مشاهدة النسخة كاملة : هام في اللاقتصاد السياسي-
sarasrour
2011-12-22, 00:07
لقد كان للتقدم الصناعى والتكنولوجى الذى حدث نتيجة الثورة الصناعية أثر كبير فى إحداث مشكلات بيئية خطيرة ، الأمر الذى أدى إلى إحداث ضغوط هائلة على الموارد الطبيعية خاصة تلك الموارد غير المتجددة ، ومن ثم اختلال توازن النظام البيئى .
ومع تزايد حجم المشكلات البيئية تطور اهتمام الفكر الإنسانى بالبيئة إلى الحد الذى أدى إلى ظهور وعى بيئى لدى حكومات ومواطنى الدول المتقدمة منذ أواخر الستينات ، حيث تم إنشاء العديد من المؤسسات والمعاهد العلمية لدراسة مختلف الموضوعات البيئية ، وتكونت الأحزاب السياسية ( التى سميت بالأحزاب الخضراء ) التى جعلت من أهم أهدافها حماية وصيانة البيئة للإنسان ، وتمتعت بنفوذ سياسى قوى فى هذا الصدد .
وقد انعكست الاهتمامات العالمية بالبيئة على منظمة هيئة الأمم المتحدة التى عقدت أول وأهم مؤتمر عالمى للبيئة فى مدينة استوكهولم بالسويد عام 1972 ، لبحث العديد من الموضوعات التى تتعلق بالبيئة . وفى هذا المؤتمر قدمت العديد من دول العالم الصناعية تقارير عن أوضاع البيئة لديهم ، بالإضافة إلى برامج مقترحة فى الحفاظ على البيئة ، فى حين أن الدول النامية لم تشارك فى هذا المؤتمر لاعتقادها فى ذلك الوقت بأن خطط حماية البيئة التى أعلنت عنها الدول المتقدمة سوف تؤدى إلى تعطيل نمو الصناعات فى هذه الدول ، وأن مشاكل البيئة ما هى إلا قضايا ثانوية وهامشية ، حيث كانت تمثل التنمية الصناعية بالنسبة لهذه الدول تحدياً حقيقياً للخلاص من أسر التبعية الاقتصادية ، واستغلال العالم المتقدم لموارد تلك الدول ، وهى بذلك لم تضع فى اعتبارها الآثار السلبية المستقبلية للاهتمام الصناعى المتزايد ، وبالتالى لم تتخذ فى البداية أية أساليب تكنولوجية مهما كانت بساطتها للحد من التلوث بمختلف أنواعه .
وقد تلى مؤتمر استوكهولم العديد من المؤتمرات العالمية مثل مؤتمر بلجراد ، وتبليس ، والتى ركزت على ضرورة انقاذ البيئة من جميع أشكال التلوث ، وحماية الموارد الطبيعية للأجيال القادمة .
وبناء على ذلك بدأ الفكر البيئى يتجه من التركيز على التلوث البيئى بمختلف أنواعه وكيفية مواجهته والوقاية منه ، إلى الاهتمام باستغلال مصادر الثروة الطبيعية المتجددة وغير المتجددة ، وكيفية حمايتها وصيانتها ، ودور الإنسان ( المورد البشرى ) كهدف من أهداف التنمية فى تلك العملية التنموية الشاملة والمتكاملة .
ونظراً لتنوع وتشابك المشكلات البيئية المعاصرة من حيث أسبابها ونتائجها ، فقد تزايدت الأهمية العلمية والتطبيقية لعلوم البيئة والتخطيط البيئى ، حيث تعد الدراسات البيئية والفهم المضطرد للوسط البيئى الطبيعى والحضارى من أبرز التطورات العلمية التى ظهرت فى السبعينات من القرن العشرين .
ويتمثل دور العلوم البيئية فى تشخيص المشكلات البيئية ، وتحديد عواملها طبيعية كانت أم حضارية ، واختيار وسائل معالجتها ، والتصدى لأخطارها ، نظراً لكونها علوم متداخلة تتخطى الحدود التقليدية التى تفصل بين العلوم الطبيعية والإنسانية والتطبيقية بفروعها التقليدية كالعلوم الكيميائية ، والجيولوجية ، والجغرافية ، والاقتصادية ، والهندسية ، والطبية … الخ ، بحيث تسد الفجوات بين تلك العلوم ، وتكون حلقة الوصل بينها .
ومن منطلق ارتباط الفكر البيئى العالمى بعملية التنمية ، حيث يربط الاتجاه العالمى عملية التلوث واستنزاف الموارد واختلال التوازن البيئى بعمليات الإنتاج فى الدولة ككل ، وذلك من خلال التشابكات بين المجتمع البشرى فى سعيه الدؤوب لإشباع احتياجاته ، وبين عناصر بيئته.
فمن هذا المنطلق فقد برزت الحاجة إلى استحداث فرع جديد من العلوم الاقتصادية ليندرج تحت قائمة العلوم البيئية وهو " علم اقتصاديات البيئة " ، والذى يلعب دوراً محورياً فى تحديد المسارات المختلفة للإدارة الرشيدة للموارد ، والقدرات الطبيعية ، بالشكل الذى يضمن استدامة التنمية . وبهذا الشكل يصبح هذا الفرع الجديد من العلوم الاقتصادية الأداة الرئيسية لإدماج الاعتبارات البيئية فى عمليات صنع القرارات الخاصة بالتنمية فى شتى المجالات .
وفى هذا الصدد ، تلعب الجامعات دوراً قيادياً فى مجال تدريس العلوم البيئية ، والقيام بالبحوث المتقدمة لتهيئة الكوادر العلمية القادرة على دراسة جوانب البيئة الطبيعية والحضارية ، والمشكلات الناجمة عن التفاعل غير المخطط ، تمهيداً لإيجاد الطرائق والحلول المناسبة لتجنب هذه المشكلات ، وذلك من خلال تطبيق أساليب التخطيط الإقليمى والحضرى والبيئى معاً .
ومن هنا تأتى أهمية هذا الكتاب حيث يساعد القارئ على تنمية مفاهيمه البيئية ، وإكسابه القدرات العقلية والعملية لمواجهة أخطارها متى أمكن ذلك ، حيث يحاول هذا الكتاب الربط بين الدراسات الاقتصادية والدراسات البيئية ، وتطويع أدوات التحليل لكل منهما لكى تخدم التخصص الآخر ، فى سبيل تحليل ودراسة المشكلات البيئية ليس من منظور بيئى أو اقتصادى كل على حدة ، ولكن من خلال منظور يتسع ليشمل الأبعاد البيئية والاعتبارات الاقتصادية .
ومن هنا اشتمل الكتاب على أربعة فصول :
تناول الفصل الأول المشكلة الاقتصادية من حيث أسبابها وعناصرها ، وماهية الموارد وتقسيماتها ، مع إعطاء أهمية خاصة للموارد الطبيعية غير المتجددة ، وأهم العوامل التى تسهم فى الحد من مشكلة الندرة النسبية لهذه الموارد .
أما المفهوم المنظومى للبيئة وتوازنها ، فقد اشتمل عليها الفصل الثانى حيث تم شرح المنظومة البيئية لكوكب الأرض ، ومفهوم توازن البيئة ، وأوجه العدوان عليها والتى تمثلت فى استنزاف الموارد الطبيعية ، والتلوث ، واختلال التوازن البيئى
وقد حاول الفصل الثالث الربط بين الدراسات الاقتصادية والدراسات البيئية من خلال توضيح أن حماية البيئة مشكلة اقتصادية، مع عرض لتطور الفكر الاقتصادى فى الاهتمام بالبيئة ، ومبررات ظهور علم اقتصاديات البيئة كوسيلة تصل ما بين الأساليب التقليدية لاتخاذ القرارات الخاصة بالتنمية ، وبين ضرورات الحفاظ على البيئة .
أما الفصل الرابع والأخير فقد تناول العلاقة بين التنمية والبيئة والجدل القائم حول هذه العلاقة ، ومحاولة حسم هذا الجدل من خلال شرح لنظرية حدود النمو ( النموذج المتشائم ) ، والأسس التى بنيت عليها ، وأسباب انهيارها ، إلى أن حسمت نظرية التنمية المتواصلة (النموذج المتفائل) هذا الجدل ، وهى التنمية التى تأخذ فى اعتبارها الأبعاد البيئية بما يلبى حاجات الحاضر دون المساومة على قدرة الأجيال القادمة فى تلبية حاجاتهم .
khti rani mahtajak urgent svp
الاقتصاد السياسي هو مقياس المالية ؟
sarasrour
2011-12-22, 17:06
khti rani mahtajak urgent svp
السلام عليكم في الخدمةأختي ان استطعت
sarasrour
2011-12-24, 15:21
دروس في مقياس الاقتصاد السياسي
الإقتصاد السياسي
المقدمة
تحتوي عنوان هذه المادة على كلمتين : الإقتصاد ، و السياسة ، فكلمة " الإقتصاد" أتا بها أريسطوط aristote (1) كان يقصد بهذه المفردة " علم قوانين الإقتصاد المنزلي " أمّا مفهوم " الإقتصاد السياسي " بدأ إستعماله في القرن السابع عشر بفرنسا ، و منذ ذلك العصر إنتشر إستعمال الإصطلاح " الإقتصاد السياسي " الذي يعبر عن أحد فروع المعرفة النظرية و المسمى عند les anglosaxones " الإقتصاد "
" economics " إذا فماذا نقصد بالإصطلاح " الإقتصاد السياسي "؟.
عرف محمد دويدار الإقتصاد السياسي بأنه علم القوانين التي تحكم العلاقات الإقتصادية ، أي العلاقات الإجتماعية التي تنشأ بين أفراد المجتمع بواسطة الأشياء المادية و الخدمات " أي العلاقات التي تخص إنتاج و توزيع الأشياء العادية و الخدمات بغية تلبية إحتياجات أفراد المجتمع.
الفصل الأول
موضــوع الإقتصاد السياسي
موضوع الإقتصاد السياسي هو المعلرفة المتعلقة بالنشاط الخاص بإنتاج و توزيع المكنتجات و الخدمات التي يتطلبها أفراد المجتمع ، و هذا النشاط يكتسي وجه علاقة مزدوجة ، علاقة بين الإنسان و المحيط ، و علاقة بين الإنسان و الإنسان ، كما سيتضح لنا فيما بعد.
عملية الإنتاج كعلاقة بين الإنسان و الطبيعة:
بينما الكائنات الأخرى تعتبر جزء من الطبيعة ، الإنسان كائن مقاوم للطبيعة ، مضاد لها ، لا يستسلم لقيودها بل يبحث دوما على إمكانية التغلب على الطبيعة و التكيف معها ، لإشباع جاجاته العديدة
( les besoins) يتجه الإنسان إلى الطبيعة ، الإنسان له حاجات ، من أجل إشباعها يتحرك الإنسان في محيطه يبذل جهدا ، أو قوة ، بغية الحصول على الشيء أو على الخدمة التي يتطلبهاوجوده.
مجهود الإنسان يختلف عن مجهود الكائنات الأخرى ، لكونه مجهود واع ذا هدف و هو العمل ، وهو يعي مسبقا النتيجة التي يوكله إليها جهده و الأسبلوب الذي يبذل به هذا الجهد ، عندما يسيطر الإنسان له هدف ، فيتصور الوسائل اللازمة لتحقيق الهدف : مثلا إذا أراد الفردان يستغل الأرض من أجل إشباع حاجة غدائية فيقوم بعدد من الأنشطة لتحقيق هذا المراد : تحديد المساحة ، تحضير وسائل الحرث ، تحضير البذور ، ثمّ القيام بعملية الحرث
في مواعيد محددة حسب الموسم و المطر ، زرع المساحة ، وقايتها من الأعشاب الضارة ، حمايتها من المواشي كي لا تسودها ، و القيام بالحصاد في فصل الصيف و في الوقت المناسب ، ثمّ جمع الحبوب و طحنها لحصوله فيما بعد عن الخبز.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــ
(1) أكبر المترجمين لأرسطوط و المختص في فلسفته كان إبن رشد.
