جمال البليدي
2011-12-18, 00:13
الحمد لله أما بعد:
الإصلاح والتقدم وأسباب النجاح
حضرة صاحب الإمضاء المقيم بالقاهرة
العربي بن بلقاسم التبسي
حقا إن بلايا الحياة كثيرة ,تتلوّن بتوالي الأيام وتداول العصور و الأجيال، فعدّ بعضُ العلماء أن أولى البلايا اليوم هي "شرب الخمر" وثانيها هي "التدخين" ,وأنا أعدّ ثالثها هي "لعب الورق" (الكارطا والدومينو والقزة) ,ذلك الداء الفاتك الذي فتّ في ساعد هذا الشعب المسكين حتى انعكف أفراده على لعبها وعدم مبارحتها صباحا ومساء ,وكثيرا ما استدرج بذلك إلى المسير الذي لا يجهل أحد عاقبته.
أقول ذلك لا عن تكهن أو ظن , فقد رأيت بأم رأسي الأب يقاتل بنيه وهم في ذلك يتفحشون بالقول ولا ينطقون بسواه.
هذا ما هو جار في قطرنا الجزائري، إليكم أيها المتهتكون المتغالون أبَلَغَ بكم الانهماكُ والولعُ بلعب الورق إلى حد كنتم به أحدوثة النوادي الأجنبية وسمر الذين يريدون إلصاق كل منقصة بكم؟ فطلبُ المعالي والحزم أولى...فلم تعد الأيام ترضى بمثل ما أرى وأسمع, وقد كان ما كان وتجلت الحقيقة بهندامها الأصلي,و لم يعد الخليقُ بنا إلا الإقبال على شؤوننا, و التمسك بأذيال الحزم ومجاراة الذين يرومون العيش في نعيم وثراء . !
و مما ألفت نظر القارئ إليه بالخصوص , هو منع الأبناء الصغار من تخطي مجالس هذه الفئة المتحدَّث عنها. فهم يُعرفون بأقوام "الكسل" الذين لا صنعة لهم إلا " القهاوي" و " شرب الخمور" , وما شابه ذلك. وإذا سألت أحدا منهم عن مسجد أو مدرسة فلا يجيبك إلا بقول "الضالّ المضل". هل تريد المُدام؟ !! ...كلا إن ذلك لهو الضلال والداء الذي لا دواء له، فالناهض اليوم هو الرجل الذي يعمل ليل نهار لإصلاح شأنه والعمل لفائدة بني جلدته أما الفريق المارق عن الجادة فهو الغبي.
إنّا ها هنا نفكر -أيها السادة- في من يريد ترقية البلد، هل هي هذه الطائفة الضالة المضلة, أو الأغنياء الذي لا يهمهم إلا الدار والدينار والدرهم وليس الحرير وكنز الذهب والفضة, التي لا ينفقونها في سبيل الله [فبشرهم بعذاب أليم] ؟!! هل رأيت من هذه الطائفة من شيد المساجد أو المدارس لأبنائه المنهمكين في اللهو واللعب ولفقرائه الذين يتلاطمون في الأزقة والشوارع ؟!! –يا للأسف- على هذا الشعب المسكين الذي كان ولا يزال وجهه مسودا وهو كظيم] هـ
أمّا نحن فنتبع الذين يهمهم مستقبل الجزائر وحياتها , وفي مختلف البلاد الخارجية نقتبس الدروس الغالية في أمس , وما هو إلا واجب محتم علينا القيام به , وإلا كنّا أبناء خارجين عن الجزائر , التي تتمشى في سبيل حياتها بعدما نهضة من نومها بعض النهوض , لأننا نريد أن تكون قوية عزيزة الجانب , ولكن يقطع قلوبنا أسى ويمزق أكبادنا حسرة ما نراه من أن فريق من بينها الذين يزعمون أنهم جادّون في إنهاضها , يقيمون في وجهها العثرات ,ويضعون في سبيلها الأحجار الضخمة , ويحفرون بأيديهم الهوات الساحقة وهم متخاذلون متراشقون , تاركون ما نحن بصدد , ولا شكّ أن هذه السياسة المشؤومة لا يمكن أن تعود على البلاد إلا بالشقاء والتعاسة , وقاها الله شرّ المفسدين الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون , وييسر لها من أبنائها المخلصين من يخدمها خدمة صادقة إنه قريب مجيب "
الكوكب التبسي بالجامع الأزهر , العربي بن بلقاسم التبسي
- جريدة النجاح الأسبوعية
- السنة السادسة , العدد 142
- جانفي/جمادى الثانية 1924م-1342 هـ
الإصلاح والتقدم وأسباب النجاح
حضرة صاحب الإمضاء المقيم بالقاهرة
العربي بن بلقاسم التبسي
حقا إن بلايا الحياة كثيرة ,تتلوّن بتوالي الأيام وتداول العصور و الأجيال، فعدّ بعضُ العلماء أن أولى البلايا اليوم هي "شرب الخمر" وثانيها هي "التدخين" ,وأنا أعدّ ثالثها هي "لعب الورق" (الكارطا والدومينو والقزة) ,ذلك الداء الفاتك الذي فتّ في ساعد هذا الشعب المسكين حتى انعكف أفراده على لعبها وعدم مبارحتها صباحا ومساء ,وكثيرا ما استدرج بذلك إلى المسير الذي لا يجهل أحد عاقبته.
