مصير موظفو قناة الجزيرة بعد زوال زوبعة الثورات؟ (http://www.jazeeratalarab.com/%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%A8%D8%B9%D8%A7%D9%86%D9%8A/item/460-%D9%85%D8%B5%D9%8A%D8%B1-%D9%85%D9%88%D8%B8%D9%81%D9%88-%D9%82%D9%86%D8%A7%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%B2%D9%8A%D8%B1%D8%A9-%D8%A8%D8%B9%D8%AF-%D8%B2%D9%88%D8%A7%D9%84-%D8%B2%D9%88%D8%A8%D8%B9%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AB%D9%88%D8%B1%D8%A7%D8%AA%D8%9F.h tml)
لم يصب تسونامي الثورات العربية مراكز الأنظمة العربية فحسب بل ضرب محطة الجزيرة في العمق وأصابها في مقتل
أراد حمد أن تكون الجزيرة ذراعه الضارب ضد خصومه فتحولت إلى نقمة عليه وعلى شعبه وقريباً ستجلب له العار والدمار
وأكثر المُتضررين من تلك المعارك هم أولئك الموظفون السذج الذين تم الزج بهم في أتون معارك لا ناقة لهم فيها ولا جمل
فليُهيأ المُشاهد العربي نفسه منذ الآن لعصر ما بعد قناة الجزيرة, لأن تلك القناة سقطت مع سقوط أحلام مالكها الانتهازي
إن سياسة اللعب مع الكبار دون مُبرر تُعتبر مُغامرة مُميتة وغير محسوبة العواقب, بل إن البعض يعدها انتحاراً سياسياً يجلب الويل والثبور لصاحبها, إذ من غير المعقول أن تقوم جرادة مثلاً باللعب مع قطيع من الفيلة, فحتماً سوف تسحق تلك الجخاخة دون معرفة مَن مِن الفيلة قام بدهسها دون أن يشعر.
ويبدو أن أمير قطر الشيخ حمد هو تلك الجخاخة المغرورة التي ظنت أنها عنقاء, فأرادت أن تجرب مُتعة القفز والنطنطة بين أقدام تلك الفيلة العملاقة الهائجة!
والبدو يقولون في أمثالهم : (لا تحكك بالزمل وأنت حويشي).
والحويشي تصغير لكلمة الحاشي وهو الجمل الغر الذي لم يقوى عوده بعد, أي يجب على الحاشي أن لا يحتك بالجمال الكبيرة, وهو مازال صغير لأن الإبل سوف تسحقه.
فأمير قطر المُتضخم لم يعرف قدر نفسه وحجم دويلته ويتوقف عند حدود ما تبثه قناة الجزيرة, بل زاد في غيه وتحول إلى خصم وطرف في القتال الدائر حالياً في ليبيا, وأصبح حمد هو المُحرض وهو الركيزة المالية الأساسية لتمويل حلف الناتو في قصف الشعب الليبي, وكان يأمل أن يُسدد تكاليف الحلف من واردات النفط الليبي, فاتضح أن حسبته خاطئة وأن مشروعه للتخلص من القذافي خاسر وفاشل, فوقع في المُستنقع الليبي.
ومن يرى تعابير وجه حمد بن خليفة آل ثاني هذه الأيام يجزم أن الأمير في حالة نفسية مُزرية للغاية, فوجه سموه أصبح هزيلاً ومسوداً وشدوقه صغرت وجلد رقبته بات متدلياً ورأسه صغر فجأةً وبرزت جثته الضخمة وغطت رأسه الضئيل!
http://img715.imageshack.us/img715/313/8651221.jpg
البعض يُعزي الأمر إلى تداعيات الفشل الكلوي الذي يُعاني منه الأمير, والبعض الآخر يعزي الأمر إلى خضوع سموه لبرنامج حمية ورجيم قاسي بفرمان موزوي صارم.
إلا أن الحقيقة غير ذلك, فالأمير يُعاني ليس من الفشل الكلوي, بل يُعاني من فشل الناتو في إسقاط النظام في ليبيا, وهذا الهزال والقلق البادي عليه ليس رجيماً قاسياً بل رعباً وخوفاً من خروج القذافي سالماً من تلك الأزمة وحينها سيدفع حمد الثمن أضعافاً مُضاعفة!