إذا الهدف المسطر في البداية كان الحصول مثلا على الخبز و جميع الوسائل و الأنشطة السابقة كانت تهدف كلها إلى بلوغ هذا الهدف المتمثل في إشباع حاجة غدائية.
إذا لإشباع حاجاته ، الإنسان مجبور على القيام بالعمل أي أن يحقق إنتاج موجه لتلبية حاجاته ، و هو هكذا الكائن الوحيد الذي ينتج ما يحتاجه من أجل الإستمرار في الحياة ، و بالتالي يتعلق الأمر بعملية إنتاج مستمر عبر الزمن ، عندما لا تكفي قواه البدنية لإشباع حاجاته المتطورة.
يستخدم الإنسان أشياء مكملة لأطرافه ، يصممها من الطبيعة و هي تعتبر الأدوات التي يستعملها في نشاطه بغية تحقيق إشياع الحاجة ، و هي أدوات العمل ، مثل المحراث الذي يصنعه من خشب شجرة كحرث الأرض و زرعها كي ينتج ما يشبع حاجته من الخبز.
فجوهر عملية الإنتاج إذن فهو علاقة الإنسان بالطبيعة ، أي تحويل قوى الطبيعة من أجل إشباع حاجاته ، هذه العملية هيعملية تفاعل نشط ذو تأثير متبادل بين الإنسان و الطبيعة.
و هذه العلاقة بين الإنسان و الطبيعة مثيرة للتغير و الحركة ، غير أنّ الإنسان لا يعيش هذا التفاعل المتبادل وحده ، بل في جماعة ، في مجتمع ، لأنّ الإنسان " حيوان إجتماعي" لأنه لا يستطيع أن يحفظ وجود ه إلاّ من خلال عمل الآخرين عملية الإنتاج عملية إجتماعية ، عملية العمل الإجتماعي فهي محاولة مستمرة للحصول على الموارد اللازمة ، من الطبيعة ، لإشباع حاجات الجماعة و أفرادها ، عمل أفراد الجماعة كل مع الآخر يمثل لتعاون بينهم ، و عمل كل منهم للآخر يتم في صورة تقسيم العمل ، كل فرد يصبح مختص في جزء من عملية الإنتاج .
إنّ تقسيم العمل رهني بتحقيق مستوى معين عن تطور القوى الإنتاجية ، أي مستوى معين من إنتاجية العمل يمكنه من خلق فائض في المواد الإستهلاكية يصبح بالتالي عمل الفرد جزء من فائض في المواد العمل الإجتماعي ، و مع نمو إقتصاد الجماعة الذي يصاحب الإتساع المستمر في حجم الجماعة ( العائلة، القبيلة ، الأمة ...) و مع تعقيد تركيب هذا الإقتصاد تزيده درجة تقسيم العمل بين أفراد الجماعة.
على هذا النحو يتبين بأنّ الإنتاج لا يتمثل فقط في العلاقة بين الإنسان و الطبيعة و إنمّا هو في الوقت نفسه علاقة بين الإنسان و الإنسان ، الأمر هنا يتعلق بمجموعة العلاقات بين أفراد المجتمع في صراعهم مع الطبيعة ، في مقاومتهم للطبيعة في العلاقات المتعددة التي تنشأ بينهم ممثلة للعلاقات الإقتصادية ، أي العلاقات الإجتماعية التي تتم بواسطة الأشياء المادية و الخدمات .
و من ثم يمكن القول أنّ العملية الإقتصادية هي عملية إنتاج و توزيع الناتج الإجتماعي ، الغاية النهائية في هذه العملية هو إشباع الحاجات عن طريق بذل المجهود الذي يتبلور في منتجات قابلة لإشياع تلك الحاجات.
إنّ علاقات الإنتاج هي روابط إجتماعية لأنها تتكون بين أفراد المجتمع ـ أو فئاته ، أو طبقاته ـ إنها إقتصادية لكونها تتم بواسطة الشياء المادية و الخدمات ، و تتم في أثناء الإنتاج بواسطة وسائل الإنتاج فهي الروابط التي تحدد موقف كل فرد ( أو فئة ، أو طبقة ) في مواجهة الآخر إزاء وسائل الإنتاج أمّا إذا كان مسيطرا عليها بفضل الملكية أو مبعدا عنها ) ، هذه العلاقات تتواقف هي الأخرى مع مستوى تطور قوى الإنتاج الموجودة في المجتمع ، التي تكوّن معها شكلا إجتماعيا لعملية الإنتاج ( و التوزيع ) ، يميز مرحلة معينة من مراحل تطور المجتمع الإنساني.
بتعريفنا للعملية الإقتصادية ، عملية النشاط الإقتصادي ، ( نشاط الإنتاج و التوزيع ) في أشكالها الإجتماعية المختلفة ، يتحدد لنا موضوع علم الإقتصاد السياسي ، هذا الموضوع هو الأفكار المتعلقة بالقوانين الإجتماعية التي تحكم مجموع الظواهر التي يمكن ملاحظتها و التي تكون النشاط الإقتصادي في المجتمع ، و هو نشاط يأخذ شكل عملية ذات بعد زمني و متكررة عبر الزمن : هذه هي القوانين الإقتصادية أي العلاقات التي تتكرر بإستمرار بين عناصر العملية الإقتصادية ، القوانين الإجتماعية الخاصة بإنتاج المنتجات بالكيفية التي تجد بما هذه المنتجات سبيلها إلأى الأفراد يستخدمونها لتلبية حاجاتهم، و هو ما يحدث بأشكال تختلف من مرحلة إلى أخرى من مراحل تطور المجتمع.
يتضح لنا أنّ علم الإقتصاد السياسي هو علم متفلرع من العلوم الإجتماعية بما بينها من إعتماد متبادل.
تكوين علم الإقتصاد لم يتم بين عشية و ضحاها ، و إنما من خلال عملية تاريخية دارت و تدور ) بين إستمرار و إنقطاع و تقدم من خلال التناقضات ، التقدم لا يجري على نحو خطى متواصل التعرف على الملامح العريضة لهذه العملية التاريخية يزيد من دققة تحديدنا لآفاق هذا العلم و يسمح لنا بأن نذكر أسماء كبار مفكرية ، كما سيرد في الفصل التالي.
الفصل الثاني
تاريخ الإقتصاد السياسي
المقدمة
لابد من الإشارة إلى الإهتمام الذي نوليه لدراسة تاريخ العلم الإقتصادي ، و قد تحقق لعلم الإقتصاد وجود محترف به من خلال عملية بطيئة تغطي الفترة التي تمتد من منتصف القرن السابع عشر حتى النصف الأول من القرن التاسع عشر ، إهتماممنا أساسا بتاريخ علم الإقتصاد ينبؤنا بأنه صاحب نشأة طريقة الإنتاج الرأسمالية ، المرحلة الرأسمالية التي يرتبط بها علم الإقتصاد الساسي.
1 ـ الفكر الإقتصادي في المرحلة قبل الرأسمالية :
في الكتب المقدسة للعصور القديمة يتمثل الفكر الإقتصاديفي إنطباعات تتعلق بالوقائع التي كانت موجودة في المجتمع في تلك الأزمنة و هي إنطباعات عقائدية لا حلة لها بالتحليل العهلمي.
و عند اليونانيين وجد الفكر الإقتصادي ضمن الفلسفة في القرن الرابع و الثالث قبل الميلاد ، إذ مثل الإستدلال الإقتصادي جزء لا يتجزء من الفلسفة اليونانية العامة للدولة و المجتمع ، المجتمع المنظم في صورة دولة المدينة (ETAT DE LA CITE) التركيبة الطبقية للمجتمع الإغريقي كانت على النحو الآتي:
في أعلى الهرم الإجتماعي توجد الطبقة الأرسطوقراطية ، كبار ملاك الأرض " الربعيين " الذين يعيشون على دخل لم يساهموا في عملية إنتاجه.هذه الطبقة تحكم المدينة( أي مجتمع المدينة) و أفرادها يحتقرون العمل اليدوي يرتبط بهذه الطبقة المواطنين المكونين للطبقة المتوسطة من صغار الملاك و الحرفيين ، و لهم حقوق سياسية و حق تولي الوظائف العامة ( حق المشاركة في إدارة شؤون المدينة )
الطبقة الثالثة تتكون من الأجانب ( les meteques) وهم أحرار لكنهم لا يتمتعون بالحقوق السياسية و لا يحق لهم التملك بالعقارات ، و في النهاية يرتكز هذا الهرم الإجتماعي على العبيد إذ عليهم يقوم الإنتاج الزراعي و الحرفي ، و الأشغال العامة للدولة هذا الدور هو الذي يفسر كيف أنّ تجارة العبيد أصبحت إحدى النشاطات الإقتصادية المربحة .
عملية الإنتاج بصفة عامة ترتكز على إستخدام العبيد ، هذا التنظيم لعملية الإنتاج القائم على العبيد محدودة التطور ، كتنظيم يجرد المنتجين المباشرين ( العبيد ) من كل دافع إلى زيادة و تحسين الجهد اللازم لإستغلال وسائلالإنتاج المستحدثة ( عن طريق الإكتشاف أو التقليد ) إستغلالا يمكن من زيادة إنتاجية العمل على نحو يمكنها من الإستجابة كحاجيات المجتمع المتزايدة.
لم تخرج المشكلة الإقتصادية من الإطار الفلسفي ، و لم يهتم النقاش بفكرة الإق، بل كان يدور حول المشكلات الملموسة لحياة الإنسان ، الإهتمام الكثير كان يخص فكرة دولة المدينة "POLIS " ، الفكر الإقتصادي البدائي هذا كان في خدمة السياسة بالمعنى الواسع للكلمة .
تناول أرسطوطاليس ليس تحليل الظواهر الإقتصادية في إطار الفكر الإغريقي و هويرى أنّ " الوقائع الإقتصادية و العلاقات التي توجد بينهما في ضوء إيديولوجية رجل يعيش و يكتب لطبقة مترفه
( لا يعمل) و مثقفة ، لطبقة تحتقر العمل و التجارة و تحب الفلاحين الذين لا يغدونها و تكره مقرضي النقود الذين يستغلونها " و يرتكز التحليل الإقتصادي لأرسطوط مباشرة على الحاجات و إشياعها ، و الأموال هي التي تحقق هذا الإشباع ، و طرق الحصول على الأموال هي الزراعة و تربية المواشي ، و الصيد بمختلف أنواعه ...، و كذلك الصناعة و إستخراج المعادن ، هذه كلها تعتبر من بين الطرق الطبيعية لكونها تمارس من قبل الأجانب . و لكون تمارس من قبل الأجانب ، و لكون التجار المقرضين للنقود يستغلون الطبقة الأرسطوقراطية .
فيما يتعلق بوحدة القيام بهذه النشاطات ( الوحدة الإنتاجية ) ينطلق أرسطوط من الوحدات العائلية ، التي تكتفي ذاتيا ، أي التي تنتج بذاتها ما يشبع حاجات أفرادها ، ثمّ يتطرق أرسطوط إلى تقسيم العمل كأساس للمبادلة العينية ، المقايضة ، ثمّ المبادلة النقدية ، أي تبادل السلع بواسطة النقود.
فإذا تعلق الأمر بالمبادلة النقدية ، بإنتاج السلع تباع في السوق بأثمان يجب تفسيرها و التعرف على كيفية تحديدها.
