفع وقال: ارفع لنا حاجتك؟ فقلت: « إنما أنزلت هذه المنزلة بسيوف المهاجرين والأنصار، وأبناؤهم يموتون جوعا، فاتق الله وأوصل إليهم حقوقهم ». قال: فطأطأ رأسه ثم رفع وقال: ارفع إلينا حاجتك؟ قلت: « حج عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال لخازنه: كم أنفقت؟ قال: بضعة عشر درهما، وأرى هاهنا أمورا لا تطيق الجمال حملها ».
فهكذا كانوا يدخلون على السلاطين إذا أكرهوا فكانوا يفرون بأرواحهم في الله أعني علماء الآخرة، فأما علماء الدنيا فيدخلون ليتقربوا إلى قلوبهم، فيدلونهم على الرخص، ويستنبطون بدقائق الحيل السعة فيما يوافق أغراضهم » انتهى كلام الغزالي ملخصا.
العز بن عبدالسلام
وفي « أمالي » الشيخ عز الدين بن عبد السلام التي علقها عنه تلميذه الشيخ شهاب الدين القرافي أحد أئمة المالكية، ما نصه: « ومن جملة كلامه - يعني الشيخ عز الدين رضي الله عنه - وقد كتب إليه بعض أرباب الدولة يحضه على الاجتماع بملك وقتهم، والتردد إليه ليكون ذلك مقيما لجاهه وكاتبا لعدوه. فقال رضي الله عنه: « قرأت العلم لأكون سفيراً بين الله وبين خلقه، وأتردد إلى أبواب هؤلاء! » قال القرافي: « فأشار رضي الله تعالى عنه إلى من حمل العلم، فقد صار ينقل عن الله إلى عباده، فهو في مقام الرسالة ومن كان له هذا الشرف لا يحسن منه ذلك ».
شر العلماء و شر الملوك
وفي « طبقات الحنفية » في ترجمة علي بن الحسن الصندلي: « أن السلطان ملك شاة قال له: « لم لا يجيء إلي؟ قال: أردت أن تكون من خير الملوك، حيث تزور العلماء، ولا أكون من شر العلماء حيث أزور الملوك ». وفي « تهذيب الكمال » أيضا بسنده عن رشدين بن سعد قال: سمعت إبراهيم بن أدهم يقول: سمعت « أعز الأشياء في آخر الزمان ثلاثة: أخ في الله يؤتسى وكسب درهم من حلال، وكلمة حق عند سلطان ».
وحسبنا الله ونعم الوكيل
ولا قوة إلا بالله العلي العظيم