فالشيخ حمد طار قبل أيام وأصر على مُقابلة سيده باراك أوباما, وترجاه بإلحاح بأن يقوم بالتدخل العسكري البري في ليبيا للتخلص من نظام القذافي, ولكن أوباما رفض وتملص من توسلات أمير قطر, وشرح له أن أمريكا لا تريد أن تتورط في حرب ثالثة في المنطقة, وأن الأمر موكل بحلف الناتو.
ثم توسل حمد بأوباما بأن يُرسل - طائرات بريديتر - بدون طيار لاغتيال الزعيم الليبي معمر القذافي, حسب مشورة تلقاها من نيكولاس ساركوزي وقد تكفل حمد لأوباما بكافة المصاريف والتكاليف, واضطر أوباما وسط إلحاح وتوسلات أمير قطر أن يُرسل طائرتي بريديتر فقط لكي يطمئن أمير قطر المُرتعب من كابوس نجاة القذافي وعودته مثلما كان.
ويبدو أن طائرات البريديتر الأمريكية قد نجحت في اغتيال نجل القذافي الأصغر سيف العرب وكذلك ثلاثة من أحفاده ليلة البارحة.
ولهذا أصبح حساب حمد بن خليفة آل ثاني ثقيل جداً, وكل يوم يمر والقذافي في سدة الحكم فإن أمير قطر يزداد رعباً وهماً وغماً ويزداد هزالاً, ولا تتعجبوا إذا ما تحول جسم أمير قطر لقوام عارضة أزياء بعد أسابيع قليلة, وذلك بسبب التفكير والقلق والورطة التي أدخل نفسه فيها, خصوصاً وأنهُ غي لحظة يفكر بالأموال الطائلة التي صرفها على المشاريع الرياضية الخاصة بتنظيم كأس العالم المُرتقب والذي سيعقد في الدوحة بعد عشرة أعوام, حيث أن الفيفا قد وافقت على إقامة المونديال في قطر لعدة أسباب من ضمنها أن دولة قطر دولة آمنة ومُسالمة رغم وجودها في منطقة ساخنة, وأن قطر لم تدخل قط في نزاعات دولية أو حروب إقليمية, وليس لها عداء مع بقية الدول, ولم تكن مُهددة من جهات أو أطراف معينة.
لكن الأحداث الأخيرة والمُراهقات السياسية المُتأخرة لأمير قطر ومُغامراته الرامبوية الخائبة في شمال أفريقيا, وذلك بإرساله قوات قطرية للتدخل في بنغازي وشغفه الدءوب لتقليد الدول العظمى واللعب مع الكبار, وما جرته عليه سياسة قناة الجزيرة من نقمة وعداوات وضغائن, جعلت الموقف في قطر يزداد خطورة وتعقيد, فأي عملية انتقامية من أي دولة كانت أو أي منظمة أو قيام أشخاص ناقمين على أمير قطر بعمل أي عمل انتقامي, أو حتى لو انفجرت أسطوانة غاز عن طريق الخطأ, سوف يؤدي هذا الحدث حتماً إلى حالة بالرعب والهلع ومن ثم إلغاء المونديال من قطر, وحينها سيخسر أمير قطر المليارات المهدورة على التنظيم دون أن يستطيع يعوضها من خلال الحضور الجماهيري الدولي المُرتقب لقطر.
http://img28.imageshack.us/img28/1159/1094103358.png
فأمير قطر قد تورط فعلاً في حروب إقليمية وورط شعبه معه بمغامرات غير محسوبة العواقب, لأن خوض المعارك والحروب الدموية تختلف تماماً عن خوض الحروب الإعلامية وممارسة التحريض الكلامي عبر الأثير, وربما كان مصور قناة الجزيرة المواطن القطري المسكين علي الجابر هو خير برهان على خطورة اللعب بالنار مع الدول الأخرى.