في هذا المجال يحدثنا أرسطوط عن قيمة السلع ، و القيمة هي خاصية إجتماعية إجتماعية تجعل السلع مجلا للمبادلة ، و هنا نجده يفرق بين قيمة الإستعمال ( VALEUR D’USAGE ) التي هي خصيصة موضوعية في السلعة ، تجعلها صالحة لإشباع حاجة معينة ، و قيمة المبادلة ، و هي الشكل الذي تعبر فيه القيمة عن نفسها عند المبادلة .
أمّا فيما يخص النقودفهي بالنسبة لأرسطوط وسيط في المبادلة ، النقود تجنبنا مضايقات المقايضة .
أخيرا تناول أرسطوط مشكلة الفائدة ، ( و هي تعني أجر المال الذي يحصل عليه مقرض النقود ) . لكن أرسطوط يدين كل قرض بفائدة ، و يعتبره من قبل الرباء ، و ذلك لأنّ " النقود لا تلد .
1.1 ـ العصور الوسطى :
في القرون من التاسع حتى الخامس عشر ميلادي ساد في أروبا التكوين الإجتماعي الإقطاعي ، الإنتاج الرئيسي يأتي من إستغلال الأرض .
تتميز طريقة الإنتاج هذه ، التي بدأت في فرنسا ثمّ إنتشرت في المجتمعات الأوروبية الأخرى ، بأنّ علاقات الإنتاج الإجتماعية تدور أساسا حول الأرض التي تصبح البلورة المادية للملكية العقارية ، إذ هي ترتكز على إقتصاد يغلب عليه الطابع الزراعي .
هذا الأساس الإقتصادي يقابله مجموعة من الروابط الشخصية عدد من العاملين لا يتمتع بحريته الشخصية ، فهم ليسوا من العبيد و لكنهم أقنان (1) مرتبطون بسيدهم من جهة و مرتبطون بالأرض من جهة ثانية.
و كذلك يتميز التنظيم السياسي لهذا المجتمع ، فالدولة موجودة وجودا غير متمركز في ممارسة السلطة ، و تجد طريقة الإنتاج هذه جدورها في المجتمع القديم ...غيلر أنّ هذا لا يعني أنّ القن (SERFS) وجد كنتيجة للتحرر الجزئي للعبيد .
و يرتبط توسع طريقة الإنتاج هذه بتحول كبير في قوى الإنتاج ، ففي تقنيات الإنتاج الزراعي تمثل هذا التحول في إستخدام أحسن للقوة المحركة للمياه الجارية ( تشغيل طواحين القمح و معاصرة الزيوت ) ، الأمر الذي يسمح بتحرير اليد العامل المنزلية و إمكان إستخدامها في أعمال أكثر إنتاجية .
كل هذا أدى إلى زيادة إنتاجية العمل الفلاحي .
ما هي الصورة التي كانت توجد عليها الوحدة الإقتصادية ؟.
الوحدات هذه كانت تختلف لكن الإختلافات لا تغير من الحقيقة التي تعكس الطابع التنظيمي العام للوحدات الإقتصادية ، و هو تنظيم إقطاعي.
كانت الوحدة الإقتصادية ( الإجتماعية ) الريفية تتمثل في " الضيعة " ، و هي و حدة إقتصادية إجتماعية تقوم على الإنتاج الطبيعي،و تهدف الى الإكتفاء الذاتي.
في هذه المرحلة يكون وقت عمل المنتج( أسرة الفلاح ) موزعا اذن بين عمل يحصل به على تحقيق الإنتاج اللازم لعيشه و لتجديد قوته البدنية للعمل،وعمل فائض يتبلور في كمية من الناتج (الناتج الفائض) يعيش عليها الشريف(le noble ) صاحب الأرض، أي يتبلورفي الريع العيني.إلا أنه ليس من الضروري ان يستنفذ الريع كل فائض عمل عائلة الفلاح ـ أي العمل الذي يزيد على العمل اللازم لانتاج ما هو ضروري لمعيشة العائلة.كما أن هذا الشكل للريع( العيني ) يتيح الفرصة لظهور فروق في الوضع الإقتصادي للمنتيجين الأفراد أو على الأقل لظهورامكانية هذا التباين(وكذا إمكانية ان يكتسب المنتج وسائل استغلال عمال آخرين بطريقة مباشرة. الامر الذي يعني ظهورالتميز الإجتماعي بين الفلاحين.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــ
(1) DES SERFS
SERVITUDE
في مرحلة تالية مرتبطة بنمو التجارة والمدن و استخدام المنتجات الحرفية ظهر الريع العيني يتحول الى ريع في شكل نقود. هنا يتخلى المنتج المباشر للشريف ليس عن جزء من الناتج الزراعي الذي حققه، وإنما عن ثمنه(ثمن هذا الجزء).يبقى اذن انتاجه الكلي ينقسم الى الجزء الأكبر الذي ينتفع به هو وأسرته و جزء أقل يعرضه في السوق لكي يدفع النقود المقابلة للشريف.
و هكذا بدأت طبيعة طريقة الإنتاج الزراعي تتحول، في مجموعها. غير أن المنتج المباشر لا يزال غير مالك للأرض.أمّا ملكية وسائل الإنتاج(غير الأرض) الاخرى و الموشي، فقد تحولت الى المنتج المباشر شيئا فشيئا. واضح أن التحول يتم في داخل طريقة الإنتاج الإقطاعية نفسها و ان كانت تتفاعل معه عوامل أخرى، كنمو المدن و التجارة. فالتحول يتم من خلال التناقض بين الفلاحين و ملاك الأرض، تناقضا ينعكس في صراع بينهم حول الناتج الفائض.
و كان الفلاحون يضغطون بإستمرار على ملاك الأرض لكي يجولون أكبر جزء ممكن من الريع العيني إلى ريع نقدي ، و بالتالي يستطعون تراكم رأس المال في المزارع ، و عليه تستمر عملية التمييز الإجتماعي في داخل فئة الفلاحين : أغنياء الفلاحين الدين يرتبطون مباشرة بالسوق و يقومون بتركهم رأس المال في الزراعة ، و صغار الفلاحين أو أفقرهم ، الذين يجدون أنفسهم في موقف تبعية بالنسبة لأغنيائهم الذين يقومون بإستخدامهم في مقابل الأجر.
مع هذا الأساس الإقتصادي يتشابك التركيب العلوي للهرم الإجتماعي في الريف الإقطاعي ، هذا التركيب يدور حول نوع ملكية الأرض.
يتضح حينها أنّ من طبيعة طريقة الإنتاج الإقطاعية أن يتفرع أقوقيا بين إقطاعيات تمثل وحدات إقتصادية شبه مستقلة ، و تتجزء الوحدة الإقتصادية الواحدة بين وحدات إنتاجية صغيرة ( عائلات الفلاحين ) ، و يتفرع المجتمع رأسا في شكل سلسلة من علاقات التبعية تجعل من الصعب أن يتمثل المجتمع في دولة ممركزة.
ووصلت طريقة الإنتاج الإقطاعي هذه إلى حدودها في القرن الثالث عشر و برزت أزمة الإقطاع إمتدت حتى القرن الخامس عشر أدت الأزمة إلى تفكك نظام الإنتاج الإقطاعي ، تسرع التفكك مع تطور طريقة الإنتاج داخل الزراعة نفسها ، و ع تطور المبادلات التجارية المرتكزة على الإنتاج الحرفي الحضري.
و المدينة نفسها مازالت تحت سيطرة الإقطاع السياسية ، و هي تقوم على النشاط التجاري و الصناعة الحرفية التي كان يتغلب عليها في البداية طابع الصناعة المنزلية التي تكتسي شكل إنتاج المبادلة البسيطة ، و قد قام التنافس في المدينة في هذه المرحلة بين التجار و الحرفيين ، و مع إزدياد عرض المنتجات الحرفية و مع توسع التجارة ، بدأ التجار في السيطرة على النشاط الحرفي ، إنطلاقا من هذا الوضع بدأ الإنتاج الحرفي بدوره يعرف مستوى أعلى في تطور قوى الإنتاج و يتحول نحو الإنتاج المخصص للمبادلة الذي يهدف إلى تركيم رأس المال النقدي.
و هكذا تتطور المدينة ، و قد قامت في أحضان الإقطاع ، إذ بالتوسع الأفقي للإقطاع في الزراعة يكون قد استنفذ إمكانية في زيادة الإنتاج إستجابة للحاجات المتزايدة و خاصة حاجات طبقة النبلاء في زيادة طلبهم على السلع الإستهلاكية الحرفية ، و مع تطور المدن إمتاز سكانها ـ بالنسبة لسكان الريف ـ و أصبح لهم تنظيمهم و عليه أصبح الوضع المتميز يستند إلى علاقة إقتصادية تمكن المدينة من إستغلال الريف من خلال أسعار الإحتكار التي تفرضها المدينة و التي يمكنها من فرض التنظيم الطائفي للتجارة و الحرف ، و أصبحت المدينة تحتكر أسعار المنتجات الآتية من الريف الذي تستغله ، و هنا يكمن التناقض بين المدينة و الريف الشيء الذي يكون إحدى التناقضات الأساسية طوال فترة الإنتقال من التكوين الإجتماعي إلى التكوين الإجتماعي الرأس مالي ، لكن هذا لا يعني أنّ سكان المدينة كانوا يمثلون طبقة إجتماعية واحدة متجانسة (1)
بين الدين و الفلسفة ، تقوم المحاولة على إستخدام الجانب الإستنباطي من منهج أرسطوط في معالجة أوضاع المجتمع الإقطاعي .
---------------------------------------------------------------------
(1) هنا تجد مهدها كلمة برجوازية ( سكان القرى الكبيرة (BOURGOIS , habitants))التي تعني الطبقة الرأسمالية ، التي تجد جدورها في سكان مدن المجتمع الإقطاعي
هذا التناقض يصبح فيما بعد العلاقة الدياليكتيكية الأساسية في التكوين الإجتماعي الرأسمالي.
تطور إنتاج المبادلة في هذا الإطار ، و معه ومن خلال التناقض بين الطبقة الإقطاعية و طبقة الفلاحين من جانب ، و بين طبقة التجار و الحرفيين من جانب آخر ولد التمييز الإجتماعي في داخ الفلاحين و الحرفيين ، و أدى إلى خلق علاقات إنتاج جديدة : بين الفلاحين الأكثر إنتعاشا المرتبطين بالسوق و العمال الحرفيين .
الكنيسة التي كانت تسيطر على الحياة الفكرية في أروبا خلال مرحلة الإنتاج الإقطاعي كانت لها صلة بالنشاط الزراعي حيث كانت الكنيسة من أكبر ملاك للأرض.
في مرحلة ثانية أدى إنشغال الكنيسة بدءا من القرن الثاني عشر من النشاط التجاري للمنتجات الحرفية .
وعارضت مصالح هذا " المجتمع الزمني " المتمثل في المدينة و من هنا برز و تبلور فكر المدرسين (1 ) الذي ازدهر في الجامعات الوليدة للأروبا و التي كانت تدرس أساسا رجال الدين ، و يتمثل جوهر فكر المدرسين في محاولة التوفيق
هذا الفكر الذي يغلب عليه الطابع الديني مكّن الكنيسة من أن تستمر في الضغط على الفكر الجديد لمجتمع المدينة طوال ثلاث قرون أخرى ، و في هذا الإطار ولد بعض الفكر الإقتصادي ، إرتكز على فكرتين أساسيتين :
ـ الفكرة الأولى تدور حول إدانة الفائدة ، لكونها تشبه تلك التي تطرق إليها أرسطوط من قبل.
ـ الفكرة الثانية و هي أهم ، تدور حول الثمن العادل (2) يتقبل الفكرة تحقيق البائع لربح " معقول " يسمح له بالحياة ، وفق الطبقة الإجتماعية التي ينتمي إليها ، و تكون حسب الفكر كل محاولة لتحقيق ربح أكبر من " الربح المعقول " مخالفة لقواعد الأخلاق المسيحية .
