abedalkader
2011-12-22, 18:20
( بِـئس الْمَطِـيَّـة ) .. مقال لفضيلة الشيخ عبد الرحمن السحيم.
.
السلام عليكم
ثم
:dj_17:
نحن في زماننا أحوج ما نكون إلى الـتَّـثَـبُّت
وجاء الحث على الـتَّثَبُّت في شَرْعِنا الحنيف .
وفي الـتَّنْزِيل : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا)
وفي قراءة (فَتَثَبَّتُوا) .
وفي الحديث : لَوْ يُعْطَى النَّاسُ بِدَعْوَاهُمْ لذَهَبَ دِمَاءُ قَوْمٍ وَأَمْوَالُهُمْ . رواه البخاري ومسلم .
وفي زمن ابن عباس وَقَعَتْ دَعْوى بين امْرَأَتَيْنِ كَانَتَا تَخْرِزَانِ فِي بَيْتٍ أَوْ فِي الْحُجْرَةِ ، فَخَرَجَتْ إِحْدَاهُمَا وَقَدْ أُنْفِذَ بِإِشْفَى [مِخْيَط] فِي كَفِّهَا ، فَادَّعَتْ عَلَى الأُخْرَى ، فَرُفِعَ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَوْ يُعْطَى النَّاسُ بِدَعْوَاهُمْ لذَهَبَ دِمَاءُ قَوْمٍ وَأَمْوَالُهُمْ . ذَكِّرُوهَا بِاللَّهِ ، وَاقْرَءُوا عَلَيْهَا : (إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ) ، فَذَكَّرُوهَا فَاعْتَرَفَتْ . رواه البخاري .
ومما يُذَمّ تَلَقُّف الأقوال دون تَثَبُّت ، فتُطْلَق الألسنة بِقَالَةِ السوء ، وويل لِمَن قال في مؤمن ما ليس فيه ..
وفي الـتَّنْزِيل : (إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ)
وفي السُّـنَّة : مَن قال في مُؤمن ما لَيس فيه أسكنه الله رَدْغة الخبال حتى يَخْرُج مما قال . رواه أبو داود ، وغيره ، وصححه الألباني .
قال الإمام الشافعي :
إذا تكلمت فيما لا يَعنيك مَلَكَتْك الكَلِمَة ، ولَم تَمْلِكها .
وقد عاب الله عز وجل على من يُطيّر الأخبار دون توثيق أو تَأكُّد ، فقال سبحانه وتعالى : (وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً) .
وأمَرَ الله عز وجل بِالتأكُّد مِن الْخَبَر ، والـتَّثَـبُّتِ مِن الْمُخْبِر ، فقال : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ) .
وقال عليه الصلاة والسلام : بِئس مَطِية الرَّجُل : زَعَمُوا . رواه الإمام أحمد والبخاري في " الأدب المفرَد " وأبو داود . وصححه الألباني .
أي : أن مصْدَر أخباره : زَعَمُوا ، وقالوا .. وسَمِعْتُ الناس يَقولون شيئا فَقُلْت !
ومَن حدَّث بِكُلّ ما سَمِع فقد كَذَب ؛ إذ ليس كل ما يُسْمَع مِن حديث الناس يكون حقًّا وصِدْقًا .
قال عليه الصلاة والسلام : كَفَى بِالْمَرْءِ كَذِبًا أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ . رواه مسلم في "الْمُقدَّمة " .
وقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضى الله عنه : بِحَسْبِ الْمَرْءِ مِنَ الْكَذِبِ أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ . رواه مسلم في "الْمُقدَّمة " .
وقَالَ ابْنُ وَهْبٍ : قَالَ لِى مَالِكٌ : اعْلَمْ أَنَّهُ لَيْسَ يَسْلَمُ رَجُلٌ حَدَّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ ، وَلاَ يَكُونُ إِمَامًا أَبَدًا وَهُوَ يُحَدِّثُ بِكُلِّ مَا سَمِعَ . رواه مسلم في "الْمُقدَّمة " .
وقال عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مَهْدِىٍّ : لاَ يَكُونُ الرَّجُلُ إِمَامًا يُقْتَدَى بِهِ حَتَّى يُمْسِكَ عَنْ بَعْضِ مَا سَمِعَ .
وكم نَتَلَقَّف الأخبار وتحليلاتها ! ثم نبني عليها الأحكام – ربما الجائرة - ..
في أحيان كثيرة نَتَصَوّر بعض الأمور خِلاف ما هي عليه ، فَنَحْكُم بناء على تلك التصَورات ؛ فتأتي أحكامنا جائرة !
أو نَتَلَقّى الأخبار مِن مَصادِر غير مَوثوقة ، ولعل بعضها مِن مَصادر عَدُوّنا ، ثم نَبني قَناعاتنا على شَفَا جُرُف هَار !