فقد ظن أمير قطر أن هزيمة آل سعود ولي ذراعهم في السنوات الأخيرة, بسبب فسادهم وترهل دولتهم, يمكن أن يمنحه الفرصة لابتزاز الآخرين بنفس الأسلوب الذي مارسه ضد آل سعود, بل دفعه ذلك الشعور بالانتصار على السعودية إلى حالة من تضخم الذات مما ورطه بالتدخل العسكري في البلدان العربية الأخرى, وهو ما دفعه على التمادي أكثر والغوص في المُستنقع الليبي.
والحقيقة أن حمد بن خليفة رغم حجمه المُترهل فقد تعود على أن يعلب دور مُشابه لدور اللاعب المُهاجم –القناص– أو النهاز في كرة القدم, فذلك اللاعب الخامل عادةً هو الذي يبقى لاصقاً في هدف الخصم, منتظراً لأي كرة مرتدة أو تسديدة من لاعب آخر أو كرة تفلت من الحارس لكي يسددها في الهدف, ثم يهرع راكضاً وكأنه هو من صنع الهدف وجلب الفوز والنصر للفريق.
وقد نجح مهاجم الجزيرة المنتفخ حمد في تسديد الكرات المُنفلته من حراس المرمى مرتين, مرة في مرمى تونس والأخرى في مرمى مصر, ولكن تسديداته على المرمى الليبي كانت كلها طائشة وخارج الملعب, وهذا ما أصاب حمد بالهزال والهلع والعقدة النفسية.
فلويل والثبور لحمد من الانتقام القادم.
ومثلما تورط حمد في التآمر مع اللاعبين الكبار, سواء أمريكا أو فرنسا أو بريطانيا, فإن مذيعو قناة الجزيرة المُتحمسين هم أيضاً قد تورطوا في اللعب مع الكبار بسبب توجهات القناة غير الحيادية, وباتوا أعداء مُفترضين لعدة أنظمة عربية وأصبحوا خصوم وأهداف لمؤيدي الأنظمة العربية, ولبعض الجماهير الغاضبة التي ترى أنهم متآمرين ضد ثورتهم كما حصل في البحرين, وحتماً سيدفع هؤلاء الموظفون الصغار ضريبة مؤامرات وجرائم الكبار.
وربما تصريحات وضاح خنفر الأخيرة تدل على أن مُذيعي ومراسلي قناة الجزيرة باتوا أهدافاً لبعض الأطراف, مما جعل القناة تغير أماكن سكناهم وتعتم على عناوينهم وعناوين أسرهم.
والمصريين لهم قول ظريف في مثل حالة موظفي الجزيرة المقاريد, حيث يقولون دائماً :
(يعملوها الكبار ويدبس فيها الصغار).
وإلا فما الذي يدفع المُذيع الفلسطيني جمال ريان مثلاً وهو اللاجئ في الشتات, لأن يتحمس ويرفع صوته على السفير الليبي في إيران ويطالبه بتقديم استقالته ويصفه بالتخاذل, بينما لم يصف جمال ريان نفسه بالتخاذل أو الخيانة والجبن حينما يُحاور في كل مرة الناطق الرسمي بسم الجيش الإسرائيلي المُحتل لبلده, أفيخاي درعي, وهو يحدثه بكل هدوء وأريحية, وهو المُحتل لأرضه وشعبه!
http://www.youtube.com/watch?v=upxOomPWAmc (http://www.youtube.com/watch?v=upxOomPWAmc)
وتدور هذه الأيام في الصحف والمواقع الإلكترونية أخبار المُذيعين والمُراسلين المُستقيلين من قناة الجزيرة احتجاجاً على سياسة القناة القطرية غير المهنية, ولمآرب أخرى طيعاً.
ومن ضمن الذين قلبوا ظهور المجن لقناة الجزيرة مدير مكتب قناة الجزيرة في لبنان المُذيع التونسي – اللبناني غسان بن جدو صاحب برنامج (حوار مفتوح), الذي برر سبب استقالته بسبب الازدواجية التي اتبعتها إدارة القناة في تغطيتها للثورات العربية في المنطقة، واصفاً ذلك بأنه سقطة إعلامية, وطاعناً في مهنية قناة الجزيرة واتخاذها لمنهجية التحريض والتأليب بدلاً من الحيادية في الطرح, حيث قال :
«أن قناة الجزيرة أنهت حلماً كاملاً من المهنية والموضوعية، وباتت تلك المهنية في الحضيض، بعدما خرجت «الجزيرة» عن كونها وسيلة إعلام، وتحولت إلى غرفة عمليات للتحريض والتعبئة».