هذا و قد شاهدت الفترة الأخيرة من القرن الرابع عشر من فكر المدرسين تطور فكر إقتصادي ينشغل بقضايا القيمة و السعر ، ينشغل بمشكلات النقود و خاصة النقود المعدنية ، و بمشكلات التبادل مع الخارج و بالتدفقات مع الدول للذهب و الفضة ، كما ينشغل بالفائدة ، و الربح .
2.1 ـ الفكر الإقتصادي عند العرب أثناء القرن الرابع عشر :
يمكن إعتبار المجتمع الإسلامي في شمال إفريقيا في القرن الرابع عشر و الخامس عشر مجتمع يمارس الإنتاج الزراعي و كذا المبادلات التجارية الصغيلرة للمنتجات الزراعية و الحرفية
و مع إنتعاش التجارة و النشاط الإنتاجي الحرفي تزدهر بعض المدن و تصبح مركزا للنشاط الفكري ، و تشهد القاهرة ، وتونس و قسنطينة و تلمسان ، و فاس و غرناطة الإهتمام بالفكر و لا سيما الفكر المتعلق بالتاريخ حيث يوجد الفكر الإقتصادي ، في إطار هذا الفكر الإقتصادي نركز على مثالين من الفكر العربي بشأن نوعين من الظواهر الإقتصادية .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــ
(1) les scholastiques
(2) le juste prix
ـ الأول يتعلق بالظواهر النقدية يستمد من فكر المقريزي (1) و الثاني يخص ظاهرة القيمة كما يجللها إبن خلدون .
أولا : يهتم المقريزي بالمشكلات الإقتصادية و يقدم لنا أفكار عن بعض الظواهر النقدية ، فمن وصفه لمختلف المجاعات التي عرفتها مصر يبين لنا أننا ببحدة موقف يتميز بنقص في إنتاج قيم الإستعمال ، أي نقص في المنتجات و السلع و إرتفاع في أسعارها ، كل الأسعار ، و هو نقص يرجع حسب المقريزي إلى أسباب طبيعية و أسباب غير طبيعية الأسباب الطبيعية ييفسرها بقلة مياه النيل في مصر و بعدم نزول المطر بالشام و العراق و الحجاز ، و غيره ، و الكوارث الطبيعية الأخرى.
الأسباب الغير الطبيعية ، هي أسباب إجتماعية ، بعضها سياسي و البعض الآخر إقتصادي.
الأسباب الإجتماعية يعرفها كالآتي.
3.1 ـ السبب السياسي و يتمثل في فساد الإدارة الذي يؤثر مباشرة على الإنتاج في مجتمع لعبت فيه الدولة دائما دورا محوريا ، يضاف إلى هذا الفساد و ممارسة السياسية الإحتكارية من طرف الدولة ، ففي أثناء المجاعة توجد كميات كبيرة من الغلال لدى " أهل الدولة " لكونهم يفرضون ضرائب معتبرة على المواطنين .
و الناس لا يستطعون الحصول على هذه الغلال إلاّ بدفع أثمان معتبرة لأهل الدولة.
4.1ـ و السبب الثاني إقتصادي و يوجد في مجال الإنتاج و يتمثل في زيادة كبيرة في الريع العقاري في الزراعة ، إرتفاع أسعار البذور و أجور العمال العقاري في الزراعة ، إرتفاع أسعار البذور و أجور العمال ، و قد كان لكل هذه العوامل أثار غير ملائمة على الإنتاج الزراعي أدت إلى نقصانها ، ما يؤدي ، كما ورد عند المقريزي إلى إرتفاع أسعار المنتجات الزراعية ، لكنه يضيق عامل آخر و هو مفسر كذلك لإرتفاع الأسعار يتمثل في المظهر النقدي للحياة الإقتصادية .
5.1 السبب الثالث الذي هو سبب إقتصادي كذلك يتمثل في العامل النقدي فالمقريزي يجد في زيادة كمية النقود المطروحة للتداول و خاصة بعض الأنواع المعينة من النقود المعدنية ، سببا للإرتفاع المستوى العام للأسعار ( لكونه يتكلم عن إرتفاع أسعار كل السلع و الخدمات ).
و على هذا النحو يبرز المقريزي المعمل النقدي فيما يتعلق بكمية النقود ، على النشاط الإقتصادي من خلال أثرها على المستوى العام للأسعار.
و يكون بذلك من رواد " النظرية الكمية في قيمة النقود ".
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــ
(1) المقريزي ، كبير مؤرخي مصر في العهد الإسلامي و هو تلميذ إبن خلدون
من ناحية أخرى يلاحظ المقريزي إختفاء النقود الفضية تاركة المجال للنقود النحاسية تتداول في أثناء فترة المجاعة بعد أن كان النوعان من النقود يوجد جنبا إلى جنب في التداول ، و ذلك لأنّ إرتفاع أسعار المنتجات يعني إنخفاض القوة الشرائية للنقود ، و هو ما يدفع الأفراد إلى تفضيل تحويل القطع الفضية النقدية و إستخدامها كمعدن : (أي في صناعة الحلي و الأواني ) في وضع يتميز بإرتفاع الأسعار و بإستخدام عمليتين احدهما مصنوعة من معدن أثمن من معدن آخر تميل العملة المصنوعة من المعدن الثمين إلى الإختفاء من التداول النقديمفسحة المجال للعملة الأخرى لتسود في التداول ، و هكذا تطرد العملة الرديئة العملة الجيدة (1).
و هكذا نجد في كتاب المقريزي عن التاريخ مثلا للفكر الإقتصادي العربي في هذا القرن فنجده في الفكر الإقتصادي لإبن خلدون، المتعلق بالتاريخ و فلسفة التاريخ.
في إطار المجتمع في حركته التاريخية يهتم إبن خلدون بالظواهر الإقتصادية و هي نشاط يعتبره أساس العمران و هو يرى أنّ ثروة الأمم تكمن فيما تنتجه من الضائع و الحرف هذه الأموال أو المنتجات منها ما هو ضروري و ما هو كمايلي .
و يقوم حسب إبن خلدون ، هذا النشاط الإقتصادي على تقسيم العمل ، و الأمر يتعلق بالتقسيم الحرفي للعمل .
و درس الكاتب الضائع و الحرف دراسة تفصيلية.
أمّا فيما يتعلق بالقيمة أنه يؤكد أنّ كل كسب هو في النهاية نتاج العمل و بدون العمل الإنساني لا ربح و لا إنتفاع ، فالعمل هو ، في نظر إبن خلدون مصدر القيمة ، و المنفعة هي شرط القيمة كما ورد في كتابه أي أنه لكي يكون للسلعة قيمة يتعين أن تكون مطلوبة من المجتمع من أجل تلبية حاجة معينة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــ
(1) LA MAUVAISE MONNAIE CHASSE LA BONNE
منقول
المحاضرة الثانية ( مقاس الإقتصاد السياسي )
تعريف علم الاقتصاد ومحتواه
بمراعاة كل الأفكار التي اعتمدنا عليها في المحاضرة السابقة يمكن تعريف علم الاقتصاد بأنه يمكن تعريف علم الاقتصاد بأنه علم إدارة الموارد النادرة حث يدرس الصور التي يتخذها التصرف الإنساني في تدبير هذه الموارد. فهو يحلل ويشرع الصيغة التي يقوم الفرد أو الجماعة طبقاً لها بتخصيص الموارد المحدودة لإشباع الحاجات المتعددة غير المحددة.
وهذا التعريف يثير الملاحظات الآتية :-
1- يدرس علم الاقتصاد كل أشكال التصرف الإنساني في مقاومته للندرة. وإدارة الموارد النادرة لا ترتد إلى مجرد المبادلة الحرة بمقابل، وإنما تشمل أيضاً استخدام الجبر أو الإكراه العام والخاص الذي تمارسه الدولة أو بعض الأفراد أو الجماعات ذات السلطة أو السطوة، كما تتضمن الالتجاء إلى المنح أو التحويلات دون مقابل للمنتجات أو النقود مثل الإعانات الاجتماعية.
2- يدرس علم الاقتصاد العلاقات بين غايات النشاط الإنساني والوسائل المستخدمة لتحقيق هذه الغايات، ولكنه علم محايد بالنسبة للغايات. فهذه الأخيرة متعددة ومتباينة، ولا يدخل في مهمة علم الاقتصاد شرحها أو تقويمها. ومع ذلك فإن من مهام علم الاقتصاد أن يبين كيفية حكم الغايات للنشاط الاقتصادي للإنسان وكيف أن تحولها وتغيرها يؤثر على صيغ هذا النشاط. وينتمي إلى علم الاقتصاد البحث عن الغايات المتعددة للفعل لتحديد الملائم والقابل للتحقيق من بينها، والطرق الاقتصادية الأنسب لتحقيقها.
ومن هذا التعريف يمكن أن يحدد محتوي علم الاقتصاد :
1- يهتم علم الاقتصاد في المقام الأول بوصف طرق إدارة الموارد النادرة التي تظهر في الزمان والمكان. فهو يلاحظ ويصنف المعلومات الناتجة عن التجارب الإنسانية.
2- يهتم علم الاقتصاد في المقام الثاني بتنظيم الوقائع على نحو يظهر الوحدة والدورية التي تطبع التصرفات الإنسانية. فمن مهام النظرية الاقتصادية أو التحليل الاقتصادي تأسيس الأفكار، والبحث عن محددات الظواهر وآثارها، وإيضاح العلاقات العامة الثابتة التي تقوم بينها. فالنظرية الاقتصادية تستنبط من الواقع شرحا مبسطا لتشغيل اقتصاد معين، وتقيم نظما منطقية تشكل نماذج شارحة للحقيقة الاقتصادية.
3- يساهم علم الاقتصاد في توجيه السياسة الاقتصادية. فهو لا يقترح أهدافا سياسية أو اجتماعية، ولكنه يسعى إلى تحديد السياسة الاقتصادية المتكاملة التي تلائم تحقيق أهداف سياسية واجتماعية معينة. ويبين مدى التناسق بين الأهداف وإمكانية تحقيقها من الناحية الاقتصادية والوسائل التي تستجيب لتحقيق هذه الأهداف وأفضل هذه الطرق.
4- في مواجهة أهداف معينة وفي إطار ظروف عملية محددة، يقدم علم الاقتصاد قواعد الاستخدام الأمثل للموارد الاقتصادية وصيغ تحقيق الرفاهية المادية.
من جهة أخرى، وامتدادا لبيان محتوى علم الاقتصاد، يعرف الفريد مارشال (1842- 1924) علم الاقتصاد أو علم الاقتصاد السياسي بالقول" إن الاقتصاد السياسي، أو علم الاقتصاد هو دراسة للبشرية في ممارسة شئون حياتها العادية". وعلى الرغم من شمول التعريف لمسائل غير اقتصادية، أو تخرج عن نطاق علم الاقتصاد، إلا أنه يرد على ذلك بأنه لا يوجد في السلوك البشرى أو الإنساني الكثير الذي يمكن استبعاده من نطاق علم الاقتصاد، وباعتباره منبت الصلة بالموضوع. غير أنه لأغراض عملية، تدور اهتمامات علم الاقتصاد السياسي حول الإجابة على الأمور والأسئلة المحورية التالية، مع الأخذ في الاعتبار أن هذه الأسئلة تتغير بدرجة كبيرة من حيث إلحاحها مع تغير البيئة المحيطة التي تحدد الإجابة عليها محتوى علم الاقتصاد، وتتمثل هذه الاهتمامات في :
السؤال المحوري الأول هو : التساؤل عما يحدد أسعار السلع والخدمات، وكيفية توزيع حصيلة هذا النشاط الاقتصادي، والعوامل والاعتبارات التي تحدد حصة كل عامل من عوامل الإنتاج، أو بتعبير آخر الحصة التي تذهب إلى الأجور والفائدة والأرباح وريع الأرض والأشياء الثابتة وغير القابلة للتغيير المستخدمة في الإنتاج.