أقول ذلك لا عن تكهن أو ظن , فقد رأيت بأم رأسي الأب يقاتل بنيه وهم في ذلك يتفحشون بالقول ولا ينطقون بسواه.
هذا ما هو جار في قطرنا الجزائري، إليكم أيها المتهتكون المتغالون أبَلَغَ بكم الانهماكُ والولعُ بلعب الورق إلى حد كنتم به أحدوثة النوادي الأجنبية وسمر الذين يريدون إلصاق كل منقصة بكم؟ فطلبُ المعالي والحزم أولى...فلم تعد الأيام ترضى بمثل ما أرى وأسمع, وقد كان ما كان وتجلت الحقيقة بهندامها الأصلي,و لم يعد الخليقُ بنا إلا الإقبال على شؤوننا, و التمسك بأذيال الحزم ومجاراة الذين يرومون العيش في نعيم وثراء . !
و مما ألفت نظر القارئ إليه بالخصوص , هو منع الأبناء الصغار من تخطي مجالس هذه الفئة المتحدَّث عنها. فهم يُعرفون بأقوام "الكسل" الذين لا صنعة لهم إلا " القهاوي" و " شرب الخمور" , وما شابه ذلك. وإذا سألت أحدا منهم عن مسجد أو مدرسة فلا يجيبك إلا بقول "الضالّ المضل". هل تريد المُدام؟ !! ...كلا إن ذلك لهو الضلال والداء الذي لا دواء له، فالناهض اليوم هو الرجل الذي يعمل ليل نهار لإصلاح شأنه والعمل لفائدة بني جلدته أما الفريق المارق عن الجادة فهو الغبي.
إنّا ها هنا نفكر -أيها السادة- في من يريد ترقية البلد، هل هي هذه الطائفة الضالة المضلة, أو الأغنياء الذي لا يهمهم إلا الدار والدينار والدرهم وليس الحرير وكنز الذهب والفضة, التي لا ينفقونها في سبيل الله [فبشرهم بعذاب أليم] ؟!! هل رأيت من هذه الطائفة من شيد المساجد أو المدارس لأبنائه المنهمكين في اللهو واللعب ولفقرائه الذين يتلاطمون في الأزقة والشوارع ؟!! –يا للأسف- على هذا الشعب المسكين الذي كان ولا يزال وجهه مسودا وهو كظيم] هـ
أمّا نحن فنتبع الذين يهمهم مستقبل الجزائر وحياتها , وفي مختلف البلاد الخارجية نقتبس الدروس الغالية في أمس , وما هو إلا واجب محتم علينا القيام به , وإلا كنّا أبناء خارجين عن الجزائر , التي تتمشى في سبيل حياتها بعدما نهضة من نومها بعض النهوض , لأننا نريد أن تكون قوية عزيزة الجانب , ولكن يقطع قلوبنا أسى ويمزق أكبادنا حسرة ما نراه من أن فريق من بينها الذين يزعمون أنهم جادّون في إنهاضها , يقيمون في وجهها العثرات ,ويضعون في سبيلها الأحجار الضخمة , ويحفرون بأيديهم الهوات الساحقة وهم متخاذلون متراشقون , تاركون ما نحن بصدد , ولا شكّ أن هذه السياسة المشؤومة لا يمكن أن تعود على البلاد إلا بالشقاء والتعاسة , وقاها الله شرّ المفسدين الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون , وييسر لها من أبنائها المخلصين من يخدمها خدمة صادقة إنه قريب مجيب "
الكوكب التبسي بالجامع الأزهر , العربي بن بلقاسم التبسي
- جريدة النجاح الأسبوعية
- السنة السادسة , العدد 142
- جانفي/جمادى الثانية 1924م-1342 هـ