والانتقائية والمعايير المزدوجة ليست مُقتصرة على قناة الجزيرة القطرية فحسب, بل حتى لدى موظفيها المُستقيلين احتجاجاً على سياستها العدائية وعلى رأسهم ابن جدو, فغسان لم تثور ثائرته وينتفض على عدم مهنية الجزيرة من قبل, ولم يستقيل حينما كانت الجزيرة تتحاشى ذكر المظاهرات في إيران, وكذلك عندما تفبرك الأحداث وتحرض الغرب على غزو ليبيا, بل انتفض لاحقاً لأن الجزيرة لم تغطي ثورة البحرين ومن ثم تركيزها على سوريا!
وعموماً أن تأتي الاستقالة متأخرة خيراً من أن لا تأتي أبداً, وإن كان التقريع والانتقاد مازال يُطارد غسان بن جدو في وسائل الإعلام, بعضهم يتهمه بالطائفية والآخر ينتقده لأنهُ تأخر في قراره وتصرف بانتقائية.
ثم خرجت علينا المُذيعة السورية السابقة في قناة الجزيرة لونا الشبل لتفضح أجندة قناة الجزيرة, مُبررة أنها لم تتكلم في السابق, لأنها لم تتعود أن ترمي الحجار في البئر الذي سبق وأن شربت منه الماء, لكنها الآن ترى أن وطنها مُستهدف ولذلك فهي مُلزمة بكشف الحقائق!؟
والحقيقة أن لونا الشبل لن تقنع أحد بكلامها حتى وإن كانت صادقة, والسبب لأنها استقالت بسبب خلاف مع الإدارة حول الزي الخاص بالمُذيعات, وأيضاً لأنها صمتت لأكثر من عام, ولم تخرج عن صمتها إلا حينما رأت أن سوريا باتت على واجهة قناة الجزيرة, وفي هذا انتقائية مقيتة مارستها لونا الشبل, لأنها كانت ترفع شعار اللهم الشر حوالينا ولا علينا, وعندما اقترب لهب الجزيرة من سوريا وقرب الموس من ذقن الأسد اصطفت لونا الشبل وتخندقت مع النظام وبدأت تفند أكاذيب الجزيرة!
http://www.youtube.com/watch?feature=player_embedded&v=eJIzTlKFKhQ#at=13 (http://www.youtube.com/watch?feature=player_embedded&v=eJIzTlKFKhQ#at=13)
أما المُذيع السوري الشهير الدكتور فيصل القاسم, فهو يتعرض هذه الأيام لضغوط سياسية وإعلامية رهيبة, لكي يستقيل من قناة الجزيرة القطرية أسوة بغسان بن جدو وتضامناً مع بلده الأم سوريا!
وشخصياً سبق وأن نصحت الدكتور فيصل القاسم في مقال سابق لي قبل ثلاث سنوات, وطالبته بأن يترك قناة الجزيرة القطرية, ويعود إلى قناة الـ BBC الواعدة التي خرج منها, خصوصاً بعد أن أفل نجم برنامجه بعد أن فرضت عليه بعض القيود السياسية, على إثر المصالحة السعودية - القطرية.
ولذلك فإن فيصل القاسم الآن هو في موقف حرج جداً وفي موقع لا يُحسد عليه, فالبرغم من توقف برنامجه الأسبوعي الاتجاه المُعاكس منذ ثلاثة أشهر بسبب تغطية الجزيرة المتواصل للثورات العربية, ورغم غياب القاسم عن الشاشة حتى كمٌقدم للأخبار, فإن الجمهور السوري المؤيد للنظام يُطالبه بتحديد موقفه وتقديم استقالته والتبرؤ من قناة الجزيرة القطرية!؟
بينما الجمهور السوري المؤيد للثورة والناقم على النظام يطالبه بالمزيد من المواقف المريدة للثورة, ويريد منه الظهور علناً والتبرؤ من جرائم النظام.
ولا أدري لماذا نحن نراهن ونرهن مواقفنا المبدئية الواضحة ونربطها بمواقف الأشخاص, مهما كان موقعهم أو مناصبهم, ولماذا نعتبر أن الحقيقة وإن كانت جلية وساطعة كأشعة الشمس, أنها لا يُمكن أن تظهر إلا إذا خرج علينا مُذيع أو موظف من نفس المكان وأخبرنا بها!!
فالرجال عادةً تعرف بالحق ولا يُعرف الحق بالرجال, ولكن لكل شخص ظروفه الخاصة وأسبابه ومُبرراته, فلماذا نُصر على أن الحق لا يُمكن أن يثبت إلا إذا صدح به فلان أو أيده علان!؟
فللأسف فأن الشعوب العربية شعوب اتكالية وعاطفية جداً إلى درجة مُحزنة ومواقفها ارتجالية وقتية حسب المزاج, إذ سرعان ما تنسى شعوبنا قضاياها المركزية وتنشغل بسفاسف القضايا الجانبية, ولهذا يسهل على أعداء هذه الأمة أن يستغلونها ويتلاعبوا بمشاعرها وكثيراً ما جروها إلى معارك ومواجهات ثانوية كانوا هم من يختار ساعة ووقت تلك المعركة لكي يبددوا ويستهلكوا جهود تلك الشعوب المُستفزة والمغلوب على أمرها.
وشعبنا العربي كبقية الشعوب في العالم يبحث عن الجديد وينبهر بالتقنيات ويُدمن على استخدام كل شيء مُمتع, ويعشق التحزب ويستميت في الدفاع عن أبطاله الوهميين, وتلك السمة لا تقتصر على العرب الحاليين بل تشمل كل شعوب الأرض.
ولأن أمتنا اُبتليت بالهزائم والنكبات في القرن العشرين, فكان لابد من وجود وتسجيل انتصارات وهمية تكون كحقنة مُهدئة لمُدمني الهزائم والنكسات, وهو ما يتطلب البحث عن بطولات وانتصارات خيالية تعوض هزائمنا العسكرية وتراجعنا العلمي, فبات حكام الخيبة العرب من ملوك وأمراء ورؤساء يبحثون لنا عن انتصارات بديلة فتوجهوا أولاً لخوض المعارك الرياضية والدخول في المنافسات الفنية, ثم الخوض في حروبهم الإعلامية, ويا ليتهم قد أفلحوا!
فحولوا تلك الشعوب إلى قطعان مُدجنة تسير خلف توجهات ونزعات الحاكم وهوايات أبناء الحكام, وبات الشباب يهتفون بالموت لأعداء فريقهم المُفضل أو مطربهم الأوحد, فأصبح لكل دولة عربية مهزومة ومأزومة فنان أول ومطرب العرب الأوحد, وأصبحت كُرة القدم هي الميدان زالمعركة التاريخية الفاصلة بين أبناء تلك الشعوب المغلوبة والمُدجنة, وبات الشباب يهتفون بحياة اللاعب الفلاني ويتمنون أن يوقع لهم الممثل العلاني, وباتوا ينتظرون على أحر من الجمر متى ينزل آخر شريط لنانسي عجرم أو هيفاء أو بقية شلة الأنس.
ويا ليت الأمر قد توقف عند تلك التفاهات, بل خرج علينا بعض الحكام العرب بموضة القنوات الفضائية بشقيها الإخباري والدعاري, فوجدت كل شريحة منا ضالتها في تلك القنوات, وكل حزب بما لديهم فرحون.
فالقسم الأول مُمثلاً بقناة الجزيرة القطرية : قد أوهم الجمهور العربي أن آل ثاني وعلى رأسهم حمد الذي انقلب على أبيه وعزله, وحول أرض قطر إلى أكبر قاعدة عسكرية أمريكية استخدمت في تدمير أفغانستان والعراق, وبادر بفتح مكتب إسرائيلي في الدوحة, ورغم كل الكوارث تُصر قناة الجزيرة على أن سموه يريد للشعوب العربية الخير والنماء ويتمنى لها الرفعة والتمكين والتطور والخروج من الهزائم والانكسارات, وأنهُ يسعى جاهداً لتسويق مبدأ الرأي والرأي الآخر.
وللأسف فقد صدقه الكثير من الحمقى والمغفلين.
أما القسم الثاني مُمثلاً بالقنوات السعودية والإماراتية : فلهم وجهة نظر إعلامية "سادوحية" أخرى, حيث يرون أن مشكلة العرب هي مشكلة الكبت الجنسي والحرمان العاطفي والنفسي, ولذلك يرى آل سعود زال ظلهم, أن الحل في معالجة تلك الاحباطات والوكسات العربية, يكمن في سبر أغوار الجسد العربي, وكشف العورة وتعرية الصدور والسيقان وهز الخصور والمؤخرات لإرباك العدو الصائل, حينها سننتصر وسيتجرأ الشباب العربي الراقص على المواجهة والإبداع والتخلص من براثن الظلامية التي كادت أن تودي بعرش آل سعود إلى الهاوية.
أما غلمان زايد وجارهم محمد بن راشد المكتوم فيرون أن سياسة "المعلاية" مُعبرة جداً وناجعة في تخطي المرحلة, ويجب تطوير ذلك التراث الراقص بما يتوافق برنامج تاراتاتا, وهي سياسة إماراتية رهيبة شبيهة بسياسة أو دبلوماسية البنغ بونغ ولكن بطريقة دبوية مبتكرة, حيث يتم التطبيع مع جميع الدول العربية والعالمية من خلال سياسة الهشك بيشك, وحينها ستتكون نواة عالمية مُشتركة يجمعها الطبل والمزمار.
ومشكلة شعوبنا العربية المُعاصرة أنها حينما تعجب تُشجع وإذا شجعت أحبت, وحينما تحب فإنها تعشق حتى الثمالة, ولهذا يتحول الأمر إلى اصطفاف وتخندق ومن ثم خوض معارك ضارية في سبيل نصرة الطرف الذي يشجعونه, ولا يُهم إذا كان هذا الطرف هو لاعب كرة قدم أو مطربة أو مُنتخب أو نادي محلي أو حتى قناة فضائية, فشعار شعوبنا الموت ولا عار الهزيمة.
وويلك يلي تعادينا يا ويلك ويل.
وهنا نجحت الأنظمة العربية المهزومة والمأزومة في إيجاد حروب ثانوية وسطحية لإلهاء الشعوب المُتحمسة لخوض الصراعات والحروب والاقتصاص من الأعداء والمُتعطشة لتسجيل الانتصارات, وعن طريق تلك المعارك الرياضية والفنية والإعلامية ظنوا أنهم سيسجلون الانتصارات الوهمية, بعيداً عن الجبهات الحقيقة للصراع والقتال المُشرف.
فعلى الجمهور العربي الواعي أن يُدرك من الآن فصاعداً أن عصر قناة الجزيرة قد انتهى وولى لغير رجعة, وأن كذبة الإعلام المُستقل والحر لم تعد تنطلي على أحد, وأن شعار الرأي والرأي الآخر, والتبجح بالمهنية والحيادية ما هي إلا تخرصات جوفاء يُراد منها استغفال الجمهور لغرض تسويق الأجندات الخاصة, حيث لم يعد لتلك القنوات الإخبارية الموجهة أي مصداقية في ظل شبكة الانترنت وعصر تبادل المعلومات.
وإذا كان لقطر ذراع إعلامي يُسمى قناة جزيرة وللسعودية ذراع إعلامي مُضاد يُسمى قناة العربية, فإن جميع الأنظمة العربية الأخرى سوف تفرخ قنوات فضائية إخبارية للردح والتأليب والتحريض وتحت شعار الرأي والرأي الآخر, وستكون المادة الدسمة لتلك القنوات الإخبارية الجديدة, هو حمد وموزته الطرية.
ويبدو أن الدبور القطري قد زن على خراب عشه.
2011-04-30
http://www.alsabaani.com (http://www.alsabaani.com/)
http://img820.imageshack.us/img820/8772/bff860b50baf283b7a653fl.jpg
صورة أمير قطر حمد بن خليفة آل ثاني قبل الأحداث الأخيرة