وطوال فترة زمنية طويلة من تاريخ الفكر الاقتصادي كان موضوع نظرية القيمة وموضوع نظرية التوزيع هما الشاغل الأساسي والمحوري لعلماء الاقتصاد. ومازال الاعتقاد السائد بأن علم الاقتصاد السياسي قد بلغ سن الرشد عندما أحاط بهذين الموضوعين بطريقة منهجية في الجزء الأخير من القرن الثامن عشر.
وابتداء من نهاية الحرب العالمية الثانية، وعلى الرغم من عدم تسليم الاقتصاديين التقليديين بالتغير، فإن أهمية تحيد الأسعار أو نظرية القيمة والعوامل التي تحدد حصص التوزيع أخذتا في التراجع. حيث برز على السطح اهتمامات اقتصادية أخرى.
وإلى جانب نظريتي القيمة والتوزيع، تبقي الأسئلة والأمور المحورية الأخرى، وفي مقدمتها كيف يجرى نشر أو تركيز الدخل الموزع مثل الأجور والفائدة والأرباح والريع؟ وما ينتج عن ذلك من تباينات اجتماعية على امتداد السنون. فطوال التاريخ الاقتصادي وجد الأغنياء وهم قليلون والفقراء وهم كثيرون. ومن ثم طرح السؤال التالي : ما السبب في أن تكون الحال كذلك؟
كذلك بدأ اهتمام علم الاقتصاد، في العقود الأخيرة، بمحاولة الإجابة على التساؤل التالي : ما الذي يؤدى إلى التحسن أو النمو الاقتصادي أو تنشيطه، وعلى ما يسبب التقلبات – الدورية أو غير الدورية – في إنتاج السلع والخدمات؟
فقد بدأ الاهتمام بمسائل التنمية منذ الحرب العالمية الثانية، ومنذ ذلك التاريخ بدأ يظهر محور جديد من محاور النظرية الاقتصادية أو التحليل الاقتصادي. ولقد عرف الاقتصاديون الأوائل من أمثال آدم سميث ومن تبعه ثم كارل ماركس وأنصاره اهتماما عاماً بقضايا النمو بصفة عامة. غير أن الفارق الأساسي بين الأوائل والمحدثين هو أن هؤلاء الآخرين لم يهتموا بمشكلة تطور المجتمعات ونموها الاقتصادي بصفة عامة وإنما بأحوال التطور الاقتصادي لدول لم تستطع أن تشارك بشكل ملحوظ وفعال في التقدم الاقتصادي والتكنولوجي العالمي.
ولعل من الملاحظ أن الفكر الاقتصادي التنموي قد ولد في العالم الاقتصادي المتقدم، ومن أهم الأسماء في هذا الصدد " نركسو وأرثر لويس وهرشمان وموريس دوب وميردال " ولم تظهر مساهمات أصلية من مفكري دول العالم الثالث في مسائل التنمية إلا في فترة متأخرة نسبيا، واقتصرت بشكل عام على مساهمات أبناء من الهند وأمريكا اللاتينية.
وتمضي الأسئلة المحورية ومنها : لماذا يكون من المتعذر في الاقتصاد إيجاد فرص عمل للأعداد الغفيرة من الراغبين في العمل؟ فالحديث عن البطالة في سنوات القرن التاسع عشر كان أمراً نادرا، أما في سنوات القرن الماضي (العشرين) فتوفر فرص عمل كافية، كانت من المسائل المحورية في اقتصاديات هذا القرن .والتي سوف تبقى من المسائل المحورية في اقتصاديات القرن الحادي والعشرين، الذي نحن في عقده الأول.
وأخيراً، وبشكل أقل أهمية، هناك الظروف السياسية والاجتماعية التي تمضي فيها الحياة الاقتصادية. فماذا عن الرأسمالية وفعاليتها، والمشروع الحر، ودولة الرفاهية، والاشتراكية والشيوعية. فعلم الاقتصاد يصير مسرحا لقوة التعبير عن الحجج. كل هذه الأسئلة وغيرها، والحلول التي تقترح لها هي موضوع علم الاقتصاد السياسي التقليدي والحديث.
دروس في الاقتصاد السياسي ( تابع)
الفصـــل الثــالـــــث
الاقتصاد السياسي في المرحلة الرأسمالية
برزت طريقة الرأسمالية في النصف الأول من القرن التاسع عشر، وذلك بعد تطور مرحلي. مرحلة الرأسمالية التجارية و مرحلة الرأسمالية الصناعية.
1 ـ الرأسمالية التجارية و الفكر الاقتصادي للتجاريين (1)
لإبراز كيفية بزوغ طريقة الإنتاج الرأسمالية في المرحلة التجارية نتطرق فيما يلي إلى شرح مفصل إلى هذه المرحلة .
1.1 الرأسمال التجاري و تطوره :
الرأسمال التجاري ، في الحقيقة أقدم من طريقة الإنتاج الرأسمالية ، بل هو أقدم وجود لرأس المال تاريخيا .
وجوده كان أساسه تبادل السلع و البضائع . إذا كان وجود الرأسمال التجاري رهين بوجود التبادل مهما كان الأساس الاجتماعي للإنتاج ، فإنّ مدى دخول المنتجات في التجارة يتوقف على نوع الإنتاج . فالسلعة محل المبادلة هي شرط وجود الرأس مال التجاري الذي يقوم بتنشيط حركة السلع . و في يده ترتكز عمليات الشراء و البيع .
و لكي يقوم بهذه العمليات فهو يحتاج دائما إلى رأس مال على شكل نقود تتمثل حركته التجارية في التخلي عن النقود أولا في سبيل السلع ، ثم التخلي عن السلع في مقابل النقود نقود سلعة نقود
__________________________________________
(1) le capitalisme commercial et la pensée économique mercantiliste.
النظرية الاقتصادية والتحليل الاقتصادي
6 ـ النظرية الاقتصادية والتحليل الاقتصادي :
إن هدف النظرية كما يقول MALINUAUD ، بما معناه هو إلقاء الضوء على الواقع العلمي وذلك بواسطة نماذج تفسيرية المفروض منها تمثيل العلاقات السلبية بين مختلف الظواهر في العالم الحقيقي . وهكذا تأخذ النظرية شكل مجموعة حوادث ووقائع منظمة تنظيما عقلانيا .
ولكن نظرا لتعدد الظواهر والتشابك المعقد للعلاقات فيما بينها تلجأ النظرية إلى التبسيط والتجريد أي عزل أهم الظواهر وإظهار العلاقات الأساسية بينها . فالنظرية إذن هي تبسيط واعي ( أو تجريد ) للروابط الملاحظة
( بين الظواهر ) قصد تفسير طبيعتها وتفاعلاتها المتبادلة ...
أي تفسير الآليات التي تربط فيما بين الظواهر المشاهدة ، لنتساءل الآن عما هو الأمر بالنسبة للنظرية الاقتصادية ، كأي نظرية عملية ، تحاول النظرية الاقتصادية فهم وتفسير الظواهر الاقتصادية وذلك بطريقة تبسيطية وتجريدية .
تنتج الظواهر الاقتصادية عن نشاط الأفراد ( أو الجماعات ) الذين يعيشون في مجتمعات معينة . ولا يمكن إذن تفهم هذه الظواهر إلا بتفهم نشاطات الأفراد والخلايا الأساسية ( كالعلاقات والمشاريع ) من جهة وكذلك العلاقات المختلفة التي يخلقها المحيط الاجتماعي والمؤسسي بين هذه الأنشطة المختلفة من جهة أخرى .
وعادة ما يشكل الوجه الأول موضوع النظرية الاقتصادية الجزئية والوجه الثاني موضوع النظرية الاقتصادية الكلية.
1 ـ النظرية الاقتصادية الجزئية :
تعني النظرية الاقتصادية الجزئية بدراسة سلوك الوحدات الاقتصادية على انفراد : المستهلك ، المشروع ، العامل ، المستثمر ، المدخر ... ، والعلاقات التي تحاك بينها في مختلف الأسواق التي يتم فيها تبادل السلع وعوامل الإنتاج . هدف هذه النظرية هو تفسير آلية تشكيل الأسعار : سعر كل سلعة أو خدمة ، ( بما فيها عوامل الإنتاج ) والأسعار النسبية لها وكذلك تخصيص عوامل الإنتاج النادرة وتوزيعها العقلاني بين مختلف استعمالاتها .
2 ـ النظرية الاقتصادية الكلية :
فإنها تعنى بفهم وتفسير آلية تحديد المجمعات ( Les Agrégats ) مثل الإنتاج ، أو الدخل أو طني أو كلي ، حجم الاستخدام ، مستوى الأسعار العام ... ، وكذلك تغيرات هذه المجمعات خلال الزمن ، أي ( وتيرة ) التنمية الاقتصادية. كما يقول E.JAMES ، لا تهتم النظرية الاقتصادية الكلية بالأعداد الضخمة من المشترين والبائعين فرادى ، وإنما بالطلب الكلي والعرض الكلي ، ولا تهتم بسلوك الحائزين الكثيرين على الأصول النقدية والمالية وإنما بالادخار والاستثمار الكليين ، ولا تدرس المستثمرين الأفراد وإنما التوضيفات الرأسمالية الكلية . ولكن عادة ما ترتكز على بعض الظواهر الأساسية والعلاقات الهامة القائمة بينهما : الاستخدام ، البطالة ، مسندي الأسعار العام ، التضخم ، تراكم رأس المال ، التمويل ، توزيع الدخول ، كتلة النقود المتداولة ، ميزان المدفوعات ...
هكذا ، فبين تعني النظرية الاقتصادية بالجزئيات أي سلوك الوحدات الاقتصادية منفردة : وكلمة Micro الإغريقية تعني " صغيرا " تولي النظرية الاقتصادية الكلية اهتمامها للكليات: وكلمة Macro الإغريقية تعني " كبيرا " .
كذلك ، عادة ما تلجأ النظرية الاقتصادية الجزئية إلى وضع فرضية سيادة المنافسة الحرة الكاملة في الاقتصادية
الشيء الذي يمكنها من بناء نماذج مجردة تتميز بدقة عالية بينما تنطلق النظرية الاقتصادية الكلية من النظام الاجتماعي السائد فعلا .
إنها تكتفي بنماذج النظرية السابقة وحيث تظهر الوحدات الاقتصادية ليس منفردة وإنما مجمعة والتجميع والمنتجين والمستهلكين قي عدد صغير جدا من المجموعات .
في الواقع لا يجوز أن نفضل إحدى النظريتين على الأخرى ولا أن نشترط دراسة إحداهما قبل الأخرى .
لكن كما يقول بعض علماء الاقتصاد " إن الفهم الجيد لعدد كبير من المسائل الاقتصادية ذات الطبيعة الكلية يتطلب البحث في أسسها الاقتصادية الجزئية " .
3 ـ منهجية التحليل الاقتصادي :
حتى يتمكن التحليل الاقتصادي من تفسير الأحداث والوقائع الاقتصادية يلجأ إلى عزل أسباب الظاهرة
( الموضوعة قيد الدراسة ) واختيار أهمها و " جمعها " في نموذج . وغالبا ما تستعمل الصياغة الرياضية في عملية النمذجة ( أي عملية بناء النموذج ) .
2.1 ـ النمذجة :
فالنموذج إذن مفهوم علمي الغاية منه تبسيط الواقع وذلك بالأخذ بعين الاعتبار الظاهرة الاقتصادية الأساسية والملائمة بتعبير المثال التالي لهدف فهم تطور إنتاج القمح من نوع معين في فترة زمنية معينة وفي مكان معين وفي مكان معين. هناك تدخل عدة عوامل في تحديد كمية القمح المنتجة : تقنية الإنتاج ، المساحة المخصصة لزراعة القمح ، الطقس والظروف المناخية ، السعر السائد وتغيراته المتوقعة بحيث يمكننا صياغة ذلك في شكل دالة :
= كمية القمح ، وهي تابع لعدد من العوامل :
( أ ..... ز3 x ز2 x ز1 ) F =
ولكن الاقتصادي عادة ما يلجأ إلى تفضيل عدد صغير من المتغيرات قد يفضل متغير واحد مثل السعر وذلك على الأقل في المرحلة الأولى من الدراسة لتصبح الدالة السابقة على الشكل :
= الكمية ، تابع للسعر : ( ) F =
ثم يضع الفرضية التالية عندما ينخفض ( أو يرتفع ) بسعر القمح تنخفض ( أو ترتفع ) الكمية المنتجة . وهذا يعني أن العوامل الأخرى تبقى ثابتة . وهذه الفرضية يلجأ إليها الاقتصادي بشكل طبيعي ، مثله في ذلك مثل أي باحث آخر في العلوم الطبيعية . تعني هذه الفرضية في نفس الوقت أنه إذا حدث وتغير أي عامل من " العوامل الأخرى "
غير السعر تصبح المقولة غير محققة أو غير مؤكدة التحقيق . ولكن الشيء الذي يهم في هذه العلاقة هو عموميتها التي تسمح بتقدير ما سيحدث في المستقبل . ومادام النموذج لا يتعارض مع ما يراد البرهان عليه فلا حرج في إهمال بعض المتغيرات .
وعندما يصبح النموذج غير قادر على تفسير الظاهرة المعينة يجب التخلي عنه وبناء نموذج جديد . ولهذا ترتكز كل نموذج علمي ملاحظات معينة حول ظاهرة معينة .
يربط النموذج الاقتصادي ما بين بعض الظواهر الاقتصادية على أساس علاقات نسبية . يجب أن نلاحظ هنا أن التبسيط ( Simplification ) ليس غاية في حد ذاته بل كل ما في الأمر هو أن الأخذ بعين الاعتبار لعدد أكبر فأكبر من المتغيرات غير مرغوب فيه ، وأنه ليس سلوك اقتصادي وعقلاني إذا كان ذلك لا يزيد من فهمنا للظاهرة إلا بشكل هامشي ، وخاصة لأن تكلفه ذلك عادة ما تكون مرتفعة بالنسبة للمعلومات الإضافية .
2-2 مميزات التحليل الاقتصادي الكلي :
تكلمنا سابقا عن موضوع النظرية الاقتصادية وكذلك عن مناهج التحليل الاقتصادي بشكل عام . يجدر بنا الآن أن نعزل بعض المميزات الهامة للتحليل الاقتصادي الكلي والمتعلقة بالظواهر التي يتولى دراستها والمميزات التي يرتكز عليها ، خاصة المراحل الأساسية لعملية بناء النماذج ( ص ) ....
قلنا سابقا أن الظواهر التي تشكل موضوع النظرية الاقتصادية الكلية هي تلك التي تخص الجماعة كلها .
يمكن أن نذكر من بين هذه الظواهر : البطالة ، التضخم تقلبات النشاط الاقتصادي ، المبادلات الاقتصادية مع البلدان الأجنبية التنمية الاقتصادية ، توزيع الدخول ... الخ .
و عليه يكون هدف المبادلة هنا ليس قيمة الاستعمال ( لأنّ التاجر لا يشتري السلعة من أجل استعمالها في سد حاجته الشخصية باستهلاكها ذاتيا ) ، و إنما قيمة المبادلة في شكلها النقدي . التجارة هي التي تحول المنتجات إلى سلع تعرض في السوق و من ثم إلى نقود و هنا يظهر رأس المال أولا في عملية التداول ، إذ فيها تتحول النقود إلى رأس المال . و يمكننا تلخيص مراحل تطور رأس المال فيما يلي :
* النقود تتحول إلى رأس مال تجاري .
* رأس المال التجاري بفضل الربح المحقق في عمليات التداول .
هنا يظهر الرأس مال التاجر ( الذي نشأ مباشرة من التداول ) كمجرد شكل من أشكال رأس المال في دوره تجدده ، و مؤدبا في ذلك وضيفه رأس بعد أن كان يؤدي في الماضي ـ في إطار طرق الإنتاج ما قبل الرأسمالية ـ
كل وضيفه رأس المال يصبح الإنتاج إنتاج مبادلة ، مبادلة نقدية معممة . الرأس مال التجاري سيطر على عملية الإنتاج التي تأخذ طابعا صناعيا ، في توسع مستمر يكون هذا التحول مظهرا للتطور الاقتصادي العام للمجتمع.
فهو يظهر في المجتمعات السابقة على الرأسمالية باعتبارها رأس المال و يقوم بوظيفته ثم يتطور لمستوى معين كأساس تاريخي للتحول إلى طريقة الإنتاج الرأسمالية : كأساس لتركيز الثروة النقدية ، و لأنّ طريقة الإنتاج الرأسمالية تفترض إنتاج المبادلة . أي البيع على نطاق واسع و ليس لمستهلك فرد ، و هنا تتبدى كذلك أهمية دور التاجر الذي لا يشتري لإشباع حاجاته هو بل لتلبية طلب العديد من المشترين .
أمّا فيما يتعلق بالكيفية التي سلط بها رأس المال التجاري اهتمامه على الإنتاج تاريخيا فنجد ثلاث طرق.
* الطريق الأولى : فتتمثل في تحول التاجر إلى رأسمالي صناعي فبعدما كان التجار يستوردون السلع خاصة الكمالية منها ، فضلوا إنتاجها محليا حدث مثل ذلك في إيطاليا في القرن الخامس عشر عندما قام التجار ببناء مصانع تنتج سلعا كانت نشترها من قبل قسطنطينية .
* الطريقة الثانية : أصبح هنا المنتج نفسه تاجرا و رأسماليا ، فيقوم بتركم رأس المال النقدي و بممارسة النشاط التجاري .
بدأ ينظم نفسه على رأس رأسمالي ، مميزا بذلك إنتاجه كيفيا عن الإنتاج الزراعي و على الإنتاج الحرفي . طريق التنظيم هذه تعتبر ثورية لأنها تقوم على أحداث تغيرات جوهرية ( جذرية ) في الطريقة التي تتم بها عملية الإنتاج .و ذلك سواء من حيث نوع قوى الإنتاج ( أي القوى العاملة + وسائل الإنتاج ) أو من حيث تنظيم الوحدة الإنتاجية .
* أمّا الطريقة الثالثة فقد تبلورت عندما بدأ عدد من أفراد طبقة التجار الموجودة من قبل في تحقيق سيطرتهم المباشرة على الإنتاج . فمثلا في ذلك ما كان يتم في صناعة الملابس بإنجلترا ( ANGLETERRE) حتى القرن السابع عشر . كان تجار الملابس يعوّنون الناسجين ـ أي المنتجين للملابس النسيج .(textiles) فرض التجار سيطرتهم هكذا على المنتجين كما فرضوا عليهم إتباع طرق الإنتاج القديمة . إذا ليس هناك تغير في قوى الإنتاج.
من هنا يتبين أنّ تطور رأس المال التجاري لمستوى معين و إن كان يمثل الأساس التاريخي لتطور طريقة الإنتاج الرأسمالية إلاّ أنه لا يستطيع بذاته لا على دفع التحول نحو طريقة الإنتاج هذه و لا على تفسير هذا التحول تطور طريقة الإنتاج إنما يتم في داخل عملية الإنتاج بذاتها ، عن طريق التغيرات التي تصيب قوى الإنتاج نفسها و على الأخص العمل . و هي تغيرات لم تحدث بفعل التجار إلاّ بالقدر المحدود .
2.1 الكيفية التي تم بها التحول في المجالات المختلفة للنشاط الاقتصادي :
تتميز مرحلة الرأسمالية التجارية كمرحلة تالية لتفكك الإقطاع . و زادت سرعة التوسع التجاري و خاصة في مجال التجارة الخارجية ، في وقت كانت فيه الزراعة و الصناعة تحت سيطرة التجار . هذا التوسع التجاري عمل يدوره على تطور اقتصاد نقدي في أوروبا . أخيرا تتميز هذه المرحلة بقيام الدول المركزية التي تهتم بتوسع السوق الداخلية عن طريق خلق المهيآت السياسية القومية ، و السوق الخارجية عن طريق اكتساب المستعمرات و تحقيق السيطرة على أعالي البحار.
كما شهد القرن السادس عشر قيام تجار المدينة بالاستثمار في شراء الملكيات الإقطاعية الكبيرة على نطاق واسع ، و ذلك في بريطانيا . كما شهد هذا القرن نموا كبيرا في الزراعة التي يقوم بها أغنياء الفلاحين المستقلين .
كما وجد هؤلاء الفلاحين الأغنياء مصدر دخل آخر في الرباء الذي كانوا يحصلون عليه بإقراض صغار الفلاحين المجاورين .
و الظاهر أنّ معظم التحسينات في الإنتاج الزراعي قد أدخلت بواسطة هذه الطبقة من أغنياء الفلاحين.
و شيئا فشيئا يتغير التنظيم الاجتماعي لزراعة في اتجاه سيطر رأس المال على الإنتاج الزراعي ، تغييرا يؤدي إلى تركيز الملكية العقارية في أيدي قليلة و إلى فصل صغار الفلاحين عن وسائل الإنتاج و تخويلهم إلى عمال أجراء.
كما أنّ هذا التغير يمكن من إحداث التغير في الفنون الإنتاجية الزراعية و يزيد من سرعة إدخالها :
إدخال نظام دورة الفلاحة ، نظام الصرف ، إدخال محصولات جديدة و أدوات عمل جديدة ، استخدام الأسمدة ،
الخ .... مما يستلزم التوجه إلى الصناعة للحصول منها على ما هو لازم بهذه التغيرات في الزراعة .
و في الصناعة يحقق رأس المال سطوته على الإنتاج عن طريق التحول التدريجي للنشاط الصناعي و تفكك نظام الطوائف و تدريجيا تصبح وسائل الإنتاج البلورة المادية لرأس المال.
إذ ينفصل عنها العامل و يمتلكها الرأسمالي ، رب العمل يتم ذلك عن طريق سلسلة من التحولات تتبلور أولا في نظام الصناعة المنزلية ( industrie domestique) الذي ظهر بصفة أساسية في صناعة المنتوجات.
الإنتاج يقوم به الأشخاص في منازلهم . التجار يزودونهم بالمادة الأولية و يشترون عليهم المنتوجات المنجزة .
إلى جانب هذا النظام الذي ساد النشاط الصناعي حتى أوائل القرن السابع عشر وجد نظام الصناعة اليدوية .
خاصة في المجالات التي تحول فيها أرباب الحرف إلى رأسماليين صناعيين .
هذا النظام الذي بدأ في الانتشار في القرن السادس عشر حتى القرن الثامن عشر ( يحل محله مع الثورة الصناعية نظام المصنع القائم على الإنتاج الآلي ) يقوم على تقسيم العمل في داخل المشروع .
ابتداء من هذا التقسيم الداخلي للعمل تكمن الخاصية الأساسية للصناعة اليدوية في العامل الجماعي الذي يتكون بتكوين عدد من العمال " الجزئيين ".
فزيادة التقسيم الداخلي للعمل و التخصص وإن أديا إلى رفع إنتاجية العمال ، أي قدرتهم على إنتاج فائض لصاحب رأس المال فإنهما يحملان معهما نسبة من العمل كوسيلة تحقيق الإنسان لذاته عن طريق زيادة قدراته الإنتاجية
فبعد أن كان العامل الحرفي يعرف كل عمليات صناعة السلع و يقوم بعمله مستقلا ، أصبح لا يعرف إلاّ عملية صنع حضيرة و غير مطالب بمعرف لعمليات المتبقية ، و جمع الإنتاج في محل واسع يسمى المعمل ، أو المصنع يظم عدد كبير من الحرفيين ، و عليه حل " العامل الجماعي " محل العامل الحرفي .
في إطار هذا التحول في تنظيم الإنتاج تدخلت بعض التقنيات في عمليات الصنع . أي استخدام فنون جديدة في الإنتاج ، و يمكن القول أنه بصفة عامة القرن السادس عشر و السابع عشر شهدا التحول من استعمال الطاقة الناتجة من الخشب إلى الطاقة الآتية من الماء ( في طحن الحبوب مثلا ) إلى الطاقة الآتية من الفحم .
و بهذا تكون الصناعة قد بدأت تشهد تنظيما جديدا و تقنيات إنتاجية جديدة. أمّا اليد العاملة فهي جد متوفرة و رخيصة الثمن نستطيع القول باختصار أنه يوجد بين الزراعة و الصناعة اعتماد متبادل يفسر ضرورة تغيرهما معا و يبلور في ذات الوقت التناقض بين رأس المال الزراعي و رأس المال الصناعي ، و هو يشكل التوجه الاجتماعي للتناقض بين الريف و المدينة في المجتمع الرأسمالي .
فالصناعة في توسعها تحتاج إلى اليد العاملة الآتية من الريف . كما تحتاج إلى مواد غذائية ( كالقمح مثلا ) لتغذية أهل المدينة . و تحتاج إلى مواد أولية كالصوف ، و القطن مثلا ، و هي قد تحصل على هذه المواد مباشرة عن طريق التبادل بين الريف و المدينة .
يقوم التوسع الصناعي على استخدام المواد الأولية الريفية من ناحية و من ناحية أخرى على صنع و بيع المنتجات المصنعة إلى الزراعة التي تستعملها أكثر فأكثر و يكون التغير في الزراعة و توسعها مشروط بما تقدمه الصناعة و الكيفية التي تقدمه بها .
فهذا الاعتماد المتبادل يتضمن التناقض بين الرأسمال الصناعي ( الذي يبحث على الحصول على المواد الأولية و المواد الغذائية بأثمان منخفضة ) و الرأسمال الزراعي الذي يهمه بتسويق السلع الزراعية حتى يحصل في مقابلها على اكبر قدر ممكن من السلع الصناعية .
من ناحية أخرى ، بفضل التجارة مع المستعمرات تضمن اقتصاديات البلدان المستعمرة الحصول على المواد الأولية و تسويق المنتجات النهائية و مصدر إضافي لتراكم رأس المال في صورته النقدية يكمن في المعادن النفيسة التي تأتي بصفة خاصة من العالم الجديد ( أمريكا اللاتينية خاصة ).
هذا التراكم ارتفع معدله و زادت سرعته بفضل السيطرة على المستعمرات و استغلالها في الغطار من الواقع الاقتصادي برز الاقتصاد السياسي في شكله البدائي.
ثالثـــــا : الفكر الاقتصادي نتاج هذه المرحلة :
ابتداء من القرن الخامس عشر ، و تحت تأثير التحولات التي أصابت الحياة الاجتماعية الأوروبية ينتقل مركز الانشغال الفكري للإنسان من القضايا الدينية إلى القضايا الزمنية ( الدنيوية ) نقد أثار تدفق المعادن النفيسة في القرن السادس عشر و ما ارتبط به من ثورة في الأسعار تساؤلات تدور حول العلاقة بين ثروة الأمة و تجارتها و إنتاجها و المخزون من المعادن النفيسة الذي يتعين على الأمة الاحتفاظ به .
و المشكلة الأولى التي تشغل التجاريين هي تلك الخاصة بطبيعة الثروة . إنّ النقود في صورة المعادن النفيسة و ( خاصة الذهب و الفضة ) تعتبر عند التجاريين عنصر جوهري في تكوين الثروة .
يتمثل الهدف الذي يسعون إليه في ضمان سوق أوسع ( فتح أسواق خارجية ) لسلعهم ، ثم أصبح يطالبون بضرورة تدخل الدولة لتنظيم الحياة الاقتصادية ، ولا سيما فيما يتعلق بضمان توسع و تنظيم السوق الداخلية .
2 ـ الرأسمالية الصناعية و بروز علم الاقتصاد السياسي:
شهدت نهاية القرن السابع عشر بداية انكسار تنظيم الدولة للحياة الاقتصادية كما شهدت تفكك نظام الطوائف و تقليص كبار الشركات التجارية ، و قد سار انكماش تدخل الدولة في الحياة الاقتصادية جنبا إلى جنب مع تقليص احتكار المنافسة .
و يكمن العامل الذي انتج هذين الاتجاهين في تطور الإنتاج الصناعي خاصة مند منتصف القرن الثامن عشر وبداية الثورة الصناعية في بريطانيا .
هذا التحول أصبح به النشاط الصناعي مسيطر على الاقتصاد القومي ، تم ذلك بفضل تحولات نوعية في طرق الإنتاج و سبل تنظيم العمل الصناعي . برزت هكذا علاقات جديدة لقوى الإنتاج في المجتمع الرأسمالي.
فبالنسبة لطرق الإنتاج الصناعي يتمثل التحول النوعي في الانتقال من الصناعة اليدوية إلى الصناعة الآلية المرتكزة على القوى المحركة كالبخار .
تستقبل الآلات الحركة اللازمة لتشغيلها : و هي بداية المكننة la mécanisation.
الآلية سمحت بتكثيف الإنتاج الصناعي الأسواق الداخلية أصبحت عن هذه الطريقة مشبعة و اتجه البحث نحو إيجاد الأسواق الخارجية : أي تجارة التصدير نصبت في هذا المجال هولندا أولا ثم بريطانيا بعدها دورا متميزا في فتح الأسواق الخارجية و لا سيما عن طريق الاستعمار.
وعليه يمثل النصف الثاني من القرن الثامن عشر فترة تحول اجتماعي جدري : بروز أشكال جديدة للإنتاج
و أشكال جديدة كذلك من العلاقات الاجتماعية و نحو الحكومات و من الأفكار الاجتماعية كل هذه العوامل الجديدة ساهمت في نشأت الاقتصاد السياسي . فاتساع نطاق المبادلة لكي يصبح الظاهرة السائدة لأنّ غالبية الإنتاج موجهة للسوق الذي أصبح المنظم لنوع جديد من الحياة الاقتصادية و الذي يظهر لنوع جديد من الحياة الاقتصادية و الذي يظهر كالملتقى الذي تصب فيه كل النشاطات الاقتصادية.
اتساع إنتاج المبادلة و سيطرة النشاط الصناعي فرضا على المفكرين ما يلي : أن الظواهر الاقتصادية وخاصة في مجال الإنتاج تحكمها قوانين موضوعية لابد من إدراكها و الاهتمام بها .
أبدى العلماء التقليديون اهتمامهم بعلم الاقتصاد هذا ، تصورهم يعكس منهجا عاما يجده نظرتهم للظواهر الاقتصادية و البحث عن القوانين الموضوعية التي تحكم هذه الظواهر . (1)
بفضل هذا المنهج في التحليل توصل التقليديون إلى بناء مجموعة من النظريات تمثل قاعدة العلم الاقتصادي الناشئ.
ـ نظرية العمل في القيمة .
ـ نظرية توزيع الدخل القومي.
ـ النظريات النقدية .
_________________________________
(1) Adam smith
d.ricardo
etc...
غير أنّ البعض من المنضرين الكلاسيكيين يعتبرون أنّ هذه القوانين أبدية و صالحة في كل زمان و مكان ، و بالتالي أصبحت النظريات الاقتصادية محلا للدراسات الناقدة و الخلافية ، الأمر الذي يعلن تطور علم الاقتصاد السياسي.
نظريــة ثمـــن الســــوق
يدرس ثمن السوق بالنسبة للسلعة و تدرس كيفية تكوين الثمن .
هنا نبدأ بالملاحظة العامة التي مفادها أنّ ثمن السلعة يتحده بتدخل نوعين من القوى : قوى الطلب على السلعة و قوى عرضها و اللذان يتحددان في نفس الوقت بالثمن .
و من ثم يتعين علينا لكي نتوصل إلى تكوين الثمن ( السعر ) أن ندرس :
ـ كيفية تأثير سلوك المستهلكين على تحديد الطلب على السلعة .
ـ كيفية تحديد العرض من السلعة من طرف المنتجين أرباب المشاريع ، و نهتم بسلوكهم في هذا الإطار .
ـ كيف يتحدد السعر ( الثمن ) بتفاعل قوي العرض و الطلب في ظل الأشكال المختلفة للسوق .
ـ فالطلب على عناصر الإنتاج ، المحققة للسلع ، بواسطة المشروع طلب مشتق ، و هو جدير كذلك بالاهتمام لذا أثمان عناصر الإنتاج ( الأرض و العمل ، و التنظيم و رأس المال ) تتحدد كقاعدة عامة ، بنفس الطريقة التي تتخذه بها أثمان السلع الاستهلاكية ، على أساس أنّها نعتبرهما الأخرى سلع تباع و تشتري في أسواقها.
من المعلوم أنّ ثمن السوق بالنسبة للسلعة يتأثر بطلب المستهلكين على هذه السلعة و بعرض المنتجين لها .
و عليه يجب عليها ، إذا أردنا أنّ نبني نظرية شكلية لثمن السوق :
ـ أن نتوصل إلى تحديد طلب المستهلكين أي طلب السوق .
ـ أن نتوصل ثانيا إلى تحديد عرض المنظمين أي عرض السوق.،
ـ أن ندمج ثالثا نظريتي الطلب و العرض لتحديد ثمن السوق .
ـ و أخيرا أن نرى فكرة " المرونة " و هي فكرة هامة في تحليل تكوين الأسعار ، مرونة الطلب و مرونة العرض .
1 ـ الطلب :
الهدف هو أن نستوعب كيفية تحديد الطلب في السوق بالنسبة إلى سلعة معينة .
لابد أن نميز بين الطلب الفردي للسلعة ( طلب الشخص مما يحتاجه من سلعة ) و طلب السوق كي نشرح كيف يتحدد كل منهما .
تعريف الطلب :
يقصد بالطلب الفردي الكميات المختلفة من السلعة التي يكون المستهلك الفرد على استعداد لشرائها عند الأثمان المختلفة ، في خلال فترة معينة .
و على نفس الأسلوب يعرف طلب السوق بأنه مجموع الكميات المختلفة من السلعة التي يكون المستهلكون الأفراد على استعداد لشرائها عند الأثمان المختلفة في خلال فترة معينة .
فالأمر لا يتعلق بواحدة تطلب عند ثمن معين و إنما بعلاقة بين سلسلة من الكميات و سلسلة من الأثمان في خلال فترة معينة أي بتدفقات . و الأمر لا يتعلق لكميات التي تشتري فعلا عند الأثمان المختلفة ، و إنما بالكميات التي يكون المستهلك أو المستهلكون على استعداد لشرائها.
تحديد الطلب الفردي :
يتأثر هذا الطلب بعدد معين من العوامل . أهم العوامل التي لها تأثير على الطلب الفردي هي كالآتي :
1 ـ ثمن السلعة :
الكمية التي يشتريها الفرد لا تؤثر على ثمن شرائها ، الثمن يعتبر متغير معروف مسبقا نتصور أن يقلص المستهلك من كمية السلعة التي يطلبها إذا ارتفع الثمن ، و إذا انخفض هذا الأخير نفترض أنه يزيد من الكمية التي قد يطلبها من السلعة المعينة .