ومن ثم نُنَافِح عن تلك القناعات ! ونَسْتَمِيت دفاعا عنها !
ولو تأملنا بعض قناعاتنا لوجدناها أوْهَى من بَيت العنكبوت !
ومن هذا القَبيل أننا ربما أخَذنا كلام الْخَصْم في حَقّ خَصْمه مأخَذ التسليم ، ورأينا أنَّ قَوله حُجَّـة !
فَحَكَمْنا للصافِع على المصفوع ! وقُمْنا بإدانة مفقوء العين ! وصاحبه مفقوء العينين !
وجَرَّمْنا المقتول وبَرَّأنا القَاتِل !
كل هذا لأنّ كثيرًا مِن قناعاتنا زائفة .. وعن السبيل جائرة !
كم مرة أخذنا الْخَبَر الإعلامي والتحقيق الصحفي مأخَذ التسليم ؟!
ثم ما نَلبث أن نَكتشف كَذِب هذا ، وزَيف دَعوى ذاك !
وربما نَطَق الخبر بِكَذِب صَاحِبه ! أو تَضَمَّن التقرير جَوْرَ مُقَرِّره !
أحيانا تَقرأ خَبرا أو تَقريرًا في صحيفة فَتَجِد أنّ كَاتِبه أَبَى إلاَّ فَضْح نَفْسه ! وإعلان تناقضه !
كم مِن كاتِب مجهول ! ولعله في عِداد الكذاّبين ! بل ربما كان " جَبَل كّذِب " !
وكم مِن مُخبِر إعلامي يَصْبَغ الْحَقائق بِصِبْغته ، أو توجّهه ومذهبه !
وكم مِن مُرْتَزِق إعلامي .. تقاضى أجْرَه مِن يَدِ عَدوِّه .. والساحة تشهد بذلك !
ومِن هؤلاء نَتَلقّى الأخبار .. ونَقْتَنِع بما قَالُوه أو كَتبُوه !
ومِن ثَمّ نُلْغِي عُقولنا .. ونُجيّرها لِحساب هذا أو ذاك !
أو نَضَعها على طَبَق مِن ذَهَب ليسكب فيها العدو والصديق والقريب والبعيد .. ما شاء .. كيفما شاء !
وربما قال لك أحدهم .. أو حاجَّك بعضهم بما اقْتَنَع به .. ورأى أنه الحق وما عَداه باطِل !
طَرَح مرّة أحدهم مسألة مما يَجري في الساحة ..
فقلت له : الأمْر بِخِلاف ما تَقول !
قال : كيف ؟
فأوْضَحْتُ له بعض الجوانب المتعلِّقة بالْمَسْألة !
وكان مُقْتَنِعا بما يَقول ..
حتى كأني أقول له : هذا الصبح ليل !!
قال : أنت ما تَثِق بي ؟!
قلت : بلى
قال : لماذا لا تُريد أن تُصدّقني ؟!
قلت : ليست المسألة تصديق .. ولكن ما اقْتَنَعْتَ أنتَ به .. إنما هو صَدى لِمَا تُردِّده وسائل الإعلام !
ثم إن الكلام في " الماجِريَّات " يجب التّثبّت مِنه خاصة إذا تعلّق بأعراض عِباد الله .. والنيل منهم .. أو الطّعن فيهم ..
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : وَأَمَّا " الماجريات " فَإِذَا اخْتَصَمَ رَجُلانِ بِقَوْلِ أَوْ فِعْلٍ وَجَبَ أَنْ يُقَامَ فِي أَمْرِهِمَا بِالْقِسْطِ . اهـ .
ومثال آخر :
كُـنّـا في بعض المناطق النائية مِن بِلادنا .. وكُنّـا في مجلس يَضُمّ الصغير والكبير .. والْمُتَعَلِّم والجاهل ..
فتكلّم أحد الشباب – الأغرار – عن قضية اجتماعية .. وكان بعض كُتّاب الصحف يُدندن حولها .. ويُسَعِّر أوُرَاها آخرون !
تكلّم حَولها بعض الشباب – الْمُتَعَلِّم – بأنها ضرورة !
لم يتكلّم بما هو ضرورة فِعلا .. وإنما بما أقنعه به بعض غِلمان الصحافة .. بل بعض الْمَارِقِين الذين ما فَـتِئُوا يَكيدون للإسلام وأهله !
فَنَتَثَـبَّت مما يُقال ويُطْرَح ..
ونَعِي ما نَتَلَفَّظ به ..
ولا نَخوض في كل ما نَسْمَع على أنه ثَابِت ثُبوت الجبال الرواسي !