2 ـ دخل المستهلك :
في غالب الحالات ، يريد المستهلك من طلب السلعة إذا ارتفع دخله و العكس بالعكس.
3 ـ أثمان السلعة الأخرى :
يقوم المستهلك بشراء سلع أخرى يستخدمها في إشباع حاجاته بالإضافة إلى السلعة محل الدراسة .
و هو يوزع دخله بين هذه السلع جميعها .
و من ثم فقد يؤثر التغير في أثمان السلع الأخرى على الكمية التي يطلبها المستهلك من السلعة محل الدراسة و للتعرف على أثر التغير في أثمان السلع الأخرى ، على الكمية المطلوبة من السلعة المدروسة ، يجب التمييز بين ثلاث أنواع من السلع الأخرى .
ـ فقد تكون السلع الأخرى مكملة للسلعة التي ندرس تحديد الطلب عليها ( مثل القلم و الورق ، الدخان و الكبريت ، التبن و السكر ).
ـ و قد تكون السلع الأخرى بديلة لسلعتنا محل الدراسة . أي تحل محل السلعة في الاستعمال : استهلاك البن بدل الشاي ، استعمال الزيت في الطبخ بدل الزبدة ، استعمال صابون إزيس بدل صابون مرسيليا...
ـ و قد تكون السلعة الأخرى غير ذي علاقة مباشرة بالسلعة محل الدراسة من ناحية الاستعمال :
مثلا البن و بنزين السيارة .
4 ـ ذوق المستهلك و سلوكه :
فإذا كان المستهلك يتأثر بالموسم و برواج السلعة فإنه يغير من الكمية التي يطلبها منها ، حتى و لو بقي دخله و سعر السوق بدون تغيير .
يمكن القول بأنّ طلب المستهلك على السلع يتحدد
ـ بثمن السلعة المعينة
ـ بأثمان السلع الأخرى التي يشتريها المستهلك .
ـ بدخل المستهلك .
ـ بدون و إعادته ( سلوكه أيضا ).
الطلب : كل منا لاحظ أنه كلما كان سعر سلعة مرتفع كلما قل بيع هذه السلعة و بالعكس ، (1) كلما إنخفظ سعر السلعة كلما ارتفع عدد الوحدات المباعة منها (1) toute chose égale par ailleurs
يوجد بالتالي في كل فترة من الزمن ، علاقة محددة بين ثمن سلعة مثل القمح و الكمية المطلوبة منها. تعرف هذه العلاقة من خلال ( سلم ، أو جدول الطلب (barème de demande ) و منحنى الطلب ( combi de demande) يعبر جدول الطلب على الارتباط الموجود بين الأثمان و الكميات المطلوبة من السلعة المعتبرة.
ـ جدول طلب القمح
الفترات ثمن الصاع الواحد (1)
prix $ ® p الكميات المطلوبة خلال الشهر بملايين الصاعات
A
B
C
D
E
5
4
3
2
1 9
10
12
15
20
كل سعر للصاع الواحد توجد بالمقابل كمية مطلوبة في السوق ، من القمح بثمن $5 توجد كمية طلب تساوي 9 ملايين صاع.
و كلما انخفظ الثمن كلما زادت الكميات المطلوبة في سوق القمح . البيان التالي يبرز تطور الطلب مع الثمن .
(1) كيل : 10 لترات تقريبا ، الصاع = le boisseau
منحنى الطلب :
المنحنى المرسوم في البيان السابق يسمى منحنى الطلب يجب الإشارة إلى وجود علاقة عكسية بين الكمية و الثمن.
إذا تم رفع مستوى ثمن سلعة معينة ( مع مراعاة ثبوت المعطيات الأخرى ) الكميات المشتريات منها ستقل . أمّا إذا خفظ ثمنها فالكميات المطلوبة سترتفع.
إذا ارتفع سعر سلعة تلعب دورا متميزا في استهلاكنا العادي نرى تقليص دخلنا و نحس أنفسنا بانكماش في قدرتنا الشرائية . قبل ذلك إذا رئينا أنّ سعر سلعة رئيسية في استهلاكنا ارتفع كثيرا سنبحث أولا على استبدال السلعة بأخرى .
إذا ارتفعت الأثمان كثيرا للسلع الاستهلاكية سنضطر إلى الضغط على الاستهلاك العادي من المواد مثل اللحم .
لنتناول الآن مثال السلعة التي توضع في السوق بكميات هائلة و سعرها ينزل بصفة موازية ما يدفع بالمستهلكين إلى شراء كميات متزايدة.
مثال : إذا كان ثمن الماء جد مرتفع يشتري المستهلك الكمية التي تكفيه للشرب فقط . إذا انخفظ شيء ما الثمن يشتري المستهلك الماء للغسيل . أمّا إذا انخفظ ثمنه إلى حد كبير يصبح المستهلك يستعمل الماء لسعي الورد و لغسل السيارة الخ ...
بالنسبة للمستهلك الفقير فإنه لا يستعمل الماء لغسل السيارة إلاّ إذا أصبح الثمن في متناول دخله .
العرض :
تحدثنا على الطلب و رسمنا المنحنى المطابق .
لنلتفت الآن إلى البائعين و نتحدث عن تطور العرض حسب تطور الأسعار.
كيف يمكن تعريف سلم العرض ( أو جدول العرض ) ؟.
يعبر جدول أو سلم العرض على العلاقة الموجودين السعر و الكميات من السلع . التي يستعد وضعها في السوق المنتجون أو البائعون . لنشاهد الجدول التالي .
جدول عرض سلعة القمح.
ثمن الصاع ($)الكمية المعروض للبيع بملايين الصاعات
ثمن الصاع $ الكميات المطلوبة خلال الشهر بملايين الصاعات
A
B
C
D
E 5
4
3
2
1 18
16
12
7
0
إذا كان سعر القمح جد مرتفعا يحاول المنتجون أو البائعون عرض أكبر كمية ممكنة في السوق و العكس صحيح . لنعبر عما سبق برسم بياني يبرز تطور منحنى العرض مع مستوى الأسعار.
تفاعل العرض و الطلب
توازن العرض و الطلب :
لندمج الآن تحاليلنا السابقة للطلب و العرض بغية الإطلاع على كيفية تحديد الأسعار في سوق المنافسة .
لننظر إلى الجدول الآتي:
سعر توازن السوق يحدد في المستوى الذي يساوي فيه العرض مع الطلب :
سلم أو جدول عرض و طلب القمح
سعر الصاع الممكن تحقيقه
( $)الكمية المطلوبة بملايين الصاعات في الشهر الكمية المعروضة بملايين الصاعات في الشهر التأثير على الأسعار
ثمن الصاع الممكن تحقيقه $ الكمية المطلوبة بملايين الصاعات في الشهر الكمية المعروضة بملايين الصاعات في الشهر التأثير على الأسعار
A
B
C
D
E 5
4
3
2
1 9
10
12
15
20 18
16
12
7
0 ¯ انخفاض
انخفاض
دون تأثير
ارتفاع
* ارتفاع
في مستوي سعر $3 تتساوى الكمية المطلوبة في السوق مع الكمية المعروضة . كلما انخفظ ثمن الصاع الواحدة كلما قلت الكمية المعروضة في السوق من طرف المنتجين ] لأنهم لا ينتفعون ببيع مقابل ثمن قليل ) و بالتالي يصبح الطلب أكبر من العرض . ما يؤدي إلى زيادة الأسعار في السوق من جرّاء الضغط على العرض.
و كلما كان سعر البيع مرتفع كلما قل الطلب ما يؤدي إلى فائض في العرض بالنسبة للطلب .
و إذا أراد المنتجون تصريف السلعة يجب تخفيض الثمن .
سعر التوازن :
هو السعر الذي يستطيع الاستمرار . أي السعر الذي بفضله يتساوى العرض و الطلب .
إنّ التوازن في ظل المنافسة يتحدد دائما عند نقطة تقاطع منحنى العرض و الطلب .
في المستوى C سعر $3 للصاع نحصل على تساوي العرض و الطلب : 12 مليون صاع في الشهر.
لنشاهد ذلك على رسم بياني :
سعر توازن السوق يوجد في نقطة تقاطع لمنحنى العرض و الطلب :
البيان أعلاه يعكس نفس النتيجة . تم رسم منحنى العرض و منحنى الطلب في بيان واحد . يتقاطعان في المستوي أعلى يوجد تفوق العرض على الطلب . السهمان يدلان على الاتجاه الذي يميل نحوه السعر نتيجة المنافسة الموجودة بين البائعين .
في مستوي تحت مستوي التوازن ( $3) يوجد تفوق الطلب على العرض . ما يؤدي إلى مزاد ، مزايدة ، بين المشترين : السهمان يدلان على اتجاه السعر نحو الارتفاع .
و ما سبق شرحه يمثل مبادئ نظرية العرض و الطلب.
* فعل انتقال العرض و الطلب :
( Effet d’un déplacement de l’offre et de la demande )
لنشرع الآن في تشغيل حركة العرض و الطلب منذ القرن XVII لاحظ مؤلف بريطاني أنه إذا كان للمحصول الزراعي سيئ ( غير كاف ) سعر المنتجات الغذائية ترتفع ، أمّا إذا كان المحصول وافر يكتفي الفلاحون بسعر منخفظ .
لنحاول شرح ما سبق بواسطة رسم بياني .
يعكس الرسم البياني الآتي تأثير انتقال العرض و الطلب ، على الأسعار .
إذا انتقل منحنى العرض ، لسبب أو لآخر ، نحو اليسار إنّ نقطة التوازن المناسبة تصعد على منحنى الطلب ما يعكس ارتفاع الأسعار و تقليص الكميات المباعة . أمّا إذا انتقل منحنى الطلب نحو اليمين إن نقطة التقاطع المناسبة لسعر التوازن ستصعد على منحنى العرض .
لنتوقف الآن عند مشكلتين أساسيتين اللتين شغلتا منذ زمن بعيد علما الاقتصاد . الأولى تتعلق بشرط مهم عندما ندرس مسألة العرض و الطلب : لا ننسى أبدا التحفظ المعبر عنه كالآتي :
Toute chose égale par ailleurs )).
المشكلة الثانية تخص مفهوم التوازن بين العرض و الطلب : ماذا نقصد بالضبط بعبارة التوازن ؟.
" Toute chose égale par ailleurs " لكي نضع جدول أو بيان الطلب المتعلق مثلا بالقمح ، نحن نقوم بتغيير سعره و نلاحظ من خلال هذا كيف تتغير الكميات المشتراة خلال فترة زمنية معينة التي لا نقوم خلالها بتغير أي عنصر من العناصر المثبتة ، حتى لا نشوه العملية .
بعبارة أخرى أننا عند تغيير السعر ؟ للقمح لا يجب تغيير مداخيل الأسر أو تغيير سعر أي منتوج آخر منافس للقمح . لماذا ؟ لأنّ مثل أي باحث بريد عزل مادة من أي تأثير خارجي ، الاقتصادي ، عند دراسة مسألة العرض و الطلب فهو يقوم بالتجربة من خلال تغير معطيات واحدة كل مرة .
ماذا نقصد بالتوازن ؟.
كيف نستطيع أن نعبر بأنّ تساوي العرض و الطلب يؤدي إلى تحديد سعر التوازن ؟
لأنّ الكمية المباعة من طرف عمر هي نفس الكمية التي اشتراها زيد . لأنّ في هنا به الأمر الكمية المباعة تساوي الكمية المشتراة .
السعر الذي يؤدي إلى توازن العرض و الطلب هو السعر أ الذي يقبل به المشترون لشراء كمية معينة من السلع و يقبله في نفس الوقت البائعون و الذي لا يتسبب في أي ميل نحو الانخفاظ أو الارتفاع .
منقول للفائدة ...
vBulletin® v3.8.10 Release Candidate 2, Copyright ©2000-2025, TranZ by Almuhajir