ونَتَذَكّر (مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ) .
20 / رمضان / 1431 هـ .
.
السلام عليكم
ثم
:dj_17:
نحن في زماننا أحوج ما نكون إلى الـتَّـثَـبُّت
وجاء الحث على الـتَّثَبُّت في شَرْعِنا الحنيف .
وفي الـتَّنْزِيل : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا)
وفي قراءة (فَتَثَبَّتُوا) .
وفي الحديث : لَوْ يُعْطَى النَّاسُ بِدَعْوَاهُمْ لذَهَبَ دِمَاءُ قَوْمٍ وَأَمْوَالُهُمْ . رواه البخاري ومسلم .
وفي زمن ابن عباس وَقَعَتْ دَعْوى بين امْرَأَتَيْنِ كَانَتَا تَخْرِزَانِ فِي بَيْتٍ أَوْ فِي الْحُجْرَةِ ، فَخَرَجَتْ إِحْدَاهُمَا وَقَدْ أُنْفِذَ بِإِشْفَى [مِخْيَط] فِي كَفِّهَا ، فَادَّعَتْ عَلَى الأُخْرَى ، فَرُفِعَ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَوْ يُعْطَى النَّاسُ بِدَعْوَاهُمْ لذَهَبَ دِمَاءُ قَوْمٍ وَأَمْوَالُهُمْ . ذَكِّرُوهَا بِاللَّهِ ، وَاقْرَءُوا عَلَيْهَا : (إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ) ، فَذَكَّرُوهَا فَاعْتَرَفَتْ . رواه البخاري .
ومما يُذَمّ تَلَقُّف الأقوال دون تَثَبُّت ، فتُطْلَق الألسنة بِقَالَةِ السوء ، وويل لِمَن قال في مؤمن ما ليس فيه ..
وفي الـتَّنْزِيل : (إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ)
وفي السُّـنَّة : مَن قال في مُؤمن ما لَيس فيه أسكنه الله رَدْغة الخبال حتى يَخْرُج مما قال . رواه أبو داود ، وغيره ، وصححه الألباني .
قال الإمام الشافعي :
إذا تكلمت فيما لا يَعنيك مَلَكَتْك الكَلِمَة ، ولَم تَمْلِكها .
وقد عاب الله عز وجل على من يُطيّر الأخبار دون توثيق أو تَأكُّد ، فقال سبحانه وتعالى : (وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً) .
وأمَرَ الله عز وجل بِالتأكُّد مِن الْخَبَر ، والـتَّثَـبُّتِ مِن الْمُخْبِر ، فقال : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ) .
وقال عليه الصلاة والسلام : بِئس مَطِية الرَّجُل : زَعَمُوا . رواه الإمام أحمد والبخاري في " الأدب المفرَد " وأبو داود . وصححه الألباني .
أي : أن مصْدَر أخباره : زَعَمُوا ، وقالوا .. وسَمِعْتُ الناس يَقولون شيئا فَقُلْت !
ومَن حدَّث بِكُلّ ما سَمِع فقد كَذَب ؛ إذ ليس كل ما يُسْمَع مِن حديث الناس يكون حقًّا وصِدْقًا .
قال عليه الصلاة والسلام : كَفَى بِالْمَرْءِ كَذِبًا أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ . رواه مسلم في "الْمُقدَّمة " .
وقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضى الله عنه : بِحَسْبِ الْمَرْءِ مِنَ الْكَذِبِ أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ . رواه مسلم في "الْمُقدَّمة " .
وقَالَ ابْنُ وَهْبٍ : قَالَ لِى مَالِكٌ : اعْلَمْ أَنَّهُ لَيْسَ يَسْلَمُ رَجُلٌ حَدَّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ ، وَلاَ يَكُونُ إِمَامًا أَبَدًا وَهُوَ يُحَدِّثُ بِكُلِّ مَا سَمِعَ . رواه مسلم في "الْمُقدَّمة " .
وقال عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مَهْدِىٍّ : لاَ يَكُونُ الرَّجُلُ إِمَامًا يُقْتَدَى بِهِ حَتَّى يُمْسِكَ عَنْ بَعْضِ مَا سَمِعَ .
وكم نَتَلَقَّف الأخبار وتحليلاتها ! ثم نبني عليها الأحكام – ربما الجائرة - ..
في أحيان كثيرة نَتَصَوّر بعض الأمور خِلاف ما هي عليه ، فَنَحْكُم بناء على تلك التصَورات ؛ فتأتي أحكامنا جائرة !
أو نَتَلَقّى الأخبار مِن مَصادِر غير مَوثوقة ، ولعل بعضها مِن مَصادر عَدُوّنا ، ثم نَبني قَناعاتنا على شَفَا جُرُف هَار !
ومن ثم نُنَافِح عن تلك القناعات ! ونَسْتَمِيت دفاعا عنها !
ولو تأملنا بعض قناعاتنا لوجدناها أوْهَى من بَيت العنكبوت !
ومن هذا القَبيل أننا ربما أخَذنا كلام الْخَصْم في حَقّ خَصْمه مأخَذ التسليم ، ورأينا أنَّ قَوله حُجَّـة !
فَحَكَمْنا للصافِع على المصفوع ! وقُمْنا بإدانة مفقوء العين ! وصاحبه مفقوء العينين !
وجَرَّمْنا المقتول وبَرَّأنا القَاتِل !
كل هذا لأنّ كثيرًا مِن قناعاتنا زائفة .. وعن السبيل جائرة !
كم مرة أخذنا الْخَبَر الإعلامي والتحقيق الصحفي مأخَذ التسليم ؟!
ثم ما نَلبث أن نَكتشف كَذِب هذا ، وزَيف دَعوى ذاك !
وربما نَطَق الخبر بِكَذِب صَاحِبه ! أو تَضَمَّن التقرير جَوْرَ مُقَرِّره !
أحيانا تَقرأ خَبرا أو تَقريرًا في صحيفة فَتَجِد أنّ كَاتِبه أَبَى إلاَّ فَضْح نَفْسه ! وإعلان تناقضه !
كم مِن كاتِب مجهول ! ولعله في عِداد الكذاّبين ! بل ربما كان " جَبَل كّذِب " !
وكم مِن مُخبِر إعلامي يَصْبَغ الْحَقائق بِصِبْغته ، أو توجّهه ومذهبه !
وكم مِن مُرْتَزِق إعلامي .. تقاضى أجْرَه مِن يَدِ عَدوِّه .. والساحة تشهد بذلك !
ومِن هؤلاء نَتَلقّى الأخبار .. ونَقْتَنِع بما قَالُوه أو كَتبُوه !
ومِن ثَمّ نُلْغِي عُقولنا .. ونُجيّرها لِحساب هذا أو ذاك !
أو نَضَعها على طَبَق مِن ذَهَب ليسكب فيها العدو والصديق والقريب والبعيد .. ما شاء .. كيفما شاء !
وربما قال لك أحدهم .. أو حاجَّك بعضهم بما اقْتَنَع به .. ورأى أنه الحق وما عَداه باطِل !
طَرَح مرّة أحدهم مسألة مما يَجري في الساحة ..
فقلت له : الأمْر بِخِلاف ما تَقول !
قال : كيف ؟
فأوْضَحْتُ له بعض الجوانب المتعلِّقة بالْمَسْألة !
وكان مُقْتَنِعا بما يَقول ..
حتى كأني أقول له : هذا الصبح ليل !!
قال : أنت ما تَثِق بي ؟!
قلت : بلى
قال : لماذا لا تُريد أن تُصدّقني ؟!
قلت : ليست المسألة تصديق .. ولكن ما اقْتَنَعْتَ أنتَ به .. إنما هو صَدى لِمَا تُردِّده وسائل الإعلام !
ثم إن الكلام في " الماجِريَّات " يجب التّثبّت مِنه خاصة إذا تعلّق بأعراض عِباد الله .. والنيل منهم .. أو الطّعن فيهم ..
قال شيخ الإسلام ابن تيمية : وَأَمَّا " الماجريات " فَإِذَا اخْتَصَمَ رَجُلانِ بِقَوْلِ أَوْ فِعْلٍ وَجَبَ أَنْ يُقَامَ فِي أَمْرِهِمَا بِالْقِسْطِ . اهـ .
ومثال آخر :
كُـنّـا في بعض المناطق النائية مِن بِلادنا .. وكُنّـا في مجلس يَضُمّ الصغير والكبير .. والْمُتَعَلِّم والجاهل ..
فتكلّم أحد الشباب – الأغرار – عن قضية اجتماعية .. وكان بعض كُتّاب الصحف يُدندن حولها .. ويُسَعِّر أوُرَاها آخرون !
تكلّم حَولها بعض الشباب – الْمُتَعَلِّم – بأنها ضرورة !
لم يتكلّم بما هو ضرورة فِعلا .. وإنما بما أقنعه به بعض غِلمان الصحافة .. بل بعض الْمَارِقِين الذين ما فَـتِئُوا يَكيدون للإسلام وأهله !
فَنَتَثَـبَّت مما يُقال ويُطْرَح ..
ونَعِي ما نَتَلَفَّظ به ..
ولا نَخوض في كل ما نَسْمَع على أنه ثَابِت ثُبوت الجبال الرواسي !
ونَتَذَكّر (مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ) .
20 / رمضان / 1431 